المحتويات

أولًا: عودة الإسلام

ثانيًا: الطابع المؤسسي للإسلام في إسبانيا

ثالثًا: الهجرة الجماعية وظهور قيادة جديدة

رابعًا: تفجيرات مدريد

خامسًا: روابط دولية

سادسًا: العدل والإحسان

سابعًا: عودة الإخوان

ثامنًا: الوجود السلفي

الاستنتاجات

 

 

 

أولًا: عودة الإسلام

بدأ تاريخ الإسلام الطويل في إسبانيا عام 711، عندما هبط القائد المسلم طارق بن زياد في المكان الذي يحمل اسمه الآن “جبل طارق”. ذهب المسلمون الذين قادهم إلى احتلال شبه الجزيرة الإيبيرية معظمها التي أطلقوا عليها اسم الأندلس، وطوروا حضارة مزدهرة استمرت حوالى 800 عامًا.

في النهاية، على الرغم من التفكك والانحدار الذي حدث في آخر موقع إسلامي “غرناطة”: استُعيدت من “إيزابيلا الأولى” ملكة قشتالة و”فيرديناند الثاني” ملك أراغون عام 1492. شهد الملوك الكاثوليك النصر بالتوقيع على معاهدة مع السلطان أبي عبد الله، سُمح بموجبها للمسلمين بالبقاء ومنحهم درجة من التسامح الديني.

لكن المعاهدة لم تحترم. كجزء من توطيد إسبانيا بوصفها دولة قومية، اضطر المسلمون واليهود إلى الاختيار بين التحول إلى المسيحية أو الذهاب إلى المنفى. أولئك الذين اعتنقوا المسيحية -أو تظاهروا باعتناقها- عُدّوا طابورًا خامسًا للأتراك. وأخيرًا، في 1609 وقع فيليب الثالث على أمر طرد ما يقدر بنحو 300.000 شخص.

خلال القرون الثلاثة ونصف القرن اللاحقة، كان الوجود الإسلامي في إسبانيا لا يكاد يذكر في ما عدا مدينتي “مليلة” و”سبتة”، وهما منطقتان على الساحل المغربي تحتلهما إسبانيا منذ القرنين الخامس عشر والسادس عشر، على التوالي.

لقد أُجبر المغرب على الاعتراف بالسيادة الإسبانية على الأراضي المتنازع عليها في معاهدة واد-راس عام 1860 التي وضعت حدًا لما يسمى بـ “الحرب الأفريقية” وفتحت الباب لتسوية أوضاع المسلمين واليهود في المدينتين. وقد ازدادت أعدادهم في ثلاثينيات القرن العشرين بسبب إنشاء المحمية، التي جلبت معها التنمية الاقتصادية.

ومع ذلك، بقي عدد المغاربة الذين يعيشون في سبتة ومليلة منخفضًا، ولم يشكلوا سوى نسبة ضئيلة من السكان. إضافة إلى ذلك، مُنِحوا وضع “الإقامة” فقط، حتى لو كانوا قد ولدوا في المقاطعة.

بدأت الموجة الأولى من وصول المسلمين إلى قلب إسبانيا في التاريخ الحديث في الخمسينيات من القرن الماضي، وتسارعت في منتصف الستينيات نتيجة للعلاقات الممتازة بين نظام فرانكو والعالم العربي. جاء عشرات آلاف من الشبان من سورية ومصر وفلسطين والأردن ولبنان والمغرب لدراسة الطب وغيرها من الشهادات المهنية في الجامعات الإسبانية. كانت جاذبية إسبانيا للطلبة العرب في السياق الأوروبي واضحة؛ مقارنة بالبلدان الأخرى، قدمت إسبانيا عددًا أقل من القيود البيرقراطية، وانخفاضًا في تكاليف المعيشة، ومنحًا دراسية، ومساعدات مالية خلال إقامة الطالب.