أولًا: نظرة عامة إلى أهم مجريات المدة
93 يومًا مضت على بدء التصعيد العسكري الأعنف الذي باشرته قوات نظام الأسد وحليفه الروسي على منطقة إدلب والأرياف القريبة المحيطة بها، أو ما يعرف بمنطقة الهدنة الروسية التركية. لم تتوقف الحملة يومًا خلال هذه الشهور الثلاثة، ولم تغادر طائرات النظامين الروسي والسوري سماء ريفي إدلب الجنوبي وحماة الشمالي بصورة خاصة، ولم تتوقف براميلها وصواريخها عن حصد الأرواح وتدمير مقومات الحياة كلها في الريفين. فإضافة إلى عدد الضحايا الذي وصل إلى 2850 شخصًا منذ بدء التصعيد- منهم 853 مدنيًا بينهم 209 أطفال و158 امرأة- وإلى عدد المهجرين الذي فاق 650000 ألفًا، فقد دمر الطيران المنشآت الحيوية معظمها، كالمراكز الطبية والمنشآت التعليمية ومرافق المياه وأفران الخبز. واللافت هو مستوى الانحطاط الأخلاقي الذي ميز أداء القوات الروسية في هذه الحرب، حيث إنها أضافت على الوحشية والمجازر استخدام الإحداثيات في قصف المرافق الحيوية، وكانت الأمم المتحدة قد زودتها بها بغرض تجنب قصفها، ما أثار استياء الأمين العام للأمم المتحدة وأعضاء مجلس الأمن معظمهم، فطلبوا من غوتيرس فتح تحقيق بهذا الخصوص.
وكل ما استطاعت هذه الحملة العسكرية الهائلة إنجازه هو السيطرة على بقعة صغيرة من الأرض في ريف حماة الشمالي، منها قريتا الجبين وتل ملح.
نشير قبل مغادرة ملف المشهد الميداني إلى الاستعدادات العسكرية التركية المكثفة على الحدود الشمالية لسورية، وبصورة خاصة في منطقة “شانلي أورفة” المقابلة لتل أبيض بريف الرقة الشمالي. لدعم الوحدات العسكرية التركية المتوجودة هناك، وأخبار عن بدء إزالة الجدار الإسمنتي الذي أقامته تركيا على الحدود بين البلدين، ووردت أخبار عن تعليمات صدرت للفصائل العسكرية السورية العاملة بإمرة الجيش التركي للالتحاق بدورات تدريبية قصيرة في تركيا. يضاف إلى ذلك كله التصريحات التركية القوية التي صدرت عن كل من الرئيس ووزير الخارجية ووزير الدفاع، حول استعداد تركيا لإقامة المنطقة العازلة شمالي سورية من دون انتظار موافقة الولايات المتحدة عليها.
في ملف الضحايا، رصدنا مقتل 850 شخصًا خلال هذا الشهر، نسبة المدنيين منهم 42 في المئة، (354 مدنيًا) بينهم 96 طفلًا، نسبتهم 28 في المئة إلى مجموع الضحايا المدنيين، وبينهم أيضًا 49 امرأة، نسبتهن 14 في المئة إلى مجموع الضحايا المدنيين.
الغالبية العظمى من الضحايا سقطت في منطقة خفض التصعيد، شمالي غرب سورية (إدلب ومحيطها)، فكان نصيب حماة 281 قتيلًا، يشكلون ثلث عدد الضحايا، وكان نصيب إدلب 252 قتيلًا، نسبتهم 30 في المئة إلى إجمالي القتلى. أما قتلى اللاذقية، وعددهم 71 قتيلًا، غالبيتهم العظمى من المقاتلين، فقد سقطوا في الريف الشمالي الشرقي للمحافظة، (منطقة جبل التركمان) التي تقع تحت سيطرة الفصائل الإسلامية المسلحة.
في مخيم الهول يستمر مسلسل موت الأطفال بسبب النقص الخطر في الخدمات الطبية وفي الغذاء، وقد وصل عدد الأطفال الذين غيبهم الموت إلى 386 طفلًا على الأقل منذ مطلع هذا العام.
في ملف اللجوء، نشير إلى تزايد الضغوط على اللاجئين في كل من لبنان وتركيا، حيث هدم الجيش اللبناني 20 مسكنًا إسمنتيًّا للاجئين سوريين، وأعطى مهلة للسوريين القاطنين في عرسال لإزالة منازلهم الإسمنتية البالغة حوالى 1400 غرفة. وبستمر الاعتقال والترحيل للاجئين سوريين بحجة الدخول غير الشرعي إلى البلاد. أما في تركيا فقد رحلت السلطات التركية قسرًا عددًا كبيرًا من اللاجئين السوريين إلى منطقة إدلب عبر معبر باب الهوى، وسلمتهم إلى سلطات الأمر الواقع هناك؛ هيئة تحرير الشام. وقد رُحِّل 3451 لاجئًا خلال 18 يومًا من مطلع تموز، ولأسباب مختلفة، منها دخول الأراضي التركية بطريقة غير نظامية، أو عدم حمل بطاقة الحماية المؤقتة “الكمليك” أو مخالفة القوانين التركية. وقد اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش السلطات التركية بإجبار السوريين على التوقيع على إقرارات برغبتهم في العودة الطوعية إلى سورية، ثم ترحيلهم قسرًا. وقد التقى وفد من الائتلاف بوزير الداخلية التركي، واتفقا على تشكيل لجنة مشتركة لمتابعة شؤون اللاجئين السوريين في تركيا.