صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب “حرب حزيران/ يونيو 1967: مسارات الحرب وتداعياتها“، وهو كتاب يضمّ بحوثًا منتخبة من عدة بحوث قُدِّمت في مؤتمر عقده المركز العربي، عام 2017، بعنوان “خمسون عامًا على حرب حزيران/ يونيو 1967: مسارات الحرب وتداعياتها”. وهذه الحرب، التي مثلت نقطة تحوّل رئيسة في مسار الصراع العربي – الإسرائيلي، ما زالت آثارها وتداعياتها مستمرة حتى الآن.

يأتي هذا الكتاب، بوصفه محاولةً لتقديم معالجات جديدة لمجريات الحرب، في سياق وضعٍ حرج، من ناحية إيستوريوغرافية، يواجهه المؤرخ العربي، متمثل بغياب الأرشيف العربي لهذه الحرب، وبغياب أي روايات رسمية عربية عنها. وعلى الرغم من كثرة الكتابات العربية عن حرب حزيران/ يونيو 1967، فإنها ما تزال معدودة بالنسبة إلى حدث مفصلي تاريخي ترك آثاره، وما يزال، في المصير العربي برمته. وقد كانت معظم الكتابات جزءًا من المعركة الأيديولوجية والسياسية بين الأنظمة والقوى السياسية الحزبية العربية، كما أنها هدفت، في إجمالها، إلى تبرئة طرف وتحميل طرف آخر مسؤولية الهزيمة فيها، سواء أكان هذا الطرف نظامًا سياسيًا أم تيارًا سياسيًا/ أيديولوجيًا.

إنّ غياب كتابات عربية عن حرب حزيران/ يونيو 1967 وتقييمها تقييمًا موضوعيًا يمكن أن يكون، في حدّ ذاته، موضوعًا للدراسة والبحث. ومن ثمّ، كانت مهمة الكتاب الرئيسة سدّ بعض جوانب هذه الثغرة، إلى حدٍّ ما، في الدراسات العربية ذات الصلة؛ وذلك عبر البحث في الحرب ذاتها من زاوية نظر التاريخ العسكري والتحليل الاستراتيجي، مع محاولة تقديم معالجات جديدة لآثارها وتداعياتها على القضية الفلسطينية.

صدور كتاب حرب حزيران/ يونيو 1967: مسارات الحرب وتداعياتها

يضمّ هذا الكتاب 12 فصلًا وُزعت في أربعة أقسام، ويشتمل القسم الأول، “نصف قرن على حرب حزيران/ يونيو: قراءة جديدة”، على فصلين. يضم الفصل الأول المحاضرة التي افتتح بها عزمي بشارة المؤتمر، وهي بعنوان “ما قبل حرب 1967 وما بعدها، كي لا يتجنب النقدُ النقدَ”، وفيها طرح مسألة عدم التطرق إلى أخطر إخفاق سياسي وعسكري عربي في التاريخ العربي الحديث للحرب، بينما صدرت مئات الدراسات في إسرائيل والغرب في دراسة الحرب وتحليل أسبابها ونتائجها، بل في توثيقها أيضًا، رادًّا ذلك إلى أنّ التدقيق في مجريات الحرب نفسها، والبحث في الإخفاقات العسكرية والتخبط في صنع القرار السياسي، اعتُبرا من المحظورات، في حين أن النقد العيني لا يكتفي بالعموميات، إضافةً إلى أن المثقفين العرب انشغلوا بعد الحرب بمسائل، مثل الصدمة الحضارية، أو صدمة الحداثة المجددة التي أحدثتها الحرب. أمّا في الفصل الثاني، “حزيران/ يونيو الأسود والنهضة الغائبة: الخلل المركّب في تحليل أُم الهزائم العربية وتشخيصها”، فقد حاول عبد الوهاب الأفندي أن يشخص الهزيمة بوصفها أقسى من الصدمات السابقة.

نجد في القسم الثاني، “مسارات الحرب على الجبهات الثلاث (مصر والأردن وسورية)”، ثلاثة فصول. وفي الفصل الثالث، “هزيمة غير حتمية؟ الأداء القتالي على الجبهة المصرية”، لعمر عاشور، وفي الفصل الرابع، “العمليات العسكرية على الجبهة الأردنية في حرب حزيران/ يونيو 1967 (شهادة قائد سرية مشاة وضابط استخبارات في معركة القدس 1967)”، يبحث غازي ربابعة في استعدادات الجيش الأردني وقدراته عشية الحرب، ويحاول مروان قبلان، في الفصل الخامس “حرب حزيران/ يونيو 1967 على الجبهة السورية: سقوط الجولان وقصة البيان رقم 66″، تقديم أقرب رواية واقعية ممكنة للأوضاع العسكرية والسياسية التي أفضت إلى سقوط الجولان.

يتكوّن القسم الثالث، “إسرائيل والطريق إلى حرب حزيران/ يونيو 1967″، من فصلين. تناول محمود محارب في الفصل السادس “عملية صنع قرار حرب حزيران/ يونيو 1967 في إسرائيل”، عوامل أثّرت في عملية صنع قرار الحرب التي شنتها إسرائيل على مصر، وكثّف ياسر جزائرلي، في الفصل السابع “داود أم جالوت؟ الجدل الإسرائيلي حول حرب حزيران/ يونيو 1967″، الجدل الإسرائيلي التاريخي حول أسباب الحرب.

في القسم الرابع، “حرب حزيران/ يونيو وتداعياتها فلسطينيًا”، ثلاثة فصول. يتحدق في الفصل الثامن بلال محمد شلش عن “هزيمة حزيران/ يونيو 1967 وإسهامها في إعادة بعث القوى السياسية المقاومة في الضفة الغربية”، ويبحث معين الطاهر في الفصل التاسع “أثر حرب حزيران/ يونيو 1967 في المقاومة الفلسطينية”، أمّا في الفصل العاشر “تأثير حرب حزيران/ يونيو 1967 في الاقتصاد الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة”، فيتطرق محمد السمهوري إلى تأثير الحرب في الاقتصاد الفلسطيني.

في القسم الخامس، “الأبعاد الدولية لحرب حزيران/ يونيو 1967″، فصلان. يتعمق في الفصل الحادي عشر في الإجابة عن سؤال “هل كانت الحرب حتمية؟ وأخيرًا، في الفصل الثاني عشر يكتب أسامة أبو ارشيد عن “الحرب العربية – الإسرائيلية في عام 1967 في الوثائق الأميركية”.