المحتويات
ثالثا: التسرب المدرسي وأزمة التعليم
3– اختبار المعادلة أو الامتحان المعياري
المصادر والمراجع المستخدمة في البحث
أضحى حقّ التعليم جزءًا رئيسًا من شرعة حقوق الإنسان الدولية، فلكلّ شخصٍ الحقُّ في التعلّم[1]، ليتحول بذلك إلى مفهومٍ عالميّ يوازي حقّ الحياة. وقد تضمّنت المواثيق الدولية هذا الحق، وأكدت ضرورته في حال الحرب، أو الطوارئ كما في حال السلم، وذلك لإيمانها بدور التعليم وفعاليته في حياة الإنسان الاجتماعية والسياسية والتربوية وغيرها.
تُعدّ مشكلةُ التعليم واحدة من أعقد مشكلات اللاجئين السوريين في تركيا وأخطرها، تهدّد حاضرهم ومستقبلهم، وقد دقّتْ المنظماتُ الدولية والحكومية ناقوسَ الخطر، بعد أن كشفت التقارير العالمية الخاصة بالتعليم أن النسبة الأكبر من الطلاب السوريين اللاجئين لم يلتحقوا بالمدارس، سواء أكانت هذه المدراس تركية أم مراكز التعليم الموقّت الخاصة بالسوريين أم مدارس خاصة. فمن أصل 995000 طالب ممن هم في سن التعليم من اللاجئين السوريين، هناك 330000 طالب يلتحقون بالمدارس على اختلاف تنوعاتها، وهذا يعني أن النسبة الأكبر منهم، أي: 665000[2] طالب لم يلتحقوا بالمدارس، وهم خارج المنظومة التعليمية. فما مصير هؤلاء المتسربين؟ وما مستقبلهم؟ ولماذا لا تذهب النسبة الأكبر من طلابنا إلى المدرسة؟ وما طبيعة مشكلات الطلبة السوريين في تركيا؟ وما عوائق تعليمهم؟ وما وضعية إلزامية التعليم للاجئين السوريين في تركيا المعمول بها عالميًا؟
تتكون العملية التعليمية الناجحة عمومًا من أربعة عناصر أساسية، وهي (المعلم، المدرسة، الطالب، المناهج الدراسية)، وتُعد الأخيرة العمود الفقري لأيّ عمليةٍ تعليمية، فالمناهج تشكل الهوية التعليمية الخاصة بكل ثقافة، فنراها في الأنظمة الديمقراطية منفتحة ومرنة وتشجع على الإبداع، وفي الأنظمة الديكتاتورية تعتمد التلقين ومحاربة الاجتهاد والالتزام بالنص، وهو ما يندرج تحته النظام التعليمي في سورية.
يواجه الطلبة السوريون في تركيا لمدة أكثر من خمس سنوات مشكلة المناهج الدراسية، ليس بسبب نقص الكتب، وعدم وجودها – أحيانًا- طوال العام الدراسي، وإنما تكمن المشكلة في جوهر هذه الكتب المدرسية أيضًا؛ فهذه المناهج الدراسية تقدم التصورات الأيديولوجية للنظام الاستبدادي، وقيمه وأفكاره الاجتماعية، والتربوية، والتي تهدف إلى التربية على الاستبداد في منظومته الفكرية والسلوكية.
قبل عام 2013، لم يجر أي تعديل على المناهج الدراسية، واكتفي بحذف مادة التربية القومية الاشتراكية، وبعض دروس مادة التاريخ، ثم عَدّلتْ “مؤسسة ُشام الإسلامية” -غير الحكومية- المناهج عام 2012- 2013، مكتفيةً بحذف كلّ ما يتعلّق صراحة بأفكار البعث، واسم “حافظ الأسد، وابنه” وصورهما في كل الكتب الدراسية.
ثم قامت مؤسسة “علم” الهيئة السورية للتربية والتعليم” عام 2013- 2014، وهي منظمة مدنية غير حكومية بتعديل آخرَ يقارب التعديلَ الأولَ. وفي عام 2015 -2016، قامت الحكومة الموقّتة بتعديل يختلف عن تعديل المؤسّستين المذكورتين ويتجاوزه في مواضع عدة.
ما يلفت هنا، ليس تأخّر تعديل المناهج من قبل المؤسسات الرسمية فحسب، إنما التعديلات نفسها؛ فهي شكلية تقتصر على صورة أو كلمة، ولم تنحُ إلى تغيير بنية الكتب المدرسية، من هنا لا نعتقد أنّ ما ذهبت إليه الصّحفية (رجاء عبد الرحيم) صحيحٌ عندما قالت: إنّ الكتب المدرسية الجديدة تُعدّ بمنزلة محاولة من طرف الثوار الذين انتفضوا ضد الأسد لتقديم رواية منافسة، وهي تشكل بداية لجهودهم في إعادة كتابة لتاريخ الأمة بعد أكثر من 40 عامًا من الأكاذيب، وأنصاف الحقائق[3]؛ لأن تغيير بعض الصور المتعلقة بحافظ الأسد أو ابنه، وصور الأعلام المرتبطة بالنظام، مع الحفاظ على البنية الجوهرية للمناهج، لا يُعدّ تغييرًا جذريًا له، وهذا ما نلحظه في التعديلات الثلاثة، حيث حافظتْ جميعُها على النسق العام للمناهج الدراسية، والذي يكرّس التربية على الاستبداد. فمثلًا حوّلتْ الحكومة الموقّتة صيغة الأسئلة المرتبطة بالدروس، وأنشطتها، من صيغة المضارع إلى صيغة الأمر فاستبدلوا مثلًا: بـ (أصنفُ واجباتي وحقوقي في المدرسة)، ـ:(صنّف حقوقك وواجباتك في المدرسة)، وهذا التغيير الجوهري ليس لأسئلة درسٍ واحد، إنما في جميع أسئلة الدروس، وأنشطتها، بل وفي جميع كتب الدراسات الاجتماعية للمرحلة الابتدائية، وبدّلوا في الصور، فوضعوا صورة شرطي مرور تركي بدل شرطي المرور السوري[4]، ولم تنجُ المناهج الدراسية المعدلة من الحساسية الطائفية، فقد تم حذف السطر المتعلق بثورة الساحل التي قادها الشيخ صالح العلي، وإبقاء ثورة سلطان باشا الأطرش من دون تغيير[5].
وعلى الرغم من زعم الجهات الثلاث: “هيئة شام الإسلامية” و”علم الهيئة السورية للتربية والتعليم”، و”وزارة التربية الموقّتة” أنّ هناك لجنة علمية قامت بالتعديل؛ فإنها لم تضع أسماء هذه اللجنة في الصفحة الأولى من الكتب، بل اكتفت فحسب بإزالة صفحة أسماء مؤلفي الكتب الأساسيين، ومصدر هذه الكتب -أي حكومة النظام– ما عدا “هيئة شام الإسلامية” التي أبقت على أسماء المؤلفين الأساسيين في الصفحة الأولى من المقرر الدراسي.
وفي مثال آخر على غياب الرؤية الواضحة لمفهوم تعديل المناهج الدراسية، يأتي في درس “شخصيات تاريخية” في كتاب الدراسات الاجتماعية للصف السادس، ذكر ثلاث شخصيات، وبعد شخصية “أحمد مريود”، و”عمر المختار”، يذكر منهاج النظام الشخصية الثالثة” جميلة بوحيرد”، فقامت هيئة “شام الإسلامية” بالإبقاء على النص المكتوب عنها، وقامت فقط بحذف الصور التي تظهر فيها “جميلة بوحيرد” مع “بشار الأسد”.
ثم قامت “علم” الهيئة السورية للتربية والتعليم، بحذف هذه الشخصية بنصها المكتوب، وصورها كاملة[6]، ووضعت مكانها نصًا للمناضلة في الثورة السورية “طل الملوحي” مع صورها، ثم قامت وزارة التربية الموقّتة، بإزالة كامل النص، والصور، وتركت الصفحة فارغة[7].
بيد أن السؤال المهم هو: لماذا لم يتم العمل على إنجاز كتب مدرسية جديدة تكرّس الحالة الثورية وقيمها في وعي الطلبة السوريين؟ تلك الحالة الثورية التي ما زالت تعيشها سورية منذ أكثر من خمس سنوات حتى الآن.
وهنا يبدو كلام السيد (فواز العوّاد) معاون وزير التربية لا معنى له حين يقول: شكلنا عدة لجان ٍعلمية وتربوية من خبرات سورية مشهود لها بالكفاءة والخبرة، قامت بتعديل المناهج السورية، وتنقيحها بما يتوافق مع المعايير الأكاديمية، والتربوية، ومع مبادئ الثورة السورية[8]،ونسأله هل تقتصر أفكار الثورة السورية وقيمها ومبادئها في المناهج الدراسية على وضع علم الثورة مكان صورة حافظ أسد أو ابنه، أو وضع سورة قرآنية مكان قول حافظ في دروس الشهداء؟!
بفضل المعلمين السوريين المتطوعين، لم يغب التعليم عن حياة اللاجئين السوريين، منذ وصول أوّل دفعة لاجئين عام 2011، ولكن بعد التزايد الكبير في أعداد اللاجئين نتيجة القصف الوحشي من طرف قوات النظام السوري، تدخلت الجمعيات الخيرية باسم المجتمع المدني في تنظيم عملية التعليم ودعمه، في داخل المخيمات، وخارجها.
وفي خريف 2014، بدأتْ وزارة التعليم التركية باستحداث “مراكز تعليمية موقّتة” خارج المخيمات، حيث يمكن دمجها في الإطار التعليمي الوطني[9]، وهذه المراكز هي مدراس ابتدائية، وإعدادية، وثانوية، تتخذ من المدراس التركية مراكز لها، وتُداوم بعد الدوام الصباحي التركي، وتُدرّس المناهج الحكومية المعدلة، ويدرس فيها مدرسون، ومهندسون، ومحامون، وغيرهم من ذوي الاختصاصات البعيدة عن حقل التعليم. أما “منظمة اليونيسف” فتقدم الدعم المالي والبنية التحية اللازمة للمراكز الموقّتة من حقائب، أو قرطاسية، وكل ما يتعلق باللوازم المدرسية، حتى بناء مدراس جديدة -في بعض المخيمات- كما تقدم اليونيسف مساعدات شهرية-وليس رواتب- تصل إلى 900 ليرة تركية؛ لأن المعلمين في قانون هذه المنظمة، يعملون بصفة متطوعين، مع الإشارة إلى أن هذه المساعدات تعطى أيضًا إلى مدرسي المدراس السورية الخاصة، على الرغم من أن الأخيرة تأخذ أقساطًا مدرسية شهرية من الطلاب المسجلين فيها.
ويُقيّدُ الطلاب اللاجئون السوريون رسميًا في وزارة التربية التركية (يوبيس)، وبلغ عددهم عام 2016 نحو 255000 طالب، في هذه المراكز الموقّتة، منهم 75000 طالب، في المدراس التركية الرسمية[10]، والخاصة.[11] وتُدار مراكز التعليم الموقّت -البالغ عددها 230 مركزًا- من قبل مديرين أتراك يُعيّنون من طرف وزارة التربية التركية.
إلا أن هذه المراكز التعليمية تتخذ صفة المراكز الموقّتة، ولم تلبِّ حاجة التعليم الذي يحتاج إلى الديمومة والاستمرارية، ولم تستطع حلّ مشكلاته، ولاسيما أنّ العدد الأكبر من الطلاب حتى الآن، لم يلتحق بها لأسباب عديدة، منها عدم قدرتها على الوصول إلى كل الطلاب، وجذبهم إليها، وعدم جدية المراكز التعليمية في تطبيق إلزامية التعليم المعمول بها عالميًا، إضافة إلى مشكلات إدارية تتعلق بالعلاقة بين المديرين، والمدرسين، وعدم وجود نظام داخلي ينظم تلك العلاقة، ومشكلة التواصل اللغوي؛ لأن أغلب المدرسين لا يتقنون اللغة التركية، ولا يتقن المديرون اللغة العربية.
بناء على ما سبق، فإن هذه “المراكز التعليمية الموقّتة” لا تتطابق مع الحد الأدنى لمعايير التعليم، الذي وضعته الشبكة الدولية لوكالات التعليم في حالات الطوارئ(اليونيسف)، وهي: المعايير المؤسسية في المشاركة والتنسيق، وفي الوصول إلى بيئة التعليم الخاصة بحماية الوصول المتساوي إلى التعليم، إضافة إلى التعليم، والتعلّم في المناهج والتدريب، وتقويم مخرجات التعليم، وأخيرًا كل ما يتعلق بسياسة التعليم واختيار المعلمين، وغيرهم من الهيئة التعليمية[12].
ويبدو أنه توجد اليوم توجهات جديدة لدى وزارة التربية التركية مديريات التربية التابعة لها في كل المدن التركية، بعدم تسجيل طلاب الصف الأول الابتدائي في مراكز التعليم الموقّتة بدءًا من العام الدراسي القادم 2016-2017، وقبول هؤلاء الطلاب في المدراس الحكومية مع أقرانهم الأتراك، بعد إخضاعهم لدورة خاصة في تعلّم اللغة التركية، بغرض تسهيل اندماجهم في البيئة المدرسية التركية الجديدة، إضافة إلى قبول طلاب الصف الخامس ابتدائي، في المدارس العامة، ومدراس الأئمة والخطباء التركية، في المرحلة المتوسطة (الإعدادية).
وعلى الرغم من أن وزارة التربية التركية تنظر بعدم الرضا إلى تجربة مراكز التعليم الموقّتة، وتتجه إلى إلغائها في السنوات الخمس المقبلة _كما تقول في اجتماعاتها مع السوريين_ فإنها لم توضح حتى الآن، ما الخطة البديلة التي تريد تطبيقها في مسألة تعليم اللاجئين السوريين؟ فهل تريد دمج الطلاب السوريين في المدارس التركية؟ وكيف ستحل مشكلة اللغة التركية في المراحل الدراسية؟ وما المناهج الدراسية التي سيدرسها الطلاب السوريون في المدارس التركية؟
على الرغم من أنّ المدراس السورية الخاصة محدودة جدًا مقارنة بمراكز التعليم الموقّت المجانية، فإن العامل الاقتصادي يلعب دورًا رئيسًا في ظاهرة التسرب المدرسي؛ لأن هناك علاقة لزومية بين التسرب المدرسي، وعمالة الأطفال، فأغلب المتسربين مدرسيًا يعملون في أعمال مختلفة كالعمل في المصانع، والحرف، أو التسول، ولعل عمل الأطفال السوريين الأشهر هو بيع المناديل أو البسكويت، وهي ليست إلّا تسوّلًا مقنّعًا تترك أثرها الكبير في تفكير، وسلوك الأطفال السوريين، وانحرافهم.
إنّ عمالة الأطفال المتسربين تفسر سبب عدم الالتحاق بالمدرسة، وزد على ذلك، أن عدم توافر المدارس الكافية لاستيعاب الطلاب، ولاسيما في المدن التي تحتضن عددًا كبيرًا من اللاجئين السوريين كمدينة “غازي عنتاب” أو غيرها من المدن الكبرى، إضافة إلى أن بعض هذه المدراس بعيدة عن سكن اللاجئين السوريين في المدن الكبرى، وهو ما يزيد من أعبائهم المادية، وهنا كالمصاريف المدرسية الأخرى التي لا يقوى الطالب على دفعها، خصوصًا أن بعض الطلاب اللاجئين يعيل أسرته كما هي حال أبناء الشهداء، أو إصابات الحرب بالنسبة إلى الآباء، أو الأمهات، ويرتبط العامل الاقتصادي أيضًا بصعوبة عمل الآباء أو الأجر المتدني، وكذلك حاجات الأسرة وغيرها، غير أنّ عمالةَ الأطفال لها آثارها السلبية، والخطرة على المستوى المعرفي والأخلاقي، والتربوي، والاجتماعي، للطفل المتسرب العامل.
إنّ عدمَ الاعتراف القانوني بالشهادات الصادرة عن الحكومة الموقّتة لم يعطِ جدية للتعليم، وأعطى نتائج سلبية على مخرجاته، وهو ما فتح الباب للبحث عن شهادات معترف بها عالميًا، لذلك قصد الطلاب المدراس العربية الأخرى، ودرسوا المناهج الليبية، والأردنية، والسعودية، وأخيرًا السودانية، وهو ما يهدد الهوية التعليمية السورية من الناحية المستقبلية.
فمنذ بداية تطوع المعلمين في تعليم الطلاب في المخيمات، وصولًا إلى دور الجمعيات الخيرية في التعليم، وحتى الحكومة الموقّتة، ونشوء وزارة التربية فيها، لم تحظ َالشهادات ُالصادرة عنها بالاعتراف القانوني لها، ولا حتى الدخول إلى الجامعات بعد المرحلة الثانوية، إلا في بعض الدول، ومنها تركيا طبعًا، لأن اليونسكو ما زالت تعترف بحكومة النظام السوري، وقانونيًا –بحسب اليونسكو- لا يجوز الاعتراف بشهادتين تصدران عن الدولة نفسها.
بعد مشكلة الاعتراف القانوني بالشهادات الدراسية الصادرة عن وزارة التربية الموقّتة، ومشكلة معادلة الشهادات الثانوية الليبية، أو الأردنية، أو حتى الصادرة عن النظام لدخول طلاب الجامعة التركية، أقرت الحكومة التركية عام 2014 – 2015، هذا الامتحان المعياري.
إن “اختبار المعادلة” هو جزء من النظام التربوي التركي القائم على (رباعية المراحل الدراسية)، أربع سنوات ابتدائية، أربع سنوات متوسطة، أربع سنوات ثانوية، يُجرى هذا الاختبار على الطلاب الأتراك بعد الحصول على الثانوية لدخول الجامعات، وهو أيضًا يطبّق على الطلاب السوريين المسجلين في مراكز التعليم الموقّت الحاصلين على الشهادة الثانوية منها.
لا شك في أن “الامتحان المعياري” يعاني هو الآخر من مشكلات تتعلق بوصول آلياته إلى الطلبة السوريين، ليس فقط في طريقته المؤتمتة، إنما كذلك في المواد التي يشملها، الدروس العلمية (فيزياء وكيمياء ورياضيات). علوم اللغة (الإنكليزية والعربية والفرنسية). المواد الاجتماعية (التاريخ والفلسفة والديانة). ونتيجة نقص المعلومات المتعلقة بهذا الامتحان، فقد أقامتْ مراكزُ “التعليم الموقّتة “الشُعب المدرسية على أساس علميّ وأدبيّ وبشكل منفصل، وبناء عليه، فطلاب العلمي لم يدرسوا المواد الأدبية (تاريخ وجغرافيا وفلسفة) وطلاب الأدبي لم يدرسوا مواد علمية (رياضيات وفيزياء وكيمياء)، علمًا أن أسئلة طلبة القسم العلمي والأدبي مشتركة تمامًا! وتجدر الإشارة إلى أن مراكز التعليم الموقّت قد أُقيمتْ وفق الأنموذج السوري القائم على ست سنوات للمرحلة الابتدائية، وثلاث سنوات للمرحلة الإعدادية، وثلاث سنوات للمرحلة الثانوية.
إنّ قرارَ الامتحان المعياري 2014 -2015، الذي يجري تحت إشراف وزارة التربية التركية، من وضع الأسئلة إلى المراقبين إلى المصححين، وغيرهم، من دون أن يكون للسوريين أي رأي أو دور فيه، هو آخر خطوة فعلية في عملية ضمّ ِتعليم ِاللاجئين السوريين إلى منظومة وزارة التربية التركية، ولم يبقَ لأي جهة رسمية مثل الحكومة السورية الموقّتة، أو غير رسمية مثل منظمات المجتمع المدني، أيّ دورٍ يُذكر في مجمل العملية التعليمية للاجئين السوريين في تركيا، وعليه نختم بحثنا بسؤال كبير: كيف نضمن مستقبلَ طلابنا إذا لم يكن لنا أيّ دورٍ فاعلٍ في تعليمهم؟!
[1]– المادة 26 – الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
[2] – كل هذه الأرقام الإحصائية من وزارة التربية التركية، Milli Eğitim Bakanlığı,(Orgün Eğitimr Uyum Programı), s: 3
[3]– رجاء عبد الرحيم، المعارضة السورية تبدأ بإعادة كتابة التاريخ في الكتب المدرسية، صحيفة لوس أنجلوس تايم الأمريكية 2013، http://islamicsham.org/news/948.
[4]– دراسات اجتماعية، الصف الرابع، كتاب التلميذ، طبعة الحكومة المؤقتة، ص 82.
[5] – دراسات اجتماعية، الصف الرابع، كتاب التلميذ، طبعة “علم” الهيئة السورية للتربية والتعليم، وطبعة الحكومة المؤقتة، ص 46.
[6]– النص الذي تم حذفه، جميلة بوحيرد مثال المرأة المناضلة: لنقرأ هذه القصة عن المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد، كانت جميلة البنت الوحيدة بين أفراد أسرتها، فقد أنجبت والدتها سبعة شبان، واصلت تعليمها المدرسي، ومن ثم التحقت بمعهد الخياطة والتفصيل، فقد كانت تهوى تصميم الأزياء، والرقص الكلاسيكي، وكانت بارعة في ركوب الخيل إلى أن اندلعت الثورة الجزائرية عام 1954م ضد الاحتلال الفرنسي. دراسات اجتماعية، الصف السادس، كتاب التلميذ، الوحدة الرابعة، الدرس الرابع، طبعة حكومة النظام، ص101.
[7]– النص الذي تم الاستبدال به، طل الملوحي: لم تكن الفتاة السورية ذات السبعة عشر ربيعًا تعلم أن التعبير بكلمات عن الحرية، أو بقصيدة عن فلسطين تمجدها سوف تلقي بها في غياهب السجون. ولدت طل الملوحي في مدينة حمص عام 1991، وكانت طالبة في إحدى ثانوياتها، عملت في التدوين الالكتروني. قام ما يسمى بـ(الأمن السوري) باعتقالها على خلفية نشرها مواد تطالب بالحرية، والديمقراطية وانقطع الاتصال بها. ورغم مناشدات أهلها، ومنظمات حقوق الإنسان لإطلاق سراحها، إلا أن النظام استمر في تعذيبها وإيذائها، وهي تعاني من الأمراض ليثبت النظام الدخيل أنه عدو للإنسانية، ولأزهار الربيع. كتاب دراسات اجتماعية، الصف السادس، كتاب التلميذ، الوحدة الرابعة، الدرس الرابع، طبعة ” علم الهيئة السورية للتربية والتعليم، ص101.
[8] – الحكومة المؤقتة تعتمد المنهاج السوري المعدل لمراحل التعليم، صحيفة السورية نت، 2014.
[9]– هيومان رايتس وتش، تقرير: موانع تعليم أطفال اللاجئين السوريين في تركيا، 2015.https://www.hrw.org/ar/report/2015/11/09/283260
[10]– يعاني الطلاب المسجلون في المدراس الحكومية التركية بمراحلها الابتدائية والمتوسطة والثانوية، على اختلاف أنواعها المدراس العامة ومدراس الأئمة الخطباء، من صعوبة التكيف مع هذه المدراس، ولعل أحد أهم أسبابها هو التواصل اللغوي، أي مشكلة تعلم اللغة التركية، التي تتجلى بعدم وجود برامج منظمة ومتدرجة، تتولى مهمة تعليم أبناء اللاجئين السوريين اللغة التركية، بشكل يؤهل الطالب للالتحاق بالصف المناسب له، ونتيجة لغياب هذه الخطة المذكورة آنفًا، لا يؤخذ بالحسبان انقطاعه لسنوات عن التعليم، ويتم الحاقه بالصف المناسب لعمره أو الصف الذي انقطع عنه، هذه المشكلة –أي التواصل اللغوي- عدّتها منظمة “هيومن رايتس وتش” أحد موانع التكيف الاجتماعي الصحيح للطلاب اللاجئين السوريين مع أقرانهم الأتراك، وتجدر الإشارة أيضًا إلى أن مشكلة تعليم اللغة التركية، أو التواصل اللغوي، لم تحظ بالاهتمام الكافي في مراكز التعليم المؤقت، ومن ثم لم تنهض بالمهمة المناطة بها، وهي تعليم أبناء اللاجئين السوريين اللغة التركية.
[11]– Milli Eğitim Bakanlığı,(Orgün Eğitimr Uyum Programı), s: 3، إيميل من وزارة التربية التركية إلى مديري مراكز التعليم الموقّت.
[12] – الحد الأدنى لمعايير التعليم – الجهوزية، الاستجابة، التعافي، الشبكة الدولية لوكالات التعليم في حالات الطوارئ، منسق آيني للحد الأدنى لمعايير التعليم، اليونيسف – قسم التعليم، نيويورك، 2014.