أولًا: نظرة عامة إلى أهم مجريات المدة

نبدأ بالمشهد الميداني، حيث طغت أخبار الهجوم العسكري الذي تشنه قوات النظام والميليشيات الداعمة لها، إضافة إلى الطيران الروسي على منطقة خفض التصعيد في إدلب، والتي تشمل إضافة إلى إدلب وريفها، جزءًا من ريف حماة الشمالي، وريف اللاذقية الشمالي الشرقي، وريف حلب الجنوبي. وقد تركز الضغط العسكري الذي بدأ في آخر نيسان الفائت على ريفي إدلب الجنوبي وحماة الشمالي.

أسفرت الحرب عن تقدم طفيف لقوات النظام في ريف حماة الشمالي (انظر الخريطة رقم 2)، لكن المقاومة شرسة جدًا، وتبدو مهمة المهاجمين صعبة على غير ما كان متوقعًا. أما الضامن التركي فيقف متفرجًا على هذه المذبحة كما لو أنه موافق عليها ضمنيًا.

إضافة إلى الطيران والصواريخ والبراميل وكل أنواع الأسلحة، تؤكد منظمة هيومن رايتس ووتش أن أن القوات الروسية والسورية تستخدم في حملتها الذخائر العنقودية والأسلحة الحارقة، وتستهدف المدنيين والمناطق المأهولة، والمراكز الطبية والمدارس والبنية التحتية.

أسفرت الحملة حتى الآن عن مقتل 700 مدني على الأقل، بينهم 205 أطفال، وتشريد نصف مليون شخص من بلداتهم، 300 ألف تقريبًا من ريف إدلب، و200 ألف من ريف حماة. وأسفرت أيضًا عن تدمير 183 منشأة حيوية، منها 57 مركزًا طبيًّا و71 منشأة تعليمية و31 مسجدًا و11 مخبزًا.

رصدنا في هذه الأيام العشر التي يغطيها هذا التقرير (من 01 إلى 10 حزيران/ يونيو 2019)، مقتل 485 شخصًا، بينهم 106 مدنيين، نسبتهم 22 في المئة إلى مجموع القتلى. أما الأطفال فسقط منهم 26 طفل،ًا نسبتهم 25 في المئة إلى مجموع القتلى المدنيين، ومن النساء سقط 15 امرأة يشكلون 14 في المئة من القتلى المدنيين.

الغالبية العظمى من القتلى سقطوا في رفي حماة وإدلب بسبب الحرب إياها، ففي حماة سقط 241 قتيلًا يشكلون نصف عدد القتلى، بينهم 29 مدنيًا، وفي إدلب سقط 157 قتيلًا، بينهم 59 مدنيًا. أما قتلى اللاذقية الـ 22 فجميعهم من المقاتلين الذين سقطوا في المعارك بين قوات النظام والفصائل المسلحة في منطقة جبل التركمان في ريف المحافظة الشرقي.

في ملف اللجوء، نرصد تزايد الضغوط على اللاجئين السوريين في لبنان، حكوميًا وشعبيًا، وتدهور أوضاعهم يومًا بعد يوم. فقد بدأت بعض البلديات اللبنانية بإقفال المحلات التجارية للاجئين السوريين، وثمة خطة لدى السلطات لهدم مساكن موقتة يقطنها ما لا يقل عن 25 ألف لاجئ سوري، نصفهم من الأطفال. وقررت السلطات اللبنانية ترحيل السوريين جميعهم الذين دخلوا لبنان بطريقة غير نظامية بعد 24 نيسان/ أبريل الماضي، وتسليمهم للسلطات السورية. ونذكر أخيرًا أن الأمن العام اللبناني علق تجديد الإقامات للسوريين بذريعة تحسين طريقة معالجة ملفاتهم.

اللافت أيضًا هذه المدة هو هذا الكم المهول من الحرائق التي التهمت مئات الهكتارات من حقول القمح والشعير في محافظات الحسكة والرقة ودير الزور وحماة وحلب. أما الأسباب فكثيرة، يأتي في مقدمتها نشاط داعش الانتقامي بناء على توجيه من قيادتها بحرق حقول الأعداء والمرتدين. ومن أسبابها قصف قوات النظام على المحصولات بمثل ما حدث في حماة وحلب.

نختم تكثيفنا هذا بخبر مقتل عبد الباسط الساروت، وهو يقاتل ضمن صفوف جيش العزة في ريف حماة الشمالي لصد هجوم النظام على المنطقة، منهيًا بذلك مسيرة مشرفة من النضال السلمي فالمسلح ضد نظام الطغيان الأسدي.