وحدة مراجعات الكتب
مراجعة: علي العايد الحسين
الكتاب: لغة الأمة ولغة الأم
تأليف: عبد العلي الودغيري
الناشر: دار الكتب العلمية
مكان النشر: بيروت/ لبنان
تاريخ النشر: 2013
المحتويات
الباب الأول: العربية وسؤال التنمية
الباب الثاني: العربية وسؤال التعدد اللغوي
في الباب الثالث: العربية وسؤال الهوية
مقدمة
يندرج الكتاب في أبحاث علم اللغة الاجتماعي الذي يُعدّ أحد علوم اللسانيات، ويدرس علاقة اللغة بالمجتمع ووظائفها فيه، ما يجعله أقرب إلى العلوم الاجتماعية منه إلى اللسانيات، ولا سيّما توسّله بمناهجها واستعارته أدواتها الإجرائية، واختلاطه بموضوعاتها، فهو علم لا يدرس اللغة لذاتها (مثلما يفعل علم وظائف الأصوات “الغونولوجيا” مثلًا)، وإنما يركز على جانبها النفعي بوصفها وسيلة اتصال المجتمع، بعيدًا من وظائفها الأخرى (حدودها جاكسون بست وظائف).
ومن محاذير هذا النوع من الدراسات أن الباحث الذي ينشد (العلمية) لن يأمن السقوط في مهاوي الأيديولوجيا، ذلك أن موضوع اللغة في إطاره الاجتماعي لا ينفصل عن الموضوع السياسي الذي لا ينفصل _بطبيعته_ عن المؤثرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وعن العوامل الداخلية والخارجية، فالواقع اللغوي يصنع -عادةً- الواقع الذي يعيشه المجتمع اللغوي بأبعاده وأحواله وتغيراته؛ لذلك من الصعوبة بمكان أن يبقى الباحث في حدود الوصفية التزامّنية، أو في حدود التاريخية التزامّنية، ما يعد خطرًا على (علمية) الدراسة وموضوعيتها، ومن ثمّ درجة أهميتها في بابها.
لا تأتي أهمية هذا الكتاب من إحاطته بواقع اللغة العربية في بيئتها الاجتماعية والثقافية فحسب، وإنما من غزارة المعلومات الواردة فيه كذلك، وهي معلومات لا تقتصر على واقع اللغة العربية الواحدة، إذ تتجاوزه إلى واقع اللغات واللهجات الأخرى في العالم العربي (الأمازيغية، الكردية، التركمانية، الشركسية، السريانية، لغات السودان المتعددة. إلخ)، فضلًا عن واقع اللغات الأجنبية في مغرب الوطن العربي ومشرقه (الفرنسية، الإنكليزية خصوصًا)، إضافة إلى معلومات مهمة عن واقع التعدد اللغوي في دول كثيرة من دول العالم، وعلاقتها بالواقع السياسي لتلك الدول.
الكتاب
جاء الكتاب في مقدّمة وملّخص وثلاثة أبواب، وكل باب مؤلّف من فصول عدة، ويطرح ثلاثة أسئلة كبرى: سؤال مرتبط بشؤون التنمية والنهضة، وعلاقتها باللغة، وسؤال عن التعدد اللغوي، وكيفية إدارته سياسيًا واجتماعيًا وثقافيًا، وسؤال عن المصير، مصير الأمة، في ظل الواقع اللغوي القائم، وفي المستقبل المأمول، وعلاقته بالنزوع الوحدوي والانفصالي، كل على حدة.
بداية يضع الباحث العربية (في مجموعها الكلي: فصحى ولهجات) إزاء مواطناتها من اللغات المحلية غير العربية (لغات الأقليات الإثنية)، ويعدّ العربية لغة الأمة، بينما يعني بلغة الأم تلك اللغة التي يتحدث بها أبناء الأمة في بيوتهم، وفي علاقاتهم البينية (لكل أقلية عرقية لغتها الخاصة)، فلغة الأمة هي العربية التي تشترك في التفاهم بها جميع مكوّنات الأمة بمختلف شعوبها ودولها ولغاتها، وإن اختلفت طريقة أدائها من منطقة إلى أخرى.
ويرى الباحث أن العربية هي المؤهلة أكثر من غيرها، تاريخيًا وواقعيًا، للنهوض بهذا الدور.
أما كلمة (أمة) فيستعملها الباحث بمفهومها وإيحاءاتها وخلالها الدلالية الخاصة التي تستمدها من رمزيتها وحمولتها الحضارية في الثقافة العربية الإسلامية، أي: المفهوم الذي يجعل من الأمة كيانًا أوسع وأشمل من الدولة أو الشعب أو الوطن في المعجم السياسي العصري.
ويرى الباحث أن لغة الأمة لا تتوقف عند حدود التجاور مع مواطناتها من اللغات المحلية (لغات الأقليات العرقية)، وإنما تتعداه إلى التداخل في ما بينها، أخذًا وعطاءً، تأثرًا وتأثيرًا، ما أفضى إلى نتيجتين: إيجابية (الإثراء)، وسلبية (خلق اللهجات).
لكننا نرى أن اللهجات ليست نتاج التأثر بلغات الأقليات، وإنما هي انحراف طبيعي عن اللغة المعيارية (العربية الفصحى هنا) نجم عن عوامل اجتماعية (الانقسام إلى نخبة وعامة مثلًا، الأمية، الأسواق)، ومن عوامل جغرافية وبيئية، وأخرى اقتصادية وثقافية وتاريخية، وليس أدل على ذلك من المجتمعات التي لا تضمّ بينها أقليات عرقية ومع ذلك نجد فيها لغة معيارية ولهجات (اللغة التي يكتب بها رولان بارت مثلًا تخلتف عن اللهجة الباريسية، والباريسية ليست نفسها اللهجة الكورسيكية … إلخ).
وما ذهب إليه الباحث من تفسير هو التفسير نفسه الذي تردده المرويات العربية القديمة عن أن (اللحن) الذي تسبب به اختلاط العرب بغيرهم من الأقوام هو الذي دفع إلى تنقيط الكتابة العربية وتشكيلها، والحقيقة هي أن اللحن/ الانحراف عن المعيارية تطور طبيعي في اللغات جميعها، والحقيقة هي أن اللغة تجدد نفسها باستمرار. وليس دليلًا كافيًا على أن اللغة تعرضت لغزو لغوي من خارجها، وإن كانت اللغات تتبادل التأثير عادة.
الباب الأول: العربية وسؤال التنمية
يتناول الباحث فيه دور اللغة الوطنية المشتركة في التنمية، وتحقيق الأمن الثقافي واللغوي والتماسك الاجتماعي، بوصفها أداة التعليم والرابطة القوية بين أفراد المجتمع، مؤكدًا أن المجتمعات الفقيرة معرفيًا لا يمكنها أن تنهض بالتنمية، واللغة بصفتها أداة المعرفة، فهي أداة التنمية ربطًا.
ويستطرد الباحث في تفصيل شروط التنمية الشاملة المتوازية والمستديمة، وأهمها وجود رأس المال البشري، ورأس المال المعرفي، وتوطين المعرفة، مبرزًا أخطار استيراد المعرفة والتكنولوجيا من دون توطين، مستشهدًا ببعض التجارب الآسيوية (اليابان، كوريا الجنوبية، الصين) التي استثمرت في لغاتها الوطنية، وتحصد اليوم نتائج مبهرة في الاقتصاد والتطور العلمي والتقني والصناعي في مدّة وجيزة، نتيجة توطينها المعرفة وتطويعها لثقافة المجتمع ولغته، داعيًا العرب إلى تمثل تلك التجارب، ومحيلًا إلى تقرير التنمية الإنسانية الذي صدر عام 2003 من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، إذ يحث التقرير على تعريب التعليم الجامعي شرطًا أساسًا في تنمية أدوات التفكير وتنمية القدرات الذهنية والملكات الإبداعية، فضلًا عن استيعاب المعرفة للمشاركة المتجددة.
ومن شروط التنمية أيضًا التماسك الاجتماعي، فالمجتمعات المفككة لن تكون فيها تنمية البتة، وتعدّ اللغة صمغًا اجتماعيًا، وبها يُعبَّر عن الانتماء الحضاري والثقافي والوطني، ويصل الأمر بالباحث إلى درجة أنه يعدّ اللغة هي المجتمع.
يدرس الباحث الاستثمار في اللغة وعلاقته بالتنمية فيصل إلى أن اللغة من أدوات الاستثمار، فهي رأس مال تملكه الأمم؛ لذلك يمكن تداوله كتداول السلع الأخرى، واستغلال قيمته التسويقية وتنميتها، فتخضع اللغة -بذلك- لقوانين السوق، من عرض وطلب ومنافسة، لكن ليس استنادًا إلى جودتها أو خصائصها الذاتية، وإنما إلى مؤشرات وعوامل أخرى، اقتصادية وسياسية وعلمية وتكنولوجية وثقافية وعسكرية، ويضرب أمثلة بالدول الاستعمارية التي استثمرت في لغاتها، ففرضتها على الشعوب المستعمرة، لتصبح تلك اللغات (الفرنسية، الإنكليزية، والإسبانية، وغيرها) مصدر دخل وطني للدول المستعمرة، محللًا تلك السياسة تحليلًا اقتصاديًّا مستفيضًا، أهم ما فيه تبعية الدول المستعمَرة وإلحاقها لغويًّا بالدول المستعمِرة؛ يظل اقتصادها تابعًا وكذلك ثقافتها، وقد صرفت الدول الاستعمارية -وما تزال- مبالغ طائلة على نشر لغاتها وتوطينها بين الشعوب، لتعود عليها تلك المبالغ أضعافًا مضاعفة من الربح المادي، فضلًا عن المكاسب الثقافية والسياسية.
ثم يدرس الإنفاق العربي في المجال اللغوي، ويعني به ما تنفقه الدول العربية من أموال كثيرة على تعليم اللغات الأجنبية (الإنكليزية والفرنسية) بالتوازي مع الشح في الإنفاق على تعليم اللغة العربية، ويمثل للظاهرة بدول المغرب العربي التي تنفق نسبًا عالية من الدخل الوطني على تعليم اللغة الفرنسية، على الرغم من الآثار المدمرة التي تركها المستعمر الفرنسي في تل الدول على الصعد كافة.
ولم يتعرض الباحث للمجموعات العربية الأخرى في هذا الجانب على الرغم من أن ظاهرة الفرنسية في دول المغرب يمكن سحبها على ظاهرة تعليم اللغة الإنكليزية في الخليج – ويكاد يكون إهمال العربية شاملًا في الدول العربية جميعها، ما خلا استثناءات قليلة من الدول التي عربت التعليم الجامعي أو جزءًا منه.
ثم يختم الباحث الباب الأول بدارسة التنمية والأمن الثقافي واللغوي، ملازمًا بين النمو الاقتصادي والنشاط الثقافي والعلمي فيجد أن الأمن الثقافي يتحقق من خلال التنمية الثقافية والمحافظة على مكونات الهوية الثقافية للمجتمع والتحرر من التبعية الثقافية والفكرية، وتحقيق الأمن اللغوي لا يتحقق إلا بالتنمية اللغوية وتحقيق سلم لغوي دائم من خلال تعزيز لغة الأمة.
الباب الثاني: العربية وسؤال التعدد اللغوي
يقسمه الباحث إلى ثلاثة فصول: فصل في التعدد اللساني، سياقة وشروطه، وفصل في التعددية والمعالجة الدستورية للمشكل اللغوي في العالم العربي، والفصل الأخير يدرس فيه المعالجة الدستورية للمشكل اللغوي في الأنموذج المغربي.
يفترض الباحث في مستهل الفصل الأول أن التعددية باتت سمة العصر، فإلى جانب التعددية السياسية والدينية والثقافية والقومية في المجتمعات الديمقراطية، فإن التعددية اللغوية برزت بصفتها إحدى ظواهر عصر الديمقراطية وقبول الآخر المختلف في المجتمع الواحد، ويسترسل في تحليل العوامل التي أنتجت الظاهرة، موكدًا أن التعدد اللغوي لم يلغِ لغة الأمة الواحدة، وإنما أبقاها لغة مشتركة، ودعم اللغات المحلية التي تستعملها الأقليات، وحمايةً لها من الانقراض، وضمانًا لحق مستخدميها في استخدامها وفق منطق العصر الذي يحفظ حقوق الجماعات الصغيرة والأقليات؛ فانتشرت -نتيجة لذلك- ظاهرة التعليم ثنائي اللغة في الدول، وأحيانًا تعلم أكثر من لغة، إلى جانب اللغة الرسمية المشتركة، على الرغم من سعي بعضها لنشر (العولمة اللغوية) (الإنكليزية).
ويرى الباحث أن التعدد اللغوي تحوّل من نعمة في بعض الدولة (سويسرا- بلجيكا- كندا…) إلى نقمة في دول أخرى، فالهند -مثلًا- التي قسمت جغرافتيها – بعد الاستقلال- إلى أقاليم وولايات تماشيًا مع التوزع اللغوي، ولم تتمكن من تعميمه على الولايات جميعها، نصّ دستورها على أن تكون الإنكليزية هي اللغة الرسمية للبلاد مدّة خمسة عشر عامًا فقط، ثم تحلّ اللغة الهندية محلّها عامًا، على أن تختار الولايات المستقلة لغاتها الرسمية الخاصة بها، وبذلك أصبح في الهند تسع عشرة لغة رسمية دستوريًا، لكنها لم تستخدم في الواقع، فالإنكليزية ظلت هي اللغة المهنية والمشتركة.
وفي لوكسمبورغ التي لا يزيد عدد سكانها على نصف مليون نسمة، 40 في المئة منهم أجانب، توجد ست لغات مستعملة، وسنغافورة تعتمد أربع لغات رسمية، ثلاث منها (الصينية والماليزية والتاميلية) تتكلمها الكتل البشرية الرئيسة، لكنها أقل استعمالًا قياسًا إلى اللغة الرابعة (الإنكليزية) التي باتت اللغة المشتركة بين السكان.
ولم تفلح اللغات الثماني الرسمية التي أقرّها الرئيس (سيكوتوري) بعد الاستقلال في أن تحل محل لغة المستعمر الفرنسي في غينيا، فأُقرت الفرنسية لغة رسمية مشتركة في البلاد، وأسوأ منها حال بوركينا فاسو التي فيها نحو سبعين لغة وطنية، فاضطرها إلى العودة إلى اتخاذ الفرنسية لغة رسمية، وفي بوليفيا التي نص دستورها (2009) على أن ستًا وثلاثين لغة من لغاتها الوطنية لغات رسمية، إلى جانب الإسبانية، لم تنجح في رفع هيمنة الإسبانية بوصفها لغة الدولة الرسمية.
وفي جنوب أفريقيا تسود الإنكليزية على الرغم من محاولات الدولة معاملة اللغات الإحدى عشرة المستعملة بكثرة هناك معاملة اللغة الرسمية، وكذلك حال نيجيريا التي فيها ثلاث لغات وطنية كبرى، إلى جانب مئات اللغات الأخرى المنتشرة في البلاد، لكنها لم تستطيع أن تحلّ واحدة منها محل الإنكليزية التي تعد اللغة الرسمية للبلاد.
وأمام هذا الواقع اللغوي الغريب في العالم الثالث، يخلص الباحث من استقرائه إلى أن التعدد الغوي لن يكون ناجحًا ما لم يكن مشروطًا ومتحكمًا فيه، وأن العلاقة بين التعدد اللغوي والتخلف علاقة طردية، ففي العالم نحو 7105 لغات (بحسب إحصاء المؤسسة الصيفية للغات sil)، لأفريقيا منها 2194 لغة، أي 30 في المئة، ولآسيا 2304 لغات، أي 40 في المئة، وللقارة الأميركية 1060 لغة منها، وجزر الأوقيانوس 1311 لغة، بينما القارة الأوروبية لا يزيد عدد لغاتها على 284 لغة.
ويتخذ الباحث هذا الواقع اللغوي دليلًا يسوّغ ما ذهب إليه في أن التعدد اللغوي والتخلف شقيقان متكاملان، بل وجهان لعملة واحدة، على الرغم من إدراكه أن اليمن -مثلًا- الذي تسوده لغة واحدة لا يمكن أن يقارن من حيث الغنى المادي والتطور بإندونيسيا -مثلًا- التي فيها ما لا يقل عن 760 لغة، والأمثلة في هذا السياق كثيرة جدًا؛ ما يجعلنا نشك في نتائج الاستقراء على الرغم من دقة المعطيات التي بنى عليها الباحث استنتاجاته، ونعزو ذلك إلى الاستقراء نفسه بوصفه أداة من أدوات المنهج، يستخدمها كثير من الباحثين، لكن نتائجها غير واقعية في الأحيان معظمها، فهي إلباس العام أردية الخاص، شأنهما في ذلك شأن العينات الإحصائية والمعدلات الوسطى، التي باتت العلوم الحديثة تأنف التوسل بها، فما عادت تركن إلى نتائجها غير الدقيقة.
ثم يقدّم الباحث حلًّا لهذا الواقع اللغوي المضطرب، يتمثل في أن تقلص الحكومات والمجتمعات عدد اللغات باتخاذ لغة واحدة رسمية مشتركة لتوحيد المجتمعات، وللنهوض بالتنمية، وتقليص الإنفاق على تعلم اللغات، مستدركًا أن عددًا من اللغات يموت موتًا طبيعيًا في كل سنة، بمعدل 24 لغة سنويًا؛ ما يعني أن نظرية البقاء للأصلح تصحّ على اللغات أيضًا، وأن اللغة الواحدة قد تكون في طريقها إلينا.
إضافة إلى ماسبق في موضوع التعدد اللغوي، يرى الباحث أن الدول الاستعمارية تمارس ازدواجية في الخطاب، فهي -من جهة- تدعو إلى التعددية، ومن جهة أخرى، تبذل المليارات لنشر لغاتها وفرضها على الشعوب الضعيفة، فضلًا عن تشبثها داخليًا بالوحدة اللغوية مثل فرنسا وغيرها من الدول التي تمارس سياسية النفاق اللغوي.
وإذا كانت بعض الأقليات تحتفي بدعوات التعدد اللغوي، فإن الباحث يؤكد أن التعدد لا يعني -في حال من الأحوال- المساواة المطلقة بين اللغات المستعملة في مجتمع ما، وإن نصّت الدساتير على ذلك، وأن للتعدد محاذير وأخطار على الجميع، كالأخطار اللوجستية في مجال التعليم، والمصطلحات، وله مشكلات بيداغوجية تربوية تضعف المردود، وانخفاض مستوى التعليم، إضافة إلى التكلفة المادية الباهظة، فضلًا عن الصراعات التي تنشب في المجتمعات وتصل إلى درجة الحروب الأهلية؛ نتيجة الافتقار إلى الانسجام المجتمعي.
يلقي الباحث في الفصل الثاني نظرة عامة على كيفية معالجة الدساتير العربية للمشكل اللغوي، فيقسم الدول العربية إلى ثلاث مجموعات:
المجموعة الأولى التي نصّت دساتيرها على أن العربية هي اللغة الرسمية للبلاد، منذ حصولها -منفردة- على الاستقلال إلى يومنا هذا وتضم كلًا من سورية، الأردن، مصر، اليمن، الكويت، السعودية، قطر، الإمارات، عمان، البحرين، ليبا، تونس، لبنان، وفلسطين.
المجموعة التي تضم كلًا من العراق والجزائر والمغرب، ظلت دساتيرها على أن العربية هي اللغة الرسمية الوحيدة حتى الألفية الثانية، إذا اضطرتها الحوادث المتصاعدة إلى الاعتراف بلغة رسمية ثانية إلى جانب العربية (الكردية في العراق، والأمازيغية في كل من الجزائر والمغرب).
المجموعة الأخيرة التي تضم السودان وموريتانيا وجيبوتي والصومال وجزر القمر، وقد اختارت الدول في هذه المجموعة التعدد اللغوي طريقًا من البداية، ونصت عليه دساتيرها.
يفرد الباحث الفصل الثالث من المعالجة الدستورية للمشكل اللغوي للأنموذج المغربي، فيدرس الوضع اللغوي في المملكة المغربية دراسة مستفيضة في ضوء دستور 2011، راصدًا الواقع اللغوي القائم في هذه البلاد، ومقارنًا بين علاقة اللغة العربية باللغة الفرنسية من جهة، وعلاقة العربية باللهجات الأمازيغية من جهة ثانية، موضحًا أنها علاقة متوترة بالفرنسية منذ مرحلة مقاومة الاستعمار. كانت عقدة المشكل تتلخص في صراع حاد بين اللغة الوطنية الأولى في المغرب (العربية) التي اتخذها الشعب المغربي أداة للمقاومة والنضال ضد المحتل، ولغة المحتل الفرنسي التي فرضها بالقوة على الشعب، فكان الصراع صراع هوية.
أما في مرحلة الاستقلال وبناء الدولة، فقد استمرّ الصراع بين العربية والفرنسية، العربية التي باتت اللغة الرسمية، والفرنسية مثلت بالفرنكوفونية التي غدت أيديلوجيا تسعى لجعل الفرنسية أداة للهيمنة والتبعية الثقافية والاقتصادية والسياسية؛ ما يفقد الدولة المغربية سيادتها واستقلالها وحريتها وهويتها؛ حتى غدت الصورة لغة أجنبية تصول وتجول، ولغة رسمية تفقد هيبتها وأهميتها ومكانتها شيئًا فشيئًا، ولهجات عامية تستفحل في وسائل الإعلام والدعاية وخلفها أياد كثيرات يدفعنها إلى الواجهة لأهداف أيديولوجية للفرنكوفونية في البحث عن حلفاء تنتصر بهم على العربية، فارتفعت أصوات متطرفة، بذلت ما بوسعها لإشعال صراع بين العربية والأمازيغية، فلم يكن قائمًا على الرغم من سيطرة (نظرية المؤامرة) على الباحث في هذا الفصل، إلا أنه يعترف بأن المشكل اللغوي في المغرب ليس ناجمًا عن التعددية اللغوية، وإنما عن سوء إدارة وتدبير الاختلاف اللغوي، وغياب سياسية لغوية رشيدة في ظل دولة يفترض أنها مستقلة وذات سيادة، تراعي المصالح العليا للشعب، إلى جانب مصالح أخرى يقتضيتها التطلع إلى مستقبل أفضل.
ويبدو الباحث متشائمًا في قراءته للواقع اللغوي في المغرب الذي يعاني فوضى السياسات اللغوية، والتخبط في تحديد اللغة الرسمية واستخدامها، وإسناد دورها ووظائفها إلى لغة أجنبية (الفرنسية) تعد لغة محتل في نهاية المطاف؛ ما أدى إلى ضعف شديد في استخدام اللغات، بما فيها اللغة الأجنبية نفسها، وفق الباحث الذي يستدل على ذلك بمخرجات التعليم في المغرب، ولا سيما مخرجاته خلال العقدين الأخرين.
إضافة إلى ذلك، فإن الباحث يرى أن هناك سوء تقدير وتدبير من مثل ملف الأمازيغية التي يعدّها من مكونات الهوية المغربية، ما أدى إلى تراكمات سلبية، وتحول المشكل من قضية لغوية وثقافية إلى قضية اجتماعية وسياسية تنذر بالخطر.
وبعد مزيد من الإسهاب في تناول الواقع اللغوي في المغرب، يحلل الباحث اعتراف دستور 2011 بالتعدية اللغوية، وبالأمازيغية لغة شفاهية غير مكتوبة، بسبب أن الأمازيغية ما زالت لغة شفاهية غير مكتوبة، فضلًا عن أنها غير مكافئة للعربية، لا عمليًا ولا واقعيًا ولا تاريخيًا، إضافة إلى أن العلاقة بينهما لم تنظم، ولا يعرف كيف سيستخدم الناس لغتين رسميتين معًا في التعليم والإدارة والاقتصاد، وتخشى من أن ترسيم الأمازيغية قد يؤجج صراعًا بينهما، فيتحول ما كان لغويًا إلى عرقي وسياسي ومجتمعي، ومن ثم قد يمنح ذلك اللغة الفرنسية فرصة لتستغل ذلك لمصلحتها، ولا سيما أن مليارات تصرفها فرنسا لتمكين لغتها في هذا البلد العربي.
ثم يعبر الباحث عن تفهمه لترسيم الأمازيغية، وأن ذلك يحميها من الاندثار على الرغم من شكوك المعارضين، ومن التكلفة الباهظة للتعليم بلغتين رسميتين في دولة واحدة.
بيد أن الدستور المغربي الجديد (2011) لم يعترف بالأمازيغية لغة رسمية فحسب، وإنما أضفى شرعية دستورية على اللهجات المغربية أيضًا، ونص على حمايتها بوصفها لهجات وطنية، ويخشى الباحث من أن يفهم من ذلك نقيض القصد والهدف، لذلك يستنتج أن المشكل اللغوي في المغرب لم يحسم بعد.
في الباب الثالث: العربية وسؤال الهوية
بين نزعة الانقسام والرغبة في الالتحام، أو العربية في سياق الازدواجية والدعوة إلى الدارجة. يجيب الباحث عن سؤال الهوية في فصلين موسعين، ففي الفصل الأول يدرس ما بين نزعة الانقسام والرغبة في الالتحام، أو بتعبير أدق العربية في سياق الازدواجية (فصحى ولهجات) والدعوة إلى الدراجة، بينما يبحث في الفصل الثاني في موضوع الدعوة إلى الدراجة: أهدافها ومسوغاتها.
الفصل الأول، الازدواجية في العربية وغيرها من اللغات. يتناول الباحث ظاهرة الازدواجية في لغات العالم تقريرًا واستقراءً واستدلالًا ومقارنة، ليثبت أنها ليست ظاهرة خاصة بالعربية، ساردًا تاريخ الدعوة إلى استبدال الدراجة بالفصحى، وواقع تلك ظاهرة طبيعية عرفتها العربية منذ القدم، بينما يرجعها في موضع ساق إلى تأثر العربية بلغات الأقليات المحلية. ويؤكد أنها من طبيعة اللغات، مستشهدًا بآراء عدد من الباحثين الغربيين، دراسًا ازدواجية اللغة الإنكليزية ولهجاتها المختلفة في الدول الناطقة بها، ومثلها يفعل مع اللغة الفرنسية، تجدد الاختلافات اللهجية (أصواتًا ومفردات تراكيب ودلالات) داخل فرنسا وخارجها، وإلى إجراء عشرات البحوث والدراسات التي تناولت هذه الظاهرة، ولا سيما الفرنسيات الهجينة في القارة الأفريقية؛ ما يدل على وجود مستويات من الاستعمال، متعددة ومتفاوتة في كل لغة حية، أدركها المختصون في اللسانيات الاجتماعية، فحددوا الفروق بين تلك الاستعمالات بناءً على عوامل عدة، أهمها عامل الوظيفة، فالاستخدام الرسمي للغة يختلف عن غير الرسمي، والأدبي يختلف عن التواصلي، والتواصل مع أفراد الأسرة ليس كالتواصل مع الغرباء، إضافة إلى الاكتساب بالتعليم، والتبسيط…إلخ
وعلى الرغم من أن الباحث يقرّ بأنها ظاهرة طبيعية إلا أنه يحذّر من خطرها في العربية لاتساع الفجوة بين الفصحى المعيارية واللهجات، ولوجود دعوات تدعو إلى هجر الفصحى واستخدام اللهجات، ما يشكل خطرًا على وحدة الأمة، مثلما يرى الباحث، ويهدد بالقطع مع تاريخها وتراثها.
الفصل الثاني، الدعوة إلى الدارجة، أهدافها ومسوغاتها. يعزو الباحث الدعوات إلى استخدام اللهجات بدلًا من الفصحى المعيارية إلى عاملين: خارجي وداخلي، فالعامل الخارجي يمثله الاستعمار في المشرق والمغرب العربيين، إذ أدرك الاستعمار ما تمثله اللغة العربية من رابطة قوية بين أبناء الأمة، وإمكانات النهضة الكامنة فيها، فأراد القضاء عليها بوسائل كثيرات، منها تجزئة الوطن العربي، وتوظيف طاقات بشرية وإمكانات مادية، من مثل طاقات بعض المستشرقين والخبراء في التاريخ واللغات والأديان والأنثروبولوجيا والإنفوغرافيا وبعض رجال الكنيسة لهذا الغرض، فيسهل بذلك تفكيك الأمة وإلحاق شراذمها بالاستعمار ومصالحه وثقافته.
ويرى الباحث أن الخطاب المعاصر الداعي إلى إعلاء شأن اللهجات ولغات الأقليات ما هو إلّا إعادة إنتاج واستنساخ للخطاب الاستعماري السابق، تقف وراءه شخصيات ومنظمات معادية (يذكرها بأسمائها) وسفارات أجنبية في بلداننا، إضافة إلى ناشطين أجانب، ومواقع إلكترونية، جميعها يقيم فاعليات وندوات واجتماعات وطاولات مستديرة ويفتح المعاهد لتعليم اللهجات، وينتج رسومًا متحركة للأطفال بالعاميات، ويدبلج أفلامًا بتلك اللهجات، وأما العامل الداخلي فتتمثل بشخصيات مرتبطة بالخارج، تهاجم العربية، وتدافع عن اللهجات ولغات الأقليات، مصورة الخطر على أنه قادم من الفصحى، ولا تشير -بتاتًا- إلى خطر الفرنكوفونية والإنكلوفونية.
ثم يعدد الباحث مسوغات هؤلاء، ويفندها باستفاضة وعلمية، من تلك المسوغات (الادعاءات) أن العربية الفصحى لغة النخبة، ولغة الفصل والتمييز، وإنها معقدة وأرستقراطية تبقى الجماهير في الحضيض، وأن الإسلام استعملها أداة للاستعمار، وجعلتها الأرستقراطية الملكية لغة للقرآن؛ لتضفي عليها قدسية، وأنها لا تصلح إلا للمجتمعات الفيودالية الاستعبادية، وأن الزمن تجاوزها، وغير ذلك من تلك المزاعم.
بعد ذلك يبحث في درجة استقلالية اللهجات من خلال الأنموذج المغربي (لهجة المغرب)، ويخلص إلى أنها انحراف عن الفصحى، ومشتقة منها، وأن المشترك بين اللهجات العربية عامة تصل نسبته إلى 78 في المئة وفق دراسات المستشرقين، ويفصّل القول في درجة ارتباط الدارجة المغربية بالفصحى، مستشهدًا بألفاظ كثيرة، ليدلل على أنها واحدة من ثبات اللغة العربية الفصحى.
وفي سياق رده على دعاة استخدام اللهجات في التعليم الذين يزعمون أن لا ارتباط بين لغة التعليم والهوية، متصورين أن اللغة أداة للتواصل فحسب، في نظرة ميكانيكية مبتسرة؛ يؤكد الباحث أن الاتصال وظيفة واحدة من وظائف اللغة المتعددة، مثبتًا الصلة العميقة بين اللغة والهوية، وقاطعًا الرأي في أن العربية الفصحى هي الأجدى في التعليم، مذكرًا بما لها إذا ما قورنت بتلك اللهجات الشفاهية، وليست اللغة التي يأخذها الطفل من أمه فحسب، أي: إنها اللغة الرسمية الشائعة في الدولة، وما اللهجة سوى متغيرّ من متغيرات العربية الفصحى، لذلك لا تصلح اللهجات للتعليم، إضافة إلى أنها بلا رصيد ثقافي وعلمي وأدبي مكتوب، فضلًا عن أن يكون لها قواعد، أو أن تكون منظومة كتبت عنها الدراسات والأبحاث؛ ومن شروط لغة التعليم لدى منظمة اليونسكو أن تكون مكتوبة، ومعترف بها عالميًا (قانونيًا)، وغنية بالمصطلحات اللازمة في التربية والتعليم وتعليم المواد، وألا تزيد من صعوبات التعليم، وأن يتوافر لها مدرسون مختصون بها، وموارد مالية وبشرية كافية، وهو ما لا يتوافر إلاّ للعربية الفصحى التي تعدّ لغة العلوم والآداب والفنون والفكر والفلسفة والدين، وتملك حزمة من المعاجم، وكمًا هائلًا من التراث، وهي لغة التعليم، واللغة الرسمية المعترف بها عالميًا.
ومن دراسة طروحات دعاة اللهجات، ينتقل الباحث إلى مناقشة دعاة ما يسمى (اللغة الوسطى)، أي: اللغة العربية الفصيحة البسيطة مقابل الفصحى المعيارية، وهي لغة يريدها دعاتها خالية من التعقيد ومن الألفاظ المنقرضة وتلك التي في طريقها إلى الانقراض، مفرقًا بين دعاة الوسطى الذين يهدفون إلى استمرار استخدام العربية وأولئك الذين يدعون إلى استخدام اللغة الوسطى، لكنهم يقصدون بها المزج بين العامية والفصحى في التعليم والإعلام والإمارة ومرافق الحياة الأخرى، ويعترضون على الالتزام بالقواعد الأساسية للعربية الفصيحة.
ويختم الباحث كتابه بما يسميه ملخصًا، يؤكد فيه رأيه في مجمل الموضوعات التي تناولها في الكتاب، فيؤكد أن المشكلة ليست في الازدواجية، فهي ظاهرة طبيعية للغات، وإنما في اتساع الهوة بين اللغة المعيارية واللهجات، وأن دعاوى إحلال اللهجات محل الفصحى غير عملية ولا منطقية وغير معقولة، وأن علاج الازدواجية لا يكون إلاّ بتعميم التعليم بالفصحى حتى زوال الأمية، وبتجنيد وسائل الإعلام لنشر الفصيحة، ويؤكد أن إيجاد لغة ثالثة بين الفصحى والعامية ضرب من الرومانسية البائسة.
خاتمة
على الرغم من أهمية الكتاب، وغزارة المادة العلمية التي حفل بها، لكن لدينا الملاحظات الآتية:
- كثيرًا ما عزا الباحث آراء لأفراد، ونشاطًا لمجموعات أو منظمات، إلى مواقف أيدلوجية عدائية، ولا سيّما الغربية منها، وبدلًا من أن يفندها تفنيدًا علميًا، يتخذ الباحث موقفًا أيديولوجيًا مضادًا لها؛ ما يجر القارئ إلى جغرافيا العاطفة والغرائزية غير المجدية (مثال: آراء أنصار التعددية اللغوية).
- في مواضيع مهمة ومتعددة من الكتاب، يفسّر الباحث الأمور بنظرية المؤامرة؛ لا فحتى العامل الذاتي/ الداخلي يجعله الباحث صدىً واهيًا للعامل الخارجي (مثال: دعوات بعض النخبويين العرب إلى إحلال اللهجات محل العربية الفصحى)، وهذا يضعف موضوعية البحث.
- يجد القارئ أن موضوع التعدد اللغوي عولج في أكثر من باب، ويُعدّ هذا خللًا منهجيًا، على الرغم من أنه ارتبط في كل مرة بسؤال مختلف، ويضاف إليه غموض بعض المصطلحات واضطرابها، فمصطلح (لغة الأم) يرد مرة دالًا على اللغة التي يتلقاها الطفل في محيطه الصغير، ومرة يعرفه الباحث بأنه اللغة الرسمية المشتركة؛ ما يعني أن لغة الأم هي لغة الأمة نفسها.
- سيظل القارئ بحاجة إلى تحليل أعمق، ودراسة أوسع، للعامل الذاتي في ما يراه الباحث اتساعًا في الفجوة القائمة بين العربية الفصحى واللهجات؛ إذ لم يدرس الباحث هذا العامل دراسته للعامل الموضوعي الخارجي، وإنما يمرّ عليه مرور الكرام في كل مرة.
- ظلّ الباحث مناصرًا للعربية الفصحى، يدافع عنها في أبواب البحث وفصوله، ويسهب في بيان مزاياها وقدراتها وطاقاتها، داعيًا إلى إبقائها لغة رسمية تليق بهذا العصر، ليفاجئنا في آخر الكتاب بأنه مع اللغة العربية الفصيحة، أي ما يُعرف باللغة الوسطى في بعض الأوساط. والحقيقة لايوجد شيء اسمه (اللغة الوسطى) فاللغة هي اللغة، تتطور ذاتيًا وفق منطقها الخاص، وموضوعيًا وفق قوانين التطور المعروفة، شأنها في ذلك شأن اللغات جميعها في العالم، فلو قيّض لنا أن نقارن بين لغة الشعر الجاهلي مثلًا، ولغة كل من الشعر الأموي فالعباسي، لأدركنا ببساطة أن التطور اللغوي أصواتًا ومفردات وتراكيب ودلالات يجري جريانًا طبيعيًا، من دون أن يكون هناك دعاة للغة أموية وأخرى عباسية مثلما هو الحال مع دعاة (اللغة الوسطى) فاللغة في الشعر الجاهلي لم تكن سوى العربية الفصحى، وكذلك بقيت في الشعرين: الأموي والعباسي وفي شعر القرن العشرين.
- لم تحظ اللغات الوطنية الأخرى التي تواطن العربية (الأمازيغية، الكردية، السريانية، الأشورية، الأرمنية، التركمانية، الشركسية، الفونية، وغيرها) باهتمام الباحث كما حظيت لغة الأمة، على الرغم من أن شطرًا من عنوان الكتاب (لغة الأم) يشير إلى تلك اللغات في جزء منها؛ فلم يدرس الباحث درجة انتشار كل منها، ولا شيئًا من عوامل التنمية والإقلاع والتقدم.