نظّم مركز حرمون للدراسات المعاصرة، في إطار “برنامج المبادرات السياسية”، ورشة عمل في مدينة الدوحة خلال المدة من 3 إلى 5 نيسان/ أبريل 2017 بعنوان: “آفاق العمل السياسي في سورية”؛ شارك فيها 35 شخصًا ينتمون إلى بعض القوى السياسية السورية؛ وقد استند اللقاء إلى روحية الحوار البناء، وتقديم الاقتراحات العملية، وعدم البقاء في إطار التناول الفكري السياسي للموضوع المطروح، وإلى الاستفادة من عناصر القوة المتوافرة في الواقع، واستغلالها لتحقيق الهدف المنشود، خصوصًا ما يتعلق بثمار الثورة السورية من حيث دفعها لطاقات شابة إلى ساحة الاهتمام بالوضع السياسي، بعد أن كان الحقل السياسي حكرًا على مجموعة من المعارضين كبار السن.
ناقش المجتمعون أزمة العمل السياسي التي تلف جميع القوى السياسية، وأسبابها ومشكلاتها وتجلياتها وسبل الوصول إلى حلول عقلانية تضع هذه القوى على الخريطة السياسية. وقد رأى المشاركون أن لهذه الأزمة أسباب عديدة، منها ما هو موضوعي يتمثل أساسًا بـ: تاريخ الاستبداد الطويل في سورية الذي أنتج حالة من الخوف واللامبالاة تجاه مزاولة العمل السياسي؛ الأحوال والأوضاع الموضوعية المعيقة للعمل السياسي بشكل عام في اللحظة الراهنة، خصوصًا بعد أن تحولت الثورة السورية إلى صراع عسكري في سورية وعليها بفعل سياسات “النظام السوري”؛ وجهة النظر السلبية عمومًا لدى السوريين تجاه العمل السياسي.
ومنها ما هو ذاتي، يمكن تكثيفه في: النقص الواضح في الكوادر السياسية الناشطة، ويتجلى في عدم وجود هيئات قيادية ذات خبرة في المستوى الإداري والتنظيمي، إلى جانب ضعف أدائها الفكري السياسي، ما أنتج أخطاء متراكمة خلال السنوات الست الماضية؛ ضعف التواصل والحوار بين الأعضاء المنتمين إلى أي مؤسسة سياسية، نتيجة التشتت الجغرافي في داخل سورية وخارجها؛ ضعف الموارد المالية للمؤسسات السياسية، ما يعني عدم وجود فرق عمل متفرغة؛ إضافة إلى الأمراض والأخطاء الفردية المعيقة للعمل الجماعي، مثل شخصنة العلاقات ضمن المؤسسات السياسية.
شكّل لقاء الدوحة فرصة معقولة لتناول بعض السلبيات الحالية في العمل السياسي من النواحي الفكرية والسياسية والتنظيمية، إذ قُدِّمت مقترحات عديدة لتفعيل أداء القوى السياسية:
- بعض الإجراءات الممكنة الخاصة بتحقيق تماسك القيادات السياسية.
- إجراءات عملية وقانونية لتحقيق تماسك البنى التنظيمية للقوى السياسية.
- مقترحات تتعلق بتوزيع العمل الفكري والسياسي والتنظيمي الخاص بأي مؤسسة سياسية على أعضائها.
- وضع آليات عملية واضحة ومرنة لتحقيق تواصل وحوار فاعلين بين هيئات المؤسسة السياسية من جهة، وبين الهيئات والأعضاء من جهة أخرى.
- مقترحات لوضع ضوابط علمية وواقعية للخطاب السياسي الإعلامي.
- تقديم مقترحات ممكنة لحل مشكلة ضعف الموارد المالية للمؤسسات السياسية.
- مقترحات تتعلق بالطرائق الناجحة لعقد المؤتمرات السياسية.
- استعراض القوى والمجموعات السياسية المتشابهة فكريًا وسياسيًا لبناء حوار مثمر فيما بينها بهدف التنسيق والتعاون أو التحالف أو الاندماج في مؤسسة سياسية واحدة.
وفي نهاية ورشة العمل، أكد المشاركون أهمية عقد ورشات مماثلة في داخل سورية، وفي مناطق وجود السوريين حول العالم، بهدف تناول مشكلات العمل السياسي تفصيلًا، والبحث في القواسم المشتركة بين القوى السياسية السورية، ما يمكن أن يسمح في المآل ببناء مجتمع سياسي سوري قادر على التعامل مع التحديات المفروضة على سورية والسوريين.