تحلُّ الباحثة والأكاديمية السورية الدكتورة ريم تركماني، المتخصصة في الفيزياء الفلكية، اليوم، ضيفة على مركز حرمون للدراسات المعاصرة.
ولدت ضيفتنا في مدينة حمص (وسط سورية)، ودرست في مدارسها. تخرجت في جامعة دمشق قسم الهندسة الإلكترونية، وعملت سنوات عدة في سورية في مركز الرازي للكمبيوتر الذي أسّسته في حمص قبل أن تنتقل إلى الدراسة في السويد، حيث نالت شهادة الدكتوراه في الفيزياء الفلكية النظرية من جامعة “تشالميرس” في مدينة غوتنبرغ. وعملت في جامعة “سانت آندروز” في إسكتلندا في المملكة المتحدة البريطانية، وفي جامعة “الإمبيريال كولج” في لندن في قسم الفيزياء الفلكية. نالت زمالة بحثية رفيعة المستوى من الجمعية الملكية في لندن، وهي أعرق جمعية علمية في العالم، أسّسها أبرز مؤسّسي العلم الحديث مثل إسحاق نيوتن، وروبرت بويل، وإدموند هالي، منذ قرابة 360 سنة، وهي تدعم نخبة الباحثين في بريطانيا.
في رصيد ضيفتنا أكثر من خمسة عشر بحثًا علميًا محكمًا في الفيزياء الفلكية، وقدّمت في عام 2009 مع الأستاذ جون براون نظرية جديدة لاقت رواجًا، حول كيفية تسريع الإلكترونات في الهالة الشمسية، حين حدوث الانفجارات الشمسية، ولا يزال يشار إلى أبحاثها التي قدّمت هذه النظرية بشكل دوري في الأدبيات العلمية الحديثة. ولها نشاطات ومؤلفات في مجال تاريخ العلوم عند العرب وأثرها على النهضة العلمية في الغرب. وشاركت في تصميم معارض عدة في هذا المجال؛ مثل معرض “الكون والثقافة” الذي عرض في متحف العلوم في لندن، ومعرض “جذور عربية” الذي عُرض طوال ستة أشهر في مقر الجمعية الملكية في لندن عام 2011، ثم في متحف الفن الإسلامي في الدوحة عام 2012. كما شاركت، في وثائقيات عالمية حول تاريخ العلوم عند العرب، صُوّر بعضها في حلب ودمشق. وكتبت وأسهمت في إنتاج أفلام قصيرة حول الآلات الفلكية التي استُخدمت في العصور الوسطى وطرق استخدامها.
تشغل د. ريم تركماني حاليًا، منصب مديرة لبرنامج أبحاث حول سورية، في جامعة لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، التي تعمل فيها منذ عام 2014. ونشرت أبحاثًا عديدة في مجال الاقتصاد السياسي والحوكمة في سورية، والمحركات المحلية للصراع وعلاقتها بالديناميات الخارجية مع التركيز على دور المجتمع المدني، إضافة إلى شرعية الحكم وعلاقتها بالتاريخ الدستوري. ومعروف عنها نشاطها في المجتمع المدني، داخل سورية وخارجها، حيث أسّست جمعيات ومنظمات عدة، وكانت عضوًا في المجلس الاستشاري النسوي للمبعوث الخاص لسورية في الأمم المتحدة، ولا تزال تسعى لأن يكون هنالك حضور كبير ودور فاعل للمجتمع المدني السوري بكل أطيافه على طاولات صنع القرار المعنية بسورية.
هنا نص حوارنا معها:
بداية، كيف تعرّفين نفسك لقرّاء مركز حرمون للدراسات المعاصرة؟
أنا إنسان يحرّكه التوق للمعرفة، والإيمان بأنّ البحث الأكاديمي هو الحقل الأهم لبناء المعرفة، والرغبة في أن أبذل ما بوسعي ليكون عالمنا أفضل قليلًا، ومحبّتي لسورية.
تخرجتُ من جامعة دمشق، ثم خضت غمار العمل الأكاديمي في أكثر من حقل، بداية في حقل الفيزياء الفلكية، حيث نلت شهادة الدكتوراه بالفيزياء الفلكية النظرية من جامعة “تشالميرز”، في السويد ثم عملت قرابة عشر سنوات في جامعة “الإمبيريال كولج” في لندن في قسم الفيزياء الفلكية، ونلت زمالة بحثية من الجمعية الملكية، لأقوم بالأبحاث التي أرغب فيها في مجال الفيزياء الشمسية وكانت مجالي المفضل. اشتغلت أيضًا في مجال تاريخ العلوم العربية الإسلامية وأثرها على إنتاج المعرفة في الغرب خلال القرن السابع عشر، وقدّمت في هذا المجال مكتشفات جديدة، جمعتها في كتابين ومعرضين في الكلية الملكية في لندن، وفي متحف الفن الإسلامي في الدوحة.
بعد بداية الحراك في سورية، بدا لي أن كلّ ما كنت أعمل به ترفًا، خصوصًا بعد أن اشتد العنف وبدأ الوضع بالتدهور بسرعة، كنت أشعر بأنّ ما نشهده هو حدث تاريخي يحتاج منا إلى تفاعل واستجابة سريعة، علَّ الحراك يسير باتجاه البلد الذي كنا نحلم به، وعلَّ العنف يخبو وتتوقف شلالات الدم وتسونامي الخراب. بدأت حينها -تدريجيًا- بتخفيف ساعات عملي في “الإمبيريال كولج”، والتفرغ للشأن العام، بداية ضمن فضاء السياسة والمجتمع المدني، ثم بشكل متصاعد في المجال الأكاديمي مرة أخرى، لكن هذه المرة على ضفة العلوم السياسية. وأنا أمّ لطفلين وأعيش مع زوجي وأطفالي في لندن.
علينا قراءة الشرق الأوسط وصراعاته عبر المؤشرات العلمية
قبل أن تخوضي في غمار السياسة والعلوم السياسة كنتِ متخصصة في مجال الفيزياء الفلكية؛ ماذا قدّمت الفيزياء الفلكية لريم تركماني السياسية؟ وأيّ مكانة أو قدرة على التغيير يمتلكها العلم اليوم في واقعنا العربي؟
أساسيات البحث العلمي هي تقريبًا واحدة بين كل العلوم، فيما تختلف بعض المنهجيات والطرق. مثلًا دراسة الأدبيات حول موضوع البحث، التعامل مع المراجع، بناء الأطر النظرية، وضع الفرضيات، إثبات خطئها أو صحتها، إعمال المحاكمة العقلية والتفكير النقدي.. إلخ. كل هذه الأمور التي أتقنتها أثناء البحث العلمي في ميدان الفيزياء الفلكية كانت عونًا لي في مجال العلوم السياسية. طبعًا، كان هنالك تحدي التعرف إلى نظريات وأدبيات العلوم السياسية الغزيرة وطرائقها، وهذا استغرق مني بعض الوقت، لكن بالمقابل كنت أستفيد كثيرًا من القدرات التحليلية التي اكتسبتها في ميدان الفيزياء، بالقدرة على نمذجة وتحليل البنى المعقدة.
في العلوم السياسية، يشيرون إلى موضوع ما، مثل الأزمة السورية، بأنه معقّد، لتفسير استعصائه على الفهم وعلى تفسيره ضمن نظريات العلوم السياسية، ثم يتوقفون عند هذا الوصف. بالنسبة إلي فأن تصف أمرًا ما بأنه معقد فهذا بداية النقاش وليس نهايته، فعلم الرياضيات التطبيقية لديه طرق عديدة لفهم الأنظمة المعقدة ونمذجتها وتوصيفها رياضيًا، وضمن عملي في الفيزياء الفلكية، كنت أستخدم هذه الطرق لبناء نماذج رقمية تحاكي البنية المعقدة للغلاف الشمسي، بهدف استخدام هذه النماذج لدحض أو دعم فرضيات معينة أو للتنبؤ بما يمكن أن يؤول إليه وضع معين.
ومن التقنيات التي كنت استخدمها في هذا المجال، تقنية اCross scale coupling، أعتقد أن ترجمتها هي “الاقتران العابر للنطاق”، وهي طريقة لفهم كيف يمكن أن تؤثّر أحداث وجزيئات صغيرة ضمن نطاق المايكرو على حدث أو أحداث كبيرة في نطاق الماكرو والعكس، وهذا الأمر تحديدًا أجده مفيدًا جدًا في فهم الوضع السوري، وكيف تؤثر فيه الأحداث الصغيرة على الأرض في أحداث كبيرة على المستويات الوطنية، الإقليمية والعالمية والعكس. كل هذه التقنيات التي شكلت طريقة تفكيري أخذتها معي إلى نطاق العلوم السياسية.
النقلة النوعية التي لا بدّ منها لنقل أيّ دولة إلى مصاف الدول المتقدّمة هي إدراك أهمية العلم والمعرفة في بناء الدول وتحريك الاقتصاد. العلم ليس رفاهية لا تقدر عليها سوى الدول المتقدّمة، بل هو الأساس الذي جعل هذه الدول متقدّمة بالدرجة الأولى.
في بدايات العصور الوسطى، أدرك الخلفاء المسلمون أهمية العلم من أجل تطوير إدارة البلاد وتطويرها، فاستثمروا مثلًا في علم الرياضيات، وخصوصًا الجبر الذي وجدوه أساسيًا من أجل إجراء الحسابات المعقدة للضرائب المستحقة على إيرادات الأراضي وغيرها من الموارد، ومن أجل تنظيم عمليات الإرث المعقدة وغيرها من التطبيقات العملية. واهتمّوا بعلم الميقات الذي كان يضبط -فضلًا عن ضبط أوقات الصلاة- مواقيت العمل، ويقوم بالتنبؤ بتوقيت المحاصيل والفيضانات. استثمروا في العلوم الهندسية من أجل بناء الطرق والقنوات المائية وغيرها من البنى التحتية الأساسية للدولة. ولذلك ازدهرت العلوم في تلك الفترة، وحظي العلماء بالتقدير العالي.
إن الوصول إلى مرحلة القدرة على المساهمة في البحث العلمي على المستوى العالمي يحتاج إلى الاستثمار بالرأسمال الأهم لأيّ دولة، وهو الرأسمال البشري، وتنميته عبر التعليم النوعي وليس الكمي. هذا هو مثلًا السر الذي يعزى إليه النهوض المذهل لدول النمور الآسيوية (سنغافورة، كوريا الجنوبية، تايوان، وهونغ كونغ) وتحقيقها لمعدلات نمو عالية وقفزة اقتصادية هائلة، ما بين الستينيات والتسعينيات من القرن الماضي. باختصار: من دون العلم ومقوّماته؛ لا أمل لدولنا العربية بالتقدّم وتجاوز مرحلة استهلاك منتجات علوم الآخرين.
في الآونة الأخيرة، شهدنا نجاح مسبار الأمل الاستكشافي الإماراتي في دخول مدار كوكب المريخ. هناك من عدّ هذا الأمر إنجازًا عربيًا كبيرًا في علم الفضاء، فيما سخر آخرون من الأمر واصفين إياه بأنه عملية استيراد منتج غربي بوضع ماركة عربية عليه. ما رأيك في هذا الأمر؟ هل يُعدّ هذا إنجازًا عربيًا علميًا أصيلًا؟ وكيف يمكن بشكل عام تقويم إسهام البلاد العربية في مجال العلوم؟
في مجال تكنولوجيا الفضاء، نادرًا ما يكون هنالك منتج مهم من نتاج دولة بعينها. معظم ما نراه من إنجازات، وإن كانت تحمل شعار وكالة فضاء دولية معينة، هي بالمحصلة نتاج تعاون وكالات فضاء عدة ومراكز أبحاث عبر العالم. مهمة المركبة الفضائية “بيرسيفينس” مثلًا، التي طورتها (ناسا) وحطت على سطح المريخ، لن تكتمل من دون التعاون مع وكالة الفضاء الأوروبية من أجل إحضار العيّنات التي ستحضرها “بيرسيفينس” إلى الأرض. ومعظم المركبات والمسابر العلمية تحمل أدوات قياس وكاميرات وروبوتات مصنوعة في مخابر مختلفة حول العالم، كلٌّ منها متخصص في جزئية معينة. القسم الذي كنت أعمل فيه في “الإمبريال كوليج” مثلًا كان يصنع أدوات معينة لقياس الإشعاع لوكالات فضاء مختلفة حول العالم، منها وكالة الفضاء اليابانية والأوروبية. وهذا يعني أن الإنجازات العلمية الكبيرة معظمها نتيجة تعاون عابر للدول.
من المشجع أن تهتمّ الإمارات بعلوم الفضاء وتستثمر بها، وهذا سيكون ملهمًا للشباب العربي لخوض مجال العلوم. بالتأكيد، كبلد يخوض غمار هذا العلم حديثًا، ستستعين الإمارات بشكل كبير بالخبرات الدولية السابقة في هذا المجال. لكن هذا هو حال العلوم دائمًا. لماذا نفتخر مثلًا بأنّ الغرب كان يتعلم من العرب في عصر النهضة وينسخ علومه وتقنياته، ثم نذمّ البلاد العربية، إذا اعتمدت على التقدّم العلمي الغربي لكي تضع لبنات جديدة في علم الفضاء؟ طبعًا يجب أن نسأل ما هو الدافع لبعض الدول أن تستثمر في علم الفضاء؟ هل هو التفاخر أم أنه دافع علمي؟ لا أعرف كثيرًا عن دوافع الإمارات للاستثمار في هذا المجال، كي أجيب بدقة عن هذا السؤال، لكن يبدو لي أن الأمر مزيج من الدافع العلمي والرغبة في إلهام الأجيال الجديدة، وهناك شيءٌ من التفاخر أيضًا. جميع الدول تتباهى بدخولها عصر الفضاء، ومن الطبيعي أن تقوم الإمارات بذلك. المهم أن يبقى الحافز العلمي هو المحرك الأول، وأن يتم تدريجيًا بناء كوادر علمية محلية تعطي هذه المؤسسات مقوّمات الاستمرارية. عملية تقويم إسهام أي دولة في المجال العلمي والمعرفي تتم عبر مؤشرات عديدة مثل مؤشرات SCImago[1]. ويتم حسابها عبر النظر في مؤشرات عدة مثل الأبحاث الأكاديمية المحكمة في كل بلد، وعدد المرات التي تم الاقتباس منها، واستشهاد أبحاث أخرى بها. وتتربع الولايات المتحدة الأميركية دائمًا على قمة هذه القائمة، تليها الصين ثم بريطانيا. أما إذا نظرنا إلى قائمة الدول الواقعة في الشرق الأوسط وشمال افريقيا؛ فإنّ إسرائيل -مع الأسف- تتقدّم هذه القائمة بفارق شاهق بينها وبين بقية الدول، تليها تركيا، فإيران، فالسعودية، فمصر ثم الإمارات. سورية ترتيبها الخامس عشر في هذه القائمة (و106 على القائمة الدولية) مع العلم أن هذه الأرقام تشمل الناتج العملي خلال الأعوام ما بين 1996 و2019.
المساهمة العربية لا تزال نسبيًا منخفضة في مجال العلوم، ولا يكفي أن نقول إنّ إسرائيل تتقدّم علميًا على باقي البلدان العربية، لأنها تستفيد من العلماء اليهود الذين هاجروا إليها من بلدان متقدّمة، أو بسبب مساعدة بعض الدول لها، بل علينا النظر إلى مؤشر آخر، وهو نسبة ما تصرفه الدولة من إجمالي الناتج المحلي (GDP) على البحث والتطوير، وهو ما يعكس إدراكها لأهمية العلم في بناء الدول، وهنا نجد أنّ إسرائيل تتربع هذه القائمة دوليًا، وبفارق كبير على باقي الدول، فهي تصرف ٤.٩٥٪ من الـ (GDP) على البحث والتطوير، مقارنة بأميركا التي تصرف ٢.٧٪ منه. فيما تتربع الإمارات القائمة العربية بنسبة ١.٣٪ (بعد أن كانت النسبة ٠.٧ ٪ في عام 2014) ثم السعودية بنسبة ٠.٨٢ ثم مصر، المغرب، والأردن بما يقارب ٠.٧١٪. أما بالنسبة إلى سورية فإن النسبة ٠.٠٢٪ وفقًا للأرقام المتوفرة من عام 2015. أي أنّ إسرائيل، مع الأسف، تصرف على البحث والتطوير خمس إلى ست مرات أكثر من أفضل الدول العربية صرفًا على هذا القطاع. من المفيد أن نقرأ الشرق الأوسط وصراعاته عبر هذه المؤشرات، وأن ندرك أن الصراع ليس سياسيًا وعسكريًا فحسب.
هل لاهتمامك ونشاطك في مجال تاريخ العلوم العربي علاقةٌ بإيمانك بأهمية العلوم، أم أن الأمر ولعٌ بالتاريخ؟ وهل ينفع فعلًا أن نستمر في تمجيد ماضٍ أصبحنا بعيدين جدًا عنه؟
هو مزيج من الاثنين. ما يثير اهتمامي بشكل كبير هو سفر المعرفة عبر العصور والحدود لتصل في نهاية الأمر كمنتج بين أيدينا. لذلك وجدت العمل على مرحلة القرن السابع عشر شيقًا جدًا، لأنه عصر موثق جيدًا وقامت خلاله الثورة العلمية الحديثة، وقد استطعت إيجاد دلائل كثيرة على أنّ بعضًا من أبرز علماء وفلاسفة هذه المرحلة في أوروبا قاموا بتعلّم اللغة العربية، على صعوبتها، من أجل نهل المعرفة من المصادر العربية، خصوصًا تلك التي كتبت في العصور الوسطى، بشكل مباشر، وقاموا باستخدام هذه المعرفة في إنتاج العلم الحديث.
القضية ليست قضية تباهٍ، بل هنالك أمور يجب تأكيدها هنا. أولًا أنّ العلم الحديث هو نتاج عالمي لا تحتكره دولة أو منطقة معينة أو عصر معين. العرب تعلّموا ممن سبقهم من الأمم، وأفادوا من أتى بعدهم. لكن مساهمتهم مغفلة أو مخفف من شأنها بشكل كبير ضمن الثقافة الغربية، وهذا أمر يستوجب التصويب، من أجل التاريخ ومن أجل الأجيال الجديدة. ففي الغرب مثلًا من الصعب أن تقنع طالبًا مدرسيًا باحترام زميل له من أصل عربي، إذا كان قد تمّ تلقينه عبر المنهاج أنّ العلم الحديث ولد في أوروبا من العدم. ومن الصعب إلهام الطالب العربي بأن يخوض غمار البحث العلمي، إذا كان الاعتقاد بأنه ينحدر من حضارة أدنى قد تكرّس عنده، خصوصًا أنّ معظم الأدوات التي يستخدمها كلّ يوم هي منتجات غربية. من المفيد للطلاب العرب والمسلمين أيضًا فهمُ كيف استطاع عباقرة العلم والفلسفة العرب التوفيق بين الدين وبين الفلسفة والعلم، وإعلاء المحاكمة العقلية على أيّ شيء. الفوائد عديدة لدراسة تاريخ العلوم، لكن استخدامه للتفاخر فقط سيكون له بالتأكيد أثر سلبي على العقول والنفوس.
شراكة أكاديمية تبحث في محركات الصراع في سورية
تديرين برنامجَي بحوث حول سورية في جامعة لندن للاقتصاد والعلوم السياسيةـ هل لك أن تحدثينا عن البرنامجين، واهتماماتهما، وطبيعة الأوراق البحثية التي تصدر عنهما؟
البرنامج الأول يتناول محركات الصراع في سورية، وتتناول أبحاثه الاقتصاد السياسي، الحوكمة، سياسيات الهويّة (ومنها التطييف)، ودور المجتمع المدني على كل المستويات. وتقريبًا كلّ أبحاثه تتم بالتعاون مع باحثين ميدانيين يتولد فهمهم للصراع من معايشته يوميًا، وهو أمرٌ لن أستطيع أنا وبقية زملائي إدراكه تمامًا ونحن نعيش في لندن. بعض الأبحاث يكتبونها هم بشكل رئيسي، مع بعض المساعدة والتوجيه من فريقنا، فيما نكتب نحن بعضها الآخر بالتعاون معهم. وهذه الشراكة هي ما تميّز عملنا وتجعلنا قادرين على إنتاج أبحاث وأوراق تقدّم توصيات سياسية قريبة من الواقع قدر الإمكان. أما البرنامج الآخر، وهو برنامج “المواطنة والشرعية في العالم العربي”[2]، فإنه يهدف إلى فهم أسباب استعصاء توليد أنظمة شرعية في عالمنا العربي، مع التركيز على سورية ولبنان والعراق، وفي هذا السياق، نبحث في مسارات عدة، منها مثلًا الفشل التاريخي للخروج بدستور شرعي في الشرق الأوسط، وفشل مسارات التحوّل الديمقراطي، وكذلك نبحث دور استقلال القضاء، كأهم مؤسسة يمكن لاستقلالها وإصلاحها تصحيح إشكاليات المؤسسات الأخرى والمساهمة في القضاء على الفساد السياسي والاقتصادي.
بعض أبحاثنا أكاديمية، وتنشر في دوريات محكمة، فيما بعضها الآخر ذو طابع سياساتي يهدف إلى وضع توصيات سياسية أو إلى ملء الفراغ المعرفي حول قضية معينة. نحاول قدر الإمكان نشر أبحاثنا باللغتين العربية والإنكليزية، وهذا أمرٌ من النادر جدًا أن تقوم به الجامعات الغربية، لكننا نعتقد أنّ الوصول للقارئ والباحث العربي يجب أن يكون أحد أهمّ أهداف أيّ بحث يستهدف العالم العربي، وإحداث تغيير فيه نحو الأفضل. وإنّ الأدبيات الأكاديمية المكتوبة باللغة الإنكليزية مليئة بالأبحاث المهمة جدًا حول العالم العربي، ولكنها مع الأسف غير مترجمة إلى العربية.
تحتلُّ الشرعية السياسية والدستورية وتاريخ سورية الدستوري مكانةً بارزةً ضمن اهتماماتك وأبحاثك؛ فهل ترين أنّ الدستور يشكل أولوية في الأزمة السورية ضمن الظرف الراهن، خصوصًا بعد فشل اجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف في إحراز أيّ تقدّم يذكر؟
يمكن رؤية الصراع في سورية بطُرق عدة، منها النظر إليه كصراع من أجل الوصول إلى كتابة دستور شرعي للبلاد. وهذا يعني -باختصار- أن تُحكم البلاد كما يريد لها أهلها، وهو بالتأكيد أمرٌ يشكّل أولوية برأيي، لأنّ الوصول إلى مثل هذا الدستور هو ما سيضمن الحقوق ويقيم العدل ويحمي المواطنين ويسخّر قدرات البلد لخدمة مصالح أهله، لا مصالح النخبة الحاكمة. جلَّ مطالب المتظاهرين في سورية هي في الحقيقة مطالب دستورية: الحقوق، الحرّيّات، والكرامة. بالتأكيد، الدستور وحده لا يمكن أن يكون ضامنًا للحقوق، وفي الوقت ذاته، لن تكون هنالك ضمانة لأيّ حقّ لا يكفله الدستور ويمنع صدور قوانين تمكن انتهاكه. أي أنّ الدستور شرطٌ لازم وغير كاف للتغيير. البعض يُحاجّ بأنّ الدستور في سورية “أكله الحمار”، وبأننا نتكلم عن بلد يتم فيه تجاوز الدستور يوميًا. وأنا أقول بل على العكس تمامًا، إنّ ما نراه في سورية من انتهاك للحقوق والكرامات وسلب لموارد البلاد ما هو إلّا تطبيق عملي للدستور السوري الحالي. فهو دستور يتكلم عن ضمان الحرّيّات للمواطن، لكن بنيته تقوّض أيّ فرصة لضمان هذه الحقوق، وتمكّن المشرع من الخروج بقوانين تعارض تمامًا كل ما يضمنه بند الحرّيّات في الدستور. هو واحد من أكثر الدساتير في العالم تركيزًا لجميع السلطات تحت سلطة الرئيس، فهو المسيطر على السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية. ودستور 1971 الذي سبقه لم يكن بأفضل منه حالًا. هذه الدساتير هي أحد أسباب الأزمة السورية، حيث إنها كُتبت من قبل لجان عَيّنها رأس السلطة، ومن الطبيعي أن تخرج هذه اللجان بمثل هذه الدساتير.
ما نحتاج إليه هو مسار دستوري تشاركي وتضميني لا يقصي أحدًا، مسار مبني على حوار وطني ضمن بيئة موائمة للحوار، يتم عبره بناء التوافقات بين أبناء البلد الواحد للوصول إلى نصوص توافقية تتحوّل إلى دستور مقبول من الجميع. هذا هو الضامن الأهم لتطبيق أيّ دستور: أن يكون مبنيًا على التوافق، لا القسر والفرض من الأعلى. لكن من الواضح أنّ الظروف لن تكون مواتية على المدى القريب للبدء بمثل هذا المسار. لذلك أرى أن الحلّ الأمثل هو بتبني دستور مؤقت، يقدّم الحدّ الأدنى لما هو مطلوب من فصل سلطات وحماية للمواطنين وتهيئة الظروف لمرحلة مواتية لكتابة دستور عبر عملية تشاركية واسعة.
شُكلت اللجنة الدستورية نتيجة توافقات دولية معينة، وبالتأكيد، لا يمكن أن ينتج عنها ما يمكن أن نشير إليه بدستور شرعي. أفضل ما يمكن أن نأمله منها هو إنتاج دستور مؤقت يسهم في إنهاء الاستعصاء الحالي، وفي التمهيد لمرحلة يكون فيها للسوريين الدور الأكبر في تقرير مصير بلادهم، ولذلك أنا أقدر الجهود الكبيرة التي يبذلها بعض أعضاء هذه اللجنة المستقلين. وهم -مع الأسف- أقلية، والمهمة أمامهم كبيرة جدًا، لكنهم على الأقل لم يقبلوا بإخلاء هذه الساحة للأسماء المعينة بإملاءات دولية.
كتبتِ حول علاقة الدين والدولة في دساتير سورية منذ انفصالها عن الدولة العثمانية؛ فهل تعتقدين أن من الممكن فعلًا أن يكون لسورية دستور يفصل بين الدين والدولة؟
الأمر متروك للسوريين، حين يتاح لهم تداول الأمر ضمن بيئة حوار سليمة. وإذا نظرنا إلى التجارب الثلاثة في تاريخ سورية الحديث، التي كُتبت فيها دساتير من قبل لجنة منتخبة وممثلة (علمًا أنّ واحدًا فقط من هذه الدساتير رأى النور ولم يحكم البلاد إلّا فترة قصيرة)؛ رأينا أنّ تنوع النسيج السوري وتنوّع الميول السياسية الكبير كله أدّيا إلى الوصول إلى توافقات أنتجت دساتير علمانية إلى حدٍّ بعيد. حاولنا الإضاءة على هذا الجدل المهم حول الدين والدولة عبر دساتير سورية في المئة سنة الأخيرة، في بحث مشترك مع د. إبراهيم دراجي[3]. وما نأمله هو الخروج بدستور يعطي كل مواطن، سواء كان علمانيًا أم مؤمنًا بأهمية الدين في قوننة حياته، الفضاء الذي يمكّنه من ممارسة حياته كما يريد، من دون أن يفرض إرادته على الآخرين أو أن ينتهك حقوقهم. ليس هذا بالمستحيل بالتأكيد، ولننظر مثلًا إلى العدد الكبير من السوريين الذين يعيشون في كنف بلدان علمانية في أوروبا، لقد وجد كل منهم الفضاء الذي يناسبه من دون أن يتعدى على فضاء وحقوق الآخرين.
النظام كان مستعدًا لتجاوز العقوبات، و”قيصر” عقاب للمواطن
تهتمين في أبحاثك بالاقتصاد السياسي واقتصاد الحرب؛ فهل يمكن اعتبار الاقتصاد السوري اليوم -مع انتشار الاتجار بالمخدرات وعمليات الخطف مقابل فدية وأمراء الحرب وغير ذلك- اقتصادًا قائمًا على حرب؟ وكيف يمكن للانتقال السياسي أن يسهم في إخراج سورية من فخ هذه المصيدة؟ وهل يمكن إحداث تغيير اقتصادي بمعزل عن التحوّل السياسي؟
مع الأسف، إنّ الاقتصاد المنتج في سورية قد تضاءل بشكل كبير ليحلَّ مكانه اقتصاد ريعي يرتبط بشكل كبير بالصراع نفسه والظروف التي ولدها، وتزدهر أنشطة كثيرة مرتبطة بهذا الاقتصاد، مع استمرار حالة الانفلات القانوني وما يرافقها من ارتفاع في عمليات التهريب والاتجار بالمخدرات والسلاح والبشر. ويرتبط التوسع باقتصاديات الظل والأنشطة المرتبطة بالنزاع عكسًا مع انكماش الاقتصاد الرسمي. إنّ أحد أهم أركان التغيير في سورية هو خلق مقوّمات اقتصاد يستدعي من أجل نموه ظروفًا ترتبط بالسلام وتثبيت حكم القانون، اقتصاد يعتمد على توسيع الاقتصاد المنتج على حساب الاقتصاد الريعي، وعلى تمكين بيئة ملائمة للقطاع الخاص خصوصًا على المستويين الصغير والمتوسط، ليكون أحد محركات الاقتصاد في البلاد. اقتصاد يحاول جلب الاستثمارات عبر تحقيق معايير الشفافية وحكم القانون وتأمين المناخ التشريعي المناسب لهذه الاستثمارات.
مضى على صدور القرار 2254 أكثر من خمس سنوات، وهو حبيس الأدراج وليس ثمّة بين الدول الفاعلة من يرغب في تطبيقه؛ فأيّ أملٍ يُرتجى من قرارات دولية لا تطبّق؟ ألا ترين أنّ من حق القائمين على الأمر البحث عن مخارج أخرى، والتقاط أيّ فرصة متاحة قد تحقق اختراقًا ينفع السوريين في هذا الوضع الكارثي بعد عقد من الزمن؟
طبعًا، من الضروري العمل على كل المسارات لإيجاد المخارج. لا يمكن أن نبقي الحلّ رهينة لقرار دولي لم يطبق منه شيء بعد أكثر من خمس سنوات من صدوره. وفي الوقت نفسه، يبقى هذا القرار حاملًا مهمًا للتوافقات الدولية التي أصبح الحلّ -مع الأسف- رهنًا عليها إلى حدٍّ كبير، لذلك لا يمكن تجاهله أو تجاوزه، لكن بالتأكيد يجب عدم انتظار المعجزات منه.
بعد إقرار مجلس النواب الأميركي بالإجماع، في 12 شباط/ فبراير 2021، التعديل على مشروع قانون سمي بـ “قانون بسام برابندي”، ودخول قانون “قيصر” حيّز التنفيذ في 17 حزيران/ يونيو الماضي؛ سال حبر كثير عن تداعيات هذا القانون وتأثيراته على المدنيين في الداخل السوري الذين يعانون أصلًا آثار حرب النظام وعسفه، بخاصة مع إعلان برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة (WFP) أنّ 12،4 مليون شخص في سورية يعانون انعدام الأمن الغذائي. بتقديرك، هل ستكون مثل هذه القوانين في جانب المواطن في المناطق الخاضعة لسيطرة نظام بشار الأسد، أم أنها ستشكّل عبئًا جدّيًا عليه؟ وهل تمكّن النظام من تجاوز تأثيرات القانون السلبية عليه والالتفاف عليها؟ وإلى أيّ حدٍّ تسهم روسيا وإيران في ذلك؟
“قانون قيصر” مثله مثل كثير (وليس جميع) من العقوبات الأخرى؛ انتهى الأمر بها بأن تصبح عقابًا للمواطن، فيما استطاع المستهدفون من هذه العقوبات أن يحموا أنفسهم من تبعاتها على حساب المواطن. النظام السوري كان جاهزًا لتجاوز العقوبات التي فرضت بعد 2011، فتجربته السابقة مع العقوبات علمت رموزه تجنب الاستثمار المباشر في أصول وبنوك غربية، والاعتماد على وسطاء وشركات ظل للقيام بذلك، وقد بنى النظام منذ نهاية السبعينيات خبرة واسعة في آليات تجاوز العقوبات وبناء العلاقات مع دول أخرى “حليفة” لتخفيف آثارها.
موضوع العقوبات كان موضوع دراسة اشتغلت عليها مع الزميل الاقتصادي زكي محشي[4]، وبينت هذه الدراسة أنّ العقوبات أثرت سلبًا في قدرة النظام المالية، ولكن الآليات الاستبدادية للنظام وخبرته مع العقوبات أدّت إلى تحويل معظم الأثر السلبي لهذه العقوبات إلى أغلبية السوريين. لذلك، من الضروري إعادة النظر في طبيعة كثير من العقوبات وآليات تطبيقها، كي لا يستمر استغلالها من قبل المسؤولين المعاقبين أنفسهم من أمراء حرب وأزلام النظام لتحقيق أرباح طائلة، وكي لا تسهم أكثر في تفاقم المأساة الإنسانية التي يعيشها الغالبية العظمى من السوريين. لكن هذه المراجعة يجب أن تكون ضمن إطار إستراتيجية واضحة للمجتمع الدولي، تهدف إلى تغيير الهيكلية الحالية في سورية، التي تسخّر جلَّ الموارد لصالح القلة الحاكمة والمنتفعين منها، بما يتيح مساحة أكبر للمواطنين والمجتمع المدني وقطاع الأعمال التقليدي للمساهمة في بناء مؤسسات واقتصاد تضميني قادر على مواجهة وتجاوز اقتصاديات النزاع.
تشير تحليلات سياسة اليوم إلى أنّ قوى المعارضة السورية وأطيافها، بشقيها السياسي والعسكري، لا تتمتع حاليًا بأيّ وزن مؤثّر، لكن يبقى نظام الأسد مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية بحاجة إليها لتمرير إجراءاته، وإضفاء الشرعية عليه، وإخراجه للعالم كما لو أنّ ما يجري من صنع كل السوريين. ما يعني أنّ لمشاركتها وتوقيعها وزنًا وقيمة، ومن دونها ستبقى إجراءات النظام ناقصة وغير شرعية تجاه العالم؛ فكيف تنظرين إلى الأمر، وما المطلوب من قيادات المعارضة لمواجهة المخطط الأسدي-الروسي-الإيراني، وإجهاضه، حتى لا يُمنح بشار الأسد شرعية لرئاسة البلاد لخمس سنوات قادمة؟
قوى المعارضة التي تشير إليها منفصلة إلى حدٍّ كبير عن الواقع، وهذا أحد أهم أسباب خفة وزنها على المستويين الوطني والدولي. لكن مُعارضة الناس للوضع القائم ورغبتهم في التغيير لم تتغير، بل يمكن القول بأنها في ازدياد، فحالة التململ تتوسع باطراد عبر كل الشرائح. هنالك فجوة إذًا بين الناس ومن يحتلّ مقاعد التعبير عنهم. مع الأسف، لم ننجح في تطوير مؤسسات سياسية تمثيلية لردم هذه الفجوة.
بالنسبة إلى الانتخابات، وفق كل المعايير الدولية للانتخابات الشرعية، لا يمكن تصنيف أيّ انتخابات ضمن الوضع الحالي على أنها انتخابات ذات صدقية. لا أظن أنّ المعارضة في وارد المشاركة في هذه الانتخابات أو إعطائها أيّ صدقية، وحين يحدث ذلك، فلن يكون له أثر يذكر على صدقية الانتخابات، فالمعارضة التي نتكلم عنها هنا هي أصلًا ليست ذات صدقية عالية أو وزن يُحسب حسابه. يكفي أن ننظر إلى نتائج ما يسمونه بانتخابات ضمن صفوف الائتلاف، وكيف يتم توزيع الكراسي وتبادل المناصب، وكيف تأتي الإملاءات من الخارج حتى ندرك أيّ ديمقراطية يمكن أن تأتي بها مثل هذه المؤسسة. هذه الأمور ليست غائبة عن صناع القرار الدوليين، كما هي ليست بغائبة عن السوريين الذين يعبّرون باستمرار عن مدى سخطهم من أداء هذه المؤسسات.
أخيرًا، إلى أيّ حدٍّ تعيش سورية اليوم أزمة هويّة وطنية؟ وإلى أيّ درجة أسهم ذلك في تفتيت بنية المجتمع السوري والدفع بمكوّناته إلى التخندق خلف الهويّات الطائفية والاثنية؟ ما الذي يمكن عمله اليوم حيال ذلك؟
بالتأكيد، نعيش أزمة حادة بالهويّة الوطنية، وهذا نتاج طبيعي لتغييب الحوار الحرّ والمفتوح، حول الجوامع الوطنية ومقوّمات الهويّة، ونتيجة تاريخ تراكمي للتلاعب بالهويّات الطائفية والاثنية منذ المرحلة العثمانية وبعدها الفرنسية وما تلاها. الهويّات الاثنية والدينية ليست خطأ بحدِّ ذاتها، لكن الخطأ هو أن تغيب الدولة الجامعة التي تحتوي كل مواطنيها، وفي حال غياب تلك الدولة، يلجأ الناس إلى التخندق ضمن هويّاتهم وتقاليدها وخلف قياداتها، لتكون المقرّر والحامي في أمور لا علاقة لها أصلًا بهذه الهويّات.
[1] Scimago Journal & Country Rank, https://www.scimagojr.com/
[2] رابط موقع البرنامج http://www.syrianconstitution.org/
[3] المسألة الدينية في الدساتير السورية: بحث تاريخي ومقارن، تشرين الثاني/ نوفمبر ٢٠١٩. التحميل عبر: https://bit.ly/3t55EmA
[4] Understanding the impact of sanctions on the political dynamics in Syria