هاني الحاج أحمد

كاتب سوري ينشر في عدد من المراكز والمواقع الإلكترونية، يعيش في تركيا.

 

 

المحتويات

ملخص

مقدمة

أولًا: القوى السياسية التركمانية

  1.  الحركة الديمقراطية التركمانية
  2.  الكتلة الوطنية التركمانية
  3. حزب النهضة التركماني
  4.  المجلس التركماني السوري

ثانيا- القوى العسكرية التركمانية

  1. التشكيلات العسكرية التركمانية المهمة في حلب
  2. أهم التشكيلات العسكرية التركمانية في اللاذقية

ثالثا- ثوابت التركمان وتحالفاتهم

خاتمة

 

 

ملخص

رجحت القومية التركمانية الوقوف مع الثورة السورية منذ انطلاقتها الأولى في آذار/ مارس 2011 بالتظاهرات السلمية ثم تحولها لاحقًا إلى التسلح والعمل السياسي، بتأسيسهم أحزاب سياسية تمثل التركمان داخليًا وخارجيًا، وتشكيلات عسكرية لتحرير مناطق التركمان وسورية عامة من قوات النظام، وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، والأحزاب الكردية الانفصالية، وإنشائهم شبكة من التحالفات، ووضعهم ثوابت ورؤى لمستقبل التركمان وسورية.

 

مقدمة

يعود التركمان في أصولهم إلى مجموعة من القبائل المتنقلة في مناطق آسيا الوسطى، وهم أصحاب العرق التركي لجدهم أغوز هان وأحفاده (24) حفيدًا، الذين استقروا لاحقًا في تركيا وتركمانستان وأفغانستان وأذربيجان وإيران والعراق وسورية وفلسطين ولبنان والأردن وليبيا. أما تركمان سورية فينقسمون تبعًا لأصولهم إلى قسمين: تركمان القرى، وهم خليط عشائر تركمانية، تعود إلى قبائل الأغوز، سكنوا الأرياف؛ وتركمان المدن، وهم الذين تعود جذورهم إلى العائلات التركية التي وجدت في سورية في مدة حكم السلاجقة والمماليك والعثمانيين، وأصولها تعود إلى التتر أو الأيغور أو الأوزبك. يرى الدكتور فاروق سومر في كتابه (الأغوز: التركمان) تاريخهم، تنظيمات عشائرهم وأساطيرهم) أن اسم التركمان ترافق مع قبائل الأغوز لذلك لا يجب إطلاق هذه الصفة على الأتراك كلهم([1]).

لا توجد إحصاءات دقيقة لعدد التركمان في سورية، فعددهم يُقدر وفقًا لأحزاب سياسية تركمانية بين 3 و3,5 مليون تركماني، يتوزعون في عدد من المدن بمثل حلب وريفها، واللاذقية وريفها، وحمص وريفها، ودمشق، والجولان. وبالمقابل أيضًا ينقسم التركمان من حيث تكلمهم لغتهم (التركمانية) إلى قسمين: سكان القرى الذين حافظوا على لغتهم، وسكان المدن الذين اندمجوا وأدمجوا بالمجتمعات المحيطة بهم، الأمر الذي ساعد في نسيانهم لغتهم الأم.

فالقومية التركمانية في سورية حالها كحال باقي المكونات السورية الأخرى، تعرضت إلى ضغط النظام، بمنعها من تعلم لغتها الخاصة (التركمانية)، وتجريم النشر والكتابة بها، ومنع ترخيص الجمعيات الثقافية المعنية بذلك، (حيث جرت محاولات عدة من بعض الشخصيات التركمانية لإقامة جمعيات ثقافية تركمانية تهتم بالتراث الثقافي واللغوي للتركمان، ولكن النظام كان يجهض تلك المحاولات، مخافة أن تتحول الورقة التركمانية إلى ورقة ضغط بيد تركيا ضده، من مثل محاولة عدد من مثقفي حلب بمثل الكاتب فاروق مصطفى والرسام شريف محرم والعماد حسن تركماني، على الرغم من كونه ابنًا لهذا النظام إلا أن النظام لم يوافق على طلبه بإقامة جمعية للتركمان، ومن الجمعيات التركمانية التي لم تر النور بسبب منع حصولها على الموافقة الأمنية، جمعية تركمان سورية للثقافة والتراث في حلب بين عامي 2001 و2002، ففي عام 2005 قُدمت طلبات عدة إلى النظام لإقامة مدارس تعليمية باللغة التركية، وبدعم من جمعيات تركية، لكن النظام لم يوافق، وفي 2005 افتتح قسم اللغة التركية في جامعة حلب رغبة من النظام في إرضاء تركيا أكثر منها رغبة في إرضاء التركمان، وكذلك الكاتب أحمد حمدي من كتاب التركمان في حلب الذي عانى ملاحقة النظام له، نتيجة محاولته النهوض بالثقافة التركمانية، وعلي أوزتمركان ومصطفى قاسم وحسين إيواز الذين اعتقلوا بسبب نشاطهم الثقافي التركماني في مدينة حلب وغيرهم كثيرون هربوا إلى تركيا)([2]) ، إضافة إلى السياسات الاقتصادية التي أهملت مناطق التركمان في اللاذقية وريف حلب والجولان، لدفعهم إلى الهجرة بطريقة أشبه بعملية تغيير ديموغرافي منظم مارسها النظام بحقهم.

ذلك التهميش والقمع كله، دفعا التركمان إلى المشاركة في الثورة السورية منذ انطلاقتها الأولى في آذار/ مارس 2011، بمشاركتها في التظاهرات السلمية ثم تسليح الثورة وعسكرتها بإنشاء كتائب عسكرية، وفي الجانب السياسي بتأسيسها أحزابًا ومجالس سياسية تمثل التركمان.

 

أولًا: القوى السياسية التركمانية

شارك التركمان في الحياة السياسية السورية بعد الاستقلال، وكان من أبرز الشخصيات السياسية التركمانية في مرحلة الخمسينيات أديب الشيشكلي وشكري القوتلي، لكن بصعود المد القومي، وتسلّم البعث للسلطة في سورية، عزف التركمان عن المشاركة في الحياة السياسية، واتبعوا سياسة الانكفاء والعزلة بسبب الإجراءات القمعية والتعسفية التي اتبعها البعث بحق المكونات السورية، وكان للتركمان نصيب كبير منها، فقد  عدهم امتدادًا لتركيا والدولة العثمانية، ومصدر تهديد دائم يجب مواجهته، الأمر الذي دفع التركمان إلى تأييد تأسيس حركة الإخوان المسلمين، إضافة إلى عوامل أخرى، وهي (غياب وجود حركة قومية متمايزة، فالأيديولوجيات السياسية المطروحة لا تلائمهم، وكذلك يعد التركمان من المحافظين، فهم يشبهون سكان المناطق الشمالية التي كانت الحاضن الرئيس للإخوان، فالقسم التركماني الذي انضم إلى حركة الإخوان المسلمين كان من الريف التركماني المندمج مع محيطه، وكان يؤلف جزءًا من ديمغرافيا المنطقة، وليس من القسم المنعزل المنغلق على نفسه، وكذلك ارتباط مقولة الدولة الإسلامية بموضوع استعادة الخلافة الإسلامية، فالدولة العثمانية نشأت على مفهوم استعادة الخلافة، وحركة الإخوان المسلمين تنظر إلى تركيا نظرة إيجابية، بوصف العثمانيين آخر رموز الخلافة الإسلامية التي يؤلف التركمان جزءًا أساسًا منها، فهذه الإيجابية الشديدة عند الإخوان تجاه العثمانيين، والرابطان الثقافي والتاريخي الخاصان بهم كانا عاملي دفع قويين عند التركمان لمساندة وتأييد الإخوان المسلمين الذين يكنون الاحترام والتقدير للتاريخ العثماني الذي يؤلف التركمان جزءًا منه([3])، هذه العوامل كلها مجتمعة دفعت التركمان إلى تأييد حركة الإخوان المسلمين، والانضمام إليها كعائلة الخوجة في جبل التركمان في اللاذقية وقرى وبلدات ريف حلب الشمالي، تركمان بارح وغيرها، وعائلة الدروبي والدالاتي في حمص، تلاها حوادث التسعينيات التي تمثلت باعتقال مئات التركمان بدعوى ارتباطهم بتركيا، وإعطائهم معلومات لها عن أماكن تدريب قوات (حزب العمال الكردستاني PKK ) في جبال اللاذقية الحليف للنظام، والمعادي لتركيا، وقصف تركيا هذه المراكز، الأمر الذي كان له آثار سلبية في التركمان.

«فممارسات الإقصاء والاستقطاب والإدماج التي اتبعها النظام لعبت دورًا كبيرًا في إعادة إنتاج القوى المجتمعية وفي تأسيس فاعليتها السياسية»([4]) التي تبلورت في مشاركة التركمان في التظاهرات السلمية منذ انطلاقتها الأولى، ومن ثم تأسيس أحزاب وحركات سياسية إيذانًا بعودتهم إلى الحياة السياسية، ومشاركتهم في تأسيس المجلس الوطني السوري في تشرين الأول/ أكتوبر 2011 والائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، ومن القوى السياسية التركمانية كثيرة الأهمية:

 

1- الحركة الديمقراطية التركمانية

أعلن عن تأسيسها في 21 آذار/ مارس 2012 حركة سياسية تضم المكون التركماني، ورفعت شعار (بناء الإنسان، نبني الوطن)، يتركز نشاطها وأعضاؤها معظمهم في محافظة حلب، ومن أبرز أعضائها (عبد الكريم آغا، زياد الحسن، علي البشير، يوسف محلي وآخرون)، وطالبت ببناء دولة ديمقراطية تعددية. ومن أهدافها أيضا السعي إلى إشراك التركمان في صوغ دستور جديد للبلاد، والاعتراف بالحقوق الثقافية والاجتماعية للقومية التركمانية في الإطارين الدستوري والقانوني. وفي 2 آذار/ مارس 2014 انبثق منها حزب جديد سمي (حزب الحركة الوطنية التركمانية)، ترأسها الدكتور وجيه جمعة الذي أعلن في مؤتمره التأسيسي (أن تشكيل الحزب جاء تلبية لتطلعات التركمان السوريين والحفاظ على هويتهم وثقافتهم)([5]) ، وضم أغلب أعضاء الحركة الديمقراطية وتبنى أهدافها. للحزب مكاتب في اسطنبول وأنقرة وأزمير وغازي عنتاب وملاطيا وأورفا، وممثلية في أنطاكيا.

2- الكتلة الوطنية التركمانية

أسست الكتلة حزبًا سياسيًّا ترأسها يوسف الملا في إسطنبول شباط/ فبراير 2012، وجاء في بيانها التأسيسي أن هدفها هو (تمثيل تركمان سورية سياسيًا والسعي لتحقيق أهدافهم بتوحيد صف التركمان في المغترب لتشكيل نواة قوة سياسية تلعب دورًا أساسًا في الثورة السورية)([6]) ، يتستهدف نشاطها وأعضاؤها معظمهم تركمان محافظة اللاذقية، انقسمت الكتلة لاحقًا على نفسها إلى قسمين: قسم برئاسة تورغاي الذي انضم إلى المجلس التركماني السوري، وقسم آخر برئاسة عدنان الأشقر الذي بقي مستقلًا.

3- حزب النهضة التركماني

أسس الحزب في تشرين الثاني/ نوفمبر 2013، برئاسة عمر عيسى، وحاليًا حسن شمالي هو رئيس الحزب، وجاء في بيانه التأسيسي أنه «حزب شعبي اجتماعي سياسي نهضوي يضم كافة مكونات التركمان في سورية بهدف الارتقاء بالمجتمع السوري التركماني للوصول إلى الدولة المدنية التعددية البرلمانية الحرة حيث تكون الشريعة الإسلامية أهم مصدر للتشريع مع مراعاة بقية الشرائع»([7]) ، يركز نشاط الحزب وأعضاؤه على تركمان حمص، ومبادئ الحزب هي الحرية والنهضة والعدالة.

4- المجلس التركماني السوري

تعود جذور المجلس التركماني السوري إلى جمعية تركمان سورية التي أسست في كانون الثاني/ ديسمبر 2012، بهدف تمثيل تركمان سورية سياسيًا في المستويين المحلي والخارجي، واقتصرت الجمعية في عضويتها على المستقلين، وهم تركمان مغتربون معظمهم، ثم تغير اسمها لاحقًا في 30 آذار/ مارس 2013 إلى المجلس التركماني السوري، بعد انضمام الحركة الديمقراطية التركمانية، والكتلة الوطنية التركمانية إليها، فأضحت تضم المستقلين والأحزاب السياسية.

أعلن المجلس هدفه، وهو تنظيم أمور التركمان، ليكونوا أكثر فاعلية في مشاركة المكونات الأخرى بناء سورية المستقبل. يتألف المجلس من أمانة عامة ومكتب تنفيذي، وعدد أعضاء المجلس (42) عضوًا، يؤلفون جميعهم الأمانة العامة التي تختار بدورها أعضاء المكتب التنفيذي، وعددهم (14)، ومن ضمنهم رئيس المجلس، والتمثيل في المجلس يستند إلى أساس نسبي (70%) من المستقلين، و(30%) من الأحزاب. تُمثل الأحزاب السياسية في الأمانة العامة أيضًا على أساس نسبي: فحزب الحركة الوطنية يرأسه وجيه جمعة، وله 6 أعضاء، والكتلة الوطنية التركمانية قسم تورغاي 6 أعضاء، أما حزب النهضة برئاسة حسن شمالي له 3 أعضاء، وبالمقابل أيضا تمثيل الأحزاب في المكتب التنفيذي يكون بأساس نسبي؛ عضوان من حزب الحركة الوطنية، وعضوان من الكتلة الوطنية التركمانية وعضو من حزب النهضة.

أما تمثيل المستقلين في المجلس، فيجري على أساس مناطقي، ففي الأمانة العامة يكون تمثيلهم على الصورة الآتية: حلب 10 أعضاء، اللاذقية 7 أعضاء، حمص وحماة 6 أعضاء، الجولان عضوان، دمشق عضو واحد والرقة عضو واحد([8]). يعقد المجلس التركماني مؤتمره كل سنتين، والرئيس الحالي للحزب هو أمين بوظ أوغلان من تركمان اللاذقية (الباير بوجاق).

 

ثانيا- القوى العسكرية التركمانية

بتحول الثورة إلى العمل المسلح نتيجة لعنف النظام المتزايد؛ التحق التركمان بصفوف الجيش الحر، حيث يمكن تقسيم مناطق التركمان إلى قسمين تبعًا للقوة العسكرية التركمانية الموجودة فيها: مناطق أسست فيها كتائب ذات أغلبية تركمانية، ومناطق لم تؤسس فيها كتائب تركمانية خاصة، إنما انضم التركمان إلى تشكيلات موجودة، وهي خليط من سكان المناطق، فالمنطقتان اللتان أسست فيهما كتائب ذات أغلبية تركمانية هما حلب واللاذقية.

 

1-   التشكيلات العسكرية التركمانية المهمة في حلب

أ- لواء السلطان محمد الفاتح

أسِّست كتيبة السلطان محمد الفاتح في منتصف عام 2012 في بلدة الغندورة بالريف الشمالي الشرقي لحلب، وانضمت إلى لواء التوحيد في أثناء اقتحامه حلب، وفي كانون الثاني/ يناير 2013 تحولت إلى لواء السلطان محمد الفاتح بقيادة عثمان صالح أبو كمال، وفي 8 كانون الأول/ ديسمبر 2015 أعلن لواء السلطان محمد الفاتح انضمامه إلى فرقة السلطان مراد، وذلك لمواجهة تقدم قوات النظام السوري، وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

 

ب- فرقة السلطان مراد

تعود فرقة السلطان مراد في بدايتها إلى كتيبة السلطان مراد التي أسست في منتصف عام 2012 في قرى بلدة الراعي، إذ شاركت في تحرير بلدة الراعي والقرى المحيطة، ثم بدخول الجيش الحر إلى مدينة حلب، وتحرر أحياء التركمان انضم إليها عدد كبير، مما ساعد في تحولها إلى لواء السلطان مراد في آذار/ مارس 2013 بقيادة العقيد أحمد عثمان، ومع صعود تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وسيطرته على مناطق التركمان في ريف حلب الشمالي الشرقي؛ تحول لواء السلطان مراد إلى فرقة السلطان مراد، وذلك في كانون الأول/ ديسمبر 2015  بعد انضمام ثلاثة ألوية إليه، وهي (لواء السلطان محمد الفاتح، ولواء الشهيد زكي تركماني، ولواء أشبال العقيدة)، وكان هدف الفرقة هو مواجهة نظام الأسد، وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش). للفرقة جبهات عدة في مدينة حلب ضد قوات النظام والميلشيات الكردية في حندارات وبستان الباشا والشيخ نجار وكرم الطراب وفي ريف حلب ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، بالمشاركة في عملية درع الفرات المدعومة من تركيا «انطلقت في 24 آب/ أغسطس 2016 لتحرير المنطقة الواقعة غربي الفرات، الممتدة من جرابلس شرقًا حتى إعزاز غربًا، والباب ومنبج جنوبًا، وذلك بطرد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش )، ومنع (قوات سورية الديمقراطية) من السيطرة على مدينة الباب بعيد سيطرتها على منبج، استكمالًا لمشروعها في وصل المناطق (المقاطعات) الكردية الثلاث (الجزيرة وكوباني /عين العرب وعفرين»([9])  بمناطق التركمان والمناطق العربية، وما يترتب على ذلك من عمليات تهجير وتغيير ديمغرافي بحق التركمان والمكونات السورية الأخرى الموجودة في هذه المنطقة. يقدر عدد عناصر فرقة السلطان مراد بـ 1000 عنصر، يملكون أسلحة خفيفة ومتوسطة، ودعمًا جويًا تركيًّا في عملية درع الفرات.

 

2-   أهم التشكيلات العسكرية التركمانية في اللاذقية

– الفرقة الساحلية الثانية

توجَد في منطقة جبل التركمان، أسست في بداية عام 2015 بطريقة اندماج عدد من الألوية والكتائب، أبرزها لواء يلدرم بيازيد، ولواء الساحل الأول، والرابع، ولواء السلطان عبد الحميد، يقدر عددها بأكثر من 500 عنصر، يرأسها بشار منلا، إضافة إليها يوجد عدد من الكتائب التركمانية لكن عدد عناصرها قليل، ولا تملك ثقلًا استراتيجيًا وعسكريًا في المعارك ومنها: لواء جبل التركمان، ولواء سليم الأول، ولواء ممدوح جولاه، ولواء صقور التركمان، وكتيبة المنتصر بالله، وكتائب أنوار الحق التركمانية، وكتائب السلطان محمد.

أما المناطق التي لم يؤسس فيها كتائب تركمانية فقد ضمت خليطًا من المكونات جميعها، بمثل حمص وحماة ومحيط العاصمة دمشق والجولان والرقة سابقًا.

 

ثالثا- ثوابت التركمان وتحالفاتهم

ينطلق التركمان في تشكيلاتهم السياسية والعسكرية من نقط عدة تؤلف ثوابت لهم، وهي:

1- إسقاط النظام السوري، وأركانه جميعها، وبناء دولة مدنية تعددية ديمقراطية قائمة على أساس المواطنة، تسودها قيم العدالة والمساواة.

2- التأكيد على وحدة الأراضي السورية، ورفض (مشروعات الفيدرالية والتقسيم) و(سورية المفيدة)، لما لهذه المشروعات من انعكاس سلبي مزدوج، يتمثل في وجود التركمان في سورية، وذلك لتوزع التركمان في مناطق عدة، الأمر الذي سيؤدي إلى تشتتهم وزوالهم في حال التقسيم، وكذلك أيضًا موقع التركمان على خطوط التماس الطائفية والقومية، فهم يؤلفون سدًا يحول دون تنفيذ المشروع الانفصالي الكردي الذي يتمثل بوصل المناطق الثلاث (مقاطعات الجزيرة وكوباني/ عين العرب ومقاطعة عفرين) بريف حلب الشمالي، حيث مناطق وجود التركمان، وكذلك تركمان اللاذقية الذين يكونون عائقًا في وجه (مشروع سورية المفيدة)، إضافة إلى مناطق التركمان في حمص وحماة.

3- الاعتراف الدستوري بالقومية، وبحقوقهم الثقافية والاجتماعية، وبأنهم جزء ومكون أصيل من مكونات الشعب السوري.

4- ضرورة محاربة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) والمليشيات الانفصالية الكردية، وإخراج المقاتلين الأجانب كافةً من سورية (ميليشيات طائفية شيعية وميلشيات داعش والميلشيات الكردية).

5- تأكيد مبدأ العدالة الانتقالية، والمحاسبة، واحترام حقوق الإنسان.

ولتحقيق رؤيتهم وأهدافهم عمل التركمان على إنشاء شبكة من التحالفات السياسية، بمشاركتهم في تأسيس المجلس الوطني السوري، والائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، إلى جانب القومية العربية والمجلس الوطني الكردي، ويتوافقون معهم حول مستقبل سورية، وبالتحالفات العسكرية المتمثلة بالتحالف مع القومية العربية والكردية في جبال اللاذقية (الفرقة الساحلية الأولى) لمواجهة قوات النظام، والتحالف مع القومية العربية في ريف حلب الشمالي في عملية درع الفرات، لطرد تنظيم الدولة الإسلامية من المنطقة الممتدة بين جرابلس وإعزاز ومنبج والباب.

 

خاتمة

يعد التركمان مكونًا أصيلًا من مكونات الشعب السوري، ويمكن القول إنهم من المكونات المتأخرة في العمل السياسي، نتيجة ممارسات النظام بحقهم. ولكن بانطلاق الثورة شاركوا فيها سياسيًا وعسكريًا، في محاولة ﻹعادة إحياء دورهم في سورية في مرحلة ما بعد الاستقلال، حتى تسلم البعث السلطة، ولتأكيد حقوقهم، بوصفهم جزءًا من المجتمع السوري، وتشكيلهم أحزابًا سياسية، وكتائب عسكرية، ونهجهم خطًا وطنيًا، بتغليبهم الهوية الوطنية على الهوية القومية، وتبنيهم راية الجيش السوري الحر، وبناء شبكة من التحالفات السياسية والعسكرية، للوصول إلى الدولة المدنية التعددية القائمة على العدل والمساواة والمواطنة، لكن يعاب على القومية التركمانية أن حالهم كحال باقي المكونات السورية المعارضة، إذ يوجد فصام ما بين المعارضة الخارجية (السياسية) والمعارضة الداخلية (العسكرية) حول الدور الذي يجب أن يؤديه التركمان في الثورة السورية، وطريقة تنفيذ الأهداف.

 

 

([1]) التركيبة السكانية في سورية، الجزيرة نت، 19/4/2011:

http://www.aljazeera.net/news/arabic/2011/4/19/

([2]) مقابلة أجراها الباحث بالهاتف مع الأستاذ ناصر تركماني، كاتب وباحث تركماني مستقل، في 26/2/2017.

([3]) مقابلة أجراها الباحث مع الدكتور عبد الرحمن الحاج الخبير في الجماعات الجهادية وحركات الإسلام السياسي، عبر الماسنجر بتاريخ 25/2/2017.

([4]) سلوى جميل، التابعون الحضر في الثورات العربية: القاهرة ودمشق من منظور مقارني، جهاد الحاج سالم (مترجمًا)، معهد العالم للدراسات، 18 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016 للمزيد:

http://alaalam.org/ar/translations-ar/item/431-2016-11-18-11-53-37

([5]) محمد شيخ يوسف، «سوريون تركمان يشكلون حزبًا سياسيًا جديدًا في إسطنبول»، 2/3/2014

http://ar.haberler.com/arabic-news-386658

([6]) عبد الناصر سنكي، «إعلان تشكيل الكتلة الوطنية التركمانية السورية في إسطنبول»، بي بي سي، إسطنبول، 16/2/2012 للمزيد:

http://www.bbc.com/arabic/middleeast/2012/02/120216_syria_turky_opposition_group.shtml

([7]) دستور حزب النهضة السوري التركماني، 12تموز / يوليو 2016 للمزيد:

http://alnhdaparti.com/

([8]) مقابلة أجراها الباحث مع المحامي عبد الحميد الظاهر، مسؤول العلاقات الخارجية في حزب الحركة الوطنية التركمانية عبر السكايب في 26/11/2016.

([9]) برنامج لقاء اليوم: العقيد أحمد عثمان، قناة الجزيرة الفضائية، 23/9/2016 للمزيد: https://www.youtube.com/watch?v=NHFdA_9hokg