ترجمة علي كمخ
أدلى وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو بتصريحات حول إمكانية نشر منظومة الحرب الإلكترونية الروسية سابسان- كونفوي (Sapsan-Convoy) المتنقلة المضادة للطائرات المسيّرة، في سورية، وذلك عقب أدائها في مناورات القوقاز (Kavkaz) التي جرت في أيلول/ سبتمبر 2020.
وكانت المنظومات الجوية بدون طيار التركية قد حققت تفوقًا قتاليًا لافتًا، ضد القوات المسلحة السورية، في عملية “درع الربيع”، التي أطلقتها تركيا بداية عام 2020. علاوة على تحقيق النتائج ذاتها، في عملية ناغورني-كاراباخ الأخيرة التي نفذتها القوات المسلحة الأذربيجانية ضد قوات الاحتلال الأرمينية.
ولذلك؛ يجب في الوضع الراهن، الذي من المحتمل أن تندرج فيه عملية عسكرية في إدلب على جدول أعمال نظام البعث، الوقوف على عملية شحن منظومة الحرب الإلكترونية المذكورة إلى سورية، ومعاينتها عن كثب.
التقييم الفني لمنظومة الحرب الإلكترونية المتنقلة: سابسان-كونفوي
منظومة سابسان-كونفوي الإلكترونية هي من إنتاج شركة أفتوماتيكا كونسرن (Avtomatika Concern) العاملة تحت إشراف وكالة التكنولوجيا الدفاعية والتقنيات الاستراتيجية الروسية روستيخ (Rostec). وتشير النشرات العسكرية مفتوحة المصدر إلى أن منظومة الحرب الإلكترونية تلك قادرة على إحداث التشويش الكهرومغناطيسي، ضمن دائرة نصف قطرها 100 كيلومتر. وأن المنظومة صممت لتعطيل وصد هجمات الطائرة المسيرة (ومنها أسراب [swarming] الطائرات بدون طيار)، وتعتمد مقدرتها في تحديد وكشف الهدف على أجهزة الاستشعار البصرية بالأشعة تحت الحمراء، والبنية التحتية الإلكترونية للاستطلاع والرصد، والرادارات [1]. وأن استخدام سابسان-كونفوي على منصات (off-road) يوفر حماية عضوية لوحدات المناورة، ويسمح بنشرها في ظروف ساحات المعارك ذات الوتيرة العملياتية العالية.
وتلفت منظومة سابسان-كونفوي الأنظار بمواصفاتها الفنية التقنية التالية: قدرة المنظومة الفرعية 1000 ميجابت- ثا/ واجهة إيثرنت، القدرة على إيصال 1000بيان تتبع هدف إلى المشغل بشكل مرئي، زاوية ميل 360 درجة، زاوية ارتفاع عملياتي 5-90 درجة؛ القدرة على تحديد الأهداف التي تسير بسرعة 0-300 م/ ثا؛ القدرة على تحديد الأهداف مع مساحة مقطع عرضي للرادار تصل 0.003 م2؛ القدرة على تحديد أنظمة (Satcom) والطائرات المسيّرة عن بعد، والتشويش عليها؛ القدرة الكبيرة على تكوين نطاق التردد الإلكتروني [2].
وقد عُرضت المنظومة في منتدى آرمي- Army للدفاع الدولي في آب/ أغسطس 2020، وتم اختبارها في مناورات القوقاز- أيلول/ سبتمبر 2020. حيث تشير البيانات المتاحة إلى أن منظومة سابسان-كونفوي مصممة كسلاح مضاد للطائرات المسيّرة والطائرات بدون طيار… وفي هذا الإطار، تمتلك منظومة سابسان-كونفوي:
التقييم العسكري-الإستراتيجي لنشر منظومة سابسان-كونفوي في سورية
ومن الجدير بالذكر أن الاتحاد الروسي ينشر العديد من أنظمة الحرب الإلكترونية في سورية، منذ عام 2015. من بينها منظومة كراسوخا-4 الفعالة على مستوى النطاق x والنطاق Ku ونظام التدابير والحماية -المضاد للطائرات الحربية والصواريخ الموجهة والمستخدم في الاستخبارات الإلكترونية، وفي إتلاف عناصر القيادة والسيطرة الأرضية المعادية- (L-175V/ VE) الذي يمكن حمله بواسطة الطائرات المقاتلة فلانكر Su-30SM، وفلانكر Su-35، وفول باك Su-34 [3].
في هذا السياق، يجب الإجابة عن سؤالين حاسمين في مسألة نشر منظومة سابسان-كونفوي في سورية. الأول: ما المدلولات العسكرية الذي يمكن أن تعمل في ظلها منظومة سابسان-كونفوي؟ والثاني: إذا كان سيتم تزويد نظام البعث بهذه القدرة، فماذا تحمل القدرة المذكورة من معاني بالنسبة إلى القوات المسلحة العربية السورية؟
من الناحية العسكرية، فإن نظام سابسان-كونفوي هو نظام تكتيكي يمكنه مرافقة القوات المناورة تحت ضغط الطائرات المسيّرة. فالحاجة المذكورة أعلاه ضرورية وجدية في سياق الدروس المستفادة من ساحات القتال الأخيرة. فعلى سبيل المثال؛ تكبدت الحشود الشمالية للقوات المسلحة العربية السورية والقوات شبه العسكرية المناصرة لنظام البعث، خسائر فادحة في مواجهة قدرات الطائرات المسيّرة التركية، خلال عملية درع الربيع التي نُفذت في شباط/ فبراير – آذار/ مارس 2020. وبالصورة ذاتها؛ وفي نزاع ناغورني-كاراباخ الذي دخل في عملية وقف إطلاق للنار (في وقت صياغة هذا المقالة)، ألحقت القوات الأذربيجانية بقوات الاحتلال الأرميني خسائر غير متوقعة، عبر الهجوم العام المسند بالطائرات المسيرة ذات القدرات العالية التركية-الإسرائيلية الصنع. وبحسب البيانات مفتوحة المصدر، فقد بلغت خسائر القوات الأرمينية؛ 185 دبابة قتالية، و250 قطعة مختلفة من سلاح مدفعية وراجمات صواريخ متعددة السبطانات [4]. ولا ريب في أن موسكو قد راقبت عن كثب ساحات المعارك الأخيرة المذكورة آنفًا. وإضافة إلى ذلك، كان الهجوم الذي قامت به الطائرات القتالية المسيّرة المصممة بأعلى المستويات العملياتية (وحملت بحسب المصادر الروسية الخاصية السربية: swarming) على قاعدة حميميم الروسية، في كانون الثاني/ يناير عام 2018، نقطة تحوّل في التخطيط العسكري وقطاع الدفاع الروسي.
وقد أظهرت الدراسات المتعلقة بالعلوم العسكرية المنشورة، من خلال تقييم الأمثلة أعلاه، أن جميع وحدات وقطعات الحرب البرية من الدبابات القتالية الأساسية والعناصر المدرعة والميكانيكية تبقى في ساحات حروب القرن الحادي والعشرين مكشوفة وفاقدة جدًا للحماية والإسناد ضد المركبات الجوية غير المأهولة، من دون دعم درع من أنظمة الحرب الإلكترونية وأنظمة الدفاع الجوي الميكانيكية (المتنقلة) اللازمة، والقائمة على بنية معمارية مرتكزة على الشبكة [5]. لذلك، من المتوقع أن تنشر موسكو منظومة سابسان-كونفوي في سورية، في نطاق مخطط إعادة هيكلة القوات المسلحة العربية السورية، وربما تقوية قدراتها استعدادًا لهجوم محتمل على إدلب.
وتحمل أنشطة الحرب الإلكترونية الروسية، بقيادة الجنرال يوري لاستوشكين، أهمية كبرى في السياسة العسكرية والتخطيط الحربي للقوات المسلحة الروسية. ويشار إلى أن الجنرال لاستوشكين ذكر في تصريح أدلى به في أيار/ مايو عام 2017، أن الهدف الرئيس لنهج الحرب الإلكترونية هو تعطيل التفوق التكنولوجي للعدو، وتغيير التوازن الإستراتيجي في الحرب منذ البداية [6].
الجنرال سيرجي سوروفيكين، قائد القوات الجوية- الفضائية الروسية، وأول قائد للقوى الجوية من غير الطيارين، هو فاعل آخر ذو أهمية كبيرة في قدرة الحرب الإلكترونية. تدرّج الجنرال سوروفيكين في سلّم القيادة الحالي بعد النجاحات التي حققها في العمليات الجوية، في مهمته السابقة في سورية عام 2017، في إدارة وتوجيه الوحدات الروسية المتقدمة المتمركزة في سورية. وسوروفيكين هو من القادة الروس الذين يتمتعون بخبرة واسعة في عناصر الحرب الإلكترونية في سورية، وإعادة هيكلة القوات المسلحة العربية السورية. لذلك، يُعتقد أن هذين الجنرالين سيلعبان دورًا مهمًا وبارزًا في جلب قدرة حرب إلكترونية جديدة إلى سورية.
وقد أظهرت تدريبات الحرب الهجينة الروسية، التي أجريت في الجزء الشرقي من أوكرانيا، إمكانية استخدام الوسائط المتحركة (القناصة ووسائط الدفاع الجوي المحمولة من قبل الأفراد [MANPADS] والصواريخ الموجهة المضادة للدروع وقطعات المدفعية.. وما إلى ذلك) وغير المتحركة (السيبرانية: الحرب الإلكترونية، حرب المعلومات) من خلال التكامل فيما بينها، من المستوى الإستراتيجي حتى المستوى التكتيكي. كما أظهرت الدراسات المتعلقة بمظلة الدفاع الجوي التي تحمي الوحدات الروسية المتقدمة المتمركزة في سورية، تكاملًا كبيرًا بين أنظمة الحرب الإلكترونية، وبين أنظمة سام (S-400) و(S-300V4) بعيدة المدى، وأنظمة سام (SA-17 Pantsir) المتوسطة والمنخفضة-المتوسطة المدى.
ومن المتوقع، تبعًا للعوامل المذكورة آنفًا، أن يكون عناصر المخابرات الجوية العربية السورية وعناصر الفرقة 25 التي برزت إلى الواجهة من أوائل المستخدمين، من حيث النتيجة لمنظومة سابسان-كونفوي، إضافة إلى استفادة مرتبات الفيلق الخامس (الذي شكله الخبراء والمستشارون العسكريون الروس بعد التدخل الروسي في سورية) من المنظومة، في حال تزويد القوات المسلحة العربية السورية بهذه القدرة. وهناك إمكانية لتجهيز عناصر القوات الخاصة السورية والحرس الجمهوري بمنظومة سابسان-كونفوي أيضًا.
وفي الوقت الذي يتوقع فيه استفادة الفرقة الرابعة المؤللة في القوات المسلحة السورية، بالدرجة الأولى، من صفقات الشراء العسكرية عالية المستوى في الأحوال الطبيعية، فإن الانعكاسات السلبية للتوتر القائم بين الجنرال ماهر الأسد (قائد الوحدة المذكورة) المقرب من إيران، وبين روسيا، على صفقة سابسان-كونفوي، هي من ضمن الاحتمالات.
المقترحات والتوصيات السياسية-العسكرية لصناع القرار الأتراك
المصادر
[1] تيموثي توماس، القدرات القتالية الروسية لعام 2020: ثلاث تطورات يجب أن تتبعها القيادة الأميركية الأوروبية، 2019، ص 80.
[2] للحصول على معلومات تفصيلية، انظر: http://bastion-karpenko.ru/sapsan-konvoi-uav/ ، تاريخ الوصول : 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2020.
[3] للحصول على معلومات تفصيلية، انظر. المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، الميزان العسكري 2020، 2020.
[4] https://bit.ly/3lFfibm ، تاريخ الوصول: 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2020.
[5] جاك واتلينج، مفتاح خسائر الدبابات في أرمينيا: المستشعرات، وليس الرماة، روسي، تشرين الأول/ أكتوبر 2020.
[6] https://bit.ly/3qExhT9 /، تاريخ الوصول: 12 تشرين الثاني/ نوفمبر 2020.
[7] كيم هارتمان وكير جايلز، “استخدام الطائرات بدون طيار: مجال جديد للقوة الإلكترونية”، الناتو CCD COE، تالين، 2016.
[1] Timothy Thomas, Russian Combat Capabilities for 2020: Three Developments to Track, US European Command, 2019, p.80.
[2] Ayrıntılı bilgi için, bkz: https://bit.ly/39KvFB2, Erişim Tarihi: 11 Kasım 2020.
[3] Ayrıntılı bilgi için bkz. IISS, Military Balance 2020, 2020.
[4] https://bit.ly/33LEEhJ, Erişim Tarihi: 11 Kasım 2020.
[5] Jack Watling, The Key to Armenia’s Tank Losses: The Sensors, Not the Shooters, RUSI, Ekim 2020.
[6] https://bit.ly/3ggSBJf, Erişim Tarihi: 12 Kasım 2020.
[7] Kim Hartmann ve Keir Giles, “UAV Exploitation: A New Domain for Cyber Power”, NATO CCD COE, Tallinn, 2016.
اسم المادة الأصلي | Rus Sapsan-Convoy Elektronik Harp Sisteminin Suriye’ye Konuşlandırılmasına İlişkin Siyasi-Askeri Değerlendirme |
الكاتب | د. جان قصاب أوغلو- مدير برنامج الأمن والدفاع في مركز edam |
المصدر وتاريخ النشر | مركز الأبحاث الاقتصادية والسياسة الخارجية (edam) 16.11.2020 |
رابط المادة | https://bit.ly/3qziI2O |
المترجم | قسم الترجمة- علي كمخ |
عدد الكلمات | 1935- 2343 |