ضيف مركز حرمون للدراسات المعاصرة، اليوم، هو حواس خليل سعدون، القيادي في (حركة الإصلاح الكردي – سورية) وعضو الهيئة التنفيذية في (المجلس الوطني الكردي). وهو من مواليد 1981 في محافظة الحسكة، حاصل على شهادة ماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية.
ناضل في صفوف (الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي) في سورية، منذ عام 1995، كمسؤول تنظيم الطلبة في مدينة الحسكة. وهو عضو مؤسس لـ (حركة الإصلاح الكردي – سورية)، ويشغل الآن منصب عضو الهيئة السياسية في الحركة، وهو ممثلها في (المجلس الوطني الكردي)، وشغل سابقًا مناصب عدة في المجلس، منها رئيس (المجلس المحلي) للمجلس في بلدة معبدة “كركي لكي”، بمحافظة الحسكة، وأسس في البلدة وريفها (مجلس السلم الأهلي)، وهو من المشاركين في تأسيس المجلس، في كل من القامشلي وعامودا.
انتُخب “سعدون” في مؤتمر “الرياض2” عضوًا للهيئة التفاوضية، وشغل منصب المنسق العام للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية مع المكوّن الكردي، وشارك في العديد من الدورات في مجال التفاوض والإعلام، من خلال منظمات دولية، منها (كارتر، المنظمة النروجية، المعهد الديمقراطي الوطني للشؤون الدولية، معهد كلينكدال للعلاقات الدولية الهولندي، وغيرها).
عُرف بمعارضته للنظام، وتعرّض للملاحقة والاعتقال على خلفية نشاطه السياسي في الانتفاضة الكردية في 12 آذار/ مارس 2004، في فرع المخابرات العسكرية (فرع فلسطين)، سرية المداهمة، وتعرض لأقسى صنوف التعذيب النفسي والجسدي، وكان من المشاركين في الملتقى الوطني لقوى المعارضة في فندق “سميراميس” في دمشق، من أجل إيجاد حل وإنهاء استبداد النظام وتحقيق أهداف الثورة.
هنا نص حوارنا معه:
بداية، إلى أين وصلت مسألة الحوار الكردي-الكردي، بين (المجلس الوطني الكردي) المعارض، وأحزاب الوحدة الوطنية الكردية أكبرها (حزب الاتحاد الديمقراطي PYD)، والتي تجري بإشراف وضمانات غربية (أميركية – فرنسية)، وسط حذر تركي وترقب من قوى المعارضة السورية والنظام الأسدي؟ ومتى ترجّح أن يتم التوقيع على اتفاقية شاملة لتوحيد الصف الكردي؟
بالنسبة إلى الحوار الكردي-الكردي، تم إنهاء جولتين منه بين الطرفين الكرديين الرئيسيين. في الجولة الأولى تم الاتفاق على الرؤية السياسية التي تم الإعلان عنها سابقًا، وكانت واضحة للشارع السوري عمومًا، والكردي خصوصًا. والجولة الثانية كانت حول تشكيل المرجعية الكردية، وتم الوصول فيها إلى التفاهم حول نسبة كل من طرفي الحوار في المرجعية، وكذلك نسبة الأطراف الكردية الأخرى. والآن تتم محادثات الجولة الثالثة، التي تبحث في العديد من القضايا المهمة المرحّلة من الجولتين السابقتين، مثل ملف التجنيد الإجباري، وكيفية إيجاد آلية مناسبة للعملية التعليمية والتربوية، بحيث تضمن اعترافًا قانونيًا بالشهادات الممنوحة، وإنشاء مناهج غير مؤدلجة دون العودة إلى شكل التعليم المتبع في عهد النظام الشمولي الذي لم يكن يحتوي على أي صبغة من الاعتراف بالشعب الكردي ولغته ولا بالمكوّنات الأخرى، والملف الآخر هو ملف العقد الاجتماعي وضرورة مشاركة جميع الأطراف في صياغته، بالإضافة إلى قضية المعتقلين والمفقودين. والقضية الأهم هي كيفية عودة “بيشمركة روج” إلى ديارهم للدفاع عنها، وملف إجراءات بناء الثقة. وكما جاء في مختلف تصريحات قياديي (المجلس الوطني الكردي) سابقًا، لا يتم الإعلان عن الاتفاق النهائي، إلا عندما يتم الاتفاق على جميع هذه الملفات.
(جبهة) منفتحة
شهدت الآونة الأخيرة ولادة (جبهة السلام والحرية) التي ستكون جزءًا أساسيًا من إدارة منطقة شرق الفرات، والتي رأى قياديون أكراد أنها ستجسد وحدة مكوّنات المنطقة ورؤيتهم لحل الأزمة السورية ونموذج إدارة الدولة مستقبلًا. هل من تفاصيل حول هذا الحدث؟ وما هي رؤيتك لدورها المنتظر في صياغة مستقبل المنطقة؟
موضوع (جبهة السلام والحرية) كان حاضرًا قبل عملية الحوار الكردي-الكردي، والعلاقات بين أطراف الجبهة هي علاقات قديمة، فكلّ هذه الاطراف كانت جزءًا من المعارضة السورية الديمقراطية، وتم الإعلان عن الاتفاق بين أطراف الجبهة وفق وثيقة واضحة، وهي لا تخص مناطق شرق الفرات فقط بل تشمل جميع الأراضي السورية. ما يميّز الجبهة هو التنوع الموجود فيها، من عرب وكرد وسريان وآشوريين، وهناك طموح لتوسيع الجبهة لتضم أطرافًا أخرى وتمثل شريحة أكبر من المكوّنات، وتكون معبرة عن طموحات السوريين لبناء سورية لجميع أبنائها. والجبهة منفتحة على الحوار والعمل المشترك مع أطياف المعارضة السورية، وتدعم جهود كل قوى المعارضة الوطنية والأطراف الدولية والإقليمية الساعية لإنهاء معاناة السوريين عبر حل سياسي شامل، وفق قرارات الشرعية الدولية.
إلى أي مدى يشكّل الحوار الكردي-الكردي، وولادة (جبهة السلام والحرية) خطرًا على تركيا من جهة، وعلى أبناء منطقة شرق الفرات من السوريين العرب وباقي المكوّنات الاثنية والعرقية والدينية والمذهبية والطائفية من جهة ثانية؟
الحوار الكردي-الكردي، وكذلك تشكيل (جبهة السلام والحرية) ليس موجهًا ضد أي طرف من الأطراف، على العكس تمامًا هو عامل استقرار للمنطقة وكل سورية. ونحن نشجع أي حوار بناء هدفه تقريب السوريين من بعضهم البعض، وتوجيه الأحداث نحو نبذ الحل العسكري كما هو عهدنا دائمًا، ونحن مع جميع الحلول الناتجة عن الحوار التي تكون لمصلحة استقرار سورية والمنطقة عمومًا، وفي خدمة جميع المكوّنات، وننطلق من رؤية متقدّمة تحلّل واقع الراهن السوري وتساهم في بناء القاعدة الدستورية لسورية الجديدة، وتأخذ بالاعتبار خصوصية كل المكوّنات السورية وحقوقها القومية والديمقراطية، وصولًا إلى دولة المواطنة الحقة، دولة تتحقّق فيها الحرية والعدالة والمساواة بكل تجلياتها، منطلقين من مبدأ أنّ “سورية وطن الجميع وتتسع للجميع”.
يرى سياسيون أكراد أنّ هناك أخطارًا محدقة من جراء جهود ومساعٍ مريبة لخلط الأوراق، وتأليب المكوّنات ضد بعضها، خصوصًا بين العرب والسريان من جهة، والأكراد من جهة ثانية، في بعض المناطق المهيئة منها شرق الفرات شمالي سورية. كيف ترى الأمر من جهتك؟ وإلى أين تسير الأمور؟
كل متابع للوضع السوري يعرف أنّ هناك خمسة أطراف أساسية تسيطر على الأرض في سورية، سواء بشكل مباشر أو عن طريق الأطراف السورية المتحالفة معها، بالإضافة إلى المنظمات التكفيرية المصنفة كمنظمات إرهابية كـ (جبهة النصرة وداعش)، وكل هذه الأطراف لديها مشاريع وأجندات غالبًا ما تكون متضاربة، فضلًا عن انقسام المعارضة السورية وعدم توافقها على رؤية مشتركة للحل في سورية. هذا الاختلاف يصبح أرضية للقوى الإقليمية والدولية ذات التأثير في الوضع السوري ليعمل كل لأجنداته غير آبيهن بمعاناة السوريين.
يستفيد نظام الأسد من هذه التناقضات ليطيل من عمره في السلطة معتاشًا على هذه الخلافات، بالإضافة الى ضرب مكوّنات الشعب السوري بعضها ببعض، والمدقق في الاصطفافات في سورية لا يجد أنّ هناك اصطفافات كردية أو عربية بحتة، إنما تكون الاصطفافات على أساس الرؤى والتوجهات السياسية ، والأمل معقود على الغيورين على الشعب السوري من جميع الأطراف، لهدم الأسافين بين المكوّنات ونزع فتيل أي صراع طائفي أو عرقي، وأن يكون هدف الجميع بناء سورية حرة قوية بكل مكوّناتها ينعم فيها جميع المواطنون بحقوقهم، وكما قلنا آنفًا إنّ (جبهة السلام والحرية) هي جسم يمكن البناء عليه، لأنه يضم معظم الأطراف السورية التي تمثل المعارضة الديمقراطية، لرسم سياسة مناطقهم والسياسة السورية بشكل عام، ولتكون صوت السوريين جميعًا في العملية السياسية والحل السياسي في سورية.
صراع القوى المحتلة لسورية يؤخر الحل السياسي
ماذا عن الصراع الأميركي-الروسي على المصالح السياسية والاقتصادية، خصوصًا شرقي نهر الفرات الغني بالموارد الطبيعية من نفط وغاز وزراعة.. إلخ؟ وهل تتوقع أن يبلغ مستوى المواجهة بينهما حدّ المواجهة العسكرية المباشرة أو عبر وكلاء من القوى المحلية؟
بالنسبة إلى الدورين الروسي والأميركي في شرق الفرات، نلاحظ أنّ الأميركان يحاولون رسم وتقسيم مناطق النفوذ حسب الاتفاقات المبرمة بينها وبين الأطراف الأخرى، وهم تراجعوا عن موضوع الانسحاب الكلي في المرحلة الحالية.
من جهة أخرى، تعمل روسيا على توسيع مناطق نفوذها، وتسعى جاهدة نحو تقريب الجانب الكردي وكل مكوّنات شرق الفرات من النظام، والأميركان يعملون على تقريب الأطراف الكردية من بعضها البعض والوصول إلى تفاهمات واتفاقات، وكذلك تقريب وجهات نظر كل مكوّنات شرق الفرات وتوجيهها نحو خندق المعارضة السورية الديمقراطية، وبالتالي الأبواب مفتوحة أمام جميع الاحتمالات في سورية.
شخصيًا، استبعد وقوع صدام مباشر بين الدول الكبرى المؤثرة على الأرض في سورية، أما الصراع بين هذه القوى عن طريق حلفائهم السوريين فهو وارد، وسيقتصر على بعض المناوشات هنا وهناك. أما الواقع الذي يفرض نفسه الآن فهو واقع مناطق النفوذ حتى الوصول الى حل سياسي شامل لكل سورية.
كشف القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، علي مسلم، في الآونة الأخيرة، أنّ واشنطن تحاول خلق شكل من الإدارة على أنقاض الإدارة الموجودة في مناطق شرق الفرات، تقودها قوى سورية بحتة، وأضاف أنّ إدارة ترامب تسعى إلى تسليم ملف شرق المتوسط، ومن ضمنه الملف السوري، لتركيا، من خلال دعمها اللوجستي لتطلعات أنقرة الإستراتيجية. فما صحة هذه الأنباء من خلال متابعتك لمجريات الأحداث؟ وما تعليقك بافتراض أن هذه الأنباء صحيحة؟
الولايات المتحدة الأميركية لديها خريطة للوصول إلى اتفاق بين الأطراف الكردية، كتمهيد للوصول إلى اتفاق شامل لكل مكوّنات المنطقة حتى يتمكنوا من إدارة مناطقهم بأنفسهم، والأوضاع في سورية عمومًا هي نتيجة للتفاهمات بين مختلف الأطراف، فالوضع في منطقة سري كانية (رأس العين) وتل أبيض وشرق الفرات عمومًا هو نتيجة التفاهم والاتفاق بين تركيا والولايات المتحدة، وتحرك القوى على الأرض كان نتيجة لتلك التفاهمات، والوضع في عفرين وغرب الفرات هو نتاج التفاهم الروسي التركي، وبرأيي، هذه الاتفاقات مؤقتة، ولا تصل إلى مستوى الاتفاق الدائم بين الدول الموجودة في سورية، ولم يحن الوقت بعد للوصول الى اتفاق سياسي شامل، بسبب تناقض المصالح الدولية في سورية، وكذلك بسبب عدم قدرة المعارضة على أن تجتمع في جسم قوي لمواجهة النظام ورسم مستقبل سورية.
هل من جديد في مسار المفاوضات الكردية مع نظام الأسد -وهو الفاقد السيطرة على قراره السياسي الموزع حاليًا بين إيران وروسيا- للوصول إلى اتفاق صلح بين الطرفين في مناطق شمال وشرق سورية؟ وما الموقف الروسي تجاه هذه المفاوضات؟ وكيف تنظر إليها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب؟
بالنسبة إلى الحوار مع النظام، نحن كـ (مجلس وطني كردي) كنا وما زلنا وسنبقى مع مبدأ الحوار. كان للمجلس دور كبير في توجيه المعارضة نحو التفاوض مع النظام تحت إشراف أممي وفق قرارات الشرعية الدولية، ونحن نرى أن الحوار المنفرد لا جدوى منه، إذا لم يكن بضمانات دولية.
بالنسبة إلى حوار أطراف (الإدارة الذاتية) مع النظام، كان هناك العديد من المحاولات الروسية في هذا الشأن وتمت لقاءات عدة، ولكنها لم تفضِ إلى نتائج ملموسة، وهذا الحوار متوقف في الوقت الحالي. بشكل عام محاولات روسيا مستمرة لتقريب الأكراد وكل مكوّنات شرق الفرات من النظام، لكن الأميركان لديهم وجهة نظر مغايرة، وهي جمع كل مكوّنات شرق الفرات تحت مظلة المعارضة السورية الديمقراطية.
النظام يزرع الفتن ويدبر الاغتيالات في المنطقة
يرى قياديون أكراد أنّ الأجهزة الأمنية التابعة لنظام بشار الأسد تقوم بأعمال “تخريبية”، وتحاول اغتيال بعض زعماء العشائر، بهدف إثارة الفتنة في المنطقة وإضعافها، لتتمكن قوات النظام من العودة إليها بالقوة. ما قراءتك لما يحدث في هذا السياق؟
النظام لم يتوان يومًا عن زرع الفتن وضرب مكوّنات الشعب السوري بعضها ببعض، وشكّل في كل منطقة ما يسمى “لجان الدفاع الوطني”، وأوكل إليها العديد من المهام، بالإضافة إلى تمهيده للطريق أمام دخول مختلف الأطراف الدولية والاقليمية والمليشيات التابعة لها إلى سورية، ورأينا كيف تم في الآونة الأخيرة استهداف شخصيات عشائرية، بعضها اغتيل بهدف ضرب المكوّنات ببعضها البعض، ولكني أرى أن كل المكوّنات أصبحت واعية لمخططات النظام وأهدافه، وكذلك لغايات الدول المتدخلة في الشأن السوري، وأتوقع من مكوّنات المنطقة وخاصة العقلاء أن يترفعوا عن الفتن التي تحاك ضدهم وأن يكونوا عامل لحمة بين كل المكوّنات لتعود العلاقات الودية المعهودة منذ فجر التاريخ إلى المنطقة لبناء سورية لجميع أبناءها.
هل ترجّح أن تُقدِم تركيا -في المستقبل القريب- على القيام بهجوم عسكري على المناطق الخاضعة للنفوذ الكردي في شمال وشرق سورية، في وقت يرى فيه متابعون أن هذا الهجوم مرهون بالموقف الأميركي واتفاق أنقرة مع واشنطن، ولا سيما أنّ هناك أنباء سُرّبت في تموز/ يوليو الماضي عن وجود توافق تركي-روسي-إيراني، على تهديد عين العرب (كوباني) وعين عيسى في منطقة تل أبيض، بمحافظة الرقة بالاجتياح؟
تصريحات الجانب التركي لم تتوقف حول الرغبة في التدخل في شرق الفرات، ولكن الوقائع على الأرض تبين أنّ أي تدخل من جانب أي طرف لا بدّ أن يكون بالتوافق مع الأطراف الأخرى، فتدخل الأتراك في مناطق شرق الفرات ما كان ليتم لولا التوافق مع الجانب الأميركي، وكذلك التدخل في عفرين كان بتوافق مع الروس وليس بقرار فردي، لذلك فإن أي تدخل مستقبلي يحتاج إلى ذلك التوافق بين الدول الفاعلة على الأرض السورية.
برأيك، ما الدلالات السياسية لإبرام الاتفاق الذي تمّ مطلع آب/ أغسطس الماضي، بين (الإدارة الذاتية) وشركة “ديلتا كريسنت إنيرجي” الأميركية، بشأن تطوير واستثمار حقول النفط السورية الخاضعة في غالبيتها، لسيطرة (قوات سوريا الديمقراطية) شمال شرق سورية، وقد احتاج إبرامه إلى الحصول على استثناء من وزارتي الخارجية والخزانة الأميركيتين، باعتبار أنّ قطاع النفط ومؤسسات سورية كثيرة خاضعة لحظر أميركي بموجب “قانون قيصر” الذي دخل حيّز التنفيذ في 17 حزيران/ يونيو الماضي؟
نحن نرى كمبدأ أنّ الموارد الطبيعية في سورية، ومنها النفط، يجب أن يستفيد منها أبناء الشعب السوري كافة، وأن تستخدم إيراداتها في تغطية احتياجات كل المناطق، ومن حق المنطقة التي فيها موارد طبيعية أن تحصل على حصة ملائمة من إيرادات هذا الموارد، وأرى أن توقيع هذا العقد جاء للتأكيد على الأهداف الإستراتيجية المعلنة من قبل الجانب الأميركي في سورية، ألا وهي محاربة الإرهاب، ووقف التمدد الإيراني، والضغط للوصول إلى الحل السياسي، وكما نعلم أن (قوات سوريا الديمقراطية) هي جزء من التحالف الدولي ضد (داعش)، والتحالف يعتمد بشكل كبير على هذه القوات، من أجل ضمان عدم ظهور التنظيم الإرهابي مجددًا، ووقف التمدد الايراني في المنطقة، وحماية حقول النفط. وبالتالي هذا الاتفاق كان لدعم هذه الأهداف والمهام الموكلة إلى (قوات سوريا الديمقراطية) في المنطقة، وفيها رسالة أخرى هي أنّ هذه المناطق لن تخضع لعقوبات “قانون قيصر”، ولكونها خارج سيطرة النظام فالولايات المتحدة سوف تسعى إلى تأمين الاستقرار فيها.
كيف تقرأ الموقف التركي من هذا الاتفاق؟ وماذا عن الموقف الروسي ونظام الأسد تجاه مثل هذه الاتفاقات الخاصة بملف الموارد النفطية؟
التصريحات التركية ضد اتفاق النفط الذي تم إبرامه بين (قوات سوريا الديمقراطية) وشركة النفط الأميركية كانت واضحة، وكذلك التصريحات الروسية، وموقف النظام الذي اعتبر ذلك الاتفاق مساسًا بالشرعية والسيادة الوطنية السورية، هذا التوافق بين هذه الأطراف ربما سيؤدي إلى مساع مشتركة، وتعاون بينها لإفشاله، لكن نجاح هذا الاتفاق واستمراره مقترن بمدى جدية الجانب الأميركي.
نظام الأسد لا يزال يعوّل على الحل العسكري
ما قولك في ما يشاع عن التجاوزات التي ترتكبها (قوات سوريا الديمقراطية)، بخاصّة عمليات الخطف الأخيرة للقاصرين والقاصرات، حيث رأى سياسيون أنّ الهدف من الخطف هو وضع العراقيل أمام سير المفاوضات الكردية-الكردية؟ وما الحل لوضع حد لمثل هذه التجاوزات؟
موقفنا واضح، سابقًا وحاليًا، من ممارسات بعض الأطراف المحسوبة على (قوات سوريا الديمقراطية) تجاه تجنيد القاصرين في صفوفها، وهو الرفض المطلق لهذه الممارسات ولكل الأعمال التي تتنافى مع حقوق الإنسان، ومسألة التجنيد الإجباري أيضًا نقطة خلاف في مفاوضات (المجلس الوطني الكردي) وأحزاب الوحدة الوطنية التي تتم برعاية أميركية، ونرى أنّ التجنيد يجب أن يكون تطوعيًا، ووفق المقاييس والشروط الدولية التي تمنع التجنيد لمن لم يتجاوز سن 18 عامًا.
كيف تنظر إلى القانون رقم (7) لعام 2020، الصادر عن (الرئاسة المشتركة للمجلس العام للإدارة الذاتية) لشمال وشرق سورية، الخاص بحماية وإدارة أملاك الغائب، وهو قانون يتجاهل الحق القانوني للمواطنين من أبناء المنطقة، حيث ينص على أنّ “ريع أملاك الغائبين يوضع في خدمة تنمية المجتمع…”؟ وهل تضم (حركة الإصلاح الكردي – سورية) صوتها إلى الأصوات المنادية بإلغاء هذا القانون؟
رأينا -كحركة إصلاح- واضح في هذا القانون وكل القوانين والإجراءات التي تحمل في طياتها اعتداءً على مصالح الشعب، ونحن ندين أي انتهاك لحقوق الإنسان ونقف ضده، ولا سيما حق الملكية الذي عانى منه الشعب الكردي الأمرّين على يد الأنظمة الشمولية المتعاقبة. وأوصلنا رأينا إلى الجانب الأميركي المشرف على عملية الحوار بيننا، وتم إيقاف العمل بهذا القانون الذي يحوي الكثير من النقاط السلبية، ويناقض العقد الاجتماعي المعلن من قبلهم.
بتقديرك، ما الموقف الكردي عامّة، وحركتكم على وجه الخصوص، من “اللجنة الدستورية السورية”، التي هي واحدة من السلال الأربعة في قرار مجلس الأمن 2254 (2015)؟ وكيف تنظر شخصيًا إلى نتائج الجلسة الثالثة التي جرت في آب/ أغسطس الماضي في جنيف؟
“اللجنة الدستورية” هي سلة من سلال القرار الدولي 2254، وهي المدخل للعملية السياسية، وكان لدينا العديد من الملاحظات والتحفظات على آلية تشكيل هذه اللجنة، ونرى أنّ التمثيل الكردي فيها ضئيل، ولا يتناسب مع نسبة الشعب الكردي في سورية، ونحن من الداعمين للعملية السياسية و”اللجنة الدستورية”، ونسعى جاهدين للوصول إلى تمثيل كردي حقيقي فيها. ونحن كحركة إصلاح أُقصينا من التمثيل في “اللجنة الدستورية”، على الرغم من أننا نكاد أن نكون الوحيدين الذين تم انتخابهم من خلال عدد من الأجسام السياسية السورية، ونحن كنا وسنبقى داعمين لإنجاح العملية السياسية، والنظام يسعى جاهدًا لتعطيل أي حل سياسي في سورية، ويضع العراقيل أمام “اللجنة الدستورية” من أجل تعطيلها ومنع حصول أي تقدم فيها، وبالرغم من ذلك التعطيل، نستطيع أن نقول إنّ الجولة الأخيرة من جلسات “اللجنة الدستورية” كانت إيجابية نسبيًا، لأن أطراف “اللجنة الدستورية” ناقشوا ملف “هوية سورية” التي كان النظام يرفض الخوض فيها في كل الجولات السابقة، لأنه يرى أن أي تقدم في الحل السياسي يعدّ بداية نهاية نظام الاستبداد وفق القرارات الدولة، لذلك يسعى دائمًا لعرقلتها، ويعوّل على الحل العسكري ويفتعل الصراعات ويستغل الخلافات الدولية ليطيل من عمره.
أخيرًا، هل توافق الرأي القائل إنّ “مصير الشعب الكردي مرتبط بما ستؤول إليه التفاهمات الدولية المستقبلية حول سورية”؟
القضية الكردية جزء لا يتجزأ من القضية السورية عمومًا، والقضية السورية (ومن ضمنها حلّ القضية الكردية) أصبحت جزءًا من حلّ دولي وفق قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، وهناك العديد من القرارات الدولية بهذا الشأن، وسيكون لها -برأيي- تأثير كبير في مستقبل الشعب الكردي في سورية.