صدر العدد الخامس عشر من “قلمون: المجلة السورية للعلوم الإنسانية” بعنوان “العقد الاجتماعي للدولة الوطنية السورية“، بالتعاون مع “الجمعية السورية للعلوم الاجتماعية“، وكتب في ملفه الرئيس عشرة باحثين، منهم برهان غليون، زيدون الزعبي، محمد حبش، عبد الباسط سيدا، راتب شعبو، محمد عثمان محمود وآخرون.
يهدف ملف العدد بعد مرور عشر سنوات على الثورة السورية إلى خلق “فكرة جامعة” بديلة من “الفكرة الجامعة” التي رسخها النظام لسنوات طوال، فـ “الصيغة المعيارية المثالية للعقد قد يكون من شأنها أن توفر فرصة للحوارات بين القوى الاجتماعية المختلفة، لبناء (فكرة جامعة) تكون منطلقًا لسلم اجتماعي وسياسي طويل الأمد بين أفراد المجتمع السوري جميعهم وقواه المختلفة”. وقد ناقشت بحوث الملف هذه الفكرة، وقدمت مقترحات أولية فيها، انطلاقًا من محاور خمسة: “معوقات بناء العقد الاجتماعي، من الجامعة السورية إلى الأمة السورية، بعض التجارب التأملية في بناء العقد الاجتماعي، رؤية إسلامية عصرية في بناء العقد الاجتماعي، بعض الضمانات الضرورية لحماية العقد الاجتماعي”، ومن هنا تبدو البحوث متكاملة في ما بينها، على الرغم من تباينها.
وفي هذا المضمار يقول يوسف سلامة رئيس تحرير المجلة في كلمة العدد: “نحن هنا في مقابل خمس رؤى لكل منها نصيبها من الحقيقة ومن الوجود المتعين على نحو سلبي أو إيجابي. فالأولى مشككة حذرة أقرب إلى الأحكام السالبة. والثانية تنطلق من الإيجاب المطلق الذي يكاد يصل إلى حد الإيمان بوجود أمة سورية قيد التشكل. والثالثة تنطلق من العقل المجرد متجهة صوب تعيين مفهوماتها في قوالب واقعة بين الممكن والمستحيل. والرابعة إسلامية مستنيرة تؤكد حقها في الوصول إلى العقد الاجتماعي بأدواتها الخاصة المنطلقة من الفقه الإسلامي بعد أن تكون قد جردت من طابعها المقدس والمفارق، وكل ما ينتمي إلى عالم الغيب. والخامسة تجربة قلق على المستقبل تتحدث بلغة السلب وأحكامه متطلعة إلى مفارقة السلب والفوز بالضمانات في عالم من الإيجاب التام صورته الواقعية المنشودة استقرار العقد وسلامة الدولة وانتصارها على الاستبداد المحتمل”.
يضاف إلى الملف الرئيس أبواب المجلة الثابتة في الدراسات ومراجعات الكتب، وقد أحدثت المجلة بابًا جديدًا باسم “الأكاديميون السوريون في جامعات العالم” لمتابعة الجهد العلمي للباحثين السوريين الذين توزعوا في دول العالم خلال السنوات الماضيات، وبات كل منهم يكتب بلغة مختلفة، وحقول معرفية متنوعة، لكن لسان حال الجميع البحثُ عن منبر ثقافي جامع يقاوم شتات الهجرة، ويربط بعضهم ببعض، وينقل هذا الجهد البحثي إلى دائرة الضوء، جهد ترى فيه المجلة أملًا من آمال كثيرات معلقة لبناء مستقبل سورية.
أخيرًا، فإن هيئة تحرير مجلة قلمون في الأيام الأخيرة من العمل على هذا العدد فجعت -كما السوريون جميعهم- برحيل المناضل والمفكر السوري المرموق ميشيل كيلو صبيحة التاسع عشر من نيسان/ أبريل لعام 2021، ويعدّ هذا الرحيل خسارة كبرى للقضية السورية العادلة، وللسوريين جميعهم، وأحرار العالم كلهم، نظرًا للقيمة الرمزية، والمنزلة الوطنية، والقيمة الأخلاقية التي يتمتع بها الراحل الكريم الذي أفنى الشطر الأعظم من حياته مقارعًا الاستبدادَ، ومدافعًا عن حقوق الإنسان، مضحيًا في كل مواجهة بعدد من سنيّ حياته سجينًا محرومًا من كل ما هو ضروري لحفظ الحياة الإنسانية من الفناء والهلاك.
ومن هنا، تتشرف “قلمون: المجلة السورية للعلوم الإنسانية” بإهداء هذا العدد لذكرى ميشيل كيلو، فالعقد الاجتماعي الوطني كان واحدًا من أهم أحلامه، ومن المؤسف أنْ لم يمتد به العمر ليطلع على هذا الجهد المتواضع.
مجلة قلمون، هي مجلة علمية محكّمة فصلية تصدر كل ثلاثة أشهر عن مركز حرمون للدراسات المعاصرة بالتعاون مع الجمعية السورية للعلوم الاجتماعية، تُعنى بنشر الأبحاث والدراسات الفكرية والاجتماعية والسياسية ومراجعة الكتب، وتستند “قلمون” إلى أخلاقيات البحث العلمي وقواعد النشر المعتمدة عالميًا.
يمكنكم قراءة العدد كاملًا، على الرابط التالي:
كما يمكن الاطلاع على كافة أعداد المجلة، على الرابط التالي: