المحتويات
ملخص
مقدمة؛ التنمية البشرية
مؤشرات التنمية البشرية في سورية
أولًا: اكتساب المعرفة والمهارات المكتسبة وإكسابها (مستوى التعليم)
ثانيًا: العيش حياة مديدة وصحية (أمد الحياة عند الولادة/ العمر المتوقع)
ثالثًا: تحقيق مستوى لائق من المعيشة (الدخل القومي الإجمالي للفرد)
رابعًا: التمتع بحقوق الإنسان إلى الحد الأقصى الممكن
- الاعتقالات التعسفية والإخفاء القسري والتعذيب والوفيات في الحجز
- استهداف المدنيين والهجمات العشوائية واستعمال الأسلحة الكيمياوية
- القيود غير القانونية على المساعدات الإنسانية
ملخص
لا يمكن الجزم بأن سورية لم تحقق معدلات نمو ومؤشرات تنمية “خلال سنوات ما قبل الثورة” في حدها الأدنى على أقل تقدير، لكن الاعتماد على قراءة واقع التنمية واتجاهها استنادًا إلى الأرقام التعميمية، وفي ظل غياب أي ممارسة ديمقراطية وغياب مطلق للحرية الفردية وحقوق الإنسان؛ جعل تلك المؤشرات محض “خطاب تنموي” وُظِّف داخليًّا وخارجيًّا لمصلحة السلطة السياسية وأهوائها، إضافة إلى عدم التفكير بعملية “تنمية سياسية” إلا في إطار المساحة الضيقة للحزب الحاكم ومن يدور في فلكه.
كشفت الثورة السورية خلّبية الأرقام والمؤشرات وزيفها، فبعد عمليات ممنهجة في إفشال عمليات التنمية في مدى عقود، لا سيما في شمال سورية وشرقها وشمالها الشرقي، جرت التضحية بـ (منجزات) التنمية لحساب بقاء السلطة وعدم التنازل عن أي مكاسب سياسية واقتصادية لها. وهو ما نلمسه من انهيار قطاعات الدولة ومؤسساتها من دون اكتراث من السلطة السياسية والأمنية القمعية القائمة حتى الآن في البلاد.
ومهما قيل عن مسببات قيام الثورة السورية عام 2011، فإن قراءة متأنية لمؤشرات التنمية وتغييب المتغيرات في عملية التنمية الشاملة والمستدامة من شأنه أن يرشدنا إلى واحد من أهم مسببات الحنق الشعبي والمطالبة بالحرية والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص والعيش بكرامة في بلد كان قد شهد في خمسينيات القرن العشرين بوادر نهضة اقتصادية واجتماعية وسياسية، لو استمرت، لقُدِّر لها أن تكون نموذجًا يُحتذى في المنطقة، وهو أيضًا ما يفسّر لنا تلك العلاقة المشوهة بين المتغير السياسي والتنموي، لا سيما مع تجيير منجزات شكلية في عمليات التنمية لمصلحة تكريس السلطة السياسية، وهو ما حدث منذ أواخر ستينيات القرن العشرين في سورية حتى الآن.
مقدمة؛ التنمية البشرية
تعرّف (الأمم المتحدة) التنمية البشرية بأنها عملية تتضمن توسيع خيارات الناس. ويُحَقق ذلك بتوسيع القدرات البشرية في المستويات كافة. والقدرات الرئيسة الثلاث للتنمية البشرية هي أن يحيا الناس حياة مديدة وصحية، وأن يحظوا بالمعرفة وأن يتمتعوا بمستوى لائق من المعيشة.
بهذا تكون التنمية البشرية هي العملية المسؤولة عن توسيع الخبرات والقدرات بهدف الوصول إلى إنتاجية ودخل عالٍ للفرد، مع نوعية حياة أفضل في المستوى الصحي والتعليم والعمر المتوقع للحياة وغيرها من المؤشرات الأخرى التي تقيس نجاح مخرجات التنمية البشرية أو فشلها في مجتمع من المجتمعات، بوصفها جزءًا من منظومة التنمية الشاملة.
تترافق التنمية البشرية وتتكامل مع التنمية المادية بالضرورة، فحاجات الأفراد المختلفة تُلبى من خلال الخدمات المتوافرة والمتاحة أمامهم. وتتداخل متغيرات (مؤشرات) التنمية البشرية ومراحلها في ما بينها بحيث تؤسس للسلوك المجتمعي و”التنموي” للفرد مع مراحل حياته.
وعلى الرغم من ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي في كثير من البلدان التي عانت طويلًا شح في الموارد وتراجعًا في النمو، إلا أن ذاك النموّ لم يكن له أثر واضح في “مستوى الحياة” لدى الأفراد في هذه البلدان، ومنها بلداننا بطبيعة الحال. بل شهد عدد من هذه المجتمعات تزايدًا في مشكلات الصحة والتعليم ونقص الموارد المالية.
من هنا، استقرت فلسفة التنمية البشرية على مؤشرات تتعلق بالفرد بوصفه محورًا للعملية التنموية، بحيث يصبح الوضع الاجتماعي للناس هو المعيار الأدق لتقويم تحقيق مستوى معين من التنمية في مجتمع معين، من دون الركون إلى مؤشرات النموّ الاقتصادي فحسب. فإصابة مستوى متقدم من معدلات النمو الاقتصادي من دون انعكاس ذلك على الجميع وفق مفهوم العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة لا يعني شيئًا ذا بال.
وهو ما يعني أيضًا الحديث عن “الكيفية” التي تُوزع بها ثمرات النمو الاقتصادي على المجموعات المكونة للمجتمع بما يكفل تحقيق تنمية بشرية حقيقية.
دفع هذا الأمر الخبراء المعنيين إلى وضع مقياس أو “مؤشر” من شأنه قياس مستوى التنمية البشرية في مجتمع من المجتمعات. هذا المؤشر اتسم ببعده المركب بحيث يجري البحث عن تحقيق عملية التنمية لمخرجات متعددة في المجتمع، تمثلت بما يأتي:
الدخل القومي الإجمالي للفرد: وهو مجموع قيمة السلع والخدمات التي أُنتِجت محليًّا (الناتج المحلي الإجمالي)، إضافة إلى صافي المدخولات الآتية من الخارج (الأجور، معاشات التقاعد، عائدات الأسهم والسندات وغيرها) خلال سنة واحدة مقسوما على مجموع عدد السكان.
ويعد هذا المعطى مؤشرًا عامًّا وتقريبيًّا في مستوى المعيشة داخل البلد، وإن كان لا يأخذ بالحسبان حجم التفاوت الذي يطبع توزيع هذا الدخل على الأفراد، إذ إنه من الممكن أن تستأثر فئة قليلة بالجزء الأكبر من هذا الدخل، وتبقى فئات عريضة من المجتمع تجد صعوبة في تحصيل دخل يلبي حاجاتها ويوفر لها أدنى شروط الكرامة.
أمد الحياة عند الولادة: (العمر المتوقع) أي معدل السنوات المتوقع أن يعيشها الفرد إذا استمرت اتجاهات الوفاة القائمة على حالها. وتعطي هذه المعلومة فكرة عن مدى توفر سكان كل بلد على الخدمات الصحية، وعن وضعهم الصحي عمومًا.
مستوى التعلم: يقاس هذا المعطى بالمزج بين متوسط عدد سنوات التمدرس التي استفاد منها الأشخاص الذين بلغوا 25 سنة فما فوق من جهة، ومتوسط عدد سنوات التمدرس المتوقع أن يحصل عليها طفل في سن الدخول إلى المدرسة من جهة أخرى.
ويشير هذا المُخرَج إلى مؤشر حصول السكان على المعرفة، مما يوفر خياراتهم في الحياة.
عموما، وبناء على أدبيات التنمية المختلفة، يمكن الحديث عن أربعة أهداف تنطوي عليها عملية التنمية البشرية، وهي:
1- اكتساب المعرفة والمهارات المكتسبة وإكسابها.
2- العيش حياة مديدة وصحية
3- تحقيق مستوى لائق من المعيشة.
4- التمتع بحقوق الإنسان إلى الحد الأقصى الممكن.