* تم إنتاج هذه المادة ونشرها بالتعاون مع حملة #لنحقق_العدالة”
أسّس النظام الحاكم منظومةَ عنفٍ عبر مؤسسات تمارس دورًا تعذيبيًا، عقابيًا، تأديبيًا، وأخرى أقلّ عنفًا، لكنّها ليست أقل أذًى وقسوة على المتمرّدين، بحيث لا يعود التطبيع مع العنف كافيًا، كجزء لا يتجزأ من المشهد العام والخاص، بل يصبح التحريض على العنف مطلبًا لشحذ همم القامعين. يؤدي فهم هذا الفعل التأسيسي إلى دور الاضطهاد المتقن كهندسة سياسية، اجتماعية، اقتصادية، قانونية، ثقافية، تضع الناجين من الاعتقال والإخفاء القسري، رجالًا ونساء، وأسرهم في دوامة قهر متواصل.
كلّ قصة من قصص الناجين تعكس تقاطعًا مختلفًا لمقاومة الظلم، تتوقد أو تخبو، ثم تتوهج كجزء من البحث الدائم عن الحرية والعدالة والمساواة. وبناء على ذلك، سنسلّط الضوء على بعض التحديات التي تواجه الناجين والناجيات، دون إعلاء جانب على آخر، لأنها متقاطعة ومتداخلة بأثرها:
الجانب الاجتماعي – النفسي
تنميط الأدوار والمشاعر وردّات الأفعال: ترفض غالبية المجتمعات السورية الوجع النفسي والتعبير عنه، إما لعدم الرغبة في الاعتراف في المشكلة والتعاطي معها، أو لعدم وجود المعرفة بسبل علاجها، وتقمع تلك المجتمعات الرجال الناجين من التعبير عن عواطفهم ومشكلاتهم النفسية وانكساراتهم، كونها تتناقض مع مفهوم الرجولة القائم على القوة والشجاعة والمسؤولية والعزة والإقدام ومواجهة الصعاب، أي الصورة النمطية لما يجب أن يكون عليه الرجل، والتي يُطلق عليها مصطلح الذكورة السامة (Toxic masculinity)، أي الأعراف الذكورية التي تكرّس الهيمنة والتسلّط من خلال القوة، وتؤذي الفرد ذاته ومحيطه، وبذلك يزداد أثر المعاناة على الناجين بعد إطلاق سراحهم. أما الناجيات اللواتي رسم المجتمع أدوارهن واستعذب تأطير مشاعرهن بالانفعال والعاطفية والهشاشة والضعف، لكنه لا يسمح للاضطرابات النفسية وتعبيراتها المختلفة مثل الانعزال والقلق والكآبة بالتمادي والسيولة، إذ إنه يعدّ التعافي مسألة يسيرة وكأنها كبسة زرّ وتنتهي المشكلة، وعلى الناجية المضيّ في دورها الرعائي.
الاشتباك القسري مع أسئلة الفضوليين/ات: في أغلب الأحيان، تتمحور الأسئلة الموجهة للناجين حول جرائم وانتهاكات التعذيب والإهانة والمعاملة القاسية واللاإنسانية، فتثير ذكريات مرة، وتداعيات نفسية سيئة، قد لا يكون الناجي يرغب في الحديث عنها. أما غالبية الأسئلة الموجّهة إلى الناجيات والمتمحورة حول الاغتصاب، فتكشف عنفًا مجتمعيًا ضد النساء بصيغ مركبة، كآلية ضبط وسيطرة عليهن، فكثير منهن تم وصمهن ولومهن والتشكيك بروايتهن، وطلقن من أزواجهن، أو/ وحُرمن من أطفالهن، أو تمّ التبرؤ منهن إما درءًا للعار والوصم، أو خوفًا من بطش النظام، بوصفه نظامًا يتعامل مع أُسَر المعتقلين والمعتقلات كرهائن، وبذلك تعيش الناجية خسارات متلاحقة من جراء فقد شبكة الأمان الاجتماعية، وخاصةً لمن خرجن من سورية وأقمن في دول مجاورة، حيث الاستغلال والفاقة والعوز[1]. وهنا لا بد من التنبيه إلى أن الوصم ظاهرة اجتماعية ثقافية شديدة الرسوخ، تؤسس للتطبيع مع العنف والاستبعاد من الحياة العامة، وانتهاكات متعددة لحقوق الإنسان، السياسية والمدنية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
الجانب السياسي – القانوني
التمييز المناطقي الذي تديره “الدولة”: بالرغم من أن القمع هو العقد الاجتماعي الوحيد الذي نسجه النظام مع المجتمع، فإن الناجين، بعد إخلاء سبيلهم وأسرهم، وأسر المختفين قسريًا، نساءً ورجالًا، يخضعون لقمع مكثف وتسيس للعنف المرئي والمبطن، ولتمييز مناطقي؛ فالموصومون بمكان ولادتهم وإقامتهم، أي من المدن والمناطق التي تمردت على النظام، يعانون رهاب الحواجز ودخول الدوائر الرسمية لاحتمالية اعتقالهم، أو إعادة اعتقالهم، وهي سياسة منسجمة مع التصريح الفاشي للأسد، حول المجتمع المتجانس، فبعد النزوح والتهجير القسري لنصف سكان سورية، اعتبر الأسد في مقابلة له مع صحيفة (نيويورك تايمز) بتاريخ 1 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016 أن “النسيج الاجتماعي في سورية اليوم هو أفضل مما كان عليه قبل الحرب”[2]، وبناء على ذلك، يشير تقرير بعنوان “مختفون قسرًا في مراكز الاحتجاز السورية”[3]، صدر في كانون الأول/ ديسمبر 2020 عن رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا، إلى أنّ 48,43% من عيّنة المفقودين قسريًا الكلية، و21,02% من عيّنة الناجين الكلية، هم من مواليد إدلب، مقارنة مع باقي المحافظات السورية[4]، وسجل التقرير أن أكثر من نصف المستجيبين، من أُسر المختفين قسريًا، أفادوا بأن السبب الرئيسي لعدم زيارة المخفي قسريًا هو الخوف من الاعتقال، في حال السؤال عن المخفي قسريًا[5]، وهنا لا بد من التنبيه إلى أن المعتقل يُصبح مختفيًا قسريًا، عندما لا تستطيع أسرته زيارته أو معرفة مكانه ومصيره. كما أفاد التقرير أيضًا بأن 3% من الأسر حصلوا على شهادة وفاة، و1% حصلوا على إخراج قيد أو قيد عائلي للمختفي يُثبت وفاة المختفي.
لم يكن الاعتقال، وإعادة الاعتقال مرة أخرى لمن أخلي سبيلهم، نساءً ورجالًا، يتم في أثناء عبور الحواجز فقط، بل كان مكانًا للابتزاز وهدر الكرامات والعنف بكل أشكاله، وبضمنه العنف اللفظي، ضد الموصومين بمكان ولادتهم الوارد في الهوية[6].
سياسة الإفقار، الابتزاز والتجريد من الممتلكات: على الرغم من أن معدّل الفقر العامّ في سورية قدر بـ 86% في عام 2019[7]، فإن المعتقلين وأسر المختفين قسريًا، نساءً ورجالًا، خضعوا لجملة سياسات ساهمت في إفقارهم عبر الابتزاز وتجريد عدد كبير منهم من ملكياتهم، أو حرمتهم من التصرف بها، وفق أساليب متنوعة:
1 – بعد رفع حالة الطوارئ وإلغاء محكمة أمن الدولة، تم إنشاء محكمة استثنائية خاصة بقضايا الإرهاب[8]، وهي محكمة تختزل إرهاب الدولة ضد المجتمع بشكل عام وضد المعارضة بشكل خاص، بغطاء قانوني. وتم إقرار قانون الإرهاب رقم 19 لعام 2012، وتنصّ (المادة رقم 11) على دور “النائب العام المختص أو لمن يفوضه أن يأمر بتجميد الأموال المنقولة وغير المنقولة، لكل من يرتكب إحدى الجرائم المتعلقة بتمويل الأعمال الإرهابية أو ارتكاب إحدى الجرائم المنصوص عليها في القانون، إذا كانت هناك دلائل كافية على ذلك ضمانًا لحقوق الدولة والمتضررين”. وتنص (المادة 12) من القانون ذاته على أن “تحكم المحكمة بحكم الإدانة بمصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة وعائداتها …”[9]، وبموجب القانون، حُرم العديد من التصرف بأموالهم وممتلكاتهم، بعد تلفيق تهم الإرهاب والتعامل مع إرهابيين للعديد من المعتقلين/ات.
وازداد تعقيد عملية بيع الممتلكات، لمن اضطروا، نساءً ورجالًا، إلى الخروج من سورية، بسبب القمع والملاحقة الأمنية أو هُجروا قسريًا إلى الشمال السوري، من جراء حصر إتمام العملية بعد الحصول على الموافقة الأمنية[10]، وازداد صعوبة أيضًا، بعد إصدار قرار مجلس الوزراء رقم 5 بتاريخ 20/1/2020 الذي ألزم “الجهات العامة والسجل العقاري ومديريات النقل العامة المخولة بتسجيل ملكية العقارات والمركبات والكاتب بالعدل بعدم توثيق عقود البيع أو الوكالات المنجزة والدائمة، قبل الحصول على إشعار بتسديد قيمة العقار أو المركبة، أو دفع جزء من مبلغها في الحساب المصرفي”، للمالك أو لورثة المالك أو للمحكمة[11].
2 – تغيير البنية القانونية لقضايا الملكية (الأرض والسكن): صدر منذ عام 2011، حوالي ثلاثين قانونًا ومرسومًا قارب قضايا الملكية (الأرض والسكن)[12]، وأبرز تلك القوانين:
المرسوم التشريعي 63 لعام 2012، الذي يشرعن اتخاذ الإجراءات التحفظية اللازمة على الأموال المنقولة وغير المنقولة العائدة لمتّهمين، ومن ذلك منعهم من السفر. والمتّهمون، من النساء والرجال، تم نزع صفتهم كناشطين ومعارضة، واستبدلت بـ “إرهابيين/ات”[13].
المرسوم التشريعي 66 الصادر في 18 أيلول/ سبتمبر 2012، القاضي بإحداث منطقتين تنظيميتين في نطاق محافظة دمشق: الأولى تنظيم منطقة جنوب شرق المزة من المنطقتين العقاريتين المزة – كفرسوسة؛ والثانية تنظيم جنوبي المتحلق الجنوبي من المناطق العقارية مزة – كفرسوسة – قنوات بساتين – داريا – القدم، حسب المادة 1 من المرسوم. أي المناطق التي شهدت حراكًا ثوريًا، بينما بقيت جميع المناطق العشوائية الموالية للنظام في دمشق، مثل المزّة 86، السومرية، عش الورور وغيرها من المناطق، بعيدة عن أي إجراء حتى الآن[14].
المرسوم التشريعي رقم 19 لعام 2015، المتعلق بجواز إحداث شركات قابضة مساهمة مغفلة خاصة، بناء على دراسات اجتماعية واقتصادية وتنظيمية بهدف إدارة واستثمار أملاك الوحدات الإدارية أو جزء منها[15]. وبموجب هذا القانون، تم تأسيس شركة دمشق القابضة عام 2016[16]، التي أدارت مشروع (ماروتا سيتي)، وهي صيغة أتاحت لشركة خاصة (مؤلفة من رجال أعمال مختارين من النظام الحاكم)، إدارة أملاك الدولة، واستندت إلى قانون مصادرة واستملاك الأراضي رقم 20 لعام 1983[17].
المرسوم التشريعي رقم 11 لعام 2016[18]، الذي نصّ على توقف عمليات تسجيل الحقوق العينية العقارية بسبب النزاع المسلح وخروج مناطق عن سيطرة النظام، وبالتالي لم يتم الاعتراف الرسمي على المعاملات العقارية التي تمت فيها.
القانون رقم 3 لعام 2018 “الخاص بإزالة أنقاض الأبنية المتضررة نتيجة أسباب طبيعية أو غير طبيعية أو لخضوعها للقوانين التي تقضي بهدمها”[19]، سواء كانت تشمل منطقة عقارية بكاملها أو عقارًا أو مقسمًا. وفي هذا القانون ثغرات متعددة، منها، على سبيل المثال، المفهوم الفضفاض للضرر الوارد في المادة 1، ولم يميز بالإجراءات تبعًا لتوصيف ونوع الضرر، وتركت المادة 2 القرارَ للوحدة الإدارية أن تحدد بموجبه المنطقة العقارية والمباني المتضررة المشمولة بهذا القانون.
القانون رقم 10 لعام 2018[20] (تم تعديله بالقانون رقم 10 في تاريخ 2/4/2018)[21]، وتنصّ المادة رقم 1 من القانون على: “… إحداث منطقة تنظيمية أو أكثر، ضمن المخطط التنظيمي العام للوحدات الإدارية المعرفة بالمرسوم التشريعي رقم 107 لعام 2011، استنادًا إلى دراسات ومخططات عامة وتفصيلية مصدقة، وإلى دراسات جدوى اقتصادية معتمدة”. ويعدّ هذا القانون تتويجًا لشرعنة التغيير الديموغرافي، وإهدارًا للحقوق العقارية للسكان، وأخطر ما فيه أنه أعطى الصلاحيات لبلديات لا تملك المعرفة ولا المصداقية ولا الشرعية، وسمح لها بأن تُنشئ شركات قابضة، وفق المرسوم التشريعي رقم 19 لعام 2015، أي “إخراج أراضي البلدية من الاستعمال العام والرقابة العامة، ووضعها بين يدي القطاع الخاص، والقطاع ليس مبنيًا على مناقصات وشفافية، بل يعمل من فوق السُطوح”[22]، بالإضافة إلى مناخ يتغول فيه الفساد، مع غياب اللاجئين (5،6 ملايين لاجئ)، ونزوح وتشرد الملايين (6،1 ملايين نازح)[23]، واعتقال واختفاء الآلاف، وفقدان الأوراق الثبوتية (9% يمتلكون الأوراق الثبوتية الرسمية)[24] جميعها أو بعض منها، ومنها ما لم يعد صالحًا، إضافة إلى عدم قدرة النازحين، ومن ضمنهم الناجون، على التنقل لأسباب أمنية، وتعقيد المعاملات العقارية، ومصادرة الممتلكات[25]، وغيرها من العوامل المعقدة والصعبة والمتقاطعة مع الحقوق المسلوبة، ومنها الأثر المجحف المتعلق بحيازة النساء، نظرًا لأن أسماءهن تستبعد من وثائق الممتلكات، وتواجه النساء المعيلات، أي الأُسر التي ترأسها وتعيلها النساء، تحديات قاسية في إثبات حقوقهن في الحيازة أو حقوقهن بالإرث أو إثبات وضعهن العائلي[26].
3 – فصل تعسفي من العمل لعدد من المعتقلين، وخاصة للعاملين في مؤسسات الدولة[27].
4 – الابتزاز المالي لأسر المعتقلين والمخفيين قسرًا: في حسبة تقديرية، أفادت رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا أن الابتزاز المادي لأسر المعتقلين والمخفيين قسرًا قارب 900 ألف دولار، (على وجه التحديد 868,900,573)، وتشمل هذه الحسبة الحصول على معلومات عن المختفي قسريًا، ووعودًا بزيارة المختفي قسريًا، أما عن الناجين، فقد شملت الحسبة الحصول على معلومات حول وضعهم، والحصول على إذن للزيارة ووعود بإخلاء السبيل فقط[28]. فضلًا عن المبالغ الأخرى التي تدفعها الأسر في كل مراحل الاحتجاز والاعتقال والزيارات وتكاليف التقاضي… إلخ، في مناخ الفساد الواسع النطاق في سورية.
5 – حرمان أُسَر المحتجزين تعسفيًا والمخفيين قسريًا من الاعتراف بالحقيقة، بشأن كيفية وفاة من هلك من الضحايا، نساءً ورجالًا، بسبب التعذيب أو ظروف المعيشة اللاإنسانية أو الإهمال المتعمد أو حرمانهم من المساعدة الطبية الكافية، وعدم الكشف عن أماكن رفاتهم وتسليم ممتلكاتهم الشخصية لأُسَرهم، وحرمان الأُسَر من الحصول على شهادات وفاة رسمية لأحبائهم، الأمر الذي عمق معاناتهم وسبّب لهم تبعات قانونية، منها عدم قدرة الأُسَر على التحرك في الجوانب القانونية المترتبة عن الوفاة، وبضمنها حقوقهم في السكن والأرض والملكية[29].
أثر العنف القانوني ضد النساء: مع تغير أدوار النساء خلال الصراع، برز العنف القانوني كرافع لقهرهن والاستقواء عليهن، فعلى سبيل المثال، عرقلت المادة (148) من قانون الأحوال الشخصية العام اضطرار خروج النساء مع أطفالهن خارج سورية، وخاصة مع الإخفاء القسري للعديد من الرجال أو عدم قدرتهن الحصول على شهادة وفاة رسمية أو بسبب التحاق الرجال بالمعارك و/أو انقطاع أخبارهم، وتوجسهن من مراجعة الدوائر الرسمية خشية المساءلة أو الاعتقال، حيث تنصّ المادة على أن “ليس للأم أن تسافر بولدها أثناء الزوجية إلا بإذن أبيه”[30]، والعكس ليس صحيحًا، ولم يتم تعديل فحوى المادة إلا بتاريخ 7/2/2019 (قانون 4)[31]. وبرز الاستقواء على النساء أيضًا في حرمانهنّ من أولادهنّ بشكل عام، وللمعتقلات السابقات بشكل خاص، واستسهال الطعن في أخلاقهنّ في المحاكم، بغاية حرمانهنّ من أولادهنّ واستغلال عدم قدرتهن للوصول إلى العدالة[32]، ويُردّ ذلك إلى القانون الذي كرس التمييز البنيوي ضدهن، وكرّس أيضًا دونيتهن في مسائل الزواج، مثلًا، حددت المادة (170- 1) ولاية الرجل على أولاده، كما يلي: “للأب ثم للجد العصبي ولاية على نفس القاصر…”، ويدخل في الولاية سلطة التأديب والتطبيب والتعليم والتوجيه إلى حرفة اكتسابية والموافقة على التزويج، حسب نص ذات المادة في البند الثالث، وعلى الرغم من التعديل الذي ورد على بعض نصوص قانون الأحوال الشخصية[33]، فإنه أبقى على بنيوية العنف ضدهن، حيث نصت المادة المعدلة رقم (176 – 1) على أنه “يجوز للأب وللجد، عند فقدان الأب، أن يقيم وصيًا مختارًا لولده القاصر أو الحمل.. وله إن يرجع عن إيصائه”. وأصرت المادة 2 من المادة ذاتها على استبعاد الأم من الوصاية، إلا إذا اختارها الأب وصية: “إن الوصاية في أموال القاصرين بعد وفاة الأب هي للوصيّ الذي اختاره الأب، وإن لم يكن قريبًا لهم”. في جميع الصراعات، يزداد العنف الأسري ضد النساء والفتيات، وسورية ليست استثناءً، وخاصة في ظل التطبيع معه قانونيًا واجتماعيًا منذ عقود.
ختامًا: إن المروحة الواسعة لتعريف ضحايا الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي الإنساني، بشأن الحق في الانتصاف والجبر، تدلّ على جسامة الأثر الواسع النطاق على الأفراد وأسرهم ومحيطهم، كما عرفته الجمعية العامة للأمم المتحدة: “الضحايا هم الأشخاص الذين لحق بهم ضرر، أفرادًا كانوا أو جماعات، بما في ذلك الضرر البدني أو العقلي أو المعاناة النفسية أو الخسارة الاقتصادية أو الحرمان بدرجة كبيرة من التمتع بحقوقهم الأساسية، وذلك من خلال عمل أو امتناع عن عمل يشكّل انتهاكًا جسيمًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، أو انتهاكًا خطيرًا للقانون الإنساني الدولي. وعند الاقتضاء، ووفقًا للقانون المحلي، يشمل مصطلح (ضحية) أيضًا أفراد الأسرة المباشرة أو من تعيلهم الضحية المباشرة، والأشخاص الذين لحق بهم ضرر في أثناء تدخلهم لمساعدة الضحايا المعرضين للخطر أو لمنع تعرضهم للخطر”[34]. ولا يمكن تحقيق العدالة في سورية إلا من خلال نهج يركّز على الضحايا، نساءً ورجالًا، والعدالة الانتقالية التحولية.
[1] – لمى قنوت، “كي لا أكون على الهامش – رأي وتحليل الكاتبة”، صفحة 28، اليوم التالي، منصة سياسية نسوية، شوهد في 22/1/2021، في: https://bit.ly/3qGpxiz
[2] – Anne Barnard، “Assad in Person: Confident, Friendly, No Regrets”، The New York Times، 1 Nov 2016، شوهد في 22/1/2021، في: http://nyti.ms/3pjGtem
[3] – ” مختفون قسرًا في مراكز الاحتجاز السورية”، رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا”، صفحة 21، كانون الأول/ ديسمبر 2020، شوهد في 22/1/2021، في: https://bit.ly/3o8gLZ5
[4] – لغرض التقرير، قامت الرابطة بتحليل بيانات كمية مبنية على مقابلات مع 508 أشخاص من ذوي المختفين قسرًا، منذ خريف 2018، وبغرض المقارنة بين الناجين (من دخلوا إلى سجن صيدنايا وخرجوا أحياء) المختفين قسرًا (من دخلوا إلى مراكز الاحتجاز وانقطعت أخبارهم)، تم أيضًا، في تلك الفترة، تحليل بيانات كمية مستمدة من 709 مقابلات مع ناجين. للمزيد: المصدر السابق، صفحة 7.
[5] – المصدر السابق، صفحة 9.
[6] – لمى قنوت، “كي لا أكون على الهامش – رأي وتحليل الكاتبة”، مصدر سابق، صفحة 11.
[7] – “العدالة لتجاوز النزاع في سوريا”، المركز السوري لبحوث السياسات، أيار/ مايو 2020، صفحة 94، شوهد في 23/1/2021، في: https://bit.ly/3iBEbDq
[8] – “القانون 22 لعام 2012 إحداث محكمة للنظر في قضايا الإرهاب مقرها دمشق” الجمهورية العربية السورية – مجلس الشعب 26/7/2012، شوهد في 21/8/2020، في: https://goo.gl/gYREUs
[9] – “إصدار ثلاثة قوانين لمكافحة الإرهاب في سورية”، شوهد في 23/1/2021، في: https://bit.ly/365K0Wc
[10] – لمى قنوت، “حرب الممتلكات وأثرها المجحف على النساء”، عنب بلدي، 9/10/2020، شوهد في 24/1/2021، في: https://bit.ly/3pcNcqv
[11] – “المصرف المركزي يحدد إجراءات فتح الحسابات لشراء العقارات والمركبات”، 6/10/2020، عنب بلدي، شوهد في 23/1/2021، في: http://bit.ly/3olfuxS
[12] – “ما هي أبرز القوانين والمراسيم التي قاربت قضايا الملكية الأرض والسكن منذ العام 2011″، The Syria Report، 20/1/2021، شوهد في 24/1/2021، في: https://bit.ly/2Nyeiuf
[13] – “المرسوم التشريعي 63 لعام 2012 سلطات الضابطة العدلية”، الجمهورية العربية السورية – مجلس الشعب، شوهد في 20/1/2021، في: https://bit.ly/3fFvrLB
[14] – لمى قنوت، “العدالة الانتقالية الحساسة للجندر في سورية”، أيلول/ سبتمبر 2019، اليوم التالي، منصة سياسية نسوية، صفحة 107، شوهد في 20/1/2021، في: http://bit.ly/3omYPdd
[15] – “المرسوم التشريعي رقم 19″، الجمهورية العربية السورية- رئاسة مجلس الوزراء، 30/4/2015، شوهد في 20/1/2021، في: https://bit.ly/2CkNsQU
[16] – مراد عبد الجليل، “دمشق الشام القابضة.. غطاء قانوني لاستثمارات رجال أعمال”، عنب بلدي، 23/12/2018، شوهد في 20/1/2021، في: https://www.enabbaladi.net/archives/271787
[17] – “ماروتا سيتي: ما هي شركة (دمشق الشام القابضة)”، المدن، 19/4/2019، شوهد في 17/7/2020، في: https://bit.ly/30kNznD
[18] – المرسوم التشريعي رقم 11 لعام 2016، الجمهورية العربية السورية – مجلس الشعب، شوهد في 17/7/2020، في: https://bit.ly/30g29wI
[19] – “القانون رقم 3 لعام 2018…”، الجمهورية العربية السورية – رئاسة مجلس الوزراء، 12/2/2018، شوهد في 20/1/2021، في: https://bit.ly/2ZDEOWD
[20] – “القانون رقم 10 لعام 2018” الجمهورية العربية السورية – رئاسة مجلس الوزراء، 2/4/2018، شوهد في 20/1/2021، في: https://goo.gl/vPKeWw
[21] – “قانون رقم 10 لعام 2018″، الجمهورية العربية السورية – رئاسة مجلس الوزراء.
[22] – لمى قنوت، “العدالة الانتقالية الحساسة للجندر في سورية”، مصدر سابق، صفحة 110.
[23] – “تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية”، الأمم المتحدة – الجمعية العامة، الأمم المتحدة – مجلس حقوق الإنسان، 2 آذار/ مارس 2020، صفحة 20، شوهد في 20/1/2021، في: https://undocs.org/ar/A/HRC/43/57
[24] – Astrid Zweynert، “Syria faces 2 million lawsuits over lost and damaged property: experts”، REUTERS، February 28, 2018، شوهد في 20/1/2021، في: https://reut.rs/3jegi6i
[25] – كما يصادر النظام السوري الممتلكات، تمت مصادرة ممتلكات ونهبها على نطاق واسع، في عفرين والمناطق المجاورة. للمزيد: “تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية”، الأمم المتحدة – الجمعية العامة، الأمم المتحدة – مجلس حقوق الإنسان، 2 آذار/ مارس 2020، صفحة 10، شوهد في 20/1/2021، في: https://undocs.org/ar/A/HRC/43/57
[26] – للمزيد، “إخطارات الوفاة في الجمهورية العربية السورية”، لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية”، 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، صفحة 4، شوهد في 24/1/2021، في: https://bit.ly/3sSADCL
[27] – مركز توثيق الانتهاكات في سوريا “تقرير خاص حول حالات الفصل التعسفي لموظفي القطاع العام في محافظة حماة”، تقرير، أيار/ مايو 2014، شوهد في 23/1/2021، في: https://bit.ly/361LxfV
[28] – “مختفون قسرًا في مراكز الاحتجاز السورية”، رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا، صفحة 8 – 9، كانون الأول/ ديسمبر 2020، شوهد في 22/1/2021، في: https://bit.ly/3o8gLZ5
[29] – للمزيد انظر “إخطارات الوفاة في الجمهورية العربية السورية”، مصدر سابق، صفحة 5.
[30] – ممدوح عطري، “قانون الأحوال الشخصية”، مؤسسة النوري للطباعة للنشر والطباعة والتوزيع، دمشق، سورية، 2010، صفحة 55.
[31] – “قانون 4 المتضمن تعديل بعض المواد من قانون الأحوال الشخصية السوري”، الجمهورية العربية السورية – رئاسة مجلس الوزراء، 7/2/2019، شوهد في 26/1/2021، في: https://bit.ly/2YbrwiI
[32] – – لمى قنوت، “كي لا أكون على الهامش – رأي وتحليل الكاتبة”، مصدر سابق، صفحة 36.
[33] – “قانون 4 المتضمن تعديل بعض المواد من قانون الأحوال الشخصية السوري”، الجمهورية العربية السورية – رئاسة مجلس الوزراء، 7/2/2019، شوهد في 24/1/2021، في: https://bit.ly/2YbrwiI
[34] – “قرار اتخذته الجمعية العامة في 16 كانون الأول/ ديسمبر 2005” الأمم المتحدة – الجمعية العامة، 147/60/RES/A، 21 آذار/ مارس 2006، صفحة 7، فقرة خمسة/8، شوهد في 26/1/2021، في: https://bit.ly/3iSBcb7