أربعون عامًا مرّت، على وفاة إيغال آلون، صاحب نظرية الأمن القومي، التي اعتمدتها المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، في رسم توجهاتها الاستراتيجية، طوال أربعة عقود، وهو صاحب فكرة “التسوية الإقليمية” المرتكزة على مشروع سياسي يحمل اسمه.
فجأة، عادت رؤية آلون السياسية إلى صلب الحياة السياسية، في إسرائيل والمنطقة بأكملها، حيث أعادت خطة ترامب “صفقة القرن” إحياء مفهوم التسوية الإقليمية، بروح رؤية آلون التي اقترحها بعد حرب حزيران/ يونيو عام 1967، وعلى الرغم من أن الحكومة الإسرائيلية لم تصادق عليها، فعليًا، إلا أن الممارسات والإجراءات الإسرائيلية، على أرض الواقع، عملت في روحية رؤيته التي استندت إلى فرض السيادة الإسرائيلية على جزء كبير من الأراضي الفلسطينية المحتلة، كحاجة ضرورية للدفاع عن “الأمن الإسرائيلي”، وإعادة الأراضي المأهولة بالسكان، ومعظم شبه جزيرة سيناء، إلى السيطرة العربية؛ وذلك من أجل التقدم في الحلول السلمية التي تُنهي الصراع العربي الإسرائيلي. وقد صُممت الخطة لتشمل أقلّ عدد ممكن من العرب، في المناطق التي ستعلن إسرائيل السيادة عليها، لتجنب الخطر الديموغرافي الذي يشكله بقاء سكان الضفة الغربية الفلسطينيين داخل “حدود دولة إسرائيل”. (1)
لخّص آلون نظريته تلك، في بحث بعنوان “الدروس المستفادة من حرب يونيو 1967” -نشرته صحيفة معاريف- وجاء فيه: “إن الأمن لا يتحقق بالضمانات الدولية، ولا بالقوات الدولية، ولا بمعاهدات السلام، إنه يتحقق فقط بالأرض، تلك الأرض التي تصلح كقواعد للهجوم الإسرائيلي في المستقبل”.
ووفقًا للخطة، التي كان اسمها الرسمي “مستقبل الأراضي المحتلة وطرق معاملة اللاجئين الفلسطينيين”، فإن الحدود الشرقية لـ “دولة إسرائيل” ستمرّ عبر نهر الأردن، وتستمر عبر البحر الميت، وعلى طول حدود الانتداب في منطقة غور الأردن، والأجزاء الشرقية من جبال الضفة الغربية التي كانت (آنذاك) قليلة الكثافة السكانية. الأجزاء المتبقية من الضفة الغربية التي يقطن فيها غالبية السكان الفلسطينيين كانت ستصبح أراضي تحت الحكم الذاتي الفلسطيني، أو ستعود إلى الأردن، ومن ضمنها ممر إلى الأردن من أريحا. وإضافة إلى ذلك، ستحتفظ إسرائيل بمناطق ذات صلة بالأمن، تشمل الجبال المحيطة بالقدس (منطقة غوش عتسيون، مناطق بنيامين والقدس الشرقية)، وجنوب قطاع غزة (منطقة رفح) وأجزاء من سيناء. وستعمل إسرائيل على إقامة الدويلة الدرزية، في الجولان السوري المحتل. (2)
الحرب السورية فتحت شهية إسرائيل لتحقيق مشاريع قديمة
مع اندلاع ثورات الربيع العربي، وخاصة الثورة السورية (آذار/ مارس 2011) تلخّص الموقف الإسرائيلي منها بخطاب: “دعوا العرب يقتتلون بهدوء…” (الكاتب والمحلل العسكري في صحيفة “يديعوت أحرونوت” ليكس فيشمان، يديعوت أحرونوت، 12/ 6/ 2013). إلا أنها استغلّت الصراع في سورية، لفرض أجندات أمنية إسرائيلية، تضمن مصالحها الاستراتيجية، تحسبًا لحدوث تغيرات على أرض الواقع تنسف الهدوء الذي تمتعت به على جبهة الجولان الشمالية، طوال خمسة وأربعين عامًا. فنسجت علاقاتٍ مع التنظيمات الإرهابيّة المعارضة للنظام في الجنوب السوري، وأقامت نقطة عسكرية بعمق 4 كم، داخل الأراضي السورية المحاذية لخط وقف إطلاق النار، كما استقبلت المقاتلين الجرحى، وضحايا مدنيين، في المستشفيات الإسرائيلية، تعرضوا لإصابات في الحرب السورية، لإظهار إنسانيتها أمام الرأي العام المحلي والعالمي، واستثمار الصراع لتعزيز مصالحها وتطلعاتها، ونظرت إلى الصراع في سورية، كصراع بين طوائف متعددة، يجب إنهاؤه بإقامة عدة دويلات في سورية: واحدة للمسلمين السنة، وثانية للعلويين، وثالثة للدروز، ورابعة للأكراد.
وقد استخدمت إسرائيل، على مدار أكثر من سبعين عامًا، استراتيجيتها في التعامل مع المواطنين العرب داخلها، ضمن سياسية طائفية، فقسمتهم إلى أوساط سنية وبدوية ومسيحية وشركسية ودرزية، وكان للدروز النصيب الأكبر في سياستها، التي نجحت في استمالة قياداتهم الدينية والتقليدية، وفرضت عليهم التجنيد الإجباري، ضمن استراتيجية “حلف الدم”، الذي كان بذرة تحالف الصداقة والأخوة وترابط الأقدار بين اليهود والدروز، في إشارة إلى الزعم التوراتي، بوجود مصاهرة بين النبي موسى، والنبي شعيب المقدّس لدى الطائفة الدرزية. (الدروز في الدولة اليهودية تاريخ مختصر /1999 المؤرخ قيس فرو).
وجاءت الثورة السورية والمآلات التي تحولت إليها بعد عسكرتها وأسلمتها، واستخدام الجماعات الإسلامية للشعارات الدينية، في ظل انحسار دور وفاعلية القوى العلمانية الوطنية وخطابها الوطني التقدمي الديمقراطي، وظهور الحركات الإسلامية المتطرفة، وتهديدها للسكان الدروز في سورية، كأقلية طائفية تعيش ضمن النسيج الوطني السوري، في جبل السماق، وجبل العرب، وقرى جبل الشيخ في الجولان، خاصة بعد الهجوم الذي شنه مقاتلو تنظيم (داعش)، عام 2018، على قرى المقرن الشرقي في محافظة السويداء، وسقوط أكثر من 250 شهيدًا وشهيدة في المعركة التي زُج بها السكان، بعد انسحاب الجيش السوري الغامض والغريب بأيام قليلة، الأمر الذي فُسر بأنه محاولة من النظام لوأد وردع الحركات والأصوات المناهضة له في المحافظة التي رفضت انخراط أبنائها في المشاركة في قتل الشعب السوري، ورفض أكثر من 50 ألف عسكري العودة إلى وحداتهم العسكرية، الأمر الذي أتاح لبعض الأدوات والأصوات الدرزية، في إسرائيل، المناداة بضرورة حماية الدروز من قبل إسرائيل التي عملت من أجل كسب أصوات في الداخل السوري تؤيد تدخّل إسرائيل، والترويج لفكرة “الكيان الدرزي” الذي يمتد من الجولان إلى السويداء، والدفع نحو إقامة كيانات مذهبية وطائفية وإثنية، تعيش ضمن الفلك الإسرائيلي، الأمر الذي رفضته كل القيادات والشخصيات والقوى الوطنية الدرزية في الجولان المحتل، والسويداء، والمغترب رفضًا قاطعًا.
الدويلة الدرزية
في أيار/ مايو 1921، أعلن الانتداب الفرنسي في سورية إقامة “دولة جبل الدروز”، وتولى رئاستها الأمير سليم الأطرش، بمعاونة مستشارين فرنسيين، وكانت تشمل محافظة السويداء الحالية، وامتدّ نفوذها إلى القرى الدرزية في البقاع اللبناني والجولان السوري، ومناطق الأزرق في إمارة شرق الأردن، حيث حمل سكانها بطاقة هوية صادرة عن دولة جبل الدروز، كمكان إقامتهم، واستمر العمل بها حتى عام 1936، حين عادت إلى الدولة السورية.
في تلك الفترة، عملت فرنسا على إنشاء دويلات صغيرة، في أجزاء أخرى من المناطق السورية التي تخضع للانتداب الفرنسي: (الدولة العلوية. دولة دمشق، دولة حلب. دولة الأكراد، دولة الدروز) وكان جبل الدروز موطنًا لحوالي 50,000 نسمة، معظمهم من الموحدين الدروز. في العام 1925 انطلقت الثورة السورية الكبرى في الجبل، بقيادة سلطان الأطرش، وانتشرت إلى كل الأرجاء والمناطق السورية، وطالبت بوحدة الأراضي السورية، ورفض التقسيمات الطائفية، وانتهت بإعادة توحيد كامل الأراضي السورية، باستثناء لواء إسكندرونة الذي أُلحق بالدولة التركية، في العام 1939.
بعد نحو 30 سنة من ذلك، في العام 1967، أعلن السياسي الإسرائيلي إيغال آلون، وهو أحد قادة حزب العمل الإسرائيلي، رؤيته السياسية، وهي تتضمن، في تفاصيل منها، استئناف استقلال الدروز ضمن دويلة طائفية، تتمتع بالحكم الذاتي، تتحالف مع إسرائيل ضمن فكرة ورؤيا صهيونية شاملة، لإقامة دويلات طائفية محيطة بالحدود مع إسرائيل. واستندت فكرته إلى ملخض رسائل بن غوريون (أوّل رئيس وزراء لإسرائيل) وموشى شاريت (ثاني رئيس وزراء لإسرائيل) المتبادلة، من أجل إقامة دولة مارونية في لبنان، تكون مدينة جونيه عاصمة لها، تحت الرعاية الإسرائيلية، وأجرى آلون اتصالات، من خلال جهاز الموساد الإسرائيلي، مع عائلات وشخصيات درزية تقليدية ودينية وسياسية، في سورية ولبنان، وفي الجولان السوري المحتل، بعد إحكام السيطرة عليه. ويرى آلون أن على إسرائيل، المحاصرة بعالم عربي معاد، أن تبحث عن حلفاء في دول غير عربية في الشرق الأوسط، وأن تجد ضمن الأقليات الدينية والطائفية الإثنية، مثل الأكراد في العراق، والمسيحيين في لبنان، والدروز في سورية، حلفاء محتملين لإسرائيل، لخلق كيانات طائفية شبيهة بإسرائيل، تتطلع إلى تحقيق أحلامها وآمالها في الاستقلال الذاتي لإدارة شؤونها.
بعد انتهاء الحرب عام 1967، قام العديد من القادة والضباط والوزراء ورجال الدين الإسرائيليين بزيارات متكررة إلى قرى الجولان السوري المحتل، التي لم تمتد إليها يد التهجير والطرد في شمال الجولان، والتي ينتمي سكانها إلى الطائفة المعروفية التوحيدية الدروز، وأجروا هناك لقاءات محلية مع شخصيات اجتماعية وسياسية ودينية، حيث زار موشي ديان (وزير الدفاع) وإيغال آلون (وزير)، مجدل شمس أكثر من مرة. واجتمعوا مع عدد من الشيوخ والزعماء التقليديين، حاملين رسائل التهدئة والاطمئنان للسكان، خاصة بعد تهجير وطرد معظم سكان قرى ومدن الجولان المحتل، وتدميرها لاحقًا، كما حملوا رسائل سياسية خطيرة، وصفها الإسرائيليون بأنها “مشروع سياسي جديد لإقامة سلام دائم متمثل في مشروع الدويلة الطائفية”. (قصة الدولتين المارونية والدرزية بيروت 1985).
بعد سنتين من إقامة الكيان الإسرائيلي على أرض فلسطين، استطاع ضباط من الاستخبارات العسكرية السورية، ومنهم عميد دفاع الحزب القومي السوري الاجتماعي كمال كنج أبو صالح، اختراق عمل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية التي جندت في تلك الفترة عددًا من أبناء الجولان للعمل في صفوفها، والتجسس لصالح الدولة العبرية، من خلال التنسيق مع ضباط الأمن السوري (المكتب الثاني) ورئيس فرع المخابرات أكرم ديري، ورئيس الحزب الاشتراكي العربي أكرم الحوراني الذي كان ضابطًا في الجيش على الجبهة السورية، حيث استطاع الكنج، وهو ضابط في المخابرات السورية، الكشف عن خلايا الجواسيس الذين زرعتهم إسرائيل في الجولان، والاطلاع على رسائل موشي شاريت ودافيد بن غوريون التي جاء فيها أن “الحلم الإسرائيلي يعمل على إيجاد زعامة مسيحية في لبنان، تعمل بدعم إسرائيل لإقامة الدولة المارونية”، وعندئذ، بحسب المراسلات؛ فإن شيئًا في العالم لن يمنع الدروز من إقامة دولتهم الخاصة بهم. (المصدر السابق)
وبسبب موقع (الكنج) ومكانته السياسية والاجتماعية؛ أصرّ القادة الإسرائيليون على إيجاد وسيلة من أجل الاجتماع به، على الرغم مما تكبدوه من خسارة نتيجة عمله في السابق، فعملوا على إقناعه بحضور أحد الاجتماعات بخصوص مناقشة موضوع مهم جدًا، يخص مصير ومستقبل السكان الدروز في الجولان، ولبنان والأردن والجولان. وقد كان سكان الجولان آنذاك أمام خيارات غامضة وخطيرة، بحسب ما جاء في بروتكولات أحد اللقاءات، على لسان الضابط الإسرائيلي الكابتن إسماعيل قبلان، المطلوب للعدالة السورية لجرم جزائي ارتكبه قبل الهدنة عام 1948، وانضم بعدها إلى الجيش الإسرائيلي في كتائب شركسية ودرزية لحراسة الحدود، وقد أبلغ وجهاء الجولان بضرورة قبول العرض الإسرائيلي قائلًا: “إن إخراجكم من قراكم خطة مدروسة جديًا، وخلال أيام سوف يتم الترحيل، إذا رفضتم المشروع”. وبعد أيام، قرر وجهاء الجولان أن يتظاهروا بقبولهم المشروع، بشرط أن يكون الشيخ كمال كنج، وحده، الصلة بينهم وبين السلطات الإسرائيلية؛ لأنه أدرك أن السياسيين الإسرائيليين يهدفون إلى خلق دويلات طائفية على غرار إسرائيل ذاتها، الدين فيها أساس، وإلى إقامة حزام أمني واق يفصل بين إسرائيل وجيرانها العرب، وكان من المفروض أن تمتد هذه الدويلة من ساحل المتوسط إلى جنوب سورية والسويداء وقسم من جنوب لبنان، وجبل لبنان، والجولان، وتتلو المؤامرةَ إقامة دويلات طائفية أخرى مسيحية شيعية وعلوية وسنية، وهذا نموذج إسرائيلي لتقسيم وتفتيت سورية. (المصدر السابق)
لقد أرادت إسرائيل، من خلال سياسة تهجير وطرد سكان الجولان، إفراغ الجولان من سكانه العرب السوريين، إلا أنها لم تجعل العرب الموحدين “الدروز” يشعرون بوطأة الاحتلال وتهديداته ومضايقاته؛ لأن العدوان كان قد رسم الهدف السياسي للمؤامرة الإسرائيلية، في البدء بتنفيذ مشروع إقامة الدولة الدرزية، بعد أن تأجل قيام الدولة المارونية في لبنان، التي خططت لها إسرائيل قبل احتلال الجولان، وبسقوط الجولان؛ اكتسبت إسرائيل فرصة من أجل تشكيل نموذج قيام دويلات طائفية في المنطقة، بعد نجاح النموذج اليهودي في فلسطين، من أجل أن تحصد وحدها ثمار هذا التمزق العربي، في استقرارها واقتصادها ومكانتها العسكرية والإقليمية، إن نجحت الدويلات الطائفية.
ووفق الخطة الإسرائيلية التي تسبق قيام الدولة الدرزية، فستتم زيادة وتشجيع الوجود الفلسطيني المسلح في المناطق اللبنانية المجاورة لإسرائيل في جنوبي لبنان، وتشجيع الوجود الفلسطيني المسلّح في قرى درزية قريبة من حاصبيا وراشيا والبقاع الغربي، وتشجيع الاعتداءات العسكرية والهجومية الفلسطينية، على قرى الجليل والمستوطنات الإسرائيلية، وعندئذ سيكون رد إسرائيل مناسبًا وغير حاسم، ولكن إلى أن يطفح الكيل، وتجد إسرائيل المبرر الدولي المقبول والمعقول، فتقوم باجتياح جنوب لبنان وسورية، متذرعة بالقضاء على “المخرّبين”، وتسيطر عليها، وسيكون الهجوم الإسرائيلي مدرعًا بعد قصف مدفعي وغارات جوية إسرائيلية كافية لدخول القوات المدرعة من دون عناء يذكر، وستسلك القوات الإسرائيلية محاور معينة لتصل إلى نقاط وخطوط معروفة في عمق الأرض المحتلة، ثمّ تقيم إسرائيل حزامًا أمنيًا، وتعلن -بالاتفاق مع الزعماء الدروز- تشكيل “الإمارة الدرزية”، ويتم الاعتراف بها من قبل الولايات المتحدة الأميركية، وتُرصد لهذه الدولة ميزانية تبلغ حوالي 30 مليون دولار.
في العام 1970، داهمت السلطات الإسرائيلية منزل كمال الكنج، بعد تسريب تفاصيل الخطة الإسرائيلية، إلى كمال جنبلاط والرئيس عبد الناصر، والقيادات الأمنية في سورية ولبنان، وعثرت فيه على كلاشينكوف و3 مسدسات، واعتقلته برفقة ضابط في الجيش السوري (نزيه توفيق أبو صالح) وأحالته إلى المحكمة العسكرية في مدينة القنيطرة المحتلة، حيث وجهت إليه 19 تهمة. ثم تنقل من مركز التحقيق في روشبينا والجلمة وعكا، وأصدرت أحكامًا عليه بلغ مجموعها 300 سنة، على أن تنفذ منها فعليًا 23 سنة، فيما استطاع الضابط السوري (نزيه توفيق أبو صالح) وأسرى عرب آخرون، تنظيم عملية هروب جريئة من معسكر الاعتقال الخاص بأسرى الحرب.
الضم والاستيطان والأمن خط أحمر في خطة آلون
بعد فشل فكرة إقامة الكيان الدرزي في سورية، أشار آلون، في معظم رسائله وخطاباته، إلى مسألة “الحدود الاستراتيجية والإقليمية الآمنة لإسرائيل”، ورفض فكرة أن الحروب العصرية تحسمها الطائرات والصواريخ السريعة والعابرة، لكنه شدد على أهمية الوجود البشري في حسم الحروب، ومن هنا؛ دعم تعزيز الاستيطان اليهودي في الجولان، وضمّه إلى السيادة الإسرائيلية، وتوسيعه لاحقًا، لخلق ظروف مواتية أكثر، من أجل إنشاء دولة درزية صديقة مجاورة، تتمركز على الجبال الدرزية في سورية ولبنان.
قبل حرب الأيام الستة/ حرب حزيران، أشار آلون إلى المشكلة الوجودية التي تهدد إسرائيل، بسبب سيطرة سورية على الجولان. وكتب في كتابه (جدار من الرمل): “على هذه الحدود، يتمتع السوريون بميزة طبوغرافية بارزة، وبسبب ذلك، فإنهم يهددون مستوطناتنا، وكذلك شواطئ بحيرة طبريا، ومعظم الموارد المائية”. لقد أدرك آلون أن الحرب، بين إسرائيل والدول العربية، هي مسألة وقت، ورأى أن هذه الحرب فرصة لتغيير الوضع الاستراتيجي لإسرائيل، من خلال توسيع حدودها، خلال حرب الأيام الستة، وقد عارض آلون بشدة وقف تقدم القوات الإسرائيلية على الحدود الحالية، وفي مقابلة مع التلفزيون الإسرائيلي قبل وفاته في عام 1980، قال إنه شجع وموّل -من ميزانية وزارة العمل التي كان يرأسها- صعود المستوطنين الأوائل إلى الجولان، بعد خمسة أسابيع من انتهاء الحرب، وكان أول من دعا إلى ضمّ الجولان إلى السيادة الإسرائيلية، في وقت مبكر من العام 1968، وإلى إنشاء مدينة إسرائيلية في الجولان، إلا أنه في اجتماعه مع مجموعة الكيبوتس الموحد، في تموز/ يوليو1967، قال إنه “مستعد لعقد اتفاق سلام مع سورية، شريطة الحفاظ على مرتفعات الجولان”. وبعد ست سنوات؛ كرر مواقفه السابقة، في مقالة له بعنوان “استراتيجية السلام” قال فيها: إن “قبضتنا القوية على مرتفعات الجولان، وقمم جبل الشيخ، أمرٌ حيوي ليس فقط لحماية مستوطنات الحولة والجليل من نيران المدفعية السورية، وإنما لأجل خلق زخم استيطاني يهودي في الجولان، الذي اعتبره جزءًا لا يتجزأ من إسرائيل، قانونًيا وسياسيًا وأمنًيا واستيطانيًا. يحمي أمننا ووجودنا على المدى الاستراتيجي البعيد، وحماية مصادر المياه لبحيرة طبريا.. مرتفعات الجولان كانت دائمًا جزءًا من إسرائيل. ولولا العنصر البشري الكثيف، ما كانت دولة إسرائيل هنا، وما كان الجولان معنا. من الضروري أن نبقى هنا، ليس من أجل التاريخ فحسب، وإنما من أجل المستقبل.. وإضافة إلى حاجتنا إلى الراغبين في الموت من أجل الحدود، نحن بحاجة إلى الراغبين في العيش بالقرب منها ولأجلها. للمستوطنات في الجولان دورٌ حاسم في تأصيل وتثبيت الوجود الإسرائيلي، في أي موقع، ونريده في مرتفعات الجولان”. (3)
المصادر العربية
- – من هو في سورية 1949(الوكالة العربية للنشر والدعاية في دمشق 1949)
- – قصة الدولتين المارونية والدرزية بيروت 1985 لمحمد خالد قطمة.
- – نجل الشيخ المرحوم المحامي مجد كمال أبو صالح
- – المؤرخ الإسرائيلي «شمعون أفيف» في كتابه “سدر النحاس”
المصادر العبرية:
- – مقابلة مع رفائيل غرابلي في صحيفة هآرتس الإسرائيلية، أجراها يراح طل: 5/6/1982
- – أيوب القرا (دولة الدروز) معاريف 5/6/2015 يوسي ميلمان
- – أحياء خطة آلون، أوري هيتنر/ شيشي بغولان 26 בפברואר 2020
https://main.knesset.gov.il/mk/pages/MkPersonalDetails.aspx?MKID=682
https://www.haaretz.co.il/literature/study/.premium-REVIEW-1.8922036