أولًا: نظرة عامة إلى أهم مجريات المدة
طغت أخبار الحرب التي باشرتها قوات النظام السوري والطيران الحربي الروسي، بدءًا من نهاية الشهر الماضي، نيسان / أبريل 2019، على ريف حماة الشمالي الغربي وريف إدلب (ضمن المنطقة المشمولة باتفاق الهدنة الروسي التركي)؛ على المشهد الميداني لهذا الشهر، أيار / مايو 2019. وباستثناء هدنة عرضتها روسيا لمدة يومين، ولم تلتزم بها فصائل المعارضة التي أرادت عودة القوات السورية إلى مواقعها قبل الهجوم شرطًا لقبول الهدنة؛ فإن الهجوم لم يتوقف طيلة الشهر، واستخدمت فيه أنواع السلحة كلها، ولم يغادر الطيران الحربي بأنواعه سماء المنطقة؛ واستهدف فيه المدنيون، والمراكز الطبية والمدارس، والمرافق العامة، والمحاصيل الزراعية، وأدى إلى مقتل ما يزيد عن 1000 شخص نصفهم من المدنيين. كما أدى إلى تهجير نحو 425 ألف مواطن من بيوتهم لغاية 27 أيار/ مايو، (270 ألفا بحسب الأمم المتحدة)، وتوقفت 49 منشأة طبية عن العمل.
تمكنت قوات النظام السيطرة على بعض القرى والمواقع في ريف حماة الشمالي الغربي، منها بلدة قلعة المضيق (أنظر الخريطة رقم 2).
الخبر اللافت أيضًا في هذه الحرب هو ما أوردته وكالة رويترز، نقلًا عن مسؤولين بالمعارضة السورية، عن تسلم مقاتلي المعاضة المسلحة بعض الأسلحة النوعية التي تمكنهم التعامل مع المدرعات، وصد الهجوم.
ملف الضحايا كان ثقيلًا هذا الشهر، بسب الحرب إياها على أرياف إدلب وحماة، فقد رصدنا مقتل 1048 شخصًا بينهم 376 مدنيًا نسبتهم 36 في المئة، منهم 87 طفلًا، نسبتهم 23 في المئة إلى مجموع القتلى المدنيين، و 74 امرأة نسبتهن 20 في المئة إلى مجموع القتلى المدنيين.
50 في المئة من الضحايا سقطوا في حماة وحدها (512 قتيل) بسبب تلك الحرب، بينما كان نصيب إدلب 32 في المئة من الضحايا (336 قتيل)، لكن ثلثي ضحايا إدلب تقريبًا كانوا من المدنيين الذين حصد الطيران الحربي الأسدي والروسي أغلبهم.
في المقارنات، نجد أن أيار كان الشهر الأكثر قسوة ودموية هذا العام، ونلاحظ أن فعالية سلاح الطيران في القتل عادت بقوة هذا الشهر، وانتقل ميدان القتل الرئيس إلى حماة وإدلب، بعد أن كان حكرًا على دير الزور لأشهر طويلة.
في ملف اللجوء، كان لافتًا ما قاله وزير الداخلية التركي، من أن 330 ألف لاجئ سوري في تركيا عادوا إلى بلادهم للعيش في المناطق التي أصبحت تحت السيطرة التركية بعد عمليتي درع الفرات وغصن الزيتون.
على مستوى القوى الكردية ومناطق سيطرتها، فقد كان هناك مؤتمر العشائر السورية في بلدة عين عيسى، عقد بتاريخ 03 أيار/ مايو، بدعوة من مجلس سوريا الديمقراطية (مسد)، وهدفه، بحسب بيان مسد، هو “البحث عن حلول للوضع الخطير الذي يمر به وطننا”. وقد دعا نظام الأسد لمقاطعة هذا المؤتمر بوصفه “يهدف إلى تقسيم المنطقة، ويخدم الأجندة الأميركية الصهيونية”. نشير أيضًا إلى الرسالة المهمة التي وجهها زعيم حزب العمال الكردستاني (PKK) عبد الله أوجلان، القابع في السجون التركية إلى قوات سوريا الديمقراطية، داعيًا إياها إلى حل مشكلاتها في سورية ومع تركيا بالوسائل السياسية ومن دون صراع.
أخيرًا نشير إلى عقد مجلس الأمن جلسة مغلقة لبحث الوضع المتفجر في سورية، بناء على طلب كل من ألمانيا وبلجيكا والكويت، وما عرفناه حتى لحظة كتابة هذه الأسطر، أن روسيا عرقلت صدور بيان عن المجلس حول الأوضاع في إدلب.
كان من البارز هذا الشهر، اشتعال الحرائق في مساحات كبيرة ومتفرقة من الأراضي الزراعية، والتهامها المحاصيل، وكان أكثرها في منطقة الجزيرة، حيث التهمت الحرائق حوالى 4000 هكتار من القمح والشعير. وفي السويداء أيضًا التهمت الحرائق حوالى 500 هكتار، وكذلك الأمر في حلب.
نختم بتنديد قمتي مكة، الخليجية والعربية، في بيانيهما الختاميين، بالتدخل الإيراني في سورية، بوصفه يحمل خطرًا كبيرًا على مستقبل البلد، ويخرب الجهد المبذول لتسوية الأزمة السورية.