ورقة قدمت إلى اللقاء الحواري الأول في صالون هنانو/ مركز حرمون للدراسات المعاصرة، برلين 13-14 آب/ أغسطس 2016

 

المحتويات

مقدمة

أولًا: ملاحظات عامة

ثانيًا: معاينات من الواقع الملموس

ثالثًا: إمكانية الحل وآفاقه

مقدمة

قبل كل شيء، اسمحوا لي أن أتوجه بالشكر إلى الأخوة في مركز حرمون للدراسات المعاصرة، الذين نظموا -عبر صالون هنانو- هذا اللقاء الحواري، حول القضية الكردية في سورية. وما نتمناه هو أن يكون هذا اللقاء فاتحة لحوارات معمقة، مسؤولة بين النخب السياسية والثقافية السورية، من مختلف المكوّنات، وذلك من أجل الخروج بتصورات مشتركة، تساهم في تهيئة المقدمات الفعلية لترميم النسيج الوطني السوري، وتعزيز وحدته؛ ليكون أساسًا للمشروع الوطني السوري الذي نتطلّع إليه، وهو مشروع لا بد أن يطمئن الجميع على قاعدة احترام الخصوصيات والحقوق.

سأبدأ ببعض الملاحظات العامة؛ ثم أتناول بعض الأمثلة من الواقع الملموس؛ وبعد ذلك سأحاول الوصول إلى خلاصات علّها تكون أرضية مناسبة لمقاربة موضوعية للقضية الكردية، وسائر قضايانا الوطنية.

أولًا: ملاحظات عامة

  1. اعتماد عقلية المحامين في التعامل مع المسألة.

فكل طرف يحاول دحض حجج الطرف الآخر من خلال منهج انتقائي، يدفع بصاحبه إلى اختيار الأدلة التي تنسجم مع حججه وإهمال تلك التي تدحضها، والأمر نفسه بالنسبة إلى اختيار المصطلحات، التي غالبًا ما تكون استفزازية، تشنج الأجواء، وتعكّر صفو حوار عقلاني هادئ، يرمي إلى معالجة المسألة من دون بعثرة الجهد حول قضايا تفصيلية مماحكاتية، تزيد الخلاف، ولا تعزز الثقة المطلوبة التي تكون المدخل لطمأنة الجميع.

 

  1. الربط بين المسألة الكردية في سورية، وممارسات وتوجهات الـ ب. ي. د. لا يخدم الجهد الساعي إلى تقديم حلول واقعية وطنية للمسالة المعنية.

فمشروع الـ  ب. ي. د. مشروع إقليمي. دخل إلى سورية بناء على توافقات وتفاهمات مع النظامين الإيراني والسوري، بهدف المصادرة على الورقة الكردية السورية، تمامًا مثلما فعل حزب الله في لبنان بالنسبة إلى ورقة المقاومة. والمشاريع التي يطرحها هي مشاريع للتعمية وخلط الأوراق. والكرد السوريون أو السوريون الكرد يدركون قبل غيرهم الطبيعة التضليلية لهذا المشاريع. ولكن، في غياب مقاربة واقعية متماسكة مطمئنة لهذه المسالة من جانب المعارضة السورية، يكتسب مشروع الـ ب. ي. د. المزيد من التأييد، على الرغم من اقتناع الأغلبية بأنه مشروع، الغاية منه تسجيل النقاط في مكان آخر. فحتى الوثيقة التي وافق عليها الائتلاف الوطني، لقوى الثورة والمعارضة السورية -وهي وثيقة أساسها الوثيقة الوطنية حول القضية الكردية في سورية، التي أصدرها المجلس الوطني السوري في ربيع عام 2012- يتم تجاهلها والتنصّل من مضمونها، الأمر الذي يزيد من الشكوك، ويعزز الهواجس.

 

  1. اللامركزية الإدارية الموسعة التي ينص عليها الدستور، بوجود محكمة دستورية حل مقبول وواقعي.

ولكن طرح موضوع الفدرالية هو الآخر لا يعد جريمة، خاصة أن هناك نماذج متعددة من الفدراليات في العالم. ولكن حساسية الوضع السوري ربما لا تسمح بطرح هذه القضية التي قد تثير الهواجس والشكوك. المهم في الحال السورية أن نعالج المسألة ضمن المصلحة والضوابط الوطنية، وعلى قاعدة طمأنة الجميع.

 

  1. المواقف الكردية المتباينة من الثورة السورية.

في سياق تناولنا لموقع الكرد من الثورة السورية وتفاعلهم معها، نواجه صيغة من صيغ التعميم أو التبسيط، وذلك عبر تصوير الكرد وكأنهم كتلة متجانسة تمتلك قرارًا واحدًا، وموقفًا موحدًا. هذا في حين أن الكرد في حقيقية الأمر لا يختلفون بشيء من جهة تعددية آرائهم ومواقفهم عن سائر المكوّنات السورية. فهناك من كان مع الثورة، ومن كان -وما زال- مع النظام، وهناك المتردد، وهناك الصامت المتابع.

فالتنسيقيات الشبابية، ومنظمات المجتمع المدني، والشخصيات المسيسة المستقلة الكردية، وأولئك الذين تركوا الأحزاب الكردية نتيجة انشقاقاتها وخلافاتها، واخفاقاتها -وبالمناسبة هؤلاء يمثلون ظاهر لافتة في المجتمع الكردي- كل هذه القوى كانت مع الثورة السورية منذ اللحظة الأولى؛ لإيمانها بالمشروع الوطني السوري؛ وقناعتها التامة بأن الحل الأمثل للقضية الكردية في سورية هو الذي يتم ضمن إطار هذا المشروع الذي يحترم الخصوصيات والحقوق.

 

وفي مقابل هذه القوى، كانت هناك الأحزاب الكردية التي لم تكن قد شكلّت المجلس الوطني الكردي بعد. هذه الأحزاب كانت مترددة، حائرة تقول: إن السلطة استبدادية والمعارضة شوفينية. المطلب الذي كانت تنادي به هذه الأحزاب هو التغيير الوطني الديمقراطي، وهو مطلب عام، يقول كل شيء ولا يقول شيئًا في الوقت ذاته.

أما حزب الاتحاد الديمقراطي، فقد نشط دوره، ودخل الساحة الكردية في سورية بعد تجميد لافت نتيجة اتفاقية أضنة الأمنية 1998.

فقد دخل هذا الحزب التابع لحزب العمال الكردستاني في كل شيء إلى المناطق الكردية، بناء على اتفاق أمني مع النظام، وبالتنسيق مع الراعي الإيراني. وفيما بعد عدّل وضعه، ودخل في علاقات مع الروس والأميركان؛ ولكن العلاقة مع النظام ظلت بالنسبة إليه هي الثابت في إطار جملة المتحولات.

وتبقى الأغلبية الكردية الصامتة، التي ترى أن النظام هو أساس محنة الكرد في سورية، ولكنها كانت -وما زالت- متوجّسة من المقبل المجهول، خاصة في ظل واقع عدم وجود بديل مقنع.

 

  1. القضية الكردية في سورية والاضطهاد المستمر في ظل حكم البعث في مختلف مراحله.

لقد عانى الكرد منذ سيطرة حزب البعث على الحكم في سورية عام 1963؛ بل ومنذ مرحلة الوحدة مع مصر 1958-1961، من ظلم مزدوج، فمن ناحية عانوا من الظلم العام الذي وقع على السوريين جميعًا؛ ومن ناحية ثانية عانوا من الظلم الخاص المبني على انتمائهم القومي الذي يرفضه حزب البعث، بل ويطالب في منهاجه بإجلاء من يصر عليه من “الوطن العربي” الذي يرسم حدوده هو بنفسه، وبناء على معطيات تتناقض مع وقائع التاريخ والجغرافيا والواقع السكاني القائم.

وقد تمظهر هذا الظلم الخاص بالكرد في شكل اضطهاد مزدوج، يقوم على إنكار الحقوق من جهة، وتطبيق العديد من المشاريع والإجراءات العنصرية التي استهدفت الوجود الكردي بكل أبعاده.

فالكرد لم يتمتعوا بأي حقوق ثقافية، أو اجتماعية، أو سياسية، أو إدارية، أو اقتصادية. وتعرضوا في الوقت ذاته لجملة من المشاريع التمييزية، مثل الإحصاء الاستثنائي في محافظة الحسكة 1962، والحزام “العربي” 1973، والتعريب القسري، والإبعاد عن الوظائف، ومحاربة الثقافة الكردية. ولعل المرسوم 49 الذي أصدره بشار الأسد عام 2008 يعكس مدى الحقد الكامن الموجه لمشرّع السلطة في تعامله مع الكرد.

فبموجب هذا المشروع، مُنعت إجراءات بيع وشراء العقارات والبناء وحتى الترميم في كامل محافظة الحسكة، وغيرها من المناطق الكردية بوصفها مناطق حدودية، من دون الحصول على موافقات من الأجهزة الأمنية والإدارات المعنية، الأمر الذي قضى على مصدر الرزق الوحيد لقطاعات واسعة من أصحاب الدخل المحدود في المناطق الكردية. وذلك في ظل واقع عدم وجود أي مؤسسات صناعية، بموجب السياسية الرسمية الموجهة ضد الكرد؛ وتدمير القطاع الزراعي نتيجة الفساد الشمولي، وروحية عدم مسؤولية المطلقة، والأخطاء الإدارية الفظيعة، والجهل البيئي الراعب.

 

  1. العقلية السحرية

انطلقت الثورة السورية والأحزاب السياسية السورية العربية منها والكردية كانت في أسوأ حالاتها. خلافات وانشقاقات، وعدم وضوح الرؤية، وضعف تنظيمي، وعزلة جماهيرية. ومع ذلك اعتقدت قيادات هذه الأحزاب، انطلاقًا من قرارتها المغلوطة تجاه مسار تطور الأحداث ومآلاتها، بأن الآخرين سيغيّرون، وينجزون كل شيء، وستتكرّر تجربة العراق في سورية، وبالتالي، كانت العقلية السحرية، التي ترغب في أسهل الحلول وأسرعها، ومن دون تحمّل أيّ مشقّات أو القيام بأي جهد، هي المهيمنة، والموجهة لسلوكيات هذه القيادات. أما على صعيد القيادات الكردية، فقد اعتقدت بأن تجربة كردستان العراق ستتكرر ثانية، وذلك بناء على استنتاج وهمي يقوم على إجراء تماهٍ ميكانيكي بين خصوصية وضع الكرد في سورية والعراق. ومن دون ا أخذ وقائع التاريخ والجغرافيا والحجم السكاني في الحسبان، إضافةً إلى الجانب التنظيمي، والتاريخ النضالي، وواقع وجود شخصيات كارزميّة في كردستان العراق، يفتقدها الكرد في المناطق الكردية في سورية.

بقي أن نشير في هذا السياق إلى أمر مهمّ، يغيب عن الكثير من المتابعين والباحثين في هذا الميدان، وهو أن برامج الأحزاب السياسية السورية المعارضة، العربية منها والكردية، لم تتضمن، وأعتقد أنها لا تتضمن حتى الآن، أي تصور لمسألة استلام الحكم. ولم تخرج أهداف هذه الأحزاب عن نطاق الأهداف المطلبية التي ترى امكانية تحققها في ظل السلطة القائمة.

 

 ثانيًا: معاينات من الواقع الملموس

لن أقدم هنا جردًا بكل المواقف التفصيلية، التي من شأنها تقديم صورة مشخّصة لواقع تفاعل الكرد مع الثورة السورية، وإنما سأكتفي ببعض الأمثلة، وذلك لضرورات الوقت والتركيز.

لقد انضم الكرد منذ اليوم الأول كما أسلفت إلى الثورة السورية من خلال التنسيقيات، ومنظمات المجتمع المدني، والشخصيات المسيّسة المستقلة وأوساط جماهيرية واسعة في مختلف المدن والبلدات الكردية، وحتى في حلب ودمشق وبقية المدن السورية.

وقد أكد رواد الثورة السورية السلمية من الشباب توجههم الوطني، عبر اعتماد اسم آزادي لإطلاقه على جمعة من جمع الثورة، كما تم اختيار اسم الوفاء لانتفاضة قامشلو 2004 لجمعة أخرى. ورُفع العلم الكردي في أكثر من مدينة سورية، وذلك للتعبير عن مشاركة الكرد في الثورة، وتقدير السوريين لهذه المشاركة.

وشارك الكرد في مختلف الفعاليات السياسية والاجتماعات التي رافقت الثورة، وساندتها. كما شاركوا في تأسيس المجلس الوطني السوري الذي اعتمد في مؤتمره الأول- تونس كانون الأول/ديسمبر 2011، ما عرف لاحقًا بوثيقة تونس بخصوص القضية الكردية في سورية، وهي في الأصل جزء من البيان الختامي للمؤتمر، ونصهما الحرفي هو التالي:

“- أكد المجلس التزامه بالاعتراف الدستوري بالهوية القومية الكردية، واعتبار القضية الكردية جزءًا من القضية الوطنية العامة في البلاد، ودعا إلى حلها على أساس رفع الظلم وتعويض المتضررين والإقرار بالحقوق القومية للشعب الكردي ضمن إطار وحدة سورية أرضًا وشعبًا.

– شدد المجلس على نبذ التمييز ضد أي من مكونات المجتمع السوري: الدينية والمذهبية والقومية (من عرب وكرد وآشوريين سريان وتركمان وغيرهم)، في إطار دولة المواطنة.”

وقد كان من المأمول أن يمهد هذا التوجه الأرضية الصلبة لمشروع وطني حقيقي، أساسه الاعتراف بالحقوق والخصوصيات، وطمأنة سائر المكوّنات السورية.

ولكن التصريحات الإشكالية غير المسؤولة التي كنا نسمعها هنا وهناك، كانت تربك الموقف، وتخدم بهذه الصورة أو تلك سياسة النظام؛ تلك السياسة التي كانت تستهدف إبعاد المكونات السورية من خارج نطاق المكوّن العربي السنّي عن الثورة، وذلك ليتم تصوير الوضع وكأنه صراع بين المتشددين الإسلاميين والنظام العلماني حامي الأقليات. وقد كانت هذه التصريحات اللا مسؤولة موضع ترقّب ومتابعة من قبل الكرد الذين كانوا قد راهنوا على النظام، وكانت تلك التصريحات تخضع لعملية تضخيم واقتطاع من السياق، ليتم تسويقها بهدف تشويه سمعة الثورة السورية، وإبعاد الكرد قدر الإمكان عنها.

وجاء مؤتمر المعارضة السورية الأول الذي انعقد في اسطنبول ربيع عام 2012، الذي كان الغرض الأساس منه هو التوافق على وثيقة عهد وطني لسورية المستقبل، تكون أساسًا لتوحيد مواقف مختلف القوى السورية السياسية والمجتمعية.

ولكن الذي حصل هو أن العديد من أعضاء المكتب التنفيذي في المجلس الوطني السوري قد رفضوا إدراج ما كان تم التوافق عليه في تونس، بخصوص القضية الكردية ضمن وثيقة العهد الوطني؛ الأمر الذي أدى إلى انسحاب ممثلي المجلس الوطني الكردي من المؤتمر، إلى جانب قسم كبير من أعضاء الكتلة الوطنية الكردية ضمن الملجس الوطني السوري. وقد أحدث ذلك أزمة كبرى، كان يمكن تحاشيها بكل سهولة لو استوعب الاخوة المعنيون من أعضاء المكتب التنفيذي للمجلس الوطني السوري؛ وتعاملوا مع الموضوع بعيداً عن المنظومة المفهومية، التي رسّختها سلطة البعث الاستبدادية على مدى عقود؛ تلك المنظومة التي ما زالت تعدّ بمنزلة أدوات التفكير بالنسبة لكثيرٍ من المعارضين للسلطة المعنية.

أما في مؤتمر القاهرة صيف 2012، فقد كانت الصورة معكوسة. وكانت هناك نية مبيّتة من قبل بعض القوى السياسية الكردية للانسحاب، وذلك بناء على تفاهمات مع حزب الاتحاد الديمقراطي وحتى مع النظام في الوقت ذاته. وقد تذرّع هؤلاء بأن اللجنة التحضيرية قد رفضت إدراج مصطلح الشعب الكردي ضمن وثيقة العهد. هذا في حين أن المصطلح الذي اعتمد كان هو “الشعب السوري بكل مكوناته/ عربًا وكردًا وتركمانًا وسريانًا وآشوريين..الخ.”

غير أنّ ما حصل أكد مجددًا ضرورة التعامل المسؤول مع القضية الكردية في سورية بوصفها واحدة من أهم قضايانا الوطنية.

ثالثًا: إمكانية الحل وآفاقه

المعضلة الأساسية التي تؤرّق السوريين جميعًا على مستوى الجماعات والأفراد تتمثّل في الخشية من المستقبل المقبل؛ خاصة في ظل أجواء التجييش المذهبي والقومي التي تشهدها سورية والمنطقة بصورة عامة. وما يرسّخ هذه الخشية هو غياب المشروع الوطني السوري المتكامل، الذي لا بد أن يؤكد وحدة سورية على قاعدة احترام الحقوق والخصوصيات. وما يسري على المكوّنات السورية جميعها، يسري على الكرد السوريين أيضًا.

الكرد في سورية لا يطالبون بكيان منفصل، ولا توجد إمكانية ضمن حدود سورية الحالية لكيان من هذا القبيل. كل ما ينشده الكرد هو الإقرار بخصوصيتهم وحقوقهم؛ شأنهم في ذلك شأن كل المكوّنات السورية الأخرى. وتحصين ذلك يتم بجملة من المواد الدستورية والقوانين الإدارية المُلزمة، التي من شأنها تنظيم الأمور، وتعزير الثقة، وكل هذا يتم انجازه عبر ثلاث خطوات متكاملة:

 

  1. إزالة الهواجس بعقود مكتوبة

 اي أن يتناول الدستور واقع التنوع المجتمعي السوري، وينص بصراحة على ضرورة احترم خصوصية هذا التنوّع، والحقوق المترتبة عليه، خاصة الحقوق الثقافية والاقتصادية والإدارية، هذا إلى جانب المشاركة العادلة الفاعلة في المؤسسات السيادية على المستوى الوطني العام.

وحتى بالنسبة إلى النظام اللامركزي الإداري؛ فلا بد أن يتم إقراره في نص دستوري واضح، حتى لا تكون مسألة تفسيره، أو تحديد المقصود به، عرضة لمزاج الجهة الحاكمة وحساباتها. ومن الضروري أن يحظر الدستور بصورة نهائية إمكانية تشكيل الأحزاب السياسية على أسس دينية أو مذهبية- طائفية، أو قومية- عرقية، لتكون الأحزاب وطنية، تطرح ضمن برامجها مختلف القضايا التي تتناول الحقوق القومية والدينية والفكرية والجنسية وغيرها.

 

  1. تعزيز إجراءات الثقة

وهذا يتحقق عبر انجاز خطوات ملموسة على أرض الواقع، تؤكد أهمية التعايش المشترك وضرورته، واحترام الخصوصيات، والقطع مع العقلية القوموية المتشنجة.

ومن الأهمية بمكان هنا وضع خطة متكاملة لتنظيم الملتقيات وورشات العمل بين النخب السورية المجتمعية من ثقافية واقتصادية وسياسية وغيرها وبمشاركة من ممثلي سائر المكوّنات. كما أن الالتزام الفعلي بما هو وارد في الدستور الذي لابد أن يكون توافقيا يراعي هواجس الجميع، يعزز هو الآخر الثقة والمصداقية.

 

  1. الاتفاق على آلية لحل الخلافات

وهنا يمكننا الحديث عن تشكيل محكمة وطنية تمتلك الأهلية والمصداقية؛ مهمتها البت في القضايا الإدارية الخاصة بصلاحيات سلطات الحكم المحلّي؛ وحتى البت في القضايا التي من شأنها تهديد وحدة النسيج الوطني السوري. ويمكن تعزيز دور هذه المحكمة عبر استحداث وزارة خاصة “وزارة الوحدة الوطنية مثلا”. على أن تتم كل الأمور بشفافية خاضعة للرقابة البرلمانية والإعلامية.

ويمكن دعم الخطوات الثلات التي سبق ذكرها من خلال منظمات المجتمع المدني، التي تعمل في هذا الاتجاه. كما أن للتعليم والاعلام دورهما الأساس في تعزيز إجراءات الثقة، وإعداد جيل مستقبلي يؤمن بضرورة وأهمية احترام سائر الخصوصيات السورية، الأمر الذي سيمكّن من إنجاز تفاعل إبداعي سيكون في نهاية المطاف لمصلحة جميع السوريين والسوريات من دون استثناء.