تحولات النظام العالمي وتأثير كورونا عليه وعلى العمل الدبلوماسي

أولًا- واقع الاقتصاد الدولي:

من المفيد أن نعرض مجموعة أرقام، تساعد في مقاربة تغيّرات الاقتصاد العالمي من جراء جائحة كورونا، وتأثيرها على أدوار القوى الدولية الكبرى والعمل الدبلوماسي؛ فالولايات المتحدة بلغ ناتجها المحلي، عام 2020، 20,93 تريليون دولار، بتراجع قدره 2,3% عن عام 2019[1]. والصين وصل ناتجها المحلي العام 2019 إلى 14,35 تريليون دولار، ليسجل بعدها ارتفاعًا بـ 2,3% في العام 2020، وتعدّ هذه النسبة قليلة، قياسًا إلى ما حققته الصين من نمو، في السابق، والنمو الذي قد تحققه في العام 2021، برقم يصل إلى 6% [2]. أما الاتحاد الأوروبي فقد حقق ناتجًا محليًا في العام 2019 بقيمة 15,62 تريليون دولار[3]، وانخفض بعدها بنسبة 7% في العام الماضي، في إبراز بيّن لخسائر الاقتصاد الأوروبي، نتيجة الإقفال العام أسابيع طويلة، على أمل الحد من الارتفاع الكبير في إصابات ووفيات هذا الوباء.

ويمكن القول، في قراءة أولية لتلك المؤشرات الاقتصادية المقلقة، إنها من الممكن أن تقيد قدرة هذه الدول، إضافة إلى بريطانيا واليابان، على تقديم المساعدات التنموية والمالية للعديد من دول العالم المحتاجة إليها، فضلًا عن الحدّ من الحركة الدبلوماسية الفعالة لدى القوى الدولية المؤثرة في جملة ملفات إقليمية شائكة، وتقلص هامش الرغبة والإمكانات بالانخراط في العمل الدولي، نتيجة انشغالها بتدبير شؤونها المحلية، والتركيز على تكثيف حملات التلقيح لشعوبها، بغية اكتساب المناعة المجتمعية واستئناف الأنشطة الاقتصادية بصورة طبيعية؛ فها هي بريطانيا تنحو نحو تقليص مساعداتها، خلال العام الحالي، بنسبة 67% لسورية، و63% لليبيا، و58% لنيجيريا. أما اليمن فستنخفض المساعدات له بنسبة 59%، حيث بلغت 87 مليون جنيه إسترليني، بدلًا من 164 مليون جنيه إسترليني في العام الماضي[4].

ثانيًا-تحولات النظام الدولي:

غنيّ عن البيان أن الطاقات الاقتصادية للدول الناشطة دوليًا، هي الوقود الضروري لتشغيل محركاتها الدبلوماسية على الساحة العالمية، سعيًا لتقوية النفوذ وتأمين المصالح على أنواعها. وهنا نجد ضرورة للإشارة إلى أن أزمة (covid-19) تمكّنت من تسديد ضربات مؤلمة للنظام، لكنها لم تسقطه، بدليل أن التوازنات السياسية والاقتصادية والعسكرية التي كانت سائدة قبيل الجائحة، وموازين القوى بين الدول المؤثرة في بنيان هذا النظام، لم تطرأ عليها تغييرات جذرية، بالرغم من التصدعات الناجمة عن آثار الأزمة الكارثية على الاقتصاد العالمي؛ فالولايات المتحدة ما زالت تتربع على عرش قيادة العالم، أما الصين، الدولة الثانية اقتصاديًا، فقد باتت تجسد منافسًا شرسًا وطامحًا لإزاحة أميركا عن زعامة العالم. ولذلك، نعتقد بأن الحديث عن سقوط النظام الدولي الحالي، المشيدة أساساته منذ العام 1945، وصولًا إلى نهاية الحرب الباردة في العام 1990، بضربة قاضية من مارد اسمه “كورونا”، هو أمرٌ سابقٌ لأوانه، ولا يستند إلى وقائع علمية ملموسة. لقد نجحت الجائحة في تقزيم نفوذ المسافات وسطوة الجغرافيا إلى الحد الأدنى، لكنها لم تلغ أثر التاريخ والذاكرة الجماعية للشعوب والأمم على مسار النظام الدولي، بأجنحته السياسية والاقتصادية والعسكرية. ما فعلته الجائحة هو أنها، على غرار ما تفعله الصراعات والحروب في توالي الأحداث، سرّعت من وتيرة ترسيخ عددٍ من الاتجاهات التي بدأت ترتسم معالمها لسنوات خلت، وفقًا للوحة جيوسياسية أعرض بعض ملامحها كالآتي:

1.تراجع حصة الولايات المتحدة من الثروة الاقتصادية العالمية، وما يرافقها من تراجع قدرتها على التحكم في عمل المنظمات الدولية والإقليمية وقراراتها. ولكن التعويض عن هذا الوضع يكمن في فائض القوة الناعمة الذي يمتلكه هذا البلد، عبر التقدم العلمي والبشري في مجالات حيوية، كالتعليم والصحة وتكنولوجيا المعلومات. ويتجلى ما يزيد من صلابة الموقف الأميركي في العودة إلى الاعتماد على قوة الدبلوماسية الأميركية، من خلال السعي إلى تمتين التحالفات “الغربية”، في إطار العودة إلى الدبلوماسية المتعددة الأطراف أو التعددية (multilateralism) مع الدول التي تربطها بها علاقات وثيقة، كبريطانيا والاتحاد الأوروبي واليابان وأستراليا والهند. وفي السياق عينه، نعتقد أن إدارة الرئيس جو بايدن مضطرة، كما فعلت إدارات سابقة، إلى محاولة إيجاد إجابة أولية عن السؤال الآتي: هل من المصلحة الأميركية التصدي لإدارة شؤون العالم أم أن الأفضل الانكفاء؟ لطالما عكست تلك الإشكالية تصارع مكونات السياسة الخارجية الأميركية حول وجهتها نحو الانغلاق على الذات وعدم الانخراط الحقيقي في شؤون العالم، كما كان سائدًا قبل هجوم pearl harbor في العام 1941 (شنّت اليابان هذا الهجوم على الولايات المتحدة التي دخلت على إثره الحرب العالمية الثانية)[5]، ومن خلال الشعار الذي رفعه الرئيس السابق ترامب “أميركا أولًا”، وطبقه عبر نموذج الدبلوماسية الانكفائية، من خلال الانسحاب من الاتفاقية النووية مع إيران، ومن اتفاقية المناخ في باريس، ومن منظمة الصحة العالمية. وعلى الرغم من أن التاريخ الدبلوماسي قد لا يكون رحيمًا بإرث ترامب، فإنه يحسب له أنه قد يكون أول رئيس دولة في العالم استخدم آلة التواصل الاجتماعي أو دبلوماسية ” twitter”، بغية الإعلان الفوري، الذي ينتشر في لحظات في أنحاء المعمورة، عن قرارات أو تدابير اقتصادية، كان من شأنها أن تؤدي إلى هبوط قيم أسهم البورصات في العالم، أو في ارتفاع أسعار النفط، وما يصاحب ذلك من خسائر بالمليارات في الاقتصاد العالمي. أما اليوم، فيبدو أننا أمام فسحة جديدة للعمل الدبلوماسي الدولي، والانخراط الأميركي المتجدد في محاولةٍ لإيجاد حلول لقضايا ساخنة، بشعار قوامه “عين على الداخل وعين على الخارج”؛ إذ يمكن وصف المقاربة المعتمدة بأنه انخراط “بالقطعة” ، كما نقول بالعامية اللبنانية، قد يفضي إلى انفراج في الملف النووي الإيراني، وإلى مزيد من التنسيق مع حلفاء واشنطن، بغية محاولة وقف التمدد الصيني بأشكاله المتعددة (وفقًا لنظرة أميركا)، ومواجهة روسيا في إدارة بعض الملفات الإقليمية، فضلًا عما تزعم واشنطن بأن موسكو تشن هجمات سيبرانية عليها. وعليه، نشهد اليوم عودة إلى دبلوماسية القوة الناعمة، المراهنة في ثناياها على قوة النموذج الأميركي المناهض لانتهاكات حقوق الإنسان وللحروب. والجدير ذكره أن ثمن الانكفاء الأميركي عن منطقة الشرق الأوسط بروز قوى إقليمية لها أجندات ومصالح متضاربة، فضلًا عن سعيها لملء الفراغ الذي ولّده تراجع “واشنطن” عن متابعة الملفات الساخنة في المنطقة.

2- الصين: أنجزت قفزات نوعية في سياستها الخارجية الاقتصادية والسياسية، ولا سيما المشاريع المنضوية في إطار مبادرة “الحزام والطريق”، وانضمام عشرات الدول إليها. وتعميقًا لنفوذها الاقتصادي والجيوسياسي، وقعت بكين، في 27 آذار/ مارس 2021، اتفاقية تعاون إستراتيجي مع طهران، لمدة 25 عامًا، فيما يمكن اعتباره ترسيخ الاقتصاد كمكون له الصدارة في السياسة الخارجية للدول الكبرى. ويعتبر “محمد باقر قاليباف”، الرئيس الحالي للبرلمان الإيراني، أن توقيع هذه الاتفاقية يعدّ عنصرًا مهمًا في تنامي قوة إيران، في إطار التوجه نحو آسيا وآسيا الوسطى، للوصول إلى مقاربة متوازنة تتمحور حول الاقتصاد في السياسة الخارجية[6]. ويخطئ من يظن أن تلك المبادرة الكونية التي أطلقتها “بكين” لا تنطوي إلا على محتوى اقتصادي؛ بل هي إستراتيجية سياسية بامتياز، ولكن حرفيتها تنبع من كون صانع المبادرة أخفى مكونها غير الاقتصادي وطموحات النفوذ السياسي، عن شكلها الخارجي الذي بدا وكأنه باقة جميلة من المشاريع الاقتصادية العملاقة، تسرّ الناظر إليها بالحوافز والمكاسب المالية التي ستنجم عنها. وفي السياق عينه، سيكون على الصين أن تبرهن للعالم بأن نموذج التنمية الذي تروج له، القائم على إعلاء شأن التعاون الاقتصادي بين الدول والمجموعات الإقليمية، وعزل المسائل المتعلقة بحقوق الإنسان والديمقراطية عن هذا النموذج، قابل للتصدير والتطبيق خارج أراضيها. لقد نجحت الصين في توسيع نفوذها من دون إطلاق رصاصة واحدة، وذلك إنجاز بكل المقاييس. وسيفسح التوجه الأميركي الناشئ، بمواجهة روسيا والصين، المجال للقوى الإقليمية الطامحة للعب أدوار أكبر في الساحة الدولية.

3-تعد تجربة الاتحاد الأوروبي من الأنجح في العالم، في الاندماج الاقتصادي بين مجموعة دول وطنية. ويكمن التحدي الرئيس الذي ينبغي على الاتحاد تجاوزه، في إرساء إستراتيجية متكاملة، سياسية واقتصادية واجتماعية، تعمل على تجاوز الأضرار التي خلفتها إدارة كورونا على البنيان المؤسساتي للاتحاد، ومظاهر الاعتراض الشديد الذي عبّرت عنه دول، كإسبانيا وإيطاليا وغيرها، احتجاجًا على تقاعس مؤسسات الاتحاد عن مساعدتها، في عز المحنة التي مرت بها في مواجهة الجائحة.

وتبقى معضلة الاتحاد الأوروبي، على الصعيد الدولي، في أنه أخفق في بلورة إستراتيجية واضحة من شأنها تعبيد الطريق من أجل التوصل إلى حلول جذرية لجملة قضايا سياسية ساخنة؛ كالصراع العربي-الإسرائيلي، وسورية، والعراق، وليبيا. وقد بدا السقف الأعلى لبروكسل، في هذا المجال، إطلاق المواقف والتصريحات الكلامية التي “لا تُسمن ولا تُغني من جوع”. أما النجاح الرئيسي للاتحاد الأوروبي، فاقتصر على تمكنه من إرساء مجموعة قواعد دولية تعزز التعاون الاقتصادي.

4-بالنسبة إلى الدور الروسي، فسيكون تحت مجهر المتابعة عن كثب، من أجل رصد مدى تمكن هذا البلد من لملمة آثار الخسائر الناجمة عن انخفاض أسعار النفط، وتراجع الصادرات. كما طرأت عوامل ضغط إضافي على القيادة السياسية الروسية، تجلت في سياسات العقوبات على مسؤولين روس، بدأت بتطبيقها “واشنطن” و”بروكسل”، ودخلنا في دوامة الإجراءات والإجراءات المضادة. وستشكل تلك النيران غير الصديقة التي تتعرض لها موسكو، اختبارًا، بالحديد والنار، لعزم روسيا ورغبتها بالعودة بقوة إلى الساحة الدولية، ونجاحها في لعب أدوار مؤثرة في ليبيا واليمن والقضية الفلسطينية، فضلًا عن تثمير إنجازاتها الجيوسياسية في سورية وأوكرانيا، وأخيرًا في الحرب بين أرمينيا وأذربيجان.

5-أظهرت أزمة كورونا، بصورة جلية، الحاجة إلى إعادة النظر بدور الدولة وتدخلها في الحياة الاقتصادية الداخلية، مترافقة مع عودة الحديث عن إحياء مظاهر دولة الرفاه الاجتماعي التي توفر الخدمات الأساسية للمجتمع، كالطبابة والتعليم وضمان الشيخوخة والعمل. والمثال الأوضح لهذا التوجه يظهر عبر تهافت معظم دول العالم لشراء اللقاحات المضادة لكورونا، وتقديمها مجانًا لشعوبها. وبرأينا أن إعادة النظر هذه بدور الدولة تتزامن وضرورة وضع ضوابط للنموذج الاقتصادي الأكثر شيوعًا في العالم، وليس بالضرورة الأكثر نجاحًا، أي النظام الليبرالي المبني على اقتصاد السوق. وهو ما يستوجب إجراء نقاش معمق حول العولمة وأخواتها، وضرورة تأمين خط سيرها في إطار ما يفيد في تعزيز مفهوم الترابط interdependence وتعزيز التبادل التجاري بين الدول. ويقتضي القول أن أسوأ ما قد تفضي إليه هذه الجائحة هو تعزيز التيارات والأحزاب الشعبوية والقومية المتطرفة، وما ينجم عن ذلك من مطالبات بمزيد من السياسات الحمائية التي ستؤدي إلى التقوقع داخل حدود الدولة الوطنية، والخاسر الأكبر سيكون التعاون الدولي والنشاط الدبلوماسي بصوره المتعددة.

ثالثًا-آثار الجائحة على العمل الدبلوماسي:

ليس من المبالغة القول إننا قد ننتظر جيلًا أو جيلين، حتى نتمكن من رصد التأثيرات كافة التي تسببت بها كورونا، على المسار الإنساني ككل، وعلى الشؤون الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية، بشكل عام؛ نحن أمام ظاهرة تركت بصمتها على دورة التاريخ، إلى حد الحديث عن التأريخ للعلاقات الدولية قبل العام 2020 وبعده، على غرار ما يشير إليه المؤرخون اليوم عن الحرب الباردة، كمرحلة فاصلة وحاسمة في العلاقات الدولية. وفي ما يتعلق بالدبلوماسية، يمكن أن نجري تقييمًا أوليًا يرصد تحولات العمل الدبلوماسية، شكلًا ومضمونًا.

1-في الشكل: وفرت التقنيات الحديثة وسائل شتى للدبلوماسية لتستمر عجلة العمل فيها، فتم ذلك عبر الاجتماعات الافتراضية؛ غدا من الطبيعي بأن تعقد يوميًا مئات اللقاءات الدبلوماسية بين أشخاص تفصل بينهم آلاف الكيلومترات. حتى في المعاملات الإدارية اليومية للعمل الدبلوماسي، عمل المسؤولون على التكيف مع الشروط الصحية الطارئة، وقواعد التباعد الاجتماعي، عبر اللجوء إلى تقنيات “الدبلوماسية الإلكترونية”، ولنا في ما يحصل في وزارة الخارجية اللبنانية، ومديرية الشؤون السياسية التي أعمل فيها حاليًا، تحت قيادة السفير غادي الخوري، أسوة حسنة؛ فأمام الحاجة إلى إنجاز البريد اليومي بصورة سريعة، يقوم مدير الشؤون السياسية بتوقيع العديد من المراسلات بصورة إلكترونية، وفقًا لتطبيق خاص لهذه الغاية. والنتيجة أن المعاملات التي تُنجز إلكترونيًا في غضون دقائق توفر كثيرًا من الجهد البشري والوقت والمال.

2-أما في المضمون، فعلى الرغم من أننا لسنا من أنصار الدبلوماسية الافتراضية، ونظن بأن عقد الاجتماعات عبر التقنيات الإلكترونية قد يؤثر في مخرجاتها أو نتائجها، فلنا أن نتصور وضعنا الكارثي، لو لم تُتح الثورة التكنولوجية مثل تلك البدائل. كما لا نرى أي بديل عن الدبلوماسية التقليدية التي يلتقي فيها أناس، من لحم ودم، فيختلفون ويتباعدون في المواقف، لكن العامل الإنساني الكامن في تأثير الأشخاص على بعضهم البعض، ولغة التخاطب والجسد، كفيلان، في بعض الأحيان، بتقريب وجهات النظر والتلاقي على كلمة سواء، خلافًا لواقع الحال في اللقاءات الافتراضية. وبناء على ذلك، لا أجد بدًا من الاعتراف بأن الثورة التكنولوجية، المولودة من رحم تضخم مفاهيم العولمة وتوسعها وربطها للعالم، أتاحت فرصًا غير مسبوقة للدبلوماسية، تلامس حدّ الخيال العلمي.

وفي إطار متصل، باتت “الدبلوماسية المدمجة”، أي عقد اجتماعات حضورية وافتراضية في آن معًا، تمثل نمطًا يمكن اللجوء إليه، في الحالات التي تستدعي إرسال إشارات سياسية قوية إلى الأطراف المعنية؛ فمن أجل التعبير عن عودة الحرارة إلى العلاقات الأميركية-الأوروبية، بعد الأضرار الجسيمة التي حاقت بها من سياسات الرئيس ترامب، عبر اعتماده دبلوماسية العقوبات، زار وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن العاصمة البلجيكية بروكسل، بغية إجراء محادثات مكثفة مع المسؤولين الأوروبيين، وبعدها بأيام، أي في 25 آذار/ مارس من العام الجاري، عقد زعماء الاتحاد قمة افتراضية مع الرئيس جو بايدن، لاستكمال المناقشة بعمق للمسائل والقضايا ذات الاهتمام المشترك للجانبين[7].

3-في التداخل الحاصل في الدبلوماسية بين مكونات عدة؛ يظهر لراصد آليات تعميق العلاقات بين الدول والمجموعات أن الدبلوماسية غدت آلة تصهر فيها العناصر السياسية والعسكرية والاقتصادية ضمن بوتقة واحدة، فيكون منتجًا جديدًا له خصائص مختلفة. ولهذا، أصبح ضروريًا للمسؤول العسكري أن يلم بالملفات السياسية والاقتصادية، والعكس ينطبق على الدبلوماسي، كما سيتبين لنا لاحقًا، من خلال عرض أربعة أنماط:

أ-قام الوزيران الأميركيان: الخارجية أنتوني بلينكن، والدفاع لويد أوستن، بزيارة إلى اليابان، في 16 آذار/ مارس 2021، ولقاء نظيريهما اليابانيين، ضمن ما يعرف باجتماعات “مجموعة 2+2”. وأفادت الخارجية الأميركية بأن اللقاء شدد على أن “التحالف بين البلدين لا يزال حجر الزاوية للسلام والأمن والازدهار، في منطقة المحيطين الهندي والهادي. وشمل النقاش التعاون في الأولويات العالمية؛ بما في ذلك تعزيز الديمقراطية والتصدي للتهديدات النووية لكوريا الديمقراطية، والتعافي من كورونا، ومعالجة أزمة المناخ”. إذًا، تؤشر اجتماعات (2+2) إلى حال التداخل الحاصل في عناصر النشاط الدبلوماسي[8].

ب-زار قائد “القيادة العسكرية المركزية الأميركية” الجنرال كينيث ماكينزي لبنان، حيث التقى قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون، وكبار الضباط، مجددًا التأكيد على أهمية الشراكة القوية بين الولايات المتحدة والجيش، خصوصًا أن لبنان يواجه تحديات اقتصادية كبيرة. ورافق الجنرال السفيرة الأميركية لدى لبنان والملحق العسكري في بيروت. تضمنت الزيارة إلى لبنان اجتماعات في السفارة الأميركية، وزيارات لمحطة ضخ المياه والطاقة الشمسية الممولة من “الوكالة الأميركية للتنمية الدولية”، إضافة إلى زيارة منشآت عسكرية للاطلاع على عمليات الجيش اللبناني[9]. وبذلك؛ يتوضح لنا أن العنصر الاقتصادي يتوازى في أهميته مع الأمني والسياسي في العمل الدبلوماسي، أما التداخل الحاصل فيه، فيوجب على القائد العسكري متابعة تلك العناصر وإيلاءها الاهتمام.

ج-يمكن أحيانًا للدبلوماسي أن يواكب ويشرف على تعميق التعاون العسكري بين بلده والبلد المعيّن فيه؛ فقد قامت السفيرة الفرنسية في بيروت “anne grillo” بزيارة الفوج المضاد للدروع في الجيش اللبناني، في 31 آذار/ مارس 2021، بمناسبة حفل تسليم هبة معدات عسكرية فرنسية، تبلغ قيمتها أكثر من 4.2 مليون يورو، وتشمل 50 محطة إطلاق نار من طراز ميلانو و100 كاميرا مراقبة ليلية. تترجم هذه الهبة الاهتمام الكبير الذي توليه باريس لتطوير قدرات الجيش اللبناني والتعاون العسكري، لا سيما تعزيز قدراته في مجال مكافحة الإرهاب. ومنذ العام 2017، قدمت فرنسا للوحدات العسكرية اللبنانية معدات تبلغ قيمتها 60 مليون يورو[10].

د-مكن التطور الهائل في تقنيات جمع المعلومات، مع الآفاق اللامتناهية التي وفرتها تطبيقات علوم الذكاء الاصطناعي (AI)، من تنشئة دبلوماسيين وأمنيين قادرين على الوصول إلى مصادر المعلومات وقواعد البيانات المتضمنة معطيات حساسة، من دون الحاجة إلى الحضور المادي على الأرض. ولقد أضافت الجائحة تحديات جديدة، انضمت إلى تلك الدائمة، ويمكن تلخيصها بثلاثة تحديات: الحرب النووية؛ التغيير المناخي؛ الذكاء الاصطناعي.

ينبغي الإقرار بأن أي دولة في العالم لم تنجح، وإن كان لديها ترسانة عسكرية وعلمية كبيرة، في بناء حائط صد يمنع تسلل فيروس لا يمكن رؤيته بالعين المجردة، وقد نجح في وقف حركة الاقتصاد والمجتمع. وتمكنت التقنيات الإلكترونية الحديثة من صنع جاسوسية من دون جواسيس؛ إذ يكفي الضغط على أزرار على لوحة كومبيوتر، ليجري اقتحام أهم الملفات السرية المحفوظة في وزارات الخارجية أو الدفاع أو المالية. وباختصار: إن دبلوماسية “الجدران المرتفعة” حول الحدود الوطنية سقطت، أو أنها أصبحت من دون جدوى؛ فالعالم كله انتقل في تكوينه الواقعي من حالة “القلاع المتحاربة” إلى القرية المنفتحة، ولكن غير المتسامحة. وهنا المشكلة[11].

إن الهدف من عرضنا لتلك التحديات الجديدة يأتي في سياق إبراز جسامة المهام الملقاة على عاتق ممثل بلده، خارج أرض الوطن وداخلها، والبيئة غير الصديقة التي عليه التعامل معها، من أجل حماية مصالح بلده، مع ضرورة تأدية العمل في الخارج عبر احترام اتفاقيتي فيينا للعلاقات الدبلوماسية (1961) والقنصلية (1963)، وعدم تجاوز ما نصت عليه من أحكام بشأن أصول وطرق العمل الدبلوماسي.

رابعًا- الدبلوماسية الأمنية في البعثات:

شهدت الوظائف الأمنية في البعثات الدبلوماسية تزايدًا مضطردًا، في أهميتها وفي مردودها الإيجابي على الدولة الموفدة؛ فوظيفة الملحق العسكري أو الأمني لها جوانب متعددة منها:

-متابعة الشؤون العسكرية في الدولة المعتمد لديها وتفعيل التعاون الأمني بين البلدين.

-توقيع اتفاقيات لتبادل الدورات التدريبية وصقل المهارات للضباط اللبنانيين في الخارج.

-جمع المعلومات عن القوة العسكرية للدولة المضيفة، ونوعية القيادة العسكرية فيها، وطبيعة ووضع ومصدر الأعتدة العسكرية فيها، وغيرها من المعلومات ذات الصلة. وقد تتضمن تقارير الملحق العسكري رسومًا لأنظمة الأسلحة الجديدة التي عُرضت في احتفال عسكري، وصورًا عن منشآت عسكرية إستراتيجية، ورسومًا عن مواقع تكتيكية كالجسور والمصانع والتسهيلات في المطارات والمرافئ البحرية ومساحات الملاجئ وطرق السير المراقبة[12].

-جمع المعلومات الأمنية المفيدة، بما يساعد صانع القرار السياسي والعسكري في استشراف التطورات واتخاذ الإجراءات الاستباقية لدرء أي تهديد للأمن في لبنان.

-التنسيق مع الأجهزة الأمنية الصديقة وتبادل المعلومات معها في القضايا ذات الاهتمام المشترك.

-التعاون مع مغتربي البلد الموفد، بغية الحؤول دون اختراقهم أو تعرض أمنهم الاقتصادي للخطر، وفي ذلك صون للأمن القومي وحماية للدور الاقتصادي والثقافي الحيوي الذي يؤديه الانتشار في البلد المضيف.

-العمل على رصد واغتنام فرص تأمين مساعدات عسكرية للجيش وللأجهزة الأمنية، فضلًا عن نسج الروابط التي تخدم هذا الهدف في بلد الاعتماد.

والواقع أن أهمية دور الوظيفة الأمنية في البعثات الخارجية لم يعد كلامًا نظريًا قط، بل هو واقع ملموس؛ فإثر افتتاح السفارة والقنصلية العائدة لها في “أبو ظبي” و”دبي”، أعلنت السلطات في “أبو ظبي و”تل أبيب” أنها قررت تبادل ملحقين لجهازي الشرطة في كل بلد. وقالت إن ملحق الشرطة في الإمارات سيكون ضابطًا كبيرًا برتبة مقدّم، كما هو متعارف عليه في سفارات هذا البلد حول العالم، وسيعين لأربع سنوات، وسيكون مسؤولًا عن العلاقة بين جهازي البلدين، بالإضافة إلى التنسيق والتعاون بينهما على مكافحة الجريمة وعصابات المافيا والاحتيال. وأشار وزير الأمن الداخلي في هذا البلد إلى أنه اتفق ونظيره الإماراتي على هذا التعاون، مردفًا أنه منذ إبرام السلام مع الإمارات، جرى العمل على تعميق العلاقات والتعاون في مجالات عدة متعلقة بالأمن الداخلي[13].

وتأكيدًا لأهمية الدبلوماسية الأمنية بحد ذاتها، بات افتتاح ملحقية عسكرية لبلد ما (وليس إنشاء سفارة بكامل أقسامها) هو الحدث الذي تسلط عليه الأضواء الإعلامية المكثفة، حيث يشارك في فعالياته مسؤولون عسكريون رفيعو المستوى. ومن الطبيعي أن يكون القصد من وراء تلك المشاركة توجيه رسائل بأبعاد مختلفة، متجاوزةً الطابع الفني لمثل هذا الحدث؛ إذ تغدو المشاركة ذات مدلولات سياسية وعسكرية، فضلًا عن أنها تعكس الرغبة في تعميق الروابط بين البلدين الموفد والمضيف؛ وها هو رئيس الأركان العامة السعودي، الفريق أول “فياض الرويلي”، يفتتح حضوريًا المقر الجديد للملحقية العسكرية السعودية في العاصمة الإماراتية. وقد أكد “الرويلي” أن هذا الحدث يعكس دعم القيادة السياسية السعودية لتعزيز العلاقات بين البلدين الشقيقين في جميع المجالات، ولا سيما في الميدان الدفاعي والتعاون العسكري، معتبرًا ذلك امتدادًا لجسور التعاون والتواصل المثمر بين بين القوات العسكرية السعودية والإماراتية، فضلًا عن أنه يجسد وسيلةً لتقديم أفضل الفرص التعليمية والدورات التدريبية للطلاب العسكريين[14].

ولعل ما جرى شرحه آنفًا يجيز لنا إبراز أهمية العمل الأمني في الخارج، في سياق النشاط الدبلوماسي بعناصره السياسية والاقتصادية والعسكرية؛ فكلها باتت تشكل حلقة مترابطة ومترامية الأطراف. وقد يكون الوقت مناسبًا للنظر في كيفية تطوير عمل الملحقين العسكريين، في العديد من دول العالم، عبر مأسسته، واعتبار هذا الموقع منصة متقدمة، تتيح الصعود إلى مواقع قيادية عليا.

وبما أن الشيء بالشيء يذكر، نشير إلى أن الرئيس التونسي السابق “زين العابدين بن علي” شغل موقع الملحق العسكري في “الرباط” و”مدريد”، قبل أن يصبح رئيس الدولة. والأمر عينه ينطبق على الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي”، حيث تولى منصب ملحق الدفاع في العاصمة السعودية “الرياض”. وكنت شاهدًا، أثناء عملي في سفارة لبنان في “لندن”، بين عامي 2003 و2006، على أنشطة الملحقية العسكرية المصرية برئاسة اللواء “محمود حجازي” الذي ختم حياته العسكرية رئيسًا لأركان الجيش المصري. وأما الاحتجاج بوجود أزمة اقتصادية خانقة تعصف في بلد كلبنان، فالرد على هذا المنطق يتم بالتأكيد أن النشاط الدبلوماسي في الخارج لأي بلد هو الاستثمار الأمثل، وسيكون له مردود اقتصادي، سيفوق بأشواط قيمة الاعتمادات المالية المرصودة له. الواقع أن الوجود الدبلوماسي في الخارج هو الرصيد الإيجابي الذي سيساعد على تجييش الطاقات الاغترابية والدولية.

خامسًا- نقاش فكري بشأن إعادة النظر بالنظام الدولي:

بالرغم من الأوضاع الصعبة الناشئة عن هذه الجائحة التي ضربت دول العالم، يبقى لها الفضل بأنها بثت حيوية لافتة في شرايين الأبحاث الفكرية الرصينة التي ظهرت أخيرًا، وركزت على السعي لمحاولة إيجاد بديل عن النظام الدولي الحالي، الواقع تحت سيطرة الغرب منذ قرنين من الزمن؛ فوفقًا لأصحاب هذا الطرح المتقدم لم يعد النظام الدولي، بأركانه الرئيسية، قادرًا على البقاء على قيد الحياة. ها هو المفكر الأميركي البارز الدكتور “ريتشارد هاس” (دبلوماسي مخضرم سبق له أن شغل منصب مدير التخطيط السياسي في وزارة خارجية بلده) يدشن، في مقالة له بعنوان “المجلس التشاوري الجديد للقوة الدولية”، مبادرة فكرية تعكس في طياتها قبولًا بنهاية النظام الدولي، بصيغته الحالية التي ترتكز على آلية حل النزاعات بالاستناد إلى دور المؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة وغيرها، ولا سيما عبر مجلس الأمن وحق النقض الذي يتمتع به الأعضاء الخمسة الدائمون. وفي هذا الإطار، يرى “هاس” أن النظام الدولي الذي أسسه الغرب (بقيادة الولايات المتحدة الأميركية) بعد الحرب العالمية الثانية، لم يعد قادرًا على أن يشكل ركيزةً للاستقرار في القرن الحادي والعشرين، ويقول “إن الآلية الأنسب لتعزيز السلام الدولي تكمن في مجلس توافقي مؤلف من القوى الدولية البارزة. وقد علمتنا تجربة المجلس الأوروبي في القرن التاسع عشر (بريطانيا، فرنسا، روسيا، بروسيا، النمسا) أن إنشاء مجموعة قيادة للدول التي تتصدى للشؤون الدولية من شأنه الحد من الطموحات الجيوسياسية والأيديولوجية الجامحة، والأخيرة عادةً ما تترافق والنظام الدولي القائم على التعددية”[15].

ويكمل “هاس” شرح مضمون مشروعه الفكري الجديد، مشددًا على أنه، “خلافًا لواقع الحال في مجلس الأمن الذي يجسد في عمله منصةً لإطلاق المواقف العلنية، فإن المجلس التوافقي المقترح سيكون أداةً دائمة للحوار الإستراتيجي الرامي إلى إدارة وتحييد عددٍ من القضايا الجيوسياسية، بين دول مختلفة أيديولوجيًا في أنظمتها السياسية. كما سيكون هذا المجلس ذا طبيعة استشارية، ولا يتمتع بسلطة تقريرية، وهو سيتصدى لمعالجة أزمات ناشئة، إضافة إلى كونه منبرًا غير رسمي يساعد في اتخاذ قرارات بالتوافق بين القوى الدولية الأساسية. ويتألف المجلس من 6 أعضاء هم: الصين، اليابان، الولايات المتحدة، روسيا، الهند، الاتحاد الأوروبي. وهؤلاء الأعضاء يمثلون ما يقارب سبعين بالمئة من الناتج العالمي ومن الإنفاق العسكري في العالم”[16].

للوهلة الأولى، يبدو أن المقاربة المبتكرة التي عرضها “هاس”، لإحداث تحوّل إيجابي في العلاقات الدولية، هي جديدة تمامًا، وقد تتناقض مع الرؤيا الأميركية للنظام الدولي المنشود، لكن التمحيص المتأني لمضمونها يفيد بأنها ليست سوى قراءة محدثة وعصرية لنسق فكري متكامل، وضع أساساته المفكر الإستراتيجي “هنري كسنجر”، ولا سيما من حيث الدعوة إلى إرساء نظام عالمي متعدد الأطراف، على أن يناسب ببنائه المصالح الأميركية. ومن الجدير هنا الإشارة إلى أن هذا النظام الأميركي المقترح يختلف في أهدافه وآليات عمله عن النظام المتعدد الأطراف الذي تدعو له حاليًا الصين وروسيا؛ حيث إن العبرة الأساسية المستقاة من التاريخ، عند كسنجر، تكمن في أن “التحول نحو عالم متعدد الأقطاب سيكون أفضل لأميركا، ولباقي دول العالم، ولا سيّما إذا ما استطاعت الأولى فهم طبيعة هذا التحول والتحكم فيه”[17]. ويشرح “كسنجر” فكرته بالقول: “إن وجود قوى دولية موازية بثقلها للولايات المتحدة من شأنه أن يفرض نوعًا من الانضباط على الاندفاعة الأميركية المتسرعة أحيانًا على الصعيد الدولي، فضلًا عن أنه يمكن أن يضع حدًا لميل القوى الدولية لإيجاد حلول مجردة (abstract) للمشاكل العالمية. وفي هذا الإطار، يمكن للدبلوماسية الأميركية أن تعتمد على هامش المناورة الواسع لديها، وعلى أفكارها الخلاقة، وخيالها المهني الخصب، مما يوفر مساحة جديدة للحركة والابتكار في الساحة الدولية”[18].

وخلافًا للانطباع السائد بشأن وجود نفور أميركي من تلك الأفكار، يبدو جليًا أنّ لولوج مرحلة تعددية الأقطاب في العلاقات الدولية أساسًا فكريًا متينًا يعود لسنوات الصراع الملتهب أثناء الحرب الباردة. ومن الواضح أن نقاشًا نظريًا قد انطلق، على هدي الدمار الذي أحدثته الجائحة، يمكن أن يكون واعدًا بنتائجه، إذا ما تم تأطيره في سياق الجدال البنّاء بين مدارس فكرية متعددة، بغية إرساء نسقٍ مختلف للعلاقات الدولية، وما يمكن أن يتمخض عنه من آليات مبتكرة للدبلوماسية الاقتصادية في عصر العولمة.


[1] (الموقع الالكتروني لصحيفة wall street journal www.wsj.com 18-1-2021)

[2] (www.statista.com 31-3-2021)

[3] (www.worldbank.org)

[4] (William worley,www.devex.com 1-3-2021)

[5] (www.history.com 21-2-2020)

[6] (صحيفة الشرق الأوسط 29-3-2021)

[7] (l orient le jour -scarlett haddad-27-3-2021)

[8] (علي بردى-صحيفة الشرق الأوسط-17-3-2021)

[9] (صحيفة الشرق الأوسط 16-3-2021)

[10] (صحيفة النهار-1-4-2021)

[11] (محمد السماك، صحيفة النهار، بيروت، 25-3-2021)

[12] (صلوخ، فوزي، المجلة اللبنانية للإدارة، العدد الرابع، بيروت، ربيع 1999)

[13] صحيفة الشرق الأوسط-16-3-2021

[14] صحيفة المدينة السعودية، 27-5-2021

[15] Richard haass and Charles kupchan , foreign affairs review, 23-3-2021

[16] Richard haass and Charles kupchan , foreign affairs review, 23-3-2021

[17] Robert Zoellick, America in the world, twelve (12), new York, 2020, p.383

[18]   Robert Zoellick, America in the world, twelve (12), new York, 2020, p.383