دعوة إلى الكتابة
بدأ الحراك النسائي السوري في باكورته استجابة لحركة النهضة العربية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وصدى في المطالبة بالحقوق الأساسية للنساء في التعليم والحياة السياسية، وكان صورة من صور النهضة الثقافية والاجتماعية والسياسية للمجتمعات العربية آنئذ. ولم يكن هذا الحراك ترفًا أو عبثًا أو في غير موضعه ومواقيته، بل ضرورة فرضها الواقعان الاجتماعي والسياسي، وكحال الحراكات النسائية في العالم، لا تكون الطريق معبدة بالورود، إذ لم يُأتِ نشاط الحركات النسائية السورية أُكُله إلا بعد أكثر من نصف قرن، عندما مُنح حق التصويت للنساء السوريات للمرة الأولى في عام 1949م.
أخذ هذا الحراك صورًا شتى، فأسست النساء تجمعات ومنتديات وجمعيات وصحفًا، يذكر منها عل سبيل المثال لا الحصر مجلة “فتاة الشرق” التي أسستها لبيبة هاشم عام 1906، ومجلة “العروس” التي أسستها ماري عجمي عام 1910 إلى جانب منتديات وجمعيات أخرى، و”الاتحاد النسائي العربي السوري” الذي أسسته عادلة بيهم الجزائري عام 1933، و”منتدى سكينة الأدبي” الذي أنشأته ثريا الحافظ في الخمسينيات من القرن العشرين.
ويمكن القول إن الخمسينيات من القرن العشرين كانت الانطلاقة الواسعة للنساء السوريات على صعيد ممارسة الحقوق الأساسية في التعليم والعمل وميادين الحياة الثقافية والسياسية المختلفة.
وسرعان ما تراجعت أدوار هذه التجمعات النسائية بصورة ملحوظة بعد عشر سنوات فقط، أي بعيد انقلاب البعث وتسلمه السلطة، إذ فُرضت الحدود والقيود على كل التجمعات غير الحكومية بصورة عامة، ومنها التجمعات النسائية، ولم تمنح أي جمعيات نسائية جديدة ترخيصًا لمزاولة نشاطها. وما تمخضت عنه حقبة البعث من تنظيمات ونقابات كُرست فقط للحد من دوري السوريات والسوريين في التأثير والقيادة ثقافيًا وسياسيًا.
وفي وقت كان العالم ينادي فيه بالمساواة في الأدوار الاجتماعية بين الرجل والمرأة، ومع باكورة رواج مفهوم الجندر، كان “الاتحاد النسائي”، التنظيم النسائي الوحيد المدعوم من النظام والداعم له، بعيدًا كل البعد عن الحركات النسوية العالمية، وعن النساء السوريات، وحاجاتهن، وقضاياهن.
ما خلفه نصف قرن من التضييق على كل دور نسوي سياسيًا واجتماعيًا، بدأ يتحلل منذ دقائق الثورة السورية الأولى، فمناخ التطلع إلى الحرية أماط اللثام عن نساء شجاعات، وأفكار نسوية خلاقة، ولعل من أبرز هذه الوجوه (رزان زيتونة، سميرة خليل، مي سكاف… )، وغيرهن كثيرات.
وإن كانت الثورة السورية لم تصل إلى مطالبها السياسية بعد عقد من الزمن، فحري القول بأن أعلى قيمها وأوفر ربحها ثورة نسوية لا يختلف فيها أو عليها أحد، ثورة نجحت في دفع عجلة المطالبة بالحقوق إلى الأمام بقوة، وعرّت واقعًا من العنف الممارس على النساء، والتشريعات غير المنصفة وغير الضامنة لحقوقهن. قد يبدو الواقع في هذا المضمار اليوم صادمًا، والمشهد كله قاسيًا، إلا أن الثورة بعثت الحياة في النشاط النسوي على المستوى الشعبي، فلم يعد حكرًا على النخبة دون غيرها.
وإيمانًا من مجلة قلمون بأن الثورة السورية لن تكون ثورة خالصة كاملة ما لم تضمن الحقوق الاجتماعية والسياسية للنساء كافة، وما لم تكن فيها المرأة فاعلة ومشاركة في محادثات السلام، واتخاذ القرار، وبناء مستقبل سورية، فإنها تفتح ملف “النسوية السورية” في عددها السادس عشر، وتتعاون في إنجاز هذا الملف مع “مساواة/ مركز دراسات المرأة”، بوصفه إحدى منظمات المجتمع المدني الرائدة في مضمار دراسات المرأة، والمؤثرة في الحراك النسوي السوري أيضًا، تعاونًا ترى فيه مجلة قلمون خطوة طيبة لا بد منها في الانفتاح على المجتمع المدني السوري وكل من يقدم جهدًا نظريًا وعمليًا يسهم في إقامة حجر من مستقبل سورية التي يحلم بها السوريون جميعهم.
من هنا فإن مجلة قلمون و”مساواة/ مركز دراسات المرأة” يدعوان الباحثات والباحثين إلى الكتابة في ملف “النسوية السورية” في إحدى هذه المحاور:
- من الحركة النسائية إلى الحركة النسوية في سورية: (تاريخ الحركة النسائية السورية، إرهاصات الحركة النسوية السورية وتبلورها بعد ربيع دمشق، وبعد الثورة السورية).
- مفهومات ومصطلحات نسوية: (الجندر (النوع الاجتماعي)، النسوية والنسائية، التمكين، المقاومة الجندرية، الصورة النمطية…. إلخ)، بما يرتبط بالمجتمع السوري.
- العنف ضد النساء في السياق السوري.
- التشريعات الحساسة للنوع الاجتماعي (الجندر)، والضامنة لحقوق النساء.
- المعاهدات والاتفاقيات والقرارات الدولية المتعلقة بالنساء.
- النسوية التقاطعية في السياق السوري.
- صورة المرأة في الإعلام السوري (التقليدي والبديل).
تستقبل المجلة مقترحات الباحثات والباحثين في الموضوعات أعلاه، وأي موضوعات أخرى ذات صلة، تاركة المجال مفتوحًا لحرية التفكير في ما يريانه مناسبًا ومهمًا في رفد البحث في النسوية السورية. كما تستقبل المقترحات البحثية للنشر في باب الدراسات خارج ملف “النسوية السورية” بما يتصل صلة غير مباشرة بهذا الملف، من مثل البحث في النسوية العالمية واتجاهاتها ومدارسها، إضافة إلى باب مراجعات الكتب الجديدة عربيًا وعالميًا.
يمكن للراغبات والراغبين المشاركة في الملف بإرسال مقترح بحثي لا يتجاوز 500 كلمة، مع مخطط للبحث إلى إيميل رئيس التحرير يوسف سلامة youssef.salamah@harmoon.org، وذلك حتى 20 نيسان/ أبريل 2021، على أن تستكمل البحوث في موعد أقصاه 15 حزيران/ يونيو 2021.
يرجى من الباحثات والباحثين مراعاة سياسة تحرير مجلة قلمون في المقترحات والبحوث، أدناه رابط سياسة التحرير في مجلة قلمون:
https://cutt.us/BoiHU