أولًا: نظرة عامة إلى أهم مجريات المدة
142 شخصًا رُصِد مقتلهم على الأراضي السورية خلال هذه المدة (من 11 إلى 20 نيسان/ أبريل 2019) بسبب أعمال العنف، غالبيتهم من العسكريين (86 في المئة)، بينما كانت حصيلة المدنيين عشرين قتيلًا فقط، بينهم ستة أطفال وأربع سيدات، وهي أعداد منخفضة نسبيًا.
كان لحمص الحصة الكبرى من عدد القتلى؛ إذ سقط في باديتها الشرقية 43 عسكريًا من قوات النظام السوري والميليشيات المحاربة معه، بسبب كمائن نصبها لهم مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية. ثم تأتي حلب ثانيًا بحصيلة 42 ضحية، ثلاثة أرباعهم من العسكريين، والغالبية العظمى منهم سقطوا بهجمات صاروخية للتنظيمات الجهادية على مواقع قوات النظام السوري وعلى أحياء سكنية في قسم المدينة الغربي. أما حماة التي حلّت ثالثًا بحصيلة 22 قتيلًا، فمعظم قتلاها من العسكريين، وأغلب هؤلاء من الميليشيا الإيرانية العاملة في سورية بإمرة الحرس الثوري الإيراني، وقد سقطوا بهجوم الطائرات الإسرائيلية على موقع عسكري للقوات الإيرانية في منطقة مصياف في ريف حماة الغربي. أما دير الزور التي اعتادت أن تتحمل العدد الأكبر من القتلى منذ أشهر طويلة، فقد تراجعت إلى المرتبة الرابعة في هذه المدة، بحصيلة مقدارها 20 قتيلًا غالبيتهم العظمى من المقاتلين الذين سقطوا في أعمال قتالية مع خلايا تنظيم الدولة.
دور سلاح الطيران في القتل تراجع كثيرًا، ولولا الغارة الإسرائيلية على ريف حماة لما كان للطيران أثر يذكر، والسبب أنه لم يعد ثمة معارك مفتوحة تحتاج إلى مشاركة سلاح الجو.
في أخبار الضحايا نشير إلى خبر ارتكاب تنظيم الدولة الإسلامية مجزرة رهيبة بحق المسجونين الذين كانوا محتجزين لديه في الرقة إبان سيطرته على المدينة، حيث أعدم منهم 1700 أسيرًا ومعتقلًا.
لقراءة تقرير المرصد عن الثلث الأول من شهر نيسان / أبريل 2019
في المشهد الميداني، نشير أولًا إلى هجوم الطيران الإسرائيلي على موقع عسكري تابع للحرس الثوري الإيراني في منطقة مصياف غرب حماة، وتمكنه تدميرَ الموقع، بحسب صور بثتها مواقع إعلامية إسرائيلية (انظر نهاية فصل المشهد الميداني)، ونشير ثانيًا إلى أخبار الاقتتال بين القوات الروسية والقوات الإيرانية في دير الزور وحلب، ما أسفر عن قتلى وضحايا. كما نشير ثالثًا إلى الحدث الأهم ميدانيًا، وهو تجدد نشاط تنظيم الدولة الإسلامية اللافت عبر خلاياه النائمة؛ فقد أطلق- انتقامًا لخسارة آخر جيوبه في الباغوز، معركة ضد قوات النظام السوري وضد ميليشيا قوات سوريا الديمقراطية، سماها “غزوة الثأر لولاية الشام”، وكان من أبرز محطاتها كمينان نصبهما لقوات النظام في بادية حمص الشرقية، قتل خلالهما 35 عنصرًا على الأقل، وجرح العشرات. ونكرر هنا ما ذكرناه في غير تقرير سابق: إن تنظيم الدولة يسيطر -تقريبًا- على منطقة كبيرة من بادية حمص الشرقية، تقدر مساحتها بـ 4000 كيلو متر مربع، ويحتفظ فيها بعدد كبير من المقاتلين يتراوح بين 1500 و 4000مقاتل، بحسب تقديرات مختلفة، وهي منطقة وعرة التضاريس ويصعب اقتحامها (انظر الخريطة رقم 1) وقد تحول التنظيم إلى استراتيجية حرب العصابات والكر والفر، بعد أن فقد السيطرة على الأرض. ونذكر أخيرًا في هذا المضمار: إن هذه المنطقة مطوقة بقوات النظام السوري من الجهات كلها، وإن ثمة حالة تعايش غريب بين الطرفين، تمنع النظام من اقتحام المنطقة، على الرغم من اعتداءات التنظيم المتكررة على قوات النظام هناك.
سورية تعيش اليوم أزمة محروقات خانقة، أدت إلى تكدس السيارات أمام محطات الوقود، وإلى شلل كبير في حركة النقل، سببها الحصر الاقتصادي الخانق الذي تفرضه الولايات المتحدة على التعامل مع النظام ومؤسساته، وعدم قدرة حلفاء النظام على مساعدته للخروج من هذه الأزمة، أو رغبتهم عن مساعدته، كما كان يحصل سابقًا.