عقد مركز حرمون للدراسات المعاصرة جلسات حوار، في الموضوع الثاني من “برنامج الحوار الوطني” الذي أطلقه حول القضايا الوطنية الأساسية التي تشكّل أسسَ إعادة بناء الدولة السورية بجوانبها الرئيسة، سواء التي تحظى بتوافق واسع، أو التي لا تحظى بهذا التوافق، وقد شارك في الحوار طيف عريض من الكوادر السورية، من أكاديميين وباحثين وسياسيين وناشطين، يمثلون مختلف التيارات والتوجهات الرئيسة الغالبة في سورية، وذلك من أجل المساهمة في بلورة توافق لرسم أسس الدولة السورية القادمة التي يريدها السوريون، ويعملون من أجلها، بما يشكل بداية لتجميع قوى السوريين.
ينطلق هذا الحوار من حقيقة أن القيمة الفعلية لأيّ وثيقةٍ -مهما كانت جيدة المحتوى والصياغة والسبك- تأتي ممن يتبناها، وتأتي من مستوى التوافق عليها، وبالتالي فإن اتساع نطاق تبنّي أي وثيقة هو ما يعطيها القيمة والقوة. وإنّ المركز، إذ يضع وثيقة مخرجات الحوار الأول على موقعه الإلكتروني، يدعو الجميع إلى مناقشتها والتعليق على ما ورد فيها، وسيقوم المركز بنشر ما يصل إليه من ردود وتعليقات، لإيمانه بأنّ الحوار يُغني المعرفة ويقرّب التوافق ويُهندس المسافات، فضلًا عن أنه مقدّمة أساسية للنتائج السليمة المنشودة.
مركز حرمون
خلاصة الحوار في الموضوع:
“نظام الحكم المناسب لسورية الجديدة”
في مرحلة ما بعد الكارثة السورية، يُعدّ اختيار نظام الحكم المناسب لسورية الجديدة، رئاسيًا كان أم برلمانيًا أم مختلطًا، أمرًا بالغ الأهمية، باعتباره أحد أهم أركان النظام السياسي، ولما يترتب عليه من آثار حاسمة على مصير البلاد ومستقبلها، إن لجهة خروج البلاد من محنتها، أو لجهة توفير الاستقرار والتعافي ورأب الصدوع المجتمعية وتحقيق السلم الأهلي، أو لجهة توفير حكومات فعالة قادرة على الإنجاز ومعالجة المشكلات المتراكمة، أو لجهة ترسيخ أسس نظام ديمقراطي.. ولذلك يكتسب الحوار الوطني، حول “نظام الحكم المناسب لسورية الجديدة”، أهميته الخاصة..
شارك في هذه الحوار المغلق تسعة عشر سوريًا وسوريّة، على جلستين: الأولى في 12 تموز/ يوليو، وحضرها تسعة متحاورين؛ والثانية في 15 تموز/ يوليو، وحضرها عشرة متحاورين. وانطلق الحوار من مجموعة تساؤلات: هل تتحمل بلادٌ خارجة من كارثة إنسانية مشكلات حكومات ضعيفة غير مستقرة؟ وما هي الضمانات لعدم عودة الاستبداد؟ وكيف نضمن حكومات مستقرة قادرة على الإنجاز من دون فتح المجال لتسلل أي استبداد؟
وباعتبار أنّ التجربة الإنسانية تعرف ثلاثة أنماط من أنظمة الحكم (الرئاسي، البرلماني، المختلط)، فقد أبدى المتحاورون وجهات نظرهم حول نظام الحكم المناسب لمستقبل سورية. وكانت هناك ثلاث وجهات نظر حول الموضوع:
1. البعض، وهم قلة، رأوا أن النظام الرئاسي هو الأنسب لسورية الجديدة، بسبب حاجة البلاد الماسة إلى المرونة والسرعة في اتخاذ القرار، والقدرة على الإنجاز. وأن الاستبداد ليس قدر كل نظام رئاسي، ويمكن إيجاد ضمانات دستورية قوية تمنع الانحراف نحو الاستبداد.. وأشاروا إلى أن نظام الأسد ليس سوى نظام طغمة استبدادية لا علاقة لها بأيّ نظام، ولا يجوز القياس عليها.
2. البعض الآخر أيّد وجود نظام برلماني، لمزاياه المتصلة بإبعاد شبح الاستبداد أولًا، وتعزيز الحياة السياسية والديمقراطية ثانيًا، ومنهم من دعا إلى برلمان من غرفتين.
3. القسم الأكبر من المتحاورين فضّل النظام المختلط، بالرغم من بعض عيوبه، وذلك لما يمنحه من إمكانات لصوغ نظام حكم يراعي ظروف وخصوصية الحالة السورية من جانب، وينتج حكومة قادرة على الإنجاز من جانب ثان، ويقطع الطريق على عودة الاستبداد من جانب ثالث. ومن خصائص هذا النظام: تقاسم السلطة التنفيذية بين رئيس الدولة ورئيس الوزراء، وانتخاب الرئيس من قبل الشعب مباشرة كي يحظى بموقع قوي، ومسؤولية الحكومة المزدوجة، أمام الرئيس وأمام البرلمان، والتوازن الدقيق بين السلطات.
إذن، بالرغم من بعض عيوب النظام المختلط، خاصة مشكلة التعايش بين رأسي السلطة التنفيذية، بدا لأغلب المتحاورين أنه النظام الأنسب لسورية، خاصة أن كلا النظامين الرئاسي والبرلماني غير صالحين لسورية، على الأقل في المرحلة الأولى، ريثما تترسخ الحياة السياسية والمؤسسات الديمقراطية القادرة على ضمان الاستقرار.
…………………………
المشاركون في الحوار بحسب الترتيب الأبجدي:
أيمن أبو هاشم، حسان الأسود، خولة دنيا، زيدون الزعبي، سوسن زكزك، شلال كدو، صلاح بدر الدين، عبد الله تركماني، عمر إدلبي، غزوان قرنفل، لينا وفائي، هوشنك أوسي، هنادي زحلوط، هند قبوات، محمد سرميني، مروان الأطرش، مناف الحمد، منى أسعد، يحيى العريضي.