حلّ الروائي المصري محمد علاء الدين ضيفًا على حلقة 6 آب/ أغسطس 2020، من برنامج “المقهى الثقافي” التابع لمركز حرمون للدراسات المعاصرة، والذي يُشرف عليه ويديره بدر الدين عرودكي.
ناقشت الحلقة التي حملت عنوان “الرواية والتخييل” أهمّ عوالم وروايات الكاتب المصري الذي يُعدّ واحدًا من أهم كُتّاب الألفية الجديدة، صاحب رواية (إنجيل آدم) الذي أحدث نقلة نوعية وتجريبية في النص السردي المعاصر في مصر، وعُرف بأسلوب التداعي الحر في كتابته، وعكس مرحلة أو موجة جديدة من الكتابة، هي انعكاس للواقع الاجتماعي الذي أصبح بلا ثوابت.
وفي البداية، تحدث علاء الدين عن تأثره بعدد من الكتّاب والأدباء الغربيين، مثل فرانس كافكا وغابرييل غارسيا ماركيز وميلان كونديرا، في أعماله الروائية، وعدّهم أجداد الرواية المعاصرة، وتحدث بعد ذلك بإيجاز عن سبب اختياره كتابة القصة والقصة القصيرة في بداية مشواره الأدبي، وكيف انتقل بعدها إلى كتابة الرواية، لافتًا الانتباه إلى أن القصة القصيرة فن رفيع المستوى، وهي من أفضل الأشكال الأدبية، وتستعصي على الكثير من الكتّاب، ولا تقل أهمية عن فن كتابة الرواية.
وتحدث الروائي علاء الدين عن الظروف والحالة الذهنية التي تسبق الإعداد أو التخطيط لكتابة أعماله الأدبية، وعن كم الشعور بالمسؤولية الذي يشعر به الكاتب حيال الشكل النهائي لقصته أو روايته، وقال: “هناك قاعدة تقول إن (الكتابة هي إعادة الكتابة)، وهي نهج يستخدمه معظم الأدباء عند الشروع في كتابة أعمالهم الأدبية، وتوجد روايات تحتاج بالفعل إلى تخطيط مسبق على الورق، فرواية (مئة عام من العزلة) لغابرييل غارسيا ماركيز لم تُكتب بشكل عفوي، أو من دون تخطيط لتسلسل الأحداث، لكن بالنسبة لي، عندما أكتب عملًا أدبيًا لا أقوم بإعادة كتابته مرة أخرى، وأعتقد أن هذا هو المنطق الفطري السليم للكتابة، فالرواية أو القصة تشبه إلى حد كبير النوتة الموسيقية، لكل جزء منها إيقاع معين، وفي النهاية، لكل روائي أسلوبه الخاص في الكتابة”.
وتطرق إلى تعريف مفهوم الرواية والأدب، ووصف الرواية بأنها السجل الذي يختزن أحداث البشرية منذ أكثر من ألفي سنة، وهي بحثٌ متواصل عن تطلعات الإنسان وهمومه، كالروايات التي جسدت مرحلة حكم أسرة مينغ الملكية في الصين، وروايات العصر الإغريقي، ورواية حي بن يقظان لابن طفيل. وأضاف: “الأدب عامًة يبحث في دوافع الإنسان وماهيته ووجوده، حتى الخيال والتخييل يأتي من تجربتنا في هذا الواقع، فالواقع لدى غابرييل غارسيا ماركيز جزء منه هو الخيال في لُحمة واحدة، لكنه يختلف مثلًا عن خيال جوزيه ساراماغو”.
وناقشت الحلقة أيضًا الرواية الأولى التي كبتها الضيف، التي عُدت نقلة نوعية وتجريبية في النص السردي المعاصر في مصر، وهي رواية (إنجيل آدم) التي نُشرت عام 2006، وجسّدت الرواية، بحسب علاء الدين، الإنسان في كل هذه الحيوات البشرية، واستندت أحداثها إلى الواقع الذي يعيشه الناس، وهي بمثابة الإنجيل الأرضي، ولا تتناول شخصية معينة، بل تتحدث عن آدم في العموم، بكل تطلعاته وأفكاره وخطاياه وأحلامه وهمومه، وتقدم الرواية شخوصها بصفات أساسية جوهرية في الشخص، صفات ليست وحيدة، لكنها الأوضح، وتسِم كلّ شخصية بسمات متميزة، وكلهم من دون أسماء محددة، فهم متكررون وإن تعددت أشكالهم على مر التاريخ البشري، أما المكان الذي تشير إليه الرواية في بدايتها ونهايتها، فهو ميدان التحرير، لرغبة الكاتب في تأكيد انتصار الحل الفردي، وأن يكون الإنسان بعيدًا عن الذاتية المغلقة، وتأكيد انتصار التخييل بوصفه سلاحًا في مواجهة ضروب التشويه التي فرضتها الأنظمة على الإنسان.
وناقشت الندوة في المحور الأخير، رواية “الأعراف” التي صدرت عام 2019، وتعرض الرواية قصة شاب وأمه بعد أن أخبرته بحقيقة أنها ليست بشرية، وأن أصلها قطة، كذلك تدور في جوّ فانتازي يستعرض كثيرًا من قصص الحيوانات التي تحولت إلى بشر.
وفي نهاية الحلقة أجاب الضيف على أسئلة المتابعين وتعليقاتهم.
محمد علاء الدين: من مواليد 1979، له ست روايات وأربع مجموعات قصصية، حصل على الجائزة المركزية لهيئة قصور الثقافة في فرع الرواية عام 2004، وجائزة ساويرس في فرع المجموعة القصصية عام 2017 عن مجموعة “موسم الهجرة إلى أركاديا”، وشارك بالكتابة في صحف مصرية وعالمية، وتُرجمت بعض نصوصه إلى عدد من اللغات، وحصل على جوائز عدة، ويعيش في برلين متفرغًا للكتابة.
“المقهى الثقافي” هو فضاء ثقافي جديد، يناقش مواضيع إشكالية وجدلية، في حوارات مع مثقفين وأكاديميين عرب، وله طابع ثقافي شامل، يستعرض مع ضيف كل حلقة أبرز قضايا وهموم الساعة، بسقف عال من الحرية الفكرية والتعبيرية، وينتظم بشكل دوري في أول خميس من كل شهر، الساعة الثامنة مساء بتوقيت دمشق/ السابعة مساء بتوقيت وسط أوروبا.