بعد عام 2011، أصبح أكثر من نصف السوريين يعيشون في مجتمعات المهجر. وهي مجتمعات جديدة وجدوا أنفسهم فيها من دون سابق تخطيط، إنما هو زمن الحرب والتهجير، ودوامة العنف التي لم تتوقف منذ ذلك الحين.

يواجه السوريون في المناطق المضيفة تحديات تبدّت عبر أشكال ومستويات مختلفة؛ ففي مجتمعات المهجر هناك تحديات الاندماج والعمل والدراسة والمعيشة، إضافة إلى العلاقات العائلية التي تعرضت لرضّات وانتكاسات كبيرة، بسبب ضغوط الحياة الجديدة واختلاف الثقافات من جهة، وانقسام المجتمعات الجديدة في التعامل معهم، بين مرحّب ومتعاطف من جهة، ومتشكك ورافض وجودَهم من جهة أخرى.

تخصص “قلمون: المجلة السورية للعلوم الإنسانية” ملف العدد الثالث والعشرين لمناقشة قضايا اللجوء السوري والاندماج في البلدان الغربية (أوروبا، أميركا، كندا..)، ومدى قدرة السوريين على التكيف والبدء من جديد. وتخصيص ملف عن اللجوء السوري في العالم الغربي ناجم عن تشابه الأوضاع وظروف المعاناة وقوانين تلك البلدان، على أن تتناول أوضاع السوريين في بلدان المهجر القريبة، وأوضاع النازحين داخل سورية، في ملفات قادمة.

سينشغل الملف بكيفية معيشة اللاجئين السوريين في حياتهم الجديدة، وكيف يمارسون حياة الاندماج؟ كيف يتعاملون مع أولادهم وعائلاتهم؟ وما مشكلاتهم الثقافية والدينية والاقتصادية؟ وكيف يقاومون الحنين والغربة؟ كيف يفكرون بوطنهم الذي تركوه عنوة؟ وهل من سبيل لعودتهم؟ وماذا يفعلون من أجل هذه العودة؟ (تشير استطلاعات الرأي إلى انخفاض كبير في أعداد الذين يفكرون في العودة). لقد كشفت الحياة الجديدة أفضل ما عندهم من أخلاق التضحية والتعاون، ولكنها -للأسف- كشفت أيضًا أسوأ ما عندهم، من أنانية وتنمّر على الفئات الضعيفة.

تختلف أوضاع اللاجئين السوريين تبعًا لحالة كل منهم، وكذلك بحسب البلدان المستضيفة، فمنها من يمنح الإقامات وخدماتها من أمان وتعليم حتى الجنسية، ومنها من لا يعطي إقامة. وهناك من لا يقدم أي شيء، وثمة حكومات لا تتوانى عن التحريض على اللاجئين والسعي لطردهم.

مواقف شريحة كبيرة من السوريين تجاه الاندماج ما زالت سلبية ومتخوفة على الهوية والخصوصية الثقافية. ويقابل ذلك موقف أحزاب يمينية غربية حوّلت قضية اللاجئين إلى أول قضية انتخابية، كما حصل في فرنسا والسويد وبلدان أخرى، وما زال يحصل.

تتجاذب سياسات الاندماج العالمية اليوم رؤيتان أساسيتان؛ تقول الأولى إنَّ الدول (الديمقراطية طبعًا) تمنح اللاجئين حقوقًا سياسية كاملة، ومقابل ذلك عليهم الاندماج الكامل في مجتمعاتهم الجديدة، أما الرؤية الثانية، فترى أن على الدول منح اللاجئين حقوقهم الثقافية كاملة، وليس حقوقهم السياسية والقانونية فحسب، ما دام احترام الدستور والقانون هو سقف الجميع، ويمثلها كل من الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس، والكندي تشارلز تايلر، والمفكر الفرنسي إدغار موران.

تدعو مجلة قلمون الباحثين المهتمين بالشأن السوري وقضايا الاندماج واللجوء إلى الكتابة في أحد المحاور الآتية:

أولًا: تجربة العيش من الدولة المستبدة إلى دولة القانون والرعاية الاجتماعية، ومن المجتمع الأبوي التراتبي إلى المجتمع الفرداني.

ثانيًا: المناقشات الفلسفية حول اللاجئين والاندماج في الغرب، وأثر العوامل الدينية والاجتماعية والثقافية.

ثالثًا: المجتمعات الجديدة وتحديات الهوية وتغيرات مكوناتها تبلورها ومظاهره.

رابعًا: تحولات التفكير السياسي والعمل السياسي عند السوريين، في ظل أجواء سيادة القانون والتفكير الحر.

خامسًا: الأشكال الجديدة للبنى الاجتماعية السورية بين الدولة الأم والدولة الجديدة، وثقافة التعايش والحوار والتنافر.

سادسًا: تحولات العائلة، والمرأة، والرجل، والمراهقين، والتربية، وتغيرات مفهومات الزواج والطلاق.

سابعًا: دور المنظمات في دعم اندماج اللاجئين السوريين في مجتمعاتهم الجديدة.

ثامنًا: مشكلات بيئة العمل الجديدة ومتطلباتها، والمواءمة بين التجارب السابقة والجديدة.

تاسعًا: علاقة اللاجئين مع الداخل، وآثارهم، اقتصاديًا وفكريًا واجتماعيًا.

العاشر: دور وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي في تحديد طبيعة العلاقة بين اللاجئين السوريين ومجتمعهم الأم ومجتمعاتهم الجديدة.

الحادي عشر: مفهومات العودة إلى سورية، حاضرًا ومستقبلًا، والدور المأمول في مراحل ما بعد النزاع.

تستقبل المجلة مقترحات الباحثات والباحثين في الموضوعات أعلاه، وأي موضوعات أخرى ذات صلة، تاركة المجال مفتوحًا لحرية التفكير في ما يريانه مناسبًا ومهمًا في هذا المضمار. وتستقبل المجلة أيضًا المقترحات البحثية للنشر في باب الدراسات خارج الملف بما يتصل صلة غير مباشرة به، إضافة إلى مراجعات الكتب الجديدة عربيًا وعالميًا.

يمكن للراغبات والراغبين في المشاركة إرسال مقترح بحثي لا يتجاوز 500 كلمة، مع مخطط للبحث إلى إيميل رئيس التحرير: يوسف سلامة youssef.salamah@harmoon.org، وذلك حتى السادس والعشرين من كانون الأول/ ديسمبر 2022، على أن تستكمل البحوث في موعد أقصاه الخامس من آذار/ مارس 2023.
يرجى من الباحثات والباحثين مراعاة سياسة تحرير مجلة قلمون في ما يرسلونه من المقترحات والبحوث، أدناه رابط سياسة التحرير في مجلة قلمون:https://cutt.us/BoiHU