صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، حديثًا، كتاب موضوعات كردية سورية لعبد الباسط سيدا، يجمع بين دفتيه أوراقًا بحثية قدّمها في مؤتمرات وفعاليات تناولت الموضوع السوري عمومًا، والمسألة الكردية السورية خصوصًا، بين عامي 2003 و2019. يتألف الكتاب من عشرة فصول في 272 صفحة. في الفصل الأول الذي يحمل عنوان  “الحوار العربي – الكردي: الحالة السورية أنموذجًا”، يتوقف المؤلف عند مسألة العلاقة بين المثقفين العرب والكرد السوريين على وجه التحديد، “فهذه العلاقة إذا بُنيت على أسس سليمة من شأنها أن تؤثر بصورة إيجابية في الموقفين: السياسي الحزبي، والشعبي العام لدى العرب والكرد على السواء”.

في الفصل الثاني المُعنون “واقع المسألة الكردية في سورية وآفاقها”، يسرد المؤلف وقائع الاضطهاد التي يتعرض لها الأكراد السوريون على يد النظام السوري، ومنها الحد من نسبة الوجود العددي الكردي بسبل شتّى، والسيطرة على أكبر مساحة ممكنة من الأراضي في المناطق الكردية، والتضييق الاقتصادي المستمر، والحفاظ على التخلف في المناطق الكردية، وإلغاء الشخصية الثقافية الكردية.

وفي الفصل الثالث المعنون بـ “موقع المسألة الكردية في خارطة التفاعلات التي تشهدها سورية راهنًا وآفاقها المستقبلية”، يقول المؤلف “إننا محكومون بالتعايش في سورية، والانتماء القومي المتعدد لا يمثّل ضعفًا؛ بل على النقيض من ذلك، في مقدورنا الاستفادة من العلاقات العربية والكردية، ووضعها في خدمة نهضة سورية وتقدّمها، الأمر الذي سيكون لصالح المنطقة بأسرها. إن المنشود راهنًا – استعدادًا للمستقبل الحافل بالمتغيرات والاستحقاقات – هو حوار وطني عربي – كردي جاد في سياق وطني سوري؛ حوار يمثل أساس اللقاء بين مجمل مكوّنات الشعب السوري، ويمهّد لفعلٍ وطني تغييري بأسلوب ديمقراطي، حيث إنه ما عاد يحتمل التأجيل أو التسويف”.

في الفصل الرابع، “موقع الكرد في الثورة السورية وتفاعلهم معها”، عرض المؤلف وقائع من مشاركة الكرد في الثورة السورية التي اندلعت في عام 2011، ليؤكد بعدها أن الكرد في سورية لا يطالبون بكيان منفصل، ولا توجد إمكانية ضمن حدود سورية الحالية لكيان من هذا القبيل، كل ما ينشده الكرد هو الإقرار بخصوصيتهم وحقوقهم، شأنهم في ذلك شأن جميع المكوّنات السورية الأخرى.

في الفصل الخامس المعنون “مستقبل كرد سورية”، فيرى المؤلف أن حل القضية الكردية في سورية ضمن إطار وطني، وحلّها في تركيا وفق المبدأ نفسه، سيؤديان إلى تعزيز الاستقرار والأمن في المنطقة، وستتحول تركيا بالنسبة إلى المناطق الكردية في سورية إلى رافعة اقتصادية نهضوية. كما أنه سيكون كرد سورية بالنسبة إلى تركيا بوابة مد جسور التواصل مع الداخل السوري، ومع الدول العربية، وذلك بحكم تفاعل الكرد السوريين واندماجهم مع مجتمعهم السوري، وفاعليتهم المبنية على تشبّعهم بالثقافة العربية – الإسلامية ومؤهلاتهم العلمية والحرفية في المجتمعات العربية المختلفة، خصوصًا الخليجية منها.

وفي الفصل السادس، “الكرد والثورة السورية: التصور، الواقع، العلاقة بفصائل المعارضة السورية”، فيحاول المؤلف الابتعاد عن تكرار ما كُتب وقيل كثيرًا حول القضية الكردية في سورية، والاكتفاء بإبراز بعض المسائل التي نعتقد أنها تلقي الضوء على الموقف الكردي، أو بتعبير أدق المواقف الكردية، من الثورة السورية.

في الفصل السابع، “الوجود الكردي في سورية تاريخيًا واجتماعيًا”، يتوقف المؤلف عند الخلفية التاريخية لمسألة الوجود الكردي في سورية، بالعودة إلى المباحثات والاتفاقيات التي عُقدت بعد الحرب العالمية الأولى بين الحلفاء من جهة، وفرنسا وتركيا من جهة أخرى. ثم يتناول أهم المراكز الحضرية في المناطق الكردية في سورية، ويحاول تقديم صورة موجزة عن طابع المجتمع الكردي السوري بصفة عامة، معتمدًا في دراسته المنهج التاريخي النقدي، إلى جانب المنهج الوصفي، بغية إماطة اللثام عن كثير من القضايا الإشكالية، وتقديم صورة موضوعية – ضمن حدود الإمكان – لواقع حال المناطق الكردية السورية قبل الثورة.

في الفصل الثامن الذي يحمل عنوان  “كرد سورية والثورة: ماذا جرى للمجلس الوطني الكردي؟”، فيعتقد المؤلف أنه على الرغم من ضعف المجلس الوطني الكردي، فإنه سيكون له دور مستقبلي فاعل على المستويين الكردي والسوري الوطني العام. أمّا حزب الاتحاد الديمقراطي PYD، فسيكون على الأغلب أمام خيارين: التحوّل إلى حزب كردي سوري يعترف بالقوى السياسية الأخرى الموجودة في مناطق سيطرته الحالية، ويقر بحقها في ممارسة نشاطها السياسي بكل حرية، أو أنه سيستمر في توجّهه الحالي والتزامه الأيديولوجي مع حزب العمال الكردستاني PKK، الأمر الذي لن يخدم عملية الاستقرار على المستوى الكردي والسوري والإقليمي بصورة عامة.

أما الفصل التاسع، “نحو مقاربة جديدة لحل المسألة الكردية”، فيقول فيه المؤلف إن المسألة الكردية هي واحدة من أكثر المسائل تعقيدًا في منطقتنا، ولن يكون من السهل الوصول إلى توافقات بشأنها عبر المجاملات الخاوية من مضمون واقعي؛ فما نحتاج إليه قبل كل شيء هو متابعة اللقاءات والحوارات، حتى نصل إلى توافقات حول إجراءات ملموسة تبدّد المخاوف.

وفي الفصل العاشر والأخير المعنون “جذور القضية الكردية في سورية وآفاقها”، فيرى المؤلف أن الأمر الغريب واللافت من جانب القوى السياسية الكردية يتمثل في غياب استراتيجية متكاملة على المستوى الكردي السوري، تقوم على دراسة الأوضاع والإمكانات، وتحديد المطلوب، وبلورة معالم البدائل المطروحة عبر استشفاف ملامح الآتي المتوقَّع، فالقوى السياسية الكردية السورية، سواء الموجودة ضمن المجلس الوطني الكردي أو تلك التي تركته، أو التي لم تنضم إليه لأسباب مختلفة، ما زالت في مرحلة ردات الأفعال، والانشغال بالخلافات البينية الشللية، التي غالبًا ما تتمركز حول الأدوار والامتيازات، ومسائل ثانوية تتسبب في تشتيت الطاقات وبثّ روحية اليأس.

عبد الباسط سيدا، باحث سوري من مواليد عامودا في عام 1956. حائز على الدكتوراه في الفلسفة من جامعة دمشق في عام 1991. له مساهمات منشورة في مجلات عربية عدة منها: الفكر العربي، الطريق، الناقد؛ ومقالات رأي في عدد من الصحف العربية منها: السياسة الكويتية والعربي الجديد والقدس العربي. تابع دراساته في الآشوريات واللغات السامية في السويد، وشارك في مؤتمرات علمية في ميدان الاختصاص، وكذلك في ندوات ولقاءات حول الموضوعين السوري والكردي. له عدد من الكتب والأبحاث المنشورة منها: الوضعية المنطقية والتراث العربي: فكر زكي نجيب محمود نموذجًا؛ ذهنية التغييب والتزييف: الإعلام العربي نموذجًا؛ بلاد الرافدين: أرض الأسطورة والحضارة. يعمل حاليًا في التدريس في السويد، ويتابع البحث في ميدان الاختصاص.

للمزيد في الرابط التالي:

https://2u.pw/3XVID