أقام مركز حرمون للدراسات المعاصرة عبر البث المباشر، الثلاثاء 1 أيلول/ سبتمبر 2020، ندوة بعنوان”تصورات الشباب السوري لسورية المستقبل“، شارك فيها طلال المصطفى، الدكتور في علم الاجتماع والباحث في مركز حرمون، وأدارها باسل العودات، مدير الإعلام في مركز حرمون للدراسات المعاصرة.

 ناقشت الندوة تصورات الشباب السوري حول القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والدينية والثقافية في سورية المستقبل، للتعرف إلى توقعاتهم لمستقبل سورية خلال السنوات العشر المقبلة، استنادًا إلى بحث حول القضايا نفسها قام به قسم الدراسات في المركز.

استهل الندوة الدكتور طلال بالحديث عن أسباب اختيار فئة الشباب ليكونوا محور الدراسة، موضحًا أن السبب الأساسي هو أن فئة الشباب هي الفئة الغالبة في المجتمع السوري، والسبب الثاني هو أن أغلبية اللاجئين والمهاجرين بعد عام 2011 من فئة الشباب، وهم أصحاب المصلحة الحقيقية في التغيير المقبل، فمن المهم جدًا استقصاء تصوراتهم وآرائهم عن سورية المستقبل على كل الصعد. ولفت المصطفى الانتباه إلى أن الدراسة شملت الشباب السوري في الداخل في مناطق النظام، وفي المناطق الأخرى الخارجة عن سيطرته، وفي تركيا والدول الأوروبية وبعض الدول العربية.

وأشار المصطفى إلى أن المجتمع السوري حاليًا ليس بحالة طبيعية، لذا من الصعب أن يتم اختيار عيّنة الدراسة ضمن المعايير العلمية المتعارف عليها سوسيولوجيًا أو في بقية الاختصاصات. وأضاف: “قبل الثورة لم يكن لدى النظام أي إحصائية دقيقة، ومعظم الإحصاءات كانت خلّبية، حتى في مناطق اللجوء لا توجد مؤسسات ومنظمات قدّمت إحصائيات دقيقة فيما يخص الشباب السوري، ولكن ضمن المعايير العلمية يكفي أن تكون العينة في الحدود الدنيا (400 مفردة) حتى تكون الدراسة دقيقة علميًا، وقد حاولنا قدر الإمكان وضمن الإمكانيات المتاحة أن تكون العينة ممثلة لكل الشباب السوري، ولكننا في الوقت ذاته لا نستطيع القول إنها ممثِّلة بالمطلق”.

وبيّن أن نتائج الدراسة كشفت عن وجود بعض الاتجاهات أو الآراء المشتركة بين الشباب ووجود ما هو متباين، وكان للبيئة الحاضنة دور فاعل في التباين الجزئي في رؤى الشباب، وأظهر الشباب السوري الموجود في الدول الأوروبية انفتاحًا أكبر فيما يخص القضايا الاجتماعية والقضايا التي تتعلق بقيم المجتمع السوري. أما في القضايا السياسية فقد كان هناك شبه إجماع أو ثقافة سياسية مشتركة بين كل الشباب السوري، على اختلاف مناطق تواجدهم. ولوحظ أيضًا أن نسبة عالية جدًا من الشباب كان لديها قطيعة تجاه الأيديولوجيات، بعكس جيل الكبار، وكان شرط الشباب لدى تأسيس أي حزب سياسي في المستقبل ألا يكون مؤدلجًا قوميًا أو دينيًا أو مذهبيًا.

وذكر المصطفى أنه منذ وصول حزب البعث إلى السلطة في سورية لم يكن يُسمح بإجراء دراسات حول توجهات الشباب السوري أو آراء السوريين سياسيًا وأيديولوجيًا، وكان يتم تنفيذ استقصاءات ذات نمط واحد موجّه، وعلى الرغم من ذلك أظهرت نتائج هذه الدراسة أن الشباب متمثّلون شعارات الثورة المطالبة بالحرية والعدالة والكرامة، و عدّ ذلك أمرًا إيجابيًا جدًا، كما عدّه ردًا على الحالة التشاؤمية التي لُوحظت لدى معظم السوريين بعد الهزائم الكبيرة، وخصوصًا بعد أن نجح النظام باستعادة سيطرته على معظم المدن، فالثورة انتصرت بقيمها ومبادئها التي تركت أثرًا كبيرًا في ثقافة الشباب السوري.

أشار كذلك إلى أن الوعي والنضج السياسي الذي أظهره الشباب السوري شكّل دافعًا للدعوة إلى إزالة وصاية بعض نخب المعارضة السورية عن الشباب السوري، وللعمل من أجل تغيير النظرة الفوقية التي تنظرها المعارضة إلى الشباب، ولإفساح المجال أكثر للشباب كي يشاركوا في العمل السياسي، ولخلق نوع من التفاعل بين خبرة الكبار ووعي الشباب.

وتحدث الضيف عن الجزء الثاني من الدراسة الذي كان متعلقًا بالجانب الاستشرافي وبتصورات الشباب عن سورية مستقبلًا، وبيّن أن الإجابات المتعلقة بهذا الجزء أظهرت قدرة الشباب على التحليل وقراءة ما يحدث على الأرض، من خلال إدراكهم لوجود توجهات انفصالية لدى بعض التيارات، ووجود تيارات سلفية راديكالية تسعى لتعزيز وجودها، كما لاحظ الشباب السوري من خلال إجاباتهم وجود بعض النتائج أو الإفرازات قد تكون معيقة في بناء دولة ديمقراطية في المستقبل.