مقدمة
لم تمضِ سوى أيام قليلة على التطمينات التي أطلقتها الرئيسة المشتركة لـ “مجلس سوريا الديمقراطية” أمينة عمر، بشأن الحوار الكردي-الكردي الذي قالت إنه “يسير بصورة جيدة[1]“، وذلك في الندوة التاسعة من ندوات الحوار التي تجريها (مسد) شرق الفرات، حتى عاجلها آلدار خليل بإعلان رفض المجلس الوطني الكردي التعليم باللغة الكردية ونظام الرئاسة المشتركة[2]، تبع ذلك حملةٌ شعبية شعواء نظمها PYD للهجوم على المجلس، تضمنت إصدار بياناتٍ من المنظمات والاتحادات والتشكيلات الطلابية والنسائية والأحزاب التابعة له، وتجمعات احتجاجية وتظاهرات مناهضة في حلب والقامشلي والحسكة دانت المجلس الوطني الكردي، عادّةً ذلك تعديًا على المكتسبات التي حققها الشعب الكردي في سورية، وصلت إلى حدّ تخوينه ونفي القومية الكردية عنه واتهامه بالعمالة للأتراك، ما يوحي بوجود نيةٍ لدى PYD في إفشال الحوار، وبخاصة أن موقف المجلس الوطني الكردي والأكراد السوريين أغلبهم تجاه مناهج PYD ليس جديدًا، فقد سبق له أن طالب بإبعاد الأدلجة الحزبية عن التعليم وعدم المغامرة بمستقبل الشباب الكردي في وقت يمكنه تعلّم لغته والحصول على شهادات معترف بها تضمن تحصيله العلمي في آنٍ واحد.
“PYD” وإفشال الحوار للإبقاء عليه مرجعية سياسية للكرد السوريين
إنّ تبشير آلدار خليل الأكراد السوريين بقرب انهيار الحوار الكردي-الكردي ليس جديدًا، فقد سبق له أن بشّر بذلك بُعيد انطلاق الحوار بمدة قصيرة، بحجة أن المجلس يصرّ على الحوار مع PYD وحده من دون مشاركة الأحزاب الأخرى التي تدور في فلك الأخير، الأمر الذي نفاه المجلس في حينه، قبل أن يرضخ لطلب PYD بإشراك أحزاب الوحدة الوطنية الكردية[3]، وهي قائمة تضم 24 حزبًا وظيفيًا يقودها PYD ، منها 18 حزبًا أسِّست بعد عام 2012 بدعم وتمويل منه، بهدف صناعة بديل لأحزاب المجلس وإرضاء الشارع الكردي، وهي على نمط “الجبهة الوطنية التقدمية” التي يقودها حزب البعث.
وسبق لآلدار خليل (الذي كان يرأس وفد حزبه إلى مفاوضات دهوك عام 2014) أن أجهض الاتفاقية الموقعة آنذاك بين حزبه والمجلس، باستمالة أصوات ثلاثة من أحزاب المجلس صوّتوا لاحقًا لمصلحة مرشحي كتلة PYD في انتخابات المستقلين لاستكمال المرجعية السياسية الكردية، بدلًا من التصويت لمصلحة مرشحي كتلة المجلس[4]، وذلك بعد أن استنفد وسائل الاستفزاز والتضييق كلها التي استوعبها المجلس آنذاك، بدءًا بمداهمة مقارّ أحزابه وتحطيم أبوابها ومصادرة محتوياتها وتمزيق صور الرموز القومية الكردية ومحاولة إجبارهم على ترخيص أحزابهم في إدارته، وإطلاق النار على بعض القيادات بهدف اغتيالها[5]، في الوقت الذي كانت فيه الاتفاقية قيد التنفيذ[6].
ويمكن القول إن أوضاعًا مماثلة أجهضت الهيئة الكردية العليا التي جرى التوافق على تأسيسها، في تموز/ يوليو 2012، وهو ما سنشرحه لاحقًا.
قراءة في تجارب الحوار الكردي – الكردي السابقة
إن العودة إلى دراسة المتغيرات السياسية والعسكرية التي أحاطت بتوقيع الاتفاقيات السابقة بين الحزب والمجلس، ومعرفتها بدقة، يمكن أن توصلنا إلى الأسباب التي تدفع حزب الاتحاد الديمقراطي إلى قبول الحوار وإبرام الاتفاقيات وتلك الأخرى التي تدفعه إلى إجهاضها.
كان تأسيس الهيئة الكردية العليا أولَ تجربة توافقية بين المجلس الوطني الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي PYD، أسست بمقتضى بلاغ أربيل الصادر في 11/7/2012 الذي نصّ على تشكيل هيئة عليا مشتركة، عُدّت الممثل الشرعي والوحيد للأكراد السوريين[7]، إضافة إلى ثلاث لجان تخصصية لمتابعة العمل الميداني[8]، وقد تزامن توقيع الاتفاقية مع الاندفاعة القوية التي سجلها الجيش الحرّ آنذاك، إذ دخلت قواته ريف حلب الشمالي وأجزاء من المدينة، وكثر الحديث عن توجهه شرقًا، في وقت كان فيه المزاج الكردي مؤيدًا له، عبّرت عن ذلك التظاهرات التي كانت تخرج أسبوعيًا في القامشلي وعامودا والدرباسية، وكانت تحيّي الجيش الحرّ، واستغل الحزب الاتفاق مع المجلس لتحقيق الأهداف الآتية:
أولًا- منع الجيش الحرّ من دخول محافظة الحسكة، بإيهام الشارع الكردي أنه يسير خلف قيادة سياسية وعسكرية كردية واحدة تعبر عنها الهيئة الكردية العليا.
ثانيًا- إبعاد المجلس الوطني الكردي عن التفكير ببناء قوة عسكرية خاصة به، في الوقت الذي كان PYD يبني قوته العسكرية.
ثالثًا- ضمان صمت المجلس ومن ثم الحركة الكردية حيال عملية الاستلام والتسليم التي جرت بين قوات الحزب والنظام آنذاك وتسويقها في الشارع الكردي بحجة أن السياسة تقتضي استلامها وإدارتها حتى إن كانت مسرحية[9].
رابعًا- دفع الشباب الكردي وتشجيعه على الالتحاق بقوات حماية الشعب YPG التي أسسها حزب الاتحاد الديمقراطي PYD حديثًا ولم تلق قبولًا كرديًا بسبب المرجعية التاريخية السوداء لحزب العمال الكردستاني الذي يتبع له الحزب وقواته، وفي سبيل ذلك شاركت بعض الأحزاب بمجموعات رمزية من أعضائها فيها.
وباستلام PYD آخر مواقع النظام في القحطانية ورميلان[10] في أوائل آذار/ مارس 2013 واستكماله السيطرة على الشريط الحدودي بالتزامن مع بناء قوته العسكرية التي اختُبرت أيضًا في مواجهة الجيش الحرّ في رأس العين، بات بإمكان الحزب الاستغناء عن الهيئة الكردية العليا، وهو ما بدأ بالفعل بتعطيل عملها والاستفراد بقراراتها ورفض تفعيل لجانها التخصصية، أخذت القوات التي أسسها الحزب لونًا سياسيًا واحدًا، ثم شكل الحزب الإدارة الذاتية في مطلع عام 2014 بإرادة منفردة، ما عدّه المجلس الوطني الكردي إلغاءً للهيئة الكردية العليا من طرف واحد[11].
وتمثلت التجربة الثانية في اتفاقية دهوك التي أبرِمت في عقب هجوم تنظيم (داعش) على عين العرب في 14أيلول/ سبتمبر 2014، إذ اشترط التحالف الدولي المشكل حديثًا على الطرفين الكرديين تشكيل مرجعية سياسية واحدة شرطًا للحصول على الدعم الدولي[12].
وبعد توقيعها في 14 تشرين الأول/ أكتوبر 2014 بدأ حزب الاتحاد الديمقراطي في المناورة والمماطلة في تنفيذها، مرةً بحجة عدم أحقية المجلس في استبدال ممثليه المفصولين في المرجعية، ومرةً أخرى برفع عدد أعضائها مع الحفاظ على المفصولين “عملائه في المجلس”، ثم رفض مشاركة قوات “بشمركة روجآفا” في تحرير عين العرب، وأخيرًا أجرى انتخابات بلدية في مقاطعة الجزيرة، من دون استشارة المجلس الذي رأى في ذلك إساءة إلى روح اتفاقية دهوك[13]، ونتيجة إصرار PYD على إجراء الانتخابات في موعدها من دون أي حساب لرأي شريكه، فقد أصدر المجلس بيانًا أعلن فيه إيقاف العمل في المرجعية السياسية واللجان التابعة لها[14]، وبذلك انتهى مفعول اتفاقية دهوك، وكانت عين العرب قد حررت، وأخذ تنظيم (داعش) بالاندحار عنها، ورُسخ دعم التحالف الدولي لقوات الحزب، ما كان غاية الاتفاقية، بعد أن استغل الحزب اسم المرجعية السياسية الكردية في المحافل والمنابر الداخلية والخارجية[15].
الحوار الجاري حاليًا
شكل توحيد الصف الكردي هاجس الحركة الكردية السورية منذ تأسسها، غير أن رياح المصالح الحزبية والشخصية كانت تدفعه إلى التشتيت بعكس ما تتمنى سفن الأغلبية العظمى من الأكراد السوريين، ولذلك فإن هذا المطلب لم يغب عن بيانات الأحزاب الكردية وندواتها طوال السنوات التي تلت انهيار اتفاقية دهوك، ومع ذلك لم يتمكن الطرفان الكرديان من الجلوس إلى طاولة الحوار إلا لمامًا.
حصلت مبادرات عدة لتوحيد الصف الكردي وتشكيل إدارة مشتركة من الطرفين الكرديين -في عقب إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب نيته سحب قواته من سورية في أواخر عام 2018 وحتى انطلاق عملية “نبع السلام” في تشرين الأول/ أكتوبر 2019- كانت أبرزها المبادرة الفرنسية التي عقدت جلسة واحدة منها فقط في نيسان/ أبريل، قدم في أثنائها كل طرف شروطه التي كان من أبرزها مطالبة الحزب للمجلس بالانسحاب من الائتلاف الوطني[16]، في حين طلب المجلس من الفرنسيين أن يكونوا ضامنين لتنفيذ PYD التزاماته، غير أن ذلك اللقاء اليتيم لم يتكرر، فقد أعلِن توقف الوساطة الفرنسية في الأول من آب/ أغسطس 2019 [17]، لتعقبها وساطة بريطانية ماتت في مهدها، وقد كانت أهدافهما مماثلة تمامًا لأهداف الحوارات القائمة حاليًا برعاية أميركية.
عملية نبع السلام دفعت PYD إلى طلب الحوار
يندرج الحوار الجاري حاليًا في إطار التجربة الثالثة التي جاءت نتيجة المتغيرات الموضوعية التي أفرزتها عملية نبع السلام التي ضعضعت سلطة PYD وهددت وجودها، وبخاصة أنها كشفت ترتيبات وتوافقات تركية أميركية مسبقة، ورؤية أميركية مغايرة للرؤية الرسمية عبّر عنها الرئيس ترامب في تغريدات متتالية في حينها[18].
في خلال صيف 2019 كانت مفاوضات المنطقة الآمنة التي انطلقت بين تركيا والولايات المتحدة التي تسيطر فعليًا في شرق الفرات تسير بتسارع جدًا، وكأنها تسعى إلى مستقر لها اتُفق عليه مسبقًا، وسط محاولة أميركية وصلت -بسبب رفض PYD وقيادات قسد فكّ ارتباطها مع PKK- إلى طريق مسدود للتوفيق بين الحليف التركي والشريك الجديد المتمثل في “قسد” الذي يستجدي الحماية من الأميركان بحجة أنه قاتل داعش تحت لوائهم، وقد كان هذا الشريك “قسد” واثقًا الثقة كلها من أنهم لن يتخلوا عنه، في حين كان يخشى اتفاق الأتراك مع النظام والروس وهو ما لم يثِر مخاوفه لأنه حتى إن حدث لن يغير شيئًا من المعادلة لأن مناطقهم “ليست تحت وصاية النظام وروسيا”[19] ولم يكن يتوقع أن يتخلى الأميركان عنه، ومن ثم فإن تركيا لن تستطيع التدخل ما لم يحصل اتفاق، ولذلك كان التدخل التركي الذي جاء بناء على موافقة أميركية مفاجئًا لهم وبدا كابوسًا لم يتوقعوا حدوثه.
دفعت عملية “نبع السلام” التي أطلقتها تركيا في 9 تشرين الأول/ أكتوبر 2019 حزب الاتحاد الديمقراطي PYD إلى البحث عن جدار حماية يحفظ ما تبقى من سلطته شرق الفرات، فأطلق مبادرتين: الأولى للحوار مع النظام، والثانية للحوار مع المجلس الوطني الكردي.
وفي حين توقفت اللقاءات السياسية مع النظام، بسبب قناعة الأخير أن مآل شرق الفرات مرتبط بالحل الأخير للقضية السورية وأن العكس غير صحيح، فإن مبادرة قائد “قوات سوريا الديمقراطية”، بخصوص الحوار بين المجلس والحزب، بقيت طي الأدراج، خصوصًا بعد وضوح أن الوجود الأميركي في شرق الفرات مستمر وراسخ، وهو ما عبرت عنه عودة القوات الأميركية إلى قواعدها في الجزء الشرقي من شرق الفرات، وتأسيس قواعد جديدة، ومنع الدوريات الأميركية الروس من التوغل شرقًا في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم ولم ينسحبوا منها، وهكذا بدأ حزب الاتحاد الديمقراطي بالمماطلة في تنفيذ المبادرة التي أطلقها، وظهر بين أنصاره ثلاثة آراء بشأن الحوار:
- الرأي الأول أن الوحدة الكردية قائمة وموجودة، وتتمثل في الإدارة الذاتية و”قوات سوريا الديمقراطية” والأحزاب والمكونات التي تدعمهما، ومن ثم لا داعي للعمل على توحيد الصف لأنه موحد أصلًا، ويتبنى هذا الرأي الأنصار القدامى للحزب المعبؤون أيديولوجيًا بأفكار حزب العمال الكردستاني.
- الرأي الثاني أن توحيد الصف الكردي مع المجلس الوطني الكردي بات أمرًا صعبًا، ولذلك على الأطراف المتقاربة في الرؤية -أي حزب الاتحاد الديمقراطي والأحزاب التابعة له وتلك المنضوية في ما يسمى بالإدارة الذاتية- أن تتجاوز هذه العقبة، وتقدّم مشروعًا إصلاحيًا من شأنه ترتيب الجبهة الداخلية بالتعاون مع بقية المكونات. ويضيف بعض من يدعم هذا الرأي أن على الأحزاب المتوافقة على الوحدة عقد مؤتمرها وانتخاب مرجعيتها من دون انتظار المجلس.
- الرأي الثالث أن هناك أخطارًا وجودية يتعرّض لها الشعب الكردي، ما يجعل الحاجة إلى الوحدة الكردية ووحدة الموقف السياسي الكردي أمرًا واجبًا لمواجهة هذا الاستحقاق، ويندرج تحت هذا البند جزء من القائمين على الحزب والإدارة والعالمين بالأمر الذين يرون أن الوحدة أمرٌ لا مفر منه، لتجاوز المرحلة الجارية التي ما زالت تركيا فيها تطلق التهديدات لإتمام خطتها بالسيطرة على كامل الشريط الحدودي، لا سيما بعد سيطرتها على عفرين وتل أبيض ورأس العين، ويأمل بعضهم في أن يمهد الحوار التكتيكي مع المجلس إلى الهدف الاستراتيجي منه المتمثل في “تطبيع العلاقات مع تركيا”[20].
حزب PYD والالتفاف على الحوار
نظم PYD في النصف الأول من العام الجاري عددًا من المسيرات الداعية إلى وحدة الصف الكردي، وقدّم أتباعه عددًا من المبادرات الداعية إليه، بغية إقناع الشارع الكردي بأنه ينشد الحوار، وأن الطرف الآخر المتمثل في المجلس الوطني الكردي هو الذي يرفضه، وقد تزامن هذا النشاط مع هجمة إعلامية شرسة شنتها وسائل الحزب ومواقعه الإعلامية على الحزب الديمقراطي الكردستاني في العراق، الحليف التاريخي للمجلس الوطني الكردي وأحزاب الحركة الوطنية الكردية أعلبها، في شكلٍ لا يمكن أن يصدر عن طرف يرغب حقيقة في الحوار وتوحيد الصف الكردي، وما تزال هذه الهجمة مستمرة من دون توقف حتى الآن.
كثف الحزب نشاطه بين العرب بالتزامن مع انطلاق الحوار الكردي في نيسان/ أبريل الماضي، ونظم عددًا من المسيرات المؤيدة له ولحزبه الأم PKK في المناطق العربية تلك التي لا وجود للكرد فيها على الإطلاق، وبدا كأنه يريد إرسال رسائل إلى أطراف عدة -من ضمنها الضامن الأميركي- بأن العرب وباقي المكونات يؤيدون الحكم والإدارة اللذين يقودهما، وهو ما يمكن أن يغني عن وجود المجلس الوطني الكردي فيها، وعمل على تدعيم ذلك بإعلان أعداد القتلى العرب من “قسد” في المواجهات مع الجيش الوطني السوري المدعوم من الجيش التركي في منطقة “نبع السلام”.
وبدا ذلك أوضح عند بدء عقد الندوات التي أطلقها مجلس سورية الديمقراطية “مسد” في 11 أيلول/ سبتمبر الماضي تحت شعار “نحو مؤتمر وطني لأبناء الجزيرة والفرات” التي من المفترض أن تفضي إلى مؤتمر عام يجري فيه توسيع المشاركة في الإدارة الذاتية وتطويرها، في تجاوز واضح لما هو متفق عليه بين المجلسين، إذ يفترض أن يأتي الحوار الكردي-العربي في المرحلة الثانية بعد الانتهاء من توحيد الصف الكردي.
أدى صمت المجلس وامتصاصه لاستفزازات PYD كلها إلى تخوف الأخير من نجاح الحوار الذي قطع شوطًا مهمًا تحت الرعاية الأميركية، ووصل إلى مراحل حاسمة سوف يُبحث فيها الملف الأمني العسكري وملف العلاقة مع حزب العمال الكردستاني، إضافة إلى ملف ثالث يتعلق بالتعليم ويبدو أن هناك اتفاق مبدئي قد حدث بشأنه، في حين يشكل الملفان الأوليان اختبارًا جديًا للحزب، يتضمن الأول عودة “بشمركة روج آفا ” وهي قوة عسكرية سورية كردية شكلت في إقليم كردستان العراق، ولا بد من مشاركتها في القيادة العسكرية والأمنية، ما يهدد استفراد الحزب بالسلطة فعليًا، ويتضمن الملف الثاني قطع العلاقة مع حزب العمال الكردستاني ومغادرة القيادات السياسية والعسكرية غير السورية للبلاد وهو ما لا يستطيع الحزب الوفاء به أيضًا.
الخلاصة
لم يمارس حزب العمال الكردستاني الشراكة مع أي فصيل كردي في خلال عمره الذي تجاوز أربعة عقود، ولم يشكل الحوار بالنسبة إليه إلا أداةً لتجاوز الأوضاع الصعبة، وتنطبق هذه النتيجة على حزب الاتحاد الديمقراطي PYD أيضًا الذي لم ينخرط في أي تحالف كردي منذ تأسسه، ولم تشكل تجارب الحوار السابقة والحالية أكثر من وسائل مؤقته لتجاوز أزماته وتعزيز سلطته وتوطيد نفوذه.
وتتنافى الشراكة أيديولوجيًا مع مفهوم الحزب الطليعي الذي يمثله PKK وPYD، ويستتبع بالضرورة التحاق الفصائل والأحزاب الكردية كلها به، ولذلك لجأ الحزب إلى إخراج الحوار من الغرف المغلقة وتجييش الشارع ضد المجلس، لإجباره على الانسحاب أو التنازل والرضى بأن يكون محض واجهة لسياسات PYD، خصوصًا أن قضايا الأكراد في الدول المجاورة لا تمثل بالنسبة إلى الحزب أكثر من مجهود عسكري واقتصادي يجب أن يصبّ في خدمة معركته الأساسية مع تركيا.
ينظر الحزب إلى النجاحات الكردية في دول الجوار بوصفها عوامل تهديد لوجوده بدلًا من أن تشكل إضافاتٍ تصبّ في المصلحة الكردية العامة، وقد ظهر ذلك مؤخرًا بمعارضته الشديدة لاتفاقية تطبيع الأوضاع في سنجار التي وُقعت بين الحكومة العراقية وإقليم كردستان. خلاصة القول إن الحوار الكردي-الكردي، الذي أفرزته عملية “نبع السلام”، سوف يبقى مستمرًا، ما دامت التهديدات التركية قائمة، وإلى أن تتوضح رؤية الرئيس الأميركي الجديد تجاه ملفات المنطقة، فإن الحوار سيبقى مراوحًا في مكانه بانتظار إطلاق رصاصة الرحمة عليه.
[1] – ՛يجب أن يكون للعشائر دور جوهري في خدمة البلد՛، وكالة هاوار نيوز، 16تشرين الأول/ أكتوبر2020
[2] – برنامج بوير على فضائية روناهي، 20 تشرين الأول/ أكتوبر 2020
[3] – قياديان في المجلس الوطني الكردي ينفيان توقف المباحثات مع ـPYD، راديو ولات إف إم، 12حزيران/ يونيو2020
[4] – بيان المجلس الوطني الكردي، 24كانون الأول/ ديسمبر2014
[5] – بيان إدانة أعمال تصرفات حزب (ب ي د) في كوردستان سوريا، منظمات ألمانيا للحزب الديمقراطي الكردستاني-سوريا والحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا وحزب يكيتي الكردي في سوريا، 23 كانون الثاني/ يناير2015
[6] – بيان المجلس الوطني الكردي، ما قام به مسلحو pyd يطعن في مصداقية ما تم الاتفاق عليه في دهوك، كوردستريت، 30كانون الأول/ ديسمبر 2014
[7] – أكراد سوريا يشكلون «جيشا موحدا» ويطالبون بالفدرالية، المرصد السوري لحقوق الإنسان، 26 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012
[8] – نص إعلان هولير بين (المجلس الوطني الكوردي في سوريا ومجلس الشعب لغربي كوردستان) الموقع في 11 تموز/ يونيو 2012
[9] – سليمان في لقاء جماهيري بمناسبة نوروز: مصادرة القرار الكردي لا يخدم الشعب الكردي وقضيته، موقع الديمقراطي، 20آذار/ مارس2020
[10] – عن تطورات تحرير موقع رميلان ومدينة تربسبي، موقع الديمقراطي، 4آذار/مارس 2013
[11] – بيان إلى الرأي العام من أحزاب المجلس الوطني الكردي في سوريا، موقع الديمقراطي، 22شباط/ فبراير2014
[12] – قيادي في ENKS لولاتي: لا يجوز لأي طرف في اتفاقية دهوك التدخل في شؤون الطرف الآخر، موقع حركة الإصلاح الكردي في سوريا،17كانون الأول / يناير2020
[13] – بيان من الأمانة العامة حول إجراء انتخابات للبلديات، الأمانة العامة للمجلس الوطني الكردي في سوريا،5آذار/ مارس2020
[14] – المجلس الوطني الكردي يعلن إيقاف العمل في المرجعية السياسية واللجان التابعة لها، الأمانة العامة للمجلس الوطني الكردي، 12 آذار/ مارس2020
[15] – بيان من الأمانة العامة للمجلس الوطني الكوردي بخصوص المرجعية السياسية الكردية، الأمانة العامة للمجلس الوطني الكردي في سوريا،26آذار/ مارس2015
[16] – خاص: اجتماع سري بين المجلس الوطني الكوردي والاتحاد الديمقراطي في باريس، وهذا ما تمت مناقشته، كورد ستريت، 23نيسان/ أبريل2019
[17] – في التقرير السياسي الذي أصدره الحزب الديمقراطي الكردستاني-سوريا في الأول من آب/ أغسطس 2019 أعلن توقف المساعي الفرنسية.
[18] – قال إنهم أسوأ من تنظيم الدولة.. ترامب: الأكراد أفرجوا عن إرهابيين في سوريا لإحراجنا، الجزيرة، 16تشرين الأول/أكتوبر2019
[19] – آلدار خليل: على الشعب استنفار جميع طاقاته بوجه تهديدات الاحتلال التركي، وكالة هاوار، 2آب / أغسطس 2020
[20] – الحديث الكامل للجنرال مظلوم عبدي مع المونيتور: يرى فرصة لتخفيف التوترات مع تركيا في عهد بايدن ويتطرق إلى صراع الكردستاني والديمقراطي، خبر 24، 10تشرين الثاني/ نوفمبر2020