يشكّل الأكراد حالة سياسية واجتماعية متمايزة، منذ تأسيس الدولة السورية، وكان لذلك التمايز تعبيرات مبكرة تجسدت في تأسيس أول حزب قومي كردي في البلاد عام 1957، وهو “الحزب الديمقراطي الكردستاني”، وصولًا إلى ما يُعرف اليوم بالحركة السياسية الكردية التي تضم عشرات الأحزاب والحركات السياسية.

بقيت القضية الكردية حبيسة أكرادها وأحزابها السرية، في ظل التمييز والاضطهاد القومي الذي مورس بحقهم، منذ مطلع ستينيات القرن الماضي الذي تضمن الحرمان من الحقوق السياسية والثقافية، وصولًا إلى محاولات التغيير الديموغرافي، وتعززت تلك الممارسات أكثر في عقود حكم نظام الأسد الأب، ومن بعده الابن، الذي خنق كل حراك سياسي كردي أو غير كردي في البلاد، لصالح حكم الحزب الواحد.

مع اندلاع الثورة السورية عام 2011، شارك الكرد، وخاصة الشباب منهم، بزخم في الاحتجاجات والحراك السياسي الذي امتد حتى أواخر عام 2012، حيث كانت نقطة تحوّل تجسدت في انحسار الحركة الشبابية شيئًا فشيئًا، فاتحة المجال لبروز تيارين سياسيين متنافسين، هما “المجلس الوطني الكردي” الذي يضم ائتلافًا من الأحزاب الكردية التقليدية المحافظة التي من أهمها “الحزب الديمقراطي الكردي”، حزب الوحدة “يكيتي”، و”حزب أزادي” وغيرها من جهة، وبين “حزب الاتحاد الديمقراطي” الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني الذي استعاد نشاطه بعد عام 2011، بعد أن كفّ النظام عن ملاحقة كوادره، من جهة أخرى.

برزت نقطة تحول أخرى عام 2014، حين أعلن حزب الاتحاد الديمقراطي إدارته الذاتية في شمال شرق سورية، وتوسع عسكريًا وأيديولوجيًا، وبدأ بملاحقة منافسيه حتى لم يبق للقوى والأحزاب السياسية الأخرى خيارات، إما التحالف مع هذا الحزب والعمل ضمن مشروعه، أو الانكفاء عن الشأن العام.

في السنوات اللاحقة، ازداد المشهد السياسي الكردي تعقيدًا مع تلقي “وحدات حماية الشعب الكردية” الجناح العسكري للاتحاد الديمقراطي الدعمَ من التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة، وتوسعت مناطق سيطرة الحزب لتشمل المناطق ذات الغالبية العربية جنوب محافظة الحسكة، ثم لاحقًا الرقة وأجزاء من دير الزور، تحت غطاء “قوات سوريا الديمقراطية”؛ ما أجج الخلاف الكردي العربي أكثر، ورفع فرصَ نشوب صراع من هذا النوع، وفتح الباب للتدخل العسكري التركي المباشر.

فتح اندلاع الثورة السورية عام 2011 الأبواب أمام الشباب السوري بشكل عام، والكردي بشكل أكبر، للدخول إلى ساحة الشأن العام لأول مرة في حياتهم التي قضوها تحت حكم الاستبداد، وهناك خاضوا تجاربهم السياسية الأولى، حيث لعبوا دورا مهمًا في الحراك السياسي، خلال السنوات الأولى للثورة. لكن تصاعد وتيرة الصراع واتساعه دفعت كثيرًا منهم إلى الانكفاء مرة أخرى عن الشأن العام، والالتفات إلى طموحاتهم الصغيرة داخل سورية وخارجها، حيث فرت نسبة كبيرة من الشباب.

تشكل هذه الدراسة محاولة منهجية لاستكشاف بيئة الاتجاهات السياسية لدى الشباب الكرد السوريين، والتعرف إلى أبرز مواقف أولئك الشباب، تجاه مكونات المشهد السياسي القائم اليوم في سورية، والمشهد الكردي الداخلي ضمنًا، سواء كانت تلك المكونات قوى منخرطة في الصراع أو في قضايا أو قيم سياسية أو غيرها.

تأتي هذه المحاولة ضمن سياق اجتماعي وسياسي معقد وغير مستقر في سورية، يتجلى في استمرار الصراع على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، من دون أفق لحل يحقق الحد الأدنى من تطلعات السوريين نحو دولة ديمقراطية.

وقد توصلت الدراسة إلى جملة من النتائج الخاصة بهذه التجربة السياسية القصيرة، بالنسبة إلى الشباب الكردي، منها:

  • نظرة الشباب الكردي إلى مجمل ما يحدث في سورية وفي مناطقها المختلفة
  • تقييم الشباب الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي وصل اليه أكراد سورية اليوم
  • علاقة الشباب الكردي بمختلف عناصر المشهد السياسي في سورية
  • ثقتهم بالحركة السياسية الكردية وبأحزابها الكثيرة والمتصارعة ودرجة ارتباطهم بها
  • موقع الشباب الكردي من لوحة الانتماءات المحلية والقومية والوطنية، وغيرها من الانتماءات المتداخلة المحيطة بهم
  • رؤية الشباب الكردي للمستقبل

يذكر أن الدراسة الميدانية نُفذت في مدينتي “ماردين” التركية و”القامشلي” السورية، على عيّنة من 250 مفردة، ما بين 20 حتى 27 أبريل/ نيسان، من العام 2018.

 

المحتويات

ملخص الدراسة

فريق عمل الدراسة

شكر

توطئة

الفصل الأول: الإطار النظري والمنهجي للدراسة

أولًا- إشكالية الدراسة وتساؤلاتها

ثانيًا: أهمية الدراسة وأهدافها

ثالثا: الأسس المنهجية

رابعا: المفاهيم والتعريفات الإجرائية

 

الفصل الثاني: نتائج الدراسة الميدانية

أولًا- العلاقة مع الشأن العام والفاعلية السياسية والمدنية للشباب الكرد

ثانيًا- الموقف من الصراع في سورية وأطرافه

ثالثًا- الهوية والانتماء لدى الشباب الكرد السوريين

رابعًا- التطلع نحو المستقبل

خلاصة الدراسة

ملاحق الدراسة

ملحق 1- استمارة البحث للعينة الفرعية في سورية

ملحق 2- استمارة البحث للعيّنة الفرعية في تركيا

ملحق 3- الجداول التكرارية لمعطيات العيّنة الكلية

فريق عمل الدراسة

الباحثون الرئيسيون

د. حسام السعد

أ. سلطان جلبي

فريق جمع البيانات

أحمد عبدالله ولي

حكيم زياد شيخو

نيروز هدايت جلبي

نسرين هدايت جلبي

محمد خضر ولي

التفريغ الإلكتروني والعمليات الإحصائية

أيهم باريش

 

لقراءة الدراسة كاملًا اضغط هنا (النسخة باللغة العربية)

(النسخة باللغة التركية)