عُقد في مدينة إسطنبول التركية، الخميس 9 تموز/ يوليو 2020، تحت شعار “نحو مستقبل يصنعه الشباب“، المؤتمر التأسيسي لاتحاد الطلبة السوريين الأحرار، المشروع الأكبر الجامع للشباب السوري، وذلك بحضور عدد من الشخصيات السورية والمؤسسات والمنظمات المعنية بهذا الشأن، وممثلي التجمعات الطلابية السورية المنتخبة في الجامعات حول العالم.

ويُعدّ مركز حرمون للدراسات المعاصرة راعيًا إستراتيجيًا في هذا المؤتمر، إيمانًا منه بأهمية دعم الحركات الطلابية النقابية الحرة، وبأهمية جيل الشباب في رسم مستقبل سورية، وتأتي هذه الشراكة ضمن برنامج دعم المجتمع المدني السوري.

بدأ المؤتمر بكلمة افتتاحية، تحدثت عن الاتحاد ومراحل تأسيسه وأهدافه ورؤيته المستقبلية، في إطار دعم الطلبة السوريين والتعبير عن تطلعاتهم وطموحاتهم، حيث يضم المشروع ما يزيد عن أربعة وخمسين تجمعًا طلابيًا منتخبًا موزعين على أربع قارات وتسعة بلدان، وأكثر من ثلاثة وأربعين ألف طالب سوري. ثم عُرض فيلم وثائقي قصير أُعدّ خصيصًا للمؤتمر، عن تاريخ الحراك الطلابي في سورية.

وألقى عضو الهيئة التأسيسية يمان زباد كلمةً، بدأها بالحديث عن معاناة الطلبة السوريون خلال الثورة، وقدرة بعضهم على تحويل العقبات التي واجهتهم إلى نجاحات متميزة. وأشار إلى أن الطلبة السوريين افتقدوا خلال السنوات الماضية وجود واجهة طلابية تمثلهم، ومن هنا وُلدت فكرة تأسيس “اتحاد الطلبة السوريين الأحرار”. وقدّم نبذة عن الهيئة التأسيسية التي تتألف من مجموعة من الشباب الجامعي المستقل من مختلف الاختصاصات، من ذوي التجارب السابقة في داخل سورية وخارجها.

وتحدث زباد عن الأعمال التي أُنجزت في المرحلة التي سبقت انعقاد المؤتمر التأسيسي، وقال: “أنجزنا في إطار الأفكار المشروعَ كاملًا، بكل مراحله ومسارات عمله ونظامه وكل ما تتطلبه البنية التحتية الفكرية والمؤسساتية، وتم إعداد نظام داخلي بعد استشارة أكثر من خمسة وعشرين جهة متخصصة، والاستفادة من تجارب الاتحادات الطلابية العربية ودراسة التجارب السابقة بنقاط قوتها وضعفها، كما قمنا بعقد محاضرات في المرحلة التأسيسية في مسارات علمية وسياسية وفكرية واجتماعية لإشهار الاتحاد في الوسط الطلابي السوري، وتم إنشاء موقع إلكتروني خاص بالاتحاد، مع خطة خدمية فكرية علمية للتعاون بين الاتحادات المنضمة”.

وعلى صعيد العلاقات وبناء التفاهمات، أشار زباد إلى حرص الاتحاد منذ البداية على أن يكون له امتداد وتشبيك واسع مع جميع الأطياف السورية، لافتًا النظر إلى أن هذه الكيانات الطلابية المنضمة والجهات الراعية، دليلٌ كبيرٌ على الأهمية التي توليها هذه الجهات للعمل الطلابي، وسيتم في المرحلة القادمة إيلاء أهمية كبيرة للعلاقات ضمن حملة خاصة بذلك.

من جانب آخر، تحدث بشير جمال الدين، عضو الهيئة التأسيسية، عن مرحلة ما بعد المؤتمر التأسيسي، حيث سيتم فتح باب الانضمام إلى الاتحاد، أفرادًا وتجمعات، ليتم بعدها التجهيز للمؤتمر العام بعد شهر ونصف، وستجرى بعد ذلك انتخابات لتشكيل قيادة الاتحاد. كما ستُعقد شراكات مع المنظمات الفاعلة في المجال التعليمي. وأثنى في نهاية كلمته على الجهود المبذولة من قبل أعضاء الهيئة التأسيسية في سبيل إنجاح هذا المشروع.

وألقى عضو الهيئة التأسيسية محمد زمزم، كلمة قدّم خلالها شرحًا لهيكلية الاتحاد ولوائح نظامه الداخلي، مبيّنًا أن العمل على مسودة النظام الداخلي بدأ العام الماضي، ووضعت أول مسودة في أيلول/ سبتمبر 2019، ثم وُضع النظام الداخلي في أيار/ مايو 2020. وفي هذه الفترة، تمت دراسة 20 نظامًا داخليًا، وعقد 35 لقاء وورشة عمل، وتم الحصول على أكثر من 25 استشارة تخصصية من جهات مختلفة.

بعد ذلك، قام مركز حرمون بتكريم الفائزين في مسابقة الشهيدة رحاب العلاوي، لأفضل مقال عن “الحراك الطلابي ودوره في التغيير”، ومسابقة الشهيد باسل شحادة، لأفضل تقرير صحفي عن “الحراك الطلابي ودوره في التغيير”.

وعقب انتهاء تكريم الفائزين في بقية الجوائز، تم عرض مشاركة مرئية لعدد من الشخصيات السورية العامة من فنانين وحقوقيين ومخرجين، تحدثوا فيها عن أهمية العمل الطلابي. واختتم المؤتمر بكلمة شكر للداعمين وجميع المساهمين في إنجاح المشروع، وأجاب أعضاء الهيئة التأسيسية بعدها على أسئلة الحضور وتعليقاتهم.

وفي الشأن ذاته، تحدث زباد إلى “حرمون” عن التحديات التي واجهتهم في مرحلة التأسيس للاتحاد، والمتمثلة في صعوبة إقناع الشباب، الذين عاشوا الخذلان نتيجة تجارب لمشاريع طلابية سابقة، بجدوى هذا الاتحاد، وبضرورة وجود واجهة لجميع الطلبة تلبي طموحاتهم. ومن الناحية اللوجستية، قال زباد: إن تبعات جائحة كورونا أعاقت استكمال خطوات التحضير للمؤتمر التأسيسي للاتحاد.

وعن مدى قدرة الاتحاد الحفاظ على أهدافه وتوجهاته المستقلة عن توجهات الداعمين للاتحاد، أوضح زباد أن التعاون مع الداعمين ليس بالضرورة أن يكون بشكل ملف مفتوح، وملف الرعاية للمؤتمر الذي تم التوصل إليه بين الاتحاد ومركز حرمون، وكذلك باقي الجهات الداعمة، لا يتضمن أي ضغط أيديولوجي أو فكري، فالهدف من الدعم هو تبادل المنفعة بشكل إيجابي لا يُحدث خللًا في رؤية الاتحاد وسياساته.

عمد النظام السوري، خلال العقود الماضية، إلى قمع المجتمع المدني وإضعافه، كي يضمن استمراريته في السيطرة على الحكم والقضاء على كل أشكال الرقابة على ممارساته الاستبدادية. وبعد أن كان المجتمع المدني في سورية نشطًا وفعالًا، في مرحلة ما بعد الاستقلال عام 1946، إذ بدأت تترسخ مبادئ الديمقراطية والمواطنة والتعددية، تم إضعافه بقوة بعد وصول حافظ الأسد إلى الحكم وسيطرة حزب البعث على جميع مؤسسات الدولة، وترسيخ سياسة الحزب الواحد بحسب المادة الثامنة من الدستور. ومن أجل ضمان إحكام السيطرة على المجتمع المدني، قام حافظ الأسد بسن العديد من التشريعات والقوانين التي ألزمت جميع الكيانات والأحزاب العمل تحت قيادة حزب البعث.

وبعد انطلاق الثورة السورية في آذار/ مارس 2011، شهد المجتمع المدني السوري، في دول اللجوء المجاورة وأوروبا، ازدهارًا كبيرًا تجلى في ظهور العديد من المنظمات والهيئات، بتوجهات إنسانية واجتماعية وثقافية وسياسية، التي أعادت إحياء مفهوم التغيير والديمقراطية والتعددية.

اتحاد الطلبة السوريين الأحرار هو منظمة نقابية طلابية منتخبة، مستقلة في قراراتها، نيابية في هيكليتها، تستمد شرعيتها من القواعد الطلابية في الجامعات، وتتبنّى مبادئ ثورة الحريّة والكرامة التي قامت في آذار/ مارس 2011، ويهدف الاتحاد إلى جمع الفرق والتجمعات الطلابية السورية تحت مظلة واحدة.