نظّم منتدى حرمون الثقافي، يوم السبت 21 آب/ أغسطس 2022، ورشة عمل بعنوان “المرأة السورية في تركيا”، بمشاركة من البرلمان التركي، وإدارة الاتصالات في رئاسة الجمهورية التركية، وبحضور عدد من النساء السوريات المستقلات والناشطات في المجال المدني والسياسي والنسوي.

تحدثت السيدة سارة آيدن، رئيسة منظمة (إمرا)، وهي نائبة في البرلمان التركي عن حزب العدالة والتنمية، عن واقع المرأة السورية في تركيا من الجانب الاجتماعي، وشدّدت على أهمية رفع مستوى وعي الأسر التركية حول تأثير العنصرية ضد السوريين على اندماج المجتمَعين، وأكّدت ضرورة وجود إجراءات صارمة ضد الممارسات العنصرية، وأشارت إلى أن “على المرأة السورية أن تستفيد من قوانين الدولة التركية في ما تشرّعه لحماية المرأة من العنف”.

وتحدثت السيدة زينب كاراتاش، مسؤولة الإعلام العربي في إدارة الاتصالات في رئاسة الجمهورية التركية، انطلاقًا من دراساتها حول علوم الشرق الأوسط وفعالياتها الأكاديمية مع الأقليات في المجتمع التركي، عن دور الإعلام في التأثير في المجتمعَين السوري والتركي معًا، داعيةً إلى ضرورة التواصل والتنسيق بين الإعلاميات السوريات والإعلاميات التركيات، حول الأخبار الخاصة بمعاناة النساء والصعوبات التي يواجهنها، لأن هذا التواصل يمنع نشر الأخبار غير الصحيحة، ويساعد في توثيق الأخبار، ويقوّي التواصل بين الشعبَين.

وعن الجانب الاقتصادي، تحدثت السيدة زهال مانسفلد، عضو مؤسس لجمعية “رائدات الأعمال” “KAGIDER” التركية، وهي من أهمّ سيدات الأعمال في تركيا، وقد عُرفت بدعمها لرائدات ورواد الأعمال في المشاريع الصغيرة. وبينت أن اللغة هي العامل الأساس لاندماج المرأة في سوق العمل ومعرفة واجباتها وحقوقها والمطالبة بها، الأمر الذي لاقى اهتمامًا ملحوظًا من النساء المشاركات، اللواتي اعتبرنَ أن العقبات لا تقتصر على اللغة فحسب، وأن قانون الحماية المؤقتة الذي يخضع له السوريون في تركيا لا يدعم اندماج النساء السوريات في المجتمع، مع أنهنّ يرغبن في ذلك ويسعين إليه، حسب المداخلات والأسئلة التي طرحتها السيدات المشاركات.

وعن الجانب السياسي، تحدثت السيدة ربى حبوش، رئيسة هيئة المرأة السورية، ونائب رئيس الائتلاف الوطني السوري، وعضو هيئة التفاوض لقوى الثورة والمعارضة السورية، وهي إعلامية سابقة. وتناولت السيدة حبوش تجربتها السياسية خلال الثورة، والدور الذي أدته في هيئة المرأة السورية، وأكدت ضرورة أن تواجه المرأة البيئة السياسية التي لا تكون دائمًا مهيّئة للوجود النسائي.

عن الجانب القانوني، تحدثت المحامية لمى عنداني، عضو الهيئة التأسيسية في منظمة LDHR التي تُعنى بحقوق الإنسان وتوثيق المعتقلين، وهي مدرِّبة في مجال التوعية القانونية المجتمعية، وتحدثت عن صعوبات التعرّف على القانون التركي والتعامل معه في ما يخص قضايا تثبيت الزواج والطلاق، ومعاملات الحصول على إذن عمل، وتراخيص المشاريع الصغيرة التي تحاول النساء السوريات العمل على تأسيسها في تركيا.

وشاركت في الجانب السياسي أيضًا السيدة خولة دنيا، الكاتبة والباحثة النسوية والمدربة على قضايا النوع الاجتماعي، وتحدثت عن أهمية مشاركة المرأة السياسية، ودور “الكوتا”، كمرحلة انتقالية، لمشاركة عادلة وفاعلة للمرأة السورية في الجوانب السياسية. وقدمت السيدة دنيا معلومات حول مشاركة المرأة السياسية، وأكدت ضرورة إدماج مفهوم النوع الاجتماعي كأداة للتغيير، من أجل استفادة النساء والرجال على قدم المساواة، وبذلك يُوضع حدّ لعدم تكافؤ الفرص، وفق تعبيرها.

وتخلل الورشة حوارٌ دار بين المشاركات فيها، بإدارة أسماء أفندي، مديرة منتدى حرمون الثقافي، وذلك بعد ملء السيدات الحاضرات استبانات أعدّها فريق المنتدى، لرصد آرائهن حول الصعوبات التي تواجهها المرأة السورية في تركيا من جوانب عدة، كتأثير دورها الاجتماعي في الأسرة على استقلالها الاقتصادي، وتدخل الجانب الاقتصادي في نشاطها السياسي، ومدى صعوبة الحصول على المعلومات القانونية وارتباطها بحياتها اقتصاديًّا.

نتائج الاستبانات:
وانتهت الاستبانات بسؤال حول اقتراحات وتوصيات، يمكن البدء منها لتسهيل العقبات أمام اندماج المرأة السورية في تركيا، حيث قدّمت المشاركات توصيات متنوعة ركّزت على العقبات القانونية، وخصوصًا قانون الحماية المؤقتة ومدى تأثيره في الاندماج في المجمع التركي، إضافة إلى عدم وضوح القوانين وصعوبة الحصول عليها وفهمها. وأشارت المشاركات إلى أهمية وجود مواقع إلكترونية ومكاتب مرخّصة ومهيئة بموظفين يتكلمون العربية، لاستقبال الاستشارات والتوعية القانونية، وطالبنَ بنشاطات توعيةٍ قانونية واقتصادية.
أما على الصعيد السياسي، فاقترحت المشاركات تكوين جسم مؤسساتي سياسي سوري مسؤول وفاعل على الأرض، إضافة إلى القيام بنشاطات وأعمال إعلامية توعوية في المجال السياسي.
وعلى الصعيد الاقتصادي، كان المقترح الأبرز هو ضرورة توفير دعم للمشاريع الصغيرة على أصعدة عدة: دعم مادي، ودعم في التخطيط والإدارة، ودعم قانوني.
وأظهرت نتائج الاستبانات مقترحات أخرى، كان أهمها: “العمل على تغيير الأفكار المغلوطة حول الوجود السوري في تركيا، والخروج من الصورة الرقمية إلى القصص الإنسانية، وضرورة مشاركتها مع الشعب التركي وبين النساء السوريات والتركيات خاصة”، إضافة إلى “فتح مجالات ومنافذ آمنة، للتواصل بين اللاجئين السوريين والمجتمع التركي”.
وكان من المقترحات أيضًا “إجراء نشاطات لرفع درجة الوعي ومستوى التعليم والمعرفة الحقوقية، والاستفادة من القانون التركي، مع تعديل في قانون “الحماية المؤقتة”، لحماية المرأة من الاستغلال والتحرّش والابتزاز في العمل والأسرة”.
وبيّنت نتائج الاستبانات أيضًا توصيات أخرى، وأهمها: “إبراز دور المرأة الإيجابي في المجتمع، بما ينعكس على الأصعدة الاقتصادية والقانونية والسياسية، وإقامة فعاليات ودورات اندماج تُعرَض خلالها تجربة وثقافة المجتمعَين التركي والسوري، وتُعرِّف الشعبَين على بعضهم، وتدفعهم نحو تقبّل بعضهم”.
وفي ختام الفعالية، عبّرت السيّدات المشاركات، حاضرات ومقدمات للفقرات والمحاور، عن الشكر لمنتدى حرمون الثقافي، وأبدَين حماسًا تجاه العمل أكثر على كل صعيد من الأصعدة التي تناولتها الورشة، وكلّ جانب منها يحتاج إلى وقت مخصص، وإلى كثير من النقاط التي تحتاج إلى النقاش والمتابعة.







