عنوان المادة الأصلي باللغة الإنكليزية:U.S. Helps Drive 200,000 Syrians From Their Homes
اسم الكاتبروي غوتمان، Roy Gutman
مصدر المادة الأصليديلي بيست، DAILY BEAST
رابط المادةhttp://www.thedailybeast.com/us-helps-drive-200000-syrians-from-their-homes
تاريخ النشر6/1/2017
المترجموحدة الترجمة والتعريب: أحمد عيشة

 

تحلُّ الآن الجولة الأخيرة من الكارثة الإنسانية في سورية، لكن هذه المرة بمساعدة التدخل العسكري الأميركي وتحريض منه.

تصل القوافل يومًا بعد يوم، وهي مجموعةٍ من العربات الصغيرة القديمة، والدراجات النارية ذات العربات الجانبية، والمركبات الزراعية ذات العجلات الثلاث، المكتظات بالسوريين المحتاجين الذين يفرّون من الهجوم الذي تقوده الولايات المتحدة، لطرد ما يسمى الدولة الإسلامية من عاصمتها، الرقة، والمنطقة المحيطة بها.

ووفقًا لمسؤولين محليين في هذه المنطقة التي تسيطر عليها تركيا شمال سورية: إنَّ ما لا يقل عن عشرة آلاف من النازحين العرب وصلوا إلى هنا في الشهر الماضي وحده.

إنّهم ليسوا سوى شريحةً من المدنيين البالغ عددهم 200 ألف شخص، بحسب ما تقوله الأمم المتحدة، شُردوا بسبب الهجوم المدعوم من الولايات المتحدة منذ تشرين الثاني/ نوفمبر، 160 ألفًا في الشهرين الماضيين وحدهما. عاد بعضهم إلى قراهم الأصلية، لكنَّ عددًا كبيرًا منهم يعيش في العراء وفي الخيام أو في سياراتهم أو في مخيماتٍ موقتة.

لا تتحمل الحكومة الأميركية المسؤولية عن المدنيين المشردين، بعد أن سلّمت تلك المسؤولية إلى شركائها المختارين على الأرض، بقيادة ميليشيا كردية مثيرة للجدل.

تكشف المقابلات التي أجريت مع أربع عائلات مشردات داخليًا/ نازحات؛ عن نمطٍ من التمييز الذي سيثير العداوة، وبالتأكيد كله لسنواتٍ مقبلة بين الأغلبية العربية والأقلية الكردية في شمال سورية.

بعد القصف الأميركي لطرد مقاتلي داعش من القرى التي احتلوها، فإنّ الوكلاء الذين أنشأتهم الولايات المتحدة على الأرض _قوات سوريا الديمقراطية (قسد)_ يدخلون القرى، ويأمرون السكان العرب معظمهم بالمغادرة تحت تهديد السلاح، إذ يقول الناس إنّهم جُردوا من بطاقات هوياتهم، وعُوملوا مثل قطيع الماشية، مُساقين إلى معسكر ترحيل.

إنّ قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تضم عربًا في صفوفها، ولكن يهيمن عليها الأكراد، تطلب من هؤلاء النازحين داخليًا -كما يُطلق عليهم في المصطلحات الإنسانية- العودة إلى ديارهم، بشرط تأمين كفيلٍ محلي، وإلا فإنّ خيارهم الوحيد هو الخروج من المنطقة. إذ يصل كثيرون إلى جرابلس، يحملون أوراق سفرٍ تسمح لهم برحلةٍ واحدة، وفي اتجاه واحد من منطقة الرقة في غضون 24 ساعة.

وبينما يبدو ذلك (تطهيرًا عرقيًا) يقوده الأكراد، تقول وزارة الخارجية الأميركية، إنّ عشرات الآلاف من العرب عادوا إلى ديارهم في المراحل الأوليات من العملية، إلا أنّ الممارسة الحالية لقوات سورية الديمقراطية المتمثلة بطلب كفيل، والاستيلاء على هويات النازحين، تبدو خرقًا للقانون الإنساني الدولي.

مدينة جرابلس، هي بلدةٌ حدودية استعيدت نتيجة لعملية درع الفرات التي دعمتها تركيا في آب/ أغسطس الماضي، تُعدّ نقطة جذبٍ للنازحين من شمال سورية كله، لأنّها آمنةٌ من قصف نظام الأسد وروسيا، وذلك بفضل الوجود العسكري التركي. وقال مسؤولون محليون، إنّ نحو خمسة آلاف نازحٍ من الرقة يعيشون في جرابلس وحدها، وخمسة آلاف آخرين متناثرون في مساحة 810 ميل مربع، تسيطر عليها تركيا، ويعيش كثيرون في الخيام على جوانب الطرقات.

قال خيرو عبد الله عبود، 34 عامًا، الذي وصل إلى المنطقة التي تسيطر عليها تركيا مع زوجته، وأطفاله الخمسة في أوائل أيار/ مايو: «قالوا لنا (قسد): يمكنكم الذهاب إلى أيّ مكانٍ تريدونه، لكنْ ليس إلى مناطقنا».

وكان أبو ياسر، 60 عامًا، وهو صيادٌ، ومقيمٌ دائم في قريةٍ بالقرب من سد الطبقة، له قصةٌ مماثلة. فقد فرَّ هو وأسرته، المكوّنة من 12 فردًا، من هجوم بقيادة الولايات المتحدة، مشيًّا، ووصلوا إلى هنا الأسبوع الماضي، بعد رحلةٍ مروعة استمرت ستة أيامٍ، بشاحنة (ميكروباص والبيك أب)، وقال إن (قسد) أخبرتهم: «لا يُمكن للعرب البقاء هنا».

وعلى بعد خمسين ميلًا جنوبي غرب جرابلس، نصبَ محمد العمر، 74 عامًا، خيمةً لأسرته المكوّنة من 14 فردًا، بعد أنْ أُجبروا على الخروج من قرية قرب الرقة في إثرَ قصفٍ أميركي.

وقال العمر، وهو من بلدة دابق، في مقابلةٍ مع الصحافيين، إذ وصل بشاحنة (بيك أب) مهترئة، قبل أسبوعين: «إنّ الأكراد طردوني، وعائلتي، والقرية كلها، كانوا ينادونا بأسماءٍ مهينة (حمير، حيوانات». وأحد المقاتلين الأكراد سماه (خائن يعمل لصالح تركيا، وضدنا).

في المخيم -في عين عيسى- شمالي الرقة، حيث يخضع النازحون لتحقيقاتٍ أمنية، يقول المسؤولون: إنَّ النازحين داخليًا لديهم خيارٌ آخر: البقاء هناك إلى أجلٍ غير مسمى، ولكن هذا يعني العيش في خيمةٍ مع قليل من المياه، تقريبًا من دون طعام، وعمليًا من دون أيّ خدمات. وقال المتطوعون: إنّه من بين الـ 150 ألف شخصٍ من الذين مروا في عين عيسى منذ تشرين الثاني/ نوفمبر، اختار نحو 8 آلاف البقاء فيها.

ويبدو أنَّ الحكومة الأميركية تقود الهجوم على الرقة، غير مباليةٍ بالعواقب الإنسانية لعملياتها العسكرية.

قال عمر علوش المتحدث باسم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني (PYD) الذي يدير منطقة شمال سورية: «الأميركيون موجودون في مخيم عين عيسى، وقد زاروا المخيم. ولم يفعلوا سوى التقاط الصور».

وقالت وزارة الخارجية الأميركية ردًا على أسئلةٍ من صحيفة (ديلي بيست): إنّها عرفت بـ (تقارير) عن عمليات تشريد. وقال المتحدث «إننا نشعر بالقلق تجاه أيّ ادعاءاتٍ حول رفض السماح للسكان بالعودة، نحن نواصل إشراك قيادة (قسد)، والسلطات المحلية للسماح بالعودة الآمنة، والطوعية للمشردين داخليًّا/ النازحين كلهم إلى ديارهم».

لكنّ الإدارة رفضت الإجابة عن أسئلةٍ حول المعاملة التي يلقاها النازحون داخليًا في الطريق، أو عن كيفية الاستيلاء على وثائقهم، أو إصدار أوراق سفرٍ شرطية، أو شرط الكفالة الذي تطلبه (قسد)، أو الإجراءات في مخيم عين عيسى.

 

 

لاجئون نتيجة العمليات الأميركية على الرقة.

سورية: عبد الله عبود، 34 عامًا، سافر إلى جرابلس، مع زوجته، وخمسة أطفال صغار في عربة زراعية ذات ثلاث عجلات، تنام فيها الأسرة أيضًا في الليل. وقال مسؤولو العبور في معسكر عين عيسى له في مطلع أيار/ مايو: «يمكنك الذهاب إلى أي مكان تريد، ولكن ليس إلى منطقتنا».

وفي ليلة الأربعاء، أشارت الإدارة للمرة الأولى إلى وجود أزمة، وفي تصريحٍ جديد قالت: نحن «نعمل مع شركائنا على الأرض لتوسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستمرة للمدنيين، الذين هم في أمسّ الحاجة إلى الغذاء، ومياه الشرب الصالحة، والرعاية الطبية العاجلة».

وتزعم القيادة المركزية الأميركية بأنّها تعرف بصورةٍ أقل عن عمليات التهجير القسري. وأضافت: «لم نسمع أيّ تقاريرٍ مؤكّدة عن هذه الحوادث»، وذلك لدى سؤالهم عن شكاوى النازحين الجدد.

«إنّ دعم التحالف لقوات شريكنا السوري يشدد على توفير المعلومات الاستخبارية، والمراقبة والاستطلاع، والمستشارين، والضربات الجوية والمدفعية الدقيقة، والمعدات والتدريب». بحسب ما قالته القيادة المركزية في رسالةٍ إلكترونية.

وقالت القيادة أيضًا: «منظمات المساعدة الإنسانية الدولية موجودةٌ في مخيمات مختلفة في أنحاء شمال سورية كلها، ولكن لا يمكننا التحدث عن أدوارٍ محددة في كلًّ من هذه المواقع». ولكن من الواضح أنهم ليسوا موجودين على الأرض إطلاقًا.

رفضت القيادة التعليق على ممارسة (قسد) المتمثلة بمطالبة المشردين داخليًا/ النازحين بالعثور على كفيلٍ من أجل العودة إلى قراهم، غير أنَّ التحالف (يدعم حق السكان في شمال سورية في حكم أنفسهم، ومنع عودة داعش).

إنَّ الأمم المتحدة أكثر صراحةً، إذ قالت في تقريرٍ صادر عن الأمين العام للأمم المتحدة يوم 23 أيار/ مايو:([1]) «ما تزال حرية تنقل المشردين داخليًا/ النازحين، تمثل مصدر قلقٍ في ما يتعلق بالنزوح الجاري من الرقة، بسبب متطلبات التدقيق الأمني، والكفالة التي تفرضها (قسد) التي تقودها وحدات حماية الشعب على النازحين للبقاء في المنطقة».

ووفقًا لتقريرٍ صادر عن الأمم المتحدة في 28 أيار/ مايو، أصبح 200،000 مدنيّ بلا مأوى، منذ تشرين الثاني/ نوفمبر ([2]) كلهم من المدن والقرى التي يسيطر عليها تنظيم داعش حول الرقة. وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية: إنَّ 20 ألف شخصٍ وصلوا إلى المخيم الأسبوع الماضي وحده، أكثر من 9 آلاف شخصٍ في مدى يومين. وفي وقتٍ ما، قررت السلطات الكردية منع النازحين من مغادرة المخيم، لكن إدارة المخيم اختارت ألا تطبق القرار، وفقًا للتقرير.

ويبدو أنَّ غياب التنبيه الواضح من الحكومة الأميركية حول الضائقة الإنسانية الناجمة عن هجوم الرقة يتعارض مع الممارسة طويلة الأمد المتمثلة في إيفاد فرق الشؤون المدنية إلى مناطق التدخل العسكري الأميركي. ولكن ذلك طوعيًا.

وقال العقيد ريان ديلون، المتحدث باسم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في المعركة مع داعش: «نحن نعمل مع _ومن خلال قوات شركائنا_ العراقيين والسوريين، وقال في رسالةٍ إلكترونية: إنهم يقودون الدوريات، ويديرون الغارات، ويخالفون الحكومات، ويختارون مشروعاتهم».

ويتجلى هذا الإهمال في مخيم عين عيسى نفسه، الذي يضم الآن 700 خيمة من الأمم المتحدة _لخدمة 1000 أسرة_ ولكن لا شيء آخر. إذ قال تقرير الأمين العام للأمم المتحدة في أيار/ مايو: إنّ 35 ألف شخص كانوا في عين عيسى، والمنطقة المحيطة بها في نيسان/ أبريل، إلا أنّ الأغلبية كانوا يعيشون في العراء.

وقالت الأمم المتحدة، إنها قدمت الغذاء لـ 2830 شخصًا في عين عيسى خلال الأسبوع من 15 إلى 22 أيار /مايو، عندما وصل 20 ألف شخصٍ إلى هنا.

وقال المتحدث باسم حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD): «نحن نحصل على قليل جدًا من المساعدات بأي طريقة». بدأ رمضان يوم السبت، ولمدة شهر يصوم المسلمون طوال النهار، ويفطرون كلّ يومٍ عند غروب الشمس، ولكنْ في عين عيسى، قال علوش إنّه يمكنه أنْ يؤّمن طعام الإفطار لمئة أسرةٍ فقط، وكان على الآخرين أن يؤمنوا لأنفسهم.

وتوقع عبد السلام حمسورك، وهو من مجلس مدينة الرقة، عينته (قسد) حكومة في المنفى، وقوع (حالة كارثية)، عندما تبدأ العملية العسكرية الرئيسة في تطهير داعش من مدينة الرقة، المتوقعة في الشهر القادم.

وكان الإبلاغ عن المدنيين الذين شردهم هجوم الرقة ضئيلًا، ويرجع ذلك جزئيًا إلى محدودية إمكان الوصول. وفي إشارةٍ الى المخاوف الأمنية، تحدُّ الحكومة التركية من وصول الصحافيين الى الأراضي التي تسيطر عليها، إذ سمحت الحكومة لمراسل (ديلي بيست) بالسفر إلى هنا مع مرافق فقط، وقدّمت سيارة دفعٍ رباعي مدرعة، ووحداتٍ من قوات المعارضة السورية المسلحة، في شاحنتين (بيك أب) صغيرتين للحماية.

 

محمد أحمد العمر، 74 عامًا، يقف أمام خيمته في دابق، سورية، حيث وصل مع عائلته من الرقة، سورية.

سافروا في شاحنته بيك أب موديل 1974 وجلب خيمته الخاصة؛ «أنا بدوي؛ يحمل البدو خيمهم الخاصة»

المناطق التي يسيطر عليها الأكراد شمال سورية، على بعد 130 ميلًا من الحدود التركية، ويطلق عليها حزب الاتحاد الديمقراطي (روج آفا) أو كردستان الغربية، هي قصةٌ أخرى. الجناح العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي، وحدات حماية الشعب (YPG)، هو الشريك/ التابع السوري لحزب العمال الكردستاني أو PKK الذي هو في حالة حربٍ مع تركيا، إذ أغلقت تركيا المعابر الحدودية كلها في تلك المنطقة. وكثيرًا ما تعاون حزب الاتحاد الديمقراطي، مع نظام الأسد الذي سلّمه السلطة في هذا الجزء من سورية، ولم تعترف أيّ حكومةٍ في المنطقة بشرعيتها. لا يمكن للصحافيين الوصول إلا عبر شمال العراق، إذا كانت الحدود مع حكومة إقليم كردستان مفتوحةً.

وعلاوةً على ذلك، تعارض تركيا بشدةٍ اعتماد الولايات المتحدة على ميليشيا وحدات حماية الشعب بوصفها (قوة برية) تابعة لها، والقرار الذي اتخذته إدارة أوباما، والآن من إدارة دونالد ترامب، للمضي قدمًا مع هذا الحليف المحلي الذي أفسد العلاقات بين البلدين؛ الحليفين في الناتو.

وعلى الرغم من أنَّ تركيا كانت ممرًا رئيسًا لمساعدة النازحين داخليًا في أماكن أخر في شمال سورية، لكنها لا تسمح بشحنات المساعدات عبر الحدود في المنطقة الخاضعة للحكم الكردي، ما أجبر الأمم المتحدة على نقل الإمدادات إلى مطار القامشلي التابع للحكومة السورية، ثم نقلها إلى عين عيسى، في رحلةٍ لمدة خمس ساعات، ما يخلق وضعًا شبه مستحيلٍ بالنسبة إلى الإدارات المحلية التي تحاول توزيع المعونة الإنسانية.

تجدر الاشارة إلى أنَّ المتضررين من المواجهة بين الحليفين في الناتو (تركيا وأميركا)، هم السكان العرب أساسًا الذين هجرّتهم الحرب على داعش التي تقودها الولايات المتحدة. كثير منهم نزح مراتٍ عدة، بعد فرارهم من القتال من أماكن أخر في شمال سورية.

العمر، وعائلته المكونة من 14 فردًا من دير حافر، شرقي حلب، حيث كان يعمل مزارعًا، فرّوا إلى قرية ميسلون التي تسيطر عليها داعش، وهي قريةٌ تقع غربي الرقة، في أوائل شباط/ فبراير. وهناك حاول تهريب أسرته إلى المنطقة الكردية. لكن مسلحي داعش أوقفوه، وأطلقوا النار على شاحنته البيك أب 1974، وأجبروه على العودة إلى منطقة داعش. حيث قصف التحالف، الذي تقوده الولايات المتحدة، داعش في ميسلون، واستولى الأكراد على القرية.

وقال «لم أستطع الذهاب إلى مناطق الأكراد، هم جاؤوا إلينا».

وأمرتْ (قسد) سكان قرية ميسلون، والقرى المجاورة الأخرى _أكثر من 500 شخصٍ_ بالذهاب إلى عين عيسى على بعد 20 ميلًا، بعد مصادرة بطاقات هوياتهم في الطريق. أصيب كثيرون بالإحباط وهم يسافرون من دون بطاقات هوياتهم، ولكنّ العمر ظل في المخيم لمدة سبعة أيام، حتى يتحمل المسؤولية.

وقال: «في ذلك الوقت، حصلت على ربطتين من الخبز». ولكنّ أسرته ظهرت بحال جيدة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أنّ المأوى لم يكن مشكلةً، إذ قال: «أنا بدوي. والبدو يحملون خيمهم الخاصة».

ولم يكن لدى أبي ياسر (60 عاما) وهو صيادٌ من الدبسي، غربي الطبقة التي استولت عليها (قسد) في أوائل أيار/ مايو، أيّ واسطة نقلٍ، أو خيمةٍ خاصة به. فقد فرَّ هو وعائلته البالغ عددها 12 شخصًا من هجمات نظام الأسد الآتية من جنوبي قريتهم، و(قسد) من شماليها. وقال لمراسل صحيفة ديلي بيست في جرابلس الذي وصل منتصف الأسبوع الماضي: (لقد جئنا مشيًا). وقد نقلتْ القوات التي يقودها الأكراد الأسرة من المنطقة على مراحل. ناموا في المساجد طوال الليل، وعندما أصبح العدد كافيًا، نُقِلوا إلى المدينة التالية.

وقال الصياد (أبو ياسر): «عندما غادرنا قريتنا، لم تكن أيّ وجهة في ذهننا»، وأضاف «كنا نريد الذهاب إلى أيّ مكانٍ يستضيفنا».

وبعد اجتياز مدينة منبج التي كانت في السابق أكبر مدينةٍ عربية في طريق رحلتهم، طلبت العائلة التوقف في أحد المخيمات هناك.

وأضاف (لقد قالوا، لا يُسمح للعرب بالبقاء في منبج).

وصل خيرو عبد الله عبود، 34 عامًا، إلى جرابلس في عربةٍ زراعية ذات ثلاث عجلات، في أوائل أيار/ مايو، مع زوجته وأطفاله الخمسة. وكانت المحطة الرابعة في رحلةٍ استمرت أربع سنوات، بدأت من السفيرة، جنوب شرق حلب، عندما استولى النظام عليها من قوات المتمردين قبل نحو أربع سنوات، ثمَّ انتقلوا إلى مسكنة، وهي بلدةٌ تسيطر عليها داعش، وتبعد عن منبج حوالي 60 ميلًا إلى الجنوب الشرقي.

هاجم النظام مسكنة في منتصف آذار/ مارس، وانتقلوا مرةً أخرى، وهذه المرّة إلى حزيمة، وهي على بعد نحو 40 ميلًا إلى الجنوب الشرقي، وهي قرية شمالي شرق الرقة.

وفي أواخر نيسان/ أبريل، استولت (قسد) على تسع قرى في المنطقة، أمرتْ السكان جميعهم بالرحيل بتهديد السلاح.

وقال عبود: (كنا نُعامل مثل قطيع الأغنام). (كانوا ينادوننا بـ: عربو – داعش)، مستخدمين المصطلح العربي التحقيري للدولة الإسلامية في العراق والشام. ظلوا يتنقلون لمدة 10 أيام، يخيمون في العراء، حتى وصلوا إلى مخيم ترحيل في قرية خنيز، حيث قيل لهم أنْ يؤمنوا كفيلًا ليتمكنوا من العودة إلى قريتهم.

وقال (لم أرَ أحدا يقدم كفيلًا).

ثم طلب الحراس المسلحون من كلّ قريةٍ أنْ تقدّم أسماء 50 رجلًا يمكن أنْ يعودوا إلى القرية لحمايتها. وعرف عبود في وقتٍ لاحق أنّ المتطوعين أُخذوا مباشرةً إلى خط الجبهة. في قريةٍ واحدة، تطوّع 25 رجلًا، ولكن 10 فقط عادوا أحياء.

من خنيز، رحلوا إلى عين عيسى بقصد الإجراء النهائي. هناك، أصدرت السلطات قرارًا كتابيًا، يسمح له، ولأسرته، ونحو 50 آخرين بالخروج من المنطقة التي يسيطر عليها الأكراد. وقال (كان ذلك ترحيلًا).

يعيش الآن عبود وعائلته في الدراجة ذات العجلات الثلاث أو تحتها.

([1]) http://reliefweb.int/sites/reliefweb.int/files/resources/N1714673.pdf

([2]) المرجع السابق