باحثة في قضايا الهجرة والاندماج وعضو الهيئة الإدارية لمؤسسة ابن رشد للفكر الحر في برلين.
المحتويات
تغيير قانوني مهم لا يحظى بالاهتمام
القوات المسلحة والخدمة الإلزامية
العزوف والتهرب تركة التحولات المفصلية
الالتحاق بالركب، خصخصة العمل العسكري
شركات الحماية الروسية (جيش مرتزقة من القطاع الخاص)
تجنيد المرتزقة وخصخصة احتكار السلطة
تغيير في القانون الاتحادي الروسي يسمح للمرتزقة الروس بالقتال في الخارج. أصبح السماح بالتجنيد الخاص للجنود قيد التنفيذ، ولا يتعلق الأمر بسورية بل يشمل الأماكن كلها في العالم، حيث تجد روسيا مصلحة في وجود جنودها المرتزقة.
تغيير قانوني مهم لا يحظى بالاهتمام
قبل يومين من السنة الجديدة وقع فلاديمير بوتين على تعديل تشريعي، لكن هذا التعديل القانوني على الرغم من أهميته ومدلولاته لم ينل أي اهتمام في وسائل الإعلام الروسية شبه الحكومية، ثم إنه -حتى الآن- لم يجد له صدى في وسائل الإعلام العربية والأجنبية. المقصود هنا تعديل القانون رقم 53 الخاص بالخدمة العسكرية والخدمة الإلزامية في روسيا الاتحادية. ينص القانون بعد التغيير: «أن أي شخص انتهى من أداء الخدمة العسكرية أو الاحتياط، يعدّ ضابطًا في الجيش الروسي، إن هو (منع النشاط الإرهابي الدولي خارج أراضي الاتحاد الروسي). والقانون الجديد يشمل الكل تقريبًا، إذا قاموا بمحاربة الإرهابيين، فسيعدّون في هذه الحال جزءًا من أفراد القوات المسلحة، حتى إن كانوا لا ينتمون رسميًا إلى وحدة عسكرية تابعة لوزارة الدفاع». باختصار: القانون رقم 53 يصرح باستخدام قوات المرتزقة الروسية في العالم كله، ويمهد الطريق من الناحية القانونية لتوسيع عمليات الجيش الروسي مع الشركات العسكرية الخاصة ([1]). وقد أصبح هذا القانون نافذًا ابتداءً من 9 كانون الثاني/يناير عام 2017 ([2]).
القوات المسلحة والخدمة الإلزامية
مثل ما هو معلوم، فإن كل شخص في روسيا الاتحادية تقريبًا أدى الخدمة العسكرية الإلزامية بعد المدرسة. وفي ظل اعتماد الجيش الروسي نظامًا مختلطًا للتعبئة؛ الأول بطريق التعاقد، والثاني بطريق التجنيد الإلزامي، فإن المجندين الإلزاميين ما زالوا يشكلون حوالى نصف عدد القوات المسلحة الروسية. يبدأ استدعاء المكلفين بالخدمة الإلزامية في فصلَي الخريف والربيع من كل عام، وهذه الاستدعاءات تشمل مئات الشبان الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و27 عامًا، والذين ليس لهم أسباب وجيهة لإعفائهم من الخدمة العسكرية الإلزامية. ويجري التداول على نحو واسع بأن من لا يدرس سيساق إلى الجيش لتأدية الخدمة الإلزامية. لكن ظاهرة تهرب كثير من الشبان من أداء الخدمة الإلزامية في تزايد مطرد، وقد أعلن تخفيض مدة الخدمة الإلزامية إلى عام ونصف العام ابتداء من 2007 وإلى عام واحد مع بداية العام 2008، على أن تبقى القوات البرية خليطًا من المجندين والمتطوعين. وعلى الرغم من ذلك ما زال التهرب من الخدمة هاجسًا يؤرق القوات المسلحة والسلطات.
ما زالت تتركز خشية المجندين الجدد في الخدمة الإلزامية من أن يفرزوا إلى المناطق الساخنة. والخوف من تجارب الماضي ما زال قويًا عند عموم الناس في روسيا الاتحادية حتى الآن ([3]). ظهر هذا الخوف بعزوف الشباب عن الخدمة في الجيش، ولا سيما بالانهيار الكبير لمنزلة المهنة العسكرية عمومًا، وفقد مؤسسة الجيش وظيفتها بوصفها رافعة اجتماعية فاعلة، إذ أصبحت الخدمة العسكرية قدرًا للطبقات الفقيرة من السكان، وملاذًا لها. ومع ذلك ما زالت وسائل التهرب من الخدمة الإلزامية كثيرة، على الرغم من تعرض المتخلفين عنها لعقوبات قانونية تتراوح بين دفع غرامة مالية كبيرة والسجن لمدة تصل إلى سنتين.
العزوف والتهرب تركة التحولات المفصلية
كان للتحولات السياسية مع زوال الاتحاد السوفياتي ونشوء جمهورية روسيا الاتحادية انعكاسًا مباشرًا، أثر سلبًا في سمعة الجيش الروسي، وعتاده، وعدته، وبرامج تدريب عناصره، وتحسين سلاحه. هذا الانحسار في جاذبية القوات المسلحة الروسية بانكماشها إلى ما وراء حدودها، وتراجع أهليتها القتالية، وتقدمها من الناحية التقنية، وانخفاض عدد منتسبيها، استدعى وضع خطط عدة لتطوير أدائها، وإعادة الثقة بها. وحلًا لانكماشها طرحت فكرة الاستفادة من الأجانب، بالتعاقد معهم، وتشكيل وحدات عسكرية على غرار الوحدات العسكرية الموجودة منذ زمن بعيد في بريطانيا وفرنسا، وكذلك في الولايات المتحدة الأميركية التي تسمح للأجانب بالخدمة في صفوف القوات المسلحة، ويمنحون الجنسية الأميركية بعد انقضاء ثلاث سنوات، وهي مدة العقد الأول. علمًا بأنه في روسيا، لا يمكن للأجانب تأدية الخدمة الإلزامية في الجيش الروسي، ولكن الخدمة بالتعاقد غير محظورة.
ولتشريع هذا الإجراء كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد وقع في الثاني من كانون الثاني/ يناير عام 2015 مرسومًا خاصًا بذلك، ولا يعدّ هذا الخبر سابقة جديدة، فالمرسوم، ببساطة، أدخل بعض التعديلات على القانون الاتحادي المعمول به )حول الواجب العسكري والخدمة العسكرية)، والناظم لكل ما يتعلق بهما، بما في ذلك إمكان خدمة المواطنين الأجانب في الجيش الروسي، وطبقًا للقانون يقوم الأجانب المتعاقدون مع وزارة الدفاع الروسية بالمهمات المطروحة نفسها على أفراد القوات المسلحة الروسية، ويشتركون في فعاليات الجيش الروسي كافة، وهم لا يؤدون قسم الولاء لروسيا، ولكن يتعهدون بأداء واجبهم الوظيفي. ويبرم العقد مع الرعايا الأجانب لمدة خمس سنوات والشرط الوحيد هو إتقان اللغة الروسية ([4]). لكن على مدى السنوات الماضية، لم يبد الأجانب حماسة خاصة للخدمة العسكرية لمصلحة روسيا الاتحادية، مع استحالة بلوغهم منزلة مرموقة في الجيش. فالقانون لا يسمح لهم بشغل مناصب عسكرية أعلى من رتبة مجندين أو رقباء ([5]). والحصيلة بحسب معطيات وزارة الدفاع، لا يتجاوز عدد المواطنين الأجانب الذين يخدمون في صفوف القوات المسلحة الروسية 300 شخص، من بلدان رابطة الدول المستقلة معظمهم. وطبعًا، من غير الممكن تشكيل فيلق أجنبي من ثلاثمئة شخص ([6]). على الرغم من المزايا المرتبطة بإعطائهم فرصة الحصول على الجنسية الروسية بإجراءات مبسطة، فالخدمة في الجيش الروسي تعطيهم الحق في الحصول على الجواز الروسي في ثلاث سنوات ([7]).
الالتحاق بالركب، خصخصة العمل العسكري
ها هي روسيا الاتحادية تستنسخ خطى الغرب الذي سبقها بهذا الاتجاه، فبعد سنوات من الاضطراب والتقلبات استطاع الرئيس بوتين تحقيق نوع من الاستقرار في بنية النظام، محاولًا فرض نفسه على الساحة الدولية بوصفه قوة عظمى من جديد، وعاد الجيش الروسي في عهده إلى الواجهة. في الآونة الأخيرة يمكن ملاحظة تحسن الوضع المادي للعاملين في القوات المسلحة، وتزود بأحدث المعدات العسكرية، وتقوم بتدريبات واسعة النطاق مرات عدة في السنة. إضافة إلى ذلك أرسلت روسيا الاتحادية قواتها إلى ساحات صراع عدة، وها هي تشرع وتقنن خصخصة العمل العسكري بطريق التعديل القانوني الذي أجراه الرئيس بوتين مؤخرًا، هنا لا بد من الإشارة إلى أن هذا التعديل جاء ليلغي الحال الرمادية التي كانت تحيط بالشركات الأمنية في ما سبق. يكفي أن يجري المتابع بحثًا في الموضوع ليلحظ انتشارًا واسعًا لهذه الشركات، ولا يمكن فهم تقنين خصخصة العمل العسكري، ومن ثَمَّ عملها إلا إذا دققنا في الخطط المستقبلية التي سيقوم بها الكرملين، والساحات التي سيمد أذرعه العسكرية فيها من دون تحمل مسؤولية مباشرة عن أعمالها. أصبحت الشركات الأمنية ومرتزقتها بعد هذا التعديل في القانون 53 أمرًا واقعًا، وعلى مواطني الاتحاد الروسي التعايش مع فكرة وجود المرتزقة على الرغم من حساسيتهم من هذا التعبير الذي ما يزال غير مستساغٍ لهم. لكن بوتين نفسه يدير دفة البلاد، ويأخذ القرارات التي يراها تشارك في توطيد خطاه السياسية داخليًا، وفي مستوى العالم.
شركات الحماية الروسية (جيش مرتزقة من القطاع الخاص)
يمكن هنا عرض شركات الحماية والأمن الخاصة المعروفة في روسيا، نذكر منها مجموعة الأمن موران (Moran Security) ومجموعة (Military Consulting Company) RSB. موظفو هذه الشركات هم حصرًا من العسكريين المسرحين، وهي تقدم مجموعة متنوعة من الخدمات في مجالات السلامة، والحماية، والاستشارات، وأمنٍ مسلحين. وبتوجيه السؤال لهاتين الشركتين موران وRSB عن دور جنودها المتعاقدين خارج الحدود، لم تريدا تأكيد مشاركة موظفيها أيضًا بوصفهم مرتزقة في النزاعات المسلحة في الخارج، لكن المدير التنفيذي لمجموعة RSB أوليغ كرنزتسن (Oleg Krinizyn) صرح قبل تعديل القانون للصحيفة الروسية فونتانكا (Fontanka)، أنه سيكون (مستعدًا للتفاوض) في ما لو كانت هذه المهمات مطلوبة من موظفيها ([8]). مع ذلك ذكرت تقارير إعلامية وجود جنود المرتزقة من RSB في ليبيا ([9]). أما وحدة فاغنر (Wagner-Einheit) التي أسسها ديمتري أوتكن (Dmitri Utkin) الضابط السابق في وحدات خاصة تابعة للاستخبارات العسكرية الروسية، ومن ثم الموظف في الشركة الأمنية لمجموعة موران، وبعد مغادرتها أسس في وقت لاحق وحدة مرتزقة خاصة به، أطلق عليها اسم وحدة فاغنر([10]). كان قد وجد في عام 2013 لأول مرة مع وحدة العسكريين المتعاقدين التي كان عدد أفرادها أكثر من 250 رجل في سورية. ثم إن نشاط وحدته امتد في شرق أوكرانيا، إضافة إلى سورية ([11]).
الحروب التي خاضتها روسيا، من الشيشان وصولًا إلى النزاعات الانفصالية في داخلها، خلفت وراءها جيلًا من الرجال ذوي الخبرة القتالية، وسمح لبعض المجموعات بالالتفاف على (الحظر) قبل تعديل القانون، وتسجيل اسمها بوصفها مؤسسات دفاع خاصة في روسيا، وابتداءً من عام 2011 رخصت عملها لتأدية مهمة حماية مراكز التسوق والقطاعات الاقتصادية الأخرى، بينما في الواقع كانوا يتعاقدون للعمل بمهمات شبه عسكرية في الخارج. وقد سلط الضوء على عملها الصحافي كوروتكوف العامل في موقع Fontanka في مدينة سانت بطرسبرغ، وكان قد عمل سابقًا ضابط شرطة ومستشارًا أمنيًا، وهو الصحافي الوحيد الذي كتب عن وحدة (Wagner)، ويقول إنه تحدث مع أشخاص عملوا مع المجموعة في أوكرانيا، وقالوا إن تمويل المجموعة يفوق كثيرًا ما تلقاه الشركات العاملة في المجال نفسه، وهو ما يؤكد شكوكًا بشأن دعم الكرملين لها. فمثل هذه الأشياء دائمًا ما تحتاج إلى أموال، وشخص له اتصالات وبإمكانه أن يوفر ذلك ([12]). ظهر أوتكن في كانون الأول/ديسمبر 2016 في حفل استقبال بالكرملين. كان المدعوون من الجنرالات الذين قدموا خدماتهم في الجيش الروسي. وأوتكن، رئيس وحدة فاغنر للمرتزقة، كان واحدًا من بين عدد قليل من الضيوف الذين لم يحملوا أي رتبة رسمية في الجيش الروسي. وكونه من بين المدعوين، فذلك يعود إلى قيام جنوده بمهمات لروسيا في حرب سورية.
كانت شركة بلاك ووتر من الشركات الأميركية الشهيرة، بوصفها شركة للمرتزقة تنجز العمل الإجرامي جزئيًا لحساب الجيش الأميركي -على سبيل المثال في العراق. وعندما كشفت ممارسات بلاك ووتر للرأي العام، احتدمت المناقشة عالميًا في شأنها، وعلى نطاق واسع أيضًا في روسيا. تساءلت روسيا اليوم في المقالات والتقارير التلفزيونية: هل الشركات العسكرية الخاصة هي طريقة جديدة للحرب؟ لكن اليوم، عندما تتعلق هذه القضية بروسيا أي ببلدهم، تصمت وسائل الإعلام الرئيسة في روسيا صمتًا تامًا!
تجنيد المرتزقة وخصخصة احتكار السلطة
يطرح هذا التغيير تساؤلات عن كيفية تعريف احتكار السلطة الحكومية، وماهية المهمات التي تتولاها الدولة والمهمات التي يمكن خصخصتها. هذه الأسئلة تتطلب مناقشة اجتماعيًا، لا في روسيا الاتحادية فحسب بل عمومًا في دول العالم كلها. حتى تسعينيات القرن الماضي كان هناك اتفاق، ينص أن للدولة وظائف سيادية خاصة يجب عليها أن تمارسها بنفسها. هذه الوظائف كانت تخص السلطة العسكرية، لا سيما في التدخلات العسكرية الخارجية. وفي الوقت الحالي تعلل الدول الاستعانة بالشركات العسكرية الخاصة بأن الحكومة تملك حق المسؤولية في التدخلات العسكرية، إلا أنها غير ملزمة في القيام بها بنفسها. لهذا السبب تستطيع الدولة أن تنقل مهماتها إلى الشركات العسكرية الخاصة، لكن يجب على الدولة أن تضمن الرقابة على كيفية تنفيذ هذه المهمات ([13]).
ومن هنا يأتي التعديل الأخير في قانون التجنيد ليفسح المجال لخصخصة العمل العسكري، ولإعطائه الشرعية اللازمة. فالإعلانات والدعوة إلى التجنيد تشمل تقريبًا قطاعات الإعلام كلها، ولم تعد صفحات التواصل الاجتماعي بعيدة عن استقطاب الشباب لتجنيدهم بطريق الإعلانات من الشركات الأمنية، نستعرض هنا أحدها، وقد نشر قبل أسابيع قليلة في شبكة التواصل الاجتماعي الروسية (VK) بهذا الفحوى: «يا رجال، هناك فرصة للعمل من أجل بلدنا»، كان هذا هو السطر الأول. المكافأة: «50000 ألف روبل (ما يعادل 700 يورو)، لمن يريد البقاء في المقر الرئيس في روسيا، ومبلغ 80000 روبل (ما يعادل 1150 يورو)، لمن يرغب في الانتقال إلى الخارج ([14])، إضافة إلى المكافآت». انتهى الإعلان بعبارة: «معركة جيدة، جنود الثروة» ([15]).
تتركز مهمة الوكيلين العاملين في الشركات الأمنية بتجنيد المرتزقة، وهذه المهمة تلقى رواجًا، وللوكيلين الأمنيين حاليًا عمل كثير للقيام به من أجل بناء جيش خاص جديد. فهم يبحثون عن رجال مدربين، كي يتوجهوا لمصلحة روسيا في مقابل المال إلى ساحات قتال جديدة في عام 2017. لم يبدأ عمل هؤلاء الوكيلين بتجنيد المرتزقة؛ مع التغيير القانوني في عام 2014 تركزت مهماتهم في البحث عن رجال مستعدين للقتال في سورية. في ذلك الوقت لم يكن معروفًا لأحد وجود جنود روس في سورية، قام هؤلاء بالتجنيد باسم شركاتهم من دون غطاء قانوني، ولكن بالتأكيد بالتنسيق مع الأجهزة الروسية التي سهلت مهمتهم. من الناحية النظرية كان من الممكن أن يتعرضوا لعقوبة تصل إلى ثماني سنوات في السجن. أما الآن فقد اختلف الأمر بعد تغيير المادة 53، وأصبح نشاطهم قانونيًا تمامًا. يعمل الوكلاء في هذه المدة على تجنيد خبيري الدبابات، فهم حاليًا مطلوبون (على وجه السرعة). إضافة إلى ذلك يجندون الأطباء وخبيري الألغام وسلاح الإشارة المدربين تدريبًا جيدًا. ثم إن الأولوية أيضًا لتوظيف طياري المروحية، فهؤلاء يحصلون من دون أي إجراءات معقدة فورًا على عرض عقد عمل. المتقدمون الآخرون جميعهم عليهم أن يثبتوا أنفسهم في اختبار التوظيف.
وتشير المعلومات إلى خضوع المجندين الجدد لعقد اختبار التوظيف، وتدريب المرتزقة الجدد في معسكر للجيش قرب مولكينو (Molkino)، وهي منطقة صغيرة تقع جنوبي غربي روسيا بالقرب من كراسنودار (Krasnodar)، حيث يتمركز لواء وحدة خاصة من الاستخبارات العسكرية (GRU). في عام 2015 جددت منطقة التدريب العسكرية ووسعت. وزودت بمعدات عسكرية بقيمة 715.000 €.
وفقًا لوحدة فاغنر، فهم يبحثون في هذه الأيام عن متعاقدين جدد، حيث يرسلون إلى منطقة مولكينو. وسيحصل هؤلاء على عقود عمل موقتة بوصفهم مرتزقة، يخضعون أولا لعملية الاختيار. إذ عليهم أن يثبتوا في أول اختبار لياقتهم البدنية: تمارين العقل والتحمل، والضغط، ركض لـ 100 متر، واختبار كوبر ([16])، وهو اختبار القدرة على التحمل، وممارسة الرماية المختلفة. ومن ينجح في هذا الاختبار، يمكنه استكمال دورة تدريب المرتزقة التي تستمر لشهرين عادة.
يحصل على عقد عمل لستة أشهر على الأقل كل شخص ينجح في اختبار التوظيف. يشمل العقد -إضافة إلى مسائل التوظيف الرسمية- تحديد المدة الزمنية للعقد، ويتضمن بندًا ملزمًا للمتعاقد بالمحافظة على سرية المعلومات وعدم إخبار أحد أي معلومات عن موقع التدريب، إضافة إلى التكتم على نوع المهمة ومكانها.
يبقى العامل المادي لهؤلاء المرتزقة المتعاقدين عاملًا أساسًا ومهمًا أهمية خاصة، بغض النظر عن المكان الذي يمكن استخدامهم فيه، فبالنسبة إلى المعايير الروسية؛ يعد هذا البدل المالي الذي سوف يتلقونه نتيجة تعاقدهم، هو كثير من المال. والمرتزق تغريه المكافآت، فعلى سبيل المثال إذا أحرق دبابة، سوف يحصل على مزيد من المال.
وتثير القاعدة العسكرية في مولكينو التساؤلات: ما هي المهمات التي يبحثون لها عن المرتزقة الروسيين؟ أي الفروع من وزارة الدفاع متمركزة في مولكينو؟ كيف تتعاون هذه الفروع مع وحدة فاغنر التي أسسها ديمتري أوتكين؟ ولماذا تغير القانون رقم 53؟ ولا تقدم وزارة الدفاع الروسية أي إجابات عن هذه الأسئلة. ومع ذلك، فإن تفسير إضفاء الشرعية على المرتزقة يرتبط بمخططات السياستين الخارجية والداخلية للرئيس الروسي بوتين. وهو من دعم سلطته منذ انتخابه للمرة الأولى في عام 2000 وحتى الآن بطريق الحروب. أولًا كانت حرب الشيشان الثانية، من ثم الحرب في جورجيا في عام 2008، والحرب في أوكرانيا، ومنذ عام 2015 كانت العمليات في سورية. استخدم بوتين العمليات العسكرية جميعها محليًا، سواء كانت روسيا قد أثارتها أم لا، في صورة تقديم إيجابي للجيش الروسي، وللنجاحات العسكرية في وسائل الإعلام المرتبطة بالحكومة، وفي الوقت نفسه، كان بوتين قادرًا على دعم الاقتصاد المحلي الضعيف ببرامج التسلح. وعندما تكون البلاد في حال حرب، يظهر الفساد – على سبيل المثال- بالمقارنة بأنه لم يعد مهمّا. هذا كله يمكن أن يستمر في أداء دور مهم عندما تكون هناك صراعات جديدة في الخارج بمشاركة روسية. لكن يعاني بوتين في الوقت نفسه صعوبة في العثور على عدد كاف من الناس لبعثاته العسكرية، لهذا كان لا بد من تقنين خصخصة العمل العسكري، على الرغم من الاستمرار بعدم الاعتراف الرسمي به. لروسيا حاليًا عمليات في أوكرانيا وسورية، وهما صراعان اثنان يتطلبان عددًا من الجنود، وكثيرًا من المعدات. علمًا بأن الجيش الروسي قام بالتحديث منذ عام 2008، لكن قدراته ليست لانهائية. ومن المرجح، أنه في عام 2017 يمكن أن تأتي روسيا بمزيد من العمليات العسكرية، ولا سيما في ما يتعلق بمطالبة دونالد ترامب بمكافحة الإرهاب الدولي. لهذا يمكن لكتائب مرتزقة جديدات، أن تساعد، في حال جندت شركات الأمن الخاصة المرتزقة، سوف تحصل على عقود عمل أخرى بوصف مرتزقتها جنودًا، لذا سيكون من الأسهل منع المعلومات من الوصول إلى الرأي العام. وفي حال وفاة أحد المرتزقة في الخدمة، فإن وزارة الدفاع يمكنها إنكار أي مسؤولية عن ذلك، بمثل ما هو الحال عليه الآن.
([1]) المصدر(http://www.zeit.de/politik/ausland/2017-02/russland-wladimir-putin-soeldner-militaer-syrien-gesetzesaenderung) جرى الاطلاع في 06/02/2017.
([2]) نص القانون المعدل باللغة الروسية ملحق بنهاية الملف.
([3]) يعتقد ألكسندر تولماتش الباحث في معهد علم الاجتماع لأكاديمية العلوم الروسية بقوه أن تجربة الحرب في الشيشان وأفغانستان ما زالت حية في ذاكرة شعوب الاتحاد الروسي في حديثه (إلى روسيا ما وراء العناوين)، المصدر (http://arab.rbth.com/politics/2014/04/29/26859.html) كان الاطلاع في 04/03/2017.
([4]) المصدر (http://www.zeit.de/politik/ausland/2015-01/russland-putin-armee-auslaendische-soldaten-dekret) جرى الاطلاع في 04/03/2017.
([5]) المصدر السابق، فوفقًا لمعلومات المصدر نفسه- لا يمكن للأجانب الخدمة في قوى الأمن الداخلي التابعة لوزارة الداخلية، ولا في وحدات جهاز الأمن الفدرالي (FSB) أو غيرها من الأجهزة الخاصة. والسبب بسيط، لأن العساكر في هذه الأماكن مطالبون بإصدار تصاريح تسمح لهم بالوصول إلى معلومات تعدّ سرًا من أسرار الدولة.
([7]) المصدر (http://www.arabic-army.com/t2569-topic) كان الاطلاع في 04/03/2017.
([8]) المصدر (http://www.zeit.de/politik/ausland/2017-02/russia-vladimir-putin-military-mercenary-soldiers-syria/seite-2) الاطلاع في 05/03/2017.
([9]) راجع المقال في رويتر- Russian private security firm says it had armed men in east Libya (http://www.reuters.com/article/us-russia-libya-contractors-idUSKBN16H2DM) الاطلاع في 13/03/2017.
([10]) المصدر السابق – بحسب تقارير سابقة من الصحيفة الألمانية دي فيلت (die Welt).
([11]) المصدر (http://www.zeit.de/politik/ausland/2017-02/russland-wladimir-putin-soeldner-militaer-syrien-gesetzesaenderung/seite-2) الاطلاع في 05/03/2017.
([12]) المصدر (http://www.huffpostarabi.com/2015/12/19/story_n_8844946.html) الاطلاع في 05/03/2017.
([13]) راجع الموقف من خصخصة احتكار السلطة والشركات الأمنية على سبيل المثال في ألمانيا. «أولت أحزاب التحالف المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي في ألمانيا اهتمامًا كبيرًا بالشركات الأمنية الخاصة وبالمناقشة في الاحتكار الحكومي للسلطة العسكرية، وهو ما تم التطرق إليه في اتفاق ائتلاف هذه الأحزاب عام 2013، إذ نصت على أن المهمات العسكرية لا يُسمح بإيكالها إلى شركات أمنية خاصة». لكن منذ أن حكم التحالف الموسع ألمانيا لم يتناول البرلمان الألماني (بوندستاغ) هذه القضية في جلساته مطلقًا. وربما يمكن لتقرير السلام المقدم هذا العام تغيير ذلك، ووضع مسألة الشركات الأمنية على جدول أعمال البرلمان الألماني. (http://www.dw.com/ar) كان الاطلاع في 03/03/2017
([14]) أي باستخدامهم في منطقة نزاع.
([16]) اختبار كوبر هو اختبار في اللياقة البدنية ابتدعه كينيث إتش كوبر في فحص جنوده عام 1968 للاستخدامات العسكرية الأميركية. وتسجل في هذا الاختبار أقصى مسافة يمكن أن يقطعها الإنسان في 12 دقيقة جريًا، مع الأخذ بالحسبان العمر والجنس والقدرة على الوصول للاستيعاب الأمثل للأكسجين. يسهل الاختبار بالتعامل مع المجموعات الكبيرة، ولكنه يعد صعبًا للرياضيين الخاضعين للاختبار، فالمسافة بتجاوزها الكيلومترات الثلاثة تعد من مسافات الجري الطويلة، وعلى الرياضيين بصورة أساس أن يستخدموا خلايا عضلاتهم المليئة بالأكسجين. وللمقارنة وعلى سبيل المثال فإن الرقم القياسي الدولي لخمسة آلاف المتر قطعة العداء كينينيسا بيكيلي بمدة 12:37:35 دقيقة. هذا يعني أنه في 12 دقيقة يمكنه قطع مسافة 4750 مترًا. (المصدر ويكيبيديا) كان الاطلاع في 15/02/2017.