المحتويات

مقدمة

أولًا – مداخل البحث

        1 – الدولة الوطنية الحديثة

        2- الدولة الفاشلة والدولة المستباحة

        3- الاندماج الوطني

        4- المماهاة بين السلطة والدولة

        5– سيادة الدولة

        6- محددات الدولة السورية

        7 – الثقوب السوداء التي قوّضت وظائف الدولة

ثانيًا – نشأة الدولة السورية الحديثة

        1- المرحلة الاستعمارية

        2- ولادة الجمهورية الأولى والديمقراطية الوليدة

        3- الإقليم الشمالي والوحدة مع مصر

        4- الانفصال والعودة إلى الجمهورية الأولى

ثالثًا – الديكتاتورية العسكرية وولادة الجمهورية الثانية

أ- انقلاب حافظ الأسد في 16 تشرين الثاني/ نوفمبر         1970

                عدم تحول المواطنة السورية إلى أي كيان حقوقي من أي نوع

        ب- التوريث ورئاسة بشار الأسد

رابعًا – الثورة والجمهورية الثالثة

        1-لا تتطور المجتمعات إلا في كنف الدولة

        2- الانتقال من الثورة إلى الدولة

        3- في الوطنية السورية الجامعة

        4- في الحاجة إلى عقد اجتماعي جديد

        5- أسئلة للمستقبل

        6- باتجاه الجمهورية السورية الثالثة

خاتمة

المراجع

 

مقدمة:

شغلت ظاهرة الدولة علماء السياسة، والمدارس الفلسفية، والاتجاهات الفكرية، فراكموا فيها نتاجًا ضخمًا من النظريات، في تفسير عوامل نشأتها، والكشف عن محدّدات خصائصها، واستجلاء الفروق الجوهرية بينها وبين مفهوم السلطة، والعمليات المؤثرة في سيرورتها، وتطورها، ومآلاتها. لكنّ أكثر ما اتُفق عليه وجود الشعب، والإقليم، ومؤسسة السلطة.

إنّ الدولة السورية في تجلّيها المعاصر بعد سايكس- بيكو طورت هوية وطنية، تكوّنت من تعايش مكوناتها المختلفة، بل تماهيها معًا في قرن كامل من العيش المشترك والمصير المشترك والمصالح المشتركة. هذه الهوية السورية التي لا تعدم امتدادات تاريخية حقيقية، وجدت لنفسها منافذ كثيرة للتعبير بمستويات اجتماعية مختلفة، من لغة الشارع والعواطف الشعبية والأمثال والعادات والأذواق، والإرهاصات الثقافية من أدب وفن ومسرح وكتابة. وقد بدأت إرهاصات هذه الهوية الوطنية السورية بالتبلور إلى أن فتق الخيار الأمني لسلطة آل الأسد، في مواجهة ثورة الحرية والكرامة عام 2011، كثيرًا من لحمة السوريين، وأعاد قسمًا كبيرًا منهم إلى الانتماءات الفرعية.

وفي الواقع، لم يعد من الممكن اليوم الحديث عن أزمة الدولة الوطنية السورية فحسب، بل هو سؤال وجود، بعد أن تحولت الأزمة إلى مأزق تفجرت فيه البنى المؤسساتية والمجتمعية في آن معًا، وباتت أمام حال إعادة تكوّن لم يُعرف مصيرها بعد، خصوصًا أنها باتت «دولة فاشلة»، ضمن المعايير الدولية المتبعة في تصنيف فشل الدول، ومن أهمها فقدان سيطرة الدولة على أمنها الداخلي وعلى حدودها.

لقد ورثت سورية تركة ثقيلة من نظام الاستبداد؛ دولة متأخرة، ونفوذ جماعات تتسلط على مصالح البلاد والعباد، وحزب ومنظمات شعبية وأحزاب مشاركة مترهلة تبحث قياداتها عن مصالحها الذاتية، وإدارة اقتصادية غير حكيمة في إدارة الموارد الاقتصادية والبشرية بعقلانية، لإنتاج عناصر تطوير وتعظيم لها، وسجل حافل بانتهاكات حقوق الإنسان. فقد حوّلت سلطة آل الأسد سورية إلى دولة فئوية تقودها نخبة من أصحاب الامتيازات الذين يرفضون المساواة بين السوريين. كما إنّ مجتمع الحزب الواحد أشاع حالًا من السلبية والعزوف عن الشأن العام، وغابت لدى الأفراد والجماعات معظمهم المبادرة الذاتية والتفكير المستقل، ووقعت القطيعة بين أفراد المجتمع والنخبة السياسية عامة، في السلطة والمعارضة بآن معًا، بعد بطش السلطة بقوى المعارضة وإنهاء أي محاولة للتعبير عن حياة سياسية طبيعية، من دون أن يعفي هذا أحزاب المعارضة من مسؤولياتها وأخطائها. وأفضى الانفصال والقطيعة إلى إنتاج التكلس، ومراكمته في مفاصل المجتمع والسياسة، وإيجاد بنية مجتمعية راكدة فارغة من أي حافز للاجتهاد والإبداع، وأعادت إحياء روابطها الفرعية ما قبل الوطنية؛ من عشائرية وقومية وطائفية وغيرها.

وهكذا، لم تذهب الدولة السورية في اتجاه العقل والعلم والتقدم، بل ظلت تراوح في إطار الدولة الخلدونية، دولة القهر والغلبة، بكل ما بينها وبين العقل والعلم من مجافاة واستبعاد، فلم تفلح في مواكبة ثورة العصر الحداثية، بل إنها لم تحجم عن مصادرة حريات المجتمع وقضاياه، بمقدار ما كانت تنأى عن العقلانية وتقصّيها في سيرورتها التاريخية.

 

اضغط هنا لتحميل الملف