1- مقدمة:

(تكنوقراطية) مصطلح من المصطلحات التي بتنا نسمعها أو نصادفها كثيرًا في الآونة الأخيرة، في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي العربية المختلفة، وهذا يرتبط بدرجة كبيرة بحراكات الربيع العربي التي حركت بقوة عجلات النشاط السياسي، وفتحت بشكل واسع أبواب التغيير في المنطقة العربية، وإن كانت لم تحقق بعد الغايات المأمولة منها، ولكن انتشار هذا المصطلح لا يرتبط عربيًا بعوامل عربية محلية حصريًا، فهو أيضًا ينتشر على نطاق عالمي، وهناك أسباب جوهرية لهذا الانتشار، وهي تتعلق بشكل رئيس بوضع الديمقراطية في معاقلها الرئيسة في الغرب المعاصر، وبالعلاقة بينها وبين التكنوقراطية فيه اليوم.

وعلى الصعيد العربي، حيث تطرح اليوم جديًا مشروعات التغيير السياسي الاجتماعي وبناء الدولة العربية الحديثة، وتتصدر الديمقراطية قائمة الخيارات المطروحة، يصبح من المهم جدًا توضيح مفهوم التكنوقراطية وتحديد العلاقة بين الديمقراطية والتكنوقراطية، ولا سيما أن التكنوقراطية باتت تطرح اليوم بوصفها بديلًا جديًا للديمقراطية حتى في الغرب الديمقراطي نفسه.

2- ماذا تعني التكنوقراطية؟

مصطلح تكنوقراطية (Technocracy) هو كلمة حديثة مركبة ومشتقة من كلمتين يونانيتين قديمتين، هما “tekhne” وتعني “مهارة”، و”kratos” وتعني “سلطة”([1])، وتعود بدايات استخدام هذا المصطلح إلى المهندس الأميركي فريديريك تايلور (Fredrick Taylor) الذي عاش بين عامي 1856و1915م، واستعمل هذا المصطلح عند طرح مقدمته لمفهوم علم الإدارة العلميّة([2])، وقد أخذ هذا المصطلح بالانتشار بعد أن استخدمه المهندس الأميركي هنري سميث (Henry Smyth) في مقاله المعنون بـ (الطرق والوسائل لكسب الديمقراطية الصناعية) الذي نشر في 1919، وتحدث فيه عن إمكانية دمج العمال في عملية صنع القرار عبر الشركات القائمة التي يعملون فيها([3]).

أما معنى مصطلح تكنوقراطية، فهو أن تتم عملية الحكم في المجتمعات على أساس الكفاءة أو المهارة الحرفيتين التخصصيتين، وأن يقوم بالحكم الأشخاص المتخصصون المحترفون، وبذلك يصبح معنى تكنوقراطية هو (حكم المتخصصين)، وبدقة أكثر (حكم الخبراء المتخصصين)، وعن ذلك تقول (الموسوعة السياسية): «الحكومة التكنوقراطية مختلفة عن الحكومة الديمقراطية التقليدية في اختيار الأفراد المنتخبين لدور قيادي من خلال عملية تؤكد على مهاراتهم ذات الصلة وأدائهم المثبت، في مقابل ما إذا كانوا يملكون أصوات الأغلبية للسكان أم لا»([4]).

3-التباس مفهوم التكنوقراطية:

في كثير من الأحيان، قد يُعتقد أن التكنوقراطية هي فقط ذلك الحل الذي يُلجَأ إليه في الأزمات السياسية التي تفشل فيها الأحزاب والكتل السياسية في الاتفاق على تشكيل حكومة تتناسب مع نسبة تمثيل هذه الأحزاب في البرلمانات، فتتشكل عندها حكومة محايدة حزبيًا، على أسس تخصصية محضة، لتجاوز حالة الخلاف المستعصية بين الأحزاب والقوى السياسية الفاعلة، وهذا ما يحدث عادة في الأنظمة الديمقراطية المتقدمة المعاصرة التي تحذو التجارب الديمقراطية الأخرى في العالم حذوها. لكن هذه فعليًا محض آلية تكنوقراطية تُستخدم في الديمقراطية، وتوكل إلى التكنوقراط فيها مهمة الحكم، بموجب النظام الديمقراطي القائم وعلى أساس الدستور الديمقراطي النافذ.

أما التكنوقراطية ككل، فهي ليست محض مخرج لحالة الخلاف الحاد بين القوى السياسية، بل هي فعليًا حالة استبدال لنظام القوى السياسية ككل، أي للديمقراطية نفسها، وبدلًا من أن يقوم الشعب بنفسه بالحكم، كما هو الحال وفقًا لمبدأ الديمقراطية في الحكم، يصبح مبدأ الحكم هنا هو الكفاءة التخصصية، فيحكم من لديه مثل هذه الكفاءة، وليس من يريده الناس لأنهم يرونه الأنسب للحكم أو للعمل من أجل مصالحهم. وخلاصة الكلام هنا أن التكنوقراطية تعد بديلًا كليًا وجذريًا للديمقراطية، لا أسلوبًا من أسلوبها.

4-لماذا التكنوقراطية؟

هذا السؤال يشبه السؤال “لماذا الديمقراطية؟”، ومن حيث المبدأ، وبما أن الجواب عن سؤال “لماذا الديمقراطية؟” هو لأن الديمقراطية هي أفضل الأنظمة، كما هو مفترض بها أن تكون، فالطرح التكنوقراطي يقوم على فكرة دحض الطرح الديمقراطي، واعتبار أن الديمقراطية ليست أفضل الأنظمة الممكنة، وأنها ليست نظامًا ناجحًا بما يكفي، ولذا يجب استبدال نظام أفضل بها هو (التكنوقراطية)، وهذا الطرح التكنوقراطي بالطبع ليس محض طرح نظري أو تصوري، فله مقوماته ومبراراته الواقعية التي يقوم عليها.

فما المبررات التي يقدّمها أنصار التكنوقراطية؟

المبرر الأول هو المبرر المعرفي الذي يُرى فيه أن عملية الحكم مثل أي مسألة حساسة أخرى يجب أن يقوم بها أشخاص ذوو معرفة تخصصية كافية وعلى أسس تخصصية بحتة، ومن ثم فهي تحتاج إلى أناس تخصصيين يعرفون جيدًا ما يفعلون، وليس إلى سياسيين يفتقرون إلى مثل هذه المعرفة، فإدارة اقتصاد البلاد مثلًا تحتاج إلى اقتصاديين كفوئين، وليس إلى سياسيين ليس لديهم المعرفة الاقتصادية الكافية، وهكذا دواليك، وبهذا الشأن تقول (موسوعة المعرفة) عن التكنوقراطية: «على وجه التخصيص، يشير المصطلح إلى مذهب معين من المذاهب الاقتصادية- الاجتماعية يقول إنَّ النظام الصالح للعصر الذي انتشرت فيه التقنية، هو نظام الحكم التكنوقراطي الذي يجب أن يقوم عليه فنّيون من علماء ومهندسين، واقتصاديين وصناعيين، وما شابه ذلك من ذوي المعرفة والخبرة والاختصاص»([5]).

أما المبرر الثاني فهو المبرر السياسي، وهو يقوم على فكرة أن الديمقراطية فشلت على أرض الواقع في أن تكون الأسلوب الناجح الذي ينتج نظام الحكم الأفضل الذي يضمن حقوق الناس ويلبي حاجاتهم، ومن الأدلة على فشل الديمقراطية، وهي بصورتها الحديثة ديمقراطية تمثيلية، يلعب فيها الانتخاب واختيار ممثلي الشعب دورًا أساسيًا، قلة نسب المشاركين في الانتخابات حتى في الدول المتقدمة، وانخفاض دعم وتأييد المواطنين بشكل كبير للمؤسسات والشخصيات السياسية([6])، وفقدان الثقة بالأحزاب والشخصيات السياسية([7])، ويمكن أن يضاف إلى ذلك أيضًا سطحية وسائط الإعلام وجهويتها التي تلعب دورًا كبيرًا في تكوين الرأي العام، ويسيطر عليها رأس المال ويوجهها بما يخدم مصالحه من جهة، وانغماس هذه الوسائط -من جهة ثانية- في ثقافة الاستهلاك التي تهيمن على المجتمعات، وتخلق حالة من التسطح المعرفي الذي يفقد الناس القدرة على المساهمة الفاعلة في العملية الديمقراطية، هذا إضافة إلى التفاوت الطبقي الحاد واتساع نطاق سوء الوضع المعيشى، وبقاء كثير من المسائل المتعلقة بالهوية والانتماء من دون حل صحي، وعودة العنصرية والتطرف إلى التنامي، وسوى ذلك من المشكلات الجدية.

 وبالطبع هناك أنصار للديمقراطية يدافعون عنها ويؤمنون بإمكانية إصلاحها عبر إصلاح عملية التمثيل والانتخاب نفسها وجعلها أكثر فاعلية وكفاءة، ولكن بالمقابل هناك من يريد استبدال بدائل يراها أفضل بالديمقراطية ككل، والتكنوقراطية هي اليوم أكثر البدائل طرحًا، ولكنها ليست الطرح الوحيد، ففي الغرب مثلًا هناك أيضا أطروحة (الإبستقراطية) (Epistocracy) أي (حكم العارفين) التي يمكن القول إنها بخلاف التكنوقراطية تركز على المعرفة والكفاءة السياسية العامتين عند الناخبين وصانعي القرار والمختارين للحكم، وليس على الكفاءة التخصصية المحددة الميدان وحسب كما تفعل التكنوقراطية، وفي دول أخرى، ومن بينها بعض بلدان شرق أوروبا، تطرح بدائل أخرى مثل (الديمقراطية اللاليبرالية) (Illiberal Democracy التي لا تشترط المطابقة بين الديمقراطية والليبرالية كما هو الحال في الديمقراطية الغربية التي لا تنفصل فيها الديمقراطية عن الليبرالية، وتندمجان في منظومة واحدة متكاملة يطلق عليها تسمية (الديمقراطية الليبرالية)، فيما تقبل الديمقراطية اللاليبرالية بشكل من أشكال السلطة الشعبية التي يوضع فيها القرار بيد الشعب حتى وإن اقترن ذلك بوجود قدر من القيود على الحريات؛ وهناك (الأوتوقراطية الليبرالية) (Liberal Autocracy)، وهي بعكس سابقتها تقبل بوجود حكم فردي أو حكم زمروي، وتتنازل عن حكم الشعب، ولكنها لا تتنازل عن الحريات؛ وهناك أيضا (السلطوية الانتخابية) (Electoral Authoritarianism) التي تقبل بحاكم منتخب وتعطيه صلاحيات واسعة يستطيع فيها وضع القيود التي يراها مناسبة على نطاق الحريات، وهي تشبه بذلك الديمقراطية اللاليبرالية؛ وهناك بدائل غير ذلك أيضًا.

5-اعتراضات على أطروحة التكنوقراطية:

التكنوقراطية التي ينتقد أصحابها الديمقراطية، ويرونها نظام حكم غير ناجح، أو لم يعد ناجحًا بما يكفي، تتعرض بدورها لانتقادات مختلفة، سواء من المدافعين عن الديمقراطية، أم من قبل أصحاب المشروعات الأخرى كالأبستقراطيين وسواهم.

ومن أشد الانتقادات التي يتعرض لها التكنوقراط، أنه كادر ذو طبيعة وظيفية، ويعمل وفقًا لمنهجية عملية محضة، ولا يعطي اعتبارات للعوامل الإنسانية، فمثلًا الحل التكنوقراطي في مؤسسة تعاني مشكلات اقتصادية، يمكن أن يكون تسريح عدد كبير من العمال، أو تقليص الرواتب أو تقليص الضمانات الاجتماعية، فالتركيز هنا يتم على العائد الاقتصادي وتحقيق وفر في مالية المؤسسة عبر اختصار النفقات، حتى وإن تسبب ذلك في إفقاد عدد كبير من العمال مصدر دخلهم، أو في تراجع مستويات معيشتهم، أما في الديمقراطية فيفترض أن القرارات يتخذها السياسي المنتخب من الشعب والمسؤول أمام الشعب، ويفترض في قرارته أن تستجيب لإرادات الناس وتلبي حاجاتهم الإنسانية.

وعن هذه المشكلة تقول موسوعة المعرفة: «يؤخذ على التكنوقراطيين أنهم قد يصبحون مع العادة مجرد موظفين تحركهم الأرقام، ولكن يفتقرون إلى الواقعية، وينساقون وراء المعطيات الرياضية، فيتحاشون المسؤولية، وبذلك ينقلبون من رواد للسلطة إلى مجرد مأمورين للسلطة القائمة. لهذا كثر ما سيقت صفة “تكنوقراط” في معرض الكتابة أو الكلام في سياق اللمز»([8]).

ومن الاعتراضات الأخرى التي يمكننا إضافتها ضد التكنوقراطية، أن النجاح في مستوى قطاع تخصصي محدد، لا يعني حكمًا النجاح في مستوى المجتمع ككل الذي يشكل بنية فضفاضة شديدة التعقيد، تتداخل فيها الميادين التخصصية جميعها وتؤثر في بعضها، وهي في الوقت نفسه لا تتأطر فقط في حدود هذه الميادين التخصصية، وبذلك تنشأ الحاجة إلى أشخاص يمتلكون المعرفة الكافية ذات الطابع المجتمعي الإنساني الشامل الذي لا يتأطر بحدود تخصصية محضة محددة كما هو الحال في التكنوقراطية، وهذا ما يلتقي مع وجهة نظر الأبستقراطية التي يعبر عنها بإيجاز ديفيد رونسيمان (David Runciman) أستاذ السياسة في جامعة كامبريدج، إذ يقول: «إن التكنوقراطية ليست في الحقيقة بديلاً للديمقراطية، مثل الشعبوية، وهي ليست أكثر من مجرد وظيفة إضافية. ما يجعل الإبستقراطية مختلفة هو أنها تعطي الأولوية للقرار “الصحيح” على القرار الصحيح تقنيًا. إنها تحاول معرفة ما يجب أن نذهب إليه، فيما يمكن للتكنوقراط أن يخبرنا فقط كيف يجب أن نصل إلى هناك»([9]).

6-التكنوقراطية في التجارب الدولية الحديثة:

لا يوجد حتى الآن في العالم كله نظام حكم يمكن القول إنه (نظام تكنوقراطي تام)، كما يمكن القول عن نظام ما إنه اشتراكي أو جمهوري أو ملكي مثلًا، ولكن هناك تجارب مختلفة، بل شديدة الاختلاف أيضًا، طبقت فيها آليات تكنوقراطية بدرجات وأشكال مختلفة في دول مختلفة، ومنها سنغافورة وماليزيا والصين، وأوكرانيا، وبعض دول الاتحاد الأوروبي كايطاليا وإسبانيا واليونان، وسوى ذلك، وقد جاءت النتائج متخلفة، وتباينت فيها درجات النجاح أحيانًا، فيما كانت النتيجة هي الفشل في أحيان أخرى.

في سنغافورة نظام الحكم جمهوري برلماني، وهي اليوم أحد المراكز المالية والتجارية الكبرى في العالم، وقد احتلت المرتبة 11 عالميًا على مؤشر التنمية البشرية للأمم المتحدة لعام 2019([10])، وهي من أكثر الدول تطبيقًا للتكنوقراطية، وعن هذا يقول الدكتور بلال ياسـين الكساسبـة إن الموظفين الحكوميين في سنغافورة «يمكنهم أن يمارسوا الإدارة العامة في شروط مثالية تشبه شروط المختبر»([11]).

التجربة الماليزية أيضًا من التجارب الاقتصادية الرائدة آسيويًا والمتميزة عالميًا في العالم المعاصر، ونظام الحكم فيها ملكي دستوري فدرالي، ويتميز بوجود “سلطة تكنوقراطية قوية تسمح للشعب بالمشاركة في عملية التنمية”([12]) كما يقول الدكتور تيسير الرداوي.

الصين التي تشهد اليوم تطورات اقتصادية وصناعية كبرى تجعلها مؤهلة للمنافسة على المركز الاقتصادي الأول في عالمنا الراهن، تلعب التكنوقراطية في تجربتها دورًا مهمًا أيضًا في رأي عدد من الباحثين المختلفين، ومن بينهم باحثون غربيون، على الرغم من أن نظام الحكم فيها حزبي شمولي، والدليل على ذلك في رأيهم هو أن أكثرية قيادة الحزب الشيوعي الصيني كانت حتى وقت قريب من المهندسين، وثم خلفتها قيادة متعددة الاختصاصات، وعن هذا يقول الدكتور المهندس محمد عبد الوهاب إسماعيل: «كان لجوء الحزب الشيوعى الصينى إلى اختيار قيادة متكاملة من المهندسين المتباينين في اختصاصاتهم هو العلاج السريع والحاسم لهذا البلد الضخم في عدد السكان للارتفاع بقدراته التصنيعية»([13])، وتجدر الإشارة إلى أنه حتى استلام الجيل الخامس من القادة الصينيين في 2012 كان ثمانية من قادة الحزب الشيوعي التسعة الكبار هم من الذين درسوا الهندسة أو العلوم الطبيعية، لكن الحال تغير مع الجيل الخامس، وقل عدد المهندسين في أعلى مستويات السلطة، وأصبح خريجوا السياسة والقانون والفلسفة التخصصات الإدارية والمالية هم من يتولون قيادة البلاد([14])([15]).

تلك بعض التجارب التكنوقراطية الناجحة في عالمنا المعاصر، لكن هذا لا يعني أن التكنوقراطية حل سحري حليفه دومًا النجاح، فهناك تجارب أخرى كانت فاشلة أو كان لها عواقب سلبية، كما كان الحال في أوكرانيا، وبعض الدول الغربية.

ففي أوكرانيا -مثلًا- في 2015 اعتُمدت حكومة تكنوقراط لإخراج البلاد من أزمتها الاقتصادية، لكنها فشلت في ذلك، وسبب ذلك الفشل كما يفسره ساشا بوروفيك (Sasha Borovik) -الذي شارك في هذه الحكومة بوصفه نائبًا أول لوزير الاقتصاد- هو عدم سماح السياسيين لخبراء كفوئين بالحكم، وتعيينهم بدلًا من ذلك خبراء ضعفاء، لكي يستمر أولئك السياسيون الذين يفتقدون إلى الكفاءة والجرأة بالتحكم في عملية اتخاذ القرارات، فيما يتحمل مسؤوليتها أولئك الخبراء الضعاف الذين يبدون في الواجهةوكأنهم أصحابها([16]).

أما في الاتحاد الأوروبي، فقد شُكِّلَت بعد وقوع أزمة عام 2008 حكومات تكنوقراطية في كل من إيطاليا وإسبانيا واليونان للخروج من تلك الأزمة، ولكن هذا تسبب في أزمة جديدة نتجت من سياسات التكنوقراطيين التي تسببت في حصيلتها في تهميش الدور السياسي للمواطنين، كما يقول باتريك وود (Patrick M. Wood)، الباحث والخبير الاقتصادي التنموي الدولي([17]).

وكما نرى، فالتكنوقراطية في التجارب التي جرى الحديث عنها تطبق بوصفها آليات في ظل أنظمة سياسية مختلفة، منها ما هو جمهوري برلماني كسنغافورة، أو ملكي دستوري كماليزيا، أو حزبي شمولي كالصين، أو ديمقراطي ليبراليي كدول الاتحاد الأوروبي، أو جمهوري شبه رئاسي كأوكرانيا، وهذه الآليات تباينت في نتائجها بين النجاح والفشل.

7-القصور الذاتي في التكنوقراطية:

بناء على ما تقدم، يمكن القول إن ما طُبق من تجارب تكنوقراطية حتى الآن، لا تشكل بحد ذاتها نموذجًا تكنوقراطيًا قائمًا بحد ذاته، ولكنها إجراءات تتم في أطر أنظمة أخرى، وتقوم على أسسها، ففي الدول الغربية مثلًا تتم الإجراءات التكنوقراطية وفقًا لمعايير العمل السياسي المعتمدة في الديمقراطية الليبرالية الغربية، باستثناء تشكيل الحكومات على أساس التمثيل البرلماني للأحزاب والقوى السياسية، لكن حتى الحكومات التكنوقراطية في هذه الحالة تبقى ملزمة بالضوابط والشروط نفسها التي تعمل بها الحكومات السياسية غير التكنوقراطية من التزام بالدستور وبالقوانين واحترام للعلاقة بين السلطة التنفيذية والسلطتين الأخرتين وهكذا دواليك؛ وإذا كان النظام شموليًا -كما الحال في الصين- فلن يختلف فيه وضع الحكومة التكنوقراطية عن الحكومة القائمة على معايير حزبية من حيث الخضوع لسلطة الحزب الحاكم والالتزام بمعايير الحكم والعمل السياسي والخطط والأهداف الموضوعة من هذا الحزب، وهلم جرى، والأمر نفسه ينطبق على الأنظمة الأخرى التي تطبق فيها التكنوقراطية.

وهكذا تكون التكنوقراطية حتى الآن محض سياسة حكومية متبعة من الأنظمة التي تطبق فيها، لا نظامًا قائمًا بحد ذاته، وهي في ذلك لا تختلف مثلا عن سياسة (اقتصاد السوق الاجتماعي) أو (السياسة النيوليبرالية) من حيث كونها استراتيجية عمل سياسي في نظام سياسي وليست نظامًا سياسيًا بحد ذاته.

مع ذلك يبقى ممكنًا نظريًا القول بإمكانية وضع دستور جديد ومعايير حكم جديدة قائمة من الأساس على مفهومات تكنوقراطية، ومختلفة عما هو الحال في الديمقراطية أو الشمولية، ولكن هنا يكمن جوهر المشكلة الأساسي، فكما أن تطورات المجتمعات الحديثة المعاصرة وتعقيداتها قد فرضت اللجوء أكثر إلى النخب التكنوقراطية لمواجهة مسائل معقدة تحتاج إلى خبراء متخصصين، ولا يمكن لعامة الشعب أو السياسيين غير المتخصصين حلها، فتعقيدات المجتمعات الحديثة والحياة الإنسانية هي نفسها تضع أيضًا حدودًا لإمكانية عمل التكنوقراط، فالحياة الإنسانية أوسع وأعقد كثيرًا من أن تكون مجموعة من الميادين التخصصية التي يمكن إيكالها إلى خبراء فيها، وهناك دومًا مساحات كبيرة ومتجددة تتجاوز الأطر الأكاديمية والتخصصية كلها، ولا يمكن لأي تكنوقراط أن يكون خبيرًا فيها، وهنا تنشأ حاجة جوهرية إلى نوع مختلف من الكفاءة والمعرفة، ويصبح الأبستقراطيون على حق في طرحهم لمفهوم الحكم القائم على المعرفة اللازمة لحكم المجتمعات الإنسانية، وليس على الخبرات التخصصية المحددة، لكن هذا لا يعني أن الديمقراطية ليس لديها حلول في مواجهة هذه المشكلة، فالديمقراطية لديها مجالات واسعة يستطيع من خلالها الفلاسفة والمفكرون والسياسيون والمثقفون وعموم الناس المشاركة في عملية إيجاد الحلول، وهي تستطيع المكاملة بين هذه الأدوار والكفاءات التكنوقراطية والأبستقراطية معًا، وإنتاج نظام ديمقراطي أكثر تكاملًا وتطورًا قادر دومًا على تحقيق المزيد من التطور والتكامل.

8-ردات الفعل ضد التكنوقراطية:

في التسعينيات، وبعد انهيار المعسكر الاشتراكي، بدا أن نظام (الديمقراطية الليبرالية) المطبق في الغرب الذي يقوم على أرضية رأسمالية قد أحرز نصره التاريخي النهائي، وبالأخص بعد هزيمة خصمه الأكبر المتمثل في الشيوعية، وذلك بعد أن هزم في وقت سابق منافسًا كبيرًا آخر هو الفاشية، وقدر رأى عدد من المفكرين الغربيين، ومن أشهرهم عالم الاقتصاد والفيلسوف الأميركي، البروفيسور فرانسيس فوكوياما في (كتابه نهاية التاريخ) الذي نشره عام 1992، أن هذا النظام هو أفضل ما أنتجه التطور البشري الاجتماعي، وأنه ليس بمقدور أي نظام آخر أن ينافسه، وأن العديد من الدول في مناطق مختلفة من العالم ستنتقل في المستقبل أكثر فأكثر.

لكن الواقع سرعان ما أثبت بطلان هذه النظرة المتفائلة، فبعد أقل من عقدين من كتابة فوكوياما لكتابه ذاك نشبت أزمة 2008 الخطرة التي هددت المنظومة الاقتصادية العالمية ككل، واستمرت تداعياتها سنوات طويلة بعد ذلك، وما تزال بعض آثارها مستمرة حتى اليوم، وهذا ما دفع العديد من المفكرين والكتاب إلى الحديث عن سقوط الرأسمالية، ومنهم محرر الصفحة الاقتصادية في مجلة دير شبيغل الألمانية أولريش شيفر الذي نشر كتابًا بعنوان (انهيار الرأسمالية) حول تلك الأزمة وتداعياتها.

وبالطبع لا يصعب القول إن تلك الأزمة المرتبطة جوهريًا بطبيعة الرأسمالية كان لها انعكاسات سيئة كبيرة في مستوى حياة كثير من الناس، في وقت لم تأت فيه الإجراءات المتخذة لمواجهة الأزمة لمصلحة عامة الناس المتضررين من هذه الأزمة، بقدر ما أتت لصالح السوق وعالم رأس المال المتسببين أصلًا بهذه الأزمة، حيث صرفت الحكومات الغربية مبالغ كبيرة لدعم الأسواق، في وقت كان يفترض فيه أن تصرف هذه المبالغ المجموعة من جيوب دافعي الضرائب على مصلحة عامة الناس وتحقيق شيء من العدالة الاجتماعية في مسألة إعادة توزيع الثروة.

وفي وقت صارت فيه الحكومات، مع التعقيدات التي وصل إليها العالم الحديث بسبب التطور التكنولوجي والانفتاح العالمي، تعتمد أكثر فأكثر على مؤسسات ونخب تخصصية عند اتخاذ القرارات، تولّـّد “شعور عام بأن الديمقراطية انتزعتها منظمات خبراء لا تنفك تستولي على عدد متزايد من السياسات العامة دون إخضاعها للمصادقة الشعبية”، وفقًا لما يقوله باحث جامعة هارفارد وأستاذ العلوم السياسية ياشا مونك في كتابه (الشعب ضد الديمقراطية)، أو (الشعب في مواجهة الديمقراطية) في ترجمات أخرى([18])، وهذا ما كان أحد الأسباب الرئيسة في نمو ظاهرة (الشعبوية) في عدد من البلدان الغربية وغير الغربية، ومن بينها دول ذات تقاليد ديمقراطية عريقة.

 عن الشعبوية يقول الدكتور عادل لطفي، الباحث الأكاديمي وأستاذ تاريخ العالم العربي المعاصر: «للشعبوية وجوه متعددة لكنها تشترك جميعها في جملة من النقاط لعل من أهمها تقسيم المشهد إلى شعب نقي ومضطهد في مواجهة نخبة فاسدة تخدم مصالحها على حساب الشعب»([19])، ويدرج د. لطفي بين الزعماء والحركات التي أنتجتها الشعبوية دونالد ترامب الأميركي وجايير بولسونارو البرازيلي وسيلفيو برلسكوني الإيطالي ومارين لوبان وإيريك زمور الفرنسيين، وحركات الخمس نجوم الإيطالية وبوديموس الإسبانية، وسواهم([20]).

 تبدو الشعبوية وكأنها محاولة من عامة الناس لاستعادة سلطة الشعب أو على الأقل دور الشعب في عملية اتخاذ القرار ووضع السياسات الحكومية بحيث تراعى وتحترم فيها مصلحة الشعب عمومًا، وسعي من هذه العامة إلى استرجاع الميدان السياسي من يد النخب التكنوقراطية التي تعمل فعليًا لصالح الأقلية الرأسمالية المسيطرة على الاقتصاد، ما يجعل هذه النخب (أوليغارشية وظيفية) تعمل بشكل رئيس لصالح أرباب المال والأعمال فقط.

الشعبوية يمكنها أن تكون يسارية أو يمينية، ولكنها في الوقت الراهن غالبًا ما تقترن بالنزعات اليمينية المتطرفة، وتتميز برؤية سطحية للمسائل الاجتماعية والسياسية الحساسة والمعقدة، وكثيرًا ما تكون عليها العواطف والغرائز، ولا مانع لديها في كثير من الأحيان من التراجع في مسألة الحريات، والنكوص إلى تعظيم الزعيم والسقوط في العنصرية، وقد كان دونالد ترامب أكبر ممثل لهذه الحالة من الشعبوية.

وفي المجتمعات المتدينة كالمجتمعات العربية، ومنها المجتمع السوري، من أخطار الشعبوية الكبرى أنها تلتقي مع التطرف الديني، فنتتج حركات دينية متطرفة عنيفة، كثيرًا ما تدخل المجتمعات في حالات عنف وصراعات باهظة التكاليف.

9-استغلال التكنوقراطية لتبرير الدكتاتورية:

كما رأينا أعلاه، التكنوقراطية يمكن أن تطرح بديلًا للديمقراطية من ناحية، ومن ناحية ثانية يمكن لآلياتها بحد ذاتها أن تطبّق في أنظمة مختلفة، وهذه مسألة جد خطرة، إذ يمكن أن يستغلها الدكتاتوريون لتبرير دكتاتورياتهم عبر تزيينها ببعض الرتوش التكنوقراطية، والادعاء أنهم يطبقون التكنوقراطية التي تنتفي فيها الحاجة إلى الديمقراطية بزعمهم، مع التركيز الخطابي على أفضليات التكنوقراطية وحسناتها، وعيوب الديمقراطية ومساوئها، وبذلك تصبح التكنوقراطية غطاء وذريعة للدكتاتوريين للتهرب من الاستحقاقات الديمقراطية.

في واقع الأمر يمكن للدكتاتوريين فعل أي شيء لتجميل صور دكتاتورياتهم وإعطائها الشرعية المقبولة، وهم في ذلك يحاولون حتى استغلال الديمقراطية نفسها، واكتساب شرعيتها ما دامت الديمقراطية قد أصبحت اليوم ذات سمعة رفيعة على نطاق عالمي، وبهذا الشأن يقول كينيث روث: «اليوم لا تستقيم الشرعية دون ديمقراطية، وحكومات قليلة تلك التي تريد أن تبدو غير ديمقراطية… فهذه الأيام حتى الطغاة يسعون للحصول على الوضع الذي يضمنه لقب ديمقراطية»([21])، وهكذا نجد الأنظمة الدكتاتورية تحاول شكليًا إظهار بلدانها بمظهر البلدان الديمقراطية، فتقلد الديمقراطيات في هيكلية الدولة ومؤسساتها، وتضع دساتير وقوانين، وتجري انتخابات، وهلم جرى، ولكن هذا كله يبقى شكليًا، ويبقى الدكتاتور يمارس سلطته تحت القناع الديمقراطي الذي غالبًا ما يكون هو نفسه مفضوحًا أو ممزقًا.

في التكنوقراطية يمكن أن يحدث سيء مماثل، فيلجأ الدكتاتور إلى بعض الإجراءات التكنوقراطية التي يمكن أن تساعده آنيًا على حل بعض المشكلات والظهور بمظهر المصلح، بل يمكنه حتى أن يستغل ذلك في دعايته الترويجية مدعيًا أنه ينتهج نهجًا تكنوقراطيًا يحتاج إلى دولة قوية.

عربيًا ثمة محاولات من هذا القبيل، أنصار نظام السيسي في مصر هم مثال على ذلك، ومن بينهم الدكتور عبد المنعم سعيد رئيس مجلس إدارة (مؤسسة المصري اليوم)، الرئيس السابق لمجلس إدارة (مؤسسة الأهرام)،عضو مجلس الشورى المصري سابقًا الذي يدافع عن نظام السيسي في مصر عبر محاولة إعطائه لبوسًا تكنوقراطيًا، وهو لا يعترف بثورات الربيع العربي، ولا بالديمقراطية التي يرى أنها خربت ودمرت بلدانا كليبيا واليمن وسورية، وفشلت في سواها كالعراق وتونس، وعلاوة على ذلك فهو في تبريره للسلطوية والتسلط لا يتورع حتى عن وصف نظام الطاغية السابق بينوشيه في تشيلي بالتكنوقراطية([22]).

10-خلاصة:

ما يمكن الوصول إليه بناء على ما تقدم من حديث، هو أن طرح (التكنوقراطية) بديلًا شاملًا للديمقراطية هو بحد ذاته فكرة غير تكنوقراطية أو غير علمية لأن المجتمع الإنساني بوصفه بنية اجتماعية عليا، هو قطعًا ليس ميدانًا محددًا مثل ما هي ميادين الطاقة والصحة والزراعة والصناعة وغيرها من الميادين الجزئية المحددة الواضحة المعالم والتفاصيل بشكل عام التي يمكن أن يتميز ويبرع فيها التكنوقراط، فالمجتمع البشري أوسع وأعقد من ذلك كثيرًا، ولا يمكن عدّه مجموعة من الميادين التخصصية، أو حصره في ميدان تخصصي أوسع يشمل بقية الميادين وينظم العلاقات بينها كما تنظم العلاقات وأساليب العمل داخل كل ميدان منها بحد ذاته.

لكن الديمقراطية يمكنها أن تتكامل مع التكنوقراطية ومع الأبستقراطية أو غيرهما من نماذج أنظمة الحكم الحديثة المطروحة، وبذلك يتم تجاوز القصور الذي تعانيه الديمقراطية في مسائل المعرفة والكفاءة التخصصيتين ومسائل التمثيل والنيابة. وعدا عن ذلك، فمن المهم جدًا إيلاء المسألة الاجتماعية العناية والاهتمام الكافيين، وإلا فستفقد معظم فئات الشعب الثقة بالديمقراطية، وتنشأ بينها وبين الديمقراطية حالة من الاغتراب والقطيعة التي ستؤدي في النهاية إلى ردات فعل ضد الديمقراطية نفسها، وإلى نمو للشعبوية ونكوص إلى أساليب ومستويات أدنى في العمل والتنظيم السياسي.

وفي ديمقراطية متكاملة مع التكنوقراطية والأبستقراطية والعدالة الاجتماعية، تصبح الديمقراطية في منأى من أن تتحول إلى (حكم دهماء) (mobcracy) أو إلى (ديمقراطية شعبوية)، ويتم فيها وضع الكفاءات والخبرات التخصصية والمعرفية في خدمة الصالح العام، فلا تتحول التكنوقراطية إلى (أوليغارشية تكنوقراطية) ولا إلى (تكنوقراطية وظيفية) تخدم مصلحة فئة محددة في المجتمع كما هو حال التكنوقراط في النظام الرأسمالي، ولا تتحول الأبستقراطية بدورها إلى نظام نخبوي وصائي، ومع المراعاة الكافية للعدالة الاجتماعية، تحافظ الديمقراطية على جماهيريتها وشعبيتها وثقة الناس بها، وعلى هويتها كديمقراطية، الغاية منها خدمة مصلحة الشعب ككل.

وبناء على ذلك، عندما نطرح الديمقراطية بوصفها مشروعًا لبناء الدولة الحديثة، سوريًا أو عربيًا، فمن المهم جدًا أن ندرك ماهية شروط الديمقراطية الحقيقية، ومدى أهمية العوامل الاجتماعية والتخصصية والمعرفية فيها، وإلا فلن نحصل إلا على مسرحيات ديمقراطوية عابثة، وسنضيع الوقت والجهد ونشوّه صورة الديمقراطية نفسها وسمعتها.


[1]Technocracy – Wikipedia

[2]جورج عيسى، ما نظرة جزء من المراقبين الغربيّين إلى الحكم التكنوقراطيّ؟ صحيفة النهار، 23 تشرين الأول/ أكتوبر 2019.

[3]الموسوعة السياسية، حكومة التكنوقراط

[4]المرجع السابق

[5]تكنوقراطية – المعرفة

 – [6] د.محمد البخاري، السياسات الحكومية والصحافة والعلاقات العامة في عالمنا المعاصر، مجلة المعرفة السورية، العدد 594، آذار/ مارس 2013، ص 230.

 – [7] المرجع السابق، ص231.

-[8] تكنوقراطية – المعرفة                                                             

[9]David Runciman, Why replacing politicians with experts is a reckless idea Politics, The Guardian, 1 May 2018.

[10]Human Development Index – Wikipedia

[11]بلال ياسـين الكساسبـة، أثـر التنميـة الاقتصاديـة علـى التحـوّل الديمقراطـي في ماليزيـا وسنغافـورة، كتب غوغل، ص 52.

[12]تيسير الرداوي، تجـربـتــا سـنـغـافــورة ومـالـيـزيـــا، صحيفة الوطن، 4 شباط/ فبراير 2021.

-[13] محمد عبد الوهاب اسماعيل، الإستراتيجية الغائبة لبناء مصر الصناعية القوية، كتب غوغل.

[14]Viola Zhou, Out with the technocrats, in with China’s new breed of politicians, South China Morning Post, 26 Oct, 2017

[15]Generations of Chinese leadership – Wikipedia

[16]جورج عيسى، المرحع السابق.

[17] – إيهاب محارمة، مراجعة نقدية لكتابي صعود التكنوقراط، مجلة سياسات عربية، العدد 42، كانون الثاني/ يناير 2020، ص220.

[18]أبو بكر العيادي، الشعب ضد الديمقراطية، مجلة الجديد، 2018/10/01.

[19]عادل لطفي، الشعب ضد الديمقراطية – خبر وتحليل، مونت كارلو الدولية، ‏14‏/11‏/2021.

[20] المرجع السابق.

[21]كينيث روث، الطغاة يتنكرون في ثوب الديمقراطية، هيومان رايتس ووتش.

[22]عبدالمنعم سعيد، الدولة التكنوقراطية، المصري اليوم، 04\08\ 2020