أثار إلغاء منصب المفتي العام[1] في سورية عاصفة إعلامية، برّرها حجم المنصب ودلالته، باعتباره أعلى “كرسي روحي للسنّة”، بما يحمل هذا الإلغاء من مضامين سياسية، وتبعات اجتماعية واقتصادية، وبما يستبطن من مؤشرات نظرية وسلوكية تعبّر عن أهداف النظام، وطريقة تعاطيه مع الشأنين الديني والعام.

وأضاف توقيت صدور المرسوم 28، المتضمن إلغاء المنصب، مزيدًا من الغموض والتداخل بين الأسباب الشخصية للعزل وإلغاء المنصب، وبين اندراجه ضمن القرارات الإستراتيجية للنظام، الهادفة إلى تكريس واقع بديل يتمم نتائج الحرب كواقع نهائي، ويتقاطع مع أجندات سياسية ومذهبية لأطراف خارجية تسعى لمزيد من التغلغل والنفوذ ضمن النسيج السوري الممزق، مستفيدة من كسر الهوية الفرعية لغالبية السوريين.

وفيما لم يستلزم عزل المفتي من منصبه أي إجراء إداري، لانتهاء ولايته وشغور المنصب رسميًا، واكتفى النظام بتمرير الوقت من دون التجديد له أو تسمية البديل، جاء مرسوم إلغاء المنصب نهائيًا، بعد تفسيرات من المفتي لمعنى “التين والزيتون” في القرآن، وردّ عليه المجلس العلمي الفقهي، علمًا أنه كان عضوًا فيه بصفته التمثيلية مفتيًا، واعتُبر الردّ بمنزلة الإشارة الرسمية من النظام لانتهاء صلاحية المفتي ودوره كشخص، لكنها لم تُفسّر خطوة إلغاء المنصب.

ولعبت الظروف الداخلية الصعبة، بالإضافة إلى شخصية المفتي أحمد حسون المتلونة، دورًا في تقليل الجدل الداخلي، مقارنة بالجدل الذي واكب صدور المرسوم 16/ لعام 2018، الذي أفضى بفعل الضغطين الشعبي والإعلامي إلى تراجع جزئي عن المرسوم، مرّره النظام لاحقًا عبر مجلس الشعب، تحت مسمى القانون 31/ لعام 2018، بنسخة منقحة لغويًا، حملت في طياتها الحدّ من صلاحيات وزارة الأوقاف في ما يخص تدخلها في الشأنين الإعلامي والثقافي[2]، لكنها مع ذلك لم تمنع التخوفات من تغول وزارة الأوقاف، ومن تأميم القطاع الديني، وجعله أحد أدوات السيطرة والتحكم في المجتمع على الصعيد الراهن، وأحد أدوات هندسة المجتمع السوري على المستوى البعيد.

أولًا: منصب المفتي بين التاريخ والسياسة

خلافًا للخمسة الذين سبقوه في المنصب، تم تعيين أحمد بدر الدين حسون، عام 2004، بموجب مرسوم رئاسي مفتيًا عامًا للبلاد، من دون حصول انتخابات في مجلس الفتوى كما جرت العادة، وعُزل بموجب مرسوم رئاسي، ليقترن مرسوم إقالته بإنهاء منصب المفتي العام لسورية المعمول به منذ عام 1918، وتذويب صلاحياته الدينية والروحية ضمن مجلس علمي فقهي استحدثته وزارة الأوقاف حديثًا ضمن هياكلها الحكومية التنظيمية والإدارية، بموجب القانون 31 لعام 2018.

وإذا كان مرسوم تعين المفتي أحمد حسون من قبل بشار الأسد من دون انتخابات قد ألغى فاعلية مجلس الفتوى، وتوازناته التمثيلية، ودوره باختيار المفتي العام، فإن التعيين قد استلحق رمزيًا وفعليًا دائرة الإفتاء بالسلطة السياسية بشكل كلي، وأفقد منصب المفتي حصانته التمثيلية والشعبية، ونزع عن المؤسسة الدينية أي هامش تباين أو استقلال عن السلطة السياسية، حتى على المستوى الشكلي، وأدى إلى تحول المفتي من رمز إلى مجرد موظف ديني كبير معين من النظام، وتابع له.

واستكمل القانون 31 عملية تقزيم المفتي ومنصبه بتخفيض رتبته من موظف كبير يتم تعيينه من أعلى هرم السلطة، إلى موظف يقترح الوزير تسميته، ما يعني فعليًا تخفيض مرتبته المعنوية، ودرجته الوظيفية، فضلًا عن تحديد السقف الزمني لولايته بمدة ثلاث سنوات.

وتاريخيًا، من ضمن الستة[3] الذين شغلوا منصب المفتي العام في سورية منذ عام 1918، استمر ثلاثة منهم على كرسي المفتي إلى حين وفاتهم، وهم محمد عطا الكسم، ومحمد شكري الأسطواني، وأحمد كفتارو.

ويُعدّ المفتي أحمد كفتارو صاحب أطول فترة زمنية شغلها سوري في هذا المنصب، فامتدت ولايته إلى أربعين عامًا، وحصل على كرسي الإفتاء العام إثر انتخابات أجراها مجلس الإفتاء عام 1964، حصل بموجبها أحمد كفتارو المدعوم من البعث على 18 صوتًا من المجلس، مقابل 17 صوتًا للشيخ حسن حبنكي[4].

وكان المفتي عبد الرزاق الحمصي قد شغل المنصب لأشهر فقط، كفترة انتقالية توسطت بين عزل أبو اليسر عابدين، وبين تنصيب أحمد كفتارو، وتعرض المفتي أبو اليسر عابدين إلى عمليتي عزل خلال ولايته الممتدة من 1955 إلى 1963، جرت الأولى في زمن الوحدة لمناهضته قرارات التأميم، لكنه استعاد منصبه بعد الانفصال عام 1961، وعُزل ثانية بعد حركة 8 آذار البعثية، عام 1963، من قبل “رئيس مجلس قيادة الثورة” في حينه، لؤي الأتاسي.

وبغض النظر عن الطبيعة الانتقالية للمفتي عبد الرزاق الحمصي، فإن الأسباب السياسية المباشرة شكّلت الدافع الرئيس لعزل المفتين الثلاثة، (أبو اليسر عابدين، عبد الرزاق الحمصي، أحمد حسون)، وانفردت الجهة البعثية كجهة داخلية وحيدة وراء قرارات العزل الثلاث في التاريخ السوري، كما انفردت حاليًا بقرار إلغاء المنصب.

الهياكل التنظيمية البديلة لمنصب المفتي

بدأ تجويف منصب المفتي وإفراغه من فاعليته المادية والمعنوية مع صدور القانون 31 الذي أنشأ هياكل تنظيمية بديلة لصلاحيات المفتي المسحوبة منه، وأحالها إلى وزارة الأوقاف، ليتعرى المنصب تمامًا، إلا من مسماه المعنوي المتآكل أصلًا بسبب شخصية أحمد حسون بمواقفه المتماهية مع النظام، وفقدانه لحيثيته الشعبية والمناطقية.

وتوزعت صلاحيات المفتي على هيكلين تنظيميين يتبعان لوزارة الأوقاف، ويرأسهما ويشرف عليهما الوزير، أُطلق على الأول منهما المجلس العلمي الفقهي، فيما يُسمى الثاني بمجلس الأوقاف المركزي، واهتم الأول بالمهام الروحية والتشريعية، واختص الثاني بالشؤون المالية والمادية التابعة للأوقاف، وكلاهما نص عليه القانون 31، وحدد الهيكلية العامة لكل منهما، كما حدد المهام المنوطة بهما.

المجلس الفقهي العلمي

تشكّل المجلس العلمي الفقهي بموجب المادة الخامسة من القانون 31، وفي حين تمّت تسمية أحمد حسون عضوًا، وتساوى بذلك مع بقية الأعضاء المعينين من الوزارة أو غيرها، وتمّت تسمية وزير الأوقاف رئيسًا لهذا المجلس، في إشارة رمزية واضحة الدلالة إلى التباين بين رتبة المفتي العام، ورتبة الوزير الذي جرى تعريفه في القانون ذاته بأنه “هو المسؤول عن تنفيذ خطة وسياسة الدولة فيما يختص بالوزارة”[5]، ما يعني هيمنة الوزارة على عمل المفتي، وإلحاقه بها وتبعيته لها رسميًا.

وحظي المجلس العلمي الفقهي، منذ إعلان إنشائه، بأهم وأبرز الانتقادات المرتكزة على التخوف من تمرير المشاريع المذهبية أو التلاعب بالفتاوى الدينية، من خلال التحكم بأعداد ممثلي بعض المذاهب على حساب غيرها، أو من خلال تساوي عدد الأعضاء الممثلين فيه لكل طائفة أو مذهب، ما يجعل، على سبيل المثال، عدد أعضاء السنة فيه متساوين مع عدد أعضاء أي من الطوائف الصغرى، الأمر الذي ينزع عنها صفة الأكثرية أولًا، ويجعلها خاضعة لفتاوى الأكثرية في المجلس، فضلًا عن معطى الشك في الجهة المقررة لاختيار الأعضاء وتوجهاتهم المحابية للنظام، أو لجهات خارجية، بفعل السطوة العسكرية والأمنية لها.

وفيما ترى الفقرة (و) من المادة 7 في القانون 31 أن “تكريس علاقة المودة، وتعميق جذور المواطنة بين السوريين، ومحاربة ظواهر التفرقة تحت شعار الدين” واحدة من مهماته، يمتلك المجلس مروحة من الصلاحيات والمهمات الدينية الشبيهة بالرقابة الأمنية، بدءًا من تحديد أشكال الشعائر الدينية ومواقيتها، ومرورًا بتحديد الخطاب الديني المطلوب، ووصولًا إلى تحديد المسموحات والممنوعات الفكرية والتاريخية، وتصنيفها ضمن قائمة المسموحات أو لائحة التكفير والتطرف الممنوعة.

 ويظهر الشكل التالي الهيكلية العامة للمجلس العلمي الفقهي، وعدد أعضائه كما ورد في القانون 31

مجلس الأوقاف المركزي

وهو المجلس الذي أنشأه القانون 31 ليشرف، كطرف وحيد وحصري، على كل مصالح أملاك الأوقاف الإسلامية، وريوعها، وطرق استثمارها، وتوزيع حصصها الخيرية وغير الخيرية، ومن ضمنها أجور ورواتب العاملين فيها. وبامتلاك الوزارة للقوة المالية المطلقة، من خلال تحكم المجلس المركزي بأملاك جميع الأوقاف، فقد المفتي أيّ عنصر من عناصر القوة السابقة، وتحوّلت وظائفه ومهماته إلى مهمات بروتوكولية وإعلامية.

وكانت المادة 58 من القانون 31 قد حددت حكمًا وجوب نقل جميع ملكيات الأوقاف إلى الوزارة، لتصبح هي الجهة الوحيدة المخولة بالإشراف عليها وإدارتها واستثمارها، ومع هذا الانتقال تساوت ملكية الأوقاف مع ملكية الدولة، وتداخلت معها مرجعيًا، ما يتيح للنظام عبر تشريعات معينة النفاذ إليها لتجييرها لخدمة مصالحه السياسية، أو خضوعها، ضمن منظومة الفساد المتجددة، إلى الانتقال لملكية المتنفذين في السلطة.

وإذا كان الشأن الديني والتشريعي قد احتاج عددًا كبيرًا في المجلس العلمي والفقهي لتمييع المواقف أو تمريرها، فإن إدارة الشؤون المالية والملكيات العقارية قلصت عدد المتحكمين بها، وأولهم الوزير الذي يرأس المجلس، ويضم كأعضاء معاونيه الاثنين، وثلاثة خبراء له حق اختيارهم بلا اشتراطات أو مرجعيات لشخوصهم، بالإضافة إلى أربعة مديرين عامين في الوزارة.

اكتمال إحكام الطوق على الشأنين الديني والمالي في وزارة الأوقاف أحال منصب المفتي المجرد من الأسلحة إلى مجرد وظائف بروتوكولية وإعلامية، الأمر الذي جعل من إزاحته اللاحقة مجرد تفصيل إجرائيبحت.

ويظهر جليًا تحكم الوزير من خلال تركيبة المجلس بالمقدرات المالية الهائلة لوزارة الأوقاف، وبالأخص ضمن الصلاحيات الاستثنائية الكبرى الممنوحة للمجلس بالتصرف بأملاك الوقف الإسلامي السني. وبالمثل، فإن تركيبة المجلس الآنية أو اللاحقة تتيح للنظام إمكانية الاستيلاء على أجزاء من تلك الثروة تحت غطاء الصلاحيات الممنوحة لمجلس الأوقاف بموجب القانون 31.

وتقتصر مسؤولية المجلس على الأوقاف الإسلامية فقط، لأن الأوقاف الكنسية في سورية تخضع لمرجعية مستقلة، ويعود السبب في وجود ممثلين عن الطوائف المسيحية في المجلس الفقهي العلمي إلى ضرورة التنسيق لمناقشة المسائل المشتركة بين الأديان في ما يتعلق بتعزيز الوحدة الوطنية، وكان “اللوغو” الذي أقرته الوزارة عام 2020 قد اقتصر على وجود المئذنة فقط، ما يدعم هذا الرأي غير الموضح في القانون 31.

ثالثًا: التشيّع المتزايد، وإلغاء منصب المفتي

تزايدت باطراد مظاهر التشيّع العلنية في سورية، منذ عام 2011، بعد أن كانت مقتصرة ومحصور في المراكز الدينية الخاصة بالشيعة، وتحولت هذه المظاهر إلى مشاهد مألوفة بفعل الانتشار والتكرار، كاللطم الجماعي في سوق الحميدية، والجامع الأموي في دمشق على سبيل المثال، أو عبر مسيرات الحجاج الجماعية المرددة لهتافات شيعية موحدة.

وارتبط تزايد هذه الظاهرة بمستويات التدخل الإيراني المباشر في الحرب السورية، وزجها بالمزيد من الميليشيات المحلية والخارجية، في كل المناطق السورية، وعلى رأسها حزب الله اللبناني.

ويشير الرصد والاستقصاء التتبعي لنمو النفوذ الإيراني في سورية، وتحليل طرائقه المتعددة والمتسايرة، إلى منهجية متكاملة تسعى من خلالها إيران للتجذر العميق في الواقع السوري لأهداف بعيدة، وأسباب تتخطى نظرية حماية النظام الحالي، ومن أهم هذه الطرائق:

انتشار وترسيخ العلامات والرموز الشيعية

وظهرت العلامات والرموز الدالة على ازدياد التشيع، بداية، كما لو أنها زينة فردية لحامليها، كسيف “ذو الفقار” أو على شكل وشوم ظاهرة، أو تطرزت على البدلات العسكرية كعبارات، مثل: لبيك يا حسين، لبيك يا زينب، وتعددت الصور المعلقة كأيقونات في البيوت والمحال، وهي تصور شخصيات من آل البيت تحيط بها هالات نورانية، وترافقت مع انتشار الأغاني الدينية الشيعية، وتكرارها بصوت عال في الأكشاك والطرقات والحافلات، وصولًا إلى الطقوس الخاصة بمظاهر الاحتفالات الدينية الشيعية الكبرى.

فتح المراكز والمدارس الدينية

إلى جوار استخدامها القوة الخشنة ذات الطابع التدميري لمؤازرة النظام، سعت إيران لتثبيت دعائمها عبر استخدام القوة الناعمة، وبالأخص في قطاعي التعليم والدين، فارتفعت المدارس الشيعية في دمشق، على سبيل المثال، من واحدة وهي المدرسة المحسنية، إلى أربعين مدرسة خاصة، كما ارتفع عدد الحوزات التي تدرس الفقه الجعفري إلى 69 حوزة[6]، وكانت بحدود 20 حوزة قبل الحرب.

ومنح النظام للشيعة عددًا من المدارس الشرعية، بالإضافة إلى عشرات الحسينيات المنتشرة في معظم أنحاء سورية، الخاصة بممارس الشعائر والطقوس الشيعية، فضلًا عن المراقد التي استغلتها إيران، وسعت من خلال ترميمها وتوسيعها للاستحواذ الكلي عليها وعلى إدارتها.

 وكان النظام قد كافأ الإيرانيين على تدخلهم في سورية لصالحه، وأقرّ رسميًا بالسماح بتدريس المذهب الجعفري منذ العام 2014، وابتدأ الإيرانيون تغلغلهم في قطاع التعليم بشكل رسمي، من مدرسة الرسول الأعظم المشادة في اللاذقية، ثم امتدت على نطاق واسع إلى معظم المدن السورية.

التجنيس والعبث بالتركيبة السكانية

وتقاطعت معظم الإحصائيات والدراسات عند النسب الضئيلة للشيعة في سورية، ونوسانها تحت عتبة 1% من السكان، وتركزت تجمعاتهم في بؤر نقطية في الجغرافيا السورية بلغ عددها 10 نقاط، قبل أن ترتفع، بعد الحرب إلى 134 نقطة، وتعود محاولات التشييع الإيراني للشارع السوري إلى عهد حافظ الأسد، لكن حصيلة المتشيعين من الشعب السوري بين (1970 – 2007) لم تتجاوز 76 ألفًا، معظمهم من العلويين، غير أن الوجود العراقي الشيعي المستقر في سورية حتى عام 2007 قارب 700 ألف[7]، ولعب بعضهم أدوارًا أثناء الحرب مع الميليشيات الإيرانية، وحصل جزء منهم على الجنسية السورية أيضًا.

وبغياب الإحصائيات، يصعب الجزم بدقة الأرقام التي تشير إلى ارتفاع نسبة الشيعة إلى 12 % من عدد سكان “سورية المفيدة” المقدرة نهاية 2016 بعشر ملايين تقريبًا[8]، ما يعني افتراضًا، ارتفاع نسبة الشيعة إلى أكثر من 5 % من عدد سكان سورية الكلي، الأمر الذي يترجم عبارة بشار الأسد الشهيرة، إن سورية لمن يدافع عنها وليس لحاملي جوازات سفرها.

وتقوم المعادلة الرئيسية على تجنيس المزيد من الشيعة الغرباء الوافدين إلى سورية، بالتزامن مع انخفاض عدد سكانها بسبب الحرب والهجرة.

الديموغرافيا الدينية في سورية (مركز الهشة الدولة الموارد, سيث كابلان, فبراير 20 2012)[9]

حيازة الأراضي والملكيات الواسعة

سعت إيران للتجذر المكاني في سورية بكل الوسائل المتاحة، عبر تملكها لنقاط جغرافية محددة غالبًا ما تشكل رمزية وهوية محلية، وحولتها إلى بؤر أولية انطلقت منها لتوسيع أملاكها عبر وكلاء محليين، وعمدت إلى استملاك محيطها، ضمن المناطق الهادئة بوسائل الترهيب والترغيب، وبالقوة النارية والغصب في المناطق الساخنة، فتستولي ميليشياتها عليها، بالإضافة إلى استغلال نفوذها لتمرير عمليات تزوير واسعة في الوثائق العقارية لصالحها، بالتواطؤ مع شبكات يرعاها النظام، كمقدمة لتغيير الهويات المكانية.

وفي إطار الهويات المكانية، تسعى إيران، عبر نفوذها وسطوتها على السلطة السورية، لتغيير رسمي لأسماء شوارع وأحياء، واستبدالها بمسميات ذات بعد شيعي، كما تستغل الواقع الاقتصادي الحالي لشراء كثير من العقارات في المناطق المدمرة التي كانت بمعظمها ذات طابع سكاني سني[10]، وتقوم بشرائها بأسعار بخسة، عبر أدوات ووكلاء محليين معروفين.

المساعدات الخيرية

لا تدخر إيران سبيلًا لاستغلال الظروف، ومنها المأساة الإنسانية الناجمة عن الظروف القهرية والواقع الاقتصادي المتردي، لاستكمال مخططها الرامي لإحكام قبضتها على سورية، فتحاول من خلال المساعدات الإنسانية والخيرية جذب العائلات الفقيرة واحتوائها ضمن شبكاتها الاجتماعية والعقائدية، وكثيرًا ما تربط تلك المساعدات بشروط مباشرة أو غير مباشرة، تفضي في نهاية المطاف إلى انخراط المحتاجين ضمن عقيدتها وتصوراتها الدينية والسياسية.

وتشكل المساعدات الخيرية المقدمة من إيران مدخلًا لها، لاستقطاب النساء والأطفال والشباب، وإدراجهم ضمن منظومتها العقائدية بالتدريج، مستغلة خدماتها الصحية والتعليمية والغذائية، حتى المساعدات النقدية، كما تستغل الأنشطة الثقافية والرياضية ومراكز الكشافة الأولية[11]. وبالمثل، تقدم إغراءات مالية إلى السكان المحليين عبر رجال دين شيعة يقومون بوعودهم بدفع مبالغ كبيرة للمنتسبين إلى تلك الميليشيا[12].

وفيما تكشف جميع هذه الممارسات والطرائق أن الجماعات الشيعية باتت أكبر نفوذًا على أرض الواقع بما يمكنها من الاستحواذ على تمثيل عال ضمن المجلس العلمي الفقهي، فإنها لن تدخر جهدًا إضافيًا لتوسيع نفوذها للسيطرة عليه من الداخل؛ بشراء رجال دين سنّة أو غير سنّة ممثلين فيه، أو الضغط لاستبدالهم بمقربين منها، كما تكشف في الوقت ذاته عدم خضوع العمل الديني الشيعي لأحكام ومفاعيل القانون 31، إلا بمقدار ما يتناسب مع مصالحه.

 إن استمرار الحركة الدعوية الشيعية بلا ضوابط في سورية، وبما يتنافى مع القانون المعلن، يعني في المقام الأخير أن المستهدف الأول من القانون هو المكون السنّي، وأن إلغاء منصب المفتي كرمز يندرج في إطار المخططات الرامية إلى تغيير النسيج الديني والاجتماعي في سورية.

رابعًا: الأبعاد السياسية لإلغاء منصب المفتي

  1. الرمزية السياسية في إلغاء منصب المفتي

حرص النظام السوري دائمًا على ادعاء تمثيله للهوية السورية العامة، واحتكارها، كما حرص بشكل موارب على تمثيل الهويات الفرعية، من خلال استقطاب وتدجين رموزها، أو صناعتهم عند الحاجة، وحين اندلعت الثورة ذهب في توصيفها على اعتبارها صراعًا بين الهوية السورية في “علمانيتها” وفي “إطارها الجامع”، وبين الهوية الفرعية للمتطرفين السنة، مؤكدًا أن مكانة ورمزية تلك الهوية الفرعية لديه محفوظة ومصانة في مناصب كمنصب المفتي، وفي أشخاص مثل أحمد حسون، أو وزير الأوقاف عبد الستار السيد، وأن خلافه يقتصر على المتطرفين فقط.

وكان حافظ الأسد، في عهده، حريصًا على احترام تلك الرمزية المركبة في منصب المفتي، بمقدار حرصه وعمله على توظيفها السياسي لصالح النظام، فتعمد الظهور في المناسبات العامة، ومن أهمها مناسبات “تجديد البيعة” أو الاستفتاء، كما كان يطلق عليها، وإلى يمينه المفتي أحمد كفتارو، في تعبير دلالي مكثف عن العلاقة الطيبة مع الأكثرية العددية للسنة، وعن احترامه وحرصه على الهوية الإسلامية العامة للبلاد.

بعد انقضاء عشر سنوات على الثورة السورية المغدورة، جاء إلغاء منصب المفتي من قبل السلطة السياسة بمرسوم متسقًا مع التحولات السريعة الحاصلة في البلاد، ومع السياسات والنظريات المواكبة لها من قبل النظام، وعلى رأسها نظرية التجانس الاجتماعي، وهي اختزال لتعبيرات النظام عن رضاه الفعلي بالتخلص من الحمولات الزائدة من الأكثرية السنية، كما يراها، وهي متساوقة بذات القدر أيضًا مع مشروعه لتكريس الواقع العددي والديمغرافي الحاصل بفعل الحرب، ومنسجمة مع سعيه الدائم لإخضاع مكونات الشعب السوري، ومن ضمنها إلغاء أو تذويب الهويات الفرعية غير المنسجمة مع سياساته.

وإذا كان الضعف الشديد للمكون السني[13] داخليًا قد دفع النظام للتجرؤ على إلغاء المنصب، على الرغم من إدراكه لرمزيته وحساسيته، من دون التخوف من ارتدادات مقلقة، فإن السؤال الأبرز حول مصالح النظام وأهدافه من تلك الخطوة التي كان بمقدوره تجنبها لو أراد.

وحيث يصعب النظر إلى إلغاء منصب المفتي، بوصفه مجرد انتصار لوزير الأوقاف على المفتي حسون ضمن صراع شخصي على النفوذ، أو نتاج قرارات ارتجالية وتخبط في سياسة النظام، لاعتبارات تتعلق بولاء كلا الطرفين لمنظومة السلطة والتسابق بينهما في خدمة النظام وحلفائه أولًا. وثانيًا، لإمكانية الاكتفاء بإدارة الصراع الشخصي القائم بينهما ضمن الحدود المعروفة والمتبعة لدى النظام في الحالات الشبيهة، وثالثًا، وهو الأهم، القدرة على عزل المفتي واستبداله بشخصية مسايرة، أو تابعة بشكل فعلي للوزير، من دون المسّ برمزية المنصب ودلالاته العامة، تجنبًا لارتدادات إعلامية ودينية واجتماعية ضمن الواقع السوري، كما حصل مع المرسوم 16 لعام 2018.

بناء عليه، يبدو إلغاء المنصب أقرب منه إلى قرار إستراتيجي مدروس ومجدول زمنيًا منذ إصدار القانون 31 عام 2018، ضمن تصورات سياسية واقتصادية وإدارية مهّد لها القانون 31، وسعى لاستحداث هياكل ضمن منظومة وزارة الأوقاف، لاقتسام تركة المفتي ومنصبه المُلغى.

إن تحطيم البعد المعنوي والرمزي للمكون السني الأكثري، يلبّي حاجة آنية للنظام للتغطية على انعدام شرعيته، كما أن إعلانه الانتصار النهائي على طرف شديد الضعف يمكن أن يمنحه فسحة إضافية من الأمان الذاتي، فشرعيته المفقودة لا يمكن لها أن تتعايش مع احتمالات التهديد، كحالة قابلة للنشوء في ظلّ حوامل الهوية الفرعية المناهضة له، بأغلبيتها.

وفي سباق النظام مع الزمن، يبدو استثمار هذا العجز أشبه بفرصة مواتية قد لا تتكرر مطلقًا، استنادًا إلى انعدام وجود توازنات محلية قادرة على مواجهة مشاريعه، أو مشاريع حليفه الإيراني، ومن الطبيعي أن يدفع تحطيم المزيد من الرموز إلى مزيد من الإحباط واليأس، ويسهم بتشكيل واقع جديد يصعب تجاوزه مع التقادم الزمني.

  • تأميم المؤسسة الدينية

عبّر النظام على لسان رئيسه أكثر من مرة، أن اندلاع الثورة من رحم الأكثرية السنية يعود إلى ضعف القبضة الدينية وتأثيراتها على الشارع السوري، وحمّل ضمنًا رجال الدين مسؤولية هذا التقصير[14]، كما حمّلهم مسؤولية الفساد باعتبار الجانب الديني والأخلاقي هو أحد الروادع الأساسية للفساد[15].

ومنذ اندلاع الثورة، دعا رئيس النظام رجال الدين إلى التصدي للأعداء وفق منظومة موحدة من التعاريف والمصطلحات التي انبثقت من رؤيته الشخصية لكل من الإسلام والدين والأخلاق، ودعا رجال الدين إلى أن يكونوا بمنزلة عساكر[16] يتخذون مواقعهم بثبات، ويعرفون مهماتهم وأدوارهم.

إدراك النظام لأهمية المؤسسة الدينية دفعه إلى إحكام قبضته عليها تحت خيمة وزارة الأوقاف التي كانت طرفا رئيسيًا في الصراع مع المفتي على النفوذ والغنائم وإثبات الأهلية والولاء المتزايد أمام النظام.

وبطريقة ما، أنشأ النظام “ميليشيا دينية” أو “إكليروس بعثي” تحت مسمى الأئمة الشباب، منحها دورًا ميدانيًا كبيرًا، وأفرد لها مقعدًا في المجلس الفقهي، وعلى إيقاع هذا المسار يمكن فهم التهميش المتنامي للمفتي ومنصبه، وصولًا إلى الإلغاء من منظور المأسسة الكلية للدين، وإخضاعه للدور الوظيفي المتمم أو الرديف للدور الأمني، وصولًا إلى المجتمع المؤمن بالمفاهيم المطلوبة وفق تصورات النظام.

ويذهب النظام ضمن حدود التأميم الديني إلى منع أي من رجال الدين، حتى المواطنين العاديين، من مزاولة العمل الديني من دون رخصة رسمية من وزارة الأوقاف، كما يحظر ارتداء الزي الديني الإسلامي بدون رخصة، تحت طائلة العقوبات، كما ورد في المادة 107 من القانون 31، من دون أن يحدد القانون ما هو الزي الديني الإسلامي.

ومقارنة بالمفتي، فإن وزارة الأوقاف الحائزة على هيكلية رسمية، هي الأكثر تأهيلًا لإنجاز هذا التأميم، ليس بوصفها جزءًا من الحكومة السياسية فحسب، بل بقدرتها الأعلى على التجييش والانتشار، وإشرافها على المدارس الشرعية، فضلًا عن الضبط والتحكم بالجيش الدعوي الجاري إعداده منذ سنوات وفق الضوابط الرسمية.

  • تسييس الدعم الخيري

يتجاوز تأميم المؤسسة الدينية والعمل الديني حدود الضبط الأمني والاجتماعي والغايات التدجينية، إلى حدود المنافع المالية، وإذا غضّينا النظر عن شهوة الفساد المتنامية في المنظومة العامة للنظام، فإن تأميم القطاع الديني يتيح له توظيف العائدات المالية والخيرية الواردة إلى وزارة الأوقاف لصالح جهات وأفراد معينين دون غيرهم.

ومع اشتداد قسوة الظروف الاجتماعية والاقتصادية، وعجز النظام عن أداء وظائفه الرئيسية، وتراجع منظومة الدعم الاجتماعي المقدم من الموازنة إلى درجة كبيرة، تتنامى حاجة النظام إلى استخدام كل الموارد المتاحة من جيوب الآخرين، مع الاحتفاظ بحق التحكم فيها وبتوزيعها عبر قنواته وأدواته، لتبدو كامتيازات مقدمة منه، ليجري توظيفها اجتماعيًا وسياسيًا، إلى المقربين، أو لمناطق معينة محسوبة عليه، على قاعدة استمرار الولاء، وغالبًا على حساب الجمهور الأشد احتياجًا.

الأهمية المتزايدة للمعونات والعمل الخيري قابلها ازدياد في التسييس، واستدعى تدخل أسماء الأسد شخصيًا، فكثفت لقاءاتها مع الجمعيات الخيرية[17] ضمن مسعاها لاحتكار هذا القطاع وإخضاعه بالكامل إلى نفوذها وشبكة الجمعيات الخيرية التابعة لها، أو بالحد الأدنى التنسيق معها.

وضمن منظومة دينية ما زالت تؤمن بالصدقة والزكاة والعمل الخيري كواجب ديني، بعيدًا عن ربطها بالضرائب المدفوعة للدولة عن أموالها، تشكّل هذه الأموال واردًا كبيرًا، ويشكل تسييسها في المقابل رصيدًا ضروريًا للنظام المتآكل باستمرار على وقع الأزمات الاقتصادية، يضاف إليها الواردات المرصودة ضمن نظام الوقف للعمل الخيري، وكذلك المعونات الأممية الواردة لها.

خامسًا: إلغاء منصب المفتي، والأبعاد الاقتصادية

تعدى نظام الوقف الإسلامي عبر التاريخ مجال رعاية دور العبادة والعاملين عليها، وقارب بشكل ما دور المنظمات الأهلية غير الحكومية في التكافل والرعاية الاجتماعية، ومنحه الامتداد الزمني الطويل واستحالة التصرف بالأملاك التابعة له مسارًا تراكميًا لأصول ثابتة تُقدر بثروة هائلة، لا يمكن حصرها في سورية لغياب البيانات الدقيقة عنها، ويقدرها البعض بنصف مساحة دمشق، “فيما يصل عدد العقارات الوقفية في مدينة حلب إلى 5000 عقار”[18].

وتتوزع العقارات الوقفية على كامل المحافظات والمدن السورية، ويقع كثير من تلك الأملاك في مراكز المدن، وأسواقها التجارية، وأهم مواقعها الحيوية، بالإضافة إلى الأراضي الزراعية ذات المساحات الكبيرة، ما يجعل بعض عقاراتها تُقدر بمليارات الليرات، بحسب تصريح حسان نصر الله مدير أوقاف دمشق[19].

وفي الوقت الذي فتحت فيه ثروات الأوقاف الهائلة عين النظام، وشهية أزلامه وزبانيته، لوضع اليد عليها وامتلاكها بطرق غير مشروعة أو بأسعار بخسة، حتى قبل الحرب، وقفت قوانين الأوقاف السائدة بعدم التصرف في تلك الأملاك حائلًا أمام مساعيهم، وانحصرت عائدات فساد وزارة الأوقاف على موظفيها، واقتصرت على التصرف بعائدات وريوع أملاكها.

ومع إيلاء النظام أهمية كبرى للعقارات السورية بعد الحرب، ورغبته في الاستيلاء على المزيد منها، مستغلًا ظرفي الدمار وغياب أصحاب الملكية عن البلاد، بدأ النظام بهندسة قوانين وتشريعات تتيح له السيطرة على أملاك الوقف الإسلامي الممتدة في البلاد، تحت مسميات استثمارية وهندسية، عبّر عنه المضمون الاقتصادي في القانون 31 لعام 2018.

وفيما تُعتبر ملكية الوقف ملكية استثنائية لا تندرج تحت باب الملكية العامة للدولة، ولا في إطار الملكية الشخصية، إنما هي ملكية “محبوسة” لغايات ومقاصد دينية وخيرية، أجاز القانون 31 لوزارة الأوقاف التصرف في هذه الأملاك والسيطرة عليها بطرق مختلفة، فنصت المادة 12 بخلط الموازنة الوقفية مع موازنة الوزارة[20]، ما يعني ضمنًا السيطرة على موازنة الوقف والتصرف فيها من قبل السلطة التنفيذية، وسمح القانون للوزارة بمشاركة الأملاك مع الغير، واستثمارها من قبل مجلس الأوقاف المركزي، وهو مجلس نص عليه القانون 31، ومنح وزارة الأوقاف حق تشكيله لتولي مهام إدارة ملكية الأوقاف بالطريقة التي يراها مناسبة.

وعلى غرار المجلس العلمي الفقهي، الخاضع للتمثيل العددي وفق المصالح والأهواء، بما يتناسب مع مصالح النظام وحليفه الإيراني، يسمح مجلس الأوقاف المركزي الذي يرأسه الوزير، بتغلغل نفوذ جهات معينة، محلية وخارجية، أو أفراد، للتحكم بأملاك الوقف، من خلال التلاعب بتركيبته التمثيلية المكونة من عضوية معاونيه، وسبعة آخرين، يسمي الوزير ثلاثة منهم بصفة خبراء، ولا يشترط فيهم الانتماء إلى الوزارة[21].

ويملك المجلس المركزي للأوقاف حق التصرف بالملكيات العقارية وصولًا إلى بيعها المقنع، عبر السماح باستبدالها بعقارات أخرى، ما يعني التخلي عن العقارات الغالية ضمن صفقات الفساد، واستبدالها بعقارات هامشية، أو منحها لجهات أخرى تعمل على تغيير توصيفها المذهبي أو التاريخي.

ومع توصيف القانون للوزير بآمر النفقة، والممثل الشرعي والقانوني للأوقاف الإسلامية، تحجمت سلطة المفتي إلى حدودها البروتوكولية والوظائف الإعلامية، وخضعت بشكل مطلق ونهائي أملاك الأوقاف للسلطة التنفيذية، ويحق للوزير أن يفوّض من يشاء ببعض صلاحياته.

خاتمة

إذا كانت العلمانية في أوضح تعريفاتها هي فصل الدين عن الدولة، واتخاذ الدولة مسافة متساوية من كل المكونات الدينية والمذهبية، فإن النظام السوري ألغى أيّ فصل للدين عن الدولة، وأمّم الأديان، ومنح نفسه حصرية تمثيلها وشروح مبادئها وتعاليمها، وإملاء الواجب على رجالاتها، واستحدث هياكل تمتلك حصرية مزاولة المهنة الدينية، وحدّد قوائم المسموحات والممنوعات فيها، كما حدد الهياكل الدينية المعترف بها والملغاة فيها، ومنها منصب المفتي. وكل هذه إجراءات تجعل بشار الأسد هو المفتي العام عمليًا، تساعده أجهزته الأمنية والحكومية البيروقراطية.

إن اغتيال منصب المفتي هو باب للسيطرة الدينية والفساد المالي، وفي واقع الحال، تبدو هذه الخطوات جميعها كما لو أنها سارية على الجميع بلا استثناء، غير أنها في عمقها، حتى الآن (على الأقل)، وفي مسارها الإجرائي، لا تستهدف إلا مكونًا دينيًا واحدًا، كإجراء عقابي على ما بدر منه، واحترازي، وتفاديًا لما يمكن أن يحدث تاليًا، وبغاية التلاعب في التكوين المذهبي الحالي للسوريين باتجاه تعزيز سيطرة إيران التي تدعم سلطة الأسد الوراثية.


[1] – وهو منصب تعود أصوله الرسمية إلى الحقبة العثمانية مع تسمية مفتي إسطنبول بالمفتي الأكبر

[2] – انظر وجيه حداد جدل https://cutt.ly/CTMrpsa

[3] – يذكر أن المعارضة ردت على إلغاء منصب المفتي في سوريا بانتخاب الشيخ اسامة الرفاعي المقيم في تركيا وسمته المفتي العام لسورية.

[4]] – تاريخ الإفتاء في سوريا من تشكيل الدولة حتى إلغاء المنصب https://bit.ly/32DpsW0

[5] – المادة 3 الفقرة أ من القانون 31 http://www.sana.sy/?p=827604

[6] – حرمون، مؤسسات النفوذ الإيراني في سورية وأساليب التشيع https://bit.ly/3rgDFCI

[7] – انظر: حسين ابراهيم قطريب، سوريا المفيدة والتغيير الديمغرافي في سوريا https://bit.ly/3IaRl88

[8] – https://bit.ly/3loSSh5

 نفس المصدر السابق

[9] https://bit.ly/3loSSh5

[10] – انظر، عمر يوسف، بإلغائه منصب المفتي.. هل يستكمل النظام السوري التغيير الديمغرافي على أساس طائفي. الجزيرة https://bit.ly/3CW953j

[11] – التقرير الدولي بشأن الحريات الدينية في سوريا 2020 https://bit.ly/3IbyuK4

[12] – هدى الحسيني، معركة التشييع الإيراني بدأت من حلب https://bit.ly/3nZfWER

[13] – انظر إقالة في دمشق/ مقابلة مع توماس بيريه يشرح أسباب إقالة وإلغاء المنصب https://carnegie-mec.org/diwan/85851

[14] – انظر قتل المفتي رمزيًا في دمشق وتماهي الأسد مع السلطة الدينية/ رهف الدغلي https://cutt.ly/3TN9tcn

[15] – انظر كلمة كلمة بشار الأسد أمام مشرفات التعليم الشرعي 2019 https://bit.ly/32NvinX

[16] – انظر كلمة بشار الأسد في جامع العثمان في اجتماع وزارة الأوقاف 2020 https://cutt.ly/nTN29Z2

[17] – أسماء الأسد تبحث مع الجمعيات الخيرية مساعدة الشرائح الأكثر احتياجا في سوريا / صفحة رئاسة الجمهورية العربية السورية https://bit.ly/3D6AHTr

[18] – إياد الجعفري المدن، مليارات “الوقف السني” في سوريا.. ما مصيرها؟ https://cutt.ly/JTMpugO

[19] – أوقاف دمشق: لدينا عقارات قيمتها مليارات وبدلها السنوي 100 ألف ل س https://cutt.ly/8TMpl18

[20] – انظر: كيف يسهم لقانون (31) لعام 2018 بانتهاك الملكية العقارية الوقفية https://www.enabbaladi.net/archives/413214

[21] – انظر المادة 49 من القانون 31 http://www.sana.sy/?p=827604