ترجمة: أحمد عيشة
*الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبّر بالضرورة عن رأي المركز ومواقفه من القضايا المطروحة
إذا انتصر الزعيم الروسي في أوكرانيا، فإن أسلوبه البلطجي سيكتسب مزيدًا من الأتباع
قد يكون العالم الغربي منقسمًا حول كيفية التعامل مع فلاديمير بوتين. لكن يمكننا بالتأكيد أن نتفق جميعًا على أمر واحد، هو أن رئيس روسيا هو الرجل السيئ في هذه الدراما بالتحديد.
في الواقع، لا. فمن أكثر السمات التي تجلب الكآبة للسياسة الدولية وجود جماعة مهووسة بمنهج بوتين. هناك مجموعة كبيرة من قادة العالم والشخصيات السياسية المؤثرة التي تُعجب ببوتين بشكل كبير. نادي المعجبين به عالميّ، ويمتد من آسيا والشرق الأوسط إلى الأمريكيتين وأوروبا.

كان ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم بوتين، واعيًا لحديثه عندما قال في عام 2018: “هناك طلب في العالم لقادة خاصين وذوي سيادة، لقادة حاسمين. . . كانت روسيا في عهد بوتين نقطة البداية”.
عندما ظهر بوتين لأول مرة، كزعيم لروسيا في 1999-2000، بدا وكأنه حالة شاذة: رجل قومي قوي في عصر العولمة التكنوقراطية. وأشارت أنجيلا ميركل، المستشارة السابقة لألمانيا، ذات مرة، إلى أن بوتين كان يحاول تطبيق تقنيات القرن التاسع عشر على عصر مختلف.
ولكن مع تعرّض القيم الديمقراطية للتحدي في جميع أنحاء العالم، يبدو بوتين بشكل متزايد وكأنه رجل تنبّأ بمستقبل السياسة العالمية، بدلًا من أن يكون بقايا من الماضي. اجتذب الزعيم الروسي المعجبين والمقلّدين الذين أعجبوا ببطشه واستعداده لاستخدام العنف، وبتحديه الرجولي لـ “الصواب السياسي”، وبأسلوبه الاستبدادي في القيادة. وكما قال المعلق الروسي دميتري ترينين، الأسبوع الماضي: “بوتين زعيم ما قبل الشيوعية. . . إنه قيصر”.
يتمثل أحد الأخطار الكبيرة لأزمة أوكرانيا الحالية في أن يخرج بوتين منتصرًا، وإذا حدث ذلك؛ فإن أسلوبه في القيادة سيكتسب مزيدًا من المكانة والمقلدين في جميع أنحاء العالم. وستبدو عمليات الاستيلاء على الأراضي والتهديدات العسكرية والأكاذيب والاغتيالات مثل تقنيات الفائز.
لقد عمل بوتين بالفعل كنموذج لجيل جديد من القادة الاستبداديين والشعبويين، حتى في أوروبا والولايات المتحدة. كان على دونالد ترامب أن يكون خجولًا بعض الشيء، بخصوص إعجابه ببوتين، لكن بعض المساعدين المقربين للرئيس الأميركي السابق كانوا أكثر انفتاحًا. بعد ضمّ شبه جزيرة القرم في عام 2014، أشاد رودي جولياني ببوتين، قائلًا: “إنه يتخذ القرار وينفذه بسرعة. . . هذا ما تسميه القائد”. خلال الأزمة الحالية حول أوكرانيا، كان تاكر كارلسون، المعلق الأكثر نفوذًا وتأثيرًا على قناة (فوكس نيوز)، داعمًا صريحًا لبوتين.
فيكتور أوربان، رئيس وزراء المجر، الذي نصّب نفسه بطل “الديمقراطية غير الليبرالية” في الاتحاد الأوروبي، يزور بوتين، هذا الأسبوع. في الماضي، جادل أوربان بأن الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى الاعتراف بأن “بوتين جعل بلاده عظيمة من جديد”. مثل بوتين، نصّب أوربان نفسه على أنه بطل أقلية في أوكرانيا، في حالته العرقية الهنغارية.
ومن المعجبين البارزين الآخرين لبوتين في أوروبا الغربية، نايجل فاراج، المناضل المؤيد لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وماثيو سالفيني، زعيم الرابطة الإيطالية اليمينية المتشددة، ونائب رئيس الوزراء السابق. وتعليقًا على إرسال بوتين للقوات إلى الشرق الأوسط، قال فاراج: “الطريقة التي استولى بها على سورية برمتها، باهرة”. أما سالفيني فقد التقط ذات مرة صورًا في الساحة الحمراء، وهو يرتدي قميصًا عليه صورة بوتين.
يمتد نادي المعجبين ببوتين إلى آسيا والشرق الأوسط. رودريغو دوتيرتي، زعيم الفلبين، متهم على نطاق واسع برعاية فرق الموت خلال فترة رئاسته. وعندما سُئل دوتيرتي عن أيّ زعيم في العالم يحظى بإعجاب أكبر، أجاب من دون تردد: “بطلي المفضل هو بوتين”.
بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، رجل قوي آخر، كما يسمي نفسه، استمتع برحلاته إلى روسيا لمناقشة الجغرافيا السياسية مع بوتين. وتضمنت حملته لإعادة انتخابه لعام 2019 ملصقًا للزعيم الإسرائيلي يصافح بوتين، تحت شعار “نتنياهو: أفضل من أي زعيم آخر في الميدان”.
وارتبط بوتين بقادة أقوياء في أماكن أخرى من الشرق الأوسط. وأهدى لعبد الفتاح السيسي (رئيس مصر) بندقية كلاشينكوف. وبدا السيسي، الذي قتلت قواته الأمنية مئات المتظاهرين في شوارع مصر، مسرورًا بتلك الهديّة.
محمد بن سلمان، وليّ العهد السعودي والزعيم الفعلي، هو معجب آخر ببوتين. مع صعوده إلى السلطة، أشار بعض المستشارين البريطانيين لمحمد بن سلمان إلى إعجابه المذهل ببوتين، وعلقوا: “لقد كان مفتونًا به. . . لقد أحبّ ما فعله”.
اتخذ الشعور المتبادل بين الزعماء السعوديين والروس بُعدًا جديدًا، بعد اتهام محمد بن سلمان بإصدار أمر بقتل جمال خاشقجي، الصحفي السعودي. لفترة من الوقت، بدا الأمر كما لو أن محمد بن سلمان يخاطر بأن يصبح منبوذًا دوليًا. وكان بوتين حريصًا على الترحيب به مرة أخرى في العودة إلى نادي زعماء العالم. في أول قمة لمجموعة العشرين عقدها محمد بن سلمان بعد مقتل خاشقجي، صافح الزعيم السعودي بوتين بقوة وبابتسامة عريضة من بوتين. واتُهم بوتين نفسه لاحقًا بإعطاء الإذن بمحاولة قتل زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني.
هذه المصافحة الحماسية بين بوتين ومحمد بن سلمان تكشف بشكل حقيقي الهوس الدولي ببوتين. غالبًا ما يكون الذين يشاركونه طعم العنف وازدراءه لحقوق الإنسان من أكبر المعجبين بالزعيم الروسي، مثل دوتيرتي ومحمد بن سلمان.
هذا هو السبب في أن المواجهة الحالية بين روسيا والغرب تدور حول أكثر من استقلال أوكرانيا، على الرغم من أهمية ذلك. قد تحدد نتيجة الأزمة أيضًا نغمة السياسة العالمية. إذا هزم بوتين الديمقراطيات الغربية، فإن أسلوبه في القيادة سيبدو مثل موجة المستقبل.
اسم المقالة الأصلي | The international cult of Vladimir Putin |
الكاتب | جيدون راشمان، GIDEON RACHMAN |
مكان النشر وتاريخه | فايننشال تايمز، FT، 31/1/2022 |
رابط المقالة | https://on.ft.com/3seF77h |
عدد الكلمات | 875 |
ترجمة | وحدة الترجمة/ أحمد عيشة |