جدول المحتويات
- أنواع الأنظمة الانتخابية
- سورية والنظام الانتخابي (أداة احتكار السلطة)
- نظام التمثيل المتناسب كخيار
- النظام الانتخابي وأثره في الأداء الحكومي
مقدمة
سيطرح أي انتقال ديمقراطي محتمل في سورية؛ إشكالات عديدة تتعلق بالبناء الدستوري والخيارات المؤسساتية التي من شأنها أن تفضي إلى حالة من الاستقرار السياسي والمجتمعي، إضافةً إلى تحسين الأداء الحكومي. كما سيضع الخبراء الدستوريين أمام أسئلة ملحة تتمحور على وجه التحديد حول اختيار النظام الانتخابي وشكل النظام السياسي الأمثلين، حيث ينطوي هذان الجانبان على قدر كبير من الأهمية، وذلك لما لهما من انعكاسات كبرى في ما يخص عملية الانتقال الديمقراطي، ولا سيما في الدول الخارجة حديثًا من نزاعات محلية.[1] إذ إن اختيار نظام انتخابي معين فضلًا عن غيره يعد أحد القرارات السياسية الأكثر أهمية لأي دولة؛ نظرًا إلى دوره الكبير في تمثيل المجموعات التي عانت من التهميش سابقًا وضمان إيصال أصوات تلك المجموعات إلى صناع القرار[2]. إضافةً إلى ذلك، يُعَد النظام الانتخابي من العوامل المؤثرة بشكل كبير على المسار الديمقراطي للدول، نظرًا إلى علاقته الوطيدة بتطور النظام الحزبي وشكل السلطة التنفيذية، إضافةً إلى تأثيره على علاقة الأخيرة بالسلطة التشريعية[3]. وأخيرًا قد يكون لتصميم القواعد والأنظمة الانتخابية أثرٌ إيجابيٌ أو عكسيٌ على السلم الأهلي في مجتمعات ما بعد الصراع، ولا سيما المقسمة منها على أسس طائفية أو عرقية، حيث يحدد النظام الانتخابي نسب ودرجات تمثيل المجموعات المختلفة ضمن تلك المجتمعات، كما يحدد ما إذا كانت الفرص متساوية بينها ضمن المنافسة الانتخابية.[4] لذلك فإن الاستقرار المجتمعي والسياسي وقدرة الحكومة على رسم سياسات فعالة، ترتبط ارتباطًا وثيقًا بنظام التصويت.
من جهة أخرى يعدّ اختيار النظام السياسي للدولة أحد اللبنات الأكثر أهمية في عملية البناء الديمقراطي. فاختيار شكل رئاسي أو برلماني للدولة ينعكس إلى حد بعيد على صفات النظام السياسي واستقراره.[5] وعلى الرغم من الآراء المتضادة في ما يخص الخيارات آنفة الذكر والشكل المؤسساتي الضامن للاستقرار والأداء الحكومي الأمثل، فإن هناك شبه إجماع علمي حول العلاقة القوية بين شكل السلطة التنفيذية (النظام السياسي) والنظام الانتخابي، إذ تعدّ العلاقة بين هذين الجانبين الدستوريين ذات “تأثير متبادل”. لذلك يتعين على مصممي الدساتير دراستهما وتقييمهما من منظور علاقة كل منهما بالآخر.[6]
إن لدراسة الجدل والنقاشات المتعلقة بهذين الخيارين الدستوريين صلة كبيرة بالحالة السورية، نظرًا إلى الدور التاريخي الذي أداه التصميم الدستوري والطابع المؤسساتي في حالة عدم الاستقرار التي ميزت الجمهوريتين السوريتين الأولى والثانية، ودورها في إنتاج الأنموذج السلطوي الذي أثبت عدم نجاعته في الجمهورية الثالثة، وعليه تحاول هذه الدراسة التحليلية البحث في الخيارات الدستورية لسورية والمؤسسات المتمخضة عنها كدولة خارجة من صراعات محلية ومتأهبة لعملية تحول ديمقراطي محتملة، كما تسعى هذه الدراسة لاستشراف الصيغ الدستورية الأنجع، وتحديدًا في ما يخص (النظام الانتخابي وشكل النظام السياسي) وعلاقة كل منهما بالآخر، وذلك من خلال مقارنة بدائل ونظم دستورية مختلفة ودراسة انعكاساتها المحتملة على مسار الدولة السورية المرتقبة. ولا سيما المتعلق منها بالسلم الأهلي، الاستقرار السياسي والمجتمعي، التنمية الاقتصادية والكفاءة المؤسساتية.
أولًا: النظام الانتخابي
يعدّ إجراء انتخابات في أعقاب الصراعات المحلية من الخطوات الأكثر أهمية لتأسيس سلام مستدام، وذلك من خلال خلق بيئة ديمقراطية من شأنها دفع أطراف النزاع المسلح إلى التنافس ضمن الحلبة السياسية وصناديق الاقتراع. وبصفةٍ عامّة، يهدف تصميم نظام رسمي أمثل للانتخابات إلى السماح بنضوج نظام حزبي تعددي تتمثل من خلاله مختلف الفئات المجتمعية بشكل عادل، كما يهدف في الوقت نفسه إلى ضمان حد أقصى من الكفاءة المؤسساتية.
1. أنواع الأنظمة الانتخابية
أما في ما يخص أنواع الأنظمة الانتخابية، فإن هناك خيارت عدة لكل منها تفرعات مختلفة. ولكن بشكلٍ عام، فإن الخيارات الأكثر شيوعًا كانت:
- نظام التمثيل المتناسب Proportional Representation/PR
- نظام التعددية/الأغلبيةPlurality/Majority
- النظام المختلط Mixed System
ويأتي هذا التصنيف العام للأنظمة الانتخابية تبعًا “لنسبية وطريقة كل منها في ترجمة أصوات المُنتَخِبين إلى مقاعد تفوز بها الأحزاب[7]، وقد قدّم كلٌّ من (Reynolds، Reilly، (Ellis شرحًا مبسطًا لتلك الأنظمة الثلاث، على الشكل التالي[8]:
- أنظمة التمثيل المتناسب: وتعتمد دوائر انتخابية متعددة التمثيل تقدم الأحزاب لكل منها قائمة بالمرشحين. وبعد عملية الإدلاء بالأصوات يفوز كل حزب بعدد مقاعد يلائم تقريبًا نسبة الأصوات التي حازها ذاك الحزب في عملية إحصاء الأصوات النهائية. فعلى سبيل المثال، لو حاز حزب معين نسبة قدرها 20 في المئة من مجموع الأصوات، فإن الحزب سيحصل على ما يقارب 20 في المئة من المقاعد البرلمانية. أما في ما يخص قوائم المرشحين في أنظمة التمثيل المتناسب فهي إما قوائم “مفتوحة” أو “مغلقة”. حيث تسمح القائمة المفتوحة للمُنتَخِبين بالاختيار بين المرشحين ضمن القائمة الواحدة وترتيبهم عند التصويت، وبذلك يكون لهم تأثير في اختيار المرشح أو المرشحين الذين سيحوزون المقاعد ضمن الحزب. أما القوائم المغلقة فهي لا تتيح للمُنتَخِبين عملية الاختيار تلك، وإنما تتم عملية التصويت للحزب ككل، ومن ثمّ يقوم الحزب بدوره بترتيب قائمة المرشحين واختيار الحاصلين على المقاعد منهم. ومن الجدير بالذكر إنه في السنوات القليلة الماضية أصبح نظام التمثيل المتناسب نظامًا شبه معياري للانتخابات الانتقالية، فعلى سبيل المثال لا الحصر تم إجراء انتخابات المرحلة الانتقالية في كل من البوسنة، كوسوفو، العراق، موزمبيق، كمبوديا ونيكاراغوا وفقًا لأحد أشكال التمثيل المتناسب[9].
- أنظمة التعددية/ الأغلبية: وتنتهج نهجًا مغايرًا في إجراء الانتخابات، فخلافًا لأنظمة التمثيل المتناسب تقوم هذه الأنظمة على دوائر انتخابية أحادية التمثيل (لكن قد تستخدم في دوائر متعددة التمثيل)، ويكون التركيز فيها على التمثيل المحلي عوضًا عن التناسب أو التساوي. أحد الأشكال الكثيرة لهذه الفئة هو نظام “الانتخابات التعددية” الذي يسمح للمُنتَخِبين بالتصويت لمرشح واحد فقط، والمرشح الفائز بأعلى عدد من الأصوات بعد فرزها يتم اختياره. وقد تُحسم النتيجة ضمن جولة واحدة (الفائز الأول FPTP)، أو جولتين حتى يتم الحصول على أغلبية أصوات. وهناك شكل آخر ضمن فئة أنظمة الأغلبية وهو نظام “انتخابات الأغلبية”، وفيه يتعين على المرشح الحصول على غالبية مطلقة من الأصوات قد يُشترَط أن تكون أعلى من أصوات باقي المرشحين مجتمعين.
- الأنظمة المختلطة: وهي الأنظمة التي تتبنى عناصرَ من كلا النظامين السابق ذكرهما، حيث يتم انتخاب قسم من الهيئة التمثيلية بموجب قواعد التمثيل المتناسب، بينما يتم انتخاب القسم الآخر بموجب أحد أشكال الأغلبية/ التعددية، وعادةً ما يعتمد الأخير على الدوائر أحادية التمثيل. وتتيح الأنظمة المختلطة للمُنتَخِب أن يدلي إما بصوت واحد لمرشحه المفضل، أو بصوتين أحدهما لمقعد تمثيل متساوٍ والآخر لمقعد أغلبية/تعددية.
وعلى الرغم من وجود عدد محدّد من الأنظمة الانتخابية، إلا أنه غالبًا ما يتم تبنّي أحدها وتعديله في معظم الأحيان ليلائم السياقات الاجتماعية، الاقتصادية، والسياسية لكل دولة. حيث يندُر وجود دولتين حول العالم تتبنيان نظامين انتخابيين متطابقين تمامًا.[10]
2. سورية والنظام الانتخابي (أداة احتكار السلطة)
تتبنى سورية نظام تمثيل متناسب ذا قوائم مغلقة، يتم من خلاله انتخاب 250 عضوًا للجسم التشريعي (مجلس الشعب). ويعد هذا النظام كلًا من المحافظات السورية الـ ـ14 دائرة انتخابية واحدة باستثناء محافظة حلب التي عُدّت دائرتين منفصلتين. لكن تصميم النظام الانتخابي السوري كان وما زال يعد أحد أدوات حزب البعث لاحتكار السلطة، حيث يضمن غالبية تشريعية وسيطرة على السلطة التنفيذية. فالدستور السوري -وحتى عام 2012- منح حزب البعث “قيادة الدولة والمجتمع” ولم يسمح بمزاولة العمل السياسي إلا للأحزاب المنخرطة تحت مظلة الجبهة الوطنية التقدمية (الائتلاف “التقدمي” الذي يقوده حزب البعث) كما يعطي النظام الانتخابي بشكل أوتوماتيكي 172 مقعدًا للجبهة الوطنية التقدمية من أصل المقاعد الــ 250، بينما تذهب المقاعد الــ 78 الأخرى إلى المرشحين المستقلين. علاوةً على ذلك، يتم انتخاب الرئيس السوري من قبل مجلس الشعب بناءً على ترشيح تقدمهُ القيادة القطرية لحزب البعث. وبهذا الشكل استطاع الحزب شرعنة ومأسسة سيطرته ليس على السلطة التشريعية فحسب وإنما على السلطة التنفيذية أيضًا.
في المقابل فإن للنظام الانتخابي السوري ميزة بارزة أخرى، وهي تقسيمه المرشحين إلى فئتين، (أ) و(ب)، تتكون فيهما (أ) من العمال والفلاحين، وتمنح تلك الفئة حصة وقدرها 51 في المئة من مجمل المقاعد، بينما تشكل فئات الشعب الأخرى الفئة (ب). وقد كان هذا البند بالتحديد محط جدل، حيث إنه أداة أضيفت للتلاعب بالانتخابات من قبل حزب البعث والرئيس الأسد، ولا سيما أن المنظمات الشعبية والنقابات التي تنظم العمال والفلاحين هي منظمات بعثية صرفة[11]. كما تضمنت معظم المبادرات المطروحة لانتقال ديمقراطي في سورية النقد ذاته في ما يخص النظام الانتخابي السوري؛ فقد رأت خطة التحول الديمقراطي في سورية أنه[12] -حتى بعد إصلاح قانون الانتخابات في عام 2012- استمر النظام بضمان غالبية ساحقة لحزب البعث في التشريع والسيطرة على السلطة التنفيذية. لذلك اقترحت الخطة ضمن بنودها استبدال النظام الانتخابي الحالي بآخر يسمح بمنافسة سياسية حقيقية وتمثيل أوسع لكافة أطياف الشعب.
في المقابل فإن هندسة نظام انتخابي جديد لسورية خلال المرحلة الانتقالية يتطلب أخذ عدة عوامل على محمل الجدية. ترتبط هذه العوامل بالسياقات المحلية وخصوصية الحالة السورية، وتشكّل محددات جوهرية في ما إذا كان النظام الجديد سيحقق الأهداف المرجوة منه، والمقصود بذلك المصالحة والتمثيل من ناحية، والأداء الحكومي الفعّال من ناحية أخرى. ولعلّ أحد أكثر المتغيرات أهمية في عملية حساب وتقييم الخيارات المؤسساتية المستقبلية في سورية هو عامل التنوع الطائفي والعرقي، والذي أصبح ذا طابع إشكالي بعد أن أخذ الصراع منحىً عرقيًا وطائفيًا واضح المعالم. لذلك فإن على النظام الانتخابي الجديد مواجهة التحدي المتمثل بتحويل المؤسسات الانتخابية جذريًا لضمان تمثيل المجموعات الطائفية أو العرقية المقصاة سابقًا (الكرد مثالًا)، إضافةً إلى ضمان أعلى درجات التمثيل والمشاركة السياسية للمجموعات الأخرى. وتعد هذه النقطة تحديدًا ذات أهمية كبرى، فالفشل المتمثل بإقصاء إحدى الفئات المجتمعية أو التمثيل غير العادل قد يؤدي إلى تعميق الانقسامات بين تلك الفئات وبالتالي العودة إلى دائرة العنف.[13]
3. نظام التمثيل المتناسب كخيار
تظهر أدبيات الانتقال الديمقراطي ما بعد الحروب وأدبيات الهندسة المؤسساتية إجماعًا كبيرًا، على أن نظام التمثيل المتناسب يُعَدّ خيارًا ذا أفضلية للمجتمعات التي تعاني من انقسامات إثنية ودينية، ويقوم هذا الطرح على أساس أن هذا النظام أميل إلى إنتاج سلطة تشاركية تضمن لكل الأطراف مشاركة في عملية اتخاذ القرار[14]. ففي حالاته المثلى يتمخص عن قواعد وتصاميم أنظمة التمثيل المتناسب -التي تضمن احتساب كل صوت- هيئات تمثيلية تعكس إلى حد كبير تركيب الدائرة الانتخابية. وبناء عليه يتم ضمان أنماط تمثيلية متساوية نسبيًا وعادلة لمختلف الفئات المجتمعية، بما في ذلك الأقليات (الدينية، العرقية)، فضلًا عن التمثيل العادل لكلا الجنسين[15]. ولعل أحد أكثر الخصائص أهمية تلك التي تجعل من نظام التمثيل المتناسب ضامنًا لتمثيل مجتمعي أوسع هو أن الأحزاب تجبر فيه على تقديم “قوائم متوازنة” تسعى من خلالها لتوسيع قواعدها الانتخابية. إذ إن هذا التوازن ليس موجودًا في النظم ذات الدوائر أحادية التمثيل (كنظام الأغلبية). إضافة إلى أن تطبيق إجراءات ما يسمى “التمييز الإيجابي Affirmative Action /” ضمن عضوية الأحزاب، والتي تهدف إلى تحقيق نسب أعلى من تساوي الفرص، يكون أسهل ضمن الأنظمة التي تتبنى القوائم الانتخابية. وربما أكثر ما يميز التمثيل المتناسب ويجعل منه نظامًا ملائمًا للحالة السورية هو السهولة الإدارية التي يتسم بها، وهذا ماله أثر كبير، خصوصًا في ظل الظروف التي تتلو النزاعات[16]. وقد أوضح Reilly (2008,173) ذلك قائلًا: “إن نظام التمثيل المتناسب -واقعيًا – هو السبيل الوحيد لإجراء انتخابات على المستوى الوطني في بيئة ما بعد الصراع، فنظرًا إلى إمكان استخدام عملية اقتراع موحدة، لا حاجة لترسيم حدود الدوائر الانتخابية. كما أن إجراءات تسجيل المُنتَخِبين، إحصاء الأصوات وحساب النتائج تصبح بالنتيجة أكثر يسرًا.”[17]
حيث يمكن لهذا اليسر الإداري أن يكون عاملًا بالغ الأهمية في إتاحة فرصة التصويت لذلك العدد الهائل من اللاجئين والنازحين السوريين.
وقد دفع هذا الجانب بالتحديد عددًا من الحكومات في دول مختلفة إلى التخلي عن أنظمة الدوائر “أحادية التمثيل” وتبني نظام التمثيل المتناسب عوضًا عنها. ففي الحالة العراقية مثلًا، قررت الحكومة في البداية إجراء انتخابات المجلس التأسيسي عام 2005 ً تبعًا للحدود الإدارية المرسّمة للمحافظات العرقية، وقد كان الهدف من ذلك توفير درجات أعلى من الرقابة والتمثيل للمُنتَخِبين ضمن الدوائر الانتخابية المحلية، إلا أن طول المدّة الزمنية والصعوبات التقنية التي كانت ستواجه العملية الانتخابية دفعت الحكومة إلى الاستعاضة بنظام تمثيل متناسب عُدّ من خلاله العراق دائرة انتخابية واحدة.
انتخابات عام 1997 في ليبيريا هي مثال آخر تسبب فيه غياب إحصاء سكاني دقيق وموجة نزوح هائلة في التغيير من نظام أكثرية يعتمد دوائر أحادية التمثيل إلى نظام التمثيل المتناسب. لكن على الرغم من الفروقات التي تفرضها السياقات المحلية في كل من هاتين الحالتين واختلافهما عن الحالة السورية، إلا أن العملية الانتخابية قد تواجه عقبات مماثلة. لذلك فإن ماهية نظام التمثيل المتناسب ستسهل إجراء وإدارة العملية الانتخابية، ولا سيما في ما يتعلق بالسماح للعدد المهول من النازحين واللاجئين السوريين -والذين يقارب عددهم نصف عدد السكان- بالتصويت.
في المقابل فإن ماهية نظام التمثيل المتناسب تعطيه أثرًا كبيرًا في المشاركة السياسية وهذا ينطبق على كل من المُنتَخِبين والأحزاب السياسية. وذلك مرده إلى:
أولًا: هذا النظام غالبًا ما يفرز نظامًا حزبيًا تعدديًّا، يتيح للمجموعات والقوى السياسية كافة ولا سيما الصغرى منها الاشتراك بالعملية السياسية، لكن الأنظمة الانتخابية ذات الطابع الأكثري/ التعددي تنتج عادةً نظامًا حزبيًا يفرض قيودًا على مشاركة الأحزاب الصغرى. [18]
ثانيًا: تتميز أنظمة التمثيل المتناسب بإقبال أعلى على التصويت. ذلك لأن طبيعة هذه الأنظمة تجعل من جميع الأصوات مؤثرة وهذا ما من شأنه تحفيز المُنتَخِبين على المشاركة، إضافةً إلى أن العدد الكبير من الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات يوفر خيارات أوسع للمُنتَخِبين من التوجهات جميعها. هذه الزيادة في عدد الأحزاب تولّد مناخًا انتخابيًا أكثر تنافسية، يدفع بالأحزاب لمضاعفة جهدها وتحسين برامجها بغية توسيع قواعدها الجماهيرية[19]. بناء على ذلك قد يساعد نظام التمثيل المتناسب إلى حد كبير أي حكومة سورية محتملة، على زيادة مشاركة الأحزاب والمُنتَخِبين معًا ضمن عملية انتخابية عادلة وشاملة.
4. النظام الانتخابي وأثره في الأداء الحكومي
هناك اعتقاد سائد يتعلق بعلاقة النظام الانتخابي بالأداء الحكومي وسياسات التطوير الاقتصادي. مفاد هذا الاعتقاد أن رسم وتطبيق سياسات اقتصادية ناجعة يتطلب وجود سلطة تنفيذية قوية وموحدة وحاسمة (حكومة أو رئيس). هذا ما يُعَد صفة بنيوية ضمن الأنظمة الانتخابية الأكثرية، كونها أميل إلى إنتاج حكومات حزب واحد ذي غالبية تشريعية تمكّنها من وضع وتطبيق السياسات بشكل سهل وسريع من دون الصدام مع الأحزاب المعارضة. على عكس ذلك، فإن النظرة العامة إلى الحكومات الائتلافية متعددة الأحزاب التي تنتجها أنظمة التمثيل المتناسب هي أنها حكومات فوضوية، غير متجانسة ومقيدة بعمليات التداول والتنازلات، مما يعيق قدرة تلك الحكومات على الخروج بسياسات اقتصادية حاسمة وناجحة.
في المقابل فإن هذا الاعتقاد السائد يعد خلطًا بين مفهومي القوة والفعالية، وأنه لمجرد كون حكومة حزب واحد قادرة على تمرير سياسات بسرعة وسهولة لا يعني بالضرورة أن تلك السياسات فاعلة، إذ يتطلب التطوير الاقتصادي سياسات ذات طابع معتدل ومستدام، وهاتان الصفتان غير متوافرتين في أنظمة وحكومات الحزب الواحد، لأن درجات الاستقطاب السياسي التي تميز تلك الأنظمة قد تدفع بحزب ما عند وصوله إلى السلطة إلى إلغاء أو استبدال السياسات الاقتصادية للحزب الذي سبقه، مما سيعرقل الاستدامة والاستمرارية التي يتطلبها التطوير الاقتصادي. من ناحية أخرى، فإن الحكومات الائتلافية المتمخضة عن أنظمة التمثيل المتناسب تميل إلى الوسطية في توجهها العام، وبالتالي تكون معتدلة في سياساتها. لذلك فإن التداول والتنازلات والتوافق ضمن هذه الأنظمة يزيد من فعالية واستدامة خطط التنمية الاقتصادية.[20] وإذا ما تم إسقاط اعتقاد فعالية القيادة “القوية والحاسمة” على الحالة السورية، فإن ذلك يشكل مثالًا آخر على عدم صحته. حيث إن السلطة التنفيذية في سورية ممثلة بالرئيس ومجلس الوزراء قلما واجهت عرقلة من قبل السلطة التشريعية، والتي يحتل حزب البعث الغالبية فيها. مع ذلك، لم تقدم الحكومة السورية بالضرورة أنموذجًا ناجحًا في التنمية الاقتصادية.
ولو صح فرض أن أنظمة الأكثرية/ التعددية تتفوق على أنظمة التمثيل المتناسب في ما يخص الكفاءة والأداء الحكومي، فإن ذلك لا يجعل منها خيارًا أصلح للحالة السورية مقارنةً بالأخيرة. حيث إن مقاربة مثل هذه الخيارات المؤسساتية في مرحلة ما بعد الصراع، “قد يتضمن مقايضات بين “الكفاءة” و”التمثيل”. وبفرض أنه لا مفر من مقايضة أحدهما بالآخر، فإن أثر التمثيل المتناسب على تمثيل مختلف اللاعبين السياسيين وإيجاد قواعد توافقية للعملية السياسية في ما بينهم يجعل منه خيارًا أكثر عمليةً من غيره، أقلّه على المدى القصير لتحقيق المصالحة وبناء السلم الأهلي”[21]، “بخلاف أنظمة الأكثرية التي تطغى فيها جماعة على أخرى”[22]. في المحصلة يتضح أن الوظيفة الرئيسية لهندسة المؤسسات الانتقالية هي وضع الدولة على مضمار مستقر ينتهي إلى مرحلة ترسيخ النظام السياسي. ولكي يتم الوصول إلى هذه المرحلة، يجب ألا يركز مهندسو المؤسسات على “الهدف بعيد المدى للمؤسسات السياسية كما توجد في الديمقراطيات الراسخة، وإنما على قدرة المؤسسات على تشجيع أو عرقلة عملية تشكيل ائتلافات مرضية لمختلف اللاعبين السياسيين”[23].
ثانيًا: شكل النظام السياسي
يتعلق الخيار الدستوري الثاني الذي سيواجهه مهندسو الدستور السوري الجديد بشكل النظام السياسي للدولة. والخيارات الأكثر شيوعًا في هذا الخصوص هي إما النظام الرئاسي، والذي تنفصل فيه السلطة التشريعية عن التنفيذية ويتم تفويضها إلى رئيس الجمهورية الذي يصبح رأس السلطة التنفيذية. أو النظام البرلماني، الذي تتركز فيه القوة في السلطة التشريعية ويكون رئيس الوزراء ممثلًا للسلطة التنفيذية. “إلا أن كلًا من هذين النظامين له درجات وأشكال مختلفة غالبًا ما ترتبط بالسياقات السياسية والثقافية والاقتصادية للدولة. لذلك لا يوجد أنموذج واحد يمكن تعميمه على جميع الحالات، وإن تبني أي منهما يجب أن ينبثق من هذه السياقات في المقام الأول”.[24]
إن لاختيار شكل النظام السياسي تداعيات على مستويات مختلفة، فهو أحد المحددات الكبرى لشكل وحدود المنافسة السياسية، كما يؤثر بشكل كبير على استقرار السلطة السياسية وأدائها وقابليتها للمحاسبة. وقد يدفع الدولة بالمحصلة إما باتجاه الديمقراطية أو السلطوية[25] -لذلك فإن العملية الانتقالية في سورية ستحدد ما إذا كانت الدولة ستستمر تحت العرف الرئاسي الذي استمر لعقود- أو ستتبنى النظام البرلماني الذي اتسمت به سورية لفترة وجيزة في الخمسينيات. وعلى الرغم من العيوب التي تشوب كلًا من النظامين الرئاسي والبرلماني؛ فإن هناك مجموعة من العوامل التي تجعل من الديمقراطية البرلمانية نظامًا أصلح للدولة السورية.
تصبح هذه العوامل جليةً عند مقارنة هذين النظامين وإسقاط المقارنة على السياق السوري المحلي.
بين النظام الرئاسي والبرلماني
كما هو الحال في اختيار النظام الانتخابي، فإن اختيار شكل النظام السياسي قد ينعكس على الانقسامات السياسية والاجتماعية، وبالتالي قد يؤثر سلبًا أو إيجابًا على السلم الأهلي، وفي ما يخص ذلك، غالبًا ما تنتقد الأنظمة الرئاسية بسبب أثرها “الأكثري” الذي ينعكس على مؤسسات الدولة، فبتركيز سلطات كبيرة في يد الرئيس تصبح الرئاسة “غنيمةً كبرى” يمكن للأحزاب الكبرى فحسب الفوز بها. في الوقت نفسه تفرز الأنظمة الرئاسية علاقة معقدة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بسب الفصل الرسمي والواضح بينهما (Ibid). لكن الطبيعة الإشكالية للأنظمة الرئاسية تتضح في الإطار المؤسساتي الذي تنتجه عادةً، والذي وصفه Linz 1990بـ”الفائز يأخذ كل شيء”[26]، مما يجعل من السياسة “لعبة صفرية” يعزز فيها فصل السطات خطر الصراع السياسي. لذلك، اقترح Linz أنموذجًا برلمانيًا تشاركيًا يرتكز فيه الحكم على الائتلافية وتؤخذ فيه مصالح الأحزاب الصغرى بعين الاعتبار، وأضاف أن هذا سيكون أكثر سهولة في ما لو أجريت الانتخابات وفقًا لقواعد التمثيل المتناسب، لأن أنظمة الانتخابات الأغلبية قد تفرز أثر “الفائز يأخذ كل شيء” حتى ضمن الأنظمة البرلمانية. وإذا ما قِيْسَ هذا الطرح على الحالة السورية، فإن نظامًا برلمانيًا ديمقراطيًا في سورية قد يشكّل ضمانًا للأحزاب السياسية كافة -ولا سيما الصغرى منها- من حيث المشاركة في السلطة وصناعة القرار وبالتالي سينعكس إيجابًا على علاقة تلك الأحزاب بالنظام السياسي ككل.
وقد ميّز Linz بين النظامين الرئاسي والبرلماني من خلال مقاربة رأس السلطة التنفيذية من ناحية سلوكية. حيث رأى أن:
- تركيز السلطة ليس فقط في حزب واحد وإنما في رجل واحد ضمن الأنظمة الرئاسية يولّد اعتقادًا لدى الرئيس أنه يملك تفويضًا جماهيريًا مطلقًا وسلطات واسعة، حتى ولو لم يحصل الرئيس على غالبية ساحقة من الأصوات. ولذلك يرى الرئيس الأصوات المعارضة له والانتقادات “مزعجة”، بعكس رئيس الوزراء الذي يرى نفسه رأسًا مؤقتًا لائتلاف حاكم وليس ” صوتًا للأمة”.
- من ناحية أخرى، تعد الولاية الدستورية الثابتة للرئيس -والتي عادة ما تفتقر للمرونة في تطبيقها- مأخذًا آخرَ ضد الأنظمة الرئاسية. ففي غالبية تلك الأنظمة لا يمكن إجبار الرئيس على التنحي إلا إذا ارتكب جرمًا يستدعي العزل، وقد ينطوي ذلك على تعقيدات دستورية قد تفضي إلى أزمات سياسية، على العكس من ذلك يمكن عزل رئيس الوزراء من خلال تصويت برلماني على حجب الثقة، مما يجعله وحكومته معتمدين بشكل كبير على السلطة التشريعية.[27]
- علاوة على ذلك، تؤدّي الولاية الدستورية الثابتة والافتقار إلى المرونة اللازمة فيها إلى تحديد خاسرين ورابحين في الانتخابات طوال الولاية الدستورية للرئيس، والتي غالبًا ما يكون لا مجال فيها لتغيير التحالفات أو تشكيل حكومات طوارئ/ إنقاذ أو إجراء انتخابات مبكرة. وبالتالي ليس لدى “الخاسرين” خيار سوى الانتظار حتى انتهاء ولاية الرئيس من دون أن يكون لهم أي أثر أو وزن في عملية اتخاذ القرار التنفيذي. هذا يجعل من بيئة الانتخابات الرئاسية خطرة وأكثر عرضة للاستقطاب وحتى الصراعات. وفي الحالة السورية، فإن درجات الاستقطاب والشروخ الحادة بين الشرائح المجتمعية والقوى السياسية قد تزداد سوءًا خلال الانتخابات، لأن فوز إحدى تلك القوى سيعني بالضرورة خسارة البقية.
في المقابل فإن البعض دافع عن الأنظمة الرئاسية، فقد رأى Horowitz (1990)[28] أن التوظيف الدائم لأنموذج أميركا اللاتينية كمثال على فشل الأنظمة الرئاسية انتقائي ويتجاهل نماذج ناجحة كالأنموذج الأميركي. كما أكد أن العيوب ضمن الأنظمة الرئاسية كالـ “الفائز يأخذ الكل”، والاستقطاب السياسي، وجمود الولاية الدستورية موجودة أيضًا ضمن الأنظمة البرلمانية، كالنظام البريطاني، وأن مردّها ليس لطبيعة النظام الرئاسي وإنما للنظام الانتخابي الأكثري ولديمقراطية “الخصومة” لذلك يجب توجيه النقد لها وليس للأنظمة الرئاسية. إلا أن Lijphart (1991)[29] نقض هذا الفرض مشددًا على أن صفاتٍ كالأثر الأكثري والعلاقة المتوترة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية موجودة حتى في الأنظمة الرئاسية التي تتبع انتخابات التمثيل المتناسب، وبالتالي يمكن تحديد الفشل في بنية المؤسسات الرئاسية نفسها.
أما بما يخص الاستقرار السياسي والأداء المؤسساتي، فالاعتقاد السائد أشبه بالنظم الانتخابية، وهو أن القيادة القوية المتمثلّة بالرئيس هي عامل من عوامل الاستقرار والفعالية المؤسساتية. إلا أن معارضي هذا الطرح يرون أن الصراع الناجم عن فصل السلطتين التشريعية والتنفيذية والمآزق السياسية المرتبطة بالأنظمة الرئاسية تهددان الاستقرار والأداء المؤسساتي بدلًا من تعزيزهما. لكن Lipset (1990)[30] قلل من أهمية مثل هذه الخيارات الدستورية في استقرار الأنظمة الديمقراطية، ورأى أن العوامل الثقافية والقدرات الاقتصادية للدول هي التي تحدد استدامة واستقرار وفاعلية النظام السياسي فيها.
واختلف Cheibub (2002)[31] مع رؤية Lipset، ووجد تجريبيًا أن الأنظمة البرلمانية أكثر استقرارًا واستدامة من الرئاسية وتتفوق عليها بالأداء الاقتصادي أيضًا. وهذا الفرق بين النظامين، “ليس مرده إلى ثروات الدول التي تمت دراسة المؤسسات فيها، أو للأداء الاقتصادي، أو للظروف الاجتماعية التي رافقت نشوء تلك المؤسسات”. إضافةً إلى ذلك، فإن دراسةً تحليلية أجراها Lijphart شملت 14 دولة عضوًا في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)أظهرت أن الأنظمة التي تجمع البرلمانية والتمثيل المتناسب تتفوق بشكل واضح في الأداء الديمقراطي وبشكل طفيف في الأداء الاقتصادي على الدول التي تتبنى صيغًا مؤسساتية أخرى. ومن المهم الإشارة إلى أن Lijphart أكد أهمية هذه النتائج للدول التي تمر بعملية دمقرطة وتعاني من انقسامات اجتماعية وعقبات اقتصادية (Lijphart 1991)[32].
ثالثًا: نتائج الدراسة
- تُظهر المقارنة بين الخيارات الدستورية المختلفة وطبيعة المؤسسات الناجمة عن كل منها أن الجمع بين النظام البرلماني ونظام التمثيل المتناسب خيار يستحق الدراسة الجدّية من قبل مهندسي المؤسّسات السورية مستقبلًا. ذلك لأن الاستقطاب الحاد في المجتمع السوري والشروخ الإثنية والطائفية تجعل من التمثيل المتناسب عاملًا مساهمًا في عملية المصالحة من خلال قدرته على إشراك مختلف المجموعات السياسية في الحكم وضمان تمثيل عادل للأقليات (عرقيّة، دينيّة)، إضافة إلى تمثيل متوازن لكلا الجنسين.
- قد يساهم النظام الحزبي التعددي الذي يفرزه التمثيل المتناسب في إعادة إحياء الحياة السياسية في سورية ونضوجها، وزيادة نسب المشاركة السياسية (أحزاب ومُنتَخِبين). أما النظام البرلماني فسيوفر الآليات اللازمة لعملية سياسية تشاركية يكون لكل حزب فيها حصّة من النظام الجديد، وتجبر من خلالها المجموعات السياسية على الانخراط في عمليات تداول وتقديم التنازلات للوصول إلى حلول توافقية مرضية. هذا بدوره يولّد توازنًا ضروريًا تتمخض عنه سياسات معتدلة ووسطية ومستدامة.
- إذا ما تمت مقارنة الأنموذج أعلاه بصيغ دستورية أخرى كنظام انتخابي أكثري مع نظام رئاسي تطغى فيه مجموعة على أخرى من خلال أغلبية انتخابية وتركيز السلطات، أو نظام تمثيل متناسب ونظام رئاسي يكون فيه خطر الأزمات السياسية وانهيار النظام مرتفعًا، فإن المقارنة تجعل من الصيغة الأولى خيارًا مناسبًا أكثر للحالة السورية.
- إن الفرض القائم على أن “القيادة القوية والحاسمة” عامل لا غنى عنه للاستقرار السياسي والفعالية والمؤسساتية والتنمية الاقتصادية لا يرتكز على أرضيّة صلبة، فغالبية الأدبيات النظرية والدراسات التجريبية التي تم الاطلاع عليها تظهر أن النظام البرلماني مع نظام التمثيل المتناسب لا يشكّل أنموذجًا مستدامًا من الديمقراطية فحسب، وإنما نظامًا سياسيًا أيضًا يمكن الجمع بين التمثيل الواسع والفعالية من خلاله. وبناءً على ذلك، فإن تبني هذا الأنموذج سيساعد سورية على بدء فصل جديد ليس في الانفتاح السياسي والتنمية الاقتصادية وحدهما، وإنما في تلافي العيوب المؤسساتية البنيوية التي اتسمت بها الدولة السورية الحاليّة، بما في ذلك الاستئثار بالسلطة (الإقصاء واللافاعلية) والتي شكلت عوامل جوهرية في اندلاع الاحتجاجات والانزلاق للحرب الأهلية لاحقًا.
- يبقى لمصممي الدستور السوري أن يضعوا الآليات الدستورية المناسبة لكي يتلاءم الأنموذج المقترح والسياق والواقع المحليين، وأيضًا بهدف التقليل من أثر أي جوانب إشكالية محتملة قد ترتبط بهذا الأنموذج.
تبقى هذه الدراسة محدودة بطابعها العمومي وفرضها القائم على أن انتقالًا سياسيًا نحو الديمقراطية سيضع الخبراء الدستوريين السوريين أمام الخيارات آنفة الذكر. فقد تفرض آليات وبنود الحل السياسي خيارات مختلفة. لكن من الضروريدراسة الجوانب الدستورية والمؤسساتية وعلاقتها المتبادلة بشكل أعمق وأشمل، حيث إن هذه الجوانب كانت ولا تزال مهملة ضمن النتاج البحثي والأدبيات التي تناولت بناء الدولة والنظام السياسي في سورية، على الرغم من أن الأدبيات النظرية وتجارب الدول الأخرى تؤكد أهمية هذه العوامل في رسم المسار الديمقراطي لأي دولة. وعليه فإن فهمًا أعمق لكل من هذه الخيارات وانعكاساتها على السياقات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية قد يسهّل تحليل وفهم الظواهر السياسية ضمن تركيب الدولة السورية الحالية، كما سيتيح وضع تصورات أكثر وضوحًا ترتكز على أسس علمية صلبة لشكل الدولة السورية المستقبليّة.
قائمة المراجع:
- Alfattal, Rouba. 2012. “Syria’s Electoral Reforms: Myths & Facts”. Strategic Communication and Research Center. http://strescom.org/.
- Alfattal, Rouba. 2012. “Syria’s Electoral Politics: The Relevance of a Presidential System”. Strategic Communication and Research Center. http://strescom.org/.
- Cheibub, Jose. 2002. “Presidentialism and Democratic Performance.” In the Architecture of Democracy, edited by Andrew Reynolds, 104-140. Oxford, UK: Oxford University Press.
- Fischer, Eleni, et al. 2013. “Transitional Electoral Framework for Syria International Electoral Policy and Practice.” George Town University.
- Horowitz, Donald L. 1990. “Comparing Democratic Systems”. Journal Of Democracy 1(4): 73-79. doi:10.1353/jod.1990.0056.
- Jung, J. K. and C. J. Deering. 2015. “Constitutional Choices: Uncertainty and Institutional Design in Democratising Nations”. International Political Science Review 36 (1):60-77. doi:10.1177/0192512113503929.
- Lijphart, Arend. 1991. “Constitutional Choices for New Democracies”. Journal of Democracy2 (1): 72-84. doi:10.1353/jod.1991.0011.
- Lijphart, Arend. 1999. Patterns of Democracy. New Haven: Yale University Press.
- Lijphart, Arend. 2002. “The Wave of Power-Sharing Democracy.” In the Architecture of Democracy, edited by Andrew Reynolds, 37-54. Oxford, UK: Oxford University Press.
- Linz, Juan. 1990. “The Perils of Presidentialism”. Journal of Democracy 1 (1): 51-69.
- Lipset, Seymour Martin. 1990. “The Centrality of Political Culture”. Journal of Democracy 1 (4): 80-83. doi:10.1353/jod.1990.0063.
- Norris, P. 1997. “Choosing Electoral Systems: Proportional, Majoritarian and Mixed Systems”. International Political Science Review 18 (3): 297-312.doi:10.1177/019251297018003005.
- Reilly, Benjamin. 2008. “Post-War Elections: Uncertain Turning Points of Transition.” In from War to Democracy: Dilemmas of Peace Building, edited by Anna K. Jarstad and Timothy D. Sisk, 157-181. Cambridge: Cambridge University Press,2008.
- Reynolds, Andrew, Ben Reilly, and Andrew Ellis. 2005. Electoral System Design. Stockholm, Sweden: International Institute for Democracy and Electoral
- Shvetsova, Olga. 2002. “Institutions and Coalition-Building in Post-Communist Transitions.” In the Architecture of Democracy, edited by Andrew Reynolds, 55- Oxford, UK: Oxford University Press.
- Syrian Expert House. 2013. “Syria Transition Roadmap.” Washington DC: Syrian Center for Political and Strategic Studies.
[1] : Fischer, Eleni, et al 2013, “Transitional Electoral Framework for Syria International Electoral Policy and Practice,” George Town University, p: 24.
[2] : Reilly, Benjamin. 2008, “Post-War Elections: Uncertain Turning Points of Transition.” In from War to Democracy: Dilemmas of Peace Building, edited by Anna K. Jarstad and Timothy D. Sisk, 157-181. Cambridge: Cambridge University Press,2008, p: 172.
[3]: Lijphart, Arend. 1991, “Constitutional Choices for New Democracies”. Journal of Democracy 2 (1): 72-84, doi:10.1353/jod.1991.0011, p: 72.
[4] : Fischer, Eleni, et al. 2013,”Transitional Electoral Framework for Syria International Electoral Policy and Practice.” George Town University, p: 25.
[5] : Jung, J. K. and C. J. Deering. 2015, “Constitutional Choices: Uncertainty and Institutional Design in Democratising Nations, International Political Science Review 36 (1):60-77. doi:10.1177/0192512113503929, p: 51.
[6]: Lijphart, Arend. 1991.,”Constitutional Choices for New Democracies”. Journal of Democracy 2 (1): 72-84. doi:10.1353/jod.1991.0011, P: 61, 62.
[7]: Reilly, Benjamin. 2008, “Post-War Elections: Uncertain Turning Points of Transition,” In from War to Democracy: Dilemmas of Peace Building, edited by Anna K. Jarstad and Timothy D. Sisk, 157-181. Cambridge: Cambridge University Press ,2008, p: 172.
[8]: Reynolds, Andrew, Ben Reilly, and Andrew Ellis. 2005. Electoral System Design. Stockholm, Sweden: International Institute for Democracy and Electoral Assistance, p: 27, 29.
[9]: Reilly, Benjamin. 2008. “Post-War Elections: Uncertain Turning Points of Transition.” In from War to Democracy: Dilemmas of Peace Building, edited by Anna K. Jarstad and Timothy D. Sisk, 157-181. Cambridge: Cambridge University Press,2008, p: 173.
[10]: Fischer, Eleni, et al. 2013. “Transitional Electoral Framework for Syria International Electoral Policy and Practice.” George Town University, p: 24.
[11]: Alfattal, Rouba. 2012, “Syria’s Electoral Reforms: Myths & Facts”,Strategic Communication and Research Center. http://strescom.org/, p; 2.
[12]: Syrian Expert House. 2013, “Syria Transition Roadmap,” Washington DC: Syrian Center for Political and Strategic Studies, p: 89, 90.
[13]: Fischer, Eleni, et al. 2013, “Transitional Electoral Framework for Syria International Electoral Policy and Practice,” George Town University, p: 24.
[14]: Lijphart, Arend. 2002, “The Wave of Power-Sharing Democracy.” In the Architecture of Democracy, edited by Andrew Reynolds, 37-54. Oxford, UK: Oxford University Press, p: 48.
[15]: Alfattal, Rouba, 2012, “Syria’s Electoral Politics: The Relevance of a Presidential System”, Strategic Communication and Research Center. http://strescom.org/, p: 15.
[16]: Norris, P1997, “Choosing Electoral Systems: Proportional, Majoritarian and Mixed Systems”, International Political Science Review 18 (3): 297-312.doi:10.1177/019251297018003005, p: 27.
[17]: Reilly, Benjamin. 2008, “Post-War Elections: Uncertain Turning Points of Transition,” In from War to Democracy: Dilemmas of Peace Building, edited by Anna K. Jarstad and Timothy D. Sisk, 157-181. Cambridge: Cambridge University Press,2008, p: 173.
[18]: Lijphart, Arend. 1991, “Constitutional Choices for New Democracies”, Journal of Democracy 2 (1): 72-84. doi:10.1353/jod.1991.0011, p: 73.
[19]: Norris, P 1997, “Choosing Electoral Systems: Proportional, Majoritarian And Mixed Systems”, International Political Science Review 18 (3): 297-312.doi:10.1177/019251297018003005, p: 9.
[20]: Lijphart, Arend,1991, “Constitutional Choices for New Democracies”, Journal of Democracy 2 (1): 72-84. doi:10.1353/jod.1991.0011, p: 82, 83.
[21]: Reilly, Benjamin, 2008, “Post-War Elections: Uncertain Turning Points of Transition,” In from War to Democracy: Dilemmas of Peace Building, edited by Anna K. Jarstad and Timothy D. Sisk, 157-181. Cambridge: Cambridge University Press,2008, p: 172.
[22]: Fischer, Eleni, et al. 2013, “Transitional Electoral Framework for Syria International Electoral Policy and Practice,” George Town University, p: 25.
[23]: Shvetsova, Olga, 2002, “Institutions and Coalition-Building in Post-Communist Transitions,” In the Architecture of Democracy, edited by Andrew Reynolds, 55-80. Oxford, UK: Oxford University Press, p; 77, 78.
[24]: Alfattal, Rouba. 2012. “Syria’s Electoral Reforms: Myths & Facts”,Strategic Communication and Research Center. http://strescom.org/, p: 13.
[25]: Lipset, Seymour Martin. 1990, “The Centrality of Political Culture”, Journal of Democracy 1 (4): 80-83. doi:10.1353/jod.1990.0063, p: 80.
[26]: Linz, Juan, 1990, “The Perils of Presidentialism”, Journal of Democracy 1 (1): 51-69, p: 56.
[27]: Lijphart, Arend, 1999, Patterns of Democracy, New Haven: Yale University Press, p: 117.
[28]: Horowitz, Donald L, 1990, “Comparing Democratic Systems”, Journal of Democracy 1 (4): 73-79. doi:10.1353/jod.1990,0056.
[29]: Lijphart, Arend. 1991, “Constitutional Choices for New Democracies”, Journal of Democracy 2 (1): 72-84. doi:10.1353/jod.1991.0011, p: 73.
[30]: Lipset, Seymour Martin. 1990, “The Centrality of Political Culture”, Journal of Democracy 1 (4): 80-83. doi:10.1353/jod.1990.0063, p: 82, 83.
[31]: Cheibub, Jose, 2002, “Presidentialism and Democratic Performance.” In the Architecture of Democracy, edited by Andrew Reynolds, 104-140. Oxford, UK: Oxford University Press, p: 132.
[32]: Lijphart, Arend. 1991, “Constitutional Choices for New Democracies”, Journal of Democracy 2 (1): 72-84. doi:10.1353/jod.1991,0011.