مقدمة
انقضى أكثر من سنة ونصف، على توقيع اللواء محمد باقري (رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية)، في تموز/ يوليو 2020، اتفاقية تعاون عسكري وأمني بقيت بنودها سريّة مع نظام الأسد. ولا يمكن وصف هذه الاتفاقية الموقعة مع الجيش الإيراني بالفريدة من نوعها، لما سبقها من اتفاقيات مشابهةٍ لها وقعت في 2018، وقبلها بكثير في 2008 مع جيش النظام، فجميعها كان يحمل عنوانًا شبه موحّد: “تعزيز القدرات الدفاعية”[1].
وانطلاقًا من فحوى تلك العناوين الرنانة، كان من الممكن لأي مراقب لا يملك أدنى مستوى من الخبرات العسكرية استنباط أن معظم هذه الاتفاقيات كان يهدف إلى تعزيز قدرات الدفاع الجوي السوري، نظرًا لما أفرزته السنوات الماضية من أنباء تتحدث عن مئات الغارات الإسرائيلية التي أصابت أهدافًا متعلقة بميليشيات (فيلق القدس) في سورية والعراق.
وفي ما يبدو، بدأ هذا التوجه اليوم يغدو -رويدًا رويدًا- هاجس القيادة العسكرية الإيرانية في سورية، مع الأخبار والتقارير الواردة التي تتحدث عن نشر منظومات دفاع جوية إيرانية قصيرة المدى في سورية، خصوصًا في المنطقة الوسطى وتدمر وجبال القلمون الغربي[2].
وبحسب مصادر استخباراتية، نشر (حزب الله) وعدد من الميليشيات الإيرانية في سورية جزءًا من أنظمة الدفاع الجوي التي حصلا عليها من إيران أخيرًا في أماكن انتشارهما، ويُعتقد أن لدى هذه الميليشيات العميلة نظام صواريخ أرض-جو تكتيكي قصير المدى من طراز SA8، على ارتفاعات منخفضة، وأنظمة من طراز SA17 وSA22 في ترسانتها، من أجل التصدي للضربات الجوية الإسرائيلية[3].
ولذلك، من المهم أن نعرف بعد هذه السنوات ما هي المعدّات والخبرات الدفاعية، وخصوصًا الجوية التي يمكن أن تنقلها إيران إلى حليفها الأسد وميليشياتها المنتشرة في سورية، انطلاقًا من حاجتهم الملحة إلى أنظمة دفاع جوية متطورة تكون لهم درعًا من الغارات الإسرائيلية، وما مدى تأثير انتقال هذه المنظومات في الصراع الدائر في سورية.
قدرات الدفاع الجوي الإيراني بين الواقع والمأمول (مراجعة تاريخية)
تبدو الآمال الإيرانية في زيادة قدرات الردع الجوي داخل عمقها الاستراتيجي المدعم بميليشيات أيديولوجية مسلحة بترسانة من المسيّرات والصواريخ البالستية في المنطقة، بعيدة المنال، في ظل افتقار الجيش والحرس الثوري الإيراني إلى أوليات الردع الكلاسيكية القائمة بشكل أساسي على امتلاك سلاح جوّ متطور، ومنظمات دفاع جوية أكثر تطورًا وبعدًا.
لذلك، قد يُبهر البعض بمقدار استعراض القوة الذي تمارسه إيران من خلال ميليشياتها في المنطقة، لكن هذه الفقاعة كانت تتلاشى بسرعة، عندما تكشف من ورائها نقطة الضعف القاتلة في الدفاعات الإيرانية داخل الحدود، وهو ما سيضع إيران في وضع محرج وغير مواتٍ، في حال اندلاع حرب على حدودها.
وفي الحقيقة، ما تزال إيران تواجه منذ سنوات مشكلة كبيرة في الاستعداد القتالي للقوات الجوية والسيطرة على المجال الجوي داخل إيران، في ظلّ امتلاكها مجموعة من الطائرات الحربية القديمة والمتهالكة التي لا تمتلك أدنى مستوى للاستعداد القتالي، بسبب مشكلات الصيانة ونقص الأجزاء الإضافية، إضافة إلى مجموعة من المنظومات الدفاعية الجوية الروسية التي بات أغلبها مكشوفًا استخباراتيًا أمام دول المنطقة والولايات المتحدة وإسرائيل[4].
لذلك، من المتوقع ألا تصمد إيران طويلًا أمام أي صراع جوي محتمل، وبخاصة إذا ما وضعنا مجموعة الخيارات الدفاعية الإيرانية الضعيفة في مواجهة ما تمتلكه دول الخليج العربي، من طائرات حربية أميركية وأوروبية متطورة (طائرات إف 16 و15 الأميركية، وطائرات ميراج وتايفون الأوروبية)، أو أمام طائرات سلاح الجو الإسرائيلي المتطورة إف 35، أو السرب المعزز التركي لطائرات إف 16.
في خضم ذلك، تتعلق إحدى مشكلات إيران في تحديث الدفاع الجوي بالدرجة الأولى بالمشكلات الاقتصادية والعقوبات الأميركية. حتى عندما رفض مجلس الأمن الدولي تمديد حظر السلاح المفروض على إيران بيعًا وشراءً، في نهاية مرحلة روحاني الثانية عام 2020، بقيت هذه المعضلة ماثلة أمام الإيرانيين، الذين ما زالوا غير قادرين على عقد صفقات شراء أسلحة ومنظومات دفاعية متطورة بقيمة عشرات مليارات الدولارات[5].
إضافة إلى ذلك، ما تزال العقيدة القتالية للنظام الإيراني تعطي الأولوية للحرس الثوري وذراعه الخارجية (فيلق القدس) على الجيش الإيراني، وهو ما يتضح من خلال الميزانيات العسكرية المخصصة ونوعية التسليح للكيانين العسكريين كليهما، خلال السنوات الفائتة، ما أعطى إيران ميزة الحرب خارج حدودها، وأبقاها ضعيفة أمام أي هجمة يتعرض لها المركز.
تاريخ حافل بالأخطاء الدفاعية القاتلة
فضلًا عن الضعف الفني والتقني لمنظومات الدفاع الإيرانية الذي جعلها غير قادرة على الصمود أمام هجمات جوية واسعة، لا تعدّ الخبرات الإيرانية في نطاق الدفاع الجوي مدعاة للفخر والتباهي بها أمام دول المنطقة، وهو ما يؤكده التاريخ الحافل بالأخطاء الدفاعية القاتلة التي أودت بحياة عدد من المدنيين والعسكريين على حد سواء، وأدت إلى إصابة عدد من الطائرات الصديقة أو المدنية، بدءًا من الأشهر الأولى للحرب العراقية الإيرانية، وانتهاءً بإسقاط طائرة الركاب الأوكرانية.
وتؤكد التقارير أن منظومات الدفاع الجوي الإيراني أسقطت، في أثناء حرب الثماني سنوات مع العراق، أكثر من تسع طائرات مقاتلة واعتراضية إيرانية بالخطأ [6]. وبعد انتهاء الحرب الإيرانية العراقية، لم تتعلم قوات الدفاع الجوي الإيرانية من أخطاء الماضي، إذ واصلت مرة أخرى إطلاق صواريخها المضادة للطائرات نحو الأهداف الصديقة.
وفي عامي 2007 و2008، عندما كانت القيادة الإيرانية قلقة بشدة من ضربات جوية إسرائيلية محتملة لمنشآتها النووية، بعد أن دمر سلاح الجو الإسرائيلي المفاعل النووي السوري بدير الزور عام 2007، واصلت قوات الدفاع الجوي الإيرانية إطلاقها النار بالخطأ نحو الطائرات المدنية والعسكرية. وبحسب ما ذكره تقرير صحيفة نيويورك تايمز، فإن وحدات الدفاع الجوي الإيرانية ارتكبت عشرات الأخطاء، منها مهاجمة الأهداف المجهولة، خوفًا من احتمال تخفّي العدو وراء مواصفات الطائرات المدنية والعسكرية[7].
مجموعة نقاط الضعف والتهديدات الخطرة
إضافة إلى مجموعة الأخطاء الدفاعية القاتلة التي تشير -بحسب وصف عدد من الخبراء- إلى وجود خطأ منهجي وضعف في القيادة والسيطرة والتنسيق والتكنولوجيا داخل منظومة الدفاع الجوي الإيرانية، هناك مجموعة كبيرة من نقاط الضعف والتهديدات الخطرة تواجه قاعدة (خاتم الأنبياء) للدفاع الجوي، التي تمتلك تحت قيادتها العملياتية جميع الأنظمة التي تنتمي إلى الدفاع الجوي الإيراني، ومنها الرادارات وأجهزة جمع البيانات وأنظمة الدفاع أرض-جو بعيدة المدى ومتوسطة وقصيرة المدى.
وبحسب المعلومات التي أوجزها 48 من كبار الخبراء العسكريين، في دراسة أصدرتها مجلة دراسات الدفاع الاستراتيجي الفصلية التابعة لجامعة الدفاع الوطني في 2017، تواجه قاعدة (خاتم الأنبياء) التي تعدّ المركز الأول لتتبع الأهداف الطائرة أو المعادية في إيران وتحديدها، وتتولى بشكل أساسي المسؤولية عن الحماية والدفاع الفعال والمستمر والمستدام للسماء الإيرانية، أكثر من 15 تهديدًا خطرًا في الموجة الأولى من الضربات الجوية[8].
ومن بين أهم هذه التهديدات، يمكن ذكر الصواريخ العابرة للقارات أو الاستراتيجية، وصواريخ كروز، والصواريخ البالستية التكتيكية، والمسيّرات الهجومية والاستطلاعية، والقنابل الكهرومغناطيسية، وصواريخ جو – أرض التكتيكية، والحرب الإلكترونية، والصواريخ والقنابل الذكية والخارقة وبعيدة المدى. ونظرًا إلى الفجوة التكنولوجية الواسعة بين الأسلحة الهجومية الحديثة التي تمتلكها الولايات المتحدة أو إسرائيل، مع نوعية أنظمة الدفاع الجوي الإيراني وأسلحته وكفاءتها، يجوز القول إن الأخيرة ستقف عاجزةً تمامًا أمام أي هجمة جوية واسعة محتملة.
ماذا يمكن أن تقدّم إيران لنظام الأسد في مجال الدفاع الجوي؟
تبدو المشكلة التي يعانيها العمق الاستراتيجي والداخل الإيراني واحدةً، حتى إن تشخيص جميع حالات الاختراقات الجوية المجهولة التي تبدو منطقية بشكل كبير، يتشابه إلى حد بعيد في الداخل والخارج (داخل إيران وسورية)، وهذا ما يجعل من التقارير والتحليلات التي نشرت قبل أكثر من سنة ونصف معبّرة عن قلقها من انتشار أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية في سورية، غير مبررة اليوم، نظرًا إلى الأداء الضعيف لهذه الأنظمة المضافة، وعدم كفاءتها في صد الهجمات الإسرائيلية.
في الوقت الحالي، تروّج الدعاية العسكرية الإيرانية لثلاث منظومات دفاع جوي أساسية (الثالث من خرداد، و 15 خرداد، وباور 373)[9]، وتعدّها جزءًا من فخرها بالصناعة العسكرية المحلية. وكان إرسال هذه المنظومات أو إحداها إلى سورية من أكثر السيناريوهات ترجيحًا التي تمخضت عنها أغلب التحليلات في ذاك الوقت[10]. لكن ندرة المصادر المفتوحة التي تؤكد فعالية منظومات الدفاع الإيرانية وقدرتها على العمل بكفاءة عالية في حال التعرض لهجوم، باستثناء حالة واحدة أسقطت خلالها منظومة دفاع جوية إيرانية من طراز الثالث من خرداد طائرةً مسيّرة أميركية من طراز غبوبال هوك في حزيران/ يونيو 2019 بالقرب من مضيق هرمز المائي، إضافة إلى عدم وجود معلومات موثقة حتى الآن تؤكد انتشار هذه الأنظمة، باستثناء أنظمة الدفاع الجوي قصيرة المدى أو المنظومات المحمولة على الكتف، يشير إلى أن إيران غير قادرة على نقل هذه الأنظمة إلى سورية، بسبب التحديات الإسرائيلية الأمنية والضغوطات الروسية على النظام في أفضل الأحوال، أو لأنها غير واثقة من مدى فاعلية إضافة أنظمة دفاع جوي جديدة داخل سورية في أسوأ الأحوال.
وفي الحقيقة، لا يمكن البناء على حالة ناجحة واحدة للدفاع الجوي الإيراني (إسقاط الطائرة الأميركية بصاروخ صياد 2 الإيراني) أمام سنوات من الأخطاء الفادحة وخداع الرأي العام وسياسة التضخيم والتهويل التي يتبعها قادة قوات الدفاع الجوي الإيراني، في ما يتعلق بمنتجاتهم المحلية[11].
باختصار، يمكن القول إن جلّ ما يمكن لإيران أن تنقله إلى الجيش السوري في مجال الدفاع الجوي هو مجموعة من الخبرات الدفاعية المتواضعة التي اكتسبها عسكرها وحرسها الثوري، قبل عقود من الزمن في حرب الثماني سنوات مع العراق. لكن هذه الخبرات يمكن أن تشوبها مجموعة من الأخطاء القاتلة التي ما تزال قوات الدفاع الجوي للجيش والحرس الثوري الإيراني تقع فيها. وإلى جانب ذلك، من المحتمل أن تقدم إيران لنظام الأسد بعض التعديلات المدخلة على منظوماته المتهالكة، إضافة إلى إرسال بعض من قدراتها الخاصة المتعلقة بدمج البيانات والإدارة ونظم الرصد السلبية التي استُعرضت داخل إيران في السنوات الفائتة[12]. لكن أمنيات إيران في رفع قدرات الردع والحماية الجوية لوجودها العسكري في سورية ستبقى معلقةً على الروس، وعلى مدى رغبتهم في تلبية المطالب الإيرانية بتشغيل منظوماتهم الدفاعية الحديثة في سورية في أثناء الغارات الإسرائيلية.
المأزق الإيراني والاستغلال الروسي في سورية
يُعَدّ قمع الدفاعات الجوية السورية وخداعها بالحرب الإلكترونية، أو إغراقها بتوجيه مجموعات كبيرة من صواريخ (كروز دليلة) الإسرائيلية، أحَدَ أهمّ الأولويات والواجبات التي يقوم بها سلاح الجو الإسرائيلي في أثناء تنفيذ الغارات، وهو ما أدى إلى تدمير عدد كبير من منظومات الدفاع الجوي السورية خلال السنوات السابقة.
ومن الملاحظ أن أغلب الغارات الإسرائيلية غالبًا ما يسبقها هجمات صاروخية تهدف إلى تدمير المنظومات الدفاعية التي تؤمن الحماية للوجود الإيراني وقمعها في الموقع المقصود[13]. حتى إن إسرائيل عمدت في بعض الحالات إلى استهداف محطات الحرب الإلكترونية والإنذار المبكر (كمحطة الإنذار المبكر في تل خاروف في السويداء مثلًا) لتأمين حرية العمل بشكل مستمر ومتكرر داخل العمق السوري[14]. وهذا ما يعني بصريح العبارة أن سلاح الدفاع الجوي الخاص بنظام الأسد يتعرض لمجزرة حقيقية، على يد سلاح الجو الإسرائيلي، على أننا لا نملك إحصاءات دقيقة لعدد منظومات الدفاع الجوي المدمّرة فعليًا.
وفي الحقيقة، لا تخفي بعض المنافذ المؤيدة للنظام أن سلاح الدفاع الجوي التابع لجيش النظام يتعرّض لخسارات فادحة على يد سلاح الجو الإسرائيلي في كل غارة جوية تقريبًا، حتى إن بعض المصادر التي لا نستطيع تأكيدها ذهبت إلى الحديث بأن إيران ستعوّض نظام الأسد عن معدات الدفاع الجوي كلها التي دمّرتها إسرائيل، بناءً على اتفاقيات التعاون العسكري الموقعة سابقًا بين الجانبين[15]. وبذلك ستكون روسيا بالتأكيد أوّل المستفيدين من عقد صفقات شراء أسلحة جديدة، يدفع ثمنها الإيرانيون لنظام الأسد، هذا إن لم تكن هذه الصفقات قد عُقدت فعليًا في الخفاء، في ظل الاختراق الأمني الكبير الذي حققته الميليشيات الإيرانية داخل هياكل جيش النظام السوري. وهذا الموضوع يؤكده الاتجاه المتزايد لعدد قتلى الميليشيات المحلية المدعومة إيرانيًا التي توجد في أثناء الغارات الإسرائيلية حول بطاريات الدفاع الجوي ومنصاته المدمرة الخاصة بنظام الأسد[16].
وفي ما يبدو، تتلاقى مصالح الروس والإسرائيليين عند هذه النقطة المهمة، فمن جهة سيضمن تدمير منظومات الدفاع الجوي والإنذار المبكر السورية حرية كاملة للإسرائيليين لقصف أي موقع تتحصن فيه ميليشيات إيران وأسلحتها داخل سورية، ومن جهة أخرى، يمكن أن يوفّر هذا الاتفاق الضمني فرصة لموسكو لكسب مزيد من الأرباح المالية من خلال بيعها منظومات دفاع جوية بديلة، من المرجح أن تدفع إيران تكاليف شرائها لجيش النظام، كما حدث خلال صفقة شراء منظومات بانتسير-إس1 لسورية عام 2008[17].
وهذا يعني أن تدمير منظومات الدفاع الجوي الخاصة بنظام الأسد يهدف إلى تقليص قدراته على حماية مجاله الجوي من الضربات الإسرائيلية، وكذلك يكشف عن استغلال روسي لتحقيق أرباح مالية من خلال بيع معدات بديلة، بما في ذلك رادارات الإنذار المبكر ومنظومات الدفاع الجوي الأخرى. وهو ما سيفرض بطبيعة الحال أعباء إضافية على إيران، للحفاظ على وتيرة وجودها العسكري في سورية، وسيزيد من حجم فاتورة الإنفاق العسكري الثقيلة أساسًا التي أصبح من غير الممكن لنظام الأسد سدادها.
الخلاصة والاستنتاجات
ما سبق يقودنا إلى الخلاصات والاستنتاجات الآتية:
- لم يكن تطوير الدفاعات الجوية الإيرانية والصناعات الجوية الكلاسيكية هاجس النظام الإيراني الذي اعتمد منذ صعوده إلى السلطة في إيران على تصدير وسائل الحرب غير التقليدية منخفضة التكلفة وعالية التأثير التخريبي. وكان هذا الضعف الداخلي يعوض بتصدير مجموعة الصواريخ والمسيّرات وتأسيس الميليشيات التي تشبه بتركيبتها أشباه الحرس الثوري الإيراني. ولذلك، لا يمكن لإيران التفاخر بتصدير مجموعة الخبرات والمعدات الدفاعية الجوية التي لا تملكها أساسًا، وتعاني داخليًا نقصًا في الإمكانات واللوجستيات المتعلقة بها.
- لم تُحدث مجموعة الاتفاقيات الدفاعية الموقعة بين الجانبين السوري والإيراني أثرًا ملحوظًا في الصراع الجوي الدائر في سورية، وأظهرت مجموعة الخبرات والمعدات الإيرانية المقدمة فشلًا ملحوظًا في مواجهة الغارات الإسرائيلية، وهو ما أظهر مرة أخرى مدى الاستهلاك الإعلامي الإيراني لمجموعة الاتفاقيات الاقتصادية والعسكرية المتنوعة التي وقعت مع الجانب السوري، وبقيت أغلبها حبرًا على ورق.
- يعدّ الدفاع الجوي أحد أهم الأدوات الرادعة في أي صراع تعتمد أدواته الرئيسية على سلاح الجو المتطور، وفي ظل فقدان تجهيز الميليشيات الإيرانية في سورية بهذه المعدّات أو ضعفه، سيبقى الوجود الإيراني في سورية منكشف الظهر، ويتعرض لخسائر كبيرة، في ظل استمرار التنسيق الروسي الإسرائيلي الأمني والضوء الأخضر المفتوح.
- يمكن أن تشكّل منظومات الدفاع الجوي الإيرانية التي أرسلتها إيران أخيرًا إلى ميليشياتها في سورية تهديدًا للطائرات الإسرائيلية من الناحية النظرية، لكنها لم تُحدث حتى الآن أي تغيير فعلي في طريقة التعاطي العسكري الإسرائيلي مع الوجود العسكري الإيراني في سورية من الناحية العملية.
- لا يبدو أن التنسيق الروسي الإسرائيلي في سورية يشتمل على مجالات عسكرية وأمنية بحتة فقط، بل ذهب هذا التنسيق أبعد من مجرد كونه معالجة للمخاوف الأمنية الإسرائيلية في سورية، إلى فرصة قد تغتنمها روسيا لتحقيق مكاسب اقتصادية.
- يفرض الحفاظ على استمرار الوجود العسكري الإيراني واستدامته في سورية على إيران تعويض خسائر الدفاعات الجوية المكلفة لقوات النظام، وذلك للحفاظ على ميزة الحماية المؤقتة وشراء الوقت التحذيري على الأقل، وهو ما يضيف مزيدًا من الأعباء الاقتصادية إلى مجموعة الفواتير الثقيلة التي أنفقتها إيران خلال السنوات الماضية، من دون الحصول على مكاسب اقتصادية في المقابل.
- ما سبق يقودنا إلى استنتاج مفاده أن استمرار وجود إيران العسكري وسعيها إلى تحويل سورية إلى جبهة متقدمة ضد إسرائيل يزيد من تورط إيران في المستنقع السوري، ويجعل معادلة (خاسر- خاسر) ماثلةً أمامهم طوال الوقت (خاسر إذا غادر وخاسر إذا بقي).
[1]– محمد عبد المجيد، رسائل زيارة باقري إلى سوريا، مركز إيرام للدراسات الإيرانية https://iramcenter.org/fa/messages-of-bagheris-visit-to-syria/
[2] – تقرير جيروزاليم بوست: انتشار أنظمة دفاع جوي لحزب الله في شمال دمشق، إندبندنت فارسي https://bit.ly/3safoOG
[3]– تل بيري: منظومة الدفاع الجوي لحزب الله تترسخ في القلمون سوريا، تقرير لمركز ألما الإسرائيلي https://israel-alma.org/2021/12/29/hezbollah-air-defense-array-entrenching-in-qalmoun-syria/
[4]– تحليل أجنبي للقدرة العسكرية للبلاد: كعب أخيل إيران هو دفاعها الجوي، موقع إيران دبلوماسي https://bit.ly/356sZh7
[5]– إيران تريد أسلحة روسية: السقف مرتفع، روسيا اليوم https://bit.ly/3palxbT
[6]– ضياء قدور: هل يمكن لمنظومات الدفاع الجوية الإيرانية أن تحمي وجودها بسوريا؟ موقع تلفزيون سوريا https://bit.ly/3t2g9Zh
[7]– للدفاع الجوي الإيراني تاريخ في إطلاق النار على الطائرات المدنية، موقع إيران إنترناشيونال بالفارسي https://bit.ly/3BNi089
[8]– 15 نقاط ضعف في قاعدة خاتم الأنبياء للدفاع الجوي، موقع إيران واير الفارسي https://iranwire.com/fa/features/27369
[9]– أي أنظمة دفاع قادمة من إيران إلى سوريا؟، موقع راديو فردا الإيراني https://www.radiofarda.com/a/are-iranian-built-3rd-15rd-khordad-and-bavar-s-air-defense-systems-on-way-to-syria-/30722108.html
[10]– اتفاق الدفاع الجوي بين إيران وسوريا قد يعرقل عمليات التحالف، معهد واشنطن https://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/atfaq-aldfa-aljwy-byn-ayran-wswrya-qd-yrql-mlyat-althalf
[11]– بابك تقوايي: خداع الرأي العام بأسلوب قوات الدفاع الجوي التابعة للجيش الإيراني، إندبندنت فارسي https://bit.ly/3In2XVy
[12]– المرجع رقم 8
[13]– ضياء قدور: ما سبب الاستهداف الإسرائيلي لموقع الزبداني؟، جريدة المدن https://bit.ly/3BMPQdq
[14]– ضياء قدور: غارات دير الزور.. هل أحبطت هجوماً صاروخياً على إسرائيل؟، جريدة المدن https://bit.ly/3HfPSfl
[15]– ينظر: بحسب ضابط رفيع في جيش النظام، فإن إيران ستعوض نظام الأسد عن كل معدات الدفاع الجوي الذي دمرتها إسرائيل بناءً على اتفاقية التعاون العسكري الموقعة سابقا، https://twitter.com/radwan_nur/status/1491433273163382793?t=04ZUgbrcLS81um1hboKgdQ&s=19
[16]– ينظر: ينحدر أغلب قتلى المليشيات الإيرانية في الغارة الجوية الإسرائيلية التي استهدفت بطارية الدفاع الجوي حول مدينة الكسوة في 24 فبراير / شباط 2022 إلى الطائفة الشيعية في سوريا https://twitter.com/dyaakaddoor/status/1496842433015037956?t=2FuDNmFMUiSVYtY68YHPrw&s=19
[17]– سوريا تتسلم قريبا أحدث أنظمة الدفاع الجوي الروسية، الجزيرة نت https://bit.ly/36pLw8q