نستعمل مصطلح “الدولة البيروقراطية” هنا مجازًا، لأنه لا توجد نماذج خالصة للدول، وإنما قد تزيد عناصر البيروقراطية وقوة نفوذها في بعض الدول، وقد تخف في بعضها الآخر، بغض النظر عن الأسس السياسية والإيديولوجية التي تبنى عليها أنظمة الحكم.
إن الفساد بوصفه انعكاسًا لعلاقات القوة غير المتوازنة بين النخبة وبين مختلف شرائح المجتمع في الدولة البيروقراطية له أنصار يتحدثون عن إيجابياته وله خصوم كثر ينتقدون سلبياته.
واللافت للنظر أن سبل مكافحة الفساد في الدولة الديمقراطية أنجع وأيسر بما لا يقاس من وسائل مواجهة الفساد في الدولة البيروقراطية، كون الفساد في الحالة الأولى يبقى مقصورًا على بعض الارتكابات الفردية بينما الفساد في الحالة الثانية يتحول إلى ظاهرة مزمنة، تكون تكلفة مكافحته باهظة جدًا.
ولكن لماذا يتفشى الفساد في الدولة البيروقراطية ليتحول إلى ظاهرة مدمرة للمجتمع؟ ربما يعود ذلك إلى تدني مستوى الأداء الاقتصادي والسياسي في الدولة البيروقراطية وإلى ضعف الدخول وعدم كفايتها، الأمر الذي يدفع بالبعض لاستغلال موقعهم الوظيفي، فيحللون ما هو محرم ويحرمون ما هو محلل، وربما ترجع ظاهرة الفساد إلى غياب الحريات الديمقراطية في الدولة البيروقراطية وإلى ضعف مؤسسات المجتمع المدني وعدم فاعليتها، فضلًا عن غياب السلطة التشريعية أو تغييبها، وقد يعود السبب للقصور الذي تعانى منه السلطة القضائية في ظل غياب الشفافية والعلانية والمساءلة، وكذلك فإن الضعف الذي يعتري أداء الأحزاب السياسية قد يسهم بدوره في انتشار ظاهرة الفساد والتي قد تعود للأسباب آنفة الذكر مجتمعة.
إن أسباب الفساد تتداخل مع نتائجه ومع حلوله، وعندما تعمد الدولة البيروقراطية إلى تخفيض سقف الرعاية الاجتماعية قد يدفع البعض لتعويض ما فقدوه من خدمات مجانية، وقد يكون هذا البديل هو قبول الرشاوى، كما أن مركزية الإدارة المفرطة وتضخم الجهاز الإداري البيروقراطي، ومحاولات تفكيكه كما حصل عندما تداعت المنظومة الاشتراكية سابقًا قد تكون سببًا لانتشار الفساد وتجذره في المجتمع.
لقد عانت الدولة البيروقراطية من الفساد الذي أثقل كاهل السكان وحوّل غالبيتهم إلى ما دون خط الفقر، ويبدو أن الفساد أشبه بالوباء الذي يعم النظم البيروقراطية وغير البيروقراطية ولكن بدرجات متفاوتة تضيق وتتسع تبعًا لنجاعة الآليات المستخدمة في مكافحته.
ويفترض بالدولة أن تخفف من بيروقراطية القوة التي يستخدمها الموظف للحصول على مقابل ما يعطيه للطرف الآخر من تراخيص وقروض.. الخ، والسبيل إلى تقييد احتكار السلطة من جانب المسؤول الحكومي يتأتى عبر إحداث مكاتب للشكاوى العامة بالإضافة إلى الارتقاء بمستوى شفافية القوانين والأنظمة النافذة، فضلًا عن تشديد الرقابة على ارتكابات بعض الموظفين غير المشروعة، ولكن من العبث التفكير بأن الدولة البيروقراطية ستقدم على تطبيق مثل هذه الإجراءات المقاومة للفساد.
إن زيادة الوعي العام بالمخاطر التي ينطوي عليها الفساد وبتشريع قوانين صارمة ورادعة على المستويات كافةً، وبتفعيل آليات المجتمع في ممارسة الرقابة والمساءلة لأجهزة الدولة تعطي إمكانية تضييق رقعة الفساد إلى الحدود الدنيا، الدولة البيروقراطية وإن كان الفساد لا ينتهي منها تمامًا.
إن الرابطة الإيديولوجية، ولنقل الانتماء الوطني والالتزام بقضايا الجماهير، كفيلة باجتثاث الفساد من جذوره، بيد أن افتقار الدولة البيروقراطية لهذه القيم جعل من الفساد بعينه الرابطة التي تجمع بين أنصاره ومنتفعيه وهذا ما يجافي المنطق، إذ أن الفساد في الدولة البيروقراطية يوحد بينما الفساد في الدولة الديمقراطية يفرق، أي أن الفساد في الدولة البيروقراطية يوحد، النظام السياسي ببطانته وأعوانه، وبهذا التحالف غير المقدس يحافظ السياسي على نفسه ونفوذه ومكتسباته ولو إلى حين، وبالمقابل يستمر مرتكبو الفساد في ممارساتهم غير المشروعة أيضًا إلى حين.
والفساد، سواء أكان في ظل الدولة الديمقراطية أم في ظل الدولة البيروقراطية، مرفوض أخلاقيًا، لأنه في واقع الأمر انتهاكًا صارخًا وعدوانًا آثمًا على منظومة القيم الاجتماعية، والأمل يبقى قائمًا أن تتوالد في أحشاء الفساد حركات إصلاحية تنشد العدالة والمساواة وتقاوم الظلم، وتسعى لتفكيك مرتكزات الدولة البيروقراطية وتحويلها إلى دولة ديمقراطية وما يجري في أندونيسيا والفلبين مثال يحتذى به.
وتأسيسًا على ما سبق فإن انتشار ظاهرة الفساد يحد من الحراك الاجتماعي نظرًا لعدم محاسبة مرتكبي الفساد وإدانتهم، وتجد في أوساط المجتمع وهم كثر، من لا يبالي بما يصحل في البلاد من فوضى وتسيب ورشوة ويكتفون بمراقبة فضائح الفساد، وكأنه يشاهد مسرحية لا علاقة له بها، إلا في الحدود التي تتأثر بها مصلحته ولا يكترث بما يجري في بيئته المحلية باستثناء ما تؤديه له المؤسسات البيروقراطية من خدمات، حيث يحول الفساد دون تحقيق التنمية المنشودة ودون تحقيق الكفاءة الاقتصادية، بالإضافة إلى كون الفساد يضعف من آليات الديمقراطية، فيعزز من سلطة الأغنياء وسطوتهم ويزيد من نسبة المهمشين اقتصاديًا وسياسيًا، ناهيك عن هدر الأموال العامة وتبديدها.
الدولة الديمقراطية:
ينتشر الفساد في جميع أنواع النظم السياسية وبدرجات متفاوتة وإن كان البعض يقلل من حجم الفساد في الدولة الديمقراطية، ويعظم من شأنه في الدولة البيروقراطية وفي الدول ذات الأنظمة الشمولية. ويكاد لا يختلف اثنان على كون الفساد تحول إلى ظاهرة مزمنة في الدولة البيروقراطية وإلى حال فردية في الدولة الديمقراطية، لأسباب تتعلق بفساد السياسة أو بسياسة الإفساد.
وإذا كانت الديمقراطية تعني فيما تعنيه الحرية والمساواة والمشاركة وسيادة الشعب واحترام حقوق وحريات الإنسان وتطبيق النظام العام والفصل بين السلطات الثلاث “التشريعية والتنفيذية والقضائية” وإذا كانت الديمقراطية والفساد علاقة تناحرية، أي طالما إن الديمقراطية تنطوي على منظومة قيمية جمعية، لابد وأن تكون العلاقة بينها وبين الفساد عكسية، ومنطقيًا كلما اتسعت مساحة الديمقراطية انحسرت مساحة الفساد وإذا كانت الأمور تسير على هذا المنوال فلماذا تعاني الدول العريقة بالديمقراطية من الفساد؟ ولماذا اتسعت مساحة الفساد بعد تفكيك الأنظمة الشمولية وانساقت وراء بريق الديمقراطية البورجوازية الزائفة؟ لاسيما وأن الديمقراطية تختزن في ذاتها عناصر جديرة بمقاومة ا لفساد واستئصاله من جذوره ومنها:
1 ـ الانتخابات الحرة والنزيهة للحكام وتداول السلطة بين الأحزاب.
2 ـ وجود سلطة برلمانية فاعلة ومؤثرة.
3 ـ وجود سلطة تنفيذية قضائية مستنيرة ومستقلة.
4 ـ وجود رأي عام مستنير.
وحري بهذه العناصر وغيرها أن تحصن الدولة الديمقراطية من وباء الفساد. وماذا تحتاج الدولة الديمقراطية أكثر من هكذا مقومات مستمدة من سيادة الشعب ومن الحريات العامة ومن التعددية السياسية والحزبية حتى لا تعاني من الفساد الذي يمارس في النظم الديمقراطية على قاعدة التحالف غير المقدس بين السلطة والمال؟ ولماذا تتحول السلطة في ظل الديمقراطية إلى احتكار القوة؟ ولماذا يتحول المال إلى كابوس يقضي مضجع السياسيين ويصادر قرارهم السياسي والاقتصادي المستقل؟ ربما الإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها تتطلب الفوضى في مضامين الديمقراطية ووضع روافعها وآلياتها تحت المجهر لرصد أوجه القصور في الديمقراطية التي تحولت إلى مطلب شعبوي ينادي به القاصي والداني. ونخشى ما نخشاه على الديمقراطية أن تفرغ من محتواها إسوة بشعارات سبق وأن طرحت كالاشتراكية والوحدة والتحرر فكانت النتائج مخيبة للآمال لأنها أضحت بعيدة المنال.
إن ما لحق بالديمقراطية من عيوب ونواقص وما اعتراها من وهن يمكن أن نرجعه إلى الممارسة غير الصائبة وغير المسؤولة للناخبين في اختيار ممثليهم إلى السلطة التشريعية تحت ضغط قوة المال والجاه، مع العلم أن الديمقراطية كنظام سياسي تقوم على إشراك الشعب في الحكم، والديمقراطية تمكن الناس من اختيار مرشحيهم بكامل حريتهم دون أن يتعرضوا لأي ضغوطات وتقضي أن تلتزم الأقلية بمشيئة الأكثرية.
والإشكالية هنا لا تكمن في دلالة الديمقراطية بدءًا من التداول السلمي للسلطة مرورًا بحرية الانتخابات ونزاهتها واحترام حقوق الإنسان وصولًا إلى وسائل الاتصال الجماهيري وحرية مؤسسات المجتمع المدني.. فالإشكالية في ممارسة الديمقراطية وكيف يعتاد الناس على التعامل مع بعضهم بعضًا وفقًا لاستحقاقاتها، ولكن حين يعتاد الناس على ممارسة الديمقراطية وحتى يجيدون التعامل مع قواعد اللعبة الديمقراطية فإن ذلك لن يحصل بين يوم وليلة، إنما يتطلب مزيدًا من الوقت والجهد لإنجاز التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي غالبًا ما تترافق ببعض مظاهر الفساد والتي تتنوع وتتلون وتضيق وتتسع تبعًا لعمق الإنجازات المحققة، والتي لابد لها أن تنعكس إيجابًا على بنية المنظومة القيمية للديمقراطية بوصفها أحد أهم الروافع التي تنقل الفساد من حقل الظاهرة إلى حقل الارتكابات الفردية المحدودة.
وإذا كانت مساحة الفساد محدودة فإن مواجهته أيسر وكشف أسبابه أسهل، وتصفية آثاره أسرع، أما إذا تفشى الفساد وتحول إلى ظاهرة عامة فإن مواجهته تحتاج إلى وقت وجهد كبيرين فضلًا عن أن تكاليف القضاء عليه تكون مكلفة جدًا للمجتمع.
إن تمسك كل مواطن بحقوقه التي يتفرع عنها كل حق منها أربعة واجبات هي: وعي ومعرفة الحقوق ـ ممارسة هذه الحقوق ـ حماية الحقوق والدفاع عنها ـ مراعاة حقوق الآخرين، وإذا ما أدى كل منا واجباته فإن مسألة الفساد ستنحصر إلى الحدود الدنيا بغض النظر عن طبيعة الدولة ديمقراطية كانت أم بيروقراطية.
إن الفساد يشكل تهديدًا للديمقراطية من عدة نواح:
1 ـ انتشار ظاهرة السياسيين الذين يحملون لقب رجال الأعمال والذين يهتمون بتعظيم ثرواتهم الخاصة، أكثر من اهتمامهم بتنفيذ برامجهم السياسية.
2 ـ تعاطي بعض الأحزاب السياسية للعمولات في السوق منتهزة فضاء الفساد الرحب.
3 ـ تحويل صغار الموظفين إلى عملاء لأصحاب السطوة والجاه والنفوذ.
4 ـ ظهور مراكز قوى خفية وغير شرعية تهدد القيم الديمقراطية.
وعلى الرغم من السلبيات التي قد يفرزها المناخ الديمقراطي فإن ما تزخر به الديمقراطية من قوى كامنة فيها، جديرة بأن تصلح نفسها بنفسها حتى في حال شيوع ظاهرة الفساد الإداري والسياسي وإن كانت القوى الكامنة في الدولة الديمقراطية لا يمكن تفجيرها إلا في حال توافر وعي سياسي ناضج ووجود معارضة فعالة ورأي عام مستنير.
لقد أدى انتشار الفساد في الدولة الديمقراطية في العقد الأخير من القرن العشرين إلى زيادة الريبة والشك بصلاح النموذج الديمقراطي وجدواه، في الحكم وبالرغم من فضائح الفساد السياسي والإداري فإن الرأي العام في الدول المتقدمة لا يزال متمسكًا بتجربته الديمقراطية لاسيما وإن الفساد في هذه الدول لم يتحول بعد إلى ظاهرة. وطالما هو في حدوده الدنيا المقبولة فإن بالإمكان السيطرة عليه وتصفية آثاره الجانبية.
واللافت للنظر بأن الانتخابات العامة تهيىء الفرص لنمو بعض أشكال الفساد في أوساط بعض المسؤولين وفي أوساط بعض الأحزاب السياسية التي قد تضفي على الفساد بعض الشرعية.
إن اهتمام الرأي العام وتذمره من الفساد في الدولة الديمقراطية تقبع خلفه مجموعة من الأسباب والتي تتمثل بالتالي:
1 ـ الكساد الاقتصادي وما يتسبب به من اختلال في ميزان القوى ومن تعميق لظاهرة الاستقطاب الاجتماعي.
2 ـ التداخل بين العوامل الاقتصادية والاجتماعية التي أفرزت شرائح اجتماعية طفيلية تسببت في تكديس الثروة بيد القلة وتوليد البؤس لدى الكثرة.
3 ـ ظهور قوى سياسية تحارب الفساد فعلًا وتتخذ منه عنوانًا لبرامجها السياسية.
4 ـ اشتداد حاجة الأحزاب في الدولة الديمقراطية للمال من أجل تمويل الانتخابات، إذ تسمح التشريعات في بعض الدول الغربية ومنها ألمانيا بقبول المساعدات والتبرعات والهبات في تمويل حملاتها الانتخابية التي تتسع في ظلها مساحة الفساد في صورة صفقات سرية بين السوق السياسي والسوق الاقتصادي ومثل هذه الصفقات غالبًا ما تكون مشبوهة وغير أخلاقية كونها تسهل من نزيف الموارد من القطاع الحكومي إلى القطاع الخاص بل وتتيح الفرص لبعض الأفراد عن طريق العقود والامتيازات تكوين ثروات طائلة غير مشروعة.
إن القوة والسلطة في الدولة الديمقراطية تتمركزان عادة بيد الأجهزة البيروقراطية حيث البرلمانات ليست هي مراكز السلطة بل تسيطر على “دولة القانون” أجهزة إدارية بيروقراطية وقد وجد نموذج “دولة القانون” مرتسمًا له في الثقافة السياسية للمجتمع الغربي الذي ورث عن الماضي مؤسسات ديمقراطية ليست من صنعه، إنما فرضت عليه فرضًا على الأخص في ألمانيا التي شهدت تحولات سياسية واقتصادية بطيئة ومتدرجة بعيدًا عن الثورات الدراماتيكية التي حصلت في انكلترا وفرنسا.
ومن الملاحظ أن بعض المجتمعات الغربية تستمد قيمتها الديمقراطية من الدولة التي تتولى في هذه المجتمعات مسؤولية تقديم بعض الخدمات الاجتماعية لجميع الناس دونما تمييز. وإذا ما حصلت بعض الاضطرابات السياسية غالبًا ما يرجعها الرأي العام للسياسيين، أي الأفراد وليس إلى المؤسسات التي طالما تبحث عن الحلول الوسط.
إن “دولة القانون” أو دولة المؤسسات هي التعبير الأمثل للديمقراطية، بل حققت سبقًا على مفهوم الديمقراطية نفسه علمًا بأن الفساد يتناسب طردًا واتساع تدخل الدولة في الشأن العام، الأمر الذي يضعف من رشاد الحكم وصلاحه، فعندما تتسع خدمات الدولة وتكثر مشاريعها العامة لابد وأن يترافق ذلك ببعض مظاهر الفساد، ولهذا يقترح بعض خبراء الإدارة إعطاء حوافز تشجيعية للقطاعين العام والخاص من جهة والحد من برامج الرعاية الاجتماعية من جهة أخرى وبذلك يمكن تخفيض سقف الفساد في الدولة الديمقراطية ولكن عندما تتخلى الدولة عن الرعاية الاجتماعية قد يدفع ذلك بالناس للبحث عن بديل لتوفير الخدمات الاجتماعية وقد يكون هذا البديل هو تقديم الرشاوى وقبولها.
وهكذا يبدو أن الفساد أشبه بالوباء الذي يعم النظم الديمقراطية وغير الديمقراطية، إلا أن مساحة الفساد في الدولة الديمقراطية تضيق بتأثير الإعلام الحر الذي يسهم في الكشف عنه وفضحه في حين تتسع مساحة الفساد في النظم الاستبدادية نتيجة لتغييت الدستور وعدم احترام القوانين، ناهيك عن الرقابة المشددة على السلطة الرابعة.. “الصحافة”، الأمر الذي يجعل من الفساد ظاهرة مزمنة يتضرر منها عموم الناس الذين يصابون باليأس والإحباط فيعزفون عن المشاركة في الانتخابات العامة التي يتقدم لها مرشحون هاجسهم الوحيد تحقيق منافع شخصية بطرق غير مشروعة.
وهكذا حيث تسود حرية التعبير وحيث تنتشر الانتخابات الحرة والنزيهة وحيث تأخذ دورها مؤسسات المجتمع المدني فإن مساحة الفساد تضيق إلى الحدود الدنيا، ورغم أن هناك بعض بلدان العالم الثالث فيها حياة ديمقراطية كالهند مثلًا ولم تتخلص بعد من الفساد رغم وجود المؤسسات الديمقراطية فيها، إلا أن العلاقة بين المؤسسات الديمقراطية والفساد تعتمد إلى حد كبير على طبيعة الظروف السياسية والاقتصادية التي تعيشها البلاد، والتي يمكن أن تسمح بهامش معين من الفساد، أو أن تسهم في تصفيته.