صدر عن سلسلة “أطروحات الدكتوراه” في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، حديثًا، كتاب مشروعية السلطة في الفكر السياسي الإسلامي، وهو كتاب يسعى مؤلفه يمير ساسي ساعيًا إلى مقاربة المسألة من خلال إشكالية “مشروعية السلطة في الفكر السياسي الإسلامي”، وكيف أسس لها فقهاء السياسة الشرعية في العصر الإسلامي الوسيط؟ وما حدودها وتأثيراتها في الفكر الإسلامي عمومًا، التاريخي منه والمعاصر؟ وما أثر ذلك في تجربة الاجتماع السياسي الإسلامي ونظامه؟.

يتألف الكتاب من 380 صفحة ، تتضمن ستة فصول، موزعة في ثلاثة أقسام.

في القسم الأول الذي يحمل عنوان “المفاهيم المؤسسة للمشروعية”، ثلاثة فصول. في الفصل الأول المعنون”المفاهيم السُّنية المؤسسة للمشروعية”، يرى ساسي أن مشروعية السلطة لدى فقهاء أهل السُّنة والجماعة في العصر الوسيط قامت على جملة من المفاهيم، ارتبطت برؤية أهل السُّنة لمسألة الحكم وعلاقتها بالعقيدة، “وهذه المفاهيم هي مفاهيم الطاعة والمصلحة والاختيار والشورى وولاية العهد وأهل الحل والعقد والغلبة بالشوكة وأهل الوقت”.

في الفصل الثاني الذي يحمل عنوان “المفاهيم الشيعية المؤسسة للمشروعية”، يجد ساسي أن المفاهيم الشيعية المؤسسة للمشروعية تترابط سببيًا؛ “فالقول بالنص والعصمة والوصية يفضي إلى رفض القول بإمامة المفضول مع وجود الأفضل.

في الفصل الثالث المعنون “المفاهيم المشتركة بين الشيعة والسُّنة”، يبين ساسي أن أهل السُّنة والشيعة الإمامية يتفقون في اعتبار العدل من مفاهيم التأسيس لمشروعية السلطة، بل هو جوهر هذه المشروعية؛ “فالعدل عند الشيعة لا ينفصل عن الطبيعة المقدسة للإمام، في حين هو شرط صحة عند السُّنة، لا تستمر السلطة إلا به. وهذا الخلاف يُبرز، على الرغم من اختلاف منطلقاته، قيمة هذا المفهوم في التأسيس لمشروعية السلطة.

في القسم الثاني الذي يسحمل عنوان”مرجعية المشروعية”، فصلان. بحسب الفصل الرابع، “المرجعية السُّنية للمشروعية”، إن قيام المرجعية على مبدأ الحاكمية يجعلها مُتعدّدة؛ نظرًا إلى اختلاف المتعاملين مع النص الأصلي ومصادر التشريع، قراءةً وفهمًا وتنزيلًا، ومتجدّدةً ومرنة بحسب الزمان والمكان، وهذا ما عبّر عنه الفقهاء بمفهوم “أهل الوقت”، وهي مرجعية تابعة، لا تخرج عن إطار النصوص الأصول.

ويجد المؤلف في الفصل الخامس المعنون “المرجعية الشيعية للمشروعية”، أن من دلالة تأكيد مرجعية الإمام عند الشيعة، باعتباره مصدر المشروعية الوحيد للسلطة وفقًا لمنهج الأنثروبولوجيا السياسية، تجاوز الشيعة مفهوم الاجتماع السياسي؛ نظرًا إلى وضع المظلومية التي كانوا يحيون فيها في علاقتهم بسلطة أهل السُّنة، وترسيخ الفهم عند عموم الشيعة بأن الاجتماع السياسي الشيعي لا يتماسك بالسياسة ومراتبها وتفاضلها وقضائها، بل من طريق نصبه غياب الإمام بما يحمله من أبعاد رمزية وطقوسية ذات منحى ميثولوجي للفعل السياسي.

في القسم الثالث الذي يحمل عنوان “أشكال توظيف المشروعية”، فصلان. في الفصل السادس، “توظيف السلطة للمشروعية – تجلّياته ومبرّراته”، يذهب ساسي إلى أن جدلية القرب من النص والبعد عنه جعلت وصف السلطة والمعارضة يتغير بحسب موقع الموصوف من النص حتى وإن كان على رأس السلطة؛ “ذلك أننا إزاء نمط من الاجتماع السياسي لا يستمدّ مفهومه من التنظيم السياسي القائم، مثلما هو شأن الاجتماع السياسي الحديث، حيث الدولة تُحدّد مفهومي السلطة والمعارضة، بل إن الاجتماع الإسلامي يحتكم إلى جملة من المفاهيم، مثل مفهوم الأمة والجماعة والوحدة، وخوف الفتنة التي تعلو على التنظيم السياسي القائم على الرغم من هيمنته.

يبحث المؤلف في الفصل السابع، “توظيف المعارضة للمشروعية – مظاهره ومقاصده”، واحدة من أهم إشكاليات الاجتماع السياسي الإسلامي، وهي إشكالية علاقة المعارضة بالسلطة في أبعادها المختلفة؛ “ذلك إننا إزاء اجتماع سياسي مخصوص يتفق فيه الفاعلون على اختلاف مواقعهم بشأن المرجعية العليا لهذا الاجتماع، ويبدي الجميع تمسكه بمبدأ وحدة الجماعة التي تؤطر اجتماعها وتعلو على كل تنظيم سياسي، لكن تنزيل هذه المبادئ في واقع العمل باعد الشُقة بين المتفقين، فبدت قضايا الاتفاق والإجماع محل توظيف من الجانبين بما يخدم رؤية كل فريق”.

للمزيد: https://bit.ly/3xdSANz