تحلُّ الطبيبة السورية أماني بلور، في حوار اليوم، ضيفة على مركز حرمون للدراسات المعاصرة، لتحدثنا عن عملها الإنساني في الغوطة الشرقية في ريف دمشق، في أثناء الحصار الأسدي الروسي الإيراني الذي دام نحو خمس سنوات، وانتهى بتهجيرها مع من هُجّرَ قسرًا، من أبناء وبنات الغوطة إلى الشمال السوري، بعد أن خذلهم المجتمع الدولي ومن يعرّفون أنفسهم بـ “أصدقاء الشعب السوري”.
تخرّجت ضيفتنا، في أواخر عام 2012 من كلية الطب البشري في جامعة دمشق، وكانت تلك سنتها الأخيرة في الجامعة، والسنة الثانية من عمر الثورة السورية التي عمّت أرجاء البلاد منذ آذار/ مارس 2011. وفي 15 كانون الثاني/ يناير الماضي، منحها “مجلس أوروبا” جائزة “راوول ولنبيرغ” لعام 2020، وهي جائزة تُمنح مرة كل عامين لشخص أو جهة، وذلك لدورها في مجال العمل الإنساني والدفاع عن حقوق الإنسان.
عرف العالم طبيبة الأطفال أماني بلور، بعد مشاركتها في الفيلم الوثائقي السوري “الكهف” (مدته مئة ودقيقتين، أنتجته “ناشونال جيوغرافيك” والهيئة الدنماركية للأفلام الوثائقية)، للمخرج والمعتقل السياسي السابق فراس فياض، بعد أن رُشح لجائزة الأوسكار هذا العام، وتنافس مع وثائقي سوري آخر، يدور أيضًا حول المأساة السورية، بعنوان “إلى سما” للمخرجة السورية الشابة وعد الخطيب.
هنا نصّ الحوار، الذي أعاد الطبيبة السورية لذكرياتها أيام كانت في الخطوط الأمامية في معركة أحرار وحرائر الغوطة الشرقية، ضد طغيان واستبداد الأسد الصغير.
بعد رحلة طويلة وشاقة من العمل في الغوطة الشرقية، إلى أين تتجه اهتماماتك اليوم؟
ما زلت حتى اليوم أعمل لتحقيق الهدف ذاته الذي قامت من أجله الثورة السورية، عن طريق المناصرة على وسائل الإعلام العالمية واللقاءات مع بعض المسؤولين، بهدف الحصول على الدعم والتعاطف مع الشعب السوري ومساعدته بكل المجالات، وخاصة الدعم الإنساني لمن هم في الداخل السوري وفي المخيمات. وإضافة إلى ذلك، أعمل على تأسيس “صندوق الأمل” لدعم وتمكين الفتيات والنساء في مناطق النزاع.
ما الذي بقي في ذاكرتك اليوم عن مرحلة حصار الغوطة الشرقية في ريف دمشق من قِبل قوات النظام الأسدي؟
ما زالت تفاصيل الحصار والقصف والتجويع والتدمير في ذاكرتي. لا أعتقد أن بإمكاني أن أنسى وجوه الأطفال الجائعين والمتألمين وأصواتهم ودموعهم واستغاثات الأمهات والآباء. ما زلت أذكر جيدًا مواقف العجز والحزن أمام كثير من الحالات الطبية التي مرّت بنا تارة، ولحظات الفرح التي انتابتنا حينما استطعنا إنقاذ شخص ما تارة أخرى. أذكر تمامًا أصوات الطائرات الحربية التي لم تغادر سماء الغوطة إلّا نادرًا، ومنظر الدماء في أروقة المشفى، وأصوات قسم الطوارئ وسيارات الإسعاف واستغاثات المصابين بعد كل غارة. أتذكر اليوم تلك السنوات، بكل ما فيها من ظلم تعرّض له الأبرياء، ومن خذلان من المجتمع الدولي الذي كان يتفرج على المأساة.
اروي لنا مشاهداتك عن “مجزرة الكيمياوي” في الغوطة الشرقية، التي عشتِ تفاصيلها في 21 آب/ أغسطس 2013؟
في تلك الآونة، كانت المجازر شيئًا يوميًا ومعتادًا. كطبيبة كنت أرى الجثث والأشلاء والدم كل يوم. كنت أرى أجسادًا محروقة وأخرى ممزقة، جلّهم من الأطفال والنساء. لكن أسوأ هذه المجازر وأكثرها بشاعة كانت تلك المجزرة التي حصلت في الحادي والعشرين من آب/ أغسطس 2013. لم نرَ حينها أشلاء ودماء كما اعتدنا. لم تكن هنالك أجساد ممزقة.. إذ استهدف النظام مدينتين من مدن الغوطة بغاز السارين، بعد منتصف الليل، كان الناس نائمين وقد أنهكهم الجوع والخوف، استنشقوا الغاز السام واختنقوا.. رأيت المئات من الضحايا يختنقون أمام عيني غالبيتهم من الأطفال، بدوا وكأنهم نائمون. لم نستطع استيعاب ما حدث، وكنا نشعر وكأنه كابوس لا واقع وحقيقة. كان الضجيج والصخب والرعب يملأ المكان في تلك الليلة. ما زلت أذكر جثث الأطفال التي تراكمت فوق بعضها، في زاوية إحدى غرف المشفى. لم يكن هناك مكان فارغ لوضعها على الأرض. كانت الوجوه شاحبة والشفاه زرقاء، والجميع لديهم نفس الأعراض وهي حالات طارئة طبّيًا. لم نستطع إنقاذ الجميع، كان علينا أن نختار من ننقذ، بدأت بإنقاذ الأطفال الذين كانوا بالقرب مني، كان عددهم كبيرًا، وعدد الكادر الطبي قليلًا وتجهيزاتنا متواضعة بسبب الحصار الذي كانت تضربه قوات الأسد على كامل الغوطة الشرقية. لقد بذلنا كل ما بوسعنا لكن كثيرين منهم ماتوا.
في تلك الليلة، رأيت سيدةً كانت تراجعني عادة في عيادتي، لعلاج أطفالها الثلاثة من بعض الأعراض، رأيتها تبكي وهي منهارة تمامًا، اتّجهتْ نحوي وقالت لي إن أولادها الثلاثة اختنقوا وماتوا. طلبت مني أن أذهب معها لرؤيتهم، لكنني لم أستطع. كنت مشغولة جدًا بإنقاذ البقية. لم أستطع حتى مواساتها. لقد استخدم نظام الطاغية المجرم غاز السارين المحرم دوليًا، وقتل ما يزيد عن 1500 شخص بريء في ليلة واحدة، وأصاب الآلاف.
ما هي أقسى حادثة عشتِ تفاصيلها أثناء أداء عملك كطبيبة أطفال، في فترة حصار الغوطة الشرقية الطويلة؟
لقد رأيتُ كثيرًا من الحوادث والحالات المؤلمة. في إحدى المجازر، قبيل تهجيرنا، أحضر المسعفون إلى المشفى طفلًا عمره نحو 9 سنوات أصيب في القصف، وكانت إصابته خطيرة جدًا، والدم ينزف من أذنيه، ودماغه يظهر جزء منه خارج الجمجمة، كان والداه يقفان إلى جانبه وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، لم يكن هناك غرفة عناية مشدّدة، بسبب استهداف النظام لمركز العناية المشدّدة الوحيد في المنطقة وتدميره. كان على الأبوين أن يقفا متفرجين على طفلهما وهو يموت. لم أستطع أن أفعل أي شيء لإنقاذ حياة الطفل. ظلّ يتنفس أنفاسًا نزعية ساعات وقلبُه ينبض. قال لي والده إن ابنه لم يتناول شيئًا من الطعام منذ ثلاثة أيام، وسألني عن إمكانية أن يطعمه شيئًا قبل أن يموت. وبعد انتظار طويل، طلبتْ مني أمه أن أعطيه أيّ دواء يعجّل موته، تريده أن يموت ويستريح من الألم. لقد كان كلامها صادمًا لي، أنا التي قررت البقاء في الغوطة لمساعدة الناس ليعيشوا لا ليموتوا. لا أستطيع أن أنسى كلماتها ودموعها ونظرتها، ما حييت.
كيف تم إنشاء مشفى “الكهف” تحت الأرض الذي تولّيتِ إدارته، ومن هي الجهات التي ساهمت في التمويل وتجهيزه بالمعدات الطبية؟ وماذا تحدثينا عن طواقمه الطبية والإسعافية إبان الحصار؟
كان المبنى موجودًا قبل الثورة، كان يفترض أن يكون مشفًى، ولكن لم يتم استكماله. مع بداية الثورة واستهداف النظام للمشافي، ظهرت الحاجة إلى إيجاد مشاف سريّة لا يعلم بها النظام. بدأ زميلي الطبيب الجراح سليم نمور بالعمل في قبو هذا المبنى، مع بعض المتطوعين، والتحقت أنا بالعمل معهم. تطوع العديد من الشباب والفتيات في العمل الطبي، وتطورت مهارتهم مع الوقت، ثم تطور المشفى وتم توسيعه بسبب ازدياد الحاجة، وذلك لكثرة المجازر والقصف وانتشار الأمراض. والتحق العديد من الأطباء في مختلف الاختصاصات بالعمل في المشفى، حتى أصبح من أهم المشافي في المنطقة. في فترة وجودي كمديرة للمشفى، كنا نتلقى معظم الدعم من منظمة “أطباء بلا حدود”، وجزءًا من الدعم من “الجمعية الطبية السورية الأميركية”.
ماذا عن دور المنظمات والهيئات الطبية والإغاثية والإنسانية الأممية والدولية في تخفيف معاناة المدنيين فترة الحصار؟ وهل كان دعمهم كافيًا؟
كانت المنظمات غير الحكومية تحاول إرسال الدعم والمساعدات، ولكن ذلك لم يكن سهلًا بسبب الحصار، ولم يكن كافيًا، فقد كان عدد السكان المحاصرين في الغوطة حوالي 400 ألف، منهم حوالي 100 ألف طفل تحت عمر الـ 12 عام. وجميعهم احتياجاتهم كبيرة في ظل نقص كل شيء والقصف المستمر. أما بالنسبة إلى الأمم المتحدة، فقد كانت تُدخل لنا بعض الأدوية والمواد الغذائية والطبية التي لا تكفي لحيّ واحد من أحياء الغوطة، وذلك كل سنة أو أكثر، لأنها كانت تنتظر الإذن من النظام المجرم الذي يحاصرنا، ليسمح للفرق الأممية بإدخال الدواء والطعام لأبناء الغوطة المحاصرين.
ما الذي يمكنك إخبارنا عنه، كشاهدة عيان، عن الأوضاع التي عاشها أهالي الغوطة الشرقية في الشهر الأخير من الحصار، الذي انتهى بترحيل آلاف المقاتلين وذويهم بالباصات الخضراء إلى الشمال السوري؟
كان الشهر الأخير هو الأسوأ، حيث بدأ النظام وحلفاؤه بتكثيف القصف على كل مناطق الغوطة، فلم يتوقف القصف لحظة واحدة. استخدموا كل أنواع الأسلحة حتى الكيمياوي. وبقي الناس أيامًا في الأقبية تحت الأرض بدون طعام، وكان مصير من يخاطر منهم بالخروج أن يموت بإحدى الضربات. كانت تجتمع 7 أو 8 طائرات حربية في سماء الغوطة في وقت واحد، وتقصف كل شيء على سطح الأرض. امتلأت المشفى حينذاك بالمصابين والجثث، واستهلكت المواد الطبية والأدوية. استهدفوا قسم العناية المشدّدة وقسم التصوير الطبقي المحوري في المنطقة، ودمروهما بالكامل، كما دمروا غالبية سيارات الإسعاف.
كان الجرحى يئنون ويتألمون أمام أعيننا، دون أن نستطيع مساعدتهم. كانت تلك الأيام أشبه بيوم القيامة. بدأت القرى في الغوطة تسقط بيد النظام وحلفائه واحدة تلو الأخرى. وحين لم يبق إلا قريتان؛ قرر النظام والروس إرسال باصات لتهجير السكان إلى إدلب في الشمال السوري. وفعلًا قررنا الرحيل، بعد أن خذلنا المجتمع الدولي كالعادة، وبعد حالة صمود وأمل، دامت أكثر من خمس سنوات.
ما الذي عنته لك جائزة “راوول ولنبيرغ” لعام 2020 تقديرًا لدورك البارز في مجال العمل الإنساني في الغوطة الشرقية؟ من الذي خطر ببالك في تلك اللحظة بالذات؟
جائزة “راؤول وولنبيرغ” بالنسبة إلي هي جائزة لكل السوريين الذين عانوا ظلم النظام ووحشيته، والذين قرروا الوقوف في وجهه ومساعدة الأبرياء بكل الوسائل المتاحة لهم. فكرت حينها بزملائي الذين استُشهدوا وهم يقومون بعملهم الإنساني في إنقاذ الناس، فكرت بكل الكوادر المناضلة الطبية والإنسانية الذين يعملون ليل نهار منذ سنوات، شعرت أن هذه الجائزة لنا جميعًا، وحلمت باليوم الذي سنفرح فيه معًا، يوم سقوط النظام وتحقيق العدالة.
ما نظرتك إلى ما يجري في الساحات الأوروبية من محاكمات لمجرمي الحرب ومرتكبي الجرائم ضد الإنسانية من أركان نظام الأسد؟ وهل تفكرين شخصيًا في أن تقدّمي شهادتك أمام إحدى محاكم القضاء الأوروبي عما عاينته من جرائم في الغوطة الشرقية؟
برأيي، هذه المحاكمات مهمة جدًا، وهي خطوات على طريق تحقيق العدالة الكاملة، وهي رسالة إلى كل المجرمين أنهم سيحاكمون يومًا ما ولن ينجوا بجرائمهم. سنطارد كل من تلوثت يداه بدماء الأبرياء، وسنعمل على كل الوسائل المتاحة لتحقيق العدالة. أنا قدمت شهادتي أمام جهات ولجان عدّة. وسأقدّم شهادتي قريبًا أيضًا في بعض المحاكم الأوروبية.
شاركتِ في بطولة الفيلم الوثائقي السوري “الكهف”، إخراج فراس فياض. ما تفاصيل هذا العمل الذي نقل ما عشتِه مع آلاف المدنيين السوريين من آلام وأوجاع، في المشفى الذي يحمل ذلك الاسم؟ وما الغاية الرئيسية من مشاركتك فيه؟
أردتُ من خلال فيلم “الكهف” إيصال الحقيقة لما حدث في الغوطة الشرقية، على مدى سنوات الحصار، في الوقت الذي توقف فيه الناس في العالم عن مشاهدة أخبار سورية، وباتت مشاهد القتل والتدمير اعتيادية عندهم، أردت أن يعرف هؤلاء أن الأبرياء والأطفال ما زالوا يُقتلون ويجوعون ويعانون، وأنهم بحاجة إلى المساعدة. أردنا -فريق العمل- توثيق هذه الحقائق التي طالما أراد النظام وحلفاؤه تزويرها بادّعاءاتهم الكاذبة.
بتقديرك، إلى أي مدى ساهم فيلم “الكهف” الذي رُشح للأوسكار هذا العام، في تسليط الأضواء على مأساة المدنيين السوريين، والحربُ التي أعلنها النظام الأسدي ضدّهم تدخل عامها العاشر؟
فعلًا، أسهم هذ العمل في إيصال الحقيقة إلى عدد كبير من الناس، وتواصل معنا كثيرون بعد مشاهدته ليخبرونا عن تضامنهم، وماذا يمكن أن يفعلوا لنصرة الشعب السوري. لم يتحقق حلمنا الأكبر بسقوط النظام والمحاسبة بعد، ولكني واثقة أن هذا الفيلم، بالإضافة إلى ما يقوم به السوريون في كل العالم من توثيق، هو خطوة مهمة جدًا في سبيل تحقيق أهدافنا وحفظ تاريخنا.
بتقديرك، هل يمكن أن تغيّر السينما ووسائل الإعلام ومواقع التواصل شيئًا من الواقع الذي عاشه ويعيشه السوريون الآن في الجغرافيا السورية التي مزقتها الحرب؟
لا شكّ في أن للسينما ووسائل التواصل الاجتماعي دورًا كبيرًا جدًا، بالتأثير في الرأي العام وإحداث التغيير المطلوب. القضية السورية باتت معقدة أكثر مما توقعنا، ولكننا لن نتوقف عن الضغط بكل الوسائل المتاحة والمتوفرة، ومنها وسائل التواصل الاجتماعي، حتى تحقيق أهدافنا كاملة.
أما زال هناك إمكانية للحديث عن ثورة شعب في بلدٍ تحوّل إلى مقاطعات مسلّحة، ويخضع لأكثر من احتلال (إيراني معززًا بميليشيات شيعية متعدّدة الجنسيات، وروسي، وأميركي و…)؟
صحيح أن سورية اليوم مقسمة وتخضع لأكثر من احتلال، ولكن كثيرين من أبناء الشعب السوري، داخل سورية وخارجها، ما زالوا يحملون قيم الثورة الأولى، وما زالوا يعملون بكل الوسائل لتحقيق أهدافها، بالرغم من كل ما أصابنا من عثرات وانتكاسات. ومن المهم أن يعلم العالم أجمع أن ما حدث في سورية كان ثورة شعب أعزل ضد نظام مجرم وقاتل.
برأيكِ، كيف يمكن للمرأة السورية أن تلعب دورًا رائدًا في بناء السلام في بلدها، وآلة القتل الجهنمية الأسدية الروسية الإيرانية لم تتوقف بعد؟
برأيي، مهمة النساء هي مهمة الرجال نفسها، منذ بداية الثورة حتى هذه المرحلة. حيث تعمل النساء إلى جانب الرجال في كل المجالات الطبية والإغاثية والتعليمية والإعلامية. ولن تتحقق أهداف الثورة وإعادة بناء بلد آمن ديمقراطي حر، إذا لم تنل المرأة حقوقها وتكون جزءًا من كل جسم ثوري في المرحلة المقبلة.
كيف يبدو لك دور وعمل مؤسسات وهيئات المجتمع المدني السوري، في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ ثورتنا؟
منظمات وهيئات المجتمع المدني هي حاجة من احتياجات المجتمع، في ظل ظروف الحرب والتهجير وهيمنة قوى الأمر الواقع في مناطق المعارضة، وهي تعمل في ظروف صعبة، وقد حققت كثيرًا من الإنجازات على الأرض، بالرغم من أن لدى بعضها أخطاء وقلة خبرة، وبعضها يخضع لسياسات بعض الجهات المانحة، ولكن لا غنى أبدًا عن وجودها ودعم احتياجاتها وتلبية مطالبها؛ فهي الأقدر على إيصال صوت الناس في ظل الاستقطابات والتجاذبات الحاصلة حاليًا، وهي اليوم تواجه تحدّيات كبيرة في ظل انتشار مرض كورونا (كوفيد 19) المستجد، وعدم كفاية الدعم الدولي في المجال الطبي.
أخيرًا، كيف يمكن مساعدة السوريين في الداخل، وكثيرٌ من الناشطات والناشطين الثوريين يعيشون اليوم في الولايات المتّحدة الأميركية وفي بلدان اللجوء الغربية والدول الإسكندنافية؟
وجودنا خارج سورية اليوم لم يكن باختيارنا، فقسم كبير من السوريين تم تهجيره قسرًا بسبب القمع والظلم والقتل، ولكن غالبيتهم العظمى همّهم الأكبر اليوم هو مساعدة السوريين في الداخل. وكلنا نعلم حجم المعاناة التي يعانيها الناس، وخاصة في المخيمات، وأعتقد أن لوجود السوريين في الخارج دورًا مهمًا في الضغط والمناصرة وحشد الدعم والتعاطف على جميع الأصعدة.