ليس سرًا أن كثيرًا من الشباب الذين يعيشون في الجولان المحتل يتعذّر عليهم تخيّل مستقبلهم المهني والأكاديمي، داخل حدود الجولان المحتل، وأنهم يرسمون نسيج أحلامهم للعيش في المدن الإسرائيلية، كمدينة حيفا وتل أبيب، أو مستوطنة كريات شمونة، وربما في عواصم ومدن عالمية أخرى، تتعدى محيطنا الإقليمي، كحال عشرات العائلات الجولانية التي اختارت الغربة. وعلى الرغم من أن هناك نوعًا من التفاؤل عند أبناء الجيل الجديد، المجتهدين والفاعلين بالأنشطة الاجتماعية والسياسية والوطنية والفنية، فمن الصعب تجاهل ما يحصل على أرض الواقع، من تناقضات تحتل المساحة بين الحيّزين العام والخاص، تُفرزها حالة العزلة والضياع الاجتماعي والسياسي، خاصة حين يتم الحديث عن الجولان كمنطقة محتلة تشهد تغيرات جوهرية في مفهوم الهوية والانتماء، وفي مفردات وقيم المجتمع، وهي أمورٌ باتت موجودة -وإن لم نتقبلها ونسلّم في وجودها- بفعل التناقضات المعقدة التي تشهدها الساحة الاجتماعية والسياسية في الجولان، وتحتل مكانة كبيرة في ذهنية فئة كبيرة من الشباب على وجه التحديد، تدفعهم إلى العزوف والابتعاد عنها، إما بسبب استكمال التعلّم الجامعي، وإما بسبب البحث عن فرص عمل خارج المساحة الجغرافية للجولان، وقد تحوّل جزء من المغادرين إلى مغتربين يعيشون خارجه.
هوية مأزومة
منذ أن احتلت إسرائيل الجولان في حرب حزيران/ يونيو 1967، تم إلغاء الهوية المدنية السورية التي حملها السكان، ومنحتهم إسرائيل قسرًا هوية عسكرية، وفقًا لأنظمة المناطق المدنية الخاضعة للاحتلال، وبعد قانون ضم الجولان إلى الدولة العبرية في العام 1981، حاولت بكل السبل فرض الجنسية الإسرائيلية عليهم، في محاولة دمجهم في المنظومة الإدارية والقانونية والمدنية والاجتماعية الإسرائيلية، إلا أن رفضهم حملها واستلامها جعل الحكومة الإسرائيلية تمنحهم بطاقة الهوية الزرقاء، التي كان يعدّها كثيرون هوية مواطنة، لكنها في الحقيقة هوية إقامة دائمة فقط، استنادًا إلى قانون هجرة الأجانب إلى إسرائيل لعام 1952، أي أن من يحمل هذه البطاقة لا يمتلك جواز سفر إسرائيلي، وانما وثيقة عبور (لاسيية باسييه) [من الفرنسية: laissez-passer دعه يمرّ] وتُمنح لمن ليس لديهم جنسية محددة، ولا يحملون جواز سفر، حيث يحتاج إليها جزء كبير من سكان الجولان السوريين (الذين لا يحملون جنسية سورية حتى اليوم).
وفق قرار وزير الداخلية الإسرائيلي، الذي أعقب الإضراب الكبير عام 1982 لانتهاء انتفاضة السكان عام 1982، يحق لأي مواطن فوق السن القانونية الحصول على الجنسية الإسرائيلية في حال طلبها، إلا أن الغالبية العظمى من السكان تحمل بطاقة الهوية الزرقاء، وفقًا لـ “قانون الدخول لإسرائيل” (لعام 1952)، الذي طُبّق على سكان الجولان المحتل، بعد رفضهم الجنسية الإسرائيلية، وعُدّوا بموجبه مقيمين موجودين، بتصريح هوية تتيح لهم السكن والعمل، وذلك على غرار أي أجنبي مقيم في إسرائيل. فيما 20% فقط من السكان يحملون الجنسية، وجواز السفر الإسرائيلي، لاعتقاد البعض بأن “الجنسية الإسرائيلية” سوف تسهل حياتهم المستقبلية، وتحسّن ظروفهم المعيشية. ووفقًا للقانون، تسقط الإقامة، والبطاقة الزرقاء عن حاملها، بعد مرور سبع سنوات على تغيبه، في حال السفر خارج إسرائيل، كحال الذين غادروا الجولان، وأصبحوا مغتربين، ولا يحق لهم الإقامة في الجولان إلا خلال زيارات محدودة زمنيًا قابلة للتجديد، ولكن بدون أي حقوق وواجبات. وسيحتاجون إلى إجراءات جمع شمل، قد تستمر سنوات، كحال طلبة الجولان الدارسين في سورية، لسنوات طويلة، أو في البلدان الأجنبية، وفي حال الوافدات من سورية والمتزوجات من أبناء الجولان.
في الحالة الجولانية، هناك أسبابٌ عدة تدفع الشبان إلى مغادرة الجولان بشكل اختياري، وتتزايد أكثر مع استمرار سنوات الاحتلال وغياب الوطن السوري، وما جسده من رومنسيات وطنية وثورية طوال أكثر من 50 عامًا، وتبدأ تلك الأسباب في البحث عن العمل ولقمة العيش، أو طلب العلم. وفي سياق تحليل الأسباب والدوافع، نستطيع القول إن تقلص فرص العمل الملائمة للمؤهلات والمهارات الشبابية، وافتقاد الساحة المحلية للمراكز والأطر المهنية، لتطوره وتقدمه وبناء مستقبله، تشكل أبرز الأسباب لتفكير الشباب في مغادرة الجولان، وتطفو على السطح تعقيدات الأوضاع الاجتماعية والسياسية السائدة، حيث ساهمت بشكل بارز، في نفور قسم غير قليل من الشباب الجولاني، وغضبه، ولا مبالاته حيال قضايا المجتمع، ولا يمكن إغفال فشل المؤسسات الثقافية والفنية والرياضية والدينية، والسلطات المحلية، في إيجاد حلول لمشكلات الفئة الشبابية، وتوفير مساحات لأراضي البناء، إضافة إلى فشل العديد من البرامج التي طغى عليها البعد السياسي، كالحملات الشعبية التي نشأت على إثر أحداث محلية مختلفة، كالحملة الشعبية لمناهضة التجنيد والخدمة المدنية، والحملة الشعبية لمناهضة الانتخابات الإسرائيلية، والحملة الشعبية لمناهضة مشروع المرواح الهوائية، وتهميش أصحاب الاختصاصات المهنية، لمعالجة هذه القضايا المصيرية، نتيجة استحواذ بعض هواة الشأن السياسي والاجتماعي، وأصحاب النفوذ العائلي على قراراتها التي افتقرت إلى استراتيجية ورؤية مهنية واضحة، لمواجهتها بعيدًا عن أساليب العمل القديمة، والخطابات الرومانسية التي لا تحاكي الواقع المركب في الجولان وتناقضاته وظروفه، الأمر الذي شكل نفورًا لدى فئات واسعة من المجتمع، ودفعها إلى الابتعاد كليًا عن هذه القضايا، وعن العقلية الخشبية والاحتكارية لدى هؤلاء المستأثرين بالشأن العام، وتجيير واستغلال جزء من الخطاب العام للمجتمع، لصالح إعلان الولاء للنظام السوري في القضايا التي ما زالت خارج اهتمامه كليًا، حتى انتشرت التهكمات الساخرة بحق اللجان والحملات الشعبية، لدى قسم غير قليل من أبناء الجيل الشاب في الجولان، مفادها “إن أردت افشال أي مشروع، فما عليك إلا أن تعلن إقامة حملة، وتشكيل لجان وعقد اجتماعات شعبية، لأن ضجيجها الكلامي والإعلامي العنتري، أكبر من فعلها، وقدرتها على التأثير”.
غياب المدينة في الجولان
في مقال للمفكر العربي عزمي بشارة، بعنوان “المدينة الغائبة”، عن واقع الفلسطينيين في إسرائيل، يقول: “غياب المدينة يعني غياب المركز الثقافي الموحد، غياب الجامعة والمكتبة الوطنية والمسرح القومي ودار النشر الوطنية ومقاهي المثقفين، غياب المجتمع الفردي، والطبقة الوسطى المبلورة حول مطامح سياسية ومشروع سياسي قومي. غياب المدينة يعني غياب المجتمع المدني“. (المفكر العربي عزمي بشارة، “الخطاب السياسي المبتور ودراسات أخرى” صدر في 1998). وإن واقع ما يحصل للسوريين في الجولان المحتل يشبه إلى حد كبير ما حصل للعرب في مناطق الجذر الفلسطيني، فهم محاصرون جغرافيًا، ومحاصرون سياسيًا، بدون أي رعاية أو دعم من قبل دولتهم الأم سورية، أو أي كيان عربي أو دولي آخر، وهم فشلوا في تعزيز وتثبيت مشاريع تنموية كانت رائدة، أقاموها بالدم والتضحيات الجسام، كمشروع مسرح عيون، ومشروع بيت الفن التشكيلي، ومركز الموسيقى، ومخيم الشام الصيفي، الذي كان يقام سنويًا منذ العام 1986، ومركز الجولان للإعلام والتوثيق، ومركز السياحة البديلة، ومركز الأبحاث الزراعية، إضافة إلى مشروع المتحف الوطني للمقتنيات الأثرية، والمركز النسائي، والاتحاد الرياضي، وعدة جمعيات ومؤسسات تنموية ومهنية أخرى، شكلت خلال مراحل طويلة بديلًا للمشروع الإسرائيلي في الجولان المحتل، وساهمت في نهوض المشروع الوطني التحرري نتيجة الاحتضان الشعبي، وحاجة المجتمع إليها، إضافة إلى العديد من المشاريع التي تم تمويلها ورصد ميزانيات لها من قبل المؤسسات الوطنية، قبل احتضارها وموتها لاحقًا، بفعل ما أفرزته الثورة السورية عام 2011 من انقسامات في الشارع الجولاني، حيث استقطبت خلال أكثر من 30 عامًا مئات الشبان من طلبة المدارس والأكاديميين، الذي حاولوا من خلالها نقل رسالتهم الاجتماعية والسياسية، بأمانة وإخلاص، إلا أن المستأثرين في الشأن العام الجولاني أجهضوا هذه الإنجازات، لدوافع ومبررات سقطت منها الاعتبارات الوطنية الجامعة، وغلبت فيها الاعتبارات الشخصية لصالح مراكز قوى اجتماعية مستجدة، الأمر الذي أدى إلى غياب الصوت الوطني، والفعل التنموي والثقافي الرافد، وبروز الأصوات التي عملت على مدار سنوات طويلة، ضد الاعتبارات الاجتماعية والوطنية، وأخرى عملت جاهدة لإجهاض المشروع الوطني توافقًا مع المشروع الإسرائيلي بدمج الجولان في المنظومة الإسرائيلية.
ما زال سكان الجولان المحتل، وعددهم لا يتجاوز 26 ألف نسمة، موزعين على خمس قرى سورية، تتميز بطابعها القروي، وهي تتحول تدريجيًا إلى بلداتٍ يسكنها عشرات الآلاف من السكان، لكنها لا تتمتع بمقومات المدينة، مع فقدان كثير من الميزات القروية خلال السنوات الماضية، في ظل تنامي المشاريع الاقتصادية الإسرائيلية الكبيرة، كمشروع التنقيب عن النفط والغاز في وسط وجنوب الجولان، ومشروع المراوح الهوائية في وسط وشمال الجولان، وتوسيع المستوطنات الإسرائيلية، وتخصيص آلاف الدونمات لإقامة محميات طبيعية كـ “محمية حرمون” التي تستهدف مصادرة حوالي 7000 دونم تابعة لأهالي مجدل شمس، حيث ذكر “المرصد” المركز العربي لحقوق الإنسان أنه “بموجب الخرائط الصادرة، فإن مشروع نيو مجدل (الذي يشمل 1000 وحدة سكنية لأبناء مجدل شمس) ومساحات واسعة من أراضي الأوقاف التي تم الاتفاق على توزيعها على السكان قبل سنوات، وأراضي المقام الديني الحزوري، هي أراض ستتبع لملكية دولة إسرائيل”، كما جاء في الوثائق الرسمية لاجتماعات سلطة الحدائق الوطنية الإسرائيلية، ويمنع التوسع أو التطوير فيها، وتنسف كل الوعود التي قطعت للمجالس المحلية والمجلس الديني، ولجان الوقف، وتلامس خرائط المحمية بلدة مجدل شمس وتمنع توسعها، إلا باتجاه المنطقة الصناعية والأراضي الزراعية جنوبًا، التي تعدّ مصدرًا اقتصاديًا أساسيًا بالنسبة إلى السكان، وسيضر ذلك بمصدر معيشتهم الأساسي (الزراعة). وإضافة إلى ذلك، فإن محاصرة القرية من ثلاث جهات (الشرق، الشمال، الغرب) ستفضي إلى ارتفاع خيالي في أسعار أراضي البناء(1).
انحسار الركيزة الاقتصادية الزراعية للجولان، وارتهانه إسرائيليًا، ليكون منطقة استهلاكية خدماتية غير منتجة، وافتقاد التخطيط الاستراتيجي لواقع البلدات السورية في الجولان من قبل السلطات، والكوادر المهنية المحلية، وعدم وجود خطط تطويرية وتنموية على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والمهني، وافتقاد الدراسات والتحليلات، وانسداد أفق العمل أمام الشباب الجولاني، ومصادرة الأراضي، شكّل حالة تراكمية جعلت المدن الإسرائيلية المكان الطبيعي البديل، لتحقيق هوامش من أحلام الشباب المحاصرة محليًا، فيتحول الجولان في حياة أبنائه إلى مجرد إجازة سنوية أو شهرية يعودون إليه لأيام، قبل أن تبتلعهم أجواء المدينة الإسرائيلية، فيتأثرون بتفاصيلها ذهنيًا وسياسيًا واجتماعيًا، أكثر من تأثيرهم بها، وعلى الرغم من أن العديد منهم ينخرط في الهموم والأوجاع والأحلام التي يحملها السكان العرب في مناطق الجذر الفلسطيني، تحديدًا في المدن المختلطة التي تعاني العنصرية والتمييز الإسرائيلي، فإن جزءًا منهم، وان كان قليل الحجم والتأثير، نتيجة الدوافع الاقتصادية والحقوقية، سيتجه نحو التعايش مع مشروع الأسرلة، والاندماج والاستسلام لقوانين الواقع، والعيش بفسحة من الحياة المادية والحقوقية على هامش الدولة الإسرائيلية.
مدينتا حيفا وتل أبيب، على سبيل المثال، تحتضنان وحدهما عشرات الشبان الذين قصدوها بهدف استكمال التعليم الجامعي، أو بهدف البحث عن فرص عمل، وعلى الرغم من أنهما تشكلان قطب جذب للشباب الجولاني، لما تحققانه من مساحة حرية شخصية، فإن ذلك سيخلق فراغًا تراكميًا في التواصل مع واقع مجتمعه ومشكلاته وقضاياه، وحالة اغتراب مزدوجة، يعيشها في عالم المدينة الإسرائيلية التي قد ترفضه كعربي وافد إليها، من دون أي التزامات وحقوق مدنية، وحالة اغتراب أشد وطأة وقسوة، حين سيعود إلى بلدته، وقد بدا غريبًا عنها، وهو الأمر الذي قد يسبب صدمة له.
خطاب اجتماعي ووطني مبتور
شهدت السنوات الماضية الأخيرة في الجولان السوري المحتل هشاشةً في الشعور بالأمن الفردي والجماعي، وضبابية في توقعات المستقبل، بفعل الأحداث المحلية، وتطورات الوضع السوري، وما تركه من أثر بالغ في الخطاب الوطني والاجتماعي، الذي عانى المغالاة في التطرف أحيانًا، لجهة تأييد النظام الدموي في دمشق، والخشبية في الخطاب العام، وعدم الاستفادة من الأخطاء المتراكمة في أحايين أخرى، لجهة التعامل مع القضايا المحلية. وكان أشبه بمن يحارب طواحين الهواء مع الدوران في حلقة مفرغة، بدون إيجاد صيغة ورؤية واضحة تحدد الآفاق المستقبلية للعديد من المشكلات التي يعانيها الشباب الجولاني، وأبرزها قضية الأوقاف وتوزيع أراضي المشاعات، بعدل وتساوٍ، وفقًا لقرارات لجنة الأوقاف والحملة الشعبية التي تشكلت منذ ما يزيد على عشرين عامًا، من أجل توفير أراض للبناء، في ظل انحسار دور الخطاب الديني في التأثير على مسيرة الجولانيين، والمساهمة في حمل بعض الأعباء الاجتماعية، وفشل المؤسسة التعليمية في تعزيز خطاب تربوي تثقيفي واع يرافق الطلبة ما بعد التعليم التقليدي الرسمي، إضافة إلى فشل الخطاب المؤسساتي الاجتماعي، والسلطوي على حد سواء، في تأطير وتنظيم وتقديم الرعاية لجيل الشباب، أو التمهيد لمشروع اجتماعي ثقافي سياسي، يعالج فوضى الواقع الآخذة في الانتشار، بالرغم من الإشكالات السياسية التي يفرضها الواقع السياسي المركب لسكان الجولان، كونهم مواطنين سوريين في الاعتبارات الوطنية والتاريخية، لا يتلقون أي رعاية ودعم من دولتهم الأم، ومن جهة ثانية، يرفضون الاندماج في المنظومة الاحتلالية الإسرائيلية. إلا أن غياب الخطاب الوطني والسياسي السوري، وابتعاده عن تقديم أدنى الواجبات والحقوق الوطنية، لأكثر من نصف قرن، إضافة إلى ما شهدته سورية في السنوات العشر الماضية، كان أخطر وأكبر العوامل التي ساهمت في تدهور وتضعضع الحالة الجولانية، ومن المؤكد أن تلك العوامل ساهمت وتساهم في بناء ثقافة الهجرة، والابتعاد عن كل مشكلات الواقع، في إطار الواقعَين الاقتصادي والشخصي والأمني. إضافة إلى اتساع تأثير المشاريع الإسرائيلية المطروحة ضمن خطة أسرلة الجولان (الشبيبة العاملة والمتعلمة، الخدمة المدنية)، وزاد التدهور المعنوي حدة، بعد الاعتراف الأميركي بالسيادة الإسرائيلية، الذي تحقق بسبب غياب الفعل الرسمي السوري، لصون هوية الجولان السورية التي بقيت ضمن مسؤولية وواجبات الأهالي وحدهم.
أمام هذا الواقع، لم يعد غريبًا على الجولانيين الشعور بفقدان مجتمعهم أمام الأزمات والمخاطر التي تتسع عامًا بعد عام، وفقدان تماسكهم، كجماعة استطاعت الصمود ببسالة وشجاعة في مواقف وأحداث مصيرية شهدتها الساحة المحلية في الجولان المحتل، في مواجهة مشاريع دولة الاحتلال، قبل أن تستحوذ أجهزة الأمن السورية على القرار الجولاني، وتربطه بالولاء للقيادة والرئيس، وفي توصيفه للحالة الجولانية، قال الناشط الاجتماعي د. سميح الصفدي: “ينتابك الشعور باليأس أحيانًا، وقد تجرحك مشاعر الخذلان من كل شيء… من المجتمع والناس والأصحاب، وقد تصل بك الأجواء العامة المسمومة إلى اتخاذ قرارك بالتخلي والعزوف عن الهم العام، وعن كل شيء يستلزم قليلًا من الرجولة والموقف أو الاستعداد للانكشاف والتحدي والتضحية. قد تتكور على نفسك، وقد تنزوي في غرفتك المعتمة، معتبرًا أن ما من شيء، وما من أحد يستحق أن تُهدر من أجله كنوزك الثمينة! وقد تنكسر روحك، وتجبن أمام عواء الضباع المسعورة، لكنك تنتبه بعد قليل، إلى أنك قد أضعت حتى نفسك، وأنك لم تعد تستطيع تمييز ملامحك الخاصة، وقد تتذكر عندها أن (أسوأ مكان في جهنم محجوز لهؤلاء الذين يبقون على الحياد في المعارك الأخلاقية)، وقد تتذكر حين تنظر في عيون أبنائك أننا (محكومون بالأمل).. ومحكومون بالعمل، وأنه لا مكان ولا متسع من الوقت للتراجع…..”. هذا التوصيف، لربّما يعبّر عن هواجس كثيرين من أبناء الجولان الذين فقدوا الأمل، وهجروا العمل الاجتماعي والسياسي العام، ولربما تبتلعهم الغربة في الداخل الإسرائيلي، إن لم تجد الساحة المحلية في الجولان، بكل مكوناتها وفئاتها، أو المهتمون بالقضية الجولانية، الضرورة لإجراء مراجعة نقدية شاملة، لمواجهة الذات بعيدًا عن التجريح وتصفية الحسابات الشخصية، وطرح استراتيجية وتصورات مستقبلية، وفق الإمكانات المتوفرة أمام الجولانيين بشكل خاص، والسوريين بشكل عام، لاستعادة الجولان إلى الوعي والإدراك السوري، واستعادة عقوله وأبنائه في معركة الحرية والكرامة والتحرير من الاستبداد والاحتلال.
..
اخوكم من العراق وتدريسي في جامعة الموصل،
بعد ان راسلت الكثير وللاسف لا اجابة.. اود ان اخبركم باني في صدد انجاز دراسة عن الاوضاع في الجولان تحت ظل الاحتلال.. كل ما اريده تقرير او جدول او حتى مجرد رابط الكتروني فيه معلومات عن اخر مستجدات الاستيطان في الجولان اي خلال المدة عام ٢٠١٦ الى ٢٠٢١
خاصة من ناحية المساحة الحالية المستوطنات وعدد سكان كل مستوطنة.. واكون شاكرا وممتنا منكم
دمتم بخير..