عقد مركز حرمون للدراسات المعاصرة، يوم الاثنين 20 آذار/ مارس 2023، ندوة بعنوان “التطبيع العربي مع النظام السوري”، شارك فيها حازم الأمين، كاتب وصحافي ورئيس تحرير موقع (درج)، وأدارتها أسماء صائب أفندي، مديرة منتدى حرمون الثقافي.

تناولت الندوة موقف النظام السوري من التحركات الدبلوماسية العربية، بعد الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا وسورية في 6 شباط/ فبراير الماضي، واستغلاله ذلك لتحقيق مكاسب سياسية. وناقشت القواعد والمرتكزات الأساسية لمحاولات بعض الدول العربية إعادة علاقاتها وتطبيعها مع النظام السوري، وأهمّ أهدافها ومبرراتها.

في البداية، تحدث الضيف عن الموقف الأخلاقي لسياسات بعض الدول العربية الساعية لإعادة العلاقات مع النظام السوري وإعادة تعويمه، على الرغم من ارتكابه جرائم ضد الإنسانية بحق الشعب السوري منذ عام 2011 حتى الآن، ووصف أن ما يحدث لا أخلاقي، ولا يمكن تبريره بدوافع براغماتية سياسية، لأن ما ارتكبه نظام بشار الأسد من جرائم لا يمكن قبوله، بأي شكل من الأشكال. وأضاف أن مشهد استقبال بشار الأسد وزوجته في مطار أبو ظبي يستفزّ المشاعر، قبل أن يدفعنا إلى التفكير بالدلالات السياسية لهذا الموقف.

وذكر الأمين أن الأنظمة التي تسارع إلى التطبيع مع الأسد هي أنظمة مشابهة للنظام السوري، وإنْ كانت لا تُجاريه في دمويته ووحشيته، ودلّل على ذلك بموقف الإمارات العربية المتحدة التي لم تنحَز إلى السوريين وتطلعاتهم بعد انطلاق الثورة، على حدّ تعبيره، وإن كانت قد قطعت علاقاتها مع النظام السوري، وموقفها هو جزءٌ من معركة مذهبية تخوضها مع إيران، ونجاح الثورة السورية لم يكن يعني لها إلا هزيمة الإيرانيين، لذلك لا تجد حرجًا في إعادة العلاقات مع بشار الأسد، بحجة انتزاعه من الإيرانيين.

تطرقت الندوة إلى أهم العقبات والتحديات التي تواجه التطبيع العربي مع النظام السوري، من حيث الدور والوجود الإيراني في سورية، وموقف الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي من محاولات التطبيع العربي مع النظام السوري. وحول هذه الفكرة، استبعد الأمين أن تكون الدول المُطبّعة مع النظام السوري قد حصلت على ضوء أخضر من أوروبا، لأن إعادة تأهيل الأسد، بالنسبة إلى الأوروبيين، خطّ أحمر أخلاقيًا، وما تفعله الإمارات حاليًا هو مجرد استفادة من الانكفاء وعدم الاكتراث الأميركي.

أوضح الأمين أنه يستحيل إعادة تعويم نظام بشار الأسد على المستوى الدولي، ولا يوجد أيّ دولة قادرة على رعاية هذا الأمر، حتى الصين، مبيّنًا أن الصين قد تستطيع رعاية مصالَحة بين المملكة العربية السعودية وإيران، لكنها لن تنجح في تأهيل نظام كنظام بشار الأسد. وفسّر الأمين أنّ الحراك الدبلوماسي الذي يحصل الآن هو سعي من الإمارات العربية المتحدة لإيجاد دور لها في المنطقة العربية، ولعب على وتر التناقضات مع المملكة العربية السعودية، وهنا يبرز الاختلاف بين سياسة الإمارات العربية المتحدة المتسرّعة والسياسة السعودية الأكثر واقعية التي تعرف أن كلفة إعادة تأهيل بشار الأسد باهظة جدًا.

ذكر الأمين أنه لا يمكن تسمية هذه التحركات الدبلوماسية من بعض الدول العربية تجاه النظام السوري بالتطبيع العربي، وإنما هي تحركات فردية من بعض الدول الخليجية. وبيّن أنه حتى التواصل الذي حصل بين النظامين المصري والسوري، عقب الزلزال، لا يمكن اعتباره نوعًا من أنواع الاستعداد لإعادة العلاقات بين البلدين، لأن ما جرى في سورية ليس مجرد تفصيل صغير بالنسبة إلى المجتمع الدولي، فالتطبيع مع بشار يعني التطبيع مع القصف الكيمياوي، مع القتل بالبراميل المتفجرة، مع ملايين اللاجئين وآلاف المعتقلين.

في سياق آخر، أوضح الأمين أنه لا يوجد حلّ للأزمة السورية على المدى القريب، خاصة أن النظام السوري غير مستعدّ لتقديم أي تنازلات، وبالتالي سيبقى الملف السوري معلقًا خلال الفترة القادمة.

ناقشت الندوة أيضًا التقارب السعودي-الإيراني، وتأثيره في ميليشيا “حزب الله” في لبنان، وفي المشهد السياسي السوري. واستبعد الأمين أن ينعكس هذا التقارب بشكل سلبي على “حزب الله”، لأن إيران قد تقدّم تنازلات للسعودية في العراق أو اليمن، باستثناء “حزب الله”، لكونه ذراعها الإيرانية في لبنان وسورية، وجزءًا أساسيًا من الحرس الثوري الإيراني، على عكس ميليشيا “الحشد الشعبي” في العراق، التي تُعتبر حليفًا لإيران، لكنها ليست جزءًا أساسيًا من الحرس الثوري.

في الجزء الأخير، ناقشت الندوة موقف المعارضة السورية ورؤيتها السياسية ومصير تحالفاتها الإقليمية والدولية، في حال حدوث التطبيع. وذكر الأمين أنه لا يوجد معارضة سورية في الوقت الحالي، وهذا الأمر هو أحد مآسي السوريين والقضية السورية. وتابع قائلًا: “إن الوضع الميداني على الأرض أيضًا سيئ، فما زالت جبهة النصرة مسيطرة في الشمال السوري، وهي طرف لا يمكن احتسابه على العملية السياسية، وهذا الأمر هو أحد عناصر قوة بشار الأسد وحلفائه”.

في السياق ذاته، أشار الأمين إلى أن دول الجوار لعبت دورًا في إضعاف أيّ محاولة لإنتاج معارضة سياسية متماسكة ومتمكنة، وجميع الهيئات السياسية التي تشكلت منذ عام 2011 حتى الآن، فشلت في أن تكون فاعلة ومؤثرة في القضية السورية.

التسجيل الكامل للندوة متاحٌ على منصّات التواصل الاجتماعي التابعة لمركز حرمون للدراسات المعاصرة.

فيسبوك facebook.com/HarmoonCenter

تويتر twitter.com/HarmoonCenter

يوتيوب youtube.com/HarmoonOrg