اسم الكتاب: سوسيولوجية الهوية، جدليات الوعي والتفكك وإعادة البناء

اسم المؤلف: عبد الغني عماد

مراجعة: فادي كحلوس

الناشر: مركز دراسات الوحدة العربية

مكان النشر: بيروت – لبنان

تاريخ النشر: شباط/ فبراير 2017

 

 

المحتويات

الفصل الأول: الهوية والثقافة والوعي… التأصيل الأيديولوجي

الفصل الثاني: الهوية والثقافة والوعي… التفريغ الأيديولوجي

الفصل الثالث: الثقافة والديناميات البانية للهوية

الفصل الرابع: الدين والتدين والأقليات، مثلث القلق واليقين

الفصل الخامس: في تشكل الهوية الثقافية وتفككها… براديغمات المعرفة والفعل

الفصل السادس: استراتيجيات الهوية الثقافية وإشكالية التصنيف والانتماء

الفصل السابع: الهوية الثقافية على تخوم العولمة وانقلاب الصورة

الفصل الثامن: الإعلام التواصلي والمجتمع الشبكي، التكنولوجيا كثقافة وهوية

الفصل التاسع: في سوسيولوجيا التعصب والتطرف الهوياتي

الفصل العاشر: الاندماج الاجتماعي وصناعة الهويات الصلبة، إشكالية المقاربات في العلوم الاجتماعية وتنوعها

الفصل الحادي عشر: الهوية العربية وإشكالية التشكل والتفكك

 

 

 

يعبّر الكاتب في خلاصة كتابه عن خواء المكتبة العربية، من المباحث التي تتناول إشكالية الهوية، ويرى أن الكتب التي تتناول الإشكالية حاصرت ذاتها ضمن ثنائية الأصالة والمعاصرة، مع جرعة من التسييس والأدلجة، وقد أسهمت في إنتاج وتعميم وعي هوياتي مزيف ومؤدلج. وتحوّلت هذه المباحث إلى مجرد فائض تكميلي، هدفه التعبئة والتحريض وبيان التمايز والخصوصية والاختلاف، وليس التحليل والنقد وإعادة تشكيل وبناء الجسور والتواصل. ويتأسف الكاتب على الاكتشاف المتأخر للحاجة الماسة إلى مقاربات سوسيولوجية علمية عقلانية، لمشكلات مجتمعنا العربي وتحدياته الثقافية والحضارية.

يستكمل الكاتب في هذا الكتاب مشروعه البحثي، الذي بدأ بكتاب (سوسيولوجيا الثقافة: المفاهيم والإشكاليات، من الحداثة إلى العولمة) وأتبعه بكتاب (الهوية والمعرفة، المجتمع والدين)، منبهًا إلى أن المقاربة السوسيولوجية لإشكالية الهوية، هي محور الكتاب الذي بين أيدينا، وقد عالج فيه -نقدًا وتفكيكًا- أبرز الأدبيات العلمية والأكاديمية المعاصرة التي تناولها، في سبيل توظيف ذلك الإنتاج الضخم ومفاتيحه النظرية لتحليل إشكالية الهوية، وما تطرحه على مجتمعاتنا العربية من تحديات، نشهد آثارها حولنا، تشظيًا وتفككًا للمشتركات الجامعة، وتضخمًا غير مسبوق للانتماءات والولاءات الطائفية والمذهبية والاثنية.

يوضح الكاتب، في مقدمة الكتاب، كيفية “تَحقّق الهوية كسيرورة جدلية بالمعنى التكاملي للأضداد”، شارحًا هذه الكيفية على النحو التالي: عندما ينحصر مفهوم الهوية الثقافية في الإرث الثقافي؛ يؤدي ذلك إلى إمكان بناء صور للسمات والأنماط والتصرفات والوظائف الفردية والجماعية اللصيقة بحاملي الهوية، فهي تنتقل كإرث إلى حاملي الهوية، وتكون السيرورات الأولية لعملية إدماج الفرد في الثقافة وتكيفه الاجتماعي، ضامنة لكسب هوية موروثة، وهي بدورها تضمن الحفاظ على الثقافة ونقلها إلى الأجيال اللاحقة. وعلى ضوء ذلك؛ يسأل الكاتب: هل نحن أمام مسار محدد لتشكل الهوية؟ وإذا كنا كذلك؛ فهل نحن أمام مسار مشابه لتفككها؟ وهل تضع هذه المقاربة الهويات الثقافية في أنماط حتمية يسودها الانغلاق؟ ويجيب: الفعل الإنساني يخضع لديناميات ضبط وتنظيم، بشرط توفر مناخ تسوده الحرية وينتج عنه تجديد وإبداع، فلا يمكن اختزال حركة الثقافة والمجتمعات إلى “نمطية مماثلة” كونها ليست جامدة أو ميكانيكية، وبالتالي فالتيار النظري والمنهجي الذي يعتمد مقاربة ثقافية دينامية، ينظر إلى الفرد بوصفه فاعلًا اجتماعيًا، يؤثر ويتأثر ويفعل ويتفاعل، في بيئة اجتماعية وثقافية محددة، لتصبح التشكيلات الاجتماعية، كخيارات الولاء والانتماء، معطًى يشارك الأفراد في تكوينه. ومع هذا التصور الدينامي للثقافي، تدرك الهوية بحد ذاتها كديالكتيك/ جدل إنساني واجتماعي، وتكون الهوية في ضوء هذه المقاربة سيرورةً تكوّن نسقًا ذا معنى عند الفرد الذي يتفاعل مع آخرين، بالوقت نفسه الذي يتفاعل فيه مع النسق الرمزي بشقيه الموروث والسائد، حيث يتطورون معًا. ووفق تحقق الهوية كسيرورة جدلية، بالمعنى التكاملي للأضداد، فهي تجيز بذلك بروز الفروق الفردية، ومطابقة الفرد مع الجماعة التي ينتمي إليها، وفي ضوء هذه المقاربة فقط، يمكن فهم: كيف يصبح الفرد عاملًا في بناء ثقافته وفي بناء هويته الذاتية، وكيف يكوّن هؤلاء الأفراد أنظمة ثقافية جماعية تتخطاهم كأفراد.

الفصل الأول: الهوية والثقافة والوعي… التأصيل الأيديولوجي

قدمت الماركسية تفسيرات جديدة، ما تزال تثير كثيرًا من النقاش، حيث اعتبرت أن المادة موجودة بشكل مسبق عن وعي الإنسان “الأصل هو الطبيعة” فهي المصدر الوحيد لكل الأحاسيس والتصورات، وعليه؛ فالوعي الاجتماعي يتغير بتغير عناصر الوجود الاجتماعي، وبحسب ماركس، التاريخ هو التوجيه الواعي للطبيعة الأساسية في الإنسان المتمثلة بقدرته التقنية والمسؤولة عن إدراكه عمليات عيشه وحياته، فلا يختلف الناس فيما بينهم، بسبب اختلافات جوهرية في طبائعهم، ولكن بسبب أنماط عيشهم وطرق عملهم التي يتبعونها لإشباع حاجاتهم، وإن تنظيمهم الاجتماعي ووعيهم كله أمرٌ يتحدد في ضوء هذه الطرق والأساليب. وعلى ذلك؛ فإن الأفكار -بحسب الماركسية- هي نتيجة جدلية لعلاقات الإنتاج، حيث ثمة علاقة وثيقة بين الهيمنة المادية والأفكار السائدة، أي أن أفكار الطبقة المسيطرة هي الأفكار السائدة في كل عصر، أي: الطبقة التي هي القوة المادية السائدة في المجتمع هي في الوقت ذاته القوة الفكرية السائدة، وعليه؛ لا يمكن فصل البنى الفوقية، من سياسية وقانونية ودينية.. إلخ، عن البناء الأساسي التحتي، المتمثل بنمط الإنتاج. والوعي -بحسب ماركس وأنجلز- لا يمكن أن يكون شيئًا آخر أكثر من كونه وجودًا مدركًا، فالحياة لا تتحدد عن طريق الوعي، بل الوعي يتحدد عن طريق الحياة.

يقول الكاتب: يميز ماركس بين نمطين من الوعي الاجتماعي: الأول تلقائي يعتمد على الإنتاج المباشر وهو وعي قطيعي، والثاني هو وعي تأملي يعتمد على التفكير، وكلا الوعيين ممثلان للواقع المادي الذي تشكل فيه. ويضيف: إن الوعي المتأمل هو الأيديولوجية، وإن للعامل الاقتصادي تأثيرًا مؤكدًا في مظاهر الأيديولوجيا. فالمفهوم الماركسي للهوية والوعي وللأيديولوجيا كان له تأثير عميق في الفكر الحديث، وقد تناول غرامشي مفهوم الهيمنة الثقافية ومفهوم المثقف العضوي، والتمييز بين المجتمع السياسي والمجتمع المدني، ورأى أن المجتمع يتبنى أفكار الثقافة المسيطرة بالضرورة، فتصبح الهيمنة أيضًا ثقافية وفكرية. كما أعاد جورج لوكاش الاعتبار للذات، فالتاريخ عنده ينتج من التفاعل بين الذات والموضوع، في حين قدّمت مدرسة فرانكفورت ما يتعلق بإشكالية الهوية والوعي والأيديولوجيا ما مضمونه أن الهيمنة لم تعد مرتبطة بأنماط الإنتاج المادية، وإنما بالتشكل الحيوي للوعي الإنساني، حيث تلعب التكنولوجية الإعلامية الحديثة دورًا مهمًا في صناعة الأفكار والثقافة، وتلعب السلطة، ومَن يملكها، دورَ التحكم في ما يكتسبه الفرد من فكر وثقافة.

يورد الكاتب العديد من آراء هربرت ماركيوز في الهوية، ونقتبس: “يمارس المجتمع ذو البعد الواحد تزييف الهوية ووعي أفراده، فالمجتمع الصناعي زيّف حاجات الإنسان المادية والفكرية، حيث يمثل الفكر عدوًا لدودًا لمجتمع السيطرة، لأنه يمثل قدرة العقل النقدية”. ويعدد ويشرح أدوات ووسائل التزييف المستخدمة من قبل السلطة بحق المجتمع.

 

الفصل الثاني: الهوية والثقافة والوعي… التفريغ الأيديولوجي

يتناول الكاتب مفهوم الوعي كمدخل للإدراك، عند دوركهايم، فيقول: يشير مفهوم الضمير الجمعي عنده إلى المجموع الكلي للمعتقدات والعواطف بين أعضاء المجتمع، التي تشكل نسقًا له طابع مميز، يكسب هذا الضمير العام واقعًا ملموسًا، فهو يتكون من المثاليات الاجتماعية التي تكوّنها نظمٌ دينية وأخلاقية واقتصادية. يقابل هذا المفهوم مفهوم (أنوميا) عند دوركهايم، ويعني اللامعيارية، وينتج عن فقدان القيم والمعايير الاجتماعية التي تفضي إلى التفكك الاجتماعي. وهنا يدخل الفرد والمجتمع في أزمة هوية. ويرى دوركهايم أن في داخل كل فرد مكونات ومعطيات جمعية، تتمثل بالضمير الجمعي، تتشكل من أنساق قيم وأفكار وعادات ورموز تعبّر عن شخصية الفرد، وتعبّر عن الجماعة التي ينتمي إليها. وهذا الضمير الجمعي هو النواة البانية للهوية الجمعية، وهي ذاتها نماذج التفكير والعمل، ويرى دوركهايم أن الجماعة تفكر وتسلك وتشعر بشكل مختلف تمامًا عن أفرادها، إذا كانوا منفردين، فالتجمع يؤدي إلى إنتاج وعي جمعي وهوية اجتماعية.

ينتقل الكاتب إلى تناول أطروحة كارل منهايم، في مقاربة (جدلية الأيديولوجيا والطوبى والأفكار كمنظومات)، فيقول: لا يجوز -بحسب منهايم- تحليل الوعي المجتمعي، من خلال مواقع طبقية واحدة، لأنه سيكوّن قراءة أيديولوجية، فنحن نخطئ إذا استنتجنا أن الأفكار التي تحرك الفرد موجودة في الفرد وحده، فالتفكير يقوم به الناس في جماعات معينة، وضمن سياقات كانت قد طورتها لنفسها كأسلوب خاص في التفكير، وهو ما يمكن اعتباره تشكلًا لـ “هوية ثقافية”. يرى مانهايم أن الناس يعيشون في جماعات لا يوجدون فيها كأفراد منفصلين، بل يتصرفون مع أو ضد بعضهم، ضمن جماعات متنوعة التنظيم.

حول “الجماعة والمجتمع وسيرورات الوعي والهوية”، يقول الكاتب: إن مفهومي الجماعة والمجتمع يعتمدان نموذجين من الإرادة، الجماعة تتضمن الإرادة الطبيعية، والمجتمع يتضمن الإرادة العقلية، مشيرًا إلى أن تمايزات العلاقات موجودة في كل منهما، ويورد مثالًا على ذلك: في الجماعة، هناك علاقات أولية مسيطرة (الولاء والنسب والقرابة والدين) وعلى ضوئها يتحدد الوعي بالهوية، أما في الإرادة الفعلية “المجتمع” فتتميز علاقاته بالتعاقدية والنفعية والضبط، ويتحدد فيها الوعي بالهوية على أساس المصالح والتعاقدات والاتحادات الحرة.

حول التشكل والتفكك، يقول الكاتب: بحسب نوربرت إلياس، ليس هناك هوية لـ “الأنا” دون هوية لـ “النحن”. أي لا يمكن الفصل بين الفرد والمجتمع، والعلاقة بينهما علاقة تأثر وتأثير، ويطرح عبارة “هوية نحن – أنا”، ويرصد كيف تغيرت “أولوية هوية الأنا على النحن” متبنيًا مقاربة سوسيولوجية توفيقية، تجمع بين التصور الكلي عند دوركهايم، والقصور الفردي عند ماكس فيبر، فتميزت مقاربته في أنها انبنائية، أي: إن الواقع الاجتماعي يبنى من قبل الأفراد الفاعلين المجتمعيين، ويخلص “إلياس” إلى أن سلطة الدولة هي المحرك الحقيقي للحضارة، ويرى أن القرن التاسع عشر كان محوريًا في بروز شكل هوياتي جديد ومسيطر، يتمثل بالنزعة الهوياتية القومية، وقد أدت هذه النزعة -برأيه- إلى حربين عالميتين.

عن “الوعي والمعنى في الحياة اليومية الظاهراتية”، يقول الكاتب: مسلمات الظاهراتية هي أن العالم الذي نعيش فيه مصنوع في وعينا، ولا نكران لوجود العالم الخارجي، بل إن العالم الخارجي لا معنى له إلا من خلال وعينا به. وتصب الظاهراتية بفهم كيف يصنع البشر من عالمهم عالمًا ذا معنى.

يخلص الكاتب، في هذا الفصل إلى: وجود علاقة وثيقة وحاضرة بقوة لدراسة إشكالية الهوية والثقافة من جهة، وبين الوعي الاجتماعي والأيديولوجيا من جهة ثانية. وتكمن الفكرة الأساسية في دراسات الثقافة والهوية والوعي في تحليل السيرورات التاريخية التي تؤدي إلى تدمير دائم للأشكال الاجتماعية القديمة، لتحل محلها أشكال جديدة.

 

الفصل الثالث: الثقافة والديناميات البانية للهوية

يبتدأ الكاتب فصله هذا بعبارة: إن قدرة الإنسان على إنتاج الثقافة هي أهم خاصية تميزه عن باقي المخلوقات. ويضيف: بما أن الإنسان كائن اجتماعي، فإن سلوكه يصدر في أشكال وأنماط منتظمة فيها شيء من الاطراد والتواتر، وقد استخدم الباحثون خلال دراساتهم لهذا الاطراد والتواتر ثلاثة مفاهيم: المجتمع والثقافة والشخصية. فالثقافة لا توجد إلا بوجود مجتمع، وعناصر المجتمع الأولى هي الأفراد، والمجتمع لا يبقى إلا بالثقافة، وفيه تتكون شخصية الإنسان. لينتقل الكاتب إلى مراحل تطور مفهوم الثقافة وتحولاته، ثم يسلط الضوء على الخصائص الأساسية للثقافة، التي يتفق عليها علماء الأنثروبولوجيا والاجتماع: اللغة، الخصوصية التاريخية، استجابة للحاجات الإنسانية، الشخصية الأساسية كمدخل لفهم الثقافة. حيث يتناول الكاتب الاتجاهات التي تأثرت بكل خاصية من خصائص الثقافة الأساسية.

 

الفصل الرابع: الدين والتدين والأقليات، مثلث القلق واليقين

ينطلق الكاتب هنا بجملة من التساؤلات التي تطرحها إشكالية العلاقة بين الدين والثقافة والهوية: هل تقوم على التنابذ والصدام، بحيث حين تحضر الثقافة يتوارى الدين والعكس؟ أم أن الدين حاضر في قلب الثقافة؟ هل الدين هو كل الثقافة؟ وهل الثقافة في جوهرها دين؟ هل الأسبقية للديني أم الثقافي؟ وهل الدين هو الأصل والثقافة هي الفرع؟ أم في البدء كانت الثقافة؟

في معرض إجاباته؛ يتناول الكاتب أبعاد التجانس والتوتر والاحتواء بين الثقافة والدين والتدين، منبهًا إلى أن أشكال التدين تتأسس على أنظمة مكونة من أربعة عناصر: الاعتقاد، الشريعة، الطقوس، الجماعة، والمؤسسة. لينتقل الكاتب إلى تناول السوسيولوجيا والدين، من حيث المعاني والرموز، مستعرضًا آراء واتجاهات فلاسفة وعلماء اجتماع كـ هيغل، وماركس، وجورج سيمل، ودوركهايم، متناولًا للبُعدية لكل من الرموز والمعاني بين الدين والسوسيولوجيا، فالسوسيولوجيا تتعامل مع الدين، باعتباره عالمًا من الرموز والمعاني، ينتج روابط اجتماعية وثقافية، تُستعمل بطرق مختلفة، وفي تنظيمات مؤسساتية واجتماعية متعددة تتمتع بجاذبية شعبية ظاهرة فعاليتها، وتعيد إنتاجها عبر فاعلين يمدون حقل العلاقات المتصلة به، بفاعلية قد تتجاوز المكان والزمان، لكنها تبقى على ارتباط بالواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والتاريخي، من حيث الممارسة، بوصفها فعل تدّين للجماعة، يتطور بتطور الواقع وهو متصل بدور المؤسسات والبنى الاجتماعية عضويًا وتفاعليًا. وهو يقوم بوظائف محددة ويلبي حاجات ظاهرة وخفية.

ينتقل الكاتب بعد ذلك إلى تناول الإيمان الديني وعلاقته بإنتاج الروابط الاجتماعية، ويتناول ما بينهما من أثر الأساطير والطقوس، ثم يتناول طبيعة العلاقة بين الدين والتدين والتعصب: أهي تلازم أم تواؤم؟ مشيرًا إلى أن الخلط بين الدين والتديّن وما يؤديه من تنميط الدين في نموذج سلوكي لبعض المتدينين وتعميم هذا النموذج باعتباره يمثل الأصل. ويرى الكاتب أن التديّن قد يتبلور في الجانب المعرفي أو العاطفي أو السلوكي من شخصية الإنسان بشكل متفاوت، وينتج عنه أنماط من الخبرات الدينية، يمكن ملاحظتها على أكثر من صعيد في:

التدين الجوهري: الدين غاية بحد ذاته

التدين الغرضي: التوجه نحو الدين، بوصفه وسيلة لتحقيق أشياء أخرى كمنفعة سياسية أو اقتصادية

التدين العاطفي: خال من المعرفة ويؤدي إلى التعصب والتطرف. والدين التفاعلي ويقبع ضمن هذا النمط. كما يوجد نمط التدين المرضي، وفيه يشعر البعض أنهم يمتلكون رسالة هداية للبشر. وينبّه الكاتب إلى أن هذه الأنماط موجودة في معظم الأديان. ويجيب الكاتب بعد ذلك على أسئلة تنتمي إلى حقل الأقليات والدين وإنتاج المخيال الهوياتي، ومن تلك الأمثلة: هل يتجلى التعصب باتجاه الأقليات من قبل الأكثرية كمسار نمطي؟ وهل يمكن أن يبدأ التعصب من الأقليات، وما هي الآليات التي يتخذها؟

 

الفصل الخامس: في تشكل الهوية الثقافية وتفككها… براديغمات المعرفة والفعل

يفيد مصطلح براديغم معنى النموذج أو المثال، كأن نقول أنموذج/ نمط فكري أو معياري.

يقول الكاتب: كل شخصية لها أصولها بالذات كنتاج اجتماعي، فهي ليست مجرد انعكاس للوسط المحيط بها، أي أن الوعي الاجتماعي السائد يتجسد في الفعل الاجتماعي، لأنه ينضوي تحت “بنية معرفية معيارية” زودته بها الثقافة ومنظومة القيم والقواعد السلوكية الجماعية. وهذه البنية المعرفية المعيارية” بمثابة دليل ومرشد لوجهة العقل ومساراته، وتصبح بمنزلة “العناصر البانية للهوية” الاجتماعية والثقافية، والتي تميز الثقافة الجمعية المشتركة والسائدة في جماعة معينة.

وحول “التمثّلات الاجتماعية بوصفها أطرًا ومحددات للعقل والهوية”، يقول الكاتب: التمثّل هو نتاج خفي لنشاط الإرادة. ويرى دوركهايم أن التمثّلات الاجتماعية: هي مجموعة من التراكمات القيمية والمعيارية المنتجة من قبل المجتمع، والخارجة عن الشعور الذاتي للأفراد الاجتماعيين، كما أنها غير قابلة للخضوع لذواتهم الفردانية، بحكم طابعها الجمعي الذي ينصهر فيه الأفراد إكراهًا وبصيغة قهرية. ويؤخذ -بحسب الكاتب- على دوركهايم أنه لم يأخذ بعين الاعتبار ردود أفعال الأفراد، ومواقفهم الإيجابية أو السلبية من التأثيرات الناشئة داخل الأوساط الاجتماعية التي ينتمون إليها. فالفرد بصفته فاعلًا اجتماعيًا ليس مجرد متلق آلي. يضيف الكاتب: التمثّل كتصور وكآراء وأفكار في الحصيلة دور إدراكي مؤسسًا لممارسات عملية، وهي حاضرة وبقوة عند الدفاع عن الهوية ضد خطر يتمثل بـ “الآخر”.

في تناول الكاتب لسيرورات الاندماج والإقصاء، يشير إلى أن لمفهوم الاندماج الاجتماعي دورًا محوريًا في تحليل سياقات التفكك والبناء الهوياتي، وهو مفهوم يختلف تحديده من طبيعة مجتمع لآخر: ففي المجتمع التقليدي تُذاب “الأنا” لصالح سلطة “النحن” وبالتالي يختلف وعي الانتماء، بحسب طبيعة المجتمع، ويصبح التضامن في المجتمع التقليدي “ميكانيكيًا” أما في المجتمعات الحديثة فيكون تضامنًا عضويًا.

وفي معرض تناول الكتاب للنماذج الثقافية والأيديولوجية، من حيث التواصل والقطيعة، يورد ما يلي:

إن حركة الأفكار والهويات في تحولها إلى أيديولوجيا، تصبح منظومة فكرية لها تنظيمها الذاتي ودفاعها الذاتي، والذي يتسم بصفة توليدية تجعله قادرًا على إعادة إنتاجها وحمايتها، وهذا ما عبّر عنه إدغار موران، بقوله: كل منظومة فكرية هي مغلقة ومفتوحة في آن، فهي مغلقة تحمي نفسها، مفتوحة: تغذي التأكيدات لصالحها. وهي على نوعين: منظومات يتصدر فيها الانفتاح كالنظريات، والآخر يتصدر فيه الانغلاق كالمذاهب. فالمنظومة الفكرية بصيغتها الهوياتية الثقافية العامة، يتصدر فيها الانفتاح، وهي عكس الأيديولوجيا. كما يتناول الكاتب في نهاية هذا الفصل، جزئيات كـ: الثقافة كسياسة والثقافة كسلعة والثقافة كهوية، فيقول: عندما تبلغ الهيمنة الثقافية درجة متقدمة، يصبح معيار التقييم والمفاضلة بين الثقافات محصورًا في تقليد “النموذج” المتفوق، وتعيش الثقافة المغلوبة أزمة هوية، تحتاج الثقافة -بما هي هوية ناقصة في جوهرها- إلى أن تستكمل ذاتها بالدولة، لتصبح هي ذاتها حقيقية، فقد أرست الثقافة بصفتها سياسة قاعدة “الدولة – الأمة”.

 

الفصل السادس: استراتيجيات الهوية الثقافية وإشكالية التصنيف والانتماء

يشير استخدام مفهوم استراتيجية الهوية إلى البعد المتغير لها، الذي لا يُعد أبدًا حلًا نهائيًا.

يتحدث هذا الفصل حول الفطري والمكتسب في السلوكات البشرية، وعلاقة الهوية بالفعل (التفاعل) بين الفرد والمجتمع، باعتبار أن التفاعل عامل مولّد ومنظم لممارسات الفرد، أي هو استيعاب الخارجي في الذات. كما يتم تناول مستويات هذا التفاعل الثلاثة: الفرد، الجماعة المحلية المحيطة، الحقل الاجتماعي. كما يتم التطرق إلى ديناميات الهوية، ويخص الكاتب من تلك الديناميات؛ المقارنة والتميز، والممكن إيجازها بالقول: “ليس هناك هوية في حد ذاتها ومن أجل ذاتها، الهوية والغيرية شريكان تربط بينهما علاقة جدلية، ويوازي التماثل الاختلاف، الهوية دائمًا عبارة عن حل وسط أو عملية تفاوض بين “هوية ذاتية” تتحدد بذاتها و”هوية متعددة أو خارجية” يحددها الآخرون.

كما يتساءل الكاتب حول أهمية الفروق المجتمعية في فهم التفاوتات المستندة إلى العلاقات “البين-جماعية” وتحت أي ظرف تترجم العضوية في جماعة إلى تميز أو توافق أو صراع؟ ومتى وكيف تسعى جماعة مستتبعة إلى “تمايز” في العلاقة مع الجماعة المسيطرة؟

بحسب مفهوم استراتيجية الهوية، تبدو الهوية وسيلة لبلوغ هدف معين، وهي تتكون من خلال استراتيجيات الفاعلين الاجتماعيين. كما يتناول الكاتب موضوع “صعود الهويات وتبلورها” شارحًا ضمن هذا النطاق نموذج “phinney” قائلًا: مراحل دراسة تطور الهوية الإثنية، نصت على أن استكشاف بلورة الهوية بشكل عام يشكل أهم عوامل التطور النفسي في جيل المراهقة، المرحلة الأولى وهي مرحلة الهوية الإثنية غير المفحوصة؛ يتقبل المراهقون من أبناء الأقليات الاثنية قيمَ ثقافة الأغلبية ومواقفها. وفي المرحلة الثانية؛ وهي مرحلة البحث والاستكشاف للهوية الاثنية، وهي بمثابة حدث ذي أهمية يصادفه المراهق ويضع انتماءه الاثني على المحك. في المرحلة الثالثة، وهي مرحلة إنجاز واستكمال بلورة الهوية الاثنية، يصل المراهق إلى درجة عميقة من الوعي والثقة تشكل فيه -بكونه عضوًا في مجموعة اثنية معينة- جزءًا أساسيًا من تصنيفه الذاتي.

أما “بارت”، فيعتبر أن الأهم في عملية اكتساب الهوية، هو تلك الإرادة التي تميز أو تفصل بين “هم” و”نحن”. ليتناول الكاتب أخيرًا “الهوية والدولة – الأمة” كاستراتيجيات إنتاج المعنى، متطرقًا إلى الجماعات المتخيَّلة بوصفها حقيقة متعينة.

 

الفصل السابع: الهوية الثقافية على تخوم العولمة وانقلاب الصورة

المركزي في هذا الفصل هو التحديات الجغرافية والثقافية التي تطرحها العولمة، ليسأل الكاتب: في أي اتجاه تتدفق المعرفة والثقافة؟ هل تتحرك من العالمي إلى المحلي، أم العكس؟ وهو ما يرتبط عند الكاتب بإشكالية الهوية الثقافية، بحيث تنتقل أو تنتشر الثقافات في فضاء حقيقي أو إلكتروني وتتفاعل مع ثقافات أخرى، وما سيحدث من تفاعل ثقافي سيأخذ ثلاثة أشكال: الاستيعاب أو التثاقف أو القطيعة. مناقشًا أبعاد كل هذه الأشكال، وآخذًا بعين المركزية الرابط القوي بين الإرث الثقافي المتراكم بأشكال الهوية ومحتوياتها. فالثقافة مالكة لنصاب الإرث الثقافي، وبخاصية انتقاله من خلال السيرورات الأولية لعمليات التنشئة الاجتماعية وإدماج الفرد وتكيفه، لتبدو الهوية ضمن هذا المنظور معطًى مستقلًا وجوهرًا قابل للتطور.

كما يستكمل الكاتب في هذا الفصل سردية التطور الدينامي للهوية، وموضوع الهوية كنتاج اجتماعي لعلاقات القوة، وإشكالية الهوية والتعددية الثقافية، فيقول: إذا كانت الدولة واحدة والواقع المجتمعي متنوعًا ثقافيًا، فهل من الواجب جعل هذا الواقع انعكاسًا لوحدة الدولة أم جعل الدولة انعكاسًا للتنوع الثقافي؟ ليصل الكاتب على نتيجة مفادها: الدولة أحادية الطائفة وأحادية الثقافة واللغة والدين، غير ممكنة اليوم لاعتبارات عملية، وهذا ما يحتم تأصيل مفهوم المواطنة على أساس الفردانية.

الفصل الثامن: الإعلام التواصلي والمجتمع الشبكي، التكنولوجيا كثقافة وهوية

وفيه يقدم الكاتب تعريفات لمصطلح العولمة، ويتناول تأثير العولمة في السياسة والثقافة، عبر ما تناوله ستيوارت هال، من أثر العولمة في الهويات الثقافية:

1- تآكل الهويات القومية نتيجة لنمو المجانسة الثقافية والحداثة

2- تقوية الهويات القومية وغيرها من الهويات المحلية نتيجة مقاومة العولمة

3- ذبول الهويات القومية واستبدالها بهويات جديدة هجينة

لينتقل الكاتب إلى تناول فكرة الاتصال كظاهرة طبيعية ثقافية وإبداعية. وهو فعل ثقافي واجتماعي وسياسي وليس تقنيًا وحسب.

 

الفصل التاسع: في سوسيولوجيا التعصب والتطرف الهوياتي

الفرضية الأساسية التي يناقشها هذا الفصل: اعتبار جماعات العنف والتشدد والتطرف الديني والمذهبي بكل تياراتها، تتغذى من السوسيولوجيا قبل الأيديولوجيا، وهي إن وظّفت الموروث الديني كرأسمال رمزي، إلا أن هذا الموروث لن يكتسب طاقة حركية وحيوية، ولن يتحول إلى أيديولوجيا إلا في إطار اجتماعي-سياسي مُعاش. فالمغذيات الحقيقية للعنف والتطرف موجودة في الواقع الذي يعيش فيه الإنسان، وهو واقع يؤول فيه القهر والاستبداد والتهميش السياسي والاجتماعي كمدخلات سياسية واجتماعية محورية، إلى التشدد والتطرف والعنف، والعكس صحيح.

ويتناول الكاتب ضمن هذا الإطار موضوعات مثل: “الإسلام السياسي” و “متى يصبح العنف السياسي شرعيًا” و “صناعة العدو والاستثمار في الكراهية” و “تأثير العقلية الدوغمائية في التطرف”، وحول الموضوع الأخير يبيّن الكاتب أن التعصب الدوغمائي حالة خاصة من التصلب الفكري أو الجمود العقائدي، لذلك فإن الأدلجة التي يتضمنها يمكن أن تُشحن بعناصر أخرى من الموروث الثقافي والديني والتاريخي، لكن الأساس في بناء هرم التعصب الدوغمائي يرتكز على عدة عمليات ذهنية ونفسية مترابطة، تتم ممارستها بشكل منتظم ومتدرج، ومنها: التمركز على مرجعية أحادية مغلقة – وهم امتلاك الحقيقة – الانتقائية والتأويل – غلبة التبرير على التفسير – ثقافة التسلط ونفي الآخر – الحكم المسبق – التعميم – الإسقاط – التنميط.

يعتبر الكاتب أن أغلب التعريفات التي تناولت التعصب الدوغمائي تركزت على عاملين:

الأول: اعتبره الكاتب تضخيمًا لـ “الأنا” في أقصى تجلياتها على المستوى الفردي، أو الـ “نحن” الهوياتية الخاصة.

الثاني: اعتبره الكاتب سلوكًا يتجلى في صورته التطبيقية “تطرفًا” في العلاقات بين الجماعات، يمهد لخلق ذهنية أكثر ميلًا إلى التفكير والتصرف بطريقة غير موضوعية نحو الآخر، ويهدف إلى إقصائهم ونبذهم.

 

 الفصل العاشر: الاندماج الاجتماعي وصناعة الهويات الصلبة، إشكالية المقاربات في العلوم الاجتماعية وتنوعها

يتناول الكاتب المقاربات الخمس البارزة اليوم، في حقول العلوم الاجتماعية، لدراسة ظاهرة التطرف الهوياتي، وهي المقاربات التي يجري التفاعل معها لكسب الحرب ضد الأيديولوجيات المتطرفة، كونها تمثل مداخل تفسيرية ومنهجية لفهم أعمق لتلك الظاهرة:

1- المدخل التربوي/ الثقافي-التفاعلي: فالتعليم هو إحدى أهم الطرائق في سيادة وانتشار التسامح في المجتمعات المتنوعة.

2- المدخل التنموي والاقتصادي: الحرمان والفقر وفشل التنمية من أبرز العناصر المساعدة على نمو التطرف.

3- المدخل السوسيوبوليتيكي: غياب الديمقراطية ورسوخ الظلم والشعور بالقمع والعنف المنهجيين.

4- المدخل السوسيوسيكولوجي: الإحباط يؤدي إلى العدوان، وعدّ التعصب اتجاهًا يكتسبه الأفراد من خلال التنشئة الاجتماعية بمؤسساتها المختلفة، ويتناول الكاتب هنا نماذج الأطر النظرية لتفسير ظاهرة التعصب كظاهرة اجتماعية ونفسية، ومن أبرز هذه النظريات: نظريات الصراع بين الجماعات، نظريات التعلم الاجتماعي، النظرية المعرفية.

5- المدخل الإنثروبولوجي: تتبع آليات تعلم الدين وتعليمه ومضمون الكتاب المدرسي لمواد الدين.

يختتم الكاتب هذا الفصل بقوله: مغذيات العنف والتطرف موجودة في الواقع، القهر والاستبداد هي مدخلات سياسية واجتماعية للقابلية للتطرف والعنف، وعكسها الدمج والاعتدال. وبحسب شدة المدخلات تكون المخرجات.

 

الفصل الحادي عشر: الهوية العربية وإشكالية التشكل والتفكك

تتلخص إشكالية هذا الفصل بقول الكاتب: الهوية حركية مستمرة في التاريخ، تكتسب المعنى والمضمون، كتجربة إنسانية خاضعة لصيرورة العيش والصراع وتحديات الواقع، إنها معطيات وعوامل تمنح الإنسان، بصفته الفردية، والمجتمع كإطار تفاعلي للجماعة، الشعور بالوجود والانتماء والمصير المشترك، حين يضعف هذا الشعور ويسير في طريق الاضمحلال والضمور، وتواجه الجماعة مصير التفكك. إن شيئًا من هذا أصاب الهوية العربية في الصميم، الأمر الذي يطرح عدة تساؤلات عن الأسباب التي أدت إلى ذلك، وهل هي أسباب عرضية أم جوهرية؟ هل هي أسباب تتعلق بالبنية الثقافية والاجتماعية العربية بحد ذاتها، أم داخلتها واختلطت معها أسباب وعوامل خارجية، دفعت بالوعي العربي نحو منحدر هوياتي طائفي ومذهبي وإثني وقبلي، يعود إلى إحياء كيانات ما قبل الدولة الوطنية؟

يتتبع الكاتب هذه الإشكالية ويرصدها ابتداءً من الفكر الإصلاحي الإسلامي الذي أطلق بذور الفكر التنويري، وأسس لمشروع إسلامي نهضوي، وطرح “الجامعة الإسلامية” كصيغة للهوية، أمثال محمد عبده والأفغاني والسيد رشيد رضا، مرورًا بتعزز مفهوم “الجامعة العربية” المترافق مع انتشار الفكر القومي في أوروبا وانبعاث الروح القومية عند العرب، ليخوض الكاتب بعدها في جزئية الهوية المتنازع على مرجعيتها (عربية أم إسلامية) ثم يتطرق إلى الهوية القومية بين أوهام الأيديولوجيا ووقائع السوسيولوجيا، وكيف تسبب الطابع العسكري لأنظمة الحكم العربية في أزمة الهوية وفشل الدولة القطرية في إدماج مكوناتها الأولية القبلية والطائفية والمذهبية، بل عززتها وعمدت إلى توظيفها كأدوات في صراعها للاستحواذ على السلطة، ليخلص الكاتب إلى القول: الدولة العربية فشلت تمامًا في بناء نماذجها القومية أو الوطنية، بل فشلت أيضًا في بناء الدولة ذاتها، كمؤسسات وإطار للمواطنة.