التنظيم السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي تحتاج إليه سورية المستقبل
اختُتمت، أمس الأحد 20 تشرين الأول/ أكتوبر 2019، في مدينة إسطنبول التركية، فعاليات الندوة الحوارية التي نظمها (صالون الكواكبي) المنبثق عن (مركز حرمون للدراسات المعاصرة) حول التنظيم السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي تحتاجه سورية المستقبل، بمشاركة عشرين باحثًا وباحثةً سوريين.
وتحدث الأستاذ سمير سعيفان، مدير عام (مركز حرمون للدراسات المعاصرة) في ختام الندوة، عن أهمية المواضيع والأفكار التي تمّت مناقشتها، وأثنى على الجهود التي بذلها المحاضرون المشاركون، مشيرًا إلى أن الغاية الأساسية ليست أن نعقد ندوة واحدة وحسب، بل البناء عليها لعقد ندوات أخرى في المستقبل بهدف الاستمرارية في الحوار.
وتطرق سعيفان، خلال كلمته، إلى موضوع العدالة الاجتماعية وعدالة توزيع الدخل، مضيفًا أن “الإسلام دعا إلى العدالة الاجتماعية، وأنه يقوم على مبادئ اقتصاد السوق الحر، وإن كان بمسميات خاصة، ويمكن الاستفادة مما جاء في القرآن والسنّة والتاريخ العربي والإسلامي، لبناء نظام عدالة اجتماعية بمفهوم حديث وتوافقي”.
تضمن برنامج اليوم الثاني للندوة الحوارية ثلاث جلسات حوارية، حاول المشاركون فيها التوصّل إلى توافق بين مكونات الشعب السوري تجاه القضايا المهمة والاستراتيجية، بهدف تقريب وجهات النظر وبلورة رؤية موحّدة للجميع.
واشتملت الجلسة الأولى التي ترأسها الدكتور مناف الحمد على ثلاث أوراق بحثية، حيث تحدث الدكتور عبد الحميد العواك عن مواصفات القضاة في الدولة السورية المأمولة، ومن ثم قدّم الدكتور أحمد طعمة ورقة بحثية بعنوان (قانون الأحوال المدنية مرجعية مدنية أم شرعية) ناقش فيها حجج من يريدون أن يكون القانون ذا مرجعية دينية، وحجج الفريق الآخر الداعي إلى قانون أحوال شخصية بمرجعية مدنية. واختتمت الجلسة الأولى بمحاضرة للأستاذة كبرياء الساعور، ناقشت من خلالها قضايا التعليم ومناهجه وأهدافه.
افتتحت الأستاذة رغداء زيدان أعمال الجلسة الثانية التي ترأسها الدكتور زيدون الزعبي، بورقة بحثية بعنوان (المرأة المسلمة بين مجتمع المدينة الفاضل وتحديات الواقع) سلطت من خلالها الضوء على القواعد الأساسية التي وضعها الإسلام لحقوق المرأة وواجباتها، تلاها محاضرة للأستاذ باكير أتاجان تحدث فيها عن مفهوم حقوق الإنسان وحقوق الأفراد والجماعات.
أما الجلسة الثالثة والأخيرة، التي أدارها الدكتور عبد الله تركماني، فتضمنت ثلاث ورقات بحثية، كانت الأولى للأستاذ حسن النيفي، وتحدث فيها عن الصراع القومي الإسلامي وأثره في إخفاق المشروع الوطني، فيما تحدثت الأستاذة شيماء البوطي في المحور الثاني للجلسة، عن بناء الثقة في مجتمعات ما بعد النزاع، من حيث المفهوم والأهمية والآليات وتحقيق المواطنة ومفهوم بناء السلام. وكان ختام الجلسة الثالثة للندوة مع الأستاذ منصور الأتاسي الذي تحدث عن التقدم الاجتماعي ودور البرجوازية في الانتقال من المجتمع الأهلي إلى المجتمع المدني، ودور الانقلابات العسكرية في عرقلة التقدم الاجتماعي.
وفي الختام، قذّم المشاركون في الندوة مقترحات وتوصيات لعقد لقاءات حوارية أخرى، لوضع مزيد من القضايا على طاولة النقاش، وإيجاد حلول ورؤى مشتركة حولها.
وكان برنامج اليوم الأول للندوة قد تضمن أربع جلسات حوارية: الأولى كانت برئاسة الدكتور أحمد طعمة، تحدث الأستاذ عقاب يحيى في محورها الأول عن طبيعة الحوار بين العلمانيين والإسلاميين وقواعد استمرار ونجاح هذا الحوار. ثم تحدث الدكتور عبد الرحمن الحاج في المحور الثاني عن العلاقة بين الدولة والمجتمع والسلطة، فيما اختتم الأستاذ سعد وفائي الجلسة بورقة بحثية تحدث فيها عن الفصل بين السلطات.
وتضمنت الجلسة الثانية للندوة ثلاثة محاور: الأول تحدث فيه الدكتور زيدون الزعبي عن مصدر التشريع في الدستور السوري بين التيارات المحافظة والعلمانية، وأسباب ربط مصدر التشريع في الدستور بالإسلام، وانعكاساته على النصوص القانونية المرتبطة بالأحوال الشخصية، فيما تحدث الدكتور علاء الدين جنكو في المحور الثاني عن دين رئيس الدولة، ومنشأ الخلاف حول هذه القضة، ومبررات تحديد دين رئيس الدولة في الدستور، وتحدث الأستاذ بسام قوتلي في المحور الأخير عن معنى “حيادية الدولة”.
وافتتح الأستاذ محمد نور النمر الجلسة الثالثة التي أدارها الدكتور عبد الحميد العواك، بورقة بحثية ناقش فيها تجربة الإسلام السياسي التركي المعاصر، من العلمانية الصلبة إلى العلمانية اللينة، فيما قدّم الدكتور مناف الحمد في المحور الثاني للجلسة ورقة بحثية، تحدث فيها عن قضية فصل الدين عن الدولة أهو ضرورة أولية أم اشتقاق ثانوي، وهل عدم اعتراف الدولة بدين رسمي يمنعها من تأييد أي دين.
وفي الجلسة الرابعة والأخيرة، من أعمال اليوم الأول للندوة، تحدث الدكتور عبد الله تركماني عن الهوية من منظور علماني، وإشكالية الهوية والمواطنة في سورية، فيما تحدث الأستاذ مطيع البطين في المحور الثاني للجلسة عن الهوية من المنظور الإسلامي. واختتم الأستاذ حسن الدغيم الجلسة بورقة بحثية تحدث فيها عن العقد الاجتماعي في سورية المستقبل، من حيث المفهوم والنظريات، والعقد الاجتماعي عند الإسلاميين.
صالون الكواكبي المنبثق عن مركز حرمون للدراسات المعاصرة هو صالون حواري يحاول أن يُجسِّر الهوّة بين الأطياف الفكرية المختلفة، عبر الحوار المفتوح غير المقيّد إلا بضوابط أصول الحوار العلمي ومنهجيته، ويختص بالحوار حول ماهية الدولة السورية الجديدة، وطبيعة النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي الجديد، وخصوصًا ما يرتبط بعلاقة الدين بالدولة والقوى السياسية.
ومركز حرمون للدراسات المعاصرة هو مؤسسة بحثية ثقافية تُعنى بشكل رئيس بإنتاج الدراسات والبحوث المتعلقة بالمنطقة العربية، خصوصًا الواقع السوري، وتهتمّ بالتنمية الاجتماعية والثقافية، والتطوير الإعلامي وتعزيز أداء المجتمع المدني، واستنهاض وتمكين الطاقات البشرية السورية، ونشر الوعي الديمقراطي، وتعميم قيم الحوار واحترام حقوق الإنسان.