عقد مركز حرمون للدراسات المعاصرة، يوم الأحد 19 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، في مقرّه بالعاصمة القطرية الدوحة، ندوة حوارية بعنوان (موقف النظام السوري من الحرب على غزة)، شارك فيها معن البياري، رئيس قسم الرأي في صحيفة العربي الجديد؛ وعمر عبد اللطيف، باحث وصحفي في شبكة الجزيرة؛ وأدار الحوار عمر إدلبي، مدير مكتب الدوحة في مركز حرمون للدراسات المعاصرة.
سلطت الندوة الضوء على محاور عدة، من بينها موقف النظام السوري من حرب الاحتلال الإسرائيلي على غزة، من حيث الأسباب والدلالات والمؤشرات والأبعاد المتعلقة بالتحركات المحدودة على الحدود السورية مع دولة الاحتلال، وتصاعد الهجمات الإسرائيلية على مواقع في سورية.
في بداية الندوة، تحدث معن البياري عن طبيعة العلاقة بين النظام السوري والقضية الفلسطينية وحركات المقاومة المسلحة ومحدداتها، وأوضح أنه من الضروري التمييز بين موقف الشعب السوري الذي تجمعه مع الشعب الفلسطيني علاقات أخوّة خالية من أي منافع واستثمارات، وبين علاقة النظام السوري بالمؤسسة الفلسطينية المحكومة بمسألتين أساسيتين: الأولى هي استخدام النظام السوري، منذ عهد حافظ الأسد، القضية الفلسطينية كورقة استثمار تخدم آلته الدعائية وتغطي على الانتهاكات التي يرتكبها. والمسألة الثانية هي معاداة النظام السوري لأي كيان فلسطيني، لأنه يرفض ولادة جسم سياسي فلسطيني قوي، يصبح حاضرًا ولاعبًا على طاولة المفاوضات العربية والإقليمية، ويحقق استقلالية القرار الفلسطيني.
بدوره، استعرض عمر عبد اللطيف أبرز محطات الخطاب العدائي للنظام السوري ضدّ حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، خاصة بعد القطيعة التي حدثت بين الطرفين بعد انطلاق الثورة السورية عام 2011، ومن ثم استئناف العلاقات مجددًا أواخر عام 2022، بضغط إيراني، وصولًا إلى موقف النظام من الحرب على غزة. وأوضح عبد اللطيف أن النظام لم يحتضن حركة (حماس) مجانًا، ولذلك أغضبَه رفض الحركة تبني وجهة نظره بوجود مؤامرة دولية على سورية، وانتهى الأمر بخروج (حماس) من سورية، أواخر عام 2012. وأضاف أن العلاقة بين الطرفين ما زالت فاترة حتى الآن، ولم تعد إلى سابق عهدها، حيث تجاهل بشار الأسد حرب غزة، خلال القمة العربية الاستثنائية التي عُقدت في المملكة العربية السعودية في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، إضافة إلى استمرار النظام في قتل الفلسطينيين واعتقالهم، حيث أحصت المنظمات الإنسانية وجود أكثر من 2700 معتقل فلسطيني في سجون النظام. ومقتل الآلاف منهم في مخيم اليرموك في دمشق.
في السياق ذاته، ناقشت الندوة الأسباب التي دفعت النظام السوري إلى النأي بنفسه عن حرب غزة وتداعياتها. وحول ذلك، أوضح البياري أنه لم يسبق للنظام السوري أن دافع عن الفلسطينيين ضدّ أي هجوم عسكري شنته قوات الاحتلال الإسرائيلي، ولم يبادر بأيّ عمل عسكري ضدّ إسرائيل، واكتفى طوال السنوات الماضية بإطلاق شعارات المقاومة والممانعة من دون أن يحرّك ساكنًا. وتابع القول: إن اللافت في موقف النظام السوري من حرب غزة الآن هو عدم استثماره فيها، كما كان يفعل سابقًا، لأن الحقد هو نهج متأصل في النظام.
في المحور ذاته، قال عبد اللطيف إن الإمارات العربية المتحدة، بالتفاهم مع أميركا، حذّرت بشار الأسد من الانخراط في حرب غزة، أو حتى السماح للفصائل الموالية لإيران الموجودة في سورية بشنّ هجمات على الجولان السوري المحتلّ، مبيّنًا أنها سعت لاستغلال علاقاتها الجيدة بالنظام السوري وإسرائيل لمنع حدوث أي قصف أو هجوم عسكري على الحدود السورية-الإسرائيلية. وأضاف أن النظام السوري منع التظاهرات الشعبية الداعمة لغزة، واقتصرت التصريحات السياسية لممثليه على الاستنكار والإدانة فقط، على الرغم من ادعائه المقاومة والممانعة طوال سنوات.
أفرد المتحدثون مساحة للحديث عن الهجمات العسكرية الإسرائيلية ضدّ النظام السوري، سواء كانت غارات جوية أم قصفًا مدفعيًا، واستهدافها للمطارات ومحيط العاصمة دمشق وقواعد عسكرية في محافظة درعا. وذكر عمر عبد اللطيف أن إسرائيل نفّذت 41 هجومًا عسكريًا، منذ مطلع العام الحالي، وكثّفت غاراتها على سورية بعد حرب غزة، ولم يكن هناك أي رد من النظام السوري على هذه الغارات. وأضاف أن هذه الهجمات تزامنت مع قيام فصائل موالية لإيران في سورية بشنّ غارات عسكرية ضد قواعد أميركية، في تل الحرير والحسكة وغيرها من المناطق، في المقابل شنّت الولايات المتحدة عدة هجمات عسكرية على مواقع للحراس الثوري الإيراني في سورية، من بينها منشآت تدريب شرقي سورية.
في الجزء الأخير، ناقشت الندوة احتمالية أن ينجح النظام السوري في استغلال موقفه من الحرب على غزة، لتحسين علاقاته مع الولايات المتحدة الأميركية. وذكر عبد اللطيف أن النظام لا يمتلك أي فرصة لتحقيق مكاسب من حرب غزة، لأن الإدارة الأميركية ما زالت مستمرة في فرض العقوبات عليه، منها ما يتعلق بتجارة الكبتاغون والمخدرات، ومنها ما يتعلق بالجرائم التي ارتكبتها بحق السوريين. وأضاف أن النظام السوري غير قادر على التصعيد العسكري في هذه المرحلة، وأن الأولوية عنده هي للمعارك داخل سورية.
أعقب الندوة نقاش مفتوح، استمع خلاله المتحدثون إلى مداخلات الحضور والمتابعين على منصات التواصل الاجتماعي، وأجابوا عن أسئلتهم واستفساراتهم.
يمكن مشاهدة البث الكامل للندوة على منصّات مركز حرمون للدراسات، ومنتدى حرمون الثقافي، على السوشيال ميديا.
فيسبوك: https://www.facebook.com/Harmoon.Cultrual.Forum
https://www.facebook.com/HarmoonCenter
إكس (تويتر): https://twitter.com/HarmoonForum
https://twitter.com/HarmoonCenter
يوتيوب: https://www.youtube.com/@HarmoonOrg/streams