قالت أليس مفرج، عضو هيئة التفاوض ورئيس لجنة المعتقلين: إن “الأولوية، خلال لقاء وفد الهيئة مع المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسون، كانت لملف المعتقلين، وهو الآن مطروح بين الدول على الطاولة بشكل وثيق، باعتباره المعيار الأساس لأي عملية سياسية، ولتحقيق معايير البيئة الآمنة والمحايدة”، مضيفة في مقابلة مع (حرمون) أن “بيدرسون يعتبر أن اللجنة الدستورية جزء من العملية السياسية، ويجب النظر إلى القرار (2254) من منظور واسع وشامل، وفي إطار متوازن”.

وأضافت أن “اللجنة الدستورية يجب أن تكون بداية لعملية التسوية السياسية، وليست هي التسوية السياسية، باعتبارها الأساس القانوني لأي عملية انتقال سياسي باتفاق الطرفين، وخاصة موضوع الانتخابات”، مشيرة إلى أنه “لا يمكن أيضًا نقاشه بضوء اتفاقات الروسي والأميركي فحسب”. وعدّت أن “العملية السياسية اختصرت السلال باللجنة الدستورية والانتخابية، ولكن لا يمكن نقاش أي عملية انتخابية إلا بالنظر إلى موضوع اللاجئين في الشتات والنزوح الكارثي الموجود خارج سورية، وكيفية مشاركتهم، وضرورة عودتهم عودة طوعية آمنة، وبالتالي ضرورة فتح السجون، وحلّ قضية المعتقلين حلًا جذريًا، من أجل التوصل إلى تسوية سياسية، وليس حلًا”، وتابعت: “أما في المفاوضات فهناك تسويات سياسية، وخاصة بالنظر إلى القضية السورية باعتبارها مدوَّلة، وهي تعود لتوافقات دولية، بالتالي هذا هو أساس الموضوع”.

حول تصعيد النظام السوري وروسيا في إدلب، قالت مفرج: “نحن أطلعنا الأمم المتحدة عن كارثة إدلب”، ولفتت إلى أن الهيئة قدمت “لمجموعة الدول المصغرة الـ 5+2 إحاطة كاملة حول ملف إدلب بأدق التفاصيل، وأن هذا القصف غير المسبوق الذي يجري على إدلب يجب أن يُنظر إليه بحكم أن (أستانا) فشلت، بالتالي يجب أن تجد المجموعة المصغرة طريقة للضغط على الروس والنظام، من أجل إيقاف هذا القصف غير المسبوق، منذ 15 شهرًا تقريبًا”.

وعدّت أن “هناك حالة كارثية مع وجود نقاط مراقبة، وتسيير الدوريات المشتركة بين الروس والأتراك في إدلب. لكن كما يلاحظ سبّب القصف غير المسبوق مئات الضحايا، وتوجهنا أيضًا إلى الأوروبيين الموجودين دائمًا كي يضعوا مقياس توازن. ولعل موضوع اللجوء وفتحه لهم، وبالتالي هجرتهم إلى أوروبا، هو ورقة ضاغطة على الأوروبيين”.

ورأت مفرج أن “وضع إدلب سيستمر على ما هو عليه، حسب ما استشفيت أنا، لأن هناك مفاوضات أميركية تركية ما زالت جارية حول المنطقة الآمنة وهي شبه منجزة، ولكن يمكن القول إن الاتفاق على العمق ما زال لم ينجز والخلاف الأساسي موجود فيما بينهم، ومن ثم فكل التوافقات والتقدم بعملية التفاوض لم تأت بنتيجة، لأن الخلاف الأساسي والعميق باق، والأتراك مصرّون على 35 كم، وعلى ما يبدو أن الروس يلعبون على الهامش بهذه المفاوضات، ولكن لهم دورًا، بما أنهم أظهروا اتفاقية أضنة، التي تقول بعمق خمسة إلى ستة كم”.

وأكدت مفرج أن “الأميركان لم يأخذوا قرارًا بهذا الموضوع، أي باستبعاد (قسد) خارج كل المنطقة، ولا نعرف إذا كانت (قسد) ستشارك في الإدارة الذاتية، حيث يطرح أن الإدارة الذاتية ستكون من أهل المنطقة لحد الآن، وهنا الخلاف، وخاصة إذا كان الجيش الوطني التركي سيكون جزءًا من هذه المنطقة الآمنة”، وقالت: “هناك مفاوضات سرية لم تظهر للأسف لنا نحن -السوريين- ومن المؤسف طبعًا أن مخيم الركبان الذي كان الحديث عنه، يتمتع بخصوصية، ويتقدم لضرورة دخول المساعدات الإنسانية، ولا مبادرات لخروج أهالي المخيم، كونهم يرفضون الخروج لمناطق سيطرة النظام”.

وحول ملف المعتقلين، أوضحت مفرج أن الملف الآن في “ظل هذه المجموعة يأخذ الأولوية، ويتم وضعه على الطاولة، ويتم تظهيره علنًا، ويتم التنسيق معي أنا كرئيس للجنة المعتقلين من قبل مجموعة من الدول، والكل يريد قوائم أسماء، ونحن قلنا دائمًا ليست المشكلة في قوائم الأسماء، المشكلة أن يكون هناك قرار ضاغط، كونه ملفًا إنسانيًا وما فوق تفاوضي، وخاضعًا للتفاهمات السياسية”.

تابعت: “بالتالي الأسماء ما الذي تقدمه أو تؤخره، وعلى ما يبدو أن هناك ضغوطًا على النظام، من أجل الإفراج عن المعتقلات والأطفال، ولكنه يقايض بأن هناك معتقلين لدى فصائل الجيش الحر، فيجب إخراجهم، وفي غرفة العمل المشترك دائمًا ما نقول إننا نرحب بالإفراج عن أي معتقل، ولكن المبادلات التي تحصل هي مخزية، في حقيقة الأمر، وغالبية المفرج عنهم من طرفنا هم حديثو الاعتقال وليس لهم علاقة بمعتقلي ثورة 2011، وغالبيتهم أيضًا على خلفية تهم جنائية، يعني ليس لهم أي نشاط، أو أي علاقة بالثورة، وإن تم الإفراج فهو يتم عبر أقارب أو صلات بالمعارضة المسلحة، وهذه المبادلات تزيد بالعنف وتقوض قضية المعتقلين، على أن المفرج عنهم هم على خلفية نزاع مسلح، وهذا ما يخالف الطبيعة القانونية لموضوع الاعتقال في سورية، على أن غالبية المعتقلين في سجون الأسد والسجون السرية لـ “حزب الله” والميليشيات الإيرانية هم على خلفية مطالب ثورتنا، وليسوا كما يريد النظام”.

وأشارت إلى أنه “يجب العمل الآن على بناء استراتيجية، من أجل مشاركة المنظمات (منظمات المجتمع المدني) بوضع استراتيجية لملف المعتقلين، ويكون لها دور لأن هذا هو شأنها، بالتالي فغرفة العمل المشتركة قوضت ملف المعتقلين، ضمن تفاهمات سياسية، ومقايضات ولكن ابتعادها عن مظلة جنيف يبعدها من القرارات الدولية، ويسقط مسألة المحاسبة”، وقالت: “كل هذه المسائل تناقش بالنسبة إلينا مع الاتحاد الأوروبي، وتحديدًا الألمان والفرنسيين، والآن يبدو أن لدى المصريين اهتمامًا بهذا الموضوع، فهم يريدون قوائم ونحن كطرف سياسي غير مقبول أن نقدم قوائم، والمنظمات هي على مسافة واحدة من جميع الأطراف، من ثم لماذا أهمية المعتقلين؟ لأنها أكثر حساسية بالنسبة إلى السوريين”.

حول الدور الأميركي، قالت مفرج إن “الأميركان تحديدًا صاروا مهتمين لكن نعرف أن التردد الأميركي البراغماتي الذي يثير الفوضى الخلاقة يبتغي مصالحه بالنتيجة، ومن دون أن يدفع أي ثمن على الأرض السورية، وهو يترك روسيا تغرق بهذا المستنقع، لذلك فالروس الآن هم أشد حرصًا في موضوع اللجنة الدستورية لإنجازها بتوافقات، والكل يعرف أن الخلاف على ستة أسماء، مع الأسف”.

وأضافت: “نحن قوضنا العملية السياسية، بموضوع اللجنة الدستورية وبالأسماء الستة، وهي عملية إنهاء عمليًا، مع ضرورة الأسماء الستة، وهي أن الأمم المتحدة مصرة على أن (الثلث الثالث) يكون من اختيارها هي حتى تكون ثلاثة أثلاث” ثلث للمعارضة وثلث للنظام وثلث هو من المجتمع المدني، وهو طبعًا معروف أن فيه موالاة وفيه معارضة، ولكن يجب أن تكون قائمة متوازنة وشاملة، حيث إن عملية التصويت أو التوافقات باتخاذ آلية التصويت تكون متوازنة ضمن اللجنة طبعًا، والاتفاق على القواعد الإجرائية تم على أن الرئاسة مشتركة ما بين النظام وبين المعارضة”.

وتابعت: “بالتالي، بغض النظر عن موقف السوريين من اللجنة الدستورية من رفضهم أو قبولهم، فالدول تعتبر (حتى الأمم المتحدة) أن أي مدخل لأي عملية سياسية يجب أن يكون بحسب الاتفاق الأميركي والروسي لأنهم الطرفان الأهم، من أجل تسوية سياسية في سورية، وتتبعهم الأطراف الإقليمية والدولية الأخرى التي ليست صاحبة قرار أساسي، كما الروس والأميركان. وهم يعتبرون أن اللجنة الدستورية هي بداية الدخول بالعملية السياسية”.

وأكدت مفرج: “بيدرسون يعتبر أن اللجنة هي جزء من العملية الدستورية، ونحن نقول يجب أن لا نستأنف جولات جنيف إلا إذا كان هناك تحقيق لمعايير البيئة الآمنة والمحايدة، لذلك فإن ملف المعتقلين هو معيار أساسي يجب أن نأخذه بعين الاعتبار، وأي استئناف لأي جولة جديدة في جنيف لا يجب أن تكون ماراتونية ومكوكية، ونتيجتها صفرية كما عمل معنا دي ميستورا.. طلعنا بالنقاط 12 وليت النظام اعترف بها، لم يعترف بها، وراح مجبرًا على سوتشي، وفي الأخير أصدر بيانًا مخالفًا لبيان سوتشي، كما أصدرته (سانا) في ذلك الحين”.