عقد مركز حرمون للدراسات المعاصرة، الخميس 3 آب/ أغسطس 2023، ندوة حوارية بعنوان “التطبيع مع النظام السوري: دوافعه وعقباته”، شارك فيها سمير التقي، باحث في معهد الشرق الأوسط في واشنطن؛ والصحافي السوري نضال معلوف، وأدارت الحوار أسماء صائب أفندي، مديرة منتدى حرمون الثقافي.
ناقشت الندوة دوافع الدول العربية وتركيا للتطبيع مع النظام السوري، ونتائج هذا التطبيع، ومواقف كل من أميركا وأوروبا وروسيا وإيران.
في بداية الندوة، تحدث الصحافي نضال معلوف عن الوضع الراهن في دمشق حاليًا، وعن مدى انتهاج النظام سياسة كسب الوقت تجاه مسار التطبيع. وأوضح أن الوقت والظروف الراهنة ليست في مصلحة النظام بل ضدّه، وأن الهدف من مسار التطبيع العربي لم يكن منح بشار الأسد فسحة من الوقت، بل إلزامه بتطبيق القرار الأممي 2254. وأضاف أن النظام السوري يعيش حالة من الارتباك، خاصة بعد أن تفككت الحاضنة الشعبية التي كانت تلتف حوله طوال 12 سنة الماضية، وأصبحت تراه عاجزًا عن الخروج من هذه الأزمة، وعن حلّها على المستوى السياسي والمعيشي.
في ما يتعلق بالموقف الغربي من التطبيع العربي والإقليمي مع النظام السوري، قال سمير التقي إن أسس الاستقرار انهارت في سورية بشكل كامل منذ بداية الحرب الأوكرانية، لأن روسيا لم تعد قادرة على لعب دور وسيط القوة الإقليمي، ونتيجة لذلك، أصبحت تركيا هي اللاعب الرئيسي والبديل عن روسيا، لأنها تمتلك قوة على الأرض، على عكس روسيا القادرة على القصف الجوي، ولكنها عاجزة عن تحويل مسار المعارك البرية، وبالتالي أصبحت قدرة روسيا على إدارة الملف السوري، بطريقة تحقق الاستقرار كما فعلت سابقًا، غير ممكنة حاليًا.
وأضاف التقي أن الولايات المتحدة لم تقاوم عملية التطبيع، لأن الوضع الإقليمي يحتّم وجود قوى أخرى. وتابع قائلًا: هناك رأي راسخ، لدى الإدارة الأميركية وأوروبا، بأنه لا يمكن انتزاع شيء من النظام السوري، وهناك العديد من المشاريع التي قدّمتها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ثم سُحِبت جميعها، بسبب عدم توافر الحد الأدنى من مقومات العمل.
أوضح التقي أن التوافقات التي تتم بين المملكة العربية السعودية وأميركا من جهة، والتوافقات الأميركية التركية من جهة أخرى، بدأت تُنسج بشكل فعال، وانهارت المراهنة الروسية على كسر التحالفات الغربية في منطقة الشرق الأوسط، بناء على تقديم بدائل استراتيجية. وأضاف أن أحد أهم المغريات التي كانت مُقدمة لتركيا هي أن تصبح عقدة توصيل النفط من وسط آسيا عبر شمال العراق وشمال سورية وصولًا إلى جيهان، وبالتالي ستصبح قادرة على الاستغناء عن علاقتها مع الاتحاد الأوروبي، لكن هذا الأمر انهار استراتيجيًا، لأن أوروربا لم تعد تريد أن تبقى مرتبطة بمصادر البترول التي تسيطر عليها روسيا.
رأى التقي أنه لا يمكن أن نسمي ما حصل تطبيعًا بالمعنى الحقيقي للكلمة، ولا يمكن للنظام السوري أن يعود للساحة العربية، ولن يكون هناك أي أمل في عملية إعادة التعافي وحد أدنى من الاستقرار في سورية.
في السياق ذاته، أوضح معلوف أن مسار التطبيع لم يكن مجانيًا، وكانت عودة النظام السوري للساحة العربية مشروطة، مبيّنًا أن النظام تورّط بحضوره القمة العربية، لأن هذه الخطوة كانت بمثابة موافقة على المشروع العربي وتطبيق القرار 2254 الذي سيؤدي إلى تغيير سياسي. وأضاف أن النظام حاليًا عاد إلى ما قبل اجتماع عمّان، مع فارق هو أن كل الأبواب أغلقت في وجهه، وأن مسار التطبيع العربي كان خطة محبوكة من أجل حشر النظام السوري في مسارٍ يُفضي إلى تطبيق القرار الأممي 2254.
من جانب آخر، تحدث معلوف عن فرص نجاح مسار التطبيع التركي مع النظام السوري ودوافع هذا التطبيع، ورأى أن ما حصل كان مجرد كرت استُخدمَ من أجل تجاوز مرحلة الانتخابات، لأن النظام لن يقدّم أي شيء لتركيا مقابل إعادة العلاقات. وأشار إلى أن أحد دوافع تركيا للتطبيع مع النظام السوري هو حل مسألة إعادة اللاجئين، مشيرًا إلى أن هذه المسألة لن تتم، ما لم يُطبّق القرار 2254.
وناقش الضيفان الخيارات المتاحة أمام تركيا للتوصل إلى حل سياسي في سورية، على اعتبار أنها اللاعب الإقليمي الرئيسي في الملف السوري ومستقبل الصراع في سورية.
تطرقت الندوة إلى ملف التعامل الدولي مع سورية بعد زلزال 6 شباطـ/ فبراير، ومحاولة النظام الالتفاف على العقوبات الأوروبية والأميركية بحجج إنسانية، وناقشت أيضًا مسألة اللجوء والهجرة وما يشوبها من تعقيدات ومخاوف من الدول المجاورة لسورية بشكل خاص وأوروبا بشكل عام.
يمكن مشاهدة التسجيل الكامل للندوة على منصات مركز حرمون في وسائل التواصل الاجتماعي:
تويتر https://twitter.com/HarmoonCenter