الديمقراطية اليوم هي قضية وغاية عالمية الأبعاد، ومصطلح “الديمقراطية” من أكثر المصطلحات رواجًا وتداولًا في العالم الحديث، واليوم غالبًا ما تقترن الديمقراطية بنظام الحكم الجمهوري، أو الرئاسي، حتى ليبدو أن اقتران الديمقراطية بالنظام الجمهوري هو القاعدة، وخلاف ذلك هو الاستثناء.

ومع ذلك، فليس من النادر، سواء في الدول الديمقراطية المتقدّمة أو الدول غير الديمقراطية، أن يطرح -لأسباب مختلفة- السؤال عن العلاقة بين الديمقراطية والجمهورية أو “الجمهورانية” (Republicanism) ومدى تعارضهما أو توافقهما، بل إن البعض يذهب -لأسباب وغايات مختلفة- إلى المعارضة بينهما، ووضع الجمهورية في مواجهة الديمقراطية، وعلى سبيل المثال، تذهب إحدى الأطروحات المغرقة في نظرية المؤامرة إلى أن الولايات المتحدة الأميركية هي بحد ذاتها دولة جمهورية، وليست ديمقراطية، وهي نفسها ترفض الديمقراطية بسبب مساوئ الديمقراطية الجمّة، ولكنها تروّج الديمقراطية بقوة خارج حدودها، إما لإفساد الدول والمجتمعات الأخرى، وإما لجعل الديمقراطية ذريعة للتدخل العدواني في شؤونها.

وبالطبع، فمثل هذه الأطروحات تستغل بعض المقولات التي قالها بعض الآباء المؤسسين ورجال الدولة الأميركيين ضد الديمقراطية في زمانهم، والتي يريد البعض -وفقًا لذهنيته أو لغايته الخاصتين- أن يجعلها مواقف مطلقة معادية للديمقراطية، ومن هذه المقولات -على سبيل المثال- قول الأب المؤسس والرئيس الثاني للولايات المتحدة جون آدامز (John Adams): «الديمقراطية لا تدوم طويلًا وسرعان ما تهدر، وتستنزف، وتقتل نفسها. لم يكن هناك قطّ ديمقراطية لم تنتحر بعد»([1])، وقول الأب المؤسس والرئيس الثالث للولايات المتحدة توماس جيفرسون (Thomas Jefferson)([2]): «الديمقراطية ليست أكثر من حكم غوغائي، حيث يجوز لواحد وخمسين بالمئة من الشعب أن يسلب حقوق التسعة والأربعين الآخرين»([3])، وكلام الرئيس الرابع للولايات المتحدة جيمس ماديسون (James Madison) في مقالته “الفيدرالي رقم 10” (Federalist No. 10) التي يقول فيها إن الديمقراطية الصرفة، التي تعني مجتمعًا يتألف من عدد قليل من المواطنين، الذين يجتمعون ويديرون الحكومة بشكل شخصي، لا يمكنها أن تقبل بأي علاج لأضرار الفصيل أو الفرقة (the mischiefs of faction)، وليس فيها ما يحد من الإغراءات للتضحية بالطرف الأضعف أو بالفرد البغيض، ويرى فيها أن “الجمهورية” هي ما يحل هذه المشكلة، فيقول: »الجمهورية، التي أعني بها الحكومة التي يتم فيها نظام التمثيل، تفتح آفاقًا مختلفة، وتعِد بالعلاج الذي نسعى إليه»، ويضيف عن الحسنات والأفضليات التي تتميز بها “الجمهورية”: »نقطتا الاختلاف الكبيرتان بين الديمقراطية والجمهورية هما: أولًا، تفويض الحكومة، في الثانية، لعددٍ قليل من المواطنين المنتخبين من قبل البقية؛ ثانيًا، العدد الأكبر من المواطنين، ومجال الدولة الأكبر، الذي يمكن أن يمتد عليه هذا الأخير»، وبرأيه، يمكن لمجموعة منتخبة من المواطنين ذوي الكفاءة الذين قد تدرك حكمتهم المصلحة الحقيقية لبلدهم، أن تصقل وتوسع وجهات النظر العامة، وأن يكون صوتها أكثر انسجامًا مع الصالح العام مما لو أعلنه عامة الناس أنفسهم، وكلّما كان عدد المواطنين أصغر، قلّ بينهم الاختلاف والتنوع، وصار من الأسهل وجود أكثرية من نفس الحزب يمكن حشدها لتكوين أغلبية قمعية، وهذا غير ممكن في المجتمعات الكثيرة السكان التي يتنوع سكانها ويصعب أو يتعذر فيها تكوين مثل هذه الأغلبيات([4]).

ولا يقتصر الأمر على مواقف أولئك الرؤساء والآباء المؤسسين لأميركا، التي ظهرت منذ زمن بعيد وفي ظروف جد مختلفة عن عصرنا الحالي، فحتى اليوم ما تزال ثمة شخصيات يمينية وأحيانًا متطرفة في مواقع مسؤولية كبيرة تجهر علنًا يرفضها أو بعدائها للديمقراطية، ومن ذلك -مثلًا- قول السيناتور الجمهوري مايك لي (Mike Lee) من ولاية يوتا (Utah) في تغريدات له على موقعه الخاص على (تويتر) في 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2020: »نحن لسنا ديمقراطية.. الديمقراطية ليست الهدف، بل الحرية والسلام والأمل. نحن نريد أن تزدهر الحالة الإنسانية، ويمكن للديمقراطية البحتة (Rank democracy) أن تحبط ذلك»([5])، وقبل أيام قليلة من كلام مايك لي، في إحدى مقابلاته الحديثة، قال لورين كولب (Loren Culp)، المرشح الجمهوري لمنصب حاكم واشنطن لفترة طويلة، كلامًا أكثر تطرفًا جاء فيه أن “الديمقراطية هي حكم الغوغاء”([6])، وقد أثارت تصريحات كل من لي وكولب كثيرًا من الجدل ومن ردات فعل المدافعين عن الديمقراطية، وقد رد -مثلًا- د. جورج توماس (George Thomas) المختص في العلوم السياسية والأستاذ في كلية كليرمونت ماكينا: »“أميركا جمهورية وليست ديمقراطية” هي حجّة خطيرة وخاطئة»([7]).

إن العلاقة بين الديمقراطية والجمهورية هي مسألة قديمة الطرح، وما يزال الجدل والجدال فيها مستمرين حتى اليوم، وهي مسألة من المسائل المهمة في فهم ونقد الديمقراطية، ومن الضروري أن تكون واضحة الرؤية في أذهان أنصار الديمقراطية، ولا سيّما في البلدان التي تناضل للخلاص من الدكتاتوريات، والتي توضع فيها الديمقراطية هدفًا رئيسًا لمستقبل الشعوب، وتقترن فيها بمفهوم الدولة الحديثة، كما الحال في سورية والدول العربية الأخرى، وعدم إيلائها الاهتمام الكافي يمكن أن يبقي صورة الديمقراطية، بل صورة الجمهورية أيضًا، مشوشة أو غير واضحة، في أذهان كثير من دعاة الديمقراطية أو من الباحثين الآخرين عن سبيل للتحرر من الاستبداد والتخلف وعن طريق لبناء الدولة العصرية المتقدمة، وهو يعطي الفرصة للعديد من خصومها وأعدائها لتشويه صورتها أو طرح البدائل المضللة بدلًا عنها.

فما العلاقة بين الديمقراطية والجمهورية؟ وكيف أصبحت اليوم في عالمنا الحديث؟

ما المقصود بمصطلح “ديمقراطية” بالضبط؟

 قد يبدو هذا السؤال بالنسبة إلى كثيرين مثيرًا للاستهجان، وسيبدو وكأنه يسأل عن أمر معروف، فالديمقراطية ببساطة “هي حكم الشعب لنفسه بنفسه ومن أجل نفسه”، حيث يتم سن التشريعات والقوانين، وإنشاء المؤسسات الرسمية، واختيار الممثلين النيابيين والحكوميين والإداريين المحليين وسواهم من قبل الشعب للقيام بذلك، ويجري كل ذلك بشكل رئيس عبر التصويت والانتخاب بشكل حر، في دولة تنفصل فيها السلطات الثلاث، وتتميز بالتعددية السياسية، ويتم فيها تداول السلطة بشكل قانوني، وتقوم هذه الدولة نفسها بضمان حقوق وحريات مواطنيها، وتساوي بينهم بدون أي تمييز بسبب أي شكل من أشكال الاختلاف القائمة بينهم، في الهوية أو الانتماء أو الاعتقاد أو الأصل أو اللون أو الجنس أو غير ذلك.

هذا هو بشكل عام ما نفهمه اليوم من خلال مصطلح “الديمقراطية”، ولكن هذا فهم حديث عصري، وهو فهمٌ تطوّر عبر مرحلة طويلة وشاقة من النضالين الفكري والعملي ليصل إلى ما هو عليه، ولكن مصطلح الديمقراطية لم يكن دومًا كذلك، وعلى ما هو اليوم من رفعة ورقيّ ورحابة في المعنى الإنساني. وبعد عرض ما تقدّم؛ نصل إلى وجوب القول بأن ما نتحدث عنه هو “الديمقراطية في مفهومها الحديث” أو “الديمقراطية الحديثة”، وهذا يعني حكمًا أنه كانت هناك ديمقراطية أخرى غير هذه الديمقراطية مختلفة عنها، ويقتضي منا عندها السؤال عن ماهية هذه الديمقراطية، وما هي بالضبط أوجه اختلافها الرئيسة عن الديمقراطية الحديثة.

تلك الديمقراطية الأخرى هي “الديمقراطية المباشرة” أو “الديمقراطية البسيطة” أو الديمقراطية الصرفة”، أو “الديمقراطية اليونانية”، وهي ذلك الشكل الذي ظهر وتطوّر في اليونان القديمة، في القرن الخامس قبل الميلاد تقريبًا، في أثينا وغيرها من المدن اليونانية القديمة.

الديمقراطية القديمة وعيوبها

التعبير الأدقّ هنا هو القول “الديمقراطية الأثينية”، لأن معظم المدن الديمقراطية الأخرى إما يتوفر القليل من المعلومات عن تجربتها الديمقراطية، وإما لا يتوفر عنها معلومات، حتى أثينا نفسها ليس هناك كثير من المعلومات عن ديمقراطيتها، ومعظم المعلومات المتوفرة عنها هي من نتاج “غير الديمقراطيين” الذي كانوا أحيانًا خصومًا أشداء للديمقراطية، كأفلاطون، أو ناقدين معتدلين لها، كأرسطو، وفقًا لما يقوله الأكاديمي السياسي روبرت دال في كتابه “الديمقراطية وخصومها”([8]).

كانت الديمقراطية الأثينية، التي يأتي اسمها من كلمتي”Demos” وKratos”” اليونانيتين القديمتين اللتين تعنيان على التوالي “شعب” و”حكم”، مصممة لنموذج “الدولة-المدينة”، أي أنها كانت “ديمقراطية مدينية حصرية”، ولم تكن موجهة للدول الكبيرة المتعددة المدن والواسعة المساحة والكثيرة السكان، كما الحال في عالمنا المعاصر، وإضافة إلى ذلك كانت تقتضي أن يكون عدد سكان هذه المدن قليلًا نسبيًا، فأثينا نفسها في تلك الآونة كان عدد سكانها، وفقًا لبعض التقديرات، أربعين ألفًا، والسبب في هذا الاقتضاء هو طبيعة الديمقراطية المباشرة نفسها، فمفهوم الديمقراطية العام بأنها “حكم الشعب”، كان يُفهم حرفيًا ويعني حكم الشعب بشكل مباشر، وهذا كان يعني أن “كل الشعب” يجتمع معًا ليناقش ويصوّت ويقرّر، وأن كل “أعضاء الشعب” يتداولون شغل المناصب والوظائف الحكومية، وفي أثينا، كانت “الجمعية التشريعية” هي الملتقى الذي يجتمع فيه كلّ الشعب، وبلغ عدد الوظائف الحكومية حوالي ألف، وكانت تُـشغل من قبل أفراد الشعب لمدة عام واحد ولمرة واحدة فقط، ومع ذلك، فهذا ما كان يُفترض أن يحدث، أما فعليًا فحتى في أثينا، بعدد سكانها غير الكبير، لم يكن ممكنًا أن يجتمع كل أفراد الشعب، وأن يأخذوا نصيبًا متساويًا من الكلام وإبداء الرأي واتخاذ القرار([9]).

أما مصطلح “الشعب” أو “الديموس” وفقًا للمفهوم الأثيني، فقد كان يدل بشكل حصري على سكان أثينا ذوي الأصول الأثينية الحصرية، ولم يكن ذا مفهوم قومي يشمل كل اليونانيين، بالرغم من أن هذه الرابطة القومية كانت مفهومة ومعترفًا بها عند الأثينيين وسواهم من اليونانيين، ولكن مفهوم الدولة الاتحادية كان بالنسبة إليهم يتعارض مع الديمقراطية، وذلك لأن الدولة الاتحادية تقتضي أن تتنازل المدن عن قدرٍ من سلطاتها وصلاحياتها للحكومة الاتحادية، وهذا كان يعتبر أمرًا مخالفًا للديمقراطية، كذلك فممارسة الديمقراطية في الدولة الاتحادية لا يمكنها أن تتم بشكل مباشر، وكان لا بدّ عندها من اللجوء إلى “الأسلوب النيابي” واختيار النواب والممثلين، وهذا أيضًا كان، عند الأثينيين وغيرهم من اليونانيين، سلوكًا غير ديمقراطي أيضًا، لأنه كان يعني أن يتنازل الناخب عن قراره للشخص الذي ينتخبه كنائب؛ وكذلك كان مفهوم “الديموس” لا يشمل غير الأثينيين المقيمين في أثينا، سواء كانوا يونانيين أو غير يونانيين، وسواء كانوا حديثي الإقامة فيها أم أن إقامتهم تعود إلى أجيال، ولا يختلف الأمر، إن كانوا يؤدون دورًا مهمًّا وفاعلًا في حياة المدينة، وهؤلاء المقيمون لم يكونوا يدخلون في عداد الديموس، وكان يطلق عليهم باليونانية القديمة تسمية “ميتيكي” (métoikoi)، ويقابلها بالإنكليزية الحديثة (metics)([10])، وتعني “المهاجرين”([11])؛ إضافة إلى ذلك، كانت هذه الديمقراطية تنحصر حصريًا في الرجال الأثينيين الأحرار، ولم تكن تتضمن النساء ولا العبيد، ولم تكن ذات مفهوم إنساني عالمي ينطبق على كل الناس بصفتهم ناسًا، بل كانت خاصة بـ “ديموس” المدينة وحسب، وكانت تشترط حفاظًا على استقلالية المدينة أن تكون علاقاتها السياسية والاقتصادية مع غيرها من المدن محدودة بشكل كبير، ما كان ينعكس سلبًا على أمنها ضد العدوان الخارجي، ويتسبب في عدم نمو اقتصادها؛ وكانت تشترط أن يوجد بين سكان المدينة قدر عال من التجانس الهويوي، بحيث لا يكون بينهم اختلافات دينية أو عرقية أو لغوية أو حتى مصلحية تتسبب بينهم في خلافات ونزاعات تهدد وحدة وسلامة المدينة([12]).

وفضلًا عن كل ما تقدم، كان التصويت فيها غير مشروط، ولا ضمانات تحمي الأقلية من عسف الأغلبية، ما دامت إرادة الأغلبية هي السائدة، حتى إن القادة السياسيين كانوا يستغلون هذه الأمر أحيانًا، وينحدرون إلى مستوى اللجوء إلى نفي بعضهم البعض، عن طريق حشد الأصوات في الجمعية التشريعية([13]).

وكما نرى، الديمقراطية الإثينية تتصف بالعديد من الصفات غير المقبولة بتاتًا في المجتمعات الحديثة، وغير المناسبة قطعًا للدولة الحديثة، فهي كانت ديمقراطية مدينية، شديدة المحلية، عنصرية بمعنى أنها كانت مخصصة لسكان المدينة الأصليين، ذكورية لا تشمل النساء، طبقية بامتياز وتتوافق حتى مع العبودية، ترفض التعددية، وترفض النيابة، وهي أيضًا انعزالية تعمل على الحد الكبير من العلاقات المختلفة مع المدن الأخرى؛ وهي “شعبوية” ولا تراعي مسألة الكفاءات في عملية التصويت وشغل الوظائف الحكومية، وعلاوة على ذلك فهي تفسح المجال التام لـ “دكتاتورية الأغلبية”، وكانت تفتقد إلى البعد الإنساني العالمي الشامل في مفهومها كديمقراطية.

وبسبب العديد من تلك الصفات السلبية؛ رفضها أفلاطون وأرسطو وغيرهم من مشاهير الإغريق، وقد انتقل هذا الرفض بعد زمن طويل، مع انطلاقة النهضة الأوروبية الحديثة، إلى العديد من المفكرين والسياسيين الغربيين، ومنهم المفكران الفلورنسيان فرانشيسكو غوتشيارديني (Francesco Guicciardini) ونيكولو ماكيافيللي (Niccolò Machiavelli)، والمفكر الفرنسي مونتسكيو (Montesquieu)، والرئيسان الأميركيان جون آدامز وتوماس جيفرسون، وسواهم، وهؤلاء لم يكونوا من أنصار الدكتاتوريات، أو الحكم الفردي أو الحكم الأوليغارشي، ولكنهم لم يروا في الديمقراطية، بصورتها الأثينية تلك، الأسلوب الصالح لبناء الدولة الأفضل، ولذلك طرحوا بديلًا لها هو الجمهورية([14]).

ما الفرق بين الديمقراطية والجمهورية؟

تعدّ “الجمهورية الرومانية” التي امتدت بين عامي 509 إلى 27 ق. م. أشهر جمهورية في العصور القديمة، وقد جاء مصطلح جمهورية (Republic) من العبارة اللاتينية (res publica) التي تعني “الشأن العام”([15])، وهي مرحلة فاصلة في التاريخ الروماني تتوسط المملكة الرومانية، التي امتدت بين عامي 753 و509 قبل الميلاد، والإمبراطورية الرومانية التي دامت من عام 27 ق.م. إلى عام 476 بعد الميلاد([16]).

وعلى الرغم من أن الجمهورية الرومانية كانت بحد ذاتها في بدايتها عبارة عن “دولة-مدينة”، فإنها اختلفت كثيرًا عن “أثينا الديمقراطية”، فهي لم تبق دولة مدينة، بل توسعت إلى حدود إمبراطورية، ثم تحولت هي نفسها عندها إلى إمبراطورية، ولم تحافظ على نفسها كجمهورية، ولكن حتى في مرحلتها المدينية، لم يتم في حكمها اعتماد “ديمقراطية مباشرة”، على غرار ما كان سائدًا في أثينا، بل تم فيها اعتماد نظام حكم مختلط يتألف من ثلاثة فروع هي “القناصلة” و”مجلس الشيوخ” و”المدافعون عن العامة”.

مجلس الشيوخ (Roman Senate)، كان يتألف من الرجال فقط، من الطبقة الأرستقراطية حصرًا، وهم غالبًا من الإقطاعيين ومالكي الأراضي، وكان عددهم يراوح بن 300 إلى 500 عضو، ولكن هذا العدد لم يكن ثابتًا؛ وقد تمتع هذا المجلس بصلاحية الإشراف على عملية انتخاب القناصلة السنوية، وكان يجتمع بطلب منهم لعرض القضايا عليه، وكان لجميع الشيوخ الحق بمناقشة القضايا المطروحة والتصويت عليها، ورفضها أو قبولها، كما كان مجلس الشيوخ يتولى أيضًا المراقبة على الحكومة المدنية والإدارة المالية للدولة([17])، وبشكل عام، يمكن القول إن دور مجلس الشيوخ الروماني كان قريبًا من دور “السلطة التشريعية” في الدولة الحديثة.

أما القناصلة ((Consusls، فمن الممكن اعتبار أنهم كانوا يقومون بمهام السلطة التنفيذية في الدولة الرومانية، وقد كان لهم سلطات إدارية وتشريعية وقضائية واسعة في وقت السلم، وغالبًا ما كان لديهم أعلى قيادة عسكرية في أوقات الحرب، وقد شملت صلاحياتهم بعض الطقوس الدينية أيضًا، وكانت القنصلية تتألف من قنصلين يتم انتخابهما كل عام تحت إشراف مجلس الشيوخ، وكانا يعملان معًا، ولكل منهما حق النقض على تصرفات الآخر، والغاية من ذلك هي الحد من فردية السلطة، وبعد إنشاء الإمبراطورية، أصبحت السلطة العليا كلها بيد الإمبراطور، لكن انتخاب القناصلة استمر، واحتفظوا ببعض القوة والسلطة ([18]).

أما المدافعون عن العامة (Plebeian Tribunes)، وكان كلٌّ منهم يسمى باللاتينية “تريبيون” (tribunus)، وهي تسمية ترجع إلى أصول قـَبَـلية في التاريخ الروماني القديم، وتعني “كبير القبيلة”([19])، فيمكن القول إنهم كانوا المكتب الخاص بعامة الشعب في الحكومة الرومانية، وكان عددهم في البداية عضوين، ثم ارتفع إلى خمسة، ثم إلى عشرة أعضاء، وكانوا ينتخبون من قبل عامة الشعب([20])، وكانت مهتمهم هي الدفاع أمام القناصلة والشيوخ عن مصلحة هذه العامة([21])، التي كانت تسمى “plebis”، وعلى مدى تاريخ الجمهورية الرومانية، كان لدى المدافعين عن الشعب صلاحية مراقبة نشاطات مجلس الشيوخ والحكام، وكان لديهم السلطة لاستدعاء مجلس الشيوخ، واقتراح التشريعات، والتدخل نيابة عن عامة الشعب في الأمور القانونية، وكذلك تضمنت صلاحياتهم حقّ الاعتراض على تصرفات القناصل والحكام من أجل حماية مصلحة عامة الشعب، وكانوا يتمتعون بدرجة عالية من الحصانة، وأي اعتداء على شخصهم كان يعاقب عليه بالإعدام، ولكن بعد تحوّل روما إلى إمبراطورية، فقد التريبيون استقلاله، ومنحت سلطاته للإمبراطور([22]).

لم يكن النظام الجمهوري الروماني يضمن المشاركة المتساوية لجميع المواطنين، كما تقول المختصة في التاريخ الروماني الدكتورة فالنتينا أرينا (Valentina Arena) من كلية لندن الجامعية، فلم يعرف الرومان نظام المواطن الواحد بصوت واحد، بل تبنوا فكرة وحدات التصويت، بحيث يتم احتساب غالبية الأصوات في وحدة واحدة كنتيجة لتلك الوحدة، وبدورها شكلت غالبية الوحدات النتيجة النهائية للتصويت، ويذكر تشتشرون أن الرومان اعتبروا أن هذا تجسيد للمبدأ القائل بأن “العدد الأكبر لا ينبغي أن يكون له القوة الأكبر”([23])، وهذا المبدأ -كما هو واضح- يتعاكس مع مبدأ “القرار وفق إرادة الغالبية” في الديمقراطية الأثينية، ومن حسنات هذا الأسلوب أنه يحدّ من مخاطر تحول هذه الإرادة إلى دكتاتورية، ولكنه في الوقت نفسه يتناقض أيضًا مع مبدأ مساواة المواطنين.

وعلى الرغم من أن “الجمهورية الرومانية” كانت بدورها ذكورية وتوسعية ومتوافقة مع العبودية، ولم تكن الحقوق والحريات فيها ذات مفهوم إنساني عالمي، فقد كانت هناك فروق كبيرة بين “الجمهورية الرومانية” و”الديمقراطية الأثينية” في أسلوب الحكم، وهي ما جعلت العديد من المفكرين والسياسيين الغربيين، في عصر النهضة والعصور التالية، الذين يبحثون عن السبيل الأفضل لبناء الدولة التي تعدل بين مواطنيها وتضمن وتصون حقوقهم وحرياتهم، يتوجهون إلى الخيار الجمهوري بدلًا من الخيار الديمقراطي، حيث كانت صورة الديمقراطية ما تزال تُرى من خلال منظورها الأثيني القديم، الذي جعل صورة الجمهورية وفق خطوطها الرومانية العامة تفضل عليها، فنظام الحكم الجمهوري المختلط والانتخابي-كما كان حاله في روما- بدا لهؤلاء المفكرين والسياسيين أفضل من “الديمقراطية المباشرة”، التي كانت بالنسبة إليهم تعني “الحكم غير المشروط للأكثرية العامية غير المؤهلة”، ما يمكن أن يحوّل هذه الديمقراطية إلى حالة من الفوضى أو من دكتاتورية الأغلبية العامية، ويجعلها بالتالي فوضى أو استبدادًا غوغائيًا، ويلحق أفدح الأضرار بمصلحة الطبقات الأخرى والمجتمع والدولة ككل، ولذا فضلوا عليه النموذج الجمهوري الروماني الانتخابي المختلط، الذي رؤوا فيه نموذجًا أوليًا لنظام لا يحكم فيه عامة الشعب بشكل مباشر، بل يشاركون فيه في الحكم ،عبر ممثلين ذوي كفاءة ينتخبونهم، في نظام جامع يضمن مصلحة مختلف طبقات وفئات الشعب ويوازن بينها، ويتناسب إضافة إلى ذلك مع نموذج الدولة الكبيرة الغفيرة والمتنوعة السكان والواسعة المساحة.

وهكذا طوّر البريطانيون، في القرن الثامن عشر، نظام حكم يجمع بين الملكية والأرستقراطية والديمقراطية، فحافظوا على النظام الملكي، وفي الوقت نفسه أنشؤوا برلمانًا واسع الصلاحيات، يتكون من مجلسين، أعلى هو مجلس اللوردات ويمثل الأرستقراطية، وأدنى هو مجلس العوام ويمثل عامة الناس، وهذا ما يسميه روبرت دال بـ “مبدأ الحكم الجمهوري الأرستقراطي”، وبالمقابل، فهو يطلق تسمية “مبدأ الحكم الجمهوري الديمقراطي” على نموذج الحكم الذي طوره الأميركيون بعد الاستقلال، وبما أنه لم يكن لدى الأميركيين لا مَلك ولا أرستقراطية على غرار البريطانيين، فقد ذهبوا إلى نظام حكم يتم فيه الفصل بين فروع السلطة الثلاث، وهو مبدأ سبق أن طرحه مونتسكيو، وفي كلتا الحالتين، أجمع الجمهوريون، الأرستقراطيون منهم والديمقراطيون، على وجوب تلافي خطر تركيز السلطة([24]).

هل من تعارض بين الديمقراطية والجمهورية في الدولة الحديثة؟

هذا ما قد يتهيأ للبعض، وبشكل خاص، في المجتمعات غير الديمقراطية، وسببه هو إما الجهل وإما سوء الفهم، المرتبطين بكل من الديمقراطية والجمهورية معًا، وقد يكون السبب أحيانًا هو التضليل المتعمد من قبل خصوم أو مستغلي الديمقراطية؛ أو قد يكون سبب ذلك في بعض الحالات عائدًا إلى الذهنية اليمنية المتطرفة، كما في بعض الحالات الأميركية مثلًا.

في واقع الأمر، ما يفهم على نطاق عالمي اليوم عبر مصطلح “الديمقراطية” هو أنظمة الحكم الحديثة المتقدمة، بكل ما فيها من عناصر إيجابية تعود في بعض أصولها إلى كل من الديمقراطية والجمهورية القديمتين، وما أضيف إليها من مصادر أخرى أحدث، إضافة إلى التطورات الكبرى التي شهدتها هذه النظم عبر تاريخها، والتي حدثت بفضل الاستفادة من التجارب العملية والخبرات المتراكمة والفتوحات الفكرية التي صنعها المفكرون العقلانيون والسياسيون الأذكياء، إضافة إلى نضالات وجهود الشعوب.

لقد حافظت “الديمقراطية الحديثة” على مبادئ “حكم الشعب” و”التصويت والأخذ بقرار الأكثرية”، من الديمقراطية القديمة، كما أخذت بمبادئ “اختيار الحكام عبر التصويت” و”عدم مركزة السلطة” و”منع هيمنة الأغلبية” من الجمهورية القديمة، وسوى ذلك من هذه وتلك، ولكنها مضت قدمًا إلى مسافات بعيدة عن كلتيهما معًا، متخلية عن كثير من تقاليدهما وأساليبهما السلبية، فأضافت عناصر من مصادر أخرى مختلفة، فهي مثلًا أخذت مبدأ التمثيل النيابي من أصول ملكية منفصلة عن كل من الجمهورية والديمقراطية القديمتين([25])، وأصبحت بالتالي “ديمقراطية نيابية” قابلة للتطبيق حتى في أكبر الدول، وأصبحت فكرتا المواطنة والمساواة فكرتين جوهرتين لا تنفصلان عنها، وكذلك فكرة الحرية بمفهومها العالمي الشامل، وليس هناك اليوم فئات أو طبقات تُستثنى من الديمقراطية أو تقيد حقوقها وحرياتها فيها، وهي بشكل رئيس ديمقراطية موجهة للتوافق مع التعدد والتنوع في المجتمع، وتحميهما وتحمي المجتمع نفسه من الأخطار التي يمكن أن تنجم عن سوء التعامل معهما أو استغلالهما، وهي لا تميز قطعًا بين الرجال والنساء؛ وما لا يقل عن كل ذلك أهمية، فهي تتخذ الضمانات الكافية ضد “دكتاتورية الأغلبية”، ولا تجعل التصويت عملية مفتوحة بلا ضوابط، بحيث يمكن فيها التصويت على أي قضية، مهما كانت خطيرة، كما في الديمقراطية القديمة، ففي الديمقراطية المعاصرة هناك حقوق أساسية للناس لا يمكن المساس بها، مهما كانت إرادة الأغلبية بهذه الخصوص، وهذا يعني أن “حقوق الإنسان” بمفهومها الحديث في الدولة الحديثة هي نفسها قد أصبحت أهم ضوابط الديمقراطية الحديثة التي ترسم لها حدود مسارها الصحيح؛ وإضافة إلى ذلك فالديمقراطية الحديثة في دولتها الحديثة التي تطبق فيها أساليب الإدارة العلمية، لم تعد تعاني مشكلة نقص الكفاءة والأهلية، حيث صار بإمكان هذه الديمقراطية أن تستوعب تمامًا حلول ضرورات الكفاءة، وتدمجها في منظومتها السياسية بشكل يخدم هدفها الرئيس المتمثل بحكم الشعب نفسه لنفسه ومن أجل نفسه، أي من أجل مصلحته، ولم يعد حكم الشعب يُفهم بالمعنى الحرفي الشعبوي، ففي الفهم الحديث لا يتعارض حكم الشعب مع التخصص والكفاءة، بل على العكس من ذلك، هما يصبحان الأجدى والأنسب لخدمة مصلحة الشعب والعدل بين أفراده، ومن يعاني مشكلة إقصاء وتهميش الكفاءات هي النظم الدكتاتورية، بأشكالها المختلفة، فإما أن تصبح فيها مسألة تهميش الكفاءات سياسة متعمدة، لأن الدكتاتورية لا تريد جهاز دولة كفء، ولكنها تريد جهاز دولة خاضع تابع، وإما لأن معايير الانتماء الديني أو القومي أو السياسي وما شابه تصبح فيها هي الغالبة، وإما بسبب الفساد المرتبط عادة بالدكتاتورية والذي يسود فيه مبدأ المحسوبية والواسطة على حساب مبدأ الكفاءة والجدارة.

وبناء على ذلك؛ يمكن القول إن معارضة الديمقراطية الحديثة بالجمهورية قد أصبح اليوم عملًا لا محل له من العقلانية في العالم الحديث، فكلتاهما قد اندمجتا معًا ومع عناصر سياسية إيجابية أخرى في منظومة متكاملة متطورة، ما زالت تتكامل وتتطور أكثر فأكثر، بالرغم من كل ما تواجهه من تحديات جسام، وهذه المنظومة نسميها اليوم “الديمقراطية الحديثة”، ولا فرق إن قلنا “الجمهورية الحديثة”، فهما سيان.

وهذا ما يمكن أن تؤكده لنا دساتير الدول الحديثة التي غالبًا ما تقرن بين الديمقراطية والجمهورية معًا، عند تعريفها لهذه الدول، فمثلًا يقول الدستور الفرنسي في مادته الأولى: «الجمهورية الفرنسية جمهورية غير قابلة للتجزئة، علمانية، ديمقراطية واشتراكية…»( [26])، كما يقول الدستور الإيطالي في مادته الأولى أيضًا: «إيطاليا جمهورية ديمقراطية قائمة على العمل…« ([27])، وكذلك يقول الدستور البرازيلي في مادته الأولى: «جمهورية البرازيل الاتحادية، المكوّنة من الاتحاد الذي لا ينفصل للولايات والبلديات، إضافة إلى المقاطعة الاتحادية، دولة قانون ديمقراطية…»([28]).، وهكذا دواليك…

وإضافة إلى ما تقدّم، من المهم التنبيه إلى وجوب عدم المطابقة بشكل كلي بين “النظام الجمهوري” و”النظام الرئاسي”، فالملكيات الدستورية على غرار بريطانيا، هي أيضًا من ناحية نظامها السياسي دول تجمع بين عناصر ديمقراطية وجمهورية بدرجة كبيرة الشبه بالدول الرئاسية الحديثة، وبالمقابل فدول مستبدة كالدول الرئاسية العربية التقليدية، ومن بينها سورية، هي دول جمهورية شكليًا فقط.

خلاصة:

إذا ما عدنا إلى المقدمة وتأمّلنا في مقولات الآباء والرؤساء الأميركيين الأوائل المضادة للديمقراطية، وبالأخص في ما يقوله جيمس ماديسون، الذي يستخدم بشكل صريح مصطلح “الديمقراطية البحتة”، فسيصبح مفهومًا عندنا سبب وقوف تلك الشخصيات القيادية الكبيرة ضد الديمقراطية، وسندرك أنهم كانوا ضد ذلك الشكل الأولي البسيط من الديمقراطية الموروث من التجربة اليونانية القديمة، والذي كانت صورة الديمقراطية ما تزال مؤطرة فيه في تلك الآونة، وهم في موقفهم ذاك كانوا محقّين، على الرغم من أنهم بدورهم كانت لديهم عيوبهم ونواقصهم الفكرية والسياسية الخاصة أيضًا، لأن تلك الديمقراطية، بما فيها من عيوب ونواقص، كما بيّنا آنفًا، لم تكن هي قطعًا النموذج المناسب لبناء الدولة الحديثة الصالحة التي تحمي حريات وحقوق ومصالح مواطنيها، وتضمن مشاركتهم الفاعلة في حكمها هي نفسها.

وفي المحصلة، كان لمثل تلك المواقف والانتقادات المهمة الموجهة ضد ذاك الشكل من الديمقراطية دور كبير في تحرير الديمقراطية من ذلك الإطار المحدود، وإطلاقها وتطويرها لتصل إلى شكلها الحديث الذي يجعلها النظام الأصلح لحكم المجتمعات وإدارة الدول الحديثة.

وهذا الكلام ينطبق على المفكرين والسياسيين الآخرين من الأميركيين وغير الأميركيين الذين كانت لهم مواقف مشابهة من الديمقراطية والجمهورية، خلال بحثهم عن الشكل الأفضل لبناء الدولة والمجتمع الحديثين العادلين. أما المواقف اليمينية الحديثة التي سبق الحديث عن بعضها آنفًا، فهي نفسها لا يمكنها أن تجد أي تبرير لها ضد أي ديمقراطية، إلا إذا كانت هذه الديمقراطية مصورة وفق نمطها القديم ومؤطرة فيه، وهو اليوم نمط لا يطبق بكليته لا في أميركا ولا في أي دولة ديمقراطية أخرى، وإن كانت بعض عناصره الإيجابية ما تزال قابلة للاستخدام حتى اليوم، وإذا ما وجب القول إن هذه الأنظمة ليست ديمقراطيات، لأنها تختلف كثيرًا عن الديمقراطية الأثينية، فيجب بالقدر نفسه عدم وصفها بالجمهوريات، لأنها تختلف بما لا يقل عن ذلك عن الجمهورية الرومانية، التي كان فيها من العيوب الكبيرة ما لا يقل عن عيوب الديمقراطية الأثينية، ما يجعل بالتالي كلام كلّ مِن لي وكولب لعبًا على المصطلحات وخلطًا غير عقلاني للأمور.

وفضلًا عن ذلك، ما يمكن قوله بجزم، بناء على الواقع الواضح أخيرًا في الولايات المتحدة، أن الخطر الفعلي على الحرية والسلام وازدهار الحالة الإنسانية الذي يتحدث عنه السيناتور (لي) يأتي ليس من بوابة الديمقراطية، بل من بوابات أخرى، ومن أهمها بوابة “اليمين الجمهوري المتطرف” الذي أوصل شخصيات غوغائية وكاريكاتورية مثل ترامب وبوش الابن إلى الرئاسة.

وختامًا، لا بدّ من القول إن الديمقراطية هي حالة متطورة مستمرة، وهي تتطور مع تطورات المجتمعات بشكل عام، وتتطور أيضًا عبر إدراك نواقصها وأخطائها الخاصة وتجاوزها، وكذلك عبر اكتشاف وابتكار الوسائل الأفضل من خلال ممارستها والبحث في ميدانها، ومن خلال- وهذا عامل في منتهى الأهمية- مواصلة الشعوب لنضالها لنيل حقوقها، والديمقراطية المعاصرة -حتى في المجتمعات الغربية- فيها كثير من العيوب الكبيرة والصغيرة التي تتسبب في انتقاصات مماثلة على مستوى حقوق الشعوب والأفراد، وهذا يعني أنه ما يزال أمام الديمقراطية الحديثة طريق طويل وصعب، لتتقدم فيه لتحقيق غاياتها الإنسانية المنشودة.


[1]Founders Online, From John Adams to John Taylor, 17 December 1814

[2]Thomas Jefferson – Wikipedia

[3] Thomas Jefferson, “A democracy is nothing more than mob rule, …”, Goodread.

[4]Federalist Papers No. 10 (1787) – Bill of Rights Institute.

[5]Republican senator says ‘democracy isn’t the objective’ of US system US news The Guardian, The Guardian, 8 – Oct – 2020.

[6]Joshua Keating, The Real Reason Why Republicans Keep Saying “We’re a Republic, Not a Democracy”, News and Politics Slate, Oct 13, 2020.

[7]George Thomas,”Yes, the Constitution Set Up a Democracy” ,The Atlantic, November 2, 2020

[8] – روبرت دال، الديمقراطية ونقادها، ترجمة نمير عباس مظفر، دار الفارس للنشر والتوزيع، عمان- الأردن، 1995، ص 28.

[9] – المرجع السابق، ص 28-46.

[10] – The Concise Oxford Edition, Oxford-The Clarendon Press, Sixth Edition-1976, Pg. 687.

[11]Метэки – Википедия.

[12] -روبرت دال، المرجع السابق، ص 28-46.

[13] – المرجع السابق، ص 42.

[14] – المرجع السابق، ص 47-50.

[15]Republic – Wikipedia

[16]Roman Republic – Wikipedia

[17]Senate of the Roman Republic – Wikipedia

[18]Roman Consul – Wikipedia

[19]– Concise Oxford English Dictionary, Oxford University Press, Editors: Catherine Soanes, Angus Stevenson.

[20]Tribune of the plebs – Wikipedia

[21] – The Concise Oxford Edition, Oxford-The Clarendon Press, Sixth Edition-1976, pg. 1239

[22]Tribune of the plebs – Wikipedia

[23]Elections in the late Roman Republic how did they work ,HistoryExtra

[24] – روبرت دال، المرجع السابق، ص 50- 53.

[25] – روبرت دال، المرجع السابق، ص 54- 56.

[26]دستور فرنسا لعام 1958 (المعدل عام 2008)، بوابة Constitute.

[27]دستور إيطاليا لعام 1947 (المعدل عام 2012)، بوابة Constitute.

[28]دستور البرازيل لعام 1988 (المعدل عام 2004)، بوابة Constitute.