يستمرّ الأسد في انفصاله عن الواقع مصرًّا على فرض نفسه وعصاباته كأمر واقع على الشعب السوري، ويستمرّ مشغّلوه في محاولاتهم البائسة لإعادة إنتاج النظام العصابة، على الرغم من الكم الهائل من الجرائم الموثقة التي ارتكبها وحلفاؤه ضد الشعب السوري الثائر، وعلى رأسها استخدامه السلاح الكيمياوي في مختلف المناطق المحررة، أكثر من أربعين مرة، استهدف فيها الأطفال والنساء والشيوخ العزل، فضلًا عن استخدامه وحلفائه للطيران الحربي والذخائر المحرمة دوليًّا لقصف وتدمير البنى التحتية للمناطق الخارجة عن سيطرته، وارتكابهم لكثير من المجازر بحق السكان المحليين، بالإضافة إلى جرائم التهجير القسري للسوريين لتحقيق التغيير الديموغرافي في سورية، والذي يبدو أنه مخطط مدروس ينفذ في المنطقة بدقة، والأسد ونظامه أحد اللاعبين الأساسيين فيه، ولعل السؤال الملحّ الذي يطرحه السوريون والشعوب المقهورة ولا بدّ من الإجابة عليه بواقعية: لماذا وقف العالم -حكومات ومنظمات دولية- إلى جانب الأسد؟ وما هو الثمن الذي دفعه الأسد لكسب دعم هؤلاء والعمل لحمايته ومحاولة إعادة إنتاجه؟ وعند الإجابة على هذا التساؤل وغيره من الأسئلة المشروعة المطروحة على الساحة، سنعرف لماذا قام الأسد بترشيح نفسه لفترة رئاسية جديدة، وللإجابة على هذا التساؤل وكثير من التساؤلات المشروعة، لا بد من العودة إلى العلاقة بين أجهزة مخابرات الأسد والمنظومة الأمنية الدولية والمهمات التي كُلفت بها هذه الأجهزة ونجحت فيها؛ لنستنتج أنّ وقوف المنظومة الدولية وراء بقاء بشار الأسد وأجهزته الأمنية وجيشه هو تقديرٌ للخدمات الجليلة التي قدمتها تلك الأجهزة للمنظومة الأمنية الدولية، خاصة في ما يتعلق باستخدام السجون السورية لانتزاع اعترافات بعض الشخصيات المتهمة بالإرهاب، وعلى رأسهم تنظيم القاعدة، ولدور هذه الأجهزة المحوري في صناعة الإرهاب وتصديره، ولنجاحها أيضًا بشكل لافت في استثمار الإرهاب في كثير من القضايا الدولية والإقليمية لمصلحة بقائها في السلطة، وما إطلاق معتقلي صيدنايا الذين تم تصنيعهم أصلًا هناك، في الأشهر الأولى من اندلاع ثورة الشعب السوري، إلا دليل صارخ على هذه الخدمات التي كان لها الأثر الأكبر في إقناع الغرب وكثير ممن وقفوا في البداية مع الشعب السوري برواية الأسد وادعائه زورًا وبهتانًا محاربته للإرهاب، على الرغم من الأدلة التي تؤكد بطلان ادعاءات الأسد واستخدامه لكثير من هؤلاء المفرج عنهم في قمع الشعب السوري والتنكيل به، فضلًا عن الدور الذي لعبته أجهزة مخابرات الأسد في استقطاب العناصر الإرهابية من مختلف أنحاء العالم، وتسهيل دخولهم إلى العراق ليعطوا ذريعة للمحتل الأميركي وأدوات المحتل الإيراني لتدمير العراق وبنيته التحتية وسرقة مقدراته وثرواته وقتل وتشريد ملايين العراقيين.
إن إصرار الأسد على الترشح لفترة رئاسية أخرى لم يأتِ من فراغ، بل اعتمد بشكل كبير على عوامل خارجية، من أهمها دعم المنظومة الدولية له والدعم اللوجستي العربي والدعم المطلق والمستمر، من روسيا وإيران، الذي كان السبب الرئيس في بقاء الأسد واستمراره في السلطة حتى الآن، وعلى الرغم من الوضع الداخلي المتهالك، هناك عوامل داخلية شجعت الأسد على الاستمرار في الحكم والترشح مرة أخرى ليكون رئيسًا لدولة مدمّرة اقتصاديًا ومجزئة جغرافيًا ومفككة اجتماعيًا، فضلًا عن الترهل الواضح والجلي في الجيش والأجهزة الأمنية، وانقسام هاتين المؤسستين بين تابع للمحتل الروسي وتابع للمحتل الإيراني، ولا أعرف حقيقةً بشار الأسد رئيس من؟ ورئيس على من؟ فالشعب السوري بمجمله وبمختلف انتماءاته، سواء في مناطق سيطرة جيش الأسد وأجهزته الأمنية حتى في مناطق حاضنته في الساحل السوري أو الشعب القاطن في المناطق الخارجة عن سيطرته الذي نكّل به الأسد وهجّره وقتل خيرة شبابه ورجاله، لم يعد يقبل أن يحكمه هذا الرجل، والأدلة على ذلك أكثر من أن تحصى؛ فالحالة المعاشية وحجم الخسائر البشرية لمختلف شرائح الشعب السوري لم تعد تُحتمل، حتى وصل الصراخ بوجه هذا المعتوه من داخل دائرته العائلية الضيقة حتى إن شقيق بشار انضم أخيرًا إلى صفوف أعدائه الداخليين، ولو أن هذا قد يظهر وكأنه تنفيذ لتعليمات المحتلّ الإيراني الذي يميل ماهر الأسد إلى صفّه وينفذ تعليماته، فالعوامل والمرتكزات الداخلية التي يعتمد عليها الأسد في ترشحه لفترة رئاسية رابعة كثيرة، منها قناعته باستحالة إسقاطه بالقوة في هذه المرحلة، وربما في مراحل لاحقة، من قبل الذين ثاروا عليه واقتطعوا سبعين في المئة من الجغرافية السورية، نتيجة كثير من العوامل التي لا مجال لذكرها الآن، ولهذا يحاول الأسد إيجاد مساحة من المناورة حتى يُحدث أمرًا ما قد يساعد في إعادة إنتاجه ونظامه من جديد، فضلًا عن قناعاته في إمكانية نجاحه في تطبيق سياسة القطيع على الشعب السوري، والتي نجح بها جزئيًا حتى الآن طامحًا في نجاحه في تطبيقها بشكل كامل، مستندًا إلى تاريخ والده الذي استطاع أن يعيد الشعب السوري إلى حظيرته بُعيد مجازر حماة وحلب وحمص في بداية ثمانينيات القرن المنصرم، هذا ما يجول في فكر الأسد وقد يكون مصيبًا في تخميناته إلى درجة ما، نتيجة الدعم اللامحدود الذي يتلقاه من أغلب دول العالم، لكن الواقع المرير للشعب السوري وتهالك مؤسسات الدولة الرئيسية، خاصة الجيش والأمن، وتفككها جزئيًا وخروجها عن تبعيتها المطلقة له نتيجة استحواذ المحتل الروسي والإيراني على القرار الأمني والعسكري الميداني وانقسام هاتين المؤسستين عموديًا وأفقيًا، وظهور تيارات متناحرة في تلك المؤسسات، سيكون هذا كله -حسب اعتقادي- الخطر الأكثر تأثيرًا على الأسد واستمرارية بقائه على كرسي الحكم، فثمة بدلاء يتم تحضيرهم خلف الأبواب المغلقة، يمكن أن يكونوا أحد الحلول، في حال انسداد الطريق أمام مشغليه من ناحية إعادة تعويمه، وبالتالي يمكن أن تكون هذه الانتخابات مجرد ملهاة لكسب الوقت لا أكثر.
ختامًا، لا شك أن الجميع يعرف أن الشرعية الشعبية للأسد ونظامه سقطت منذ إطلاق الطلقة الأولى تجاه الشعب السوري الثائر، وأن عودة هذه الشرعية مستحيلة، بكل المقاييس، إلا أن الشرعية الدولية للأسد وعصاباته ما زالت موجودة، وهذا ما عمل عليه الأسد وحلفاؤه، خاصة المحتل الروس الذي وقف سَدًّا منيعًا أمام رفع الشرعية عنه في المحافل الدولية، باستخدامه حقّ النقض طوال عشر سنوات داخل مجلس الأمن الدولي، وعليه يمكن أن يتم إعادة إنتاج الأسد مرة أخرى، لكن حسب اعتقادي ليس لفترة طويلة، فالمعركة لم تنتهِ، وسيخوض الشعب السوري ورجالاته الوطنيون معركة من نوع آخر، تتمثل في اللجوء إلى المحاكم الجنائية الدولية لمحاسبة الأسد وعصاباته على الجرائم الموثقة التي ارتكبها بحق الشعب السوري وحق الوطن السوري الذي مزقه هذا الرعديد إلى أشلاء، إرضاءً لرغبته في البقاء على الكرسي، ولو على حساب جبال الجماجم من أحرار الشعب السوري وعلى أنقاض مدنه وقراه التي دمرتها آلته الحربية التي كنا نعتقد أنها وجدت لحماية هذا الشعب من أي عدوان خارجي، ولكنا فوجئنا بأنها كانت تُحضّر لقتل وتدمير سورية وأبنائها، تنفيذًا لمخططات أسياده ومشغليه أعداء السلام والحرية والديمقراطية التي يتغنون بها ليلًا نهارًا.
مقال تحليلي مميز
سبق وان طرح زميل لي على الفيس هذا السؤال لماذا بشار الاسد يرشح نفسه وكتبت له تعليق وأنني ارغب باعادته هنا بشار الاسد يرشح نفسه لانه حكم بالحديد والنار الشعب السوري وقبله ابيه المقبور حافظ الاسد يحق له ان يرشح نفسه لانه سرق اموال الدولة السورية بالكامل والشعب السوري يحق له أن يرشح نفسه لانه خان سوريا والشعب السوري وقتل مليون وهجر أربعة عشرة مليون وترك باقي الشعب يموت جوعاص وفقراً دمر البنية لاتحتية لسوريا عمل شرخ كبير بين الشعب السوري وقسمه إلى طوائف أدخل المحتل الروسي والايراني وكافة عصابات القتل والاجرام إلى سوريا ليقتلوا شعبها ويسرقوا اموالها إن بشار الاسد يحق له الترشح لانه بنى جيش بحجة اسرائيل وإنما كان هدف الجيش قتل الشعب السوري وتدمير سوريا يحق له الترشح لانه حمى حدود اسرائيل هو وأبيه على مدار خمسين سنة فهل هناك رئيس خائن يستحق ان يرشح نفسه كالاسد فأن اسرائيل وايران وروسيا والدول الاستعمارية والتي لاتريد النهوض والحرية لسوريا وشعبها لم تجد رئيساً أفضل من بشار الاسد لتنفيذ مطالبها واطماعها وخاصة ايران واسرائيل لكل هذه الاسباب يحق لبشار الاسد الترشح ليكون رئيساً على دولة دمرت بالكامل وهجر شعبها وسلمت للمحتل الروسي والايراني ولمشيات طائفية بغيضة تحية لك سيادة العقيد خالد المطلق مع تممنياتسي لك بالتوفيق والنجاح الدائم معاً لتحرير سوريا من هذه العصابة المجرمة والمحتل الروسي والايراني
مقال مميز أبدعت في أختيار الموضوع،ومسأله بقاء الأسد وترشحة وبقاءة نتيجة موافقات خارجية والكل يعرفها،البديل يجب اضهار جهة داخلية وخارجية تحضى بموافقة الجميع لتكون بديلا له،وإلا ……..الأستمرار بالضياع!