أولًا: نظرة عامة إلى أهم مجريات المدة
717 قتيلًا سقطوا على الأرض السورية في هذا الشهر (نيسان/ أبريل 2019)، من بينهم 313 مدنيًا، يشكلون 44 في المئة من مجموع القتلى، ومن بينهم 75 طفلًا نسبتهم 24 في المئة من القتلى المدنيين، و 97 امرأة نسبتهن 31 في المئة من القتلى المدنيين، وهي نسب مرتفعة قياسًا بالأشهر الأخيرة.
دير الزور أولًا من حيث عدد القتلى، على الرغم من التراجع الكبير في عدد القتلى ونسبتهم خلال هذا الشهر بعد توقف الحرب النظامية مع تنظيم الدولة، تليها حلب بحصيلة مقدارها 122 قتيلًا، 70 في المئة منهم من العسكريين (86 عسكريًا)، سقط معظمهم بعمليات نوعية، نفذتها “هيئة تحرير الشام” وغرفة عمليات “وحرض المؤمنين” ضد مواقع عسكرية لجيش النظام السوري في ريف حلب الجنوبي. أما قتلى إدلب الـ 104، وثلثيهم من المدنيين، فقد سقط معظمهم في القصف العنيف الذي ينفذه جيش النظام بمشاركة الطيران الروسي من دون توقف تقريبًا. أما حماة فقتلاها من المدنيين معظمهم سقطوا بسبب قصف النظام على الريف الحموي المحاذي لإدلب، والواقع ضمن منطقة خفض التصعيد، أما العسكريون فمعظمهم من قوات النظام، فقد قتل 13 منهم بهجوم لـ “هيئة تحرير الشام” على أحد حواجز النظام شمال المدينة، و22 عنصرًا من الميليشيا الإيرانية قتلوا بغارة إسرائيلية على موقع عسكري إيراني قرب مصياف. أما حمص التي تأتي خامسًا، فقتلاها جميعهم من العسكريين، وغالبيتهم سقطوا بكمائن لتنظيم الدولة في البادية الشرقية.
تقرير المرصد عن الثلث الأول من شهر نيسان / أبريل 2019
في ملف الضحايا نشير أيضًا إلى بعض الأخبار اللافتة، منها: وصول عدد وفيات الأطفال في مخيم الهول جنوب الحسكة إلى 271 طفلًا بدءًا من مطلع العام، بسبب نقص الغذاء وسوء الرعاية الصحية، ونذكِّر بأن نزلاء هذا المخيم معظمهم من النساء والأطفال القادمين من المناطق التي تحررت من داعش، خاصة من منطقة الباغوز؛ ومنها خبر إعدام داعش لـ 1700 معتقل لديه، ودفنهم في مقابر جماعية، خلال سيطرته على الرقة؛ ومنها ما نشرته الشبكة السورية لحقوق الإنسان حول توثيقها مقتل ما يزيد عن 14000 متعقل تحت التعذيب في سجون النظام السوري.
في المشهد الميداني، كان الأبرز هو القصف المتكرر لريف إدلب من قبل قوات النظام والطيران الروسي، ما تسبب بسقوط كثير من المدنيين، وتسبب أيضًا بمجزرة في كفر نبل في ريف إدلب، قُتل فيها 12 شخصًا، وأصيب العشرات.
قبل تناول المشهد الميداني، نتوقف قليلًا عند ملف النزوح، ونشير إلى المأساة الكبيرة التي يعيشها المخيمان الكبيران: مخيم الهول جنوبي الحسكة، الذي أشرنا إليه آنفًا، ويقطنه ما يزيد عن 73000 شخص معظمهم من النساء والأطفال، ويعاني نقصًا شديدًا في المواد الطبية والخدمات، ما تسبب بموت عدد من الأطفال، لا يسقط عادة بحرب، ومخيم الركبان على الحدود الأردنية، حيث يعاني حصارًا خانقًا من طرف قوات النظام، ومن الطرف الأردني، وهو ما يتعذر قصفه على قوات النظام بسبب قربه من قاعدة عسكرية أميركية، كما يتعذر على الروس وقوات النظام ترحيل قاطنيه وإعادتهم إلى مناطقهم بسبب خوفهم من قوات أمن النظام.
في المشهد الميداني، نشير إلى حدثين هامين في هذا الشهر: الأول هو النشاط اللافت لمقاتلي داعش المتخفين، أو ما يسمى بالخلايا النائمة التي نفذت عددًا من التفجيرات بقوات النظام، وأوقعتها في عدد من الكمائن، ضمن حملة أطلقتها للثأر من خسارتها مناطق سيطرتها، وقد سمَّتها “غزوة الثأر لبلاد الشام”، ثم ظهور زعيمها، أبي بكر البغدادي، آخر الشهر في تسجيل مصور، يقول فيه أن المعركة لم تنته، ويتوعد بالثأر لقتلاهم. أما الحدث الثاني فهو تكثيف قوات النظام والطيران الروسي هجومهم على ريفي إدلب وحماة، خاصة بعد انتهاء محادثات أستانا إلى الفشل، ما أدى إلى قتل العشرات، وإلى تهجير عشرات الألوف.
على صعيد النظام ومناطق سيطرته، نشير إلى أزمة المحروقات الخانقة التي عانتها هذا الشهر، ما أدى إلى شلل حركة المرور وقضاء الساعات الطويلة أمام محطات الوقود في طوابير بالكيلومترات، ومثلها أمام مراكز توزيع أسطوانات الغاز. وقد عزا النظام -وخبراء آخرون- أسباب الأزمة إلى الحصار الاقتصادي الشديد الذي فرضته الولايات المتحدة على سورية، وإيران من قبلها، ما جعل وصول النفط إلى سورية أمرًا متعذرًا. وثمة أخبار عن انفراج الأزمة مع نهاية الشهر، ووصول بعض الشحنات من شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا بالقوة عام 2014. أما الليرة السورية فشهدت تدهورًا ملحوظًا خلال هذا الشهر، أوصل الدولار إلى حدود الـ 565 ليرة سورية في السوق السوداء. مع ما يستتبعه ذلك من تضخم في الأسعار.
نبقى فبي الأخبار المتعلقة النظام، ونلفت إلى خبر تأجير مرفأ طرطوس لروسيا بعقد إذعان مدته 49 سنة قابلة للتجديد، الذي أعلن عنه في الـ 20 من الشهر الجاري. وتسارع الاهتمام بتدريس اللغة الروسية في الجامعات السورية (حمص، واللاذقية) إضافة طبعًا إلى تدريسها منذ خمس سنوات بوصفها لغة ثانية في المدارس العامة. وأعلن عن دورات خاصة في أماكن سيطرة الروس، من مثل ميناء طرطوس.
تقرير المرصد عن الثلث الثاني من شهر نيسان / أبريل 2019
على صعيد المعارضة، تجدر الإشارة إلى قيام الائتلاف بافتتاح أول مقر له داخل سورية، في بلدة الراعي في ريف حلب الشمالي، في خطوة تبدو غريبة بعد ثماني سنوات من عمر الثورة.
نختم نظرتنا هذه بالعملية السياسية، فقد عقدت في أستانا جولة جديدة من المحادثات، ركزت على اللجنة الدستورية، إضافة إلى الوضع المتأزم في إدلب. وبحسب رئيس الوفد الروسي فقد فشلت المحادثات في تذليل العقبات أمام تشكيل اللجنة الدستورية، ما يعني: أن المحادثات كانت بلا جدوى. وقد انعكس ذلك مباشرة على الوضع العسكري في منطقة خفض التصعيد في إدلب، حيث تكثف الهجوم الأسدي الروسي على المنطقة.